بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
الأحبة في الله ..سمعت درسا من دروس الشيخ محمد حسان حفظه الله تعالى واعجبت كثيرا بل والله أصبت بدهشة واعجزني كلام قاله ماشاء الله في تفسير شيء ردا عن سؤال لأحد الإخوة..فخطر على بالي وضع هذا الموضوع راجية منكم بعد الله تعالى ان تشاركوني وتتحفوني بإضافاتكم بإذن الله..ومضمونه هو أن نضع مختارات من الكلام لشيوخ وأئمة وعلماء حفظهم الله تعالى ورحم من مات منهم رحمة واسعة برحمته آمين يا رب..
وبسم الله أبدا انا على بركة الله تعالى :
كان هذا ردا للشيخ محمد حسان حفظه الله تعالى على احد السائلين الكرام وسؤاله هو الآتي:
* وسؤالي هو شرحت فضيلة الشيخ أن من أعظم صفات الله سبحانه وتعالى هي الرحمن
والرحيم فهل من الممكن إعادة تفسير هذه الصفات فضلاً لا أمراً ؟
* فقال حفظه الله تعالى:
الرحمن والرحيم اسمان جليلان من أسماء الحق تبارك وتعالى يثبتان صفة الرحمة لله جلّ وعلا .
وقلت : بأننا نثبت لله تبارك وتعالى ما أثبته لنفسه جلّ وعلا من الأسماء الحسنى
والصفات العلى من غير تحريف لا للفظ ولا للمعنى ومن غير تعطيل يعني لا نعطل صفة من
صفات الله تبارك وتعالى يعني لا ينبغي أبداً أن نعطل مثلاً صفة الاستواء فالله جلّ
وعلا يقول ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طـه:5]
فيأتي المعطلة كالجهمية وغيرهم ويقولون لا ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾
يعني استولى لتعطيل صفة الاستواء، وهذا خلل في الفهم ونسأل الله سبحانه وتعالى أن
يبصرنا بالحق وأن يتوفانا عليه ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾
نثبت لله صفة الاستواء بما يليق بجلاله فنقول ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ استوى كما أخبر وعلى الوجه
الذي أراد وبالمعنى الذي قال استواءً منزهاً عن الحلول والانتقال فلا العرش يحمله
ولا الكرسي يسنده بل العرش وحملته والكرسى وعظمته الكل محمول بقدرته مقهور بجلال
قبضته جلَّ وعلا قال جل جلاله ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ
جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر:67] يقول جهم بن صفوان : لو كان
الأمر بيدي لحككتها من المصحف وجعلتها الرحمن على العرش استولى، ليُلغي أو ليعطل
صفة الاستواء .
﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾[الفجر:22] يقولون : وجاء أمر ربك لإلغاء أو لتعطيل صفة التنزل
أو نزول الحق تبارك وتعالى، لا ، الله جلّ وعلا يتنزل كل ليلة إلى السماء الدنيا
حين يمضي ثلث الليل الأول تنزلاً يليق بكماله وجلاله وهكذا، فكل اسم وكل صفة أثبتها
الله لذاته وأثبتها نبيه صلى الله عليه وسلم له فنحن نؤمن بها من غير تحريف للفظها
ولا لمعناها ومن غير تعطيل أو تشبيه أو تمثيل . فمن أعظم الأصول أننا لا نشبه الحق
تبارك وتعالى في أسمائه وصفاته بالمخلوقين فالله يتكلم وأنا أتكلم لكن هل كلامي
ككلام الحق تبارك وتعالى ؟
الله يعجب وأنا أعجب لكن هل تعجبي كتعجب الحق تبارك وتعالى ؟
الله يغضب وأنا أغضب لكن هل غضبي كغضب الحق تبارك وتعالى ؟
اقطع الطمع في إدراك كيفية الذات، وأنا أضرب مثالاً لهؤلاء الذين يريدون أن يفلسفوا
حتى هذه المسائل العقدية فلسفة عقلية وأقول هل ينكر صاحب عقل رشيد أن عالماً يسمى
بعالم النمل يعيش بيننا؟
والجواب : لا، لا ينكر عاقل رشيد أن النمل يعيش معنا لأننا نرى النمل .
السؤال الثاني هل ينكر عاقل أن للنمل لغةً يتكلم بها ؟
والجواب : لا، بل للنمل لغة بدليل أنك ترى النملة إن عجزت عن حمل لقمة خبز كبيرة
ذهبت فأتت بسرب من النمل فحملوا هذه اللقمةَ معها .
السؤال الثالث : هل طمع عاقل أن يأتي بمكبر صوت عبر كاسيت ووضعه يوماً بين مجموعة
من النمل ليسجل لغة النمل ؟
والجواب : لا، لم يطمع عاقل في ذلك، قطع العقلاء الطمع في إدراك كيف يتكلم النمل
أفنقطع الطمع في إدراك كيف يتكلم النمل وهو من خلق الله ولا يقطع الطمع في إدراك
كيف يتكلم الله وهو الخالق .
فاقطع الطمع في إدراك كيفية الذات، فالله تبارك وتعالى له أسماء نثبتها وله صفات
نثبتها، بما يليق بكماله وجلاله تبارك وتعالى قال جلّ وعلا ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11] فالاسمان الجليلان يثبتان صفة
الرحمة لله تبارك وتعالى، وهي من أجلِّ صفات الله، ومن أعظم صفات الحق تبارك
وتعالى، ورحمة الله لا تحدها حدود، ذكرت بعض الأدلة، أذكر دليلاً جديداً في هذا
الباب أيضاً ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال ( إن الله تعالى جعل الرحمة مائة جزء ) الله الله الله ( إن الله تعالى
جعل الرحمة مائة جزء فأنزل إلى الأرض جزءاً واحداً وأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً )
اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ! أنزل إلى الأرض جزءاً واحداً ، يقول النبي صلى الله
عليه وسلم ( فمنه ) أي فمن ذلك الجزء قال ( فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترى
الدابة ترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبة ) انظر إلى الرحمة، يعني رحمة النبي صلى
الله عليه وسلم جزءٌ من جزءٍ من مائة جزء من رحمة الله لأن الله أنزل من رحمته إلى
الأرض جزءاً من هذا الجزء رحمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحمة الأم بولدها،
رحمة الطبيب بمريضه، رحمة الغني بالفقير، رحمة القوي بالضعيف، كل صورة من صور
الرحمة تلمسها وتراها في الكون إنما جزءٌ من جزءٍ من مائة جزء من رحمة الرحمن
الرحيم جلّ وعلا نسأل الله أن يجعلنا أهلاً لرحمته وفضله .
زاده الله علما وحكمة وحفظه ورفع قدره في الدارين برحمته آمين يا رب.
بانتظار مشاركاتكم أيها الإخوة والأخوات إن شاء الله
وفي امان الله
آخر تعديل بواسطة الوافـــــي ، 10-08-2005 الساعة 10:27 PM.
يعجز اللسان عن التعبير عن جمال عطاءك ... وسمو أخلاقك ... وسعيك الدؤوب لإقتطاف ثمار العلم ... فبارك الله فيك ... وزادك الله علما نافعا رافعافي دنياك و أخرتك .
واسمحي لي بهذه المشاركة المتواضعة :
قال ابن القيم " رحمه الله " في الصبر :
الصبر لقاح البصيرة فإذا اجتمعا فالخير في اجتماعهما .
قال الحسن : إذا شئت أن ترى بصيرا لا صبر له رأيته و إذا شئت أن ترى صابرا لا بصيرة له رأيته ، فإذا رأيت صابرا بصيرا فذاك .
وقال أيضا " رحمه الله " :
الصبر لقاح اليقين فإذا اجتمعا أورثا الإمامة في الدين .
قال تعالى : " وجعلنا منه أئمة " سورة السجدة : 24
قال ابن الجوزي :
(( ضاق بي أمر أوجب غما لازما دائما ، وأخذت أبالغ في الفكر في الخلاص من هذه الهموم بكل حيلة ، وبكل وجه ، فما رأيت طريقا للخلاص .. فعرضت لي هذه الآية : ) وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)(الطلاق: من الآية2) ، فعلمت أن التقوى سبب للمخرج من كل غم ، فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج ..)).
قلت : التقوى عند العقلاء هي سبب كل خير ، فما وقع عقاب إلا بذنب ، وما رفع إلا بتوبة ، فالكدر والحزن والنكد إنما هو جزاء على أفعال قمت بها ، من تقصير في صلاة ، أو غيبة لمسلمة ، أو تهاون في حجاب ، أو ارتكاب محرم . إن من يخالف منهج الله لابد أن يدفع ثمن تقصيره ، وأن يسدد فاتورة إهماله ، فالذي خلق السعادة هو الرحمن الرحيم فكيف تطلب السعادة من غيره ؟، ولو أن الناس يملكون السعادة لما بقي في الأرض محروم ولا محزون ولا مهموم.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،
اما بعد،،
* فجزاك الله عني اختي الطيبة نور الحياة خير جزاء في الدنيا والاخرة برحمته آمين يا رب..اللهم آمين يا رب..تقبل الله منك دعوتك برحمته آمين..إنه ولي ذلك والقادر عليه..وبارك الله فيك لحسن ظنك باختك الفقيرة إلى ربها..و الجمال كله هو جمال اخلاقكم أيتها الفاضلة..بارك الله فيك لكلماتك الطيبة ومشاركتك الرائعة..تقبل الله منا ومنكم وجعله في موازين حسناتنا اجمعين برحمته ىمين يا رب..
* أختي الغالية ورد المستقبل..سعدت بمرورك العطر من هنا..ودعوتك الطيبة أيتها الفاضلة..فاللهم آمين يا رب تقبل الله منا ومنكم برحمته وجمعنا وإياكم على منابر من نور برحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه..بانتظار مشاركتك بإذن الله..
* العفو اخي المسلم..
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت أستغفرك واتوب إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،
نكمل على بركة الله:
هذا أيضا كلام الشيخ محمد حسان حفظه الله في نفس الدرس السابق..أثر في فأحببت أن أشارككم به بإذن الله:
فالعلم: هو الأنيس في الوحدة، وهو الأنيس في الغربة، وهو المحدث في الخلوة، به يعرف
الله ويوحد، ويعبد ويحمد ويمجد، لا يمنحه الله -تبارك وتعالى- إلا للسعداء، ولا
يحرم منه إلا الأشقياء، ولقد استمعنا بل واغرورقت عيني بالدموع؛ لهذه الكلمات
الرقراقة الجميلة لشيخنا سماحة الوالد عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- في
بداية الحلقة، وهو يذكرنا بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين من
حديث معاوية ابن أبي سفيان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( من
يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) فقال الشيخ: فمن لم يتفقه في الدين ما أراد
الله به خيراً، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فمن أراد الله به الخير علمه، وفقهه في دين الله -تبارك وتعالى-.
الناس من جهة الأصل أكفاء أبوهم آدم والأم حواء
نفس كنفس وأرواح مشابهة وأعظم خلقت فيهم وأعضاء
فإن يكن لهم من أصلهم حسب يفاخرون به فالطين والماء
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حياً به أبداً فالناس موتى وأهل العلم أحياء
نعم، لا حياة إلا بالعلم، فالعلم حياة القلوب من مرض الشبهات، وحياة الأبدان من مرض
الشهوات، والعلم نور العقول، وزاد للمسلم الذي يريد الوصول إلى الله -تبارك وتعالى-
.
وما دام الناس على علم فهم في هدى، وعلى خير، فإذا قبض العلم بقبض العلماء، وقع
الناس في الضنك، والضلال، والشقاق، رفع الله قدر العلم وأهله، رفع الله قدر العلم،
وأعلى الله -عز وجل- شأن أهل العلم كذلك فقال -سبحانه وتعالى:- ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾[المجادلة:
11] .
استمعنا في أول اللقاء لقول الله –تعالى:- ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾[ الزمر: 9]
بل من أرق الآيات التي يشهد الله -تبارك وتعالى- بها لأهل العلم أن أول من شهد لله
بالوحدانية هو الله، لاحظوا هذه اللطيفة الرقيقة، ثم ثنى بملائكته، ثم ثلث بأهل
العلم، فقال -جلّ جلاله:- ﴿
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ إذاً أول من شهد لله
بالوحدانية هو الله ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ ﴾ أي وكذا الملائكة شهدت لله بالوحدانية -جلّ وعلا- ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴾ أي وكذلك شهد أولو العلم
بالوحدانية لله -تبارك وتعالى- ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ
وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران:18] .
وتدبروا معي هذا الحديث الجميل الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو
-رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( إن الله –تعالى- لا يقبض
العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم
يترك عالم) وفى لفظ ( حتى إذا لم يبق عالمٌ اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ) وفى لفظ
( روءساء جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم؛ فضلوا، وأضلوا ) مصيبة كبرى أن يتجرأ على
الفتوى الآن كثير من الجهلاء، ممن لا يحسنون أن يفرقوا بين الدليل، ومراتب الدليل،
ومناطات الدليل، ممن لا يحسنون أن يفرقوا بين المجمل، والمبين، والعام، والخاص،
والناسخ، والمنسوخ ( إن الله –تعالى- لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس
) أبداً ( ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمٌ اتخذ الناس رؤوساً
جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم؛ فضلوا، وأضلوا ).
لذا كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- شديد الحفاوة بالعلم، وشديد الحفاوة بطلاب
العلم، ففي مسند الإمام أحمد، ومعجم الطبراني بسند جيد من حديث صفوان بن عسال
المرادي -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد متكئ
على برد له أحمر فقلت- والقائل صفوان- قلت: يا رسول الله، إني جئت أطلب العلم قال
مرحب) قال: (مرحباً بطالب العلم، إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب
بعضهم بعضاً، حتى يبلغوا السماء الدنيا؛ من محبتهم لما يطلب ) انظر كم فرط الناس في
هذا الفضل، وانشغل كثير من الناس عن هذا الخير، فقد يعد أحدنا لمشروع تجاري، أو
اقتصادي أكثر من دراسة جدوى، هذا أمر جميل، أنا لا أقلل من شأنه أبداً، فالأمة يجب
عليها أن تبدع في كل مجالات الحياة، وأن تأخذ بالأسباب فهي أمة السببية، هي أمة
الأخذ بالأسباب، وعلمها نبينا -صلى الله عليه وسلم- التوكل في كل شيء، والتوكل هو
صدق اعتماد القلب على الله مع الأخذ بالأسباب .
أنا لا أقلل من شأن هذا، لكن الذي يدمي القلب أن يعد أحدنا لمشروع تجاري أكثر من
دراسة جدوى، في الوقت الذي لا يفكر أن يمنح لنفسه ساعة؛ ليتعلم فيها عن الله -جلّ
وعلا- وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [الروم:7]
وقال -جلّ جلاله:- ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ
مِنْهَا عَمُونَ﴾ [النمل:66] فهو يعلم ظاهراً من الحياة، لكن لا يعلم شيئاً عن
الله، ولا يعلم شيئاً عن أسماء جلاله، ولا عن صفات كماله، ولا يعلم شيئاً عن نبيه
-صلى الله عليه وسلم- ولا يعلم شيئاً عن دين الإسلام، لا عن الإسلام، ولا عن
الإيمان، ولا عن الإحسان، ولا عن أركان الإيمان، لا يعلم شيئاً عن هذا، وربما تراه
قد حصل شهادة الدكتوراه في هذا الجانب أو ذاك من جوانب العلم المادي، لا نقلل من
شأن هذا، لكن يجب على كل مكلف أن يتعلم عن الله، وأن يتعلم عن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- فروض الأعيان التي لا يصح أبداً لمكلف أن يجهلها .
الجهل قبل الموت موت لأهله وأجسامهم قبل القبور قبور
أي أجسام الجهلاء قبور للجهلاء قبل أن ينزلوا إلى القبور .
الجهل قبل الموت موت لأهله وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم قبل النشور نشور
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرحب بطلاب العلم، (مرحباً بطالب العلم، إن طالب
العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضها بعضا، حتى يبلغوا السماء الدنيا؛ من
محبتهم لما يطلب) ومن جميل ما قرأت في هذا الباب ما رواه الترمذي، وابن ماجة،
والنسائي وغيرهم بسند حسن بشواهده، من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- قال: ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً؛ سهل الله له طريقاً
إلى الجنة ) وهذا له أصل في صحيح مسلم، هذه الفقرة ( من سلك طريقاً يلتمس فيه
علماً؛ سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم؛ رضاً
بما يصنع ) انتبه (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم؛ رضاً بما يصنع، وإن
العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم
على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء
لم يورثوا ديناراً ولا درهما، إنما ورثوا العلم فمن أخذه، أخذ بحظ وافر ) .
وفى سنن الترمذي بسند حسن من حديث أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- ذكر له رجلان أحدهما عابد، والآخر عالم، فقال -صلى الله عليه
وسلم:- (فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم) انظر إلى فضل العلم؛ لتكون صاحب
همة عالية في الطلب .
فمن يتهيب صعود الجبال يعيش أبدا الدهر بين الحفر
ولم أرَ في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام
ما أكثر الأوقات التي نضيعها، ذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- رجلان أحدهما عابد
والآخر عالم فقال -صلى الله عليه وسلم:- ( فضل العالم على العابد كفضلي ) أي كفضل
النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ( على أدناكم ) ويا له من فضل لا يعرف هذا الفضل
إلا الله، (كفضلي على أدناكم) وفى صحيح مسلم من حديث أبي واقد الليثي -رضي الله
عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بينما هو يجلس يوماً بين أصحابه، في حلقة علم
أقبل ثلاثة نفر، أما أحدهم فرأى فرجة فجلس فيها، وأما الآخر فاستحيا -يعني استحيا
أن يتخطى الرقاب والصفوف- ونسأل الله أن يرزقنا الحياء، فما أقل من يمتثل هذا الأدب
في مجالس العلم وفى خطب الجمعة- استحيا فجلس خلف الصف، وأما الثالث أعرض عن المجلس،
فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثه قال -صلى الله عليه وسلم:- (ألا أخبركم
عن النفر الثلاثة: أما أحدهم آوى إلى الله ) هذا من؟ الذي سد الفرجة ( أما أحدهم:
آوى إلى الله؛ فآواه الله، وأما الثاني ) أي الذي استحيا أن يخطى الرقاب ( وأما
الثاني: استحيا؛ فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض، فأعرض الله عنه ) والحديث
أيها الأحبة، في فضل العلم جليل، طويل، عظيم، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يذكرنا
في كثير من الأحاديث بفضل العلم، وبمكانة العلم، وواجب على كل مسلم -كما ذكرنا
شيخنا -رحمه الله تعالى- أن يتعلم عن الله وعن رسول -صلى الله عليه وسلم- ليعبد
الله -عز وجل- عبادة صحيحة على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
نسال الله العظيم رب العرش العظيم ان يخلص لنا النية له وحده تعالى برحمته ويدخلنا في رحمته ويجعلنا ممن يحملون العلم ابتغاء وجهه وحده آمين ىمين آمين يا رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين..
1ـ اخواني : الذنوب تغطي على القلوب ، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى ، و من علم ضرر الذنب استشعر الندم .
2- يا صاحب الخطايا اين الدموع الجارية ، يا اسير المعاصي إبك على الذنوب الماضية ، أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت ، واحسرة لك إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت ، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت ، ألست الذي بارزت بالكبائر و ما راقبت ؟
3- أسفاً لعبد كلما كثرت اوزاره قلّ استغفاره ، و كلما قرب من القبور قوي عنده الفتور .
4- اذكر اسم من إذا اطعته افادك ، و إذا اتيته شاكراً زادك ، و إذا خدمته أصلح قلبك و فؤادك
5- أيها الغافل ما عندك خبر منك ! فما تعرف من نفسك إلا ان تجوع فتاكل ، و تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم ، فبم تميزت عن البهائم !
6- واعجباً لك ! لو رايت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش من حكمة الكاتب ، و انت ترى رقوم القدرة و لا تعرف الصانع ، فإن لم تعرفه بتلك الصنعة فتعجّب ، كيف اعمى بصيرتك مع رؤية بصرك !
7- يا من قد وهى شبابه ، و امتلأ بالزلل كتابه ، أما بلغك ان الجلود إذا استشهدت نطقت ! اما علمت ان النار للعصاة خلقت ! إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها ، فتذكر أن التوبة تحجب عنها ، و الدمعة تطفيها .
8- سلوا القبور عن سكانها ، و استخبروا اللحود عن قطانها ، تخبركم بخشونة المضاجع ، و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ، و المسافر يود لو انه راجع ، فليتعظ الغافل و ليراجع .
9- يا مُطالباً باعماله ، يا مسؤلاً عن افعاله ، يا مكتوباً عليه جميع أقواله ، يا مناقشاً على كل أحواله ، نسيانك لهذا أمر عجيب !
10- إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ، و للفهوم كل لحظة زجر جديد ، و للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ، غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد
11- كان بشر الحافي طويل السهر يقول : أخاف أن يأتي أمر الله و أنا نائم
12- من تصور زوال المحن و بقاء الثناء هان الابتلاء عليه ، و من تفكر في زوال اللذات وبقاء العار هان تركها عنده ، و ما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب .
13- عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ، و لبائع البحر الخضم بساقية ، و لمختار دار الكدر على الصافية ، و لمقدم حب الأمراض على العافية .
14- قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من اين اقبلت ؟ قال : من طلب الدنيا ، فقال : هل ادركتها ؟ قال لا ، فقال : واعجباً ! انت تطلب شيئاً لم تدركه ، فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه .
15- يُجمع الناس كلهم في صعيد ، و ينقسمون إلى شقي و سعيد ، فقوم قد حلّ بهم الوعيد ، و قوم قيامتهم نزهة و عيد ، و كل عامل يغترف من مشربه .
16- كم نظرة تحلو في العاجلة ، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ، يا ابن أدم قلبك قلب ضعيف ، و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ، فكم نظرة محتقرة زلت بها الأقدام
17- ياطفل الهوى ! متى يؤنس منك رشد ، عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك مهمل في الآثام ، و جسدك يتعب في كسب الحطام .
18- أين ندمك على ذنوبك ؟ أين حسرتك على عيوبك ؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ، و تضيع يومك تضييعك أمسك ، لا مع الصادقين لك قدم ، و لا مع التائبين لك ندم ، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ، و أجريت في السحر دموعاً سائلة .
19- تحب اولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً ، و ارع أصلاً أثمر فرعاً ، و اذكر لطفهما بك و طيب المرعى أولاً و اخيرا ، فتصدق عنهما إن كانا ميتين ، و استغفر لهما و اقض عنهما الدين
20- من لك إذا الم الألم ، و سكن الصوت و تمكن الندم ، ووقع الفوت ، و أقبل لأخذ الروح ملك الموت ، و نزلت منزلاً ليس بمسكون ، فيا أسفاً لك كيف تكون ، و اهوال القبر لا تطاق .
21- كأن القلوب ليست منا ، و كان الحديث يُعنى به غيرنا ، كم من وعيد يخرق الآذانا .. كأنما يُعنى به سوانا .. أصمّنا الإهمال بل اعمانا .
22- يا ابن آدم فرح الخطيئة اليوم قليل ، و حزنها في غد طويل ، ما دام المؤمن في نور التقوى ، فهو يبصر طريق الهدى ، فإذا أطبق ظلام الهوى عدم النور
23- انتبه الحسن ليلة فبكى ، فضج اهل الدار بالبكاء فسالوه عن حاله فقال : ذكرت ذنباً فبكيت ! يا مريض الذنوب ما لك دواء كالبكاء
24- يا من عمله بالنفاق مغشوش ، تتزين للناس كما يُزين المنقوش ، إنما يُنظر إلى الباطن لا إلى النقوش ، فإذا هممت بالمعاصي فاذكر يوم النعوش ، و كيف تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش .
25- ألك عمل إذا وضع في الميزان زان ؟ عملك قشر لا لب ، و اللب يُثقل الكفة لا القشر
26- رحم الله أعظما ً نصبت في الطاعة و انتصبت ، جن عليها الليل فلما تمكن و ثبت ، و كلما تذكرت جهنم رهبت و هربت ، و كلما تذكرت ذنوبها ناحت عليها و ندبت .
27- يا هذا لا نوم أثقل من الغفلة ، و لا رق أملك من الشهوة ، و لا مصيبة كموت القلب ، و لا نذير أبلغ من الشيب .
28- إلى كم اعمالك كلها قباح ، اين الجد إلى كم مزاح ، كثر الفساد فأين الصلاح ، ستفارق الأرواح الأجساد إما في غدو و إما في رواح ، و سيخلو البلى بالوجوه الصباح ، أفي هذا شك ام الأمر مزاح .
29- فليلجأ العاصي إلى حرم الإنابة ، و ليطرق بالأسحار باب الإجابة ، فما صدق صادق فرُد ، و لا اتى الباب مخلص فصُد ، و كيف يُرد من استُدعي ؟ و إنما الشان في صدق التوية .
30- إخواني : الأيام مطايا بيدها أزمة ركبانها ، تنزل بهم حيث شاءت ، فبينا هم على غواربها ألقــتهم فوطئتهم بمناسمها .
31- النظر النظر إلى العواقب ، فإن اللبيب لها يراقب ، أين تعب من صام الهواجر ؟ و أين لذة العاصي الفاجر ؟ فكأن لم يتعب من صابر اللذات ، و كان لم يلتذ من نال الشهوات .
32- حبس بعض السلاطين رجلاً زماناً طويلا ثم اخرجه فقال له : كيف وجدت محبسك ؟ قال : ما مضى من نعيمك يوم إلا و مضى من بؤسي يوم ، حتى يجمعنا يوم
33- جبلت القلوب على حب من أحسن إليها ، فواعجباً ممن لم ير محسناً سوى الله عز وجل كيف لا يميل بكليته إليه .
34- إحذر نفار النعم فما كل شارد بمردود ، إذا وصلت إليك أطرافها فلا تُنفر أقصاها بقلة لشكر .
35- اجتمعت كلمة إلى نظرة على خاطر قبيح و فكرة ، في كتاب يًحصي حتى الذرة ، و العصاة عن المعاصي في سكرة ، فجنو من جِنى ما جنوا ، ثمار ما قد غرسوه .
36- يا هذا ! ماء العين في الأرض حياة الزرع ، و ماء العين على الخد حياة القلب .
37- يا طالب الجنة ! بذنب واحد أُخرج ابوك منها ، أتطمع في دخولها بذنوب لم تتب عنها ! إن امرأً تنقضي بالجهل ساعاته ، و تذهب بالمعاصي أوقاته ، لخليق ان تجري دائماً دموعه ، و حقيق أن يقل في الدجى هجوعه .
38- أعقل الناس محسن خائف ، و أحمق الناس مسئ آمن .
39- لا يطمعن البطال في منازل الأبطال ، إن لذة الراحة لا تنال بالراحة ، من زرع حصد و من جد وجد ، فالمال لا يحصل إلا بالتعب ، و العلم لا يُدرك إلا بالنصب ، و اسم الجواد لا يناله بخيل ، و لقب الشجاع لا يحصل إلا بعد تعب طويل .
40- كاتبوا بالدموع فجائهم الطف جواب ، اجتمعت أحزان السر على القلب فأوقد حوله الأسف و كان الدمع صاحب الخبر فنم .
41- كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره ، و شهره يهدم سنته ، و سنته تهدم عمره ، كيف يلهو من يقوده عمره إلى اجله ، وحياته على موته .
42- إخواني : الدنيا في إدبار ، و اهلها منها في استكثار ، و الزارع فيها غير التقى لا يحصد إلا الندم .
43- ويحك ! أنت في القب محصور إلى ان ينفخ في الصور ، ثم راكب أو مجرور ، حزين او مسرور ، مطلق او مأسور ، فما هذا اللهو و الغرور !
44- بأي عين تراني يا من بارزني و عصاني ، بأي وجه تلقاني ، يا من نسي عظمة شاني ، خاب المحجوبون عني ، و هلك المبعدون مني .
45- يا هذا زاحم باجتهادك المتقين ، و سر في سرب أهل اليقين ، هل القوم إلا رجال طرقوا باب التوفيق ففتح لهم ، و ما نياس لك من ذلك .
46- ألا رُب فرح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى ، ألا رُب معرض عن سبيل رشده ، قد آن أوان شق لحده ، ألا رُب ساع في جمع حطامه ، قد دنا تشتيت عظامه ، ألا رُب مُجد في تحصيل لذاته ، قد آن خراب ذاته
47- يا مضيعاً اليوم تضييعه أمس ، تيقظ ويحك فقد قتلت النفس ، و تنبه للسعود فإلى كم نحس ، و احفظ بقية العمر ، فقد بعت الماضي بالبخس .
48- عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك منبسط في الآثام ، و لأقدامك على الذنوب إقدام ، و الكل مثبت في الديوان .
49- كانوا يتقون الشرك و المعاصي ، و يجتمعون على الأمر بالخير و التواصي ، و يحذرون يوم الأخذ بالأقدام و النواصي ، فاجتهد في لحاقهم ايها العاصي ، قبل ان تبغتك المنون .
50- أذبلوا الشفاه يطلبون الشفاء بالصيام ، و أنصبوا لما انتصبوا الأجساد يخافون المعاد بالقيام ، و حفظوا الألسنة عما لا يعني عن فضول الكلام ، و اناخوا على باب الرجا في الدجى إذا سجى الظلام ، فأنشبوا مخاليب طمعهم في العفو ، فإذا الأظافير ظافرة .
51- يا مقيمين سترحلون ، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون ، يا مستقرين ما تتركون ، أراكم متوطنين تأمنون المنون
52- وعظ أعرابي ابنه فقال : أي بني إنه من خاف الموت بادر الفوت ، و من لم يكبح نفسه عن الشهوات أسرعت به التبعات ، و الجنة و النار أمامك .
53- يا له من يوم لا كالأيام ، تيقظ فيه من غفل و نام ، و يحزن كل من فرح بالآثام ، و تيقن أن أحلى ما كان فيه أحلام ، واعجباً لضحك نفس البكاء أولى بها .
54- إن النفس إذا أُطمعت طمعت ، و إذا أُقنعت باليسير قنعت ، فإذا أردت صلاحها فاحبس لسانها عن فضول كلامها ، و غُض طرفها عن محرم نظراتها ، و كُف كفها عن مؤذي شهواتها ، إن شئت ان تسعى لها في نجاتها .
55- علامة الاستدراج : العمى عن عيوب النفس ، ما ملكها عبد إلا عز ، و ما ملكت عبداً غلا ذل .
56- ميزان العدل يوم القيامة تبين فيه الذرة ، فيجزى العبد على الكلمة قالها في الخير ، و النظرة نظرها في الشر ، فيا من زاده من الخير طفيف ، احذر ميزان عدل لا يحيف .
57- سمع سليمان بن عبدالملك صوت الرعد فانزعج ، فقال له عمر بن عبد العزيز : يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمته فكيف بصوت عذابه ؟
58- يا من أجدبت أرض قلبه ، متى تهب ريح المواعظ فتثير سحاباً ، فيه رعود و تخويف ، و بروق و خشية ، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروى و يُنبت .
59- قال بعض السلف : إذا نطقت فاذكر من يسمع ، و إذا نظرت فاذكر من يرى ، و إذا عزمت فاذكر من يعلم .
60- قال سفيان الثوري يوماً لأصحابه : أخبروني لو كان معكم من يرفع الحديث إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشئ ؟ قالوا : لا ، قال ، فإن معكم من يرفع الحديث إلى الله عز وجل .
61- كلامك مكتوب ، و قولك محسوب ، و انت يا هذا مطلوب ، و لك ذنوب و ما تتوب ، و شمس الحياة قد اخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب .
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة القعقاع بن عمرو فهذه الأبيات من روائع الإمام علي بن أبي طالب
حين ذهب إليه رجل يريد منه كتابة عقد لدار يريد أن يشتريها
وقد أحس الإمام بأن الدنيا قد دخلت إلى قلب الرجل فقال له:
اعمل لدار البقاء رضوان خازنها = الجار احمد والرحمن بانيها
ارض لها ذهب والمسك طينتها = والزعفران حشيش نابت فيها
انهارها لبن محض ومن عسل = والخمر يجري رحيقا في مجاريها
والطير تجري على الاغصان عاكفة = تسبح الله جهرا في مغانيها
من يشتري الدار بالفردوس يعمرها = بركعة في ظلام الليل يخفيها
او سد جوعة مسكين بشبعته = في يوم مسغبة عم الغلا فيها
النفس تطمع في الدنيا وقد علمت = ان السلامة منها ترك ما فيها
اموالنا لذوي الميراث نجمعها = ودارنا لخراب البوم نبنيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها .= الا التي كان قبل الموت يبنيها
فمن بناها بخير طاب مسكنه = ومن بناها بشر خاب بانيها
والناس كالحب والدنيا رحى نصبت = للعالمين وكف الموت يلهيها
فلا الاقامة تنجي النفس من تلف = ولا الفرار من الاحداث ينجيها
تلك المنازل في الافاق خاوية = اضحت خرابا وذاق الموت بانيها
اين الملوك التي عن حظها غفلت = حتى سقاها بكاس الموت ساقيها
افنى القرون وافنى كل ذي عمر = كذلك الموت يفني كل ما فيها
نلهو ونامل امالا نسر بها = شريعة الموت تطوينا وتطويها
فاغرس اصول التقى ما دمت مقتدرا = واعلم بانك بعد الموت لاقيها
تجني الثمار غدا في دار مكرمة = لا من فيها ولا التكدير ياتيها
الاذن والعين لم تسمع ولم تره = ولم يجر في قلوب الخلق ما فيها
فيالها من كرامات اذا حصلت = وياله من نفوس سوف تحويها
<******>doPoem(0)******>
فما كان من الرجل إلا أن ذهب وتصدق بالدار
جزاك الله خيرا اخي الفاضل القعقاع بن عمرو فقد اخذت مشاركتك الرائعة هذه لأضعها في موضوعي المتواضع بكلماتي الغني بمحتواه إن شاء الله..أرجو أن لا يكون هناك مانع..
آخر تعديل بواسطة الوافـــــي ، 10-08-2005 الساعة 10:23 PM.