تابع غزوة أحــــد
وأدرك المشركون النبي صلى الله عليه وسلم فحال دونه نفر من المسلمين نحو من عشرة فقتلوا ثم جالدهم طلحة حتى أجهضهم عنه صلى الله عليه وسلم وترس ابودجانة سماك بن خرشة عليه صلى الله عليه وسلم بظهره والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك رضي الله عنه
ورمى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يومئذ رميا منكئا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارم فداك أبي وأمي
وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان الظفري فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها عليه الصلاة والسلام بيده الكريمة فكانت اصح عينيه وأحسنهما
وصرخ الشيطان لعنه الله بأعلى صوته إن محمدا قد قتل ووقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين وتولى أكثرهم وكان أمر الله ومر أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم ما تنتظرون فقالوا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال ما تصنعون في الحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم استقبل الناس ولقي سعد بن معاذ فقال يا سعد والله إني لاجد ريح الجنة من قبل أحد فقاتل حتى قتل رضي الله عنه ووجدت به سبعون ضربة
وجرح يومئذ عبدالرحمن بن عوف نحوا من عشرين جراحة بعضها في رجله فعرج منها حتى مات رضي الله عنه
وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين فكان اول من عرفه تحت المغفر كعب بن مالك رضي الله عنه فصاح بأعلى صوته يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه صلى الله عليه وسلم أن أسكت واجتمع إليه المسلمون ونهضوا معه الى الشعب الذي نزل فيه فيهم أبو بكر وعمر وعلي والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم فلما اسندوا في الجبل أدركه أبي بن خلف على جواد يقال له العود ثم زعم الخبيث أنه يقتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما اقترب تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة فطعنه بها فجاءت في ترقوته ويكر عدو الله منهزما فقال له المشركون والله ما بك من بأس فقال والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون إنه قال إنه قاتلي ولم يزل به ذلك حتى مات بسرف مرجعه الى مكة لعنه الله
وجاء علي رضي الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء يغسل عنه الدم فوجده آجنا فرده وأراد صلى الله عليه وسلم أن يعلو صخرة هناك فلم يستطيع لما به صلى الله عليه وسلم ولأنه ظاهر يومئذ بين درعين فجلس طلحة تحت حتى صعد وحانت الصلاة فصلى جالسا
ثم مال المشركون الى رحالهم ثم استقبلوا طريق مكة منصرفين اليها وكان هذا كله يوم السبت واستشهد يومئذ من المسلمين نحو السبعين منهم حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله وحشي مولى بني نوفل وأعتق لذلك وقد أسلم بعد ذلك وكان أحد قتلة مسيلمة الكذاب لعنه الله وعبدالله بن جحش حليف بني أمية ومصعب بن عمير وعثمان بن عثمان وهو شماس بن عثمان المخزومي سمي بشماس لحسن وجهه فهؤلاء أربعة من المهاجرين والباقون من الأنصار رضي الله عنهم جميعهم فدفنهم في دمائهم وكلومهم ولم يصل عليهم يومئذ عبدالله بن جبير قالوا يا قوم الغنيمة فذكرهم عبدالله بن جبير تقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه في ذلك فظنوا أن ليس للمشركين رجعة وأنهم لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك فذهبوا في طلب الغنيمة وكر الفرسان من المشركين فوجدوا تلك الفرجة قد خلت من الرماة فجازوها وتمكنوا وأقبل آخرهم فكان ما أراد الله تعالى كونه فاستشهد من أكرمهم الله بالشهادة من المؤمنين فقتل جماعة من أفاضل الصحابة وتولى أكثرهم
وخلص المشركون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرح في وجهه الكريم وكسرت رباعيته اليمنى السفلى بحجر وهمشت البيضة على رأسه المقدس ورشقه المشركون بالحجارة حتى وقع لشقه وسقط في حفرة من الحفر التي كان أبو عامر الفاسق حفرها يكيد بها المسلمين فأخذ علي بيده واحتضنه طلحة بن عبيد الله
وكان الذي تولى أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو وفر يومئذ من المسلمين جماعة من الأعيان منهم عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد نص الله سبحانه على العفو عنهم فقال عز وجل ( إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ) .
وقتل يومئذ من المشركين اثنان وعشرون وقد ذكر سبحانه هذه الوقعة في سورة آل عمران حيث يقول ( وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ) الآيات
.. يتبع ..