شبهات
وقف الطالب سائلا شيخه
- أيها الشيخ الفاضل . ... زعم أحد الزملاء أنك فى المحاضرة السابقة قد قلت أن هذه الأعمال تستعدي علينا الكفار وتوفر لهم الأعذار للتدخل في شؤوننا الداخلية وللتضييق على العمل الدعوي والدعاة
- قال الشيخ :
نعم يا ولدى ...
- قال الطالب :
بعد إذن فضيلتكم هل لى أن أناقشك فيما أشكل على وتعذرنى على الأطالة
- نعم يا ولدى
- قال الطالب :
إن هؤلاء الكفار كانوا يتدخلون في شؤوننا وما زالوا منذ أكثر من أربعة قرون، يعني: قبل تفجيرات نيويورك وواشنطن، وقبل تفجيرات الرياض والخُبر، وقبل احتلال فلسطين والجزيرة وأفغانستان، بل منذ أن أوجد الرسول صلى الله عليه وسلم نواة المدينة الإسلامية الأولى في مدينته صلى الله عليه وسلم !! فما الذي تغيّر !!
نحن كنا نظن بأن هؤلاء الكفار لا يزالون يقاتلوننا حتى يردونا عن ديننا إن استطاعوا، قاتلناهم أم لم نقاتلهم !! نحن كنا نظن بأن هؤلاء الكفار لم ولن يرضوا عنّا حتى نتبع ملّتهم، فجّرناهم أم لم نفجّرهم !! نحن كنا نظن بأنهم ينفقون أموالهم ليصدونا عن سبيل الله، ترصدنا لهم أم لم نترصّد لهم !! نحن كنا نظن أنهم يريدون لنا الشرّ وما زالوا يحاربون ديننا، جاهدناهم أم لم نجاهدهم !!
لم يقل الصحابة: يا رسول الله: لا تُغير على قوافل قريش فتستعدي قريشاً !! يا رسول الله: لا تقاتل الكفار في الجزيرة فيجتمعوا على حربك !! يا رسول الله: لا تحشد الجيوش لقتال قيصر، وإنْ حشد الجيوش لإستئصال الإسلام، فإنه لا قبل لنا بهرقل وجنوده، وعليك بالحوار والنقاش البنّاء، عليك بحوار الشجعان، وجهاد البيان لا السنان !! يا رسول الله لا تُنفذ بعث أسامة، يا خليفة رسول الله لا تنفذ بعث أسامة، لا تستعدي علينا الروم !! لا قِبَل لنا بالروم.. أين نحن وأين الروم !! يا خليفة رسول الله: وماذا لو ارتدّت العرب !! ابقى في المدينة ولا تخرج لهم وادعهم إلى الإسلام بالرفق واللين فنحن ضعفاء، وماذا لو تركوا دفع الزكاة، ما زالوا يُصلُّون !! يا خليفة رسول الله: لا تقاتل القوى العالمية الكبرى، فلا قِبَل للمسلمين بهم، وعليك بدعوتهم بالندوات والمحاضرات والبيانات والنقاشات والحوارات عبر الوسائل الإعلامية المُتاحة....
ثم صمت الطالب ..فقل له الشيخ بأدب العلماء و سمتهم الهادئ..
- هل فرغت يا ولدى
- فأجاب الطالب بحياء.... نعم
- أسمع يا بنى :
متى بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يغير على قوافل قريش، ويبعث السرايا والجيوش، ويغزو قبائل العرب، ويخرج لغزو الروم؟! إنه لم يفعل ذلك إلا بعد أن قويت شوكة المسلمين وكثر عددهم، وصارت لهم دولة تؤويهم وتحميهم....... ألم يمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة في مكة ممنوعاً من قتال كفار قريش، مأموراً بالصبر والصفح وكف اليد، حتى إذا هاجر إلى المدينة وصارت له قوة ومنعة وشوكة أُمر بالجهاد والنفير لقتال الأعداء ,,,,
ثم ما تبلغ هذه التفجيرات في بلاد المسلمين - والتي يقتل فيها عشرات من الكفار المدنيين - من النكاية بالأعداء والإثخان فيهم؟!
لا نشك أن هذه الأعمال تمنح الأعداء الذريعة بالمجان للتدخل في شؤون البلاد الداخلية وتحقيق بعض مآربهم
إن هذه الأعمال ظاهرة المفسدة عديمة المصلحة، حتى ظن بعض الأخيار لخلوها عن أي مصلحة شرعية أنها من تدبير الاستخبارات الصهيونية والأمريكية، وليست من عمل المجاهدين.
ما منا من أحد ألا وهو يفرح بالنكاية في الأعداء والإثخان فيهم وقتلهم، ولكن حيث يكون العمل مشروعاً ظاهر المصلحة، ينفع المسلمين ولا يضرهم.
ليت هؤلاء فعلوا فعلتهم هذه في الثكنات العسكرية الصليبية في العراق، لكان فعلاً مشروعاً لا يجد أحدٌ مدخلاً لإنكاره وتخطئة فاعله. فهو جهاد في سبيل الله وقتال للمحتل الغاشم ودفاع عن بلاد المسلمين.
لقد ذكر العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام (95):”أن أي قتال للكفار لا يتحقق به نكاية بالعدو فإنه يجب تركه؛ لأن المخاطرة بالنفوس إنما جازت لما فيها من مصلحة إعزاز الدين، والنكاية بالمشركين، فإذا لم يحصل ذلك وجب ترك القتال لما فيه من فوات النفوس وشفاء صدور الكفار وإرغام أهل الإسلام، وبذا صار مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة“.
- فقال الطالب جزاك الله عنا خيرا ونفع الله بعلمك,,,,
وانصرف الطالب مطمئن النفس ..هادئ الخاطر .. ولما جن عليه الليل قابل زميله الذى يحبه برغم رأيه فيه أنه يغالى و يشدد على نفسه وغيره .. فقص عليه ما دار بينه وبين الشيخ ...فقال له زميله
- وهل ما قاله الشيخ كنت تجهله أم كنت تعرفه
- فأجابه بل كنت اعرفه
- قال فما الجديد
- قال الجديد أنه إن خرج من الشيخ فتأصل عندى
- فأجابه الزميل :
ما رأيك لو بينت لك أن ما جاء به غير صحيح
- دائما أنت تعترض على شيوخنا .. لا أنكر أن لديك من العلم الكثير الذى نغبطك عليه ولكنك حديث السن
- رجل فى السابعة و الثلاثين بدأ طريق العلم منذ نعومة أظافره ومازال يدرس حتى يتوفاه الله و تقول حديث السن .. أخى الرجال نعرفه بالحق و لا نعرف الحق بالجال .. نحن ليس بالقساوسة و لا بالكهان إننا أهل العلم لا نقول إلا بالقرآن و السنة
- أخى الحبيب هات ما عندك
- فصمت قليلا ثم أعتدل فى جلسته وبدا عليه الجد و احتدت ملامحه مع هدوء نفسى معهود عليه ثم قال
إنَّ سُّؤالك يا أخى أتمُّ من جواب شيخك علما و برهانا علمًا وبرهانًا، بل إنَّه أصلح لأن يكون هو الجواب....
هذه المسألة هي مسألة العهد المدني والمكي المعروفةُ، وقد أُجمع على نسخ آيات كفِّ الأيدي، كما قال ابن جريرٌ عند قوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) ”وهذه الآية منسوخة بأمر الله بقتال المشركين، وإنما قلنا هي منسوخة لإجماع أهل التأويل على أن ذلك كذلك“، والكلام في المسألة طويل الذيل جدًّا، ولكنَّ الشيخ لا يعتقد ما قاله، ولا يرى صحّته، فقد كفانا مؤنة الجواب بقوله: ”ليت هؤلاء فعلوا فعلتهم هذه في الثكنات العسكرية الصليبية في العراق، لكان فعلاً مشروعاً لا يجد أحدٌ مدخلاً لإنكاره وتخطئة فاعله. فهو جهاد في سبيل الله وقتال للمحتل الغاشم ودفاع عن بلاد المسلمين“.
فإن كان يرى أنَّ الواجب على المسلمين أن يفعلوا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين كان ”ممنوعاً من قتال كفار قريش، مأموراً بالصبر والصفح وكف اليد، حتى إذا هاجر إلى المدينة وصارت له قوة ومنعة وشوكة أُمر بالجهاد والنفير لقتال الأعداء“; فعليه أن يأمر المسلمين في العراق بكفِّ اليد، ولا يكون فعلهم ”فعلاً مشروعاً لا يجد أحدٌ مدخلاً لإنكاره وتخطئة فاعله. فهو جهاد في سبيل الله وقتال للمحتل الغاشم ودفاع عن بلاد المسلمين“، وإن كان وجوب كفِّ اليد منسوخًا، فكيف أجاز لنفسه الاستدلال بالحكم المنسوخ في الموضع الذي فيه النسخ؟ وهل هذا من الأمانة في شيء؟
وأمَّا قوله ما تبلغ هذه التفجيرات؟، فهي تبلغ أضعاف ما تبلغه التفجيرات في جيوش المشركينَ، وذلك لأسبابٍ عدةٍ.
أولها: أنَّ قتلى الجيش يسهل عليهم التكتّم عليهم بالكلّيَّة، وإن خرج الخبر استطاعوا تحجيمه، بخلاف هذه العمليَّات لكونها مرئيَّةً ظاهرةً تتناقلها وسائل الإعلام، فمن من الناس لم ير المباني خاويةً على عروشها، مستخرجةً حشوتها، كأنَّها أطلالٌ مضى عليها العهد بعد العهد، لا كساها الحيا ولا سقاها العهد.
وثانيها: أنَّ القتل متى كان في ناس مستعدِّين للقتل متهيئين له متوقعٍ فيهم، كان أخفَّ ضررًا وأقلَّ هلعًا من أن يقع في الآمنين المباحة دماؤهم، فهو أعظم في إرهابهم، وأدنى إلى ردعهم وزجرهم.
وثالثها: أن لو لم تكن هذه العمليَّات المباركة، لما خاف من شعبهم إلاَّ الجيوش، أمَّا وتبييتهم يقع في كل وقت، وعلى كل أرضٍ، فإرهاب عدوِّ الله يقع على أتمِّ وأعمِّ ما يُرجى منه، فلا يأمنه أحدٌ منهم في وقتٍ من الأوقات ولا مكانٍ من الأمكنةِ، وأيُّ نكايةٍ أعظم من هذه؟
ورابعها: أنَّ في القواعد العسكرية من التحصينات والحواجز داخلها ما يحجّم آثار العمليَّات، بخلاف المجمّعات السَّكنيَّة التي تجمع الصليبيِّين ليُضربوا ضربة رجل واحدٍ.
وحسبُك من الدّلالة على عظيم نكاية هذه العمليَّات أنَّ الصّليبيِّين الأمريكان وحلفاءهم، أمروا رعاياهم بالخروج من الجزيرة إلاَّ من لبقائه ضرورةٌ، وكثيرٌ ممن لبقائه ضرورةٌ سيحرص على الخروجِ ما أمكنه ذلك، وأنَّ خوفهم من هذه العمليَّة وأمثالها على جميع مستوياتهم أبلغ من جميع ما أرعبهم وأرهبهم من العمليَّات على قواعدهم العسكريَّة في العراق وأفغانستان، وهذا مشاهدٌ في عمليَّات المجاهدين في الشِّيشان وغيرها كذلك؛ فالعمليَّة التي توقع مدنيِّين أعظم نكايةً وأثرًا في الناس من التي توقع عسكريِّين.
وأمَّا استدلاله بالكلام المنسوب إلى العزِّ بن عبد السَّلام...
فأنا لا أءخذ الكلام هكذا بدون توثيق فهيا نبحث أنا و أنت
- وجلس الطالب و زميله يبحثا عن كلام العز ساعات حتى مل الطالب وتواعد للقاء ثانية مع زميله مغبطا أياه على صبره فى البحث ..
وذهب الطالب و عكف زميله ساعات طوال يبحث و لما وجد لم يكتف بل بحث عن أى شئ علق على كلام العز حتى أتم كل أدواته و اتصل بالطالب يدعوه للقاء فأجابه و التقيا و أكمل الزميل حديثه قائلا
- أما استدلاله على ما أوردوه من تعويق للجهاد بكلام العز بن عبد السلام، فهذا أمر شنيع لا يقبل من طالب علم فضلاً عن قبوله ممن يدعي أنه من أهل الرسوخ في العلم، فلم يقتصر على سوء فهم كلام العز فقط وإنزاله في غير بابه، بل أشنع منه وأبشع أنه حرف كلام العز وأضاف عليه وأنقص منه ليوافق رأيه، وهذا لم نعرفه إلا عن الرافضة، الذين يضعون الأكاذيب عن علي رضي الله عنه وعن الصادق وغيرهم ليوافق معتقدهم الفاسد، وفي الحقيقة لقد دهشنا أن يصدر هذا الفعل الشنيع ممن يزعم أنه راسخ في العلم، أو يزعم أنه صاحب بعد نظر وتحقيق في مسائل العقيدة والجهاد، فعندما تستعرض نقله عن العز بن عبد السلام، وتستعرض كلام العز من نفس المصدر الذي عزا إليه نقله، تشك هل أنت أمام مقال لأحد الرافضة أو بين يديك بيان لمن يزعم الرسوخ في العلم والتحقيق فيه، فقد نتصور أن يخطئ العالم ويسهو، ولكن لا نتصور أبداً أن يكذب على السلف ليوافق ما أراد
- فرد الطالب غاضبا ..حلمك يا أخى ..حلمك لماذا تقول على شيخى هذا الكلام .. أنه من كبار العلماء ...
- فقال له زميله ....و الله لا أجامل فى الحق أنسان .. والله لو كان ما قاله من أمر الدنيا ما غضبت ولكنى أغضب لما يغضب له رسول الله صلى الله عليه وسلم ....خذ عندك سبب قولى وسبب غضبى ,,,
ولتفهم مراد الإمام العز بن عبد السلام لابد من نقل الكلام كاملاً دون تحريف ولا نقص أو زيادة هيا أقرأ بنفسك
- فأمسك الطالب الكتاب و بدأ يقرأ ...
((المثال السابع والثلاثون انهزام المسلمين من الكافرين مفسدة لكنه جائز إذا زاد الكافرون على ضعف المسلمين مع التقارب تخفيفا عنهم لما في ذلك من المشقة ودفعا لمفسدة غلبة الكافرين لفرط كثرتهم على المسلمين وكذلك التحرف للقتال والتحيز إلى فئة مقاتلة بنية أن يقاتل المتحيز معهم لأنهما وإن كانا من الفرار إلا أنهما نوع من الإقبال على القتال))
((المثال الاربعون: التولى يوم الزحف مفسدة كبيرة لكنه واجب إذا علم انه يقتل في غير نكاية في الكفار، لأن التغرير بالنفوس إنما جاز لما فيه من مصلحة إعزاز الدين بالنكاية في المشركين فإذا لم تحصل النكاية وجب الانهزام لما في الثبوت من فوات النفوس مع شفاء صدور الكفار وإرغام أهل الإسلام وقد صار الثبوت ههنا مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة)) قواعد الأحكام في مصالح الأنام1/95
يتبع==>
|