الغزل الذي يقره التصور الإسلامي ، والفطر السليمة ، هو الغزل الذي لا ينتهك فيه الشعر حرمات الآخرين ، فما قيمة أن يصف الشاعر جسد محبوبته ، وكأنه نخاس يعرض جارية للبيع ؟! هنا يكون الشاعر إما كاذباً أو ماجناً يستلذ هتك الأعراض . الغزل الذي يبقى بعد قائله ، ويكون ملتصقاً بالقلب ، هو الذي يصور لنا فيه الشاعر خلجات نفسه ، وما يعتمل في صدره من عواطف ولدها هذا الحب ، وسواء أكانت حزناً أم فرحاً أم حيرة ، لا يعرف كيف يواجهها !
الغزل من أقرب الأغراض الشعرية إلى النفس ؛ فهو نابع من روح الشاعر ، فلا أظن أن هناك من يتغزل تملقاًّ لأحد !!!
تبقى نقطة مهمة ، و هي أن الشاعر قد يسترسل أثناء كتابته للقصيدة ، فلا يملك زمام أمره ، هنا يبرز الفرق بين من يملك تصوراً واضحاً ومحدداً لوجوده ، ومن يفتقر إلى هذا التصور الشامل ، فالمسلم لا ينشر كل ما يكتب ؛ ليقينه بأنه محاسب عليه أمام الله تعالى ، فتكون عملية النشر عنده مقننة ، في حين نرى أن غيره ينشر كل ما يكتب دون تمحيص و تنقيح ، ولا أرى حاجة لدرء شبهة التصنع التي قد يرمي بها البعض الأديب المسلم في هذه النقطة .
|