مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 17-05-2003, 11:38 PM
القوس القوس غير متصل
وما رميت إذ رميت
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 2,350
إفتراضي

(12)

في السجن "العنبر"
…بعد مرور اسبوعين على التحقيق تم استدعائي من داخل السجن عن طريق السجّانة وثلاثة من الجنود، تبادلت النظرات السريعة بيني وبين زميلتي ما عسى ان يكون، ربتت على كتفي لا تقلقي عسى ان يكون خيرا اذهبي معهم..
توجهنا الى غرفة صغيرة جدا كانت تعد خزانة لبعض الامتعة كان الغبار يملأ أرضها، واذا بشخص طويل عريض المنكبين إستقبلني وسلمني بعض الاوراق للامضاء عليها بعد ان سألني عن اسمي قال:ـ ألا توديّ زيارة اهلك ـ أجبته بكل تأكيد، فاتضح انه مسؤول الزيارات لعوائل المعتقلين داخل السجن.
أمرني بالدخول للغرفة واذا بمجموعة من الاسلاك الحديدية المتشابكة والقبضان الطويلة والتي جهزت كحاجز بين السجين وبين اهله.
انتظرت ما يقارب 7 دقائق واذا بجميع افراد اسرتي، قد أقبلوا والابتسامة ترتسم على شفاههم، اذهلني المنظر كثيرا حيث كان إخوتي الصغار يتسلقون القبضان لمعانقتي ولكن حال الحاجز بيني وبينهم، أخذوا يتبادلون الاخبار معي بدون أن أتفوه لهم بكلمة واحدة، فمن شدة شوقي ولهفتي لهم ومن هول المفاجأة اختنقت بعبرتي، لكني رغم هذا تقدمت لهم بابتسامة هادئة موزعة للجميع وتم الاعلان عن أنتهاء الزيارة حيث استمرت ما يقارب خمس دقائق ـ تزودت فيها بروح الامل والفرج القريب، بعدها عدت إلى السجن على أمل الانتظار لزيارة أخرى بعد مرور خمسة عشر يوما…
…بعد ان توالت الأيام تجرف بعضها بعضا وتجرفنا معها بافراحها واتراحها بأحزانها وآلامها، بدأ الحلم الذي راودنا يتحول الى واقع، إنتفضت زغاريد الأمل تتراقص داخلنا كأنغام والحان موسيقية رناّنة… بانتظار اللحظة السعيدة التي نشم فيها هواء الحرية، نعم الحرية.. الحرية التي فقدناها خلال هذه الأشهر.. ولكن أية حرية هذه.. اذا كانت منسوجة بالقمع والكبت والإرهاب ـ حرية الخروج من القفص الصغير الى سجن اكبر ربما هنالك بعض الفروق كتواجد الاصدقاء والأهل والأحبة والطبيعة الغناء، ولكن كل هذا بضريبة مقابلة وهي الاعتقال، القمع، المطاردة من مكان لآخر، المداهمات الليلة، الاستدعاء للتحقيق بين فترة واخرى، المراقبة المستمرة للحركات والسكنات، اضافة إلى قائمة الممنوعات التي تصدرها السلطة الطاغية، فقراءة كتاب ديني ودخوله البلاد ممنوع، سماع خطاب لمحاضر اسلامي ممنوع، ابداء رأي سياسي ممنوع، التحدث حتى في السياسة ممنوع واليوم حتى الصلاة في المسجد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أضيف لقائمة الممنوعات ولكن كل ذلك يهون في سبيل إتاحة فرصة بسيطة لتأدية المسؤولية الإسلامية ونشر مبادئ الله في الأرض…. في يوم الاربعاء، فور الانتهاء من النوافل اليومية توجهنا لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) والتوسل بالائمة الاطهار.. الى ان شارفنا على الإنتهاء من الدعاء، واذا بالمفتاح يدور في قفل الباب واذا بأحد الجنود قد أقبل بدون ان يتفوه بشيء.
نحن ما زلنا نفترش سجادة الصلاة، حينها لزمنا الصمت وإذا بجندي أخر قد أقبل واستدعى السجّانة لأخذ زميلتي للذهاب معهم.. بقيت وحدي والقلق يراودني بين فترة وأخرى وانتظرت على أحر من الجمر، كانت السجّانة تنظر لي بابتسامات غريبة وهي تقول: لا تخافي عليها.. والمذهل في الأمر معاملة السجّانة في غاية الروعة في هذا اليوم واتذكرها جيداً كانت السجّانة (معجبة).. بعد ان طويت السجادة، توجهت لقراءة بعض الصحف كجريدة اليوم وجريدة الشرق الأوسط وقد سمح لنا بقراءة الجرائد فور انتقالنا للسجن الجماعي..
واذا بزميلتي تعود، تلقفتها فوراً ما الأمر.. أخذت تنظر الي نظرات بريئة وهي تبتسم.
ـ انا قلقة ارجوك، اخبريني ماذا حدث؟
ـ اجابتني بكل هدوء.. يقولون إفراج وكأنها لم تُصّدق.
ـ وقفت انظر اليها في صمت وأبتسم في وجهها، وأضحك داخلي باستهزاء.. واردد… إفراج هذا في الحلم..
كانت السجّانة والجنود ينظرون لنا مندهشين من الموقف مازالت كل واحدة تنظر الى الأخرى وكلمة إفراج تتردد على الافواه وكأننا نريد استيعابها.
واذا بأحد الجنود أخذ يضحك بشدة وهو يقول: لملموا أغراضكم هيا بسرعة سوف نرتاح منكم..
هنا كأنه ايقظنا من سبات عميق واذا بكل واحدة منا تصرخ بأعلى صوتها.. خرجت صرخة مدوية من الاعماق وبدون ان نشعر بها.. يقولون إفراج.. وأخذت كل واحدة تعانق الأخرى وحتى السجّانة أخذناها بالأحضان من شدة سعادتنا.
أخذت الدموع مكانها وبدأت تنهال كالسيل، تعانقت السواعد وتكاتفت الايدي باتجاه القبلة نردد نشيد.. لمستضعفي الأرض قلنا نعم.. ولأول مرة بدون خوف، بكل قوة واصرار عاهدنا الله سبحانه بمواصلة المسير وتكملة المشوار، والذي يسلك درب الجهاد لا بد ان يتحمل مشاكل الظلمة، هتفنا بصوت واحد ـ "لا اله إلا الله الهاً واحداً، ونحن له مسلمون، لا إله إلا الله، وحده وحده وحده نصر عبد، واعز جنده، وهزم الاحزاب وحده، فله الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير"
كان الواقفون مشدودي الذهن يا ترى ماذا يعمل هؤلاء؟
أخذت النداءات ترسل صداها من الخارج هيا بسرعة.. لملمنا أمتعتنا واخذنا نعيد النظر في ذلك العنبر وكأنه الوداع لزنزانات ولأركان السجن كلها.
…في تمام الساعة الثانية خرجنا من العنبر النسائي برفقة السجّانة واثنان من الجنود، ادخلونا مكتب المدير واذا بوالدي واخ زميلتي موجودان في المكتب، اضافة إلى المحقق سعيد منصور، والمحقق عايض القحطاني، ومحمد عسيري..
أمرنا بالجلوس فألقى علينا مدير السجن كلمته الأخيرة والكل يلزم الهدوء (هتف بقوله: إن شاء الله تكونوا الآن قد تأدبتم فأنتم ارتكبتم الخطأ وهذا هو عقاب الدولة لكم، والمفروض ان يدوم سجنكم اكثر من هذه المدة ولكن رأفة ولاة الأمر بكم أبت ذلك ففرضت عليكم قضاء ثلاثة اشهر وها أنتم عشتم معنا وقضيتم أيام قد إستجلبت راحتكم فكل شيء قد توفر لكم من اكل وشرب وراتب شهري وزيارات فأنتن محظوظات هنا،..
قاطعه محمد عسيري قائلاً: انظروا إلى السجون الأخرى وكيف يعامل السجين فيها بكل ذل واحتفال أما أنتن فعوملتم احسن معاملة ولقيتن أحسن إحسان والفضل يعود للمسؤولين الكرام القائمين على الدولة وان شاء الله سوف تكون غلطتكن هذه الأولى والأخيرة.
قال عايض ـ اكيداً الأولى والأخيرة مو صحيح يـ عالية.. واللي يفكر يخطيء مرة ثانية لا يفكر بعد يطلع من السجن!!
قال المحقق ـ {وما ظلمونا ولكن كانوا انفسم يظلمون} لا يوجد انسان لا يخطئ والمخطئ عليه أن يتوب، فأعلنوا التوبة من الآن واعلنوا اخلاصكن للوطن وعدم التخريب فيه!!
قال محمد عسيري ـ نحن جميعاً اخوة وابناء وطن واحد نحافظ على سمعته من الأعداء والمخربين والأوباش فنحن إستضفناكن واكرمناكن ولا يمكنكن ان تنكروا ذلك!!
قال المحقق: عليكن ان تساعدوننا في العثور على أي مخرب وان تساعدوننا على جمع المعلومات عن العابثين في البلاد، وان لم تستطعن المجيء بمجرد اتصال تلفوني أعطونا الأوامر والمعلومات، وان احتجتن الى شيء فنحن في الخدمة لتلبية اوامركن سواء أموال، وظيفة أي خدمات نحن تحت الطلب!!
قال المدير: وانت عالية إسمعي جيداً وإياك الدخول السجن مرة اخرى فلن نرحمك، بعدها طلب مني ومن زميلتي إحضار ثلاث صور شمسية (طبعاً هذا تم بعد ان احضروا لنا أحد الباكستانيين لتصويرنا داخل السجن لكننا رفضنا ذلك) ومن ثم سلمني ورقة مكتوب فيها أتعهد فيها بعدم ارتكاب الخطأ في حق الدولة وان التزم كمواطن صالح، ويمنع من السفر منعاً باتاً لحين إشعار آخر..
تم التوقيع عليها وبعدها سلمنا لهم المصاحف التي اكرمونا بها في السجن الجماعي لكنهم رفضوا ذلك وقالوا خذوها منا هدية لكم. وكان مكتوب عليها (مصحف فهد).. المدنية المنورة.
واخيراً خرجنا من البوابة الكبيرة لنشم الهواء ونعانق الشمس وننطلق مسرعين حاملين راياتنا (المصحف المبارك) أعلى رؤوسنا ونحن نردد
سنحمل راياتنا هاتفين هو الله اكبر في العالمين
فإمام نموت بهذا الشعار واما انتصار وفتح مبين
إستقلينا انا وزميلتي سيارة والدي وعبر شارع (العريض) اتجهنا الى المنطقة ومن ثم الى المنزل، واذا بالحشود الغفيرة من الناس تملأ الشارع وعلى كلا الجهتين نساءً ورجالاً وحتى الاطفال الصغار خرجوا جميعاً لإستقبالنا، وفور نزولنا من السيارة هذه تضمنا وهذه تشمنا واخرى تقبلنا وتلك تقول حمداً لله على السلامة وأخذ الجميع يحيينا ويرحب بقدومنا وبدأت الحلويات توزع وسط الشارع، وعلت الزغاريد الرنّانة تبارك قدومنا، وأصبح الكل يهنينا ويبارك لنا سواءً من داخل المنطقة او خارجها، هنا احسست بتضامن الناس معنا وشوقهم الشديد لنا ولهفتهم لاخبارنا حين تم الاخراج.
{إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم، وينصركم نصراً عزيزاً}.
صدق الله العلي العظيم








شر


ارجو ان تكون قد استمتعت ولو لم تكن ممنوعة لوضعت رابط لها
__________________
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:83)



 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م