السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلقة الاخيرة:-
يستفاد مما سبق ان الصراع بين الخير والشر قانون كوني حاكم في النشأة , وهو السبيل لنمو النشأة وكمال عناصرها , ولما كان الإنسان أهم عنصر من عناصر النشأة فإن المؤمن الذي يصارع الشر إنما ينمو ويتكامل بصورة مطردة
نحو الله في مقام الجمال الذي مظهره الجنة والنعيم المقيم , فكلما نما وتكامل أيمانه وكثرت أعماله الخيّرة كلما كان في مقام أعلى من الجنة0
والكافر الذي يصارع الخير ويحارب المؤمنين ويؤذيهم وينتهك حرم الله إنما ينمو ويتكامل بصورة مطردة نحو الله في مقام الجلال ونحو غضب وسخط وعذاب الله الذي مظهره الجحيم , فكلما نما وتكامل كفره وكثرت أعماله الشريرة كلما كان في الدركات السفلى من الجحيم0 وإذا أردنا ان نربط أمر صراع الخير والشر بالأحداث التي تجري في الواقع , فإن كل ما يجري من حولنا لا شك واقع ضمن هذه السنة الثابتة , ولما كان الصراع ما بين الخير والشر سنة الله الثابتة ومن الضروريات الوجودية المحكومة بقانون الزوجية العام الشامل, فإنه كلما تقدم الزمان ونمت النشأة كلما اشتد الصراع ما بين الخير والشر , مما يعني ان أحداث آخر الزمان ستكون ذروة الصراع ما بين الخير والشر ولا يمكن بلوغ الذروة إلا بعد المرور بالسفح الصاعد نحوها , ولما كان محور الخير هم المؤمنون , فانهم مبتلون بالصراع العنيف مع الشر الذي بات قوياً ومتسلحاً بأنواع الأسلحة , وإذا كانت أولى أكبر جريمة أرتكبها قابيل في الأرض كانت بأداة بدائية بسيطة , فالظالمين المستكبرين اليوم يمتلكون أسلحة الدمار الشامل المكدسة في اكثر من زاوية من الأرض , وهي تكفي لنسف كوكب الأرض وتفتيته كالحصى في الفضاء لعشرات المرات 0
وإذا كنا مؤمنين بالله العظيم وبالقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فعلينا أن نؤمن بقانون الله الثابت الذي أجراه على عناصر الوجود وهو التقابل في قانون الزوجية الذي من ضمنه الصراع ما بين الخير والشر , وعلى هذا فإن التصادم مع الظالمين المستكبرين أمراً محتوماً , ومن المحال أن يتحقق السلام في العالم ما بين المؤمنين والكافرين لا سيما بيننا وبين الصهاينة الغاصبين أبداً, فسلام كهذا فرضية غير قابلة للتطبيق أبداً لأنها لا تنسجم مع قانون الله الحاكم في الكون بل هي على الضد منه , حتى لو تقاعسنا عن واجباتنا الشرعية والإنسانية ورضينا أن نسالم القطب الآخر من قانون الزوجية وهو الكفر - الشر- ونتعايش معهم فإن الله لا يرضى بهذا ولسوف يوفر أساب الصراع بأي صورة كانت حتى لو كنا بعيدين عن ساحات الصراع وهذا هو معنى قوله تعالى :ء
ء (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعأً ويذيق بعضكم بأس بعض أنظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون) الأنعام 65
فأنت إذا ما تقاعست عن نصرة دينك وجهاد الكافرين فإنهم سوف يأتون إليك ويحاربوك تحت أي غطاء ومبرر كان, وإذا كان المبرر الظاهر اليوم (مكافحة الإرهاب), فلا تستبعد أن يكون في الغد (مكافحة الإسلام) , فلا يوجد قطب يقابل الشر العالمي المفسد في الأرض غير الإسلام , وهو المرشح الوحيد للصراع مع المستكبرين الظالمين شئنا أم أبينا, فالمؤمنين هم الذين اجتباهم الله وخصهم بالكرامة بما أنزل عليهم من كتاب يتضمن تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين وكلفهم بأشرف مهمة وهي قيادة العالم نحو الصراط المستقيم وهذا هو معنى قوله تعالى :وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً البقرة
وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول عليكم شهيداً وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بحبل الله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير
المشار إليه في الآية الأولى أعلاه لا يعني الحالة التي تتوسط طرفين كما يظن البعض خطأ , بل هو الشرافة والمنزلة العالية , يقال فلان أوسط قومه إذا كان اشرفهم , وعلى هذا فالأمة الوسط هي الأشرف والأفضل من بين الأمم وليست التي تتوسط طرفي الرقي, والدليل على ذلك ليس هناك رسالة أرقى من الإسلام ولا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كي تكون الأمة الإسلامية في الوسط ما بين الادنى وتلك التي أرقى , ولما كانت رسالة الإسلام آخر الرسالات ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء والقرآن الكريم آخر الكتب المنزلة , فإن الأمة الإسلامية هي الأرقى من بين الأمم وذروة الكمال الذي ليس بعده كمال لأنها في نهاية سلسلة التكامل وجامعة لجميع كمالات الرسالات السابقة لها 0
ومعنى الشهادة في الآيات هو القيادة ,فكما رسول الله شاهد -قائد -على المسلمين يعلمهم الكتاب والحكمة ويخرجهم من الظلمات إلى النور, كذلك المسلمين بما أنعم الله عليهم من كتاب وحكمة ونور مبين ينبغي أن يكونوا شهداء -قادة- على الناس يخرجوهم من الظلمات إلى النور ويقيمون الحجة عليهم , وعلى هذا فمن المفترض -وكما أمر الله-أن تقوم الأمة بالمبادرة وتأمر الأمم الأخرى بالمعروف وتنهاها عن المنكر وتعلمهم الكتاب والحكمة وإن لم تفعل ذلك فإنها متقاعسة عن دورها الذي ينبغي انه تعلبه , وعلى الرغم من تقاعس الأمة بسبب الواقع البائس من تسلط حكام الجور وخدام المستكبرين , فإن الابتلاء والتصادم مع الكافرين المستكبرين قائم على حسب سنة الله ,فالمستكبرون هم الذين يأتون إلينا يأمرونا بالمنكر وينهوننا عن المعروف ويستخدمون في سبيل ذلك أنواع من الضغوط و الحروب
المعلنة والسرية لأجل إذلالنا والانصياع لقيمهم الأرضية الفاسدة فسنة الابتلاء بالخير والشر قائمة وجارية علينا شئنا أم أبينا لأنها قانون الله الحاكم في الكون , وليعلم ان الابتلاء بالخير والشر , أي صراع الخير والشر هو السبيل الوحيد للتكامل والنمو , فيه حكمة الله البالغة التي قد لا ننتبه إليها في غمرة الانشغال بمظاهر الحياة الدنيا , وكما في قصة موسى والخضر عليهما السلام كان ثقب السفينة هو السبب في حمايتها من اغتصاب الملك الظالم, وقتل الغلام سببا في سعادة
------------------------
لما كان الإيمان بالله يعني الإقرار ان كل ما يجري في الأرض هو من امر الله , وكان الله لا يباشر الأمور بنفسه بل يأمر بتنفيذها الخليفة التكويني ,فان أمر الله في إدارة شؤون الأرض وما عليها يقوم بها القائم بأمره ( المهدي) عليه الصلاة والسلام, وعلى هذا فإن غيبة القائم بأمر الله (المهدي)عليه الصلاة والسلام عن أنظار الناس لا تعني انه غائب عن الوجود وبلا دور, بل كل الأحداث التي تجري في الأرض هو الذي يقوم بها , فهو القائم بأمر الله الذي من مهامه دفع النشأة نحو مزيد من النمو والتكامل في سبيل تطهير الأرض واعدادها لمرحلة بسط العدالة الشاملة وبالتالي دفعها نحو لقاء الله والقيامة, فالأحداث الجارية اليوم في الأرض إنما يقوم بها القائم بأمر الله ( المهدي) عليه الصلاة
والسلام وهي خطوات عملية في سبيل تطهير الأرض واعدادها لمرحلة العدالة الشاملة وبالتالي لقاء الله والقيامة , فالأرض بعد أحداث 11 أيلول التي قام بها المهدي قد دخلت مرحلة جديدة في صراع الخير والشر ولسوف تشهد المزيد من الأحداث والصراع في الأيام القادمة , واعلم أنه لا سبيل إلى تكامل النشأة وظهور الإسلام على الدين كله وبسط العدالة الشاملة على كوكب الأرض -كما وعد الله في كتابه العزيز- إلا الصراع بين الخير والشر الذي هو من مظاهر قانون الزوجية الذي يحكم الكون كله0 والقرآن الكريم يشير إلى تلك الأحداث في الكثير من الآيات سوف نتناولها بكثير من التفصيل إن شاء الله تعالى في البحث القادم الموسوم بـ احداث آخر الزمان
انتهى بحمد الله تعالى
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله
--------------------------------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
عروج علي بن أبي طالب إلى السماء كما يرويه الشيعية
http://www.albrhan.com/arabic/wthaeq/ektesas/index.html