
24-03-2006, 02:42 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
همته
لا أعلم عالما بعد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بلغت به همته مثل ما بلغت همة ابن تيمية به , فقد أتعبته ولكنها أوصلته إلى مراقي الحمد , ومصاف الكرامة , وغاية المجد , وذروة الشرف , وسنام القبول في الأرض , همته حركته إلى طلب العلم النافع فلم يرض بعلم دون علم , ولم يقتنع بتخصص دون تخصص , ولم يشبع من فن دون فن , بل رسخ في الجميع , ومهر في الكل , واستحوذ على قصب السبق في المعرفة , تتجلى همته في العباد , فقد كان خاشعا منيبا مخبتا متسننا , كثير الأوراد صلاةً وصياما وذكراً ودعاءً وقيام ليل وجهاداً و إخلاصاً و إنابة وتوضعاً وخشيةً لله عز وجل وغيرةً .
وفي التأليف فهو من العلماء الثلاثة الذين بلغوا الغاية في التأليف , وهم ابن الجوزي والسيوطي بالإضافة إليه , وقد كان أكثرهم تحقيقا وتنقيحا ورسوخا وعمقا ونفعا وأثرا في الأمة , حتى قيل إن مؤلفاته بلغت بالرسائل والكتب أكثر من ألف مؤلف , ولو جمعت لكانت أكثر من خمسمائة مجلد , وقد ضاع منها الكثير . كما تتجلى همته في الدعوة , فقد اشتغل بالدعوة الفردية , والدعوة الجماعية , ودعوة السلطان وحاشيته , ودعوة العامة , ودعوة الطوائف جميعا , ودعوة غير المسلمين , فدعا بالكتابة والخطابة والدرس والمراسلة , ودعا وهو في الحبس , ودعا وهو في المعركة , ودعا بالآيات البينات , ودعا بالحجج القواطع , ودعا بالبراهين الساطعة , والأدلة اللامعة , ودعا بالمناظرة وبالمحاورة , ودعا مشافهة , ودعا كتابة , فكانت حياته _ رحمه الله _ دعوة من أولها إلى آخرها ..
.. يتبع ..
|

24-03-2006, 02:46 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
غيرته
الغيرة وقود ملتهب يمنحه الله من يشاء , فيأنف من الخسة , ويرتفع عن الدناءة , ويعشق الكمال , ويتلهف على الفضيلة ويحب معالي الأمور , و هكذا كان ابن تيمية , يغار على محارم الله , ويغضب كل الغضب إذا انتهكت حدود الله عز وجل .
كان يفادي بروحه الملة وصاحبها صلى الله عليه وسلم , وقد جلد من أجل حماية جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم , فقد اعتدى بعض النصارى على الجناب الشريف بكلام فدافع ابن تيمية , فشكاه ذلك المعتدي إلى السلطان , وهيج العامة على ضربه , فجلد شيخ الإسلام في مجلس السلطان بسبب هذا , وهذا في سبيل الله عسى الله أن يأجره كل الأجر على هذا الموقف العظيم , وألف في ذلك ( الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم ) .
كان إذا رأى المخالفة الشرعية غيرها بما عنده من فقه , فكان لا يرى منكرا إلا قام كل القيام حتى يغير هذا المنكر , ويدخل السوق فيغير المنكر و ينبه على الباعة و أهل المكاييل و الموازين , وينهي الصوفية عن ابتداعاتهم , ويغير على المخالفين من الكهنة و السحرة و المشعوذين , وينهى عن مخالفة السنة ظاهرا و باطنا , ويدعو الناس إلى منهجه عليه الصلاة و السلام , ويقول : لا يسع أحد في العالم الخروج على سنته صلى الله عليه وسلم , وكان يغار في مجلس السلطان فيقول الحق غير هياب , ولا جبان ولا خائف , بل يصدع بالحق بقلب جرئ أشجع من قلب الأسد , في إقدام و إصرار , حتى ذهل منه السلطان , وتعجب منه الملوك , وخافه أرباب الدول , واحترامه العامة و الخاصة , لما علموا من صدقه و جرأته وثباته _ رحمه الله _ .
.. يتبع ..
|

02-04-2006, 04:55 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
سلامة مشربه
ابن تيمية صاحب المنهج الوسط العدل الصحيح الصافي , فقد اخذ مشربه من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة و السلام , فلا تعرف له بدعة , ولم تحفظ عليه مخالفة للكتاب و السنة , بل كان دائما مع الدليل , مع الآية و الحديث , متبعا من سلف من أئمة الإسلام من الصحابة و التابعين , لا يخالفهم , وإنما يشد من أزرهم و يقوي منهجهم , ويدعو إلى مذهبهم و إلى منهجهم _ رضي الله عليهم _ موقرا رسول الله صلى الله عليه وسلم , معظما ربه كل التعظيم , محترما أئمة الإسلام , ولا يقول بعصمة غير الرسول عليه الصلاة و السلام , فكان _رحمه الله _ الإمام المعتبر في سلامة المنهج مدارس و جامعات وجماعات وطوائف , واستحسن أهل البصيرة ما سلكه _ رحمه الله _ في كتبه و في رسائله وفي منهجه الإصلاحي , فجزاه الله عنا خير الجزاء .
.. يتبع ..
|

02-04-2006, 04:58 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
زهده
يقول هو عن الزهد : الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة , وحقق هو هذا القول في حياته , فقد اعرض إعراضا كليا عن الدنيا و اطرحها وزهد فيها , وعاش للآخرة , فلم يتول ولاية , ولم يتقلد منصبا , ولم يجمع مالا , ولم يأخذ أعطية , ولم يضع درهما على درهم أو دينارا على دينار , ولم يبن بيتا , ولم يتخذ سكنا , ولم يأخذ مزرعة , ولم يذهب في تجارة , ولم يعمر عمارة , ولم يكثر من الملابس , ولم يتأكل بالعلم , ولم يذهب في حاجته الخاصة الدنيوية , بل كان جل همه العلم النافع والعمل الصالح , فما عُرف في وقته أزهد منه , وكان يرضى بالقليل من الطعام , وكان لا يسرف في الأكل بل يكتفي بلقيمات , وكان يلومه أصحابه على قلة أكله , ومع ذلك لا يغير عادته , متقشفا في ملبسه , وما كانت تعرف له إلا غرفة واحدة بجانب المسجد , مع قلة الملابس وقلة ذات اليد , وما كان يميز بين الدراهم ولا بين الدنانير , وكان ما يأتيه من المال دون طلب منه يصرفه في الحال على الفقراء والمساكين , ولم يمس عنده فيما يُعلم درهم ولا دينار, فأقر له المواقف والمخالف والمحب والمبغض بأنه آية عجيبة في الزهد والانقطاع إلى الله , و إهانة الدنيا وعدم الالتفات إلى أصحابها , وعدم توقير خدمها , وإنما توقيره لأهل العلم والعبّاد والزّهاد , وللصالحين عموما .
.. يتبع ..
|

02-04-2006, 05:00 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
تقشفه
مر شئ من هذا في حديثنا عن زهده , ولكن عُلم أنه من شبابه لم يكن صاحب رعونة , حيث يشغله ملبسه ومطعمه , أو تلهيه هموم بطنه وشهواته عن معالي الأمور , بل كان رحمه الله يجتزئ باليسير من اللباس واليسير من الطعام , فكان يلبس الثوب الواحد والعمامة على ما تيسر من ملابس , شانه شان أفراد الناس مع النظافة والطهارة , وكان ينام على ما تيسر من فراش , ولم يتخذ الفراش الوثيرة ولا اللحاف الكثير , ولم يعدد الواحد من الطعام , مقبلا على شانه , مهتما بعلمه , مستغرقا أوقاته في عبادة ربه , مابين تلاوة وقراءة ومطالعة وذكر وتأمل وجهاد و دعوة و أمر بمعروف ونهي عن منكر أو إصلاح بين الناس .
.. يتبع ..
|

04-04-2006, 04:33 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
سنيته
إتباع السنة منحة ربانية وعمل صالح مبرور من أعظم أعمال العبد , ولا يحصل ذلك إلا بتوفيق من الله , وفرق بين أن يقرأ العبد للسنة ويطالعها ويحفظها وبين ان يضيف إلى ذلك التسنن بها وظهورها على حركاته وسكناته , وكذلك كان ابن تيمية رحمه الله فقد ظهرت في معاملاته , في كلامه , في أخذه وعطائه , في سلمه وحربه , في رضاه وغضبه , في تأليفه وفي رسائله , في خطبه ودروسه ومواعظه وحواره وجدله , فكان من نظر إليه ذكر الله عز وجل وتذكر سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم , وكان معظما للرسول صلى الله عليه وسلم , موقرا له , خاشعا بين يدي سنته , مستسلما لحكمه , معظما لحديثه , متبعا لآثاره , مقتديا بكل ما صح عنه عليه الصلاة والسلام , فظهرت بركته على أصحابه وطلابه وتلاميذه , حتى قالوا ما رأينا أكثر عملا بالسنة من ابن تيمية , ولا رأينا أكثر من ظهرت عليه بركات السنة من ابن تيمية , ولا رأينا من لاحت عليه معالم السنة في كل حركة من حركاته من شيخ الإسلام , حتى إن من رآه تذكر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم , يذكرك في لباسه , في عمامته , في قميصه في نومه , في يقظته , في أكله وشربه , في ذهابه وإيابه , في مخالطته للناس وفي عزلته , مستمسكا بالسنة حرفاً حرفاً وجملة جملة وأثراً أثراً . فغفر الله له ..
.. يتبع ..
|

04-04-2006, 04:39 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
سلفيته
ابن تيمية إمام السلفية في عهده والعهود التي لحقته , فكان على نهج السلف اعتقادا وتعبدا وعملا وجهاداً , فهو السلفي بمعنى الكلمة , فلا يُعرف في عهده ولا بعده من احتذى حذو السلف أو اقتدى بالسلف حذو القذة بالقذة كابن تيمية , فإنه قرر مذهبهم في المعتقد : في الأسماء و الصفات , في توحيد الربوبية والإلوهية , في اليوم الآخر , في القضاء والقدر , في الوعد والوعيد , في حب أهل البيت , في حب الصاحبة , وفي كل مسألة كبيرة أو صغيرة من المسائل كان على منهج السلف , ولم يعرف له المخالفة _ رحمه الله _ وليس معصوما لكنه رجّاع الحق , وكان مقصده ان يقرر مذهب السلف , وهو الذي نظّره و أظهره للناس , وألف فيه شرحه وبسطه و أوضحه و أزال الشبه عنه , ونفض الغبار الذي تراكم عليه في القرون التي تلت التابعين , ورد على خصوم هذا المنهج , ودحض أقاويلهم , وفند شبههم , واعترض عليهم و أرغمهم و ألزمهم الحجة , ودمغهم بالدليل , وداسهم بالبرهان , فأظهر هذا المنهج أيما إظهار , ونصره أيما نصر , وخدمه أيما خدمة , فصار معلوما للخاص والعام , وعلّمه في دروسه وفي خطبه , ودعا إليه سرا وجهرا , حتى في مجالس الملوك , وفي ديوان السلطان , وفي بلاط الوزراء و الأمراء , وفي مجامع القضاة , فكان ينتصر لهذا المذهب ويغضب له , ويرى أنه الحق و أنه الأسلم و الأعلم و الأحكم , وكل رسائله و مؤلفاته و كتبه تشهد بذلك , فلو قلت : إن الناصر _ حقيقة _ لمذهب السلف من عصر ابن تيمية إلى الآن هو ابن تيمية لما ابتعدت عن الصواب , وكل من أتى بعده في الغالب من متبع السلف استفاد منه , ونهج نهجه , وانتفع بكتبه , وسار على منواله , فمن مقلٍ و مستكثر , فرحم الله هذا الإمام , ما أحسن تقريره لمذهب السلف , وما أوضح وشرحه , وما أبسط عبارته , وما أحسن مقاله , وما أجمل تأليفه في هذا الباب , حتى إنا نقر _ والحمد لله _ بأننا استفدنا كل الفائدة من هذا الإمام في معرفة منهج السلف في المعتقد , وفي العبادات , وفي السنن , وفي كل شأن من شؤون الدين , فجزاه الله عنا خير الجزاء ..
.. يتبع ..
|
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
|
|
خيارات الموضوع |
بحث في هذا الموضوع |
|
|
طريقة العرض |
النمط الشجري
|
قوانين المشاركة
|
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود HTML غير متاح
|
|
|
حوار الخيمة
العربية 2005 م
|