عرض مشاركة مفردة
  #26  
قديم 03-09-2006, 06:27 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

نخب ليبرالية انتهازية تستغل حالة التقعر العربي :

يجلس بعض المثقفين العرب يتأملون حياتهم و حياة أوطانهم و حياة الآخرين في العالم ، ويروق لهم أن يتوقفوا عند نمط أو أنماط الحياة الغربية ( الليبرالية) فيسيل لعابهم للوصول ما وصل إليه الغرب ، ويتحول قسم كبير منهم الى مبشرين بالأفكار الليبرالية بصورة انتقائية بحتة ..

عندما انتشرت الأفكار الليبرالية قبل قرنين من الزمان ، كانت تعبر عن حالة ارتبطت بشكل أو بآخر بالثورة الصناعية واقترنت بما يسمى ب (عصر الأنوار) ، كما تعمقت فلسفتها عندما كان حضور الفكر الاشتراكي قائما ، يدعو الى المساواة بين الناس ، فكانت ردود الليبراليين هي : إطلاق الحريات العامة واعتبار الطبقية ( الغنى والفقر ) مسائل طبيعية ، لا ضير منها ، وأن الاقتصاد الحر يضمنه الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية والقضائية .

لن نناقش تلك المبادئ من حيث صدقها ، فالصور واضحة للعيان في العالم عن الحريات الكاذبة داخل تلك الدول المدعية ، ولن نناقش كيف أن تلك الدول بنت سعادتها المزعومة على حساب إفقار شعوب الأرض ونهب ثرواتهم ، باعتبار مواطني سكان العالم كائنات حية غير بشرية !

إن ما نود مناقشته هو أنه إذا كانت الليبرالية تتفق مع نمو الحياة الغربية بسياستها واقتصادها و أخلاقها التي تكونت على هامش السلوكين الاقتصادي والسياسي ، فإن المناداة بتلك الأفكار في بلداننا كما هي بلدان العالم الثالث ، سيصطدم بكينونة لا تتقبل هذا النمط من التدبير الاقتصادي والسياسي (بشكل غير مأسوف عليه ) .. كما يرفض جسم الإنسان تقبل دما ليس من زمرته .

لقد تشكلت النخب الليبرالية في المنطقة العربية ، من الجامعيين الحالمين وبالذات المهندسين و المصرفيين ، والذين استفادوا من عصر الفوضى الاقتصادية في العالم ، ومنه منطقتنا ، حتى أصبحوا يفكروا بتصليب هذا الوضع بشكل يضمن ديمومته ..

لقد تطوعت تلك النخب للقيام بمهام قذرة لم تترك ناحية إلا و ناوشتها ، مستغلة الحالة الرديئة التي تمر بها الأمة ، فتهاجم الدين بطرف خفي و تهاجم القومية والماركسية بوضوح مستسخفة أفكارها ، و تهاجم حتى نظم الحكم لتقدم نفسها كمنقذ ، يستدل عليه بالاستنتاج ، فعندما نسود صفحات الآخرين ، فلا بد أن تكون صفحاتنا بيضاء ، هذا ما تشعر به تلك النخب ..

لقد انتشرت تلك النخب وتوزعت على قنوات التلفزيون و الصحف والمجلات والكتب ، واتخذت أساليب أخرى للتواصل مع الجماهير من خلال جمعيات خيرية وهمية ، أو أندية مشكوك بارتباطها بالماسونية ، تحت أسماء مختلفة ، كما أسست تلك النخب مراكز للدراسات ، لكي تلف نفسها بهالة علمية واعية ، ومع الأسف ، فإن الجهد العام لكافة القوى الفاعلة في المجتمع لم ينتبه لتلك النخب ، بل أبقى جل نشاطه موجها لقوى هي أقرب له من تلك القوى التي تنذر بخلخلة واقع الأمة ، أو بالأحرى وظفت نفسها بالتعاون مع قوى خارجية للإجهاز على ما تبقى من هذا الواقع ، مستفيدة من غض نظر الحكومات عن نشاطها في كثير من الأحيان ، بل و قد تستحسن الحكومات العربية التواصل مع مثل تلك النخب ، طالما كان هذا التواصل يحقق رضا الغرب !
__________________
ابن حوران