في الخامس عشر من كانون ثاني عام 2004 مرت الذكرى ال86 لميلاد القائد العربي الخالد جمال عبد الناصر ، وفي ذلك اليوم كتبت له رسالة اقول فيها :
في هذا اليوم اتساءل هل حقا انك ولدت وترعرعت على ارض مصر ، وانك ثرت من اجلنا وسرت بنا ومعنا نحن معشر العروبة ؟ وهل كان ظهورك بيننا حقيقة واننا هتفنا باسمك وصفقنا لك ؟ هل فعلا انت الذي حملت هم فلسطين والعرب اضافة الى هم مصر ، وانك اصبحت اول مصري يرأس اكبر دولة عربية ؟ هل كنت وحلما وهما اسطورة خلقناها لننام على امجادنا وتركناك تحارب بدلنا ونحن نتفاخر في تاريخنا واتكأنا عقدين من الزمن على اسمك ، وواصلنا الاتكاء على الذكرى والتاريخ كما فعلنا في عصور سابقة ومازلنا ؟
نتغنى بتاريخنا المجيد ونحن نرقص على ايقاع دبابات قوات الغزو الامريكية . نقرأ سير ابطالنا العظماء وعلمائنا الكبار وشعرائنا النوابغ ونحن نردد كلمات بوش وبلير عن الحرية والديموقراطية والتغيير . نأسف لسقوط الشهداء في فلسطين والعراق والجزائر ولبنان ونسعى لمصافحة الصديق الجديد شارون .
هل كذب شاعرنا المفجوع عندما قال : " لماذا قبلت المجيء الينا؟ فمثلك كان كثيرا علينا " حتى استحق نصب المشانق !
عندما استعيد التاريخ الحديث للعرب اقف حارا هل حقا مرت في تاريخ امتنا القريب حقبة عرفت باسم " الحقبة الناصرية " ؟ هل الثورات التي قامت في مصر والعراق والجزائر واليمن وليبيا والسودان لطرد الاستعمار وبناء دولة عربية قومية مستقلة حرة حصلت فعلا ؟ هل كان الشعب العربي مرة ثائرا هادرا مقاوما من المحيط الى الخليج يهتف بهتاف واحد " بلاد العرب اوطاني " ؟ هل حدث ما قرأناه وسمعناه عن قطع العرب لخطوط البترول المصدرة للغرب احتجاجا على غزو القوات الغربية لمصر وتضامنا معها ، وامتدت المقاومة الشعبية لكل حي وبيت عربي ؟ هل حصلت الدول العربية على حريتها واستقلاليتها لفترة ما ، ام ان ذلك كان كذبة كبيرة لا يقوى الخيال على استيعابها ؟ وهل كنا دائما كما يصورنا الشاعر ويقول " رفيق صلاح الدين .. هل لك عودة فان جيوش الروم تنهى وتأمر ".
معلمنا الكبير ،
لا ادري ان كنت تعلم الى اي درجة من الذل والعار والانهيار وصل اليها العرب اليوم ، لكن ذلك لا يخفف من هول المصيبة . جاء بعدك من يعدنا بانه يسير على طريقك لكنه كان يمحو اي اثر لها . وجاء من كان يعتبر نفسه خليفة لك ويبيعنا الشعارات والنظريات الى درجة الملل فانقلب بين ليلة وضحاها الى النقيض . فقد قذف قذيفته واذ هو الى الجانب الاخر للحمار . وجاء من يرى نفسه حامي حمى العروبة والوصي على القومية العربية فشوه كل معانيها وجعل الناس يكفرون بالعروبة وبان على حقيقته بالونا فارغا .
اما انت ،انت كنت حقيقة مطلقة..حقيقة صادقة الحقيقة الوحيدة في حياتنا .
كنت حلما جميلا سرعان ما صحونا منه على حقيقة مؤلمة كل الذين جاءوا بعدك اقزام اشباه رجال . انت العملاق الرجل الاب القائد . كنت ومازلت حيا في الحياة وحيا في المت . انت حي اكثر من الاحياء الذي يتنفسون
" ثاني انجليز الامريكون "!!! ويتحركون كدمى مربوطة بخيطان سرية .
حاولوا مرارا اغتيالك في حياة وفشلوا . حاولوا قتلك مرارا في مماتك وخابوا . "تضيق قبور الميتين بمن بها .. وفي كل يوم انت في الكبر تكبر " .....
ونحن بانتظارك .............
* الابيات لنزار قباني
منقووووووووول