لبنان
رغم نجاح لبنان في تحقيق تحسينات كبيرة في مجال الديمقراطية والترويج لاحترام حقوق الإنسان، إلا أن سجل الحكومة في مجال حقوق الإنسان ظل ضعيفا. وكان العام حافلاً بالأحداث مثل حادث اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في تفجير إرهابي أودى بحياة واحد وعشرين شخصا آخر بمن فيهم عضو البرلمان باسل فليحان. وقد كان اغتيال رئيس الوزراء في هذا التفجير حافزا لاندلاع مظاهرات جماهيرية مساندة للاستقلال، نتج عنها انسحاب القوات العسكرية السورية. كانت الانتخابات البرلمانية حرة وديمقراطية بصورة عامة، وكانت هي الأولى بدون تدخل سوري، وأدت إلى انتخاب أغلبية برلمانية مساندة لمؤيدي الاستقلال، كما أن نظام لبنان القضائي تحلى بقدر أكبر من الاستقلالية، فقد اتخذ خطوات أدت إلى اعتقال أربعة من كبار قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية السابقين الذين اعتبرتهم لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة أشخاصا مشبوهين في قضية اغتيال الحريري.
سعت المساعدات الأميركية والدولية إلى مساعدة لبنان في إعادة بناء نفسه كدولة مستقلة ذات سيادة تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، وذلك بعد عقود من الاحتلال السوري والنزاع المدني. ولكن جهود الإصلاح في لبنان ظلت مهددة بسبب استمرار التوترات الطائفية التي تفاقمت بسبب الاقتصاد الهش والبيئة السياسية والأمنية الضعيفة والتدخلات المستمرة من البلدان المجاورة وعملائها. وقد عملت الولايات المتحدة الأميركية مع الحكومة اللبنانية والحلفاء الدوليين على مؤازرة الأهداف التي حددها القرار رقم 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي وعلى دعم خطط لبنان نحو تحقيق الشفافية والإصلاحات الاقتصادية والمالية والسياسية الهامة، وقد قامت الولايات المتحدة بذلك ضمن تحالف عريض يتكون من الشركاء الدوليين المعروفين باسم المجموعة الأساسية.
وقد ساعدت البرامج الأميركية الجهود اللبنانية في الترويج للشفافية والمحاسبة في أجهزة الحكومة وفي تقوية المجتمع المدني وبناء قدر أكبر من الاستقلال للنظام القضائي والترويج لاحترام سيادة القانون، وساعدت البرامج الأميركية على تحسين ممارسات إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة. وقد عزز الدعم الدبلوماسي الأميركي ودعم البرامج الأميركية حرية الصحافة وحقوق المرأة والتعليم العام للجميع.
في أيار/مايو 2005 قدمت الولايات المتحدة الأميركية إلى لبنان، من خلال تعاون وثيق مع الأمم المتحدة، مساعدات فنية في أول انتخابات برلمانية مستقلة تجرى في لبنان منذ حوالى ثلاثين عاما. وقد دعت الولايات المتحدة الأميركية إلى عقد هذه الانتخابات في التاريخ المحدد لها رغم محاولات العناصر المناصرة لسوريا لتأجيلها. وقد ساندت الولايات المتحدة الأميركية تواجد مراقبين دوليين ومحليين لهذه الانتخابات. وقد اعتبرت الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهري مايو ويونيو/أيار وحزيران حرة ونزيهة بصورة عامة رغم وجود بعض القلق من انطواء قانون النظام الانتخابي وتقسيم المراكز الانتخابية على قصور في الإنصاف. وكان مجلس الوزراء الذي تولى الحكم بعد هذه الانتخابات أول مجلس وزراء يتم التصويت علي سلطته من الشعب اللبناني دون رقابة سورية منذ حوالي ثلاثة عقود. كما أن برامج الولايات المتحدة الأميركية شجعت على تنمية أحزاب سياسية مستقلة ومتداخلة دينيا. وقد حددت الولايات المتحدة الأميركية عددا متنوعا من الشباب يمثلون الزعامات السياسية الناشئة للاشتراك في برامج تدريبية محلية وإقليمية وبرامج أخرى أقيمت في الولايات المتحدة الأميركية اشتملت على مناقشات لسياسات الاقتراع القائمة على المنابر السياسية المستقلة. وقد دعمت الولايات المتحدة الأميركية برنامج إصلاحات بلدية اعتبر أساسا للنجاح الذي تحقق في عملية إعادة بناء أسس الحكم المحلي. وقد ركزت هذه المساعدات على ترسيخ القدرات الإدارية والمالية وتوسيع الخدمات الاجتماعية وتشجيع المشاركة الشعبية وكذلك زيادة مستويات المحاسبة.
تعتبر الصحف اللبنانية من أكثر الصحف استقلالية وحرية في الشرق الأوسط. فقد تجرأ الصحافيون في الحديث في أعقاب الانسحاب السوري وعبروا عن آرائهم بحرية لم يكن من الممكن أن نتخيلها في الماضي، فقد شجعوا المظاهرات الجماهيرية ووثقوا أحداثها، مثل تلك المظاهرة العارمة المناهضة لسوريا والتي نظمت لمناصرة لبنان في 14 آذار/مارس. إلا أن بعض الأصوات اللبنانية الشجاعة جدا والمناصرة للديمقراطية دفعت ثمنا غاليا لهذه المواقف. وجرت محاولات واضحة لترهيب الصحافيين والشعب اللبناني، فقد تم مثلا اغتيال سمير قصير الكاتب في صحيفة النهار وجبران تويني الناشر والمحرر لصحيفة النهار وعضو البرلمان، كما تمت محاولة لاغتيال مذيعة الأخبار مي شدياق من المؤسسة اللبنانية للإرسال (أل بي سي). وقد شجبت الولايات المتحدة بقوة هذه الاعتداءات الثلاثة، كما قام دبلوماسيون أميركيون بزيارة وسائل الإعلام وكذلك المصابين من جراء هذه الهجمات. وأكد المسؤولون الأميركيون في البيانات العلنية والخاصة التي أصدروها على أهمية حماية حرية التعبير والصحافة، وأكدوا الدور الحساس الذي يقوم به الصحافيون في تطوير الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان. وقد استفادت الصحافة اللبنانية من عدد من البرامج التي مولتها الولايات المتحدة الأميركية لتقوية حرية الصحافة واستقلالية وسائل الإعلام، وقد شملت هذه البرامج برامج لتدريب العاملين في وسائل الإعلام والمجتمع المحلي على دور الصحافة وعلى أهمية حرية التعبير في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان.
أظهرت المظاهرات العارمة التي نظمت في الشوارع خلال الأسابيع والأشهر التي أعقبت عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، الأهمية الخاصة التي يوليها المواطنون اللبنانيون لحرية التجمع ورغبتهم في القيام بدور في تغيير حكومتهم ومجتمعهم. وقامت الولايات المتحدة، مع تنامي دور المجتمع المدني في لبنان، بتوسيع مساعداتها لجماعات الدفاع المحلية والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الترويج للشفافية في الحكومة وتعزيز منظمات المجتمع المدني. وقد عملت البرامج الأميركية على بناء شبكات للاتصال بين منظمات المجتمع المدني في البلديات المعزولة في الجزء الشمالي من لبنان وفي شرق وادي البقاع والتي لم تحظى بالاهتمام الكافي.
أظهر النظام القضائي اللبناني قدراً متزايداً من الاستقلالية منذ نهاية الاحتلال السوري، ولكنه مع ذلك لا يزال عرضة للضغوط السياسية وخاصة بالنسبة لتعيين المدعين العموميين الرئيسيين وكذلك قضاة التحقيق. وقد ساندت الولايات المتحدة الأميركية قدراً أكبر من الاستقلالية والشفافية في الجهاز القضائي، ورعت عدداً من أعمال التقييم التفصيلية للمجتمع المدني فيما يتعلق بسيادة القانون والقضاء، مع التركيز على استقلالية القضاء واتجاهات الجهاز القضائي في مجال إصدار الأحكام.
لا تزال جهود الحكومة لفرض سيادتها على أراضيها وقدرتها على ضمان أمنها واستقرارها داخل حدودها تواجه العراقيل والعوائق من عملاء سوريا ومن المليشيات الفلسطينية واللبنانية. إذ لا تزال الجماعات المسلحة وخاصة حزب الله، رغم نهاية الاحتلال السوري العسكري للبنان، تحتفظ بقدرتها الكبيرة على ممارسة النفوذ في أجزاء من البلاد، متحدية بذلك القرار رقم 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي. وقد دعمت الولايات المتحدة جهود الحكومة في تأكيد سيطرتها على جميع أراضيها، وذلك من خلال دعمها لهذا القرار ومن خلال وسائل أخرى متعددة الجوانب. وقدمت الولايات المتحدة الأميركية، بناء على طلب من حكومة لبنان، دعما فنيا لعمليات التحقيق في عدد من السيارات المفخخة والاغتيالات التي حدثت خلال العام الماضي، الأمر الذي أدى إلى تحسين قدرات لبنان على القيام بعمليات التحري الناجحة وملاحقة الإرهابيين وردع الهجمات الإرهابية. وبنهاية العام كانت الحكومة قد بدأت في اتخاذ خطوات لعزل الجماعات الفلسطينية المسلحة والحد منها، إلا أنها لم تتخذ خطوات لتجريد الجماعات غير القانونية من أسلحتها أو لنزع سلاح حزب الله الذي تصنفه الولايات المتحدة الأميركية كمنظمة إرهابية.
لازال حرمان اللبنانيين من حياتهم بصورة تعسفية وغير قانونية يمثل مشكلة خطيرة في لبنان. فقد استهدفت عمليات السيارات المفخخة التي تجاوز عددها 12 عملية في عام 2005 زعماء الإصلاح والمواطنين، وأدت إلى عشرات القتلى والجرحى. وقد قامت الولايات المتحدة الأميركية من خلال الجهود الدبلوماسية والتعاون مع الحكومة والأسرة الدولية بجهود لإيقاف هذه التفجيرات وإخضاع مرتكبيها إلى العدالة. وقد أيدت الولايات المتحدة الأميركية قرارات مجلس الأمن رقم 1595، و 1636، و1644 وهي القرارات التي وضحت تأييد المجتمع الدولي ومساندته الكاملة لعملية البحث عن العدالة في لبنان.
يدعو القانون إلى المساواة بين جميع المواطنين، ولكن عمليا شكلت بعض القوانين والأعراف التقليدية تمييزا ضد المرأة وضد السكان المحرومين. وقد دعمت الولايات المتحدة الأميركية قطاعا عريضا من البرامج لدعم الحقوق القانونية للمرأة وحقها في الحصول على التعليم والعناية الصحية في البلاد. كما عملت الولايات المتحدة على دعم حقوق المعوقين من خلال منحة مالية قدمتها في آذار/مارس 2005 إلى منظمة غير حكومية لبنانية تعمل مع المعوقين. وقد دافعت الولايات المتحدة أيضا عن حقوق اللاجئين في لبنان، وقدمت التدريب على أعمال البحث في شبكة الإنترنت واستخدام الشبكة إلى الشباب الفلسطيني في مخيمي برج البراجنة ودُبية، وساندت كذلك برامج للنساء والشباب في مخيم لاجئي برج البراجنة لاكتساب المهارات العديدة والمتنوعة.
كان المسؤولون الأميركيون يجتمعون بصورة منتظمة مع القيادات الدينية ومع أعضاء مجلس التفاهم الديني، تأكيداً على دعم الولايات المتحدة للحرية الدينية، التي يكفل الدستور اللبناني حمايتها، كما قام المسؤولون الأميركيون بتيسير تنفيذ برنامج خاص للشخصيات القيادية في إطار برنامج الزائر الدولي، بما في ذلك حوار بين الأديان.
ألحت الولايات المتحدة الأميركية على المسؤولين على جميع المستويات الحكومية للاعتراف بأن نشاط الاتجار بالأشخاص يمثل مشكلة خطيرة، كما ألحت على ضرورة قيامهم باتخاذ خطوات فورية لوضع حد لهذا النشاط. وفي يناير 2005 بدأ مكتب خدمات الهجرة في لبنان بصورة رسمية في العمل والتنسيق مع منظمة غير حكومية محلية لحماية ضحايا الاتجار بالأشخاص، وكان هذا العمل هو الأول من نوعه في المنطقة. وقد تم إجراء مقابلات رسمية مع اسر الضحايا، وبدعم من العاملين الاجتماعيين، حيث تم تأطير وضع خاص للعاملين الذين تعرضوا لسوء المعاملة والذين تعاونوا مع المحققين، وتم كذلك تحديد إجراءات للكشف عن ضحايا أعمال الاتجار بالأشخاص وإحالتهم للأخصائيين المعنيين بهذه الحالات. وساندت الولايات المتحدة الأميركية تمويل إيجاد البيوت الآمنه للضحايا وإدارتها تحت حماية الحكومة.
كان مسؤولو السفارة يجتمعون بانتظام مع القيادات العمالية للتأكيد على دعم الولايات المتحدة لحقوق العمال ولتحرير الاقتصاد والإصلاحات الاقتصادية. وقد شجع المسؤولون الأميركيون تلك القيادات على الدخول في حوار مع القطاع الخاص ومع الحكومة للتعبير عن تأييدهم لتنفيذ هذه الإصلاحات، وعن تأييدهم للبرامج التي تقدم للنقابات العمالية في البلاد لمنحها فرصة التدريب مع النقابات الأميركية حول تنظيم العمال وقانون العمال وحقوقهم. وعملت الولايات المتحدة الأميركية، بالتعاون مع اتحاد المدرسين الأميركيين، على دعم المهارات القيادية للمدرسين اللبنانيين العاملين في المدارس الخاصة والعامة، ومعظمهم من النساء، ورفع وعيهم بحقوق العاملين.
|