مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 01-09-2005, 09:21 AM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

وفى الوقت الذى قمت فيه بنشر كتاب "أغنى عرق" ، تركت انجلترا إلى جاميكا ، فى جزر الهند الغربية ، حيث يوجد صديق لى من الدراسة ، لعله يبحث لى عن أى عمل هناك . وقد كنت ذكرت على الكتاب المنشور ، أنه من إنتاج "مفكر ناضج" ، كلمة "ناضج" هذه كانت غير ملائمة بشكل كبير : كرجل ، وكشخصية ، فقد كنت بالكاد متعديا سن المراهقة ، وجاميكا كانت بالنسبة لى مكانا خياليا لتخيلات المراهقة . يعرف أؤلئكم ذوى الخبرة ، ما تشكله جامايكا بعد الحرب العالمية من مسرات وإغراءات تزود بها ذوى الخبرة والباحثين عن المغامرات العاطفية . ومثل مايرز ، لم يكن عندى مبادئ أخلاقية توقفنى عن شئ . وقد أحرجت عندما بدأت أتلقى رسائل المعجبين لكتاباتى ، وهم يتصورون أنى رجل مسن ذو لحية كثيفة بيضاء ، حيث قد كتب لى أحدهم يقول "ملئ بالحكمة والعاطفة" . تمنيت لو كنت أستطيع أن أخلصهم بسرعة من تصوراتهم ، والمسئولية التى يضعونها على عاتقى . وفى يوم من الأيام جاء قس لجاميكا للبقاء مع يعض أصدقائه ، وقال لهم لقد وقعت على كتاب رائع "أغنى عرق" بقلم جاى إيتون ، فقالوا له إنه هنا موجود بجامايكا ، ففرح بذلك ، وقال لهم أريد أن أقابله ، فأخذه أصدقاؤه إلى حفل يعتقدون أنى موجود فيه . وقدموه إلى ، فرأى أمامه شخص غير الذى كان يتصوره بالمرة ، فهز رأسه مستغربا وقال بهدوء : قطعا أنت لم تكتب هذا الكتاب .
عدت لإنجلترا بعد سنتين ونصف السنة ، لأسباب عائلية . ومن ضمن من كتبوا لى بعد قراءة كتابى ، إثنان من الرجال اللذين تأثرا بعمق من كتابات جينون ، وتبعاه فى إشهار إسلامهم ، فى بعده الصوفى . قابلت هؤلاء الرجال . وكانوا قد قرؤا كتبى أيضا ، فقالوا لى أن ما تنشده ، لن تجده فى الهند أو فى الصين ، ولكنه أقرب من ذلك ، ستجده فى التقاليد الإبراهيمية ، فى البعد الصوفى للإسلام . وسألونى ، متى تبدأ فى ممارسة ما تدعو إليه وتبحث عن الجانب الروحى . قالوا لى ، هذا هوالوقت المناسب لذلك ، قالوها برقة ولكن بطريقة حاسمة ، ذاكرين أنه يجب أن تكون حياتى طبقا لما أعرفه نظريا . رددت عليهم متهربا ، وبأدب ، بأننى لا أفكر فى تنفيذ ما يقولون إلا عندما أكبر وأستنزف المغامرات الدنيوية . ولكنى بدأت فعلا فى دراسة الإسلام بشغف وإهتمام .

أثار اهتمامى هذا سخط صديق لى حميم يعيش فى الشرق الأوسط ، وقد ملء بكره شديد ضد الإسلام . ذاكرا لى ، أن هذا الدين الجاف ، القول بأن به أبعاد روحانية فكرة سخيفة . هذا الدين ، كما أكد لى ، ليس إلا مظاهر خارجية ، طاعة عمياء ، صلوات متكررة ، حرمان لا عقلانى ، تعصب ضيق ونفاق . وأخذ يسرد لى تصرفات بعض المسلمين محاولا إقناعى . وأتذكر أن مما ذكره ، أن إمرأة شابة كانت فى سكرات الموت ، فأخذت تهز سريرها كى تتجه نحو قبلة المسلمين "مكة" لتموت مواجهة لها . صديقى ، كان ينظر للموضوع أنها عانت وهى فى أشد حالات مرضها لتنفذ "خرافة غبية" ... بالنسبة لى ، كنت أنظر إلى الموضوع بالعكس تماما ، فقد رأيت أن هذه قصة رائعة معبرة . أكبرت إيمان هذه المرأة الشابة ، التى تصرفت تلقائيا بعيدا عن أى تأثير ذهنى يمكن تخيله .
وفى هذه الفترة ، كنت لا أجد عملا ، وكنت أعيش فقيرا . تقدمت إلى كل الأعمال المعلن عنها ، بما فيها وظيفة مساعد محاضر بجامعة القاهرة ، فى الأدب الإنجليزى . وكنت أعتقد بغباء هذه الفكرة ، لقد حصلت على مؤهلى بجامعة كيمبردج فى التاريخ ، وبعيد كل البعد عن الأدب الإنجليزى قبل القرن التاسع عشر . فكيف سيقبلون شخصا ليس مؤهلا ؟؟؟ ولكنهم قبلونى . وفى أكتوبر عام 1950 اتجهت للقاهرة ، فى نفس الوقت الذى بدأ اهتمامى للإسلام يتزايد .

كان من بين زملائى ، مسلم بريطانى "مارتن لينجز Martin Lings " ، وكان قد أثث له بيتا فى مصر . كان صديقا لجينون ، وكذلك للرجلين اللذين قابلتهما وتكلمت معهما فى لندن ، ولم يكن يشبه أحدا قابلته من قبل . كان صورة حية لما كان يدور فى ذهنى حتى ذلك الوقت ، من نظريات ، وهكذا قلت لنفسى ، أخيرا وجدت قطعة حية لتصوراتك ، كاملة ومطابقة . كان يعيش خارج المدينة فى بيت تقليدى ، فى منطقة هادئة ، وكنت أزوره وزوجته تقريبا أسبوعيا ، وكانت هذه الزيارة هى هروب من ضوضاء المدينة ، والبحث عن أنيس لا تحس معه بانفصال الداخل عن الخارج .

كنت فى حاجة لرفقة . وقد أحببت جاميكا ، كما كرهت مصر ، ببساطة لأنها ليست جاميكا . أين الجبال الزرقاء ، البحر القارى ، البنات الجميلات ؟؟؟ كيف تركت المكان الوحيد الذى شعرت فيه بأنه وطنى ؟؟؟ ولكن لم يكن هذا كل شئ وأنا بعيد عنها ؛ لقد تركت هناك امرأة شابة ، والذى بدونها الحياة أصبحت خالية وجوفاء وشاقة . لقد تعلمت حينئذ كلمة "الهوس" ماذا تعنى بالضبط ، درس فى منتهى القسوة ، ولكنه مفيد ليفهم الإنسان نفسه ويفهم الآخرين . لم يكن هناك شئ فى حياتى السابقة له أى قيمة ، الحقيقة كانت رغبتى للإنسان الذى احتل تفكيرى ليلا ونهارا ، وتظهر لى فى أحلامى . حينما كنت أقرأ لطلبتى شعر الحب ، كانت الدموع تنهمر من عينى ، على وجنتى ، وكان الطلبة يقول بعضهم لبعض ، أخيرا هذا رجل انجليزى له قلب . لقد كنا نظن أن الرجل الإنجليزى بارد كالثلج .

كنت أدرس لمجموعة من الطلبة يتكونون من خمسة أو ست طلاب ، وكنت أشعر معهم بألفة . كراهيتى لمصر كانت لأنها تبعد حوالى 8000 ميل من ذلك المكان الذى كنت أود أن أكون فيه ، ولكنى حبى لهؤلاء الطلبة عوضنى عن ذلك . تمتعت بدفئهم ، وتفتحهم الذهنى ، والثقة التى وضعوها فى لأعلمهم مايريدون معرفته ، وفورا بدأت أحب إيمانهم ، فقد كانت هذه المجموعة من المسلمين الملتزمين . لم تكن عندى شكوك . لو من الممكن أن ألزم نفسى بدين ... أسجن نفسى فى دين ... لن يكون هذا الدين إلا الإسلام . ولكن ليس بعد ! تذكرت صلوات "سانت أوجستين" : "يارب أسألك العفة ، ولكن ليس بعد" ، وكان من الواضح أمامى ، إن الكثيرين فى مختلف الأعمار يسألون العفة ولكن ليس بعد ، آملين بعمر مديد أمامهم ، ولكنهم يفاجئون بالموت يحل بهم قبل أن تصلهم العفة .

كل الأمور سواء ، ربما لم أتغلب على ترددى . ونيتى فى النهاية أن أعتنق الإسلام ، ربما أجلت القرار الحاسم سنة بعد سنة ، وما زلت أقول "فيما بعد" ، ولكن العمر يداهمنى ... الحقيقة أنه ليست كل الأمور سواء . الحنين إلى جاميكا والشخص الذى أتمناه ، مازالا يشتعلان فى صدرى بالرغم من مرور الشهور ، كأنها تتغذى بعضها من بعض . استيقظت ذات يوم على أن ما يمنعنى من العودة للجزيرة هو المال . وأجريت عدة اتصالات لأجد أنه من الممكن الذهاب إلى جاميكا بحرا ، على ظهر إحدى البواخر ، نوما فقط ، بمبلغ 70 جنيه استرلينى . كنت على يقين بأننى أستطيع توفير هذا المبلغ فى نهاية الفصل الدراسى الحالى ، وفورا تبدلت حياتى ، شاعرا بأن الخلاص قد حان ، وبدأت أتمتع بوجودى بالقاهرة . ولكن أطل سؤأل هام الآن ، والإجابة عنه لا تحتمل التأخير هذه المرة . فرصة إعتناق الإسلام قد لا تعود مرة ثانية . أمامى كان الباب مفتوحا ، وقد يغلق للأبد . وأنا أعلم ما هى الحياة التى تنتظرنى فى جاميكا ، وكنت أشك هل ستكون لى القوة لأعيش هناك فى هذا المحيط كمسلم ؟؟؟

اتخذت القرار الذى يجب أن أتخذه ، مستندا إلى أسباب واضحة ، وربما كان صدمة لمعظم الناس حولى ، وليس فقط للمسلمين منهم . قررت ... كما حددت لنفسى ... أن "أبذر البذرة" فى قلبى بأن أقبل الإسلام آملا أن تنمو هذه البذرة لتؤتى أكلها نباتا طيبا . لن أقدم أعذارا لهذا القرار ، كما أنى لن ألوم أحدا إذا اتهمنى بالنفاق وبسوء القصد . ولكنه هل من المحتمل أنهم يجرؤون فيقللون من استعداد الله سبحانه وتعالى من أن يعفو عن ضعف الإنسان ، وعن قدرته بأن ينثر النبات والفاكهة من هذه البذرة التى بذرت فى الأرض القاحلة ؟؟؟ (مداخلة : والحمد لله العلى القدير ، فقد حدث ما تنبأ به ، فهو الآن مستشار اللجنة الثقافية الإسلامية بلندن وقد أعتنق الإسلام نتيجة لكتاباته وأبحاثه الكثيرون من المشاهير) على كل حال ، فقد كنت فى وضع حاسم ، وأعرف تماما أنه يجب على أن أفعل ذلك . ذهبت إلى "مارتن لينجز" ، وقصصت عليه قصتى قائلا له أعطنى الشهادة لأنطق بها ، بمعنى آخر آمنت بالله ربا وبالإسلام دينا وبسيدنا محمد نبيا ورسولا . كان أول شهر رمضان هو اليوم التالى ، فصمت ، وقمت بشئ لم أكن أتصور أنى سأقوم به . وقد نقلت هذا الخبر لطلبتى ، الذين عمتهم الفرحة العارمة ، وأخذوا يكبرون بصوت عال ، ويقبلون على يحتضنوننى بمنتهى الدفء . والآن تبين لى هذا الحاجز الذى كان بينى وبينهم ، فقد تحطم ، وقبلتهم كأخوة لى . وقبل ستة أسابيع من مغادرتى السرية (لم أذكر لرئبسى أننى سأغادر إلى جاميكا) ، كان أحدهم يأتى إلى يوميا يعلمنى القرآن الكريم . ونظرت لملامحى فى المرآة ، الوجه كان هو هو ، ولكنه مغطى بملامح شخص آخر . فقد كان وجه مسلم ! وتحت الإستغراب أبحرت من الإسكندرية إلى مستقبل مجهول .


المصدر : "الإسلام وقدر رجل" ... جاى إيتون
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م