مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 27-12-2005, 03:07 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
Smile مشكورة أختي الفاضلة أركيدا على المرور و إن شاء الله تعم الفائدة

الدليل الثاني على تحريم الزواج بالكتابية:
ما ورد من الآثارعن بعض الصحابة رضي الله عنهم من النهي عن زواج المسلم بالكتابيات، كما مضى عن عمر وابنه عبد الله وابن عباس، رضي الله عنهم. فقد نهى عمر رضي الله عنه طلحة وحذيفة عن إمساك امرأتيهما الكتابيتين، وغضب غضبا شديدا عليهما بسبب ذلك الزواج، وهم أن يسطو عليهما، وعندما قالا له: نحن نطلق ولا تغضب، قال لهما: لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن، ولكن أنتزعهن منكم صغرة قماء، وهذا يدل على أن نكاح الكتابيات باطل من أصله عند عمر.
ونقل ابن جرير عن ابن عباس ما يدل على تحريم نكاح الكتابيات، كغيرهن من الوثنيات.
وأما ابن عمر فقد صرح بأنه لا يعلم شركا أعظم من قول النصرانية: ربها عيسى وهو عبد الله. فهذه الآثار واضحة في دلالتها على التحريم.

وأجاب الجمهور عن هذا الدليل، فقالوا: إن عمر رضي الله عنه، إنما كره زواج المسلم بالكتابية، ولم يحرمه، وقد صرح بعدم التحريم عندما أمر حذيفة أن يفارق امرأته اليهودية، فكتب إليه حذيفة: أحرام هي؟ فكتب إليه عمر: لا، ولكن أخاف أن تواقعوا المومسات منهن. [أحكام القرآن (1/333) للجصاص]
وذكر ابن جرير رحمه الله عن ابن عباس رواية أخرى، تدل على أنه يرى جواز نكاح المسلم الكتابية، فقد روى بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن: ثم استثنى أهل الكتاب فقال: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب حل لكم إذا آتيتموهم أجورهن.
وذكر ابن جرير كذلك عن عمر رضي الله عنه القول بالجواز، فروى بسنده عن زيد ابن وهب، قال: قال عمر: المسلم يتزوج النصرانية، ولا يتزوج النصراني المسلمة. ثم قال – ابن جرير: وإنما كره لطلحة وحذيفة - رحمة الله عليهم – نكاح اليهودية والنصرانية، حذرا من أن يقتدي بهما الناس في ذلك، فيزهدوا في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني، فأمرهما بتخليتهما.
ثم روى – ابن جرير – بسنده عن شقيق قال: تزوج حذيفة يهودية، فكتب إليه خل سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن. [جامع البيان عن تأويل آي القرآن (2/376-378)]
فهذه الروايات تدل على أن غاية ما قصده عمر وابن عباس، هي الكراهة، ولم يريدا التحريم، وبذلك يُجمَع بين الروايات عنهما.

وأما ابن عمر، فقد روي عنه الكراهة، كما روى عنه نافع أن كان لا يرى بأسا بطعام أهل الكتاب، وكره نكاح نسائهم، ولما سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية، قال: إن الله حرم المشركات على المسلمين قال: فلا أعلم من الشرك شيئا أكبر – أو قال -: أعظم من أن تقول ربها عيسى وهو عبد ممن عباد الله.
قال الجصاص: رحمه الله – بعد أن ساق الروايتين -: فكرهه في الحديث الأول ولم يذكر التحريم، وتلا في الحديث الثاني الآية ولم يقطع فيها بشيء، وإنما أخبر أن مذهب النصارى شرك، ثم ذَكَر عنه رواية أخرى استنبط منها أن ابن عمر رضي الله عنهما كان متوقفا في الحكم، فروى بسنده عن ميمون بن مهران قال: قلت لابن عمر: إنا بارض قوم يخالطنا فيها أهل الكتاب، فننكح نساءهم ونأكل طعامهم، قال: فقرأ عليَّ آية التحليل و آية التحريم. قال: قلت: إني أقرأ ما تقرأ، فننكح نساءهم ونأكل طعامهم، فأعاد عليَّ آية التحليل وآية التحريم. ثم قال الجصاص: قال أبو بكر: عُدُولُه بالجواب بالإباحة والحظر إلى تلاوة الآية دليل على أنه كان واقفا في الحكم، غير قاطع فيه بشيء.
وما ذكره عنه من الكراهة يدل على أنه ليس على وجه التحريم، كما يكره تزويج نساء أهل الحرب من الكتابيات. [أحكام القرآن (1/332-333)]
تلك هي الآثار التي استدل بها القائلون بالتحريم، وهذه أجوبة من رأى الإباحة.
وبهذا يعلم أنه لم يوجد دليل يقوى على معارضة آية المائدة الدالة على الإباحة.


تنبيه:
حَمْلُ النحاسِ كلامَ ابنِ عمرَ على الكراهة التنزيهية، أو على التوقف، خلاف ظاهر كلامه، ولهذا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وقال أبو عبيد: المسلمون اليوم على الرخصة، وروي عن عمر أنه كان يأمر بالتنزه عنهن من غير أن يحرمهن، وزعم ابن المرابط تبعا للنحاس وغيره، أن هذا مراد ابن عمر أيضا، لكنه خلاف ظاهر السياق، ولكن الذي احتج به ابن عمر يقتضي تخصيص المنع بمن يشرك من أهل الكتاب، لا من يوحد، وله أن يحمل آية الحل على من لم يبدل دينه منهم " [فتح الباري (9/416-417)]
هذا وقد يستدل مستدل على تحريم زواج المسلم بالكتابية، بالنصوص الدالة على وجوب معاداة المسلمين للكفار وعدم موالاتهم، وبخاصة ما ورد في معاداة أهل الكتاب، كقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين  [المائدة: 51]
والموالاة تشمل المحبة والنصرة، والزوج لا بد أن يحب امرأته،
وقد يميل إلى بعض ما تهوى مما لا يقره الإسلام، ولكن الاستدلال بهذا بعيد لأمور:
الأمر الأول: أن الله تعالى الذي نهى المسلمين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، هو الذي أحل نساء أهل الكتاب للمسلمين، وهو يعلم تعالى ما يترتب على ذلك، والمؤمن مأمور أن يتقي الله ما استطاع.
الأمر الثاني: أن محبة الزوج لامرأته، هي من نوع المحبة الطبيعية التي لا تدخل في المحبة المنهي عنها، وهي المحبة الدينية أي أن يحبها لدينها وأخلاقها وعاداتها التي تخالف سريعة الإسلام، فلا يضره أن يحب امرأته المحبة الطبيعية.
وحكم امرأته الكتابية التي أحلها الله له، كحكم أمه وأبيه وأقاربه المشركين، الذين قال الله تعالى في شأنهم: عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون  [الممتحنة 7-9] والبر هو الصلة الدنيوية.
الأمر الثالث: أن الأصل في المسلم الذي يتزوج الكتابية، أن يجتهد في دعوتها إلى الإسلام، لأن من أهم أهداف حلها له، أن يرغبها في الإسلام لتدخل فيه ن كما قال علاء الدين الكاساني "فكان في نكاحه إياها رجاء إسلامها، فيجوز نكاحها لهذه العاقبة الحميدة، بخلاف المشركة.. " [بدائع الصنائع (3/1414) وراجع حاشية منهاج النووي (3/187)]
والخلاصة: أن زواج المسلم بالكتابية التي لم تخرج عن دينها إلى الوثنية أو الإلحاد، جائز مع الكراهة، إذا تزوجها في دار الإسلام – وهي الذمية –
وبهذا يعلم أن الراجح هو مذهب الجمهور لما مضى من الأدلة.
وسبب القول بالكراهة خشية تأثير الكتابية على زوجها المسلم وأسرته وأولاده، بمعتقدها أو عاداتها وأخلاقها التي تخالف الإسلام.
والله أعلم.
  #2  
قديم 27-12-2005, 03:11 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

الفصل الثاني:
حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب

تمهيد
الآية التي دلت على جواز زواج المسلم بالكتابية، لم تفرق بين أن يتزوجها في دار الإسلام أو في دار الحرب.
ولكن دار الحرب تختلف عن دار الإسلام، بأن السيطرة في دار الإسلام للمسلمين الذين هم أهل الحل والعقد، يحكمون بشريعة الله التي أنزلها في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتظهر فيها شعائر الإسلام، واحتمال ميل الزوجة إلى دين زوجها المسلم وارد، كما أن احترامها لآداب الإسلام، وعدم مجاهرتها بما يخالفها أقرب، إرضاءً لزوجها الذي يغيظه مخالفة دينه في الأخلاق وارتكاب المحرمات، وإن تساهل فيه مراعاة لمعتقدها الذي تزوجها مع علمه به.
وهذا بخلاف دار الحرب التي تكون الهيمنة والسيطرة فيها للكفار الذين هم أهل الحل والعقد، والحكم فيها إنما يكون بقوانينهم التي تخالف الإسلام، كما أن الشعائر الظاهرة فيها هي شعائر الكفر، وليست شعائر الإسلام، والأخلاق السائدة فيها هي أخلاق الكفار.
ولهذا تكون الزوجة الكتابية في بلاد الحرب، أكثر تمسكا بدينها وأخلاقها وعاداتها، وأقل ميلا إلى دين زوجها وأخلاقه … بل إنه ليخشى على زوجها المسلم أن يتأثر بمحيط الكفر الذي يعيش فيه، ويخشى أكثر على ذريته من التدين بدين أمهم التي تربيهم عليه.


ولهذا اختلف العلماء الذين أجازوا زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام، في زواجه بها في دار الحرب.
فقد ذكر القرطبي رحمه الله: أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حربا؟ فقال: " لا يحل – وتلا قوله تعالى: وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله تعالى  وهم صاغرون  " [التوبة 29] قال المتحدث: حدثت بذلك إبراهيم النخعي فأعجبه – يعني أن إبراهيم يقول بالتحريم – وكره مالك تزوج الحربيات، لعلة ترك الولد في دار الحرب، ولتصرفها في الخمر والخنزير. اهـ [ الجامع لأحكام القرآن 3/69 ]
فمذهب ابن عباس رضي الله عنهما وإبراهيم النخعي، تحريم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب، ويحتمل أن تكون كراهة الإمام مالك رحمه الله لذلك، كراهة تحريم.
وسبب التحريم أن المسلم مأمور بقتال الكفار المحاربين، وفي زواجه بالحربية في دار الحرب ركون إلى تلك الدار، وداع إلى سكناه بها وبقائه فيها، وذلك يعود إلى معنى قتاله مع إخوانه المسلمين بالنقض، بل إن في بقائه في دار الحرب مع ذريته، تكثير لسواد الكفار المحاربين على المسلمين.
كما أن امرأته الحربية قد تنشئ أولاده وتربيهم على النصرانية وبغض المسلمين، وغير ذلك من المفاسد المترتبة على زواجه بالحربية في دار الحرب.
أقوال العلماء في حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب.
وقد صرحت كتب المذاهب الفقهية بكراهة الزواج بالكتابية في دار الجرب، إلا أن بعضهم يفسرون الكراهة بكراهة التحريم، وبعضهم يفسرونها بكراهة التنزيه.
قال السرخسي رحمه الله: "بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن سئل عن مناكحة أهل الحرب من أهل الكتاب؟ فكره ذلك، وبه نأخذ، فنقول: يجوز للمسلم أن يتزوج كتابية في دار الحرب، ولكنه يكره، لأنه إذا تزوجها ثمة، ربما يختار المقام فيهم وقال صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من كل مسلم مع مشرك، لا تراءى ناراهما [رواه أبو داود (3/ 105) ولفظه: (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين) قالوا: يا رسول الله لِمَ؟ قال: (لا تراءى ناراهما)] ولأن فيه تعريضَ ولده للرق، فربما تحبل فتسبى، فيصير ما في بطنها رقيقا، وإن كان مسلما، وإذا ولدت تخلق الولد بأخلاق الكفار، وفيه بعض الفتنة، فيكره لهذا. " [المبسوط (5/50) وراجع مجمع الأنهر في شرح مرتقى الأبحر (1/328) وكتاب السير الكبير (5/1838) للإمام محمد بن حسن الشيباني]
ورجح الفقيه الحنفي محمد أمين المشهور بابن عابدين رحمه الله أن الكراهة هنا كراهة تحريمية، وليست كراهة تنزيه، فقال: "وفيه أن إطلاقهم الكراهة في الحربية يفيد أنها تحريمية، والدليل عند المجتهد على أن التعليل يفيد ذلك، ففي الفتح: ويجوز تزوج الكتابيات، والأولى أن لا يفعل … وتكره الكتابية الحربية إجماعا، لافتتاح باب الفتنة، من إمكان التعليق المستدعي للمقام معها في دار الحرب، وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر، وعلى الرق، بأن تسبى وهي حبلى، فيولد رقيقا، وإن كان مسلما اهـ. [حاشية رد المحتار على الدر المختار (3/45) وصرح الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته (7/145) أن الحنفية يحرمون الزواج بالحربية في دار الحرب]
فقوله: "والأولى ألا يفعل" يفيد كراهة التنزيه في غير الحربية، وما بعده يفيد كراهة التحريم في الزواج بالحربية في دار الحرب.
وقال في الشرح الصغير – في المذهب المالكي – " وتأكد الكره – أي الكراهة – إن تزوجها بدار الحرب، لأن لها قوة بها لم تكن بدار الإسلام، فربما ربت ولده على دينها، ولم تبال باطلاع أبيه على ذلك … [الشرح الصغير (2/420)]
وقال النووي رحمه الله: "وتحل كتابية، ولكن تكره حربية، وكذا ذمية على الصحيح" وقال في الحاشية: "لكن الحربية أشد كراهة منها" [المنهاج مع حاشيته (2/187)]
وقال الخرقي رحمه الله: "ولا يتزوج في أرض العدو، إلا أن تغلب عليه الشهوة، فيتزوج مسلمة ويعزل عنها، ولا يتزوج منهم، ومن اشترى منهم جارية لم يطأها في الفرج، وهو في أرضهم" وقال ابن قدامة – معلقا على ذلك: " يعني والله أعلم من دخل أرض العدو بأمان، فأما إن كان في جيش المسلمين فمباح له أن يتزوج، وقد روي عن سعيد بن أبي هلال أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، زوج أبا بكر أسماء بنت عميس وهم تحت الرايات. أخرجه سعيد، لأن الكفار لا يَدَ لهم عليه، فأشبه من في دار الإسلام.
أما الأسير فظاهر كلام أحمد أنه لا يحل له التزوج ما دام أسيرا، لأنه منعه من وطء امرأته إذا أسرت معه، مع صحة نكاحهما، وهذا قول الزهري، فإنه قال: لا يحل للأسير أن يتزوج ما دام في أرض المشركين " [المغني (9/292-293)]

وقال ابن القيم رحمه الله: "وإنما الذي نص عليه أحمد، ما رواه ابنه عبد الله، قال: كره أن يتزوج الرجل في دار الحرب، أو يتسرى، من أجل ولده، وقال في رواية إسحاق بن إبراهيم: لا يتزوج ولا يتسرى الأسير، ولا يتسرى بمسلمة، إلا أن يخاف على نفسه، فإذا خاف على نفسه لا يطلب الولد …" [أحكام أهل الذمة (2/420)]
وبهذا يظهر أن مذهب الإمام أحمد، أكثر صراحة في تحريم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب، بل لا يبيح له وطء أمته المسلمة أو امرأته في دار الحرب إلا للضرورة، مع توقي إنجاب الولد. ويلي مذهب الإمام أحمد في الصراحة بالتجريم المذهب الحنفي.
  #3  
قديم 27-12-2005, 03:13 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

أسباب تحريم العلماء زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب.

والذي دعا العلماء إلى القول بتحريم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب أو كراهته، يتلخص في ثلاثة أمور رئيسة:
الأمر الأول: الخوف على ذرية المسلم المولودين في دار الحرب.
من أن يربوا على غير دين أبيهم، فيكون بذلك قد غرس لأعداء الإسلام غرسا يكثر به سوادهم، ويخسر بذلك المسلمون الذين هم أولى بتكثير سوادهم، وقد علم أن حفظ النسل ضرورة من ضرورات الحياة التي يجب حفظها وحمايتها.
والمقصد الأساسي من حفظ النسل البشري في الأرض، أن يكون النسل محققا لعبادة الله، لأن الله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته، كما قال تعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون  [ الذاريات 56 ]
وبعبادة الله تعالى يُعْمَر الكونُ عمارة ترضيه، وتحقق للبشرية السعادة في الدنيا والآخرة، والمسلم الذي يلقي نطفته في رحم يعلم أو يغلب على ظنه، أن ذريته المتناسلة من ذلك الرحم سيكونون في عداد الكفار الذين يصدون عن دين الله، يكون قد أضاع نسله، ولم يحفظه الحفظ الذي يترتب عليه المقصد الأساسي منه.
ولهذا نص بعض العلماء على أن المسلم لا يتزوج في دار الحرب وإن خاف على نفسه. وبعضهم أجاز له أن يتزوج بمسلمة ويعزل عنها ز وبعضهم أجاز له التزوج بالحربية ولا يقصد الولد، ولا يطأ جاريته في فرجها. كل ذلك من أجل الخوف على ولده من الكفر.
الأمر الثاني: الخوف من اختيار المسلم المقام بين ظهراني الكفار الحربيين، لما في ذلك من المفاسد:

مفاسد الزواج بالكتابية في دار الحرب
المفسدة الأولى: مخالفة الأمر بالهجرة إلى بلاد الإسلام.

وفي ذلك تعريض المسلم نفسه لعذاب الله وسخطه، وإذلال نفسه لعدوه، كما قال تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا 
قال القرطبي رحمه الله: "المراد بها جماعة من أهل مكة، كانوا قد أسلموا، وأظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم الإيمان به، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، أقاموا مع قومهم، وفتن منهم جماعة فافتتنوا، فلما كان أمر بدر خرج منهم قوم مع الكفار، فنزلت الآية …" [الجامع لأحكام القرآن (5/345)]
فالمسلم الذي يقيم في بلاد الحرب وهو قادر على الهجرة إلى بلاد الإسلام معرض لسخط الله.

المفسدة الثانية: تكثير سواد الكافرين، وتقليل سواد المسلمين.

وفي ذلك تقوية للكفار، وإضعاف للمسلمين.
المفسدة الثالثة: تعريض ذريته للكفر، أو الاسترقاق، ولو كانوا مسلمين، ذلك أن امرأته قد يأسرها المسلمون وهي حامل، فيكون ولدها رقيقا.
المفسدة الرابعة: ما قد يتعرض له المسلم من المنكر.

ومن ذلك تعاطي المحرمات التي قد لا يستطيع الإفلات من تعاطيها، ومشاهدة المنكرات الكثيرة التي تجعله يألفها ولا ينكرها قلبه، بل قد يموت قلبه فيرضى بها لكثرتها.
المفسدة الخامسة: ما تمارسه امرأته من منكرات.

فقد تمارس أنواعا كثيرة من تلك المنكرات، وقد يميل مع طول الوقت والمعايشة، إلى كثير من تلك المنكرات المخالفة لدينه، إن سلم من الارتداد عنه.
ومن هنا يبدو رجحان القول بتحريم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب، لأن زواجه بالكتابية في دار الإسلام مباح مع الكراهة، ومعلوم أن تناول المباح إذا أدى إلى مفاسد تفوق المصلحة من تناوله، غلب جانب المفسدة الراجحة فيدخل في الحرام بذلك، ومفاسد نكاح الكتابية في دار الحرب تفوق المصالح المترتبة عليه كما هو واضح مما تقدم، و الله تعالى أعلم
  #4  
قديم 27-12-2005, 03:16 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

الفصل الثالث:
حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الكفر اليوم


هذا الموضوع هو أصعب موضوعات هذه الرسالة، وسبب صعوبته أن أحوال بلدان المسلمين وبلدان الكفر قد تغيرت.
فقد كانت الأرض في العصور الإسلامية السابقة، تنقسم إلى بلاد إسلام يطبق فيها شرع الله، وأهل الحل والعقد فيها هم المسلمون، وترفع بها راية الإسلام، وتبعث منها كتائب الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله، وبلادِ كفرٍ أهلُها يحاربون الإسلام، حربا مباشرة، ولا يخرجها عن كونها بلاد حرب، إلا المعاهدات التي تعقد بين زعماء المسلمين وزعماء تلك البلدان.
أما الآن فإن كثيرا من بلدان المسلمين التي كل سكانها أو غالبهم مسلمون، قد تربع على كراسي حكمها من يحاربون الإسلام وتطبيق شريعته، أشد من كثير من الكفار الحربيين.
ومن أمثلة ذلك بعض الشعوب الإسلامية التي حكمها شيوعيون ملحدون، لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا باليوم الآخر ولا بالوحي، بل يعدون الإيمان بالغيب الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب، خرافة تجب محاربتها والقضاء على من يعتقدها ويؤمن بها.
وكذلك العلمانيون الذين يرون إقصاء الإسلام عن حياة الناس، ويسندون رأيهم بالقوة، ويرون أن قوانين البشر أنفع لحياة الناس من أحكام القرآن والسنة، وقلما تَخْلُو من أحد هذين الصنفين بلادٌ من بلدان المسلمين، وإن كانوا في بعض الشعوب لا يجرؤن على الظهور بمظهر الدعوة إلى إقصاء الإسلام علنا، لعلمهم بأن الظروف غير مناسبة لذلك.
فبماذا نحكم على هذه البلدان التي يحكمها أمثال هؤلاء؟

أهي بلاد إسلام، نظرا لأن كل سكانها، أو أغلبهم مسلمون _ وإن كان الحل والعقد فيها لغير المسلمين – أم هي بلاد كفر، لأن الأحكام التي تنفذ فيها هي أحكام القوانين التي تعارض نصوص القرآن والسنة التي أجمعت الأمة على وجوب الحكم بها؟
وتعريف بعض علماء الإسلام لبلاد الإسلام وبلاد الكفر يرجح اعتبارها دار كفر، وليست دار إسلام، فقد قال علاء الدين الكاساني رحمه الله: "إن دار الكفر تصير دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها … وإن دار الإسلام تصير دار كفر بظهور أحكام الكفر فيها " [ بدائع الصنائع 9/4374.. ]
وقد سألت بعض العلماء المعاصرين عن تعريفهم لدار الكفر ودار الإسلام، فلم يجبني إلا سماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق في المملكة العربية السعودية الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله، وهذا نص جوابه: "نفيدكم أن العبرة بمن كانت له الولاية والحل والعقد والتصرف في البلد، فإن كان ذلك للمسلمين، فهي دولة إسلامية، وإن وجد بها كفار، وإن كان الحل والعقد والتصرف والولاية للكفار، فتعتبر الدولة كافرة، وإن كثر فيها المسلمون" [ في خطاب خاص بعث به إلي برقم (422/1 وتاريخ 7/3/1401هـ ]
يلاحظ أن الشيخ اختار لفظ " الدولة " ولم يختر لفظ " الدار " ولعله لا يريد أن يسمي الدار دار كفر، لأن بعض بلدان المسلمين يحكمها من لا يؤمن بالإسلام.
ولقد ابتلي المسلمون بهذا الوضع الشاذ في كثير من بلدانهم، ولو طبقنا تعريف بعض العلماء لبلاد الكفر، لما سلم من هذا الوصف كثير منها، وفي ذلك من الأخطار ما فيه، إذ يترتب عليه ألا يتزوج المسلم في بلاده التي تلك صفتها بالمسلمة، فضلا عن الكتابية، خشية من أن يصبح أولاده شيوعيين أو علمانيين يحاربون الإسلام، وإذا اضطر إلى ذلك لا يقصد الولد.
لهذا لا أريد الخوض في هذا الأمر، وعلى المسلمين أن يتقوا الله ما استطاعوا في بلدانهم، وأن يصبروا على التمسك بدينهم، وعلى تنشئة أولادهم عليه، حسب قدرتهم ووسعهم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
ولندع بلدان المسلمين، وننتقل إلى الكلام عن بلدان الكفر، لنعرف كيف تغيرت أحوالها هي أيضا، لأنها هي المقصودة في هذا الموضع.
  #5  
قديم 27-12-2005, 03:19 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

حكم زواج المسلم بالكتابية في بلاد الكفر اليوم.

والكلام فيها يتلخص في ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: صفة بلاد الكفر اليوم.
المسألة الثانية: حالة المسلمين في بلاد الكفر اليوم.
المسألة الثالثة: حكم زواج المسلم بالكتابية في بلاد الكفر اليوم.
المسألة الأولى: صفة بلاد الكفر اليوم.

لقد كانت الخلائق في آخر عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال ابن القيم رحمه الله ثلاثة أقسام: "مسلم مؤمن به، ومسالم له آمن، ومحارب" [ زاد المعاد 3/160 ] والمراد بالمسالم له الآمن أهل الذمة.
وأما الأرض فكانت قسمين: أرض الإسلام، وهي التي يدين أهلها بالإسلام، أو يخضعون لحكمه بأداء الجزية، وأرض الكفر، وهي التي يسيطر عليها الكفار المحاربون.
وهكذا استمرت الأرض في عهد أصحابه، رضي الله عنهم، إما بلاد إسلام وإما بلاد حرب، والبلدان التي كانت تعقد هدنة مؤقتة مع المسلمين، هي بلاد حرب مالم يؤد أهلها الجزية ويخضعوا لحكم الإسلام.

أما الآن فإن بلدان الكفار إذا تأملت واقعها، وجدتها تنقسم قسمين:
القسم الأول: بلدان يعلن أهلها الالتزام بالسلم ونبذ الحرب، مع الشعوب الإسلامية وغيرها، وهي في الحقيقة ذات صفتين:
صفة تبدو بها أنها ليست بلاد حرب، وهي صفة المعاهدات والاتفاقات الدولية، التي يترتب عليها تبادل السفراء، والمعاملات التجارية والاقتصادية والصناعية والثقافية، وغيرها من المنافع، فهي بهذه الصفة شبيهة ببلاد العهد في العصور الإسلامية السابقة، إلا أن العهد في هذا العصر يتخذ صفة الدوام، وليس على أسس إسلامية، كما كان في السابق، وغالب المعاهدات والاتفاقات تكون المصالح الراجحة فيها لأهل الكفر وليست لأهل الإسلام، لأن أهل الكفر - وبخاصة البلدان الغربية - عندهم من القوة ما يجعلهم يسيطرون على من سواهم.
ومن الأمثلة على ذلك: أمريكا وبعض دول أوربا وغيرها …
وصفة تبدو بها دار حرب، وذلك من ثلاثة جوانب:
الجانب الأول: أنها تساعد الدول المحاربة للمسلمين بالمال والسلاح والغذاء والخبراء والإعلام، وكل ما تحتاج إليه الدولة المحاربة، كما تفعل أمريكا مع اليهود ضد المسلمين في فلسطين والدول العربية المجاورة، وكما تفعل مع الفليبين ضد المسلمين في الجنوب …
الجانب الثاني: أن أساطيلها البحرية وأسراب طائراتها الجوية، وجحافل جيوشها البرية، تجوب البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، وهي على استعداد في أي وقت لمهاجمة أي دولة من دول الشعوب الإسلامية، إذا خرجت على مخططاتها الظالمة، كما فعلت أمريكا نفسها مع السودان، عندما هاجمت مصنع الشفاء، وكما فعلت في أفغانستان في نفس الفترة، وقد زاد عدوانها على العالم، وبخاصة المسلمين، بعد حادث مبنى التجارة العالمي في نيويورك يوم 11 سبتمبر 2001م
الجانب الثالث: أنها تسعى لإيجاد أحزاب تواليها وتؤيدها في داخل الشعوب الإسلامية، لمحاربة الإسلام والمسلمين، وتقوم بإمداد تلك الأحزاب بالمال والعتاد والخبراء، وبالوسائل الإعلامية، وتدفع تلك الأحزاب للقيام بانقلابات في داخل الشعوب الإسلامية، إذا لزم الأمر، من أجل القضاء على الحركات الإسلامية، كما حاولت ذلك – ولا زالت تحاول – في السودان - حيث دعمت الدول المجاورة، بالمال والسلاح، ودعمت الأحزاب السودانية الشمالية الموجودة في خارج السودان، لفتح جبهات قتالية، كما دعمت الحركات النصرانية والوثنية في جنوب السودان، لنفس الغرض.
وهذه الجوانب الثلاثة كافية لعد تلك الدول الكافرة دول حرب، وبلدانها بلدان حرب.
وقد اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم قريشا – في مدة الهدنة بينه وبينهم – حربا على المسلمين، بسبب إعانتهم بني بكر الذين دخلوا في عهدهم بالسلاح، على خزاعة الذين دخلوا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. [راجع في ذلك تفسير الإمام البغوي 2/266]
وإذا كانت الشعوب الإسلامية غير قادرة في الوقت الحاضر ـ بسبب ما هي فيه من ضعف وتفرق، وبسبب المعاهدات والاتفاقات الدولية التي لا طاقة لهم بمخالفتها ـ أن تعامل تلك الدول المعتدية عليها معاملة الحربيين بكثير من الأحكام الشرعية، كدعوتها لأحد أمرين: الدخول في الإسلام، أو أداء الجزية، فإن أبوا فإعلان الجهاد في سبيل الله، كما كان ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومضى عليه السلف الصالح، عندما كانوا متمسكين بالإسلام، فيجب أن يعد المسلمون العدة المعنوية، وهي تقوية إيمانهم، والتقرب الصادق والإخلاص الكامل لله عز وجل، والعدة المادية، من اقتناء العتاد وصنعه، وتدريب الشعوب الإسلامية ليوم اللقاء المرتقب.
القسم الثاني: دار إسلام من حيث الأصل، ولكها أصبحت دار حرب، بسبب استيلاء أعداء الإسلام من اليهود عليها، وهي أرض فلسطين التي انتزعها اليهود بمناصرة النصارى في البلدان الغربية، وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فهي من حيث هذا الاستيلاء دار حرب.
والأصل أنه لا فرق في الحكم بين دار الحرب في الماضي، ودار الحرب في هذا الزمان، من حيث عدم جواز زواج المسلم بالكتابية فيها، لما مضى من الأدلة القاضية بذلك.
أما زواج المسلم بالمسلمة في هذا البلد، فلا يمكن تطبيق حكم دار الحرب عليه، فلا يمنع المسلم من الزواج بالمسلمة، بحجة تعريض الولد للكفر وأخلاق الكفار، أو تكثير سواد الحربيين، لأن الزواج وقصد الأولاد والإكثار من النسل، هو في مصلحة المسلمين الذين يجب عليهم أن يتخذوا كل الأسباب التي تحرر الأرض المباركة وقبلة المسلمين الأولى، من أيدي العدو اليهودي المغتصب، وكثرة النسل يعين المسلمين على كثرة المجاهدين، والإعداد لطرد اليهود منها، ولا يجوز للمسلمين الهجرة هن بلادهم، بحجة أنها دار حرب، لأنالمحارب معتد طارئ الوجود في البلد، ولأن في هجرة المسلمين من بلادهم، يتيح لأعداء الإسلام الاستئثار بها، وخسارة المسلمين لأرضهم.
والواجب على المسلمين المجاورين لأرض فلسطين، أن ينصروا المجاهدين الفلسطينيين، حتى تتحرر أرضهم، وإذا لم يكف هؤلاء وهؤلاء، وجب على من يليهم في البلدان الإسلامية أن ينضموا إليهم، حتى لو لم يكف لجهاد لأعداء الله من اليهود إلا جميع المسلمين، لوجب عليهم عينا القيام بذلك، وإلا كان كل قادر منهم على الاشتراك هذا الجهاد آثما إذا لم يقم به.
_
  #6  
قديم 27-12-2005, 03:27 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

المفاسد المترتبة على زواج المسلم بالكتابية في دار الكفر

أما دار الكفر في هذا الزمان، فإن الزواج بالكتابية فيها يترتب عليه مفاسد كثيرة، ومنها ما يأتي:
المفسدة الأولى: إقامة المسلم في دار الكفر.
وذلك مخالف لحكم الهجرة من دار الكفر إلى الإسلام، كما هو معروف.
المفسدة الثانية:
إعانة المسلم المقيم في بلاد الكفر للكافرين على المسلمين، لما يبذله من جهد وطاقة في تقويتهم بعمله معهم، سواء كان الجهد بدنياً في المصانع وغيرها، أو عقلياً في شتى العلوم المهمة، كالطب والهندسة الفلك وغيرها، ويدخل في ذلك تقصيره في قتال الكفار المحاربين للمسلمين وهي مفسدة عظيمة لا يجوز إغفالها [ أحكام القرآن للجصاص (1 / 366) ].
المفسدة الثالثة:
تعرض المسلم لعادات أهل الكفر وأخلاقهم ومعاملاتهم التي يكون كثير منها محرماً في دينه، وقد لا يقدر على ترك ذلك لاضطراره إلى الاختلاط بهم في المنازل وأماكن العمل والتنقلات، ويخشى عليه إن كان جاهلاً ضعيف الإيمان، أن يترك دينه ويدخل في دين الكفر وهذا وقع.
المفسدة الرابعة:
فَقْدُ معنى الولاء والبراء الذي أمر الله به المؤمنين، كما قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء يعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) [ المائدة: 51 ]
وقوله تعالى: ((إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين)) [ المائدة: 55 – 57 ].
وقوله تعالى: ((قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده..) [ الممتحنة: 4 ].
والغالب أن المسلم الذي يخالط الكفار ويؤاكلهم ويشاربهم ويصاهرهم يذهب من قلبه العداء لهم، ويقل في قلبه ولاؤه لله ولرسوله ولعباده المؤمنين.
المفسدة الخامسة:
الرضا بالمنكر الذي يراه يتكرر أمام ناظريه في كل وقت: من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير والكفر بالإسلام ووسائل الزنا، بل والزنا نفسه، وقد يقع هو نفسه في تلك المعاصي، لأن إحساسه بمفاسدها وكونها من مساخط الله تعالى يضعف في نفسه لتكرارها وبقائها في محيط أهلها.
المفسدة السادسة:
تأثير امرأته الكتابية عليه بعاداتها وأخلاقها، أكثر من تأثيره هو عليها، لأن المحيط الذي يعيش فيه هو محيطها والبيئة بيئتها، وهي تأكل لحم الخنزير وتشرب الخمر وتختلط بالأجانب من الرجال أمامه، محارم وغير محارم وهي كاشفة أغلب جسمها، وقد تصافحهم، وقد تراقصهم وهو يرى ذلك كله ويسكت عنه فيألف الدياثة، وقد ينالون منها ما وراء ذلك كله، وهو يدري أو لا يدري، كما أنه هو قد يختلط بقريباتها وصديقاتها اختلاطا فيه مفاسد كثيرة على دينه وخلقه، وكيف ينجو من التأثر بذلك وهو في محيطه وبيئته؟!
شرط مفقود في الغالب
ولابد هنا من التأكيد على صفة الإحصان التي أباح الله بها للمسلم أن يتزوج الكتابية في قوله تعالى: ((والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب)) [ المائدة: 5 ] فإن اشتراط هذه الصفة، يدل على عدم جواز زواج المسلم بالكتابية التي لا توجد فيها صفة الإحصان، وقد اختلف في صفة الإحصان هذا على قولين:
القول الأول: أن المراد بها العفة، فإذا كانت الكتابية عفيفة لم تقارف الفاحشة جاز نكاحها، وممن فسر الإحصان بالعفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه عندما كتب إليه حذيفة بن اليمان: "أحرام هي – يعني الكتابية – كتب إليه عمر قائلاً: لا، ولكني أخاف أن تواقعوا المومسات منهن، قال أبو عبيدة: يعني العواهر …"
وقال مطرف عن الشعبي في قوله تعالى: ((والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم)) قال: (إحصان اليهودية والنصرانية: أن تغتسل من الجنابة وأن تحصن فرجها..) [ أحكام القرآن للجصاص (2 / 324) ]، وممن قال بذلك: السدي، ومجاهد وسفيان.
القول الثاني: أن المراد بالإحصان هنا الحرية، أي يجوز نكاح الكتابية الحرة – دون الأمة – وإن كانت قد أتت بفاحشة إذا تابت منها، بشرط أن تكون بموضع لا يخاف الناكح فيه على ولده أن يجبر على الكفر.
وقد رجح هذا القول ابن جرير الطبري، وذكر القائلين به في تفسيره جامع البيان عن تأويل آي القرآن (6 / 107-2-108) ] وعلى كلا القولين فإن الكتابية التي في دار الكفر – وليست في دار الإسلام – يرجح جانب الحذر منها، لما في بيئتها من الفساد الواضح، وكيف تكون عفيفة من توصم بالعار والأمراض النفسية إذا بلغت سناً معيناً، ولم تجد من يعيش معها معيشة غير مشروعة، كما يعيش الزوج مع زوجته؟ وكيف لا يخشى من عدم عفة امرأة تختلط بالأجانب في الخلوة كالجلوة كما مضى؟
المفسدة السابعة:
أن امرأته وهي لا تلتزم بأمر الله ونهيه، قد تنجب ذرية من غيره وينسبون إليه، ويترتب على ذلك أحكام كثيرة فاسدة: فيورثون إذا بقوا على دينه – ولو في الظاهر – ويختلطون بأبنائه وبناته على أنهم محارم، وكذلك أخواته وإخوانه، مع أنهم في الواقع ليسوا أولاده.
المفسدة الثامنة:
أنها قد تُنَشِّئ أولاده على الكفر وعادات الكفار وأخلاقهم، وتأخذهم معها إلى الكنيسة والمراقص والمسارح وأماكن اللهو، وتفسد قلوبهم، ولا يستطيع هو أن يحول بينها وبين ذلك، وقد اشترط ابن جرير رحمه الله في جواز الزواج بالكتابية "أن تكون بموضع لا يخاف الناكح فيه على ولده، أن يجبر على الكفر" [ جامع البيان عن تأويل آي القرآن (6 / 108) ].
وليس من شرط الإجبار على الكفر أن يكون بالقهر المادي كالتهديد بالقتل، أو الحبس أو الضرب، بل قد يكون الإجبار على الكفر بالضغوط الاجتماعية والتعليمية والثقافية والسياسية وتشويه الإسلام، وهذا كله واقع في بلاد الكفار.
المفسدة التاسعة:
أن القانون الأسري في مصلحتها في بلادها، فلو أراد أن يطلقها فإن القانون يجبره على مغادرة منزله وتركه لها ولأولادها، ويحكم لها بالأولاد ما داموا دون سن معينة كالثامنة عشرة، فيخسر أولاده وتربيهم هي كما تريد، وهو يشاهد ذلك فلا يقدر على حمايتهم من ذلك، بل إن المرأة الكافرة التي يتزوجها المسلم وينقلها إلى بلاده في أي شعب من شعوب المسلمين، إذا كرهته تستطيع أن تذهب في غفلة منه إلى سفارة بلادها في ذلك الشعب بأولادها، فتصبح بذلك كأنها في بلاد الكفر تحميها دولتها وقوانينها وتنقلها مع أولادها إلى بلادها، ولا تستطيع دولة الشعب المسلم أن تفتكَّها ولا تفتكَّ أولادها.
المفسدة العاشرة:
ترك المسلم التزوج بالمسلمة، وإيثار التزوج بالكتابية، وفي ترك التزوج بالمسلمة الموجودة في بلاد الكفر تعريض المسلمات للفتنة، إما بالزنا الصريح أو باستباحة زواجهن بالكفار الذين لا يحل لهم أن يتزوجوا المسلمات، وهذا الأمر موجود في بلاد الكفر، فقد وجدنا كثيرا من المسلمين يشكون من هذه الحالة، ويتمنون أن يجدوا لبناتهم أزواجاً مسلمين من نفس البلد الذي يتزوج فيه المسلمون الكافرات لأغراض دنيوية، كالحصول على الإقامة أو التجنس أو الوظيفة.
وقد ذكر العلماء أن من أسباب كراهية بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كعمر رضي الله عنه، الزواج بالكتابية الذمية في دار الإسلام زهد المسلمين في الزواج بالمسلمات، كما قال ابن جرير رحمه الله: "وإنما كره عمر لطلحة وحذيفة – رحمة الله عليهم – نكاح اليهودية والنصرانية، حذراً من أن يقتدي بهما الناس في ذلك، فيزهدوا في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني فأمرهما بتخليتهما" [ جامع البيان عن تأويل آي القرآن (2 / 378) ].
وإذا كان هذا السبب يؤدي إلى كراهة الزواج بالكتابية في دار الإسلام، خشية من الزهد في الزواج بالمسلمات اللاتي لا يجدن الأزواج الراغبين فيهن غالباً، فإنه – أي هذا السبب – صالح لتحريم الزواج بالكتابية في دار الكفر، إذا أدى إلى ترك الزواج بالمسلمة وافتتانها بالزنا أو الزواج بالكفار، وهو محرم عليها كالزنا، من باب أولى.
وإذا كان زواج المسلم بالكتابية مباحاً، والمسلمون إنما تعاطوه في دار الإسلام، ومع ذلك وجد من يرى تحريمه من السلف وعامة أهل العلم كرهوه، وكثير منهم حرموه في دار الحرب، وإذا علمنا تلك المفاسد التي تترتب عليه في دار الكفر فما حكمه؟!.
إن كثيرا من هذه المفاسد ليست مفروضة فرضا، وإنما هي واقعة مع كثير من المسلمين المقيمين في دار الكفر ممن يتزوجون الكافرات، وقد تكون هناك مفاسد كثيرة يعرفها أولئك المسلمون الذين يقعون في شراك الاستيطان في بلاد الكفر.
ولو لم يكن من تلك المفاسد إلا خشية وقوع المسلم نفسه في الارتداد عن دينه، أو التخلق بأخلاق الكفار التي لا يقرها الإسلام، وكذلك مفسدة تنشئة نسله على الكفر وعادات الكفار، لو لم يكن من تلك المفاسد كلها إلا هاتان المفسدتان لكانتا كافيتين في القول بتحريم زواج المسلم الكتابية في بلاد الكفر، فكيف بها إذا اجتمعت كلها؟!.
  #7  
قديم 27-12-2005, 03:30 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

إذا أفضى المباح إلى محرم صار محرما
ومعلوم أن المباح هو ما استوى طرفاه، أي: فعله وتركه، فهو ليس مطلوبَ الفعل ولا مطلوب الترك شرعاً من حيث هو مباح، فإذا كان وسيلة إلى مندوب صار مطلوب الفعل ندباً، وإن كان وسيلة إلى مكروه صار مطلوبَ الترك كراهة، فإذا كان ذريعة إلى محرم صار مطلوب الترك تحريماً.
وإن كان وسيلة إلى واجب، صار مطلوب الفعل وجوباً؟ ونكاح المسلم الكتابية مباح من حيث هو، فإذا صار ذريعة إلى تلك المفاسد التي كل مفسدة محرمة وحدها، فإنه يصير مطلوب الترك تحريماً لذلك.
هذا هو الحكم الذي اطمأنت إليه النفس بالنسبة لزواج المسلم بالكتابية في ديار الكفر، ما دامت تلك المفاسد تترتب عليه، فإذا ادَّعَى مدع أن تلك المفاسد لا تترتب على ذلك وأثبت حجة على دعواه، فالأمر عندئذ يختلف، وما إخال أحداً يثبت ذلك اللهم إلا في مسائل فردية نادرة، والعبرة بالغالب وليس بالنادر.

ولا أظن أن الذي توصلت إليه في هذه المسألة يخالف ما ذهب إليه علماء الإسلام قديماً، فإن تحريم الزواج بالكتابية في دار الكفر في هذه الأيام أكثر شبهاً بدار الحرب في الماضي، وقد حرم الزواج بالكتابية في دار الحرب: الخليفة الرابع علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما، ورجح ذلك بعض علماء المذهب الحنفي، وكرهه آخرون منهم، كما كرهه كراهة شديدة الإمام مالك، وهو كذلك في المذهب الشافعي، وصرح بتحريمه علماء الحنابلة [ راجع الفصل الثاني من هذا المبحث ] وعللوا ذلك بمسألة ركونه إليها وسكناه في دار الحرب، وتنشئة أولاده على الكفر ومحبة أهله.
وهذه المفاسد وغيرها موجودة في دار الكفر في هذه الأيام.
ما يفضي إلى المفسدة أربعة أقسام:
ذكر ابن القيم أن ما يفضي إلى المفسدة أربعة أقسام:
القسم الأول: وسيلة موضوعة للإضافة إلى مفسدة.
القسم الثاني: وسيلة موضوعة للمباح قصد بها التوصل إلى مفسدة.
القسم الثالث: وسيلة موضوعة للمباح، لم يقصد التوصل بها إلى مفسدة، لكنا مفضية إليها غالباً، ومفسدتها أرجح من مصلحتها.
القسم الرابع: وسيلة موضوعة للمباح، وقد تفضي إلى المفسدة ومصلحتها أرجح من مفسدتها.
ثم قال: "فالشريعة جاءت بإباحة هذا القسم واستحبابه أو إيجابه، بحسب درجاته في المصلحة، وجاءت بالمنع في القسم الأول، كراهة أو تحريماً بحسب درجاته في المفسدة.
بقي النظر في القسمين الوسط، هل هما مما جاءت الشريعة بإباحتهما أو المنع منهما، فنقول الدلالة على المنع من وجوه.."
وساق تسعة وتسعين وجهاً مستدلاً بها على المنع [راجع إعلام الموقعين (3 / 136-159)].
ومعنى هذا: أن المباح الذي وضع وسيلة، ولم يقصد به التوسل إلى مفسدة لكنه يفضي إليها غالباً، ومفسدته أرجح من مصلحته يكون محرماً، والزواج بالكتابية في ديار الكفر من هذا النوع كما هو واضح.
ومعلوم أن مدار الشريعة الإسلامية ومبناها على مصالح العباد، كما قال ابن القيم رحمه الله: "فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليس من الشريعة" [ نفس المرجع ].
وهناك قاعدة شرعية عظيمة، وهي أن الدين من الضرورات التي يجب حفظها، والزواج بالكتابية في دار الكفر قد يعود على هذه الضرورة بالنقض، إما دين الزوج المسلم وإما دين ذريته، وإما دينه ودين ذريته. [ راجع أول الجزء الثاني من كتاب الموافقات ].
الضرورة تقدر بقدرها
إذا كان حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الكفر هو التحريم لما مضى من المفاسد المترتبة عليه، فما حكم المشقة المترتبة على تحريمه بالنسبة، لمن يضطر إلى السكن في دار الكفر من أصناف المسلمين الآتية؟
صنف السفراء والموظفين التابعين لهم الذين تندبهم حكوماتهم للقيام بمصالحها في تلك الدول.
صنف الطلبة: الذين يبتعثون لأخذ العلوم التي لا غنى لبلادهم عنها، وهي لا توجد في بلادهم.
صنف بعض المسلمين الذين يؤذَونَ في بلادهم: بالاعتداء على دينهم أو أنفسهم أو أعراضهم أو أموالهم أو تلك الأمور مجتمعة، من قِبَل حكام بلادهم الظلمة بسبب مخالفتهم لهم في بعض تصرفاتهم المخالفة للإسلام، أو بسبب بعض الاتجاهات السياسية المختلفة، ولا يجدون من يأذن لهم بالهجرة إلى بعض البلدان الإسلامية، فيضطرون إلى الانتقال إلى بعض بلاد الكفر التي يحصلون فيها على أمن نسبي، كما هو الحال في بلدان الغرب، كالدول الأوربية الغربية، والولايات المتحدة الأمريكية وكندا ونحوها.
صنف المسلمين الذين هم أصلاً: من بلاد الكفر.
صنف التجار: الذين يحتاجون إلى البقاء في بلاد الكفر.
والجواب: أن الضرورة تقدر بمقدارها.
فإذا خاف هؤلاء الأصناف من الوقوع في جريمة الزنا، بسبب المغريات والسبل الداعية إليه في تلك البلدان، فعليهم أن يتزوجوا مسلمات صالحات من بلادهم ويسافروا بهن معهم، وأن يحاولوا إيجاد مساكن متقاربة لهم في البلد الذي ينزلون فيه، لتكون أسرهم متجاورة حتى يحصل بينهم التزاور والتعاون على الخير، ليعيشوا عيشة إسلامية حسب الاستطاعة.
وهذا ممكن للسفراء والموظفين التابعين لهم، وكذلك بالنسبة للطلاب الذين يتمكنون من الدخول في جامعة واحدة، وكذلك الجاليات الإسلامية التي عندها مقدرة على شراء مساكن متجاورة في حارة واحدة واستئجارها، فإن هؤلاء يبقون مدداً طويلاً في تلك البلدان، وعليهم أن يتقوا الله في تربية أسرهم ويحافظون عليها قدر استطاعتهم، وإذا وصل أولادهم إلى سن يتمكنون معها على الدراسة، فإن عليهم أن يبعثوا أولادهم إلى بلدانهم، ويجب على حكام شعوبهم أن يسهلوا لهم وسائل التعليم والإشراف على تربيتهم في مدارس خاصة بها أقسام داخلية، إلا إذا كان لهم أقارب يشرفون على تربيتهم، أو تقوم حكومات الشعوب الإسلامية بإنشاء مدارس خاصة في بلدان الكفر، تتولى إعداد مناهجها ومدرسيها وإدارييها من المسلمين، وتكون بها أقسام داخلية تتولى الإشراف على الطلاب وتربيتهم تربية إسلامية شاملة، حتى لا يقعوا في أحضان الكفار الذين يخشى منهم إفسادهم بالعقائد الكافرة وعادات الجاهلية.
وهذه الحالة تشمل الطلاب والسفراء ومن يتبعهم من الموظفين وبعض الجاليات التي يتمكن أفرادها، من بعث أولادهم إلى بلدانهم أو إيجاد مدارس إسلامية خاصة بهم في بلاد الكفر.
وكذلك الذي يدخل في الإسلام من أهل تلك البلدان، إذا تمكن من الحصول على زوجة مسلمة صالحة ومجاورة الأسر المسلمة، ليتعاون معها على تربية أسرته وأولاده.
وقد وجدنا يعض المسلمين، تمكنوا في بعض المدن الولايات المتحدة الأمريكية، من استئجار منازل لأسرهم متقاربة، وهم من الطلاب، وكذلك بعض الجاليات الإسلامية، كما في مدينة ديربورن التي تسمى: القرية العربية.
أما المسلم الذي يحتاج إلى البقاء في تلك البلدان فترات قصيرة للتجارة ونحوها، فعليه أن يصبر ويتقي الله في ترك المحرمات، وإذا رأى أنه يخاف على نفسه فليصطحب معه أهله وبعض محارمها لمرافقتها عند انشغاله، فإذا قضى حاجته رجع إلى بلاده.
وكل من يقدر على ترك السكنى في بلاد الكفر، فلا يجوز له البقاء فيها خشية الفتنة على نفسه وأسرته، ومن اضطر إلى البقاء فيها – والله أعلم بالمضطر – ولم يجد مسلمة يحصن بها نفسه وخاف على نفسه الزنا فيجوز له – من باب الاضطرار – أن يتزوج الكتابية – اليهودية أو النصرانية التي ما زالت تعترف بدينها ولم تتنكر له بالإلحاد – ولكن يجب عليه أن يتخذ الوسائل التي تمنعها من الإنجاب له، لأنه إذا أنجبت له أولاداً خاف عليهم من إفسادهم بتنشئتهم على الكفر وعادات الكفار، فإنه شبيه بالأسير في بلاد الحرب والتاجر، وقد مضى بأنهما لا يتزوجان الكتابية ولا يطآن زوجاتهما المسلمات، خشية من اعتداء الكفار عليهن وإنجابهن أولادا ليسوا من أزواجهن المسلمين [كما مضى في الفصل الثاني] إلا أنني أرى أن الزوجة المسلمة يمكن لزوجها أن يطأها وينجب منها إذا كانت صالحة، وغلب على ظنه تمكنه من تربية أولاده منها في بلاده، أو في مدرسة إسلامية في نفس البلاد التي يعيش فيها كما مضى، وإنما قلنا بوجوب اتخاذ الوسائل التي تمنع الإنجاب من الكتابية، لما مضى من المفاسد المترتبة على الزواج بها في بلاد الكفر، ومن ذلك تنشئة الأولاد على الكفر وأخلاق الكفار، فإذا غلب على ظنه تنشئتهم على الإسلام، فلا يجب عليه حينئذ أن يتخذ وسائل عدم الإنجاب، وهذا يشمل المسلم الوافد إلى بلاد الكفر والذي يدخل في الإسلام من أهل ذلك البلد.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م