وهل كان الله فى فلسطين عندما هاجر إليها إبراهيم عليه السلام
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ
لإغ أخذنا بالظاهر قلنا إن الله كان فى فلسطين وإن إستمعنا الى العلماء فهذا قولهم:
القرطبى رحمه الله
هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة. وأول من فعل ذلك إبراهيم عليه السلام، وذلك حين خلصه الله من النار "قال إن ذاهب إلى ربي" أي مهاجر من بلد قومي ومولدي إلى حيث أتمكن من عبادة ربي فإنه "سيهدين" فيما نويت إلى الصواب. قال مقاتل: هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة، إلى الأرض المقدسة وهي أرض الشام. وقيل: ذاهب بعملي وعبادتي، وقلبي ونيتي. فعلى هذا ذهابه بالعمل لا بالبدن. وقد مضى بيان هذا في "الكهف" مستوفى. وعلى الأول بالمهاجرة إلى الشام وبيت القدس. وقيل: خرج إلى حران فأقام بها مدة. ثم قيل: قال ذلك لمن فارقه من قومه؛ فيكون ذلك توبيخا لهم. وقيل: قاله لمن هاجر معه من أهله؛ فيكون ذلك منه ترغيبا. وقيل: قال هذا قبل إلقائه في النار. وفيه على هذا القول تأويلان: أحدهما: إني ذاهب إلى ما قضاه علي ربي. الثاني: إني ميت؛ كما يقال لمن مات: قد ذهب إلى الله تعالى؛ لأنه عليه السلام تصور أنه يموت بإلقائه في النار، على المعهود من حالها في تلف ما يلقى فيها، إلى أن قيل لها: "كوني بردا وسلاما" فحينئذ سلم إبراهيم منها. وفي قوله: "سيهدين" على هذا القول تأويلان: أحدهما "سيهدين" إلى الخلاص منها. الثاني: إلى الجنة. وقال سليمان ابن صرد وهو ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم: لما أرادوا إلقاء إبراهيم في النار جعلوا يجمعون له الحطب؛ فجعلت المرأة العجوز تحمل على ظهرها وتقول: اذهب به إلى هذا الذي يذكر آلهتنا؛ فلما ذهب به ليطرح في النار "قال إني ذاهب إلى ربي". فلما طرح في النار قال: (حسبي الله ونعم الوكيل) فقال الله تعالى: "يا نار كوني بردا وسلاما" [الأنبياء: 69] فقال أبو لوط وكان ابن عمه: إن النار لم تحرقه من أجل قرابته مني. فأرسل الله عنقا من النار فأحرقه.
|