عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 09-11-2006, 03:08 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

أما إذا كان البعض يسرد علينا جرائم صدام السابقة ونحن لا نخالفه فيها ، ثم إذا ذكرنا له التغيرات الفعلية في حياة صدام ، وذكرنا أسبابها ، ومظاهرها ، وشواهدها الكثيرة ... أنكر أو كذب وأصر على تعميم المرحلة السوداء التي يعرفها على المرحلة التي لا يعرفها ـ بعد سماع أدلتها ـ ثم هو لا يذكر لنا شيئاً يستحق الذكر من تلك السيئات وأمثالها في المرحلة التي ذكرنا وحددنا ، فإن هذا هو علامة الاحتكام إلى الهوى ، والوزن بميزانه ... ولا ندري كيف سيقبل هؤلاء لو كانوا في عصر الإسلام الأول ورأوا توبة من قتل آباءهم وإخوانهم وسرق أموالهم ، وهتك أعراضهم ، وطعن في نبيهم صلى الله عليه وسلم ، بل وحرّف القرآن وادعى النبوة كطليحة الأسدي ..؟!

كيف سيقبلون توبة عكرمة وأبي سفيان ووحشي وسجاح ...؟!

ومع كل هذا ، فنحن هنا إنما نذكر أحداثاً واقعية عملية شهودها طبقات الشعب العراقي بمجمله ... شهودها التجار ، وطلاب المدارس ، ورواد المساجد ... الذين وإن لم يدلِ أكثرهم بشهادته ، فإنا مطمئنون إلى أن هذا المبحث سوف يكشف القناع عن أعين شهدت هذه الوقائع ... وسوف تقر اليوم بها ، بل وتدلي بشهادتها إذا اقتضى الأمر ذلك .

وبناء شهادة على الوقائع هو المنهج الشرعي المعمول به قضاءً ، والمعمول به عند دخول الإسلام ، وعند الأخذ بالجرائر وبالجرائم ، وعند العقود ، وفي عموم الأعمال الدنيوية ... ومن أبى ذلك ، فليستحضر كم كان غضب النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة لعدم أخذه بظاهر ما سمعه من شهادة رجل محارب في حالة حرب ، ثم ينتقل إلى حـالة هزيمة ، ومنها إلى حـالة قتل ... إلى آخر لحظة ... وعندها يعلـن الشهادة ...! فمع أن كل القرائن مع أسامة ، إلا أنه استحق ذلك الغضب النبوي العظيم ... رضي الله عن أسامة .

وانظروا كيف كان تعامل النبي صلى الله عليهم وسلم مع المنافقين ، فقد كان يأخذهم بظاهرهم ، فهاهو النبي صلى الله عليه وسلم يُدخل رأس المنافقين عبد الله بن أُبَي مع مستشاريه حول غزوة أحد في الخروج أو المكوث بالمدينة والقيام بحرب مدن ، ورغم معرفته بنفاقهم إلا أنه يرضى بخروجهم معه لتلك الغزوة ، ورغم خيانتهم فقد رضي بدفاعهم معه عن المدينة في غزوة الخندق ولم يعاقبهم بعد هذه الغزوة رغم ماقاموا به من محاولات كثيرة لزعزعة الصف .

ونحن نسأل هل صدام في منزلة المنافقين وهو قام بما قام به من أعمال خَيّرة في عقده الأخير رغم أنه مَلِك وليس بمملوك كمنافقي المدينة حيث كانوا تبعاً للرسول أما صدام فهو حاكم يستطيع أن يفعل ما يشاء أن يفعله [ بمشيئة الله ] فهو الآمر والناهي في بلده .

وعلى هذا فنحن مجتهدون في هذا الكتاب فإن ظهر أنّا مخطئون ـ لا قدّر الله ـ في تغير الرجل الحقيقي ، فلن نكون مخطئين في اتباع الأصل الشرعي الذي ذكرنا ... وما وسع القاضي المخطئ يسعنا ... ولو علم النبي صلى الله عليه وسلم بالغدر الذي واجهه القراء في الرجيع ، ما أرسل واحداً منهم ، ولو علم النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفة الرماة لأوامره في غزوة أحد – وما ترتب على ذلك من هزيمة المسلمين – ما وضع أحداً منهم على ذلك المكان المهم .
__________________
السيد عبد الرازق