- واخيرا ((طوق الحمامة في الألفة والألاف)) :- أشهر مؤلفات ابن حزم واكثرها تداولا في اوساط القراء , وقد نيفت طبعاته في اللغة العربية على العشرين , فضلا عن الترجمات العديدة التي صدرت لهذا الكتاب باللغات العالمية المعروقة .
طوق الحمامة موضوعه ومضمونه :-
تعد رسالة ((طوق الحمامة في الألفة والألاف )) : من نوادر كتب التراث العربي التي تحدثت عن الحب في القرن الهجري الرابع , وقد شرح فيها ابن حزم فلسفته في الحب وفهمه له , ثم توسع في تناول صفات الحب ومعانيه وأعراضه وأحواله وظروفه ,وما يعانيه العشاق والمحبون في سبيله من ألوان الألم والهجر والعذل والفراق والحرمان , وما ينالونه في لحظات رضاهم من السعادة واللذة والنشوة والنعيم .
يبدو لنا ابن حزم وكانه يتناول الحب من منظور نفسي , فيبرز سلطان الهوى واللهفة والترقب . فاذا ما كتب عن علاقات الحب التتي تقوم بين المتحابين وجدته يعرض صفات الحبيب المثالي , ويعدد أخلاق النساء المحمودة والمذمومة وميولهن المختلفة , مقارنا بذلم كله بأخلاق الرحال وميولهم واهتماماتهم , دالا على شعة خبرته بطبائع النساء والرجال , وهو امر يعلنه صراحة فيقول : ((ولقد أطلعت من سر معتقد الرجال والنساء أمر عظين )).
ولكنه يقف وقفة أطول عند خبرته بالنساء وأحوالهن فيقول :-((ولقد شاهدت النساء ,وعلمت من اسرارهن , ما يكاد يعلمه غيري , لأني ربيت في حجورهن ونشأت بين أيديهم , ولم أعرف غيرهن .. فلم أزل باحثنا عن اخبارهن , كاشفا عن أسرارهن , وكن قد أنسن مني بكتمان , فكن يطلعنني على غوامض أمورهن , ولولا أن أكون مبنها على عورات يستعاذ بالله منها , لأوردت من تنبههن في السر , ومكرهن فيه , عجائب تذهل الألباب ))
ورغم سوء ظنه بالنساء عموما , فأنه يذكرر من نوادر الحب وأسراره ومغامراته ما يدل على تمتع كثير النساء اللواتي عرفهمن بصفة الوفاء والاخلاص , وهو يتحدث قي هذا المضمار عن سمو الحب وحرارته وخلوده حتى ما بعد الموت , ويذكر في مواقف الوداع حوادث مؤثرة تعكس مدى تقديره لهذه العاطفة الانسانية النبيلة .
اما حديثه عن علامات الحب واحوال المحبين , فانه يدل على خبرته الدقيقة بأحوال النفس البشرية وتقلباتها وشؤونها المختلفة , اذ يصف أحوال العشاق , فيذكر أوصافهم النفسية وانفعالاتهم وأحلامهم , وقلقهم وحنينهم , وانشغالهم بمن احبوا , مشيرا في مواضع كثيرة الى اشياء تخسه هو , فيلمح الى طبائعه النفسية , وميولة الجنسية , وحياته العاطفية , ويذكر غير مرة ولوعه بجاريته ((نغم )) التي احبها وتزوجها , فماتت في صباها , ليصف بعد ذلم شدة تعلقه بها وحزنه عليها , وسوء حياته بعدها . وقد ذكرها كثيرا في أشعاره .