مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 01-09-2005, 09:12 AM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

انتقلت بعد ذلك إلى كيمبردج ، حيث نحيت جانبا دراساتى الرسمية ، التى ظهر لى ثانويتها ، وأصبحت أملها ، فى مقابل دراسة هذه الأمور الهامة . كنا فى عام 1939 . اندلعت الحرب العالمية الثانية قبل التحاقى بالجامعة ، ولمدة سنتين كان يجب على أن ألتحق بالجيش . وقد كاد الألمان أن يقتلونى ، كما كنت دائما أتوقع هذا . وكان لدى وقت قليل لأجد إجابات للأسئلة التى تعترينى من وقت لآخر ، ولكن هذا الوضع لم يجعلنى أتبنى أية ديانة منظمة . وكغالبية الزملاء ، كنت أحتقر الكنيسة ، وكل الذين ينطقون بأفواههم كلمات عن الله الذى لا يعرفونه ، غير أنى كنت مجبرا على التقليل من عداوتى هذه . وأتذكر المنظر بوضوح الذى حدث بعد نصف قرن . كان بعضنا يجلس فى قاعة كلية الملك . المناقشة بيننا تحولت إلى أمور الدين . وفى قمة المائدة كان يجلس طالبا جامعيا محترما على مستوى الجامعة لذكائه ، ولفطنته . ولأشاغله منتهزا فرصة بعض الهدوء ، قلت : " لا يوجد فى أيامنا هذه شخص نابه يعتقد فى آلهة الأديان " ... نظر إلى بحزن شديد قبل أن يجيب : "بل على العكس ، فى هذه الأيام لا يوجد شخص نابه لا يؤمن بالله " ، بعد أن سمعت هذا الرد كدت أن أختفى عن الأنظار تحت المائدة .

كان لدى صديق فطن ، رجل فى الأربعين من عمره ، قدوة ، وقد وجدته شخصا مقنعا فى مناقشاته . لقد كان الكاتب "ل . اتش . مايرز L. H. Myres " وُصف فى ذلك الوقت بأنه "القصصى الفيلسوف الوحيد ، الذى أنجبته إنجلترا" . لم يكن عمله الرئيسى فقط "الجذر والزهرة" ، الذى أجاب عن أسئلة كثيرة كانت تدور فى خلدى ، ولكن أعماله نقلت إلى الإحساس بالصفاء الممزوج بالتعاطف . فى إعتقادى أن الصفاء ثروة كبيرة يمكن للإنسان الحصول عليها ، وأن التعاطف مزية عظيمة . كنت أمام رجل لا تهزه العواصف ، ومسح بعين الحكمة الوجود الإنسانى المضطرب . كنت أكتب له ، وكان يرد على فورا . وخلال الثلاثة أعوام التالية كنا نتبادل الخطابات ، على الأقل مرتين فى الشهر . بثثت له كل ما فى قلبى ، فى حين أنه اقتنع أنه أخيرا وجد الشاب الذى يفهمه حقا ، وكأن الدماء واحدة فى عروقنا نحن الإثنين . وفى النهاية التقينا سويا ، وهذا دعم صداقتنا .

ولكن ، ما كل مايتمنى المرء يدركه ، فقد لاحظت فى رسائله التالية نبرة من الحزن المكتوم ، فكتبت له مستفسرا " هل وضعت كل ما تنشده من صفاء فى كتبك ، ولم تبقى شيئا لنفسك ؟؟؟ " ... كان رده على " أعتقد أن تعليقك كَانَ فطنَا ، ومن المحتمل أنه صادق " . لقد كرس حياته للمتعة وكذلك " للتجربة " ( فى الإتجاهين الحسن والقبيح ... لذا قال : " قليل من النساء سواء من المجتمعات الراقية ، أو المجتمعات الدنيا ، لم يقاومن ثروته وسحره ، ومظهره الحسن ، كما أنه لم يستطع مقاومة إغوائهن له " .

كان مولعا بالروحانيات والسحر ، لم يلتزم بأى دين ، وما أطاع أى قانون أخلاقى تقليدى .

والآن ، مع كبر سنه ، لا يستطيع مواجهة الأيام وتطورات الحياة ، حاول أن يغير من سلوكه ويتوب من غيه ، ولكن الوقت كان متأخرا . وبعد ثلاث سنوات من تبادلنا الرسائل ، انتحر .

لفد تحملت حزنى عليه ، وقد سميت ابنى الأكبر باسمه ، ولكن موت "ليو مايرز" علمنى أشياء لم أتعلمها من كتاباته ، بالرغم من أن ذلك أخذ منى سنين لأستوعب معناه كاملا . الحكمة التى كان يتبناها ، كانت فى رأسه فقط ، ولم تتشربها إنسانيته . قد يمضى المرء حياته فى قراءة الكتب الروحية والصوفية العظيمة ، ولكن إذا لم تختلط هذه المعلومات بروحه وكينونته ، فبذلك يكون عقيما لا خير فيه . ولهذا ، فقد تيقنت أن الرجل البسيط الذى يتوجه بقلبه إلى الله ، ويعبده ، هو أفضل من ذلك الذى ملأ رأسه علم الأولين والآخرين ، دون أن يتشرب قلبه هذه المعلومات .

تأثر مايرز بشكل كبير بالفيدانتا الهندوسيِ، المذهب الغيبي الهندوسى ِ. كما أن أمى كان لها إهتمام أيضا بمذهب "راجا يوجا" ، وقد وجهنى ذلك فى هذا الإتجاه . أصبحت الفيدانتا الآن محور اهتمامى ، وهى التى وجهتنى فى النهاية ، إلى الإسلام !!! ... قد يكون ذلك مستغربا من غالبية المسلمين ، ومحيرا لأى شخص يعرف المبادئ الأساسية للإسلام بأنها تُدين بشدة عبادة الأصنام ، وبالرغم من ذلك ، فإن حالتى لم تكن فريدة . ومهما كان ما يعتقده جماهير الهندوس ، فالفيدانتا ، هو مذهب الإتحاد الصافى ، الحقيقة الوحيدة ، وهو ما يسمى "التوحيد" عند المسلمين . فالمسلمون أكثر من غيرهم ، عندهم قليل من الصعوبة ، فى فهم أن مذهب الوحدة ، قد شمل كل الأديان التى غذت البشرية منذ البداية ، بالرغم من أوهام الوثنية التى غطتها "كالجوهرة فى زهرة اللوتس the jewel in the lotus " ، وكما يتراكم ران الوثنية على القلب . ( مداخلة : المؤلف غير موفق فى هذا التعبير ، فعلى العكس ، المسلمون هم أول من يعرف أن الوحدانية هى رسالة الرسل جميعا للبشرية من أول يوم هبط فيه سيدنا آدم إلى الأرض ، وإلى يومنا هذا ) . وكيف لا يكون الوضع غير ذلك ، والتوحيد هو الحقيقة ، وكما يقول صوفى نصرانى كبير "الحقيقة هى موطن للإنسان Truth is native to man" .

وبسرعة انتهت إقامتى بكيمبردج ، وأرسلت للكلية الملكية الحربية بساندهيرست ، لخمسة أشهر طوارئ ، كضابط صغير ، لأعد كى أقتل أو أقتل . ولأتعلم أكثر فى فنون الحرب ، بعثت مرافقا لفوج إلى شمال اسكتلندا . وهناك تركت لمخطاطاتى الشخصية ، وملأت فراغ وقتى ، إما بالقراءة أو بالمشى على المنحدرات الجرانيتية فوق بحر الشمال الهائج . وبالرغم من العواصف فى هذا المكان ، إلا أننى شعرت فيه بالأمان ، كما لم أشعر فى أى مكان آخر من قبل . وكنت كلما قرأت فى الفيدانتا ، وكذلك فى المذهب الصينى القديم ، "التاويزم Taoism " ، كلما تأكدت أكثر بأننى أخيرا قد حصلت على بعض الفهم فى طبيعة الأشياء ، وأن لدى لمحات خاطفة ... على الأقل فى الفكر والخيال ... عن الحقيقة المطلقة ، وكل ما عدا ذلك فهو وهم وخيال . ومع كل هذا ، لم أصل بعد ولم أكن مستعدا لتقبل حقيقة"God" ، ناهيك عن "الله& quot; .

(مداخلة : ورود كلمتى God و "الله" فى هذه الجملة ، قد يكون لها معنى الإله عند غير المسلمين ، و "الله" عند المسلمين ) .
بعد تركى للخدمة فى الجيش ، بدأت فى الكتابة ، لكى أرتب أفكارى وأجعلها منظمة . كتبت عن المذاهب التى درستها ، من صينينة وبوذية وهندوسية ، وكذلك عن بعض الكتاب ،الغربيين ، (بما فيهم "ليو مايرز) ، الذى تشبع بهذه المذاهب . وقد قابلت فى هذه الأثناء الشاعر "ت. س. إليوت T. S. Elliot "، الذى كان فى ذلك الوقت رئيسا لدار نشر ، وقد جمعت تلك المقالات تحت عنوان "أغنى عرق The Richest Vien" ، جملة مشتقة من مقولة أحد الأدباء . كما قابلت "رين جينون ٌRene Guenon " ، رجل فرنسى عاش فى القاهرة لمدة طويلة تحت اسم "الشيخ عبد الواحد" .

قوض جينون كل الفرضيات التى اعتبرها الرجل الغربى الحديث ، على أنها بديهيات . هناك كثيرون انتقدوا الحضارة الغربية ، بعد ما يسم بعهد النهضة ، ولكن لم يجرؤ أحد على أن يعريها بعمق كما فعل هو ، أو أن يصف مبادئها وقيمها والثقافة الأوروبية بأنها حثالة من قاذورات التاريخ . كان موضوعه هو "أصول التقاليد" ، وكما عبر عنها بأن الأساطير القديمة ، والمذاهب الغيبية ، نواتها هى الأديان العظيمة . (مداخلة : على ما أعتقد أنه يقصد ، بأنها أخذت من الأديان العظيمة ثم أضيفت إليها تصورات البشر) . كانت لغة هذه التقاليد ، هى اللغة الرمزية ، ولم يكن له نظير فى ترجمة هذه الرمزية .

والأكثر من ذلك ، فقد قلب نظرية التقدم البشرى رأسا على عقب ، واستبدلها بالإعتقاد ، بأن الحالة الروحية للعالم هى فى انحدار مع مرور الوقت ، ونحن الآن فى العهد المظلم الذى يسبق النهاية ، عهد رفضت فيه كل الثقافات السابقة ، ونبذت خارج العالم ، وحل الكم مكان الكيف، ووصل الإنحطاط إلى نهاية القاع . لم يقرأ احد له ، وفهم ما يقول وبقى كما كان قبل القراءة .

وكالآخرين ، الذين تأثروا بقراءاتهم لجينون ، أصبحت غريبا فى هذا القرن العشرين . لقد كان هو نفسه تحت تأثير اتهاماته للعالم ، وقد دعاه ذلك لإعتناق الإسلام ، الوحى الخاتم ، والذى وجده يجمع كل ما سبق مما جاء من قبل . أما أنا ، فلم أكن بعد مستعدا لما وصل هو إليه ، ولكنى فورا تعلمت أن أخفى ما أفكر فيه ، وأضع عليه قناعا . لا يستطيع المرء أن يعيش سعيدا بصورة دائمة ، مع من حوله من رجال ونساء ، كما أنه لا يمكنه الدخول معهم فى مناقشات ، إن لم يشاركهم فى الإفتراضات التى يحملونها . الجدال والنقاش ، يفترض فيه قاعدة مشتركة بين المتحدثين . حينما لا تكون هناك هذه القاعدة ، فالتشويش وسوء التفاهم لا يمكن تجنبه ، إن لم يكن الغضب . الإعتقادات التى هى القاعدة الأساسية فى الثقافة المعاصرة لا تتحمل أقل من المشاركة العاطفية والإيمان الدينى الذى لا يناقش ، كما ظهر فى المناقشات أثناء الصراع مع قصة "سلمان رشدى الآيات الشيطانية " .

أحيانا كنت أنسى ما أخذته على نفس بألا أدخل فى مناقشات غير مثمرة ، منذ سنوات مضت كنت ضيفا على عشاء ديبلوماسى فى ترنداد . وكان بجوارى إمرأة شابة تتكلم مع وزير انجليزى نصرانى ، يجلس فى المقابل منا . لم أكن مهتما بالمناقشة ، غير أنى سمعتها تقول له أنها تعتقد أنها لا تؤمن بتقدم البشرية ، فكان رد الوزير وقح ونظر إليها باحتقار ، مما دفعنى للقول "السيدة على صواب – لا يوجد هذا التقدم الآن" ... فرد على الوزير بوجه مشوب بالغضب "ليتنى فكرت فى الإنتحار هذه الليلة" . وبما أن الإنتحار يعتبر جريمة كبرى فى النصرانية والإسلام ، ففهمت من هذه المقولة ولأول مرة ، تأثير الإيمان على التطلع "لمستقبل أفضل" ، وأن الجنة على الأرض ... وفى الآخرة ... استبدلت "بالإيمان بالله" .




يتبع
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م