مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 12-12-2005, 01:31 AM
أوراق الخريف أوراق الخريف غير متصل
وداعا خيميتي الحبيبة
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2004
المشاركات: 1,892
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ايها الاخ العزيز والفاضل النسري
اللهم يبعد عنا وعنكم اولاد الحرام ويرزقنا ناس طيبيبن ومؤمنين بالله عز وجل
ان يهدينا كما هدى هاذا الرجل الى صراط مستقيم
رحم الله هذه الفتاة وادخلها جنات ربي

سبحان الله ونعم بالله والله مسامح كريم
بوركت يداك اخي ولا حرمنا من عطاك
ولا من القصص التي تترك اثر فينا كل مرة

اللهم لك الحمد على اخي النسري
__________________

شكرا لك اخي ابو معاذ على التوقيع
  #2  
قديم 02-01-2006, 04:40 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

الأخت اوراق الخريف...
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته...
جزاكي الله تعالى خيراً على الدعاء والمرور وحسن الظن وبارك الله تعالى فيكي ...
__________________

  #3  
قديم 02-01-2006, 05:40 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile


أصغر داعية في العالم!!

حدثني شيخ جليل صادق (والحديث لصاحبه) فقال:
هل تعرف أصغر داعية في العالم ؟!
قلت : عيسى بن مريم عليه السلام ! قال : لا ؛ في هذا الزمان ؟ قلت : هات !
قال اسمع :
لي قريب فتح الله عليه الدنيا ؛ فأُغدِقت عليه الأموال والجاه . فأصبح له شأن
في الناس كبير ؛ وله في كل شيء نصيب إلاَّ في العلاقة مع الله ! فهي مقطوعة
تماماً ؛ لا يعرف الصلاة ولا يطرق للمسجد باباً مع وفور صحته وسعة رزقه !.
رَزَقه الله فوق ذلك ابناً جميل الطلعة ؛جمع الله فيه ما فرَّقه في سائر
الأطفال من الجمال والذكاء والفطنة والفصاحة واللباقة ؛ وهو مع هذا لم يتجاوز
عمره الست سنوات !! أي أنه لم يدخل المدرسة بعد .
جاء يوماً إلى مجلس أبيه ؛ وأبوه سادر في غيّه ؛ قد سمّر عينيه في شاشة التلفاز
و(الريموت كنترول ) بين يديه يقلب القنوات ؛ وفَغرَ فاه كالأبله وغاب عن
الوعي ! . دخل الطفل على أبيه ورأسه ينطف بالماء ووجهه كذلك ؛ مشمراً عن ذراعيه
الصغيرتين اللتين يقطر منهما الماء أيضاً .. وقف أمام أبيه .. نظر إليه نظرة
طفولية فيها كل معاني البراءة !
قال له أبوه :
- سلامات ! إلى أين إن شاء الله ؟!
- قال بلهجة بريئة فيها لثغة (إلى المثجد ..أروح أثليّ مع الناث ..مع المثلمين
ماني ذيّك يهودي ..أنت يابابا يهودي ما تحب الثلاة ) وترجمة هذه العبارة ( إلى
المسجد أذهب أصلّي مع الناس مع المسلمين لست مثلك يهودياً ؛ أنت يا أبي يهودي
ما تحب الصلاة ) ..
- ( غص الأب برِيقه ) .. يا ولد ما هذا الكلام ؟!
- والله ثحيح ! (صحيح ) .. ثم ولّى وترك الأب في دهشته ..!
مكث الأب ساعة إلاّ ربعاً يدور في المنزل لا يلوي على شيء يفكر في ابنه الصغير
الذي قذف في وجهه بهذه القنابل الإيمانية وذهب .
انتظره بفارغ الصبر .. وفجأة فُتح الباب بهدوء وإذا بالصغير يدخل ...
- لماذا تأخرت ..!
- (قلت لك باروح أثلّي ! مع الناث )
أقسم الأب أن الله يحمي هذا الصغير منه فلا يستطيع أن يمسه بسوء ولا أن يمد
نحوه يده بالضرب ؛ ولا لسانه بالشتم ؛ رغم ما كان يُعرف عن هذا الأب من شدة
وجبروت ..
* * *
مكث على هذا الحال سنتين كاملتين .. قال : تأخر الطفل مرة للَّعب خارج البيت ؛
فجُنَّ جنون الأب وقرر الخروج للبحث عنه ؛ وبينما هو يُهم بالخروج إذ بالباب
يُفتح ....و..
- أين كنت ؟ بحثنا عنك في كل مكان .. وفي كل غرفة .. مابقي إلاَّ أن نستعين
بالشرطة للبحث عن حضرة جنابك الكريم !
- (يا بابا.. يا بابا .. أنت ليش ما تفهم .. أنت يهودي يا بابا اللي ما يحب
الصلاة يهودي ! لعبت وبعدين صليت المغرب وتكلمت مع جارنا عبدالعزيز وجئت
مباشرة .. ما تأخرت) ..
- قال الأب : لم أعِ بنفسي إلاَّ ودموعي تنثال على خدي ...إلى متى هذه الغفلة
.؟ إلى متى وأنا أتلقى هذه المواعظ البريئة وأنا في ظلمة الذنب ؛ من طفل أنطقه
الله تعالى بالحق ؟ .والله لم يكن لأحد تأثير عليه حتى أمه رغم صلاحها لم تكن
تلقنه هذا الكلام ولكنه الله عز وجل إذا أراد شيئاً كان !.
تأملته طويلاً .. وقد دخلتني هيبة منه ؛ وقذف الله له في قلبي محبة ممزوجة
برهبة ..لم تكن فيَّ من قبل ! .. برهة من الوقت مرت بنا .. وصمت ونظرات .. لم
يقطع ذلك الصمت إلاّ صوت الحق ينادي لصلاة العشاء .. صوت الأذان الجميل الذي
انطلق من المسجد المجاور الذي لا أتذكر متى آخر مرة دخلته !
نظر إليَّ ولدي كمن يقول لي : يا أبي خذ بيدي وهيا بنا سوياً إلى رحاب الله
...قفزت ! وحملته بين ذراعيّ بعد أن توضأت وقبلّتُه قبلة طويلة خرجت من أعماق
قلبي ودموعي تغطي خده الصغير وذهبت به إلى المسجد ولم أكد أضع أول قدم على عتبة
المسجد حتى رأيت ابني يكاد يطير من الفرح ؛ كلما لقي أحداً من المصلين الذين
يعرفهم ؛ عرّفهم عليّ :
- هذا بابا .. يا عم ( أحمد )..! يا عم (فهد) هذا بابا .. هذا بابا يا ….
توافد المصلون من أصدقاء الداعية الصغير يهنئون أباه على نعمة الصلاة ! ودخوله
المسجد لأول مرة منذ سنوات طويلة .
* * *
قال الشيخ !: والله لقد رأيت الرجل تعلو وجهه نضرة جميلة ؛ بعد أن كانت تعلوه
كآبة وقترة وغبرة .. رأيته تكسو وجهه لحية جميلة ! وكان يحدثني عن هذا الطفل
أنه كان يزعجهم حتى يوم الجمعة من الصباح الباكر ؛ نوقظه ليغتسل وتطيبه أمه
ليذهب إلى صلاة الجمعة ..
فال الشيخ : كنت أرى ذلك الطفل يلعب مع الصغار في الشارع فأستغرب وأقول في نفسي
أمعقول أن يكون هذا داعية ناجحاً على صغره ولعبه .. ويفشل كثير منا على كبرنا
وجِدِّنا ! ....
* * *
وبعد .. فإن الله عز وجل إذا أراد أمراً هيأ له أسبابه ؛ وهل أجمل من طفلٍ
ينشئه الله تعالى في طاعته ويحوطه بحفظه ؛ وهل ينتظر (بعض) الآباء أن يقودهم
أبناؤهم إلى المساجد .. بدلاً من أن يكونوا هم عوناً لأبنائهم على الخير ؛ وهل
انقلبت مفاهيم التربية حتى يكون الابن هو الذي يربي أباه…
وكم بيننا من عبر ولكن لا نعتبر !..
__________________

  #4  
قديم 03-01-2006, 03:54 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile



إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) (آل عمران:102). (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1). ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (الأحزاب:70-71).

الأخت h_nawras77 بارك الله تعالى فيكي وأشكرك على حسن الظن والمرور
أختي وأخوتي ... لقد شاء الله ُ جلَّ جلاله, وتقدست أسماؤه, أن يجعلَ هذه الحياةَ الدنيا مقراً للامتحان والابتلاء, ويتصارعُ فيها الخيرُ و الشر, والحقُ والباطل, والإيمانُ والكفر, والفضيلةُ والرذيلة, وجعلها داراً يشوبُها الكدرُ والعناء, والبؤسُ والنكد, والضجُيج والصخب, والجهدُ والنَصب, والهمُ والحَزَن, فهذه طبيعةُ الحياة الدنيا, وهذه أوصافُها وملامُحها, وخصائُصها وظروفُها, وإزاءَ هذه الطبيعةِ المتقلبة, والأحوال المتقاربة, يبحثُ المؤمن المصدقُ بوعدِ اللهِ ورسولهِ عن المنهجِ الصحيح, في التعاملِ مع تلك الأوضاعِ المتنافرة, وعنَ موطئِ قدمٍ فوق أرضيةٍ ثابتةٍ, لا يْجدُ خيراً من الصبر سلاحاً , يواجُه به ذلكَ الكَم الهائلَ من المحنِ الابتلاءات , والمواجهات والتحديات .

فعند البخاري - من حديث أبي سعيد رضي الله عنه - قال عليه الصلاة والسلام : (( وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ ))[1].

وأما الخليفة المسدد عمر رضي الله عنه فيقول : (وجدنا خبز عيشنا بالصبر) .

إلا إنَّ من الأحوال التي تستلزمُ الصبَر, ويقتضيه الصبرَ على ما يعتري الإنسان من البلاء في نفسهِ, كأن يفقدَ حاسةً من حواسه, أو عضواً من أعضائه, أو يسريَ المرضُ إلى بقعةٍ من جسده, فيحارُ الطبيب, ويخفقُ الدواء, ويطولُ البلاء, فلا يجدُ المؤمن بالله واليوم والآخر غيرَ الصبِر سيداً للموقف , ومضمداً للجراح , ومخففاً للعناء .

هذا عروةُ بنُ الزبير- رحمه الله- الرجلُ الصابرُ المحتسب, يصابُ بجرثومةٍ تَنْخرُ عظامِ ساقه, فيقررُ الأطباء بترها, فيُسلِّمُ لقضاءِ الله وقدرِه , ويذعنُ لأمرهِ وحكمتهِ, ويُسلُم ساقَه الثمينةَ إلى الطبيب, فينشُرها بمنشارٍ بدائيٍ من حديدِ, فيغيثُ جرحُه دماً و يتفصد جبينهُ عرقاً , ويحترقُ قلبهُ لوعةً واسى على فقدِ قدمه التي ما عرفتْ غيرَ المسجدِ طريقاً تسلُكه, وغيرَ حِلقةِ العلمِ درباً تعبُره, قدمٌ لم تحملْه إلى بوأرٍ مشبوهة , ومراتعَ موبوءة , ولا إلى حيثُ مذابحُ الفضيلة, ومسالخُ العفة

وبينما عروةُ - رحمه لله - يتجرعُ مرارةَ المصيبة , و هولَ الكارثة بإيمانٍ وثبات, إذا بداخلٍ يدخُل عليه يعزيه بابنهِ محمد, فيزدادُ البلاءُ بلاءً, والعناءَ عناءً, فلا يزيدُ على أن يقول : اللهم كان لي بنونَ سبعة فأخذتَ واحداً و أبقيتَ لي ستة , وكان لي أطرافٌ أربعة , فأخذت طرفاً وأبقيتَ ثلاثة ولئن ابتليتَ لقد عافيت .ولئن أخذتَ فقد أعطيت , إن المرء لا يكادُ ينقضي عجبه أمام تلكَ الهممِ الشامخةِ من الرجال! وللمرء أن يتساءل أيُ رجالٍ هؤلاء ؟! أين درسوا ؟! أين تعلموا ؟! أين تربوا ؟! لكنَّ العجبَ سَرْعان ما ينقضي وينتهي, ثم ينزوي حين نتذكرُ أنهم رجالٌ تربوا على مائدةِ القران, وارتشفوا من معينِ سنةِ سيدِ البيان عليه الصلاةُ والسلام .

أنهمٌ رجالٌ تربوا (( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)) (النور:37,36) .

لقد أدركوا بكل وعيٍ, ووعوا بكل إدراكٍ قيادة ومقودين, أُمراءَ ومأمورين , أنَّ الصبرَ ضياء, والقرآنَ حجةٌ لك أو عليك, وكلُ الناسِ يغدو فبائعٌ نفسَه فمعتقُها أو موبقُها.

وعند البخاري رحمه الله : ((جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ قَالَتْ أَصْبِرُ قَالَتْ فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا )) [2].

فلم تتردد المرآة وقد ذكر لها الجنةَّ بدورِها وقصورِها , أشجارِها وثمارِها, وشرابِها ومائها, ونعيمِها وبقائِها, أن تقول أصبر يا رسول الله فتهونُ أمامَ الجنة كلُ الأسقامِ والأوجاع , وكلُ العناءِ والبلاء , وكلُ الهمِ والحزن, هذه المرأةُ السوداء التي بشرِّت بالجنةِ نظيرَ صبِرِها واحتسابِها, يبشرُ غيرُها بالنارِ وبئسِ القرار حين يفقدُ المُبتلى صواَبه , يغيبُ عنه وعيُه ويستولي الطيشُ على تصرفاتهِ , ويرتكبُ حماقة تذهبُ دنياه وأَخرته .

عند البخاري أيضاً : عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِي اللَّه عَنْهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِه,ِ فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَان-يعني ما قاتل أحد ببسالة وشجاعة مثل ما قاتل فلان- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ, وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا, فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ, فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابتَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ, ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَه,ُ فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ, قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّار,ِ فَأَعْظَمَ النَّاسِ ذَلِكَ فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ)) [3].

يا سبحان الله! رجلٌ مجاهدٌ شجاع ! لا يتركُ في المشركين شاذةً ولا فاذة إلا أتّبعها بسيفِه يضربها, لكنه حين أصيب فقدَ صبَره وتصرفَ ذلك التصرف الطائش, فأزهقَ روحَه التي أو تُمن عليها فأستحق ناراً (( نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) (التحريم: 6) .

ولا يفوتنك أخي المسلم وأنت تتفكرُ في عاقبةِ التهور التي آل إليها ذلك الرجل, أتذكر أنَّ هذا فيمن قتل نفسَه ، فكيف بمن قتل غيرَه ؟! واحداً أو اكثر ومن الأحوال التي تستدعي الصبرُ كذلك الصبر على فقدِ الصاحبِ والقريب, فإنِّه مهما أجتمع الناسُ في هذه الدنيا ، وطالَ بقاءُهم, ومهما تمتعوا فيها وطاب لقاؤُهم ، فإنَّهم يسفترقون لا محالة . طال الزمانُ أم قصر , وسيفقد الأحبابُ أحباَبهم, والأصدقاَء أصدقاَئهم. والخِلاَّنُ نُدماءَهم, فليسَ غيرُ الصبرِ حصناً حصيناً, أم ضرباتِ الفراقِ وطفقاتِه, هذا نبيُ اللهِ محمدٌ عليه الصلاة والسلام هو في المراحلِ الأولى من دعوتهِ يفقدُ زوجتهُ الحنون ودرتَه المصون, خديجة رضي الله عنها, يفقدها وهو في أمسِّ الحاجة إلى الناصرِ والمعين, بعد أن كذِّبه أقرب الناس إلى شخصهِ الكريم . فما شقَّ جيباً ولا ندبَ حظاً, ولاشتمَ دهراً, ولكنَّه رضي وسلم وصَبر واحتسب, بل أن البلاءَ ليلاحقُه بفقد أبنائه جميعاً واحداً بعد الأخر, سوى فاطمة, ويظُل ثابتَ القدمين, رابطَ الجأش, قوي الإيمان, صادقَ اليقين,

وهذا نبُي اللهِ يعقوب - عليه السلام- يُبتلى بفقدِ حببيهِ وقرةِ عينه يوسُفْ -عليه السلام- ويزيدهُ حرقةً واسى حين يعلمُ أنَّ حرماَنه من ابنه إنما هو نتيجةَ مؤامرةٍ بشعة دَّبرها أولاُده, الذين هم من لحمهِ ودمه, فلا يزيدُ على أن يقول فصبرٌ جميل واللهُ المستعاُن على ما تصفون, ويبتلى إسماعيل بسكينِ والدهِ الخليلِ -عليهما السلام- سلطها على رقبتهِ, فلا يزيدُ على أن يقول يا أبتِ افعلْ ما تؤمر ستجدني إن شاء اللهُ من الصابرين, أي قلوبٍ هذه لا تجزعُ ولا تطرب, أمام هذا الركامِ الضخمِ من البلاءِ والعناءِ الثقيل, أنها قلوبٌ تستشعرُ بكلِّ يقين, معنى قولـه تعالى : ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) (الزمر: 10).

وقوله سبحانه : ((وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)) (البقرة:157) .

ومن الأحوالِ التي تستدعي الصبرَ كذلك, الصبرُ على تربيةِ الأبناءِ عموماً والبناتِ على وجهِ الخصوص, أخرج الترمذي وقال حسن صحيح وصححه الألباني من حديث عائشة رضي الله عنها عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((مَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَنَاتِ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ)) قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

يتبــــــــــــــع
__________________

  #5  
قديم 03-01-2006, 04:02 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

تابـــــــــــــع

تأمل رعاك الله، من أُبتلي بشيءٍ من البنات فصبر عليهن , كن له حجاباً من النار, ماسرُ هذا الاهتمام ؟ ولماذا البنات بالذات صلَّى عليك الله يا علم الهدى ! إن نبيِّ الله يدركُ أن صلاحَ البنات له شأنٌ أخر، قد لا يخطرُ ببالِ من يقرأ الحديثَ للوهلة الأولى , ففي صلاحهَّن صلاحٌ للبيت كلهِّ, وفي صلاحهن يتجرعُ دعاةُ الخنا وشرذمةُ الفجور غصصَ الحرمان من اللذَّة الحرام, والوطء النجس، وبصلاحهَّن ترتدُ قوافُل المتاجرينَ بقضيةِ المرأة، وهي تجرُ أذيالَ الخيبة متأبطةً مخططاتِها في التظليلِ والإفساد, تبحثُ عن موطئَ قدمٍ في مكانٍ أخر, فالله الله أيها الأبُ الغيور, أن تنظَر عينٌ خائنةٌ إلى ذرةٍ من جسدِ ابنتكِ المصون, أو تتلذذَ أذنٌ آثمة بصوتِ ابنتك باسمِ الحبِّ، والصداقةِ والغرامِ, فعبر سماعة الهاتف قوضِّت بيوتٌ من أركانِها. وانتهكت أعراضٌ بأسبابها. من أبتلى بشيء من البنات فصبر كن له حجابا من النار, ومن الأحوال التي تستدعي الصبر: الصبرُ على الأذى في سبيلِ الله ، فإنَّ طريق الدعوة مليء بالعقبات , محفوف بالمخاطر والصبر خير علاج معين .

((وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ)) (الأنعام:34)

وأعداءُ هذا الدين، لا يألون جهداً, ولا يدخرون وسعاً في التآمر على هذه الأمة والكيدِ لها, لكنَّ المؤمنَ المصدقَ بوعد الله ووعدِ رسولهِ يقرأُ قولـه تعالى : ((وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً)) (آل عمران: 120).

فيطمئنَ قلبُه, وتستبشرُ روحُه نعم, لا يضركم كيدهم شيئاً, لكن متى؟ إن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا, بيد أنِّ الصبر والتقوى لا يعني كفكفت الدموع، ومعالجَة الآهات, لكنَّ الصبر يعني مواجهةَ الحديدِ بالحديدِ, والنار بالنار, والكيد بكيدٍ مثله , لقد ظللَنا سنواتٍ طويلة ونحنُ نتلقى لكمات يهود وصفعاتِهم دون أن تغنيَ دمُوعنا عنَّا شيئاً, أما اليوم حين تغيرت لُغة الحديثِ مع يهود.

وأدرك المجاهدونَ في فلسطين المعنىَ الحقيقيَ للصبرِ والتقوى, أصبحَ لليهودِ ضحايا وجرحىَ, ودماءٌ وأشلاء, ودموعٌ وبكاء, ، سنتَهم في التأبينِ والإغواء التي كاَدوا ينسُونها .

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم، واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم .

إن الصبر يحتاجه المؤمن وهو يسمع صباح مساء الدعاوى الكاذبة, والتهم الباطلة, وسيل السباب والشتم مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمع أشد كلامٍ وأقساه, فأتهم بالكذب والافتراء, ووصم بالسحر والشعوذة, ورمي بالجنون والبلاهة , أنت شاعر يا محمد,أنت كاهن يا محمد, أنت مفتر يا محمد، أنت كاذب يا محمد,أنت ساحر يا محمد, أنت مجنون يا محمد, وإزاء هذا السفه الممقوت, والدجل الفاضح ينزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: ((فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى)) (طه:130).

فاصبر على ما يقولون فإنه لهم أجلاً لاريب فيه, وموعداً لا يتخلف, ولو تأملت أخي الحبيب, هذه الآية العظيمة قل من يتفطن لها , فبعد أن حث المولى جل وعلا نبيه الكريم على الالتزام بالصبر, ثمّ أمره بعدها مباشرة بمواصلة العمل, فقال: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها, ومن أناء الليل فبسح أطراف النهار لعلك ترضى.

مما يعني: أنَّ قالت السُوء لا ينبغي أن تكون مانعاً من مواصلة المسير, فما هوائهم إلا صيحة في وادٍ, أو نفخة في رماد .

أيها المسلمون : ولو تتبعنا الأحوال التي تقتضي الصبر وتثبطه لطال المقام, وكلاَّ البنان والبنيان, لا كِننا نختم بما بشر به الكريم المنان عباده الصابرين في الدنيا قبل الآخرة, فأما في الدنيا فقد بشر الصابرين بالتمكين في الأرض بعد اندحار الباطل, وأفول شمسه أرجع بذاكرتك إلى الوراء, وتذكر موسى وقومه وقد أصبحت الكلمة كلمتهم, والمقالة مقالتهم بعد أن كُبت الطاغية وجنده , فالأجسام للغرق, والأرواح للحرق, ثم اقرأ حديث مولاك, وهو يصف ذلك المشهد المهيب : (( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ)) (لأعراف:137) .

ومن بشائر الصابرين في الدنيا كذلك: نيل, الإمامة وتولي القيادة قال جل وعلاء ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ)) (السجدة:24

وأما بشائرهم في الآخرة : فجنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر . وجزاهم بما صبروا جنةً وحريراً, متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريرا, ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليل, يطاف عليها بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا . قوارير من فضة قدروها تقديرا ويسقون من كأس كان مزاجها كافوراً عينا فيها تسمى سلسبيلا ويطوف عليهم ولدانٌ مخلدون إذا رايتهم حسبتهم لولواً منثورا وإذا رأيت ثم رأيت نعيما ومكلم ... مشكوراً

اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة،

اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين، يا ربَّ العالمين, ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.

اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور،وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
__________________

  #6  
قديم 04-01-2006, 01:51 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile إلى ابني دعوه ودمعة ...

إلى ابني دعوه ودمعة
خرج من غرفته بجفنين مثقلين ، وفم يتدافع منه التثاؤب ، أزارير ثوبه مفتوحة واضعاً شماغه فوق كتفه ممسكاً بيده هاتفه النقال وهو ينادي الخادمة بصوت عالٍ لتحضر الشاي ثم يتبع سؤال متكرر : هل إتصل علي أحد ؟ ونظرات يبعثرها يمنة ويسرة عله يجد سبباً للنزاع مع من حوله ، فلما لم يجد عاود النداء على الخادمة أين الشاي ؟ على أثرها دخل والده قادماً من المسجد بعد أن أدى صلاة المغرب وعندما أبصر ابنه بهذه الحالة هز رأسه يمنة ويسرة وهو يحوقل ، أما الإبن فتجاهل الوضع وكأنه لم ير شيئاً محاولاً تجنب حوار قد يعيقه عن موعد مع أحد أصدقائه ، لكن والده هذه المره قد عقد العزم على الفصل في وضع ابنه ، جاءت الخادمه تحمل الشاي والخوف يدفعها ، قال لها الأب ضعيه في المجلس فارتسمت على محيا الابن علامات الضجر وبرغم علمه أنه المقصود قال هل سيأتيك ضيوف يا والدي ؟ قال الأب : لا ، لكنني أود الجلوس معك على انفراد

ومضى الأب إلى المجلس وتبعه الابن بخطوات مثقلة ، وأخته تتبعه بنظرة شماته عليه وفرح بموقف والدها ، بعد أن جلسا رفع الأب بصره إلى السماء ودفع من صدره آهة كبيرة ولسان حاله يسأل الإعانة في حوار يأمل أن يكون تربوياً ونافعاً ، وقال : يا بني عمرك الآن ثمانية عشر عاماً وأنت إلا الآن تجرجر أفعالك من زمن الصبا ... تنام عن الصلوات المكتوبة ولا تبالي متى تؤديها ولا كيف تؤديها ، وعندما تستيقظ يسبقك حالة من الطوارئ ، كل من في البيت يحاول جاهداً تجنب مقابلتك أو الصدام الخاسر معك ، تبذل وقتك في السهر مع رفاقك ، وتأبى أن تصحب إخوتك إلى الطبيب ، أو أمك إلى السوق ، يأتينا الضيوف فلا يجدونك ونذهب إليهم فلا ترافقنا ، تمضي الساعات الطوال مع أصحابك في لعب الورق ومشاهدة القنوات الفضائية أو في الأحاديث الذابلة ، وتبخل على مستقبلك بساعة تقضيها في مراجعة دروسك ، همك أن تجد سيارتك مجددة النظافة وملابسك قد أعيد كيها وتسأل عن أدق التفاصيل فيها ولا يخطر ببالك أن تسأل عن جدتك المريضة ، أهذه حياة ترضاها لنفسك ؟ أهذه طريق نأمل أن تقودك إلى السعادة الحقة ؟

أتحدى أن تكون قد أمضيت خمس دقائق تتأمل فيها وضعك ووضع أصحابك الذين تصحبهم إلى ما بعد منتصف الليل حين تعود إلى المنزل وكأنك فارس زمانك ، إسأل نفسك كم مرة مضى على آخر مرة تناولت فيها العشاء معنا ؟ إسألها متى آخر مرة زرت فيها جدتك ؟ بل إسألها متى آخر مرة صليت فيها فرضاً غير الجمعة في المسجد ؟ بل إنك حتى صلاة الجمعة كثيراً ما تفوتك الركعة الأولى منها ، أنا لا أطلب منك المستحيل ولا أنتظرك أن تعفيني من بعض متبعاتي تجاه أسرتي ، بل أريد أن تضع قدمك على الطريق الصحيح ، ولك أن أفرش دروبك بالورد ما استطعت

بعد الليلة الأولى من رمضان الماضي لم أرك تقرأ في كتاب الله الكريم غير أنك تمضي الساعة والساعتين تقرأ كل سطر في الصحف ، لا يا بني هذه ليست عيشة أرضاها لفلذة كبدي

وفجأة .. قطع حديث الأب صوت كوابح سيارتين في الشارع المجاور ثم صوت ارتطام شديد . خرجا - وهما يسألان الله اللطف - ليستطلعا ما حدث ، وبعد خطوات من الجري توقف الابن وهو يردد لا .. لا

ثم جثا على ركبيته وهو يجهش بالبكاء ، وعاد إليه والده قائلاً ما بك ؟ هل تعرفه ؟

أجابه نعم إنه صديقي الذي كنت على موعد معه قبل حديثك معي . كان المفترض أن أكون معه الآن لولا إرادة الله . ثم حديثك معي ، أتدري يا والدي كنت أتمنى أن ينتهي حديثك معي سريعاً ليس لأنني مللته ولكن لأني كنت قد عزمت الأمر على مصارحة صاحبي بأن يتغير مسار حياتنا إلى ما يرضي الله ثم يرضي والدينا ، غير أن ما ترى من قضاء الله وقدره قد سبقني إليه

__________________

  #7  
قديم 04-01-2006, 08:12 PM
h_nawras77 h_nawras77 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: عآلمـ الندمـ وَ التـوبـة
المشاركات: 55
Smile حلقات من القصص المؤثرة

و إني لأندم أشد الندم على يوم ينقص فيه عمري و لا يزيد به عملي ، و إني لأندم أشد الندم على يوم ينقص فيه جهدي و لا يزيد فيه ثوابي ... اللهم إغفر و آرحم و آعف ... يا الله .. يا الله ... و تب علي . "و من يتصبر يصبره الله و ما أعطي أحد خيرا و أوسع من الصبر." جزاك الله خيرا كثيرا .. ولك مني كل التقدير ، و لا تحرمنا من كتاباتك المشوقة . و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
__________________


سلام اذا حان وقت مماتي ...
وغطى التراب الطهور رفاتي..
وصرت بظلمة قبري وحيدة ..
ولا من شفيع سوى حسناتي ..
فلا تذكروني بسوء فيكفي ..
الذي قد جنيت طوال حياتي ..
دعوني أنم في قبري سعيدة ..
وعذرا عن كل ماضٍ وآتي ..
.................................................. .

لئن باعدت بيننا الدنيا ففي...جنات عدن للأحبة مجمع...نستودعكم الله
  #8  
قديم 04-01-2006, 11:03 PM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

الأخت هبه أهلا بك في الخيمة الإسلامية وأشكرك على المرور والدعاء وحسن الظن وبارك الله تعالى بكي
__________________


آخر تعديل بواسطة النسري ، 04-01-2006 الساعة 11:16 PM.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م