باب المساعدة بين الأخوان .....
ومن الأسباب المتمناة في الحب، أن يهب الله عز وجل للإنسان صديقاً مخلصا ،لطيف القول،
بسيط الطَول ، حسن المأخذ، دقبق المنفذ،متمكن البيان،مرهف اللسان،جليل الحلم،واسع العلم،
قليل المخالفة،عظيم المساعفة،شديد الاحتمال،صابرا على الإدلال،جم الموافقة،جميل المخالقة،
مستوي المطابقة،محمود الخلائق،مكفوف البوائق ،محتوم المساعدة،كارها للمباعدة،
نبيل المداخل،مصروف الغوائل،غامض المعاني ،عارفا بالأماني،طيب الأخلاق،سريَ الأعراق،
مكتوم السِر،كثير البر،صحيح الأمانة،مأمون الخيانة،كريم النفس،صحيح الحدس،مضمون العون،كامل الصون،مشهور الوفاء،ظاهر الغناء،ثابت القريحة،مبذول النصيحة،مستيقن الوداد،
سهل الانقياد،حسن الاعتقاد،صادق اللهجة،خفيف المهجة،عفيف الطباع،رحب الذراع،واسع الصدر،متخلقا بالصبر،يألف الإمحاض، ولا يعرف الإعراض،يستريح إليه في ببلابله،ويشاركه في خلوة فكره،ويفاوضه في مكتوماته، وإن فيه للمحب لأعظم درجات الراحات،وأين هذا،
فإن ظفرت به يداك فشدهما عليه شد الضنين،وأمسك بهما إمساك البخيل،وصنه بطارفك وتالدك.
فمعه يكمل الأنس، وتنجلي الأحزان،ويقصر الزمان،وتطيب الأحوال .ولن يفقد الإنسان من صاحب هذه الصفة عونا جميلا،ورأيا حسنا،ولذالك اتخذ الملوك الوزراء والدخلاء،كي يخففوا عنهم بعض ما حملوه من شديد الأمور،وطوّقوه من باهظ الأحمال ,,...,.
(( ابن حزم الأندلسي))