هناك فرق بين نقد الرأي ونقد الشخصية ولتوضيح ذلك نبدأ من التعريف ففي اللغة (نقد ـ نقدا وتناقدا، الدراهم وغيرها: ميزها ونظرها ليعرف جيدها من رديئها. والكلام: أظهر ما به من العيوب والمحاسن).
ولا يبعد الإصطلاح عن المعنى اللغوي للنقد، وكما هو متبع يعني عملية التمييز والفرز والبحث في الأفكار لإستجلاء الحق والصواب، وكشف مقدار الخطأ فيها.
وتأسيسا على ذلك قامت حركة نقدية في الأوساط الثقافية، بين التيارات المختلفة وكانت أما نقدا ملحقا بالبحوث والدراسات التي تثبت أحقية وصلاحية إتجاه ما، وعادة ما يستطرد معها نقد للإتجاه المغاير، أملا في الوصول إلى بحث متكامل يعتمد إثبات الذات ونفي الآخر كما في البحوث المقارنة، كما أن نوعا من الأبحاث جاء نقدا خالصا عن طريق التحليل...
بالإضافة إلى ذلك يوجد هدف مستقل في عملية النقد، وهو الوصول إلى رؤية سليمة من خلال تلاقح وتزاوج الآراء أحيانا، ومن خلال مخضها وتمحيصها وتنقيتها أحيانا أخرى، هذه العملية تسير في إتجاهين:
الأول: نقد الذات، وهو ان ينتقد الإنسان نفسه وفكره، أو تنتقد الجماعة فكرها، تعرفا على مواقع الزلل والخلل، لإصلاحها وترميمها.
الثاني: نقد الآخر، والآخر هو الغير، أو الجماعة والفئة التي تختلف عن الذات في الفكر، وتأخذ بعدين في مسارها، الأول إنها عملية تلاقح للآراء ومقارنة بينها لإختيار الأفضل، والثاني نقد الآخر وتعريفه بخطئه كمرحلة أولى لكسبه وهدايته، ولابد ان تكون الدعوى متصفة بالحكمة والموعظة الحسنة وهذه العملية هي موضع سؤالنا، لأن الآخر يتكون من جزئين هما، الشخص والفكرة.
السؤال:
في عملية نقد الآخر، البعض يستسيغ نقد الشخصية التي تحمل الفكر المنتقد، فهل يجوز للناقد ان يتعدى الفكرة للشخص، ان كان في الفكرة ما يدل على مجموعة صفات ذميمة كالسذاجة والجهل وما شابه ذلك أم ان النقد فقط للآراء ولا يتعداها للشخصيات؟
الجواب:
النقد مهم ومطلوب، بل يجب، لأنه في بعض الأحيان يدخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حينما يقول إنسان كلاما خاطئا، فأنقده وأنتقده فهذا واجب علي، ولذلك يسوغ لي.
لكن التجريح الشخصي والنيل من كرامة الفرد هذا لا يجوز الا إذا كانت الشخصية مهدورة الكرامة، أي انه شخص بذيء مثلا، يتكلم بكلام بذيء ضد الإسلام وضد المسلمين... فهو لم يحترم نفسه، ويجوز لي أيضا ان لا أحترمه، أما إذا إحترم نفسه وأبدى كلاما ضمن منهجية معينة وواضحة، مع إحترامه للآخرين، نحن أيضا نحترمه، ولكن لنا الحق ان نتحدث عن فكره بما شئنا. بين المسلمات والأفكار الجاهزة.
مقتبس ومعدل
آخر تعديل بواسطة القوس ، 16-11-2002 الساعة 03:42 PM.
|