
02-04-2006, 04:58 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
زهده
يقول هو عن الزهد : الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة , وحقق هو هذا القول في حياته , فقد اعرض إعراضا كليا عن الدنيا و اطرحها وزهد فيها , وعاش للآخرة , فلم يتول ولاية , ولم يتقلد منصبا , ولم يجمع مالا , ولم يأخذ أعطية , ولم يضع درهما على درهم أو دينارا على دينار , ولم يبن بيتا , ولم يتخذ سكنا , ولم يأخذ مزرعة , ولم يذهب في تجارة , ولم يعمر عمارة , ولم يكثر من الملابس , ولم يتأكل بالعلم , ولم يذهب في حاجته الخاصة الدنيوية , بل كان جل همه العلم النافع والعمل الصالح , فما عُرف في وقته أزهد منه , وكان يرضى بالقليل من الطعام , وكان لا يسرف في الأكل بل يكتفي بلقيمات , وكان يلومه أصحابه على قلة أكله , ومع ذلك لا يغير عادته , متقشفا في ملبسه , وما كانت تعرف له إلا غرفة واحدة بجانب المسجد , مع قلة الملابس وقلة ذات اليد , وما كان يميز بين الدراهم ولا بين الدنانير , وكان ما يأتيه من المال دون طلب منه يصرفه في الحال على الفقراء والمساكين , ولم يمس عنده فيما يُعلم درهم ولا دينار, فأقر له المواقف والمخالف والمحب والمبغض بأنه آية عجيبة في الزهد والانقطاع إلى الله , و إهانة الدنيا وعدم الالتفات إلى أصحابها , وعدم توقير خدمها , وإنما توقيره لأهل العلم والعبّاد والزّهاد , وللصالحين عموما .
.. يتبع ..
|

02-04-2006, 05:00 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
تقشفه
مر شئ من هذا في حديثنا عن زهده , ولكن عُلم أنه من شبابه لم يكن صاحب رعونة , حيث يشغله ملبسه ومطعمه , أو تلهيه هموم بطنه وشهواته عن معالي الأمور , بل كان رحمه الله يجتزئ باليسير من اللباس واليسير من الطعام , فكان يلبس الثوب الواحد والعمامة على ما تيسر من ملابس , شانه شان أفراد الناس مع النظافة والطهارة , وكان ينام على ما تيسر من فراش , ولم يتخذ الفراش الوثيرة ولا اللحاف الكثير , ولم يعدد الواحد من الطعام , مقبلا على شانه , مهتما بعلمه , مستغرقا أوقاته في عبادة ربه , مابين تلاوة وقراءة ومطالعة وذكر وتأمل وجهاد و دعوة و أمر بمعروف ونهي عن منكر أو إصلاح بين الناس .
.. يتبع ..
|

04-04-2006, 04:33 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
سنيته
إتباع السنة منحة ربانية وعمل صالح مبرور من أعظم أعمال العبد , ولا يحصل ذلك إلا بتوفيق من الله , وفرق بين أن يقرأ العبد للسنة ويطالعها ويحفظها وبين ان يضيف إلى ذلك التسنن بها وظهورها على حركاته وسكناته , وكذلك كان ابن تيمية رحمه الله فقد ظهرت في معاملاته , في كلامه , في أخذه وعطائه , في سلمه وحربه , في رضاه وغضبه , في تأليفه وفي رسائله , في خطبه ودروسه ومواعظه وحواره وجدله , فكان من نظر إليه ذكر الله عز وجل وتذكر سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم , وكان معظما للرسول صلى الله عليه وسلم , موقرا له , خاشعا بين يدي سنته , مستسلما لحكمه , معظما لحديثه , متبعا لآثاره , مقتديا بكل ما صح عنه عليه الصلاة والسلام , فظهرت بركته على أصحابه وطلابه وتلاميذه , حتى قالوا ما رأينا أكثر عملا بالسنة من ابن تيمية , ولا رأينا أكثر من ظهرت عليه بركات السنة من ابن تيمية , ولا رأينا من لاحت عليه معالم السنة في كل حركة من حركاته من شيخ الإسلام , حتى إن من رآه تذكر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم , يذكرك في لباسه , في عمامته , في قميصه في نومه , في يقظته , في أكله وشربه , في ذهابه وإيابه , في مخالطته للناس وفي عزلته , مستمسكا بالسنة حرفاً حرفاً وجملة جملة وأثراً أثراً . فغفر الله له ..
.. يتبع ..
|

04-04-2006, 04:39 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
سلفيته
ابن تيمية إمام السلفية في عهده والعهود التي لحقته , فكان على نهج السلف اعتقادا وتعبدا وعملا وجهاداً , فهو السلفي بمعنى الكلمة , فلا يُعرف في عهده ولا بعده من احتذى حذو السلف أو اقتدى بالسلف حذو القذة بالقذة كابن تيمية , فإنه قرر مذهبهم في المعتقد : في الأسماء و الصفات , في توحيد الربوبية والإلوهية , في اليوم الآخر , في القضاء والقدر , في الوعد والوعيد , في حب أهل البيت , في حب الصاحبة , وفي كل مسألة كبيرة أو صغيرة من المسائل كان على منهج السلف , ولم يعرف له المخالفة _ رحمه الله _ وليس معصوما لكنه رجّاع الحق , وكان مقصده ان يقرر مذهب السلف , وهو الذي نظّره و أظهره للناس , وألف فيه شرحه وبسطه و أوضحه و أزال الشبه عنه , ونفض الغبار الذي تراكم عليه في القرون التي تلت التابعين , ورد على خصوم هذا المنهج , ودحض أقاويلهم , وفند شبههم , واعترض عليهم و أرغمهم و ألزمهم الحجة , ودمغهم بالدليل , وداسهم بالبرهان , فأظهر هذا المنهج أيما إظهار , ونصره أيما نصر , وخدمه أيما خدمة , فصار معلوما للخاص والعام , وعلّمه في دروسه وفي خطبه , ودعا إليه سرا وجهرا , حتى في مجالس الملوك , وفي ديوان السلطان , وفي بلاط الوزراء و الأمراء , وفي مجامع القضاة , فكان ينتصر لهذا المذهب ويغضب له , ويرى أنه الحق و أنه الأسلم و الأعلم و الأحكم , وكل رسائله و مؤلفاته و كتبه تشهد بذلك , فلو قلت : إن الناصر _ حقيقة _ لمذهب السلف من عصر ابن تيمية إلى الآن هو ابن تيمية لما ابتعدت عن الصواب , وكل من أتى بعده في الغالب من متبع السلف استفاد منه , ونهج نهجه , وانتفع بكتبه , وسار على منواله , فمن مقلٍ و مستكثر , فرحم الله هذا الإمام , ما أحسن تقريره لمذهب السلف , وما أوضح وشرحه , وما أبسط عبارته , وما أحسن مقاله , وما أجمل تأليفه في هذا الباب , حتى إنا نقر _ والحمد لله _ بأننا استفدنا كل الفائدة من هذا الإمام في معرفة منهج السلف في المعتقد , وفي العبادات , وفي السنن , وفي كل شأن من شؤون الدين , فجزاه الله عنا خير الجزاء ..
.. يتبع ..
|

04-04-2006, 04:46 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
ابن تيمية مع الدليل
من تميز ابن تيمية أنه صاحب دليل وبرهان , فلا يقول قولا له دليلٌ في الكتاب ولا في السنة إلا أورده , وهمه أن يعتصم في كل مسالة بآية أو بحديث ثابت , فليس صاحب هوى وليس مقلدا متعصبا , بل يطلب الحق أينما وجد , ويريد الحجة , ويفرح بالبرهان , ويتبع الدليل , ويسير معه حيثما سار , سواء كان في أصول المسالة أو في فروعها , فتراه إذا كان الدليل مع أي مذهب من المذاهب _ سواء كان حنفيا أو مالكيا أو شافعيا أو حنبليا _ ذهب معه و اعرض عما سواه , وهو يوصي طلاب العلم أن يعتصم في كل مسألة بدليل ثابت , ثم لا يلتفت إلى قول أحد من الناس كائنا من كان , ويرى أن على طالب العلم أن يدور مع الدليل حيثما دار , ولا يكون مقلدا , فإن العلماء ليسوا أنبياء معصومين , وهذا الذي ميز شيخ الإسلام , حيث جعل لكلامه من الخلود و القبول والرسوخ والأصالة و العمق ما ليس لغيره , فليس ضعفا في إيراد الكلام , بل تجد عليه أنوار النبوة تلوح , وعليه براهين الحق تسطع .
.. يتبع ..
|

07-04-2006, 03:29 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
ابن تيمية مربياً
أثرت الشريعة على ابن تيمية في حياته وفي أخلاقه وفي سلوكه , فتجده متلذذا بالعلم سائراً معه , فقد ظهرت بركة الملة عليه في كلامه وفي حواره وفي مناقشاته وفي ردوده , وتجده في غضون كلامه ينصح ويوجه ويرشد و يدعو ويأمر بالمعروف وينهى عن النكر , قلما يورد قضية إلا وجه الحق فيها , وبين الصواب بقلم سيال و بلفظ جذاب , وهو مدرسة في التربية والتوجيه , ليس ناقلا فحسب وليس مكتفيا بعرض رأيه فقط , بل يعرض رأيه ويدعو البقية إلى طلب الحق فهو بهذا يربي الجيل و يوجههم إلى ما فيه خيرهم .
.. يتبع ..
|

07-04-2006, 03:34 PM
|
كاتب مغوار
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: خير بقاع الدنيا .. مكة
المشاركات: 3,058
|
|
ابن تيمية مفسرا
في سيرة ابن تيمية انه قد حوى التفسير وطالع كتبه جميعها , سواء المأثور منها او العقلية التي تعتمد على الرأي , ثم فهم الجميع , وحصرها وعصرها , ثم اخرج لنا دررا في غضون كلامه , وقد نُقل أن له تفسيرا خاصا به , لكن الذي طالعناه من كلامه في التفسير عجبٌ من العجاب , فأحيانا يورد الآية ثم يسهب في مقصدها ومعانيها ومراميها , وأحيانا يُغلط كثيراً من المفسرين ويرى أنهم وهموا و أخطؤوا في ما ذهبوا إليه , كل ذلك بأصالة لا تعرف الضعف , وبكلام رجل عرف اللغة ومدلول الكلام , وعرف النقل صحيحه و سقيمه , وعرف آراء المفسرين و أقوالهم في المسالة , فصار بحق من أعظم المفسرين الذين مروا في تاريخ الإسلام , وأشاد كل من ترجم عنه بهذه الميزة فيه , بل عدوا من أعظم ما تميز به ميزة التفسير ..
.. يتبع ..
|
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
|
|
خيارات الموضوع |
بحث في هذا الموضوع |
|
|
طريقة العرض |
النمط الشجري
|
قوانين المشاركة
|
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود HTML غير متاح
|
|
|
حوار الخيمة
العربية 2005 م
|