كشف
الحقيقة الأولى
--------------------------------------------------------------------------------
( 32 )
--------------------------------------------------------------------------------
( 33 )
قال الجزائري :
الحقيقة الأولى
استغناء آل البيت وشيعتهم عن القرآن الكريم بما عند آل البيت
من الكتب الإلهية الأولى التي هي التوراة والزبور والإنجيل
إن الذي يثبت هذه الحقيقة ويؤكدها ، ويلزمك أيها الشيعي بها : هو ما جاء في كتاب الكافي من قول المؤلف : « باب أن الأئمة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من الله عز وجل ، وأنهم يعرفونها كلها على اختلاف ألسنتها » مستدلاً على ذلك بحديثين يرفعهما إلى أبي عبد الله ، وأنه كان يقرأ الإنجيل والتوراة والزبور بالسريانية.
وأقول :
الحديث الأول : أخرجه الكليني رحمه الله بسنده عن هشام بن الحكم في حديث بُرَيه ، أنه لما جاء معه إلى أبي عبد الله عليه السلام فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ، فحكى له هشام الحكاية ، فلما فرغ قال أبو الحسن عليه السلام لبريه : يا بريه ، كيف علمك بكتابك ؟ قال : أنا به عالم. ثم قال : كيف ثقتك بتأويله ؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه. قال : فابتدأ أبو الحسن عليه السلام يقرأ الإنجيل ، فقال بريه : إيَّاك كنتُ أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك. قال : فآمن بريه ، وحسن إيمانه ، وآمنت المرأة التي كانت معه.
فدخل هشام وبريه والمرأة على أبي عبد الله عليه السلام ، فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي الحسن موسى عليه السلام وبين بريه ، فقال أبو
--------------------------------------------------------------------------------
( 34 )
عبد الله عليه السلام : ( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ). فقال بريه : أنَّى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء ؟ قال : هي عندنا وراثة من عندهم ، نقرأها كما قرأوها ، ونـقولها كمـا قـالوا ، إن الله لا يجعل حـجَّة في أرضه يُسأل عن شيء فيقول : لا أدري (1).
سند الحديث
هذا الحديث ضعيف السند ، لجهالة أحد رواته ، وهو الحسن بن إبراهيم.
قال المولى محمد باقر المجلسي قدس سره : [ في سنده ] مجهول (2).
وقال المامقاني قدس سره في ترجمة الراوي المذكور : الحسن بن إبراهيم الكوفي ، عـدَّه الشيخ في رجـاله مـن أصحاب الرضا عليهم السلام... وظاهره كونه إمامياً إلا أن حاله مجهول (3).
والحديث الثاني : رواه الكليني أيضاً عن مفضل بن عمر ، قال : أتينا باب أبي عبد الله ونحن نريد الإذن عليه ، فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية ، فتوهمنا أنه بالسريانية ، ثم بكى فبكينا لبكائه ، ثم خـرج إلينا الغلام ، فـأذن لنا فدخلنا عليه ، فقلت : أصلحك الله ، أتيناك نريد الإذن عليك ، فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية ، فتوهمنا أنه بالسريانية ، ثم بكيت فبكينا لبكائك. فقال : نعم ، ذكرتُ إلياس النبي ، وكان من عبَّاد أنبياء بني إسرائيل ، فقلت كما كان يقول في سجوده. ثم اندفع فيه بالسريانية ، فلا والله ما رأينا قسًّاً ولا جاثليقاً أفصح لهجة منه به ، ثم فسره
____________
(1) أصول الكافي 1|227. والحديث بطوله مذكور في مرآة العقول 3|25 ، وكتاب التوحيد ، ص270.
(2) مرآة العقول 3|24.
(3) تنقيح المقال 1|265.
--------------------------------------------------------------------------------
( 35 )
لنا بالعربية ، فقال : كان يقول في سجوده : أتراك معذِّبي وقد أظمأتُ لك هواجري ؟ أتراك معذّبي وقد عفّرت لك في التراب وجهي ؟ أتراك معذّبي وقد اجتنبتُ لك المعاصي ؟ أتراك معذبي وقـد أسهرت لك ليلي ؟. قال : فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك ، فإني غير معذبك ، قال : فقال : إن قلتَ : « لا أعذِّبك » ثم عذَّبتَني ماذا ؟ ألستُ عبدك ، وأنت ربّي ؟! قال : فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك ، فإني غير معذّبك ، إني إذا وعدتُ وعداً وفيتُ به (1).
سند الحديث
هذا الحديث أيضاً ضعيف السند.
قال المولى المجلسي قدس سره : الحديث الثاني ضعيف (2).
وحسبك أن من جملة رواته سهل بن زياد ، وبكر بن صالح ، ومحمد بن سنان.
أما سهل بن زياد فذهب المشهور إلى أنه ضعيف.
قال المامقاني قدس سره : إن علماء الرجال قد اختلفوا في الرجل على قولين :
أحدهما : أنه ضعيف ، وهو خيرة النجاشي وابن الغضائري والشيخ في الفهرست ، والعلاَّمة في الخلاصة وجملة من كتبه الفقهية كالمنتهى والمختلف وغيرهما ، وابن داود في رجاله ، والمحقق في الشرائع ومواضع من نكت النهاية والمعتبر ، والآبي في محكي كشف الرموز ، والسيوري في التنقيح ، والشهيد الثاني والشيخ البهائي وصاحب المدارك والمولى الصالح المازندراني والمحقق الأردبيلي والسبزواري وغيرهم ، بل هو المشهور بين
____________
(1) أصول الكافي 1|227.
(2) مرآة العقول 3|28.
--------------------------------------------------------------------------------
( 36 )
الفقهاء وأصحاب الحديث وعلماء الرجال (1).
وقـال المحقق الخوئي قـدس سـره : وكيف كان فسهل بن زياد الآدمي ضعيف جزماً ، أو لم تثبت وثاقته (2).
وأما بكر بن صالح فقد ضعَّفه النجاشي (3).
وقال ابن الغضائري : بكر بن صالح الرازي ضعيف جـداً ، كثير التفـرد بالغرائب (4).
وضعَّفه العلاَّمة في الخلاصة بنحو ما قاله ابن الغضائري (5).
وذكره ابن داود في القسم الثاني وضعَّفه ، ونقل كلام ابن الغضائري ، كما ضعَّفه الشيخ البهائي في الوجيزة (6).
قال المامقاني قدس سره : ضعْف بكر بن صالح الضبي الرازي الراوي عن الكاظم عليه السلام مما لا ينبغي الريب فيه ، واشتراك غيره معه مـن دون تمييز صحيح يُسقِط كـل رواية لبكر بن صالح ـ أيّ بكر كان ـ عن الاعتبار (7).
وأما محمد بن سنان فالمشهور أيضاً أنه ضعيف.
قال المامقاني بعد أن ذكر أنه اختلف فيه على قولين : أحدهما : أنه ضعيف ، وهو المشهور بين الفقهاء وعلماء الرجال.
ثم نقل تضعيفه عن الشيخ الطوسي في رجاله وفهرسته ، والنجاشي وابن عقدة أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد وابن الغضائري والمفيد
____________
(1) تنقيح المقال 2|75.
(2) معجم رجال الحديث 8|340.
(3) رجال النجاشي 1|270.
(4) تنقيح المقال 1|178.
(5) رجال العلامة الحلي ، ص207.
(6) تنقيح المقال 1|178.
(7) المصدر السابق 1|179.
--------------------------------------------------------------------------------
( 37 )
الذي قال فيه : محمد بن سنان وهو مطعون فيه ، لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه ، ومن كان هذا سبيله لا يُعتمد عليه في الدين (1).
قال المامقاني : وممن ضعَّفه المحقق رحمه الله في مواضـع من المعتبر ، والعلاّمة في موضع من المختلف ، وكاشف الرموز والشهيد الثاني في باب المهور من المسالك ، وصاحب المدارك ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة ، وصاحب الذخيرة ، وهو المحكي عن المعتصم والمنتقى ومشرق الشمسين والحبل المتين وحاشية المولى صالح والتنقيح والفخري في مرتب مشيخة الصدوق والذكرى والروضة وغيرها (2).
قال السيد الخوئي قدس سره : تضعيف هؤلاء الأعلام يصدّنا عن الاعتماد عليه والعمل برواياته (3).
( يتبع )
|