عرض مشاركة مفردة
  #14  
قديم 08-03-2007, 05:00 PM
عماد الدين زنكي عماد الدين زنكي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
المشاركات: 350
إفتراضي

برامج الردع الصاروخي الباليستي الايراني وأهدافها

التمهيد لإنتاج صاروخ "شهاب 4" مطلع 2006

إبراهيم الاهوازي

المناورات الأخيرة التي كشفت فيها إيران الغطاء عن برامجها الصاروخية الباليستية لم يعط مجالا للشك إن امتلاكها لمثل هذه الصواريخ مجرد احتمال أو افتراض. فالمعلومات الغربية تتقاطع لتؤكد إن التجارب الإيرانية تشارف على نهاياتها، فقبل أيام قليلة رفع الكونغرس الأميركي تقريرا خاصا أعده فريق أمني من وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي تضمن تحذيرا من الخطر المتنامي الذي سيشكله حصول بعض الدول غير المرغوب فيها على صواريخ بعيدة المدى.

وخص التقرير بالذكر إيران التي اعتبرها على وشك امتلاك صواريخا يتجاوز مداها منطقة "الشرق الأوسط".

وبعد هذا التقرير أكدت الصحف الأميركية ونقلا عن مسؤولين أميركيين إن قمرا اصطناعيا أميركيا رصد تجربة إيرانية على إطلاق صاروخ متوسط المدى حصلت عليه طهران من كوريا الشمالية.

إلا إن ألمانيا كانت سباقة في كشف الجهود الإيرانية لامتلاك صواريخ بعيدة المدى ،عندما سربت أجهزة أمنية تابعة لوزارة الدفاع الألمانية تقريرا سريا عن هذا الوضع.

ومنذ البداية، كان واضحا إن تسريب التقرير إلى وسائل الإعلام كان متعمدا، وأن الهدف منه إثارة أكبر قدر ممكن من الضجة السياسية والدعائية حول محتوياته التي سرعان ما تحولت إلى معلومات رسمية تبنتها الدوائر الدفاعية الحكومية الألمانية والقيادة العسكرية لحلف الشمال الأطلسي (الناتو).

أما الفحوى الرئيسي في ذلك التقرير، كان ما أورده عن سعي طهران إلى تطوير صاروخ باليستي ارض - ارض يصل مداه إلى 3 آلاف كلم ، الأمر الذي وصفه وزير الأمن الألماني بأنه سيوفر لإيران القدرة على تهديد قلب القارة الأوربية بواسطة قواتها الصاروخية الهجومية.

وكان ممكنا، للوهلة الأولى على الأقل استبعاد دقة معلومات التقرير الألماني واعتبار ما جاء فيه من باب المبالغة والتهويل بالخطر الإيراني الأتي خصوصا إن صدورها تزامن مع حملة دبلوماسية وإعلاميه متناسقة وحادة شنتها كل من الولايات المتحدة و"إسرائيل" على جهود إيران وبرامجها المفترضة لتطوير قدراتها الصاروخية، ومساعيها لامتلاك أسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية والنووية.

إلا أن المسألة لم تكن بهذه البساطة، فالمعلومات التي بدأت في التجمع لدى الدوائر الدفاعية الغربية اتسمت بقدر من الدقة والتفصيل، كما إن حيزا منها جاء عن طريق مصادر رسمية وشبه رسمية وصناعية في دول كان يفترض إن لها علاقات مباشرة بمساعدة طهران على تنفيذ تلك البرامج، لذلك لم يكن مستغربا إن تتركز الانتقادات والاتهامات الأميركية و"الإسرائيلية" خلال السنوات الماضية على روسيا مثلا، باعتبارها عملت على تزويد إيران بمواد وأجزاء ومكونات أساسية لتطوير الصواريخ الباليستية وإنتاجها، وهذا الأمر ينطبق أيضا على دول أخرى كانت فيما مضى تشكل جزءا من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، إلى جانب كل من الصين وكوريا الشمالية.

فالبرامج الإيرانية كانت تتسم بجدية بالغة وكان العمل جاريا عليها منذ سنوات عدة بهدف منح إيران - وعلى مراحل متتابعة- قدرات ردع استراتيجي تتمتع بمستوى عال من المصداقية بفضل إمكاناتها الهجومية والتدميرية على مسافات بعيدة ،الأمر الذي يوفر لطهران الموقع السياسي والاستراتيجي الذي تطمح إلى احتلاله إقليميا ودوليا.

لقد شرع الإيرانيون في العمل على تحقيق مرحلة ثالثة وحاسمة من مراحل برنامجهم الصاروخي الشامل هذا، وكانت هذه المرحلة الأكثر طموحا، إذ هدفت ايران إلى تطوير قدرة هجومية استراتيجية على مسافات تتجاوز الإطار الإقليمي لتصل عمليا إلى مستوى دولي أوسع واشمل وكان ذلك يعني العمل مرة أخرى على مضاعفة المدى الذي ستكون إيران قادرة على بلوغه من خلال تطوير صاروخ يستطيع الوصول إلى أهداف على مسافات تزيد 2000 كلم.

وعلى امتداد النصف الأول من التسعينات نجحت طهران في تنفيذ المرحلة الأولى من برنامجها الصاروخي من دون إثارة قدر كبير من الضجيج الدبلوماسي أو الإعلامي، وتم ذلك من خلال التعاون مع كوريا الشمالية في الدرجة الأولى، والى حد اقل مع الصين، تمثل في الحصول على صواريخ (سكاد- سي) التي تعتبر نسخة محسنة من صواريخ (سكاد – ب) السوفيتية الواسعة الانتشار في العالم، طورتها كوريا الشمالية بمدى يصل 500كلم، وشكلت هذه الصواريخ الكورية التي حصلت عليها سورية أيضا خلال الفترة نفسها أساسا لإنتاج نسخة إيرانية محلية منها، أطلقت عليها اسم (زلزال).

لكن التحول الحقيقي في جهود التطوير الإيرانية جاء من خلال العمل على إنتاج صواريخ باليستية ابعد مدى وأكثر قدرة وفاعلية، وهذه الصواريخ التي بات في حكم المؤكد تقريبا، إن تطويرها شارف على الاكتمال، تمهيدا للبدء في إنتاجها وإدخالها إلى خدمة الفعلية كانت السبب الذي أثار الاهتمام الواسع لدى الدوائر الدفاعية والسياسية "الإسرائيلية" والأميركية والأطلسية ودفعها إلى الإعراب بشكل متزايد عن القلق الشديد حيال البرامج الصاروخية الإيرانية وأهدافها.

وعلى هذا الأساس جرى العمل على تنفيذ البرنامج الأول من خلال التعاون مع كوريا الشمالية، بينما استند البرنامج الثاني على المساعدة التقنية التي وفرتها روسيا،أما الهدف من هذين البرنامجين فكان التوصل إلى إنتاج طرازين جديدين من الصورايخ البالستية أرض-أرض، أطلقت ايران على أحدهما اسم "شهاب-3" في حين حمل الطراز الثاني اسم "شهاب- 4".

وفيما كانت إيران تستعد إدخال صواريخ "شهاب – 3" إلى الخدمة الفعلية منذ عام 1999 م بعد إن أجرت التجاريب الكافية على هذه الصواريخ، فإن العمل جاريا الآن على تنفيذ المرحلة الأخرى والأكثر حيوية على الإطلاق، من برامج التطوير الصاروخي الإيراني، وتتركز هذه المرحلة على إنتاج الصاروخ "شهاب -4" الذي يجري في الوقت الحاضر اتمامه بالاستناد إلى خبرات روسية.

وسيكون هذا الصاروخ مختلفا بصورة جذرية عن غيرة من طرازات الصواريخ الإيرانية، فعلى عكس الصواريخ المشار إليها آنفا والتي اعتمد في إنتاجها على تصاميم باليستية تكتيكية قصيرة المدى، فإن تصميم "شهاب -4" سيعتمد على الصاروخ الباليستي الاستراتيجي "س. س4"، الذي يعرف أيضا بالتسمية الأطلسية الرمزية (سان دال) والذي كان أول طراز من الصواريخ الباليستية الإستراتيجية العابرة للقارات يدخل الخدمة في صفوف القوات المسلحة السوفيتية في حقبة الخمسينات.

ولا بد أن يؤدي مثل هذا التطور في برامج الصواريخ الايرانية إلى تحول عميق وجذري في موازين القوى الإستراتيجية لا على المستوى الإقليمي فحسب، وإنما على الصعيد الدولي الأشمل والأوسع نطاقا أيضا، فعلى غرار صواريخ "س. س4" (سان دال) ستكون صواريخ "شهاب - 4" الإيرانية تتمتع بمواصفات أدائية مماثلة لها، تستطيع الوصول إلى مدى أقصاه 3600 كلم عند تزويدها برؤوس حربية غير تقليدية مجهزة لحمل ذخائر دمار شامل نووية أو بيولوجية أو كيماوية خفيفة الوزن نسبيا، أي بحمولات تتراوح بين 250 كلغ إلى 500 كلغ.

من جهة أخرى الآخر تستطيع هذه الصواريخ الوصول إلى مسافة 2400 كلم عند تزويدها برؤوس حربية تقليدية شديدة الانفجار بوزن 1000 كلغ، فإن مدى هذه الصواريخ يمكن أن يصل بسهولة حتى مسافة 3000 كلم.

ويعنى ذلك أن إيران ستصبح مالكة لقدرة هجومية إستراتيجية على مستوى عال من المصدقية، يغطي مدى عملها دائرة جغرافية واسعة تمتد من أواسط القارة الأوروبية وحوض البحر الأبيض المتوسط غربا إلى آسيا الوسطى والمحيط الهندي شرقا وجنوبا.

ومثل هذه القدرة لا بد إن تساهم في وضع إيران في موقع متميز على أكثر من صعيد، كما أنها ستؤدي إلى تحويلها إلى قوة رئيسية مالكة لإمكانات رادعة وهجومية بمقاييس إستراتيجية إقليمية وعالمية شاملة.

والواضح إن هذا الهدف من إثارة التسلح الايراني في الوقت الراهن، هو تحديدا ما سعت طهران إلى تحقيقه من خلال تنفيذ برامجها الصاروخية على امتداد السنوات العشر الماضية، كما إنه من الواضح إن هذه البرامج أصبحت على وشك الوصول إلى غايتها، وهذا ما حصل من خلال التجارب على صواريخ "شهاب-3" بينما سيستمر العمل على تطوير صواريخ "شهاب - 4" تمهيدا للبدء في إنتاجها واستخدامها اعتبارا من مطلع عام 2006.

ومن جهة أخرى أعلن وزير الطاقة النووية الروسي إن طهران طلبت من موسكو تزويدها بثلاثة مفاعلات نووية روسية جديدة قيمتها 3-5،4 دولار وأكد إن بلاده ستنجز محطة بوشهر النووية في إيران مهما كانت الضغوطات الدولية.

ومن المعروف وإسنادا إلى معلومات أوردتها جريدة "الحياة" في عدده المرقم 13050 إن البليونير اليهودي بوريس بيريزوفسكي كان وراء هذه الصفقة.

بعد تصاعد حدة التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا حول الاتهامات الأمريكية لموسكو بأنها تساعد إيران في مجال التكنولوجيا النووية والصاروخية الحساسة، اتهم رئيس جهاز الاستخبارات الروسي إن الدول الغربية قامت بنقل تكنولوجيا.

حساسة إلى إيران، وأضاف إن الكوادر القيادية في القطاع النووي وبرنامج الصواريخ الإيرانية تم تأهيلها في أفضل الجامعات الأمريكية والكندية والفرنسية والألمانية، كما أن الشركات الإيرانية مزودة بمعدات غربية تسمح في بعض الظروف بالإعداد لإنتاج صواريخ من هذا القبيل. وهذا الأمر قد جعل الدول الأوروبية في موضع حرج جدا.

واستغلت إيران هذا الوضع وقامت بمناورات عسكرية عديدة، و قد أدلى المسؤولين الإيرانيين بتصريحات عدة حول هذا الأمر ولعل أهمها ما جاء عن لسان الرئيس الإيراني السابق على اكبر هاشمي رفسنجانى الذي يشغل منصب رئيس جهاز تشخيص مصلحة النظام، والذي يعتبر أعلى هيئة للاستشارات في مجال صناعة القرار في النظام الإيراني حيث قال "إن إقامة أمن إقليمي في المنطقة أمر مستحيل من دون مشاركة إيرانية في ترتيباته".

وعن رفسنجاني أيضا قال في كلمة وجهها إلى القوات البحرية الإيرانية انه "من دون تواجد للقوات البحرية الإيرانية في مياه الخليج، فإن الأمن لن يتحقق في هذه المنطقة". (جريدة السياسة الكويتية) كما أكد على إن برنامج الصواريخ الإيراني بلغ مرحلة متطورة "بحيث لم تعد هناك حاجة للمساعدة الخارجية ولم تعد واشنطن قادرة على عرقلته".

وقال رفسنجاني أيضا إن "الضغوط التي تمارس من قبل الولايات المتحدة بشأن هذه المسألة لا جدوى منها فقد خرجت ايران والحمد لله عن سيطرتها، فلدى إيران اكتفاءا ذاتيا في مجال تكنولوجيا الصواريخ وهي تعرف الآن كيف تصنع الصواريخ ولم تعد بحاجة إلى مساعدة أي دولة أجنبية سواء ا، كانت روسيا أو الصين أو غيرهما". (جريدة الشرق الأوسط العدد7319).

هذا هو الواقع، وغدا هل تقرن ايران أقوالها بالأفعال وهل تنجح مساعيها في تحقيق مخططاتها.

http://www.al-moharer.net/moh197/ahwazi197.htm