اختصاصات الرّسول صلى الله عليه وسلم
اختصاصات الرّسول صلى الله عليه وسلم
الحكم التّكليفيّ في بحث اختصاصات الرّسول :
اختلف الفقهاء في جواز البحث في خصائص الرّسول صلى الله عليه وسلم، فأجازه الجمهور ورجّحه النّوويّ، وقال : الصّواب الجزم بجواز ذلك، بل باستحبابه، بل لو قيل بوجوبه لم يكن بعيداً؛ لأنّ في البحث في الخصائص زيادة العلم؛ ولأنّه ربّما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتةً في الحديث الصّحيح، فعمل به أخذاً بأصل التّأسّي بالرّسول عليه الصلاة والسلام، فوجب بيانها لتعرف فلا يعمل بها. وأمّا ما يقع في ضمن الخصائص ممّا لا فائدة فيه اليوم فقليل، لا تخلو أبواب الفقه عن مثله للتّدرّب، ومعرفة الأدلّة وتحقيق الشّيء على ما هو عليه. ومنعه بعضهم كإمام الحرمين الجوينيّ. وحجّة هؤلاء أنّه لا يتعلّق بهذه الخصائص حكم ناجز تمسّ الحاجة إليه.
أنواع اختصاصات الرّسول صلى الله عليه وسلم :
*** أ - الأحكام التّكليفيّة الّتي لا تتعدّاه إلى أمّته ككونه لا يورث ، وغير ذلك .
ب - المزايا الأخرويّة، كإعطائه الشّفاعة، وكونه أوّل من يدخل الجنّة وغير ذلك.
ج - الفضائل الدّنيويّة، ككونه أصدق النّاس حديثاً .
د - المعجزات كانشقاق القمر، وغيره .
هـ - الأمور الخلقيّة، ككونه يرى من خلفه ونحو ذلك. وسيقتصر البحث على النّوع الأوّل من هذه الاختصاصات - اختصاصه صلى الله عليه وسلم ببعض الأحكام التّكليفيّة. أمّا موطن الاطّلاع على الخصائص الأخرى فهو كتب العقائد، وكتب السّيرة النّبويّة ، والكتب المؤلّفة في خصائصه صلى الله عليه وسلم وفضائله. ما اختصّ به صلى الله عليه وسلم من الأحكام التّكليفيّة :
*** هذه الاختصاصات لا تخرج عن كونها واجبةً أو محرّمةً أو مباحةً. الاختصاصات الواجبة :
*** فرض اللّه على رسوله صلى الله عليه وسلم بعض ما هو مباح أو مندوب على أمّته، إعلاءً لمقامه عنده وإجزالاً لثوابه؛ لأنّ ثواب الفرض أكبر من ثواب النّفل، وفي الحديث : "ما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه"
ومن ذلك :
أ - قيام اللّيل :
*** اختلف العلماء في قيام اللّيل، هل كان فرضاً عليه صلوات اللّه وسلامه عليه أو لم يكن فرضاً، مع اتّفاقهم على عدم فرضيّته على الأمّة.
فذهب عبد اللّه بن عبّاس إلى أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد اختصّ بافتراض قيام اللّيل عليه، وتابع ابن عبّاس على ذلك كثير من أهل العلم، منهم الشّافعيّ في أحد قوليه، وكثير من المالكيّة، ورجّحه الطّبريّ في تفسيره.
واستدلّ على ذلك بقوله تعالى في سورة الإسراء : " ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك " أي نفلاً لك، أي فضلاً : ( زيادةً ) عن فرائضك الّتي فرضتها عليك، كما يدلّ على ذلك قوله تعالى : " قم اللّيل إلاّ قليلاً ، نصفه أو انقص منه قليلاً، أو زد عليه " .
قال الطّبريّ : " خيّره اللّه تعالى حين فرض عليه قيام اللّيل بين هذه المنازل ".
ويعضّد هذا ويؤيّده ما رواه الطّبرانيّ في معجمه الأوسط والبيهقيّ في سننه عن عائشة رضي الله عنها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث هنّ عليّ فرائض ولكم سنّة، الوتر والسّواك وقيام اللّيل " .
وذهب مجاهد بن جبر إلى أنّ قيام اللّيل ليس بفرض على، رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بل هو نافلة، وإنّما قال اللّه تعالى : " نافلةً لك " من أجل أنّه صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فما عمل من عمل سوى المكتوبة فهو نافلة؛ لأنّه لا يعمل ذلك في كفّارة الذّنوب، فهي نافلة وزيادة، والنّاس يعملون ما سوى المكتوبة لتكفير ذنوبهم فليس للنّاس - في الحقيقة - نوافل.
وتبع مجاهداً جماعة من العلماء، منهم الشّافعيّ في قوله الآخر ، فقد نصّ على أنّ وجوب قيام اللّيل قد نسخ في حقّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كما نسخ في حقّ غيره.
واستدلّوا على ذلك بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " خمس صلوات فرضهنّ اللّه على العباد "، خاصّةً أنّ الآية محتملة، والحديث الّذي استدلّ به من قال بفرضيّة قيام اللّيل على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حديث ضعيف.
والصلاة والسلام على رسول الله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين
يتبع ..
آخر تعديل بواسطة الوافـــــي ، 20-06-2004 الساعة 07:56 AM.
|