لا يفضض الله فاك
الأخ الصمصام
أهلا بك ، أوحشت الخيمة لغيابك ، ثم عدت ، والعود أحمد ، فملأتها نشاطاً وبهجة ، وأنا أغبطك على هذا النشاط ، وأسأل الله أن يبارك لك فيه.
أنا أحب هذا الدعاء: لا فض فوك ، اقتداء بحبينا محمد صلى الله
عليه وآله وسلم ، فقد أخرج ابن حجر في الإصابة عن النابغة الجعدي ، يقول:أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم
بلغناالسماء مجدنا وجدودنا
......وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال:"أين المظهر يا أبا ليلى." قلت:الجنة. قال:"أجل إن شاء الله تعالى" ، ثم قال:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له
......بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له
......حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفضض الله فاك" مرتين.
وعن كريز بن سامة وكان قد وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان النابغة الجعدي قال
أتينا رسول الله إذ قام بالهدى
الأبيات. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يفضض الله فاك" قال: فاتت عليه عشرون ومائة سنة كلما سقطت له سن نبتت له أخرى.
وهذه القصيدة مطولة نحواً من مائتي بيت ، مطلعها:
خليلي غضا ساعة وتهجرا
......ولوما على ما أحدث الدهر أو ذرا
ومنها:
وإنا لقوم ما نعود خيلنا
......إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا
......من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردها
......صحاحا ولا مستنكرا أن تعقرا
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا
......وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
ويقول فيها كذلك:
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى
......ويتلو كتاباكالمجرة نيرا
ومنها:
وجاهدت حتى ما أحس ومن معي
......سهيلا إذا ما لاح ثم تحورا
أقيم على التقوى وأرضى بفعلها
......وكنت من النار المخوفة أحذرا
إضافة إلى البيتين اللذين استحسنهما النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عبدالبر: ما أظنه إلا أنشدها النبي صلى الله عليه وسلم كلها.
وكنت قد سمعت هذه القصة من شيخي الطالب بن أحمد الشنقيطي ، وهو عالم بحر ، وشاعر مقتدر ، وكان يمتحنني في إعراب: مجدنا وجدودنا.
لكن مارمى إليه أخونا عمر أنه بالإضافة إلى هذا الدعاء المبارك ، فإشارة إلى سبب الاستحسان ، ونقد لمواطن الضعف ، تفيد الكاتب أولاً والقارئ ثانياً. وأنت بذوقك العالي قادر على تبيان هذين الأمرين ، وقد قرأت لك تعليقات من هذا النوع. فلا تحرمنا من نقد ، ومن دعاء.
آخر تعديل بواسطة mubarrah ، 15-11-2001 الساعة 06:10 AM.
|