( الجزء الثاني )
ولكني سمعت بعد ذلك خبراً محزنا
فقد سمعت أن
عماد مصاب بسرطان في طوره النهائي
وقبل أن أتمكن من البحث عنه ، حضر هو لرؤيتي,
وعندما خطا إلى داخل مكتبي ، كان جسده قد نحل بشكل بشع ،
وشعره الطويل كان قد سقط جميعه
نتيجة للعلاج الكيماوي. . ولكن عيناه كانتا تلمعان
وصوته كان حازما وهو يقول لي، لأول مرة
"أنا أؤمن ". فقلت بدون أي تفكير :
" عماد ، لقد فكرت فيك كثيرا ..
وسمعت أنك مريض" فأجاب :
" نعم ، مريض جدا .. فأنا مصاب بسرطان في
كلا الرئتين .. والأمر لن يطول أكثر من بضعة أسابيع
فقلت : " هل يمكننا التحدث عنه ، يا عماد ؟
فرد قائلا " بالتأكيد ، ما الذي تريد أن تعرفه ؟
فقلت له : كيف يكون ذلك ،شاب في العشرين
وهو يحتضر ؟
فرد قائلاً : " حسنا ، هناك ما هو أسوء"
فقلت " مثل ماذا ؟ "
مثل أن يكون المرأ في الخمسين ، وبدون قيم أو مُثل ،مثل أن يكون المرأ في الخمسين
ويفكر أن يجمع المال لغرض جمعه ،
ويفكر في إغراء النساء ، والكذب على الله
وتضييع فروضه هي الأشياء الأعظم في الحياة.
وبدأت لحظتها في النظر في الملف الذي في عقلي
بعنوان غ ، حيث كنت قد أدرجت عماد كغريب ..
ويبدو أنه كلما حاولت أن أرفض شخصا
بتصنيفه كغريب ، يرسله الله ثانية
لحياتي ليعلمني.
ثم أضاف عماد قائلا
" ولكن الذي جئت حقيقة لأراك من أجله ،
هو قول قد قلته لي في آخر يوم فى الدراسة .
( إذا قد تذكر )فقلت في نفسي :
واستمر عماد يقول
" لقد سألتك إذا ما كنت سأجد الله
وأنت قلت لي ( لا ) وهذا قد أدهشني .. ثم عدت
لتقول أنه هو الذي يجدك ، ولقد تفكرت في ذلك طويلا ،
ومع ذلك كان بحثي عن الله فاترا في هذا الوقت
فعاد عماد ليقول : ولكن عندما استأصل الأطباء
ورما من الرئة ثم أخبروني أنه ورم خبيث ،
حينذاك بدأت أبحث عن الله بجدية .
وعندما انتشر السرطان في أعضائي الحيوية ،
بدأت فعلا في قرع
الأبواب النورانية للسماء بقبضة دامية .
ولكن في الحقيقة لم يحدث أي شيئ..
ثم أستعبر عماد قائلاً :
هل جربت أن تحاول في شيء لمدة طويلة ،
وتبذل فيه جهدا كبيرا ثم لا توفق ؟
ستحس نفسيا أنك غرقت ،
وستخمد المحاولات ..ثم ستتوقف تماما .. حسنا ،
وفى أحد الأيام ، وبدلا من تقديم بضعة التماسات
رأيتها فاشلة، توقفت تماما .
وقررت أنني لا أبالي حقيقة .. بالله ،
أو بالحياة الأبدية ، أو بأي
شيء آخر من هذا القبيل
ثم قررت أن استثمر ما بقى لي من وقت
في فعل شيء له فائدة أكثر ..
وفكرت فيك وفي دروسك وتذكرت شيء آخر
كنت أنت قد قلته :
وهو أن الشيء المؤسف حقيقة ،هو أن تعيش
حياتك دون حب فالحب هو من أسمى الهدايا ) .
ولعله مساو له في إثارة الأسف أن تحيا حياتك ثم تترك العالم
دون أن تكون قد أخبرت من أحببتهم أنك تحبهم
وهكذا بدأت بأصعب شخص : أبي ...
--O×{ يتبـــع }×O--
تحياتي