تنبيه : لماذا نفرق في الاستغاثة بين الحي والميت فنقول يجوز أن يستغيث المضطر بحي حاضر قادر ولا يجوز بالميت بل هو كفر .؟
أخي الحبيب : إن نوى المستغيث بالحي القادر الحاضر أنه شريك لله تعالى أو مستقل بالاقتدار فهو شرك أكبر بلا ريب .
وإن نوى أنه سبب فقط والمعطي والنافع حقيقة هو الله فهو جائز .
إيرادات على قيود الجواز :
كونه قادراً : وهو قيد خرج به غير القادر . إذن لو كنت تستغيث وأنت معلق على حافة بئر فمر ولد صغير لا يجاوز الثامنة ووزنك مائة كيلغ فهل يجوز لك أن تقول له أدركني أغثني يا فلان؟ هذا يا أحبتي ليس فيه شيء من الأثم غاية ما في الأمر أنه استغاث بسبب يرجو أن يستفيد منه .
أخي لا أريد أن أطيل عليك ولكن تأمل في الأسباب التي يجوز التوسل بها :ولنضرب مثال على ذلك :بالعمل الصالح فهو سبب متفق على جواز التوسل به.
العمل الصالح مخلوق من مخلوقات الله ثبت كونه نافع كسبب من الأسباب النافعة فلو توسلت بهذا العمل المخلوق على أنه مستقل بالنفع أو شريك لله فهو شرك أكبر .
والعمل مخلوق و الرسول صلى الله عليه وسلم مخلوق فهل الرسول أفضل وأعظم أم عملك أخي الحبيب أجب ولا تستحي ؟
إن قلت أن الرسول بل و علماءالأمة أفضل مني ومن عملي فقلي بربك ما الفرق بين التوسل بعملنا الأقل شأناً وبين جواز التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم ؟مع أن كلاهما سبب ولكن سبب أقوى من سبب ولو كان عبادة أو شبه عبادة لم يجز بالحي ولا بالميت .
( قال تعالى (( والله خلقكم وما تعملون))
أخي الكريم :لا يفوتني أن أقول: ان التفرقة بين الحي والميت في هذا المقام لا معنى لها ، فإن المتوسل لم يطلب شيئا من الميت أصلاً ، وانما طلب من الله متوسلاً إليه بكرامة هذا الميت عنده أو محبته له أو نحو ذلك ، فهل في هذا كله تأليه للميت أو عبادة له ، أم هو حق لا مرية فيه ، أحبتي الكرام لقد أكثرنا من التبديع والتفسيق لإخواننا المسلمين ولا معنى لأن نستطيل في ذلك إلا الظلم والبغي .
فتلخص مما سبق نقاط لمن أراد الحق وأنصف من نفسه :
1ـ أن المسلمين اللذين يتوسلون بالصالحين لا يعبدونهم قطعاً وأنهم لا يعبدون إلا الله وحده لا شريك له.
2ـ أن دعاء كفار قريش ونحوهم هو دعاء تعبد أي يعتقدون أنهم آلهة مع الله هذه نيتهم وقصدهم .
3ـ أن كفار قريش ونحوهم يعتقدون أن الأصنام آلهة مع الله شركاء له قال تعالى (( أجعل الألهة إلهاً واحدا)).وقال تعالى: ( تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) ،
4ـ أن الأخذ بالسبب على أنه سبب وليس مستقل بالتأثير عن الله ولا شريك لله جائز .
5ـ إذا عرفت هذا فتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ))
تنبيه: إن قال قائل وكيف أعلم أن الذي يدعوا الأموات ويستغيث بهم أن نيته أنهم أسباب وليسوا شركاء لله أو ليس قصدهم عبادتهم تقرباً إلى الله؟
فجوابه بجوابين :
1ـ أن الأصل في المسلم السلامة وهم يصرحون وعلماءهم يصرخون باليل والنهار أننا لا نعبدهم وإنما هم أسباب كسائر الأسباب وأن المعطي حقيقة و المانع هو الله وأنظر رسالة الشوكاني الدر النضيد ورسالة الدجوي وغيرها مئات الرسائل والكتب .
2ـ إذا رأيت مريضاً يأخذ الدواء فكيف تعرف أنه ينوي كونه سبباً أو شريكاً لله وكذا لو رأيت غريقاً يستنجد ويقول أغيثوني فكيف تعرف أنه ينوي كونه سبباً أو شريكاً لله أو عبادة لمن يستغيث به ؟فإن قلت الأصل السلامة في المسلم فأقول لك أخي الكريم : كذا قل في المستغيثين فالعاقل خصيم نفسه.
تنبيه : الاستغاثة والتوسل عندهم بمعنى واحد فقول قائلهم : يانبي الله ادركني ( استغاثة ) .
هي كقوله يارب أسألك بجاه محمد أن تغيثني .
وهي كقول الحي: يا طبيب أدركني .
وقوله اللهم إني أسألك بصلاتي في جوف الليل أن تدركني .
لأن كل الصور المذكورة وإن اختلفت ألفاظها فقد اتحدت في كونها من باب السبب لا من باب الاستقلال ولا بنية عبادتهم .
فمن اعتقد أن الطبيب مستقل أو شريك لله غير من ينوي أنه مجرد سبب والأمر لله.
وكذا قل في الرسول فمن نوى أنه مجرد سبب فالأمر سيان سواء قال يارسول الله ادركني
أوقال :أسأل الله بجاهك أن يدركني .لأن الرسول والدواء والطبيب والوظيفة وكل ذلك مخلوق وكلها اسباب.
يتبع
|