ومتابعة لأقوال الشيخ أسامة في ضرب الاقتصاد الأمريكي وجدت هذا الحديث له مع التعليقات:
" وقد مثل استهداف برج التجارة العالمي في نيويورك بكل ما يمثله من معان رمزية واقتصادية ومالية في 11 سبتمبر 2001، ضربة مباشرة لواحد من أبرز المصالح الاقتصادية والمالية للاقتصاد الأمريكي الحر. وقد بدا واضحاً بعد شهر واحد من تلك الهجمات مدى وضوح معناها ومستقبلها لدى قائد التنظيم أسامة بن لادن، في حوار مطول أجراه معه مراسل قناة الجزيرة في أفغانستان بتاريخ 21 أكتوبر 2001 ولم يتم بثه وإن كان نصه ومشاهد منه قد تسربت وبثت في مواقع إسلامية على شبكة الإنترنت وبعض الفضائيات العربية. وفي هذا الحوار يؤكد بن لادن - على الرغم من عدم اعترافه الصريح بمسئوليته عن أحداث سبتمبر - أن لها تداعيات كثيرة لم تنته بعد، في مقدمتها التداعيات الاقتصادية التي يستفيض في شرحها حسب رؤيته لها. ويبدأ بن لادن بالحديث عن الخسائر في وول ستريت، حيث يقول: فحسب اعترافاتهم هم أن نسبة الخسارة في سوق وول ستريت بلغت 16%، وقالوا هذا الرقم قياسي لم يحصل من قبل قط منذ أن فتحت السوق قبل أكثر 230 سنة، رأس المال المتـداول في هـذه السوق يبلغ أربعة تريليـون دولار، فإذا ضربنا ستة عشر في المائة في أربعة تريليـون دولار حتى نعلم أن حجم الخسارة التي أصابت أسهمهم يبلغ 640 مليار دولار خسارتهم بفضل الله سبحانه وتعالى، وهذا الرقم يساوي ميزانية السودان مثلا لمدة 640 عاماً.
ثم ينتقل قائد القاعدة لحسابات اقتصادية أخرى يضيفها إلى ما يراه الخسائر الأمريكية من جراء هجمات سبتمبر، قائلاً: الدخل القومي الأمريكي اليومي هو 20 مليار وهم في الأسبوع الأول ما اشتغلوا شيئا قط نتيجة الصدمة النفسية (…) فلو ضربت 20 مليار في أسبوع تصل إلى 140 مليار، وهي أكثر من ذلك، وتضيفها إلى 640 مليار نكون وصلنا كم؟ أوشكنا على 800 مليار تقريبا. خسارة المباني والعمائر، قلنا أكثر من 30 مليار. ثم سرحوا إلى اليوم هذا، أو قبل يومين، من شركات الطيران أكثر من 170.000 موظف (…) سواء شركات الطيران الناقلة أو المصنِـعة (…) شركة واحدة من شركات الفنادق المشهورة الأمريكية - إنتركونتيننتال - فصلت عشرين ألف موظف بفضل الله سبحانه وتعالى. والتداعيات لا يستطيع أحد أن يحدد قيمة هذه الأموال من ضخامتها وكثرتها وتشعباتها وهي في ازدياد بفضل الله سبحانه وتعالى. فالشاهد، المبلغ يصل على أقل تقدير إلى أكثر من تريليون دولار بفضل الله سبحانه وتعالى، في هذه الضربات الموفقة المباركة. وينهي بن لادن حديثه بتحديد طبيعة أبراج التجارة العالمية ومن يعملون فيها كما يرى، حيث أن الذين ضوربوا فيها وقتلوا فيها هم قوة اقتصادية، وهم ليسوا مدرسة أطفال وليسوا سكناً، والذين هم في هذه المراكز رجال يدعمون أكبر قوة اقتصادية في العالم تعيث في الأرض فسادا.
وبعد نحو ثلاثة أشهر على أحداث سبتمبر يوجه بن لادن خطاباً - هو الأخير العلني والكامل له قبل اختفاءه - يقدم فيه تحليله السياسي - الاقتصادي لمبررات ونتائج هجمات سبتمبر على نحو مفصل، حيث يرى أنها كانت بمثابة ردود فعل لما يجري على أرضنا في فلسطين وفي العراق وفي غيرها (…) فكان هذا الرد المبارك بفضل الله سبحانه وتعالى. وهذه الضربات المباركة لها دلالات عظيمة، فقد أوضحت بجلاء أن هذه القوة المتغطرسة المتكبرة - هبل العصر أميركا - تقوم على قوة اقتصادية عظيمة ولكنها هشة ما أسرع أن تهاوت بفضل الله سبحانه وتعالى. فالذين قاموا بالعمل (…) هزوا عرش أميركا وضربوا الاقتصاد الأميركي في صميم فؤاده وضربوا أكبر قوة عسكرية في عمق قلبها بفضل الله سبحانه وتعالى. فهنا دلالة واضحة على أن هذا الاقتصاد العالمي الربوي الممحوق الذي تستخدمه أميركا مع قوتها العسكرية لفرض الكفر والإذلال على الشعوب المستضعفة يمكن بسهولة أن يتهاوى، فتلك الضربات المباركة قد ألحقت بأميركا باعترافهم هم في أسواق نيويورك وفي غيرها, أكثر من تريليون دولار خسارة بفضل الله سبحانه وتعالى، وبإمكانيات بسيطة. ويبدو واضحاً في ذلك التحليل مدى أهمية الأبعاد الاقتصادية للقوة الأمريكية كما يراها بن لادن، وبالتالي مدى أهمية توجيه ضربات لتلك الأبعاد والمصالح في الحرب المفتوحة معها.
وينتقل هنا قائد القاعدة إلى وضع تصوره للمواجهة المستقبلية على الصعيدين العسكري والاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقول: كما هو معلوم إن القتال لا بد له من عنصرين؛ عنصر الأنفس المقاتلة وعنصر المال مثل شراء السلاح، وهذا الأمر مؤكد في كتاب الله سبحانه وتعالى (…) فالقاعدة العسكرية الأميركية وإن كانت المسافة بيننا وبينها بعيدة جدا وأسلحتنا لا تصل إلى طائراتهم فبالإمكان بواسطة الخطوط الدفاعية العريضة امتصاص هذه الضربات. وطريقة أخرى (هي) ضرب القاعدة الاقتصادية التي هي أساس للقاعدة العسكرية فإذا انتهى اقتصادهم شغلوا بأنفسهم عن استعباد الشعوب المستضعفة. فأقول من المهم جدا التركيز على ضرب الاقتصاد الأميركي بكل وسيلة ممكنة. ويلخص بن لادن في نهاية خطابه تصوره ودعوته لتلك الحرب العسكرية - الاقتصادية ضد الولايات المتحدة بقوله: أختصر كلامي وأركز على أهمية استمرار العمل الجهادي ضد أميركا عسكريا واقتصاديا، وأن أميركا قد تراجعت بفضل الله سبحانه وتعالى وأن النزيف الاقتصادي مستمر إلى اليوم ولكن يحتاج إلى ضربات أخرى وأن يجتهد الشباب في البحث عن مفاصل الاقتصاد الأميركي ويضرب العدو في مفاصله بإذنه سبحانه وتعالى. "