مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 24-08-2005, 12:58 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Talking

نعم أختي الكريمة الشامخة فإن محاسبة النفس ضرورة مُلِحّة والنفس بطبيعتها كثيرة التقلّب والتلوّن، تؤثر فيها المؤثّرات، وتعصف بها الأهواء والأدواء، فتجنح لها وتنقاد إليها، وهي في الأصل تسير بالعبد إلى الشرّ كما قال تعالى: ] إنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي [ [يوسف : 53]، ولذا؛ فإن لها خطراً عظيماً على المرء إذا لم يستوقفها عند حدّها ويلجمها بلجام التقوى والخوف من الله، ويأطرها على الحق أطراً. قال لقمان الحكيم لابنه: (يا بنيّ : إن الإيمان قائد، والعمل سائق، والنفسَ حرون؛ فإن فتر سائقها ضلّت عن الطريق، وإن فتر قائدها حرنت ، فإذا اجتمعا استقامت. إنّ النفس إذا أُطمعت طمعت، وإذا فوّضْت إليها أساءت، وإذا حملتها على أمر الله صلحت، وإذا تركت الأمر إليها فسدت؛ فاحذر نفسك، واتهمها على دينك، وأنزلها منزلة من لا حاجة له فيها، ولا بُدّ له منها. وإنّ الحكيم يذلّ نفسه بالمكاره حتى تعترف بالحق، وإنّ الأحمق يخيّر نفسه في الأخلاق : فما أحبّت منها أحبّ وما كرهت منها كره). ومن هنا كان لزاماً على كل عبدٍ يرجو لقاء ربّه أن يطيل محاسبته لنفسه، وأن يجلس معها جلسات طِوالاً؛ فينظر في كل صفحة من عمره مضت: ماذا أودع فيها، ويعزم على استدراك ما فات ويشحذ همّته لسفره الطويل إلى الله تبارك وتعالى.

أولاً : معنى المحاسبة :
قال الماوردي في معنى المحاسبة: (أن يتصفّح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذموماًاستدركه إن أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل). وقال ابن القيم رحمه الله: (هي التمييز بين ما له وما عليه (يقصد العبد) فيستصحب ما له ويؤدي ما عليه ؛لأنه مسافرٌ سَفَرَ من لا يعود).
وأما الحارث المحاسبي فقد عرّفها بقوله: (هي التثبّت في جميع الأحوال قبل
الفعل والترك من العقد بالضمير، أو الفعل بالجارحة؛ حتى يتبيّن له ما يفعل وما يترك، فإن تبيّن له ما كره الله عز وجل جانبه بعقد ضمير قلبه، وكفّ جوارحه عمّا كرهه الله عز وجل ومَنَع نفسه من الإمساك عن ترك الفرض، وسارع إلى أدائه).

ثانياً : أهمية محاسبة النفس :
لمحاسبة النفس فوائد متعدّدة نذكر منها ما يلي:

1- الاطلاع على عيوب النفس ونقائصها ومثالبها، ومن ثمّ؛ إعطاؤها مكانتها الحقيقية إن جنحت إلى الكبر والتغطرس . ولا شك أن معرفة العبد لقدر نفسه يورثه تذلّلاً لله فلا يُدِلّ بعمله مهما عظم، ولا يحتقر ذنبه مهما صغر . قال أبو الدرداء: (لا يفقه الرجل كلّ الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون أشدّ لها مقتاً).
2- أن يتعرّف على حق الله تعالى عليه وعظيم فضله ومنّه؛ وذلك عندما يقارن نعمة الله عليه وتفريطه في جنب الله ، فيكون ذلك رادعاً له عن فعل كل مشين وقبيح ؛ وعند ذلك يعلم أن النجاة لا تحصل إلا بعفو الله ومغفرته ورحمته، ويتيقّن أنه من حقّه سبحانه أن يطاع فلا يعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر.
3- تزكية النفس وتطهيرها وإصلاحها وإلزامها أمْر الله تعالى. قال تعالى:] قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا [ [الشمس : 9 ، 10] ، وقال مالك بن دينار: (رحم الله عبداً قال لنفسه : ألستِ صاحبة كذا؟ ألستِ صاحبة كذا؟ ثم ذمّها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل فكان لها قائداً).
4- (أنها تربّي عند الإنسان الضمير داخل النفس، وتنمّي في الذات الشعور بالمسؤولية ووزن الأعمال والتصرّفات بميزان دقيق هو ميزان الشرع).
حكى الغزالي في (الإحياء) أنّ أبا بكر رضي الله عنه قال لعائشة رضي الله عنها عند الموت: (ما أحدٌ من الناس أحبّ إليّ من عمر) ثم قال لها: (كيف قلتُ؟)فأعادت عليه ما قال، فقال: (ما أحدٌ أعزّ عليّ من عمر)!! يقول الغزاليفانظر كيف نظر بعد الفراغ من الكلمة فتدبّرها وأبدلها بكلمة غيرها).

ثالثاً : فضل المحاسبة والآثار الواردة في ذلك:
قال الله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [ [الحشر : 18]، قال صاحب الظّلالوهو تعبير كذلك ذو ظلال وإيحاءات أوسع من ألفاظه، ومجرّد خطوره على القلب يفتح أمامه صفحة أعماله بل صفحة حياته، ويمدّ ببصره في سطورها كلّها يتأمّلها، وينظر رصيد حسابه بمفرداته وتفصيلاته لينظر ماذا قدّم لغده في هذه الصفحة. وهذا التأمّل كفيل بأن يوقظه إلى مواضع ضعف ومواضع نقص ومواضع تقصير مهما يكنْ قد أسلف من خير وبذل من جهد؛ فكيف إذا كان رصيده من الخير قليلاً ورصيده من البرّ ضئيلاً؟! إنها لمسةٌ لا ينام بعدها القلب أبداً، ولا يكفّ عن النظر والتقليب).
وقال تعالى: ] وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ [ [القيامة: 2] يقول الفرّاء: (ليس من نفسٍ برّةٍ ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها إن كانت عملت خيراً قالت : هلاّ ازددتِ، وإن عملت شرّاً قالت: (ليتني لم أفعل)، وقال الحسن في تفسير هذه الآية: (لا يُلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه: ماذا أردتُ بكلمتي؟ ماذا أردتُ بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والفاجر يمضي قُدُماً لا يعاتب نفسه).
ويقول الله عزّ وجلّ في وصف المؤمنين الذين يحاسبون أنفسهم عند الزلّة التقصير ويرجعون عمّا كانوا عليه: ] إنَّ الَذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُم مُّبْصِرُونَ [. [الأعراف : 201] .
قال الفاروق عمر رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها
قبل أن توزنوا، وتزيّنوا للعرض الأكبر ] يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ[ [ الحاقة: 18]).
ويصف الحسن البصري المؤمن بقوله: (المؤمن قوّام على نفسه يحاسبها لله، وإنّما خفّ الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنّما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة). ويقول ميمون بن مهران: (إنه لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة شريكه).
ويحذّر ابن القيم رحمه الله من إهمال محاسبة النفس فيقول: (أضرّ ما على المكلّف الإهمال وترك المحاسبة، والاسترسال، وتسهيل الأمور وتمشيتُها؛ فإن هذا يؤول به إلى الهلاك، وهذا حال أهل الغرور: يغمض عينيه عن العواقب، ويمشّي الحال، ويتكل على العفو، فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة، وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب وأنسَ بها وعسر عليه فطامها).
ولنستمع إلى هذه الكلمات الجميلة لأبي حامد الغزالي في (الإحياء) وهو يصف أرباب القلوب المنيبة وذوي البصائر الحيّة فيقول : (فَعَرف أربابُ البصائر من جملة العباد أنّ الله تعالى لهم بالمرصاد، وأنهم سيناقشون في الحساب ويُطالبون بمثاقيل الذرّ من الخطرات واللحظات، وتحقّقوا أنه لا ينجيهم من هذه الأخطاء إلا لزوم المحاسبة وصدقُ المراقبة ومطالبةُ النّفْس في الأنفاس والحركات، ومحاسبتُها في الخطرات واللحظات. فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خفّ في القيامة حسابُه، وحَضَرَ عند السؤال جوابُه، وحسُن منقلبُه ومآبُه. ومن لم يحاسب نفسَه دامت حسراتُه، وطالت في عرصات القيامة وقفاتُه، وقادته إلى الخزي والمقت سيئاتُه).
وقال الحسن رحمه الله: (اقرعوا هذه الأنفس ؛ فإنها طُلَعَة، وإنها تنازع إلى شرّ غاية، وإنكم إن تقاربوها لم تبقِ لكم من أعمالكم شيئاً، فتصبّروا وتشدّدوا؛ فإنّما هي أيّام تُعدّ، وإنما أنتم ركبٌ وقوف يوشك أن يُدعى أحدكم فلا يجيب ولا يلتفت فانقلبوا بصالح ما بحضرتكم).

رابعاً : كيفية المحاسبة :
في الحقيقة ليس هناك وسيلة محدّدة ذات خطوات وأساليب منضبطة في كيفية محاسبة النفس؛ وذلك لأن النفوس البشرية متباينة الطبائع والسجايا؛ لكنّ هناك أُطُراً عامة وخطوطاً عريضة يمكن الإشارة إليها والاستفادة منها في هذا الموضوع.
والأمر الذي يجب أن يفقهه كل مسلم ومسلمة أنه لا بد من الجدّية في المحاسبة والحرص الشديد على أخذ النتائج والقرارات التي يُتوصّل إليها بعد ذلك بمأخذ
العزيمة والجدّ. قال الغزالي: (اعلم أن العبد كما (ينبغي أن) يكون له وقت في أوّل النهار يشارط فيه نفسه على سبيل التوصية بالحق، فينبغي أن يكون له في آخر النهار ساعة يطالب فيها النفس ويحاسبها على جميع حركاتها وسكناتها، كما يفعل التجار في الدنيا مع الشركاء في آخر كلّ سنة أو شهر أو يوم حرصاً منهم على الدنيا، وخوفاً من أن يفوتهم منها ما لو فاتهم لكانت الخيرة لهم في فواته... فكيف لا يحاسب العاقل نفسه فيما يتعلق به خطر الشقاوة والسعادة أبد الآباد؟! ما هذه المساهلة إلا عن الغفلة والخذلان وقلة التوفيق نعوذ بالله من ذلك)، ثم بيّن رحمه الله أن المحاسبة تكون على نوعين:
النوع الأول: محاسبة قبل العمل، وهي:
أن يقف عند أوّل همّه وإرادته، ولا يبادر بالعمل حتى يتبيّن له رجحانه على تركه. قال الدكتور عمر الأشقر: (ينظر في همّه وقصده؛ فالمرء إذا نفى الخطرات قبل أن تتمكّن من القلب سهل عليه دفعُها... فالخطرة النفسيّة والهمّ القلبي قد يقويان حتى يصبحا وساوس، والوسوسة تصير إرادة، والإرادة الجازمة لا بد أن تكون فعلاً. قال الحسن: كان أحدهم إذا أراد أن يتصدّق بصدقة تثبّت؛ فإن كانت لله أمضاها، وإن كانت لغيره توقّف). وشرح بعضهم قول الحسن فقال: (إذا تحرّكت النفس لعملٍ من الأعمال وهمّ به العبد وقف أولاً ونظر : هل ذلك العمل مقدور عليه أو غير مقدور عليه؟ فإن لم يكن مقدوراً عليه لم يقدم عليه، وإن كان مقدوراً عليه وقف وقفة أخرى ونظر: هل فِعلُه خير له من تركه، أم تركُه خير له من فعلِه؟ فإن كان الخير في تَرْكه تَرَكَه، وإن كان الأوّل وقف وقفة ثالثة ونظر: هل الباعث عليه إرادة وجه الله عز وجل وثوابُه أو إرادة الجاه والثناء والمال من المخلوق ؟ فإن كان الثاني لم يقدم عليه وإن أفضى به إلى مطلوبه؛ لئلا تعتاد النفسُ الشركَ ويخفّ عليها العمل لغير الله؛ فبقدر ما يخفّ عليها ذلك يثقل عليها العمل لله تعالى حتى يصير أثقل شيء عليها، وإن كان الأوّل وقف وقفة أخرى ونظر: هل هو مُعَانٌ عليه وله أعوان يساعدونه وينصرونه إذا كان العمل محتاجاً إلى ذلك أم لا ؟ فإن لم
يكن له أعوان أمسك عنه، كما أمسك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الجهاد بمكة حتى صار له شوكة وأنصار، وإن وجده معاناً عليه فليُقدم عليه فإنه منصورٌ بإذن الله ).

يتبـــــعـــــ>>>>>>
__________________

 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م