مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13-04-2006, 02:21 AM
على رسلك على رسلك غير متصل
سـحـابة ظــــل
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 6,053
إفتراضي

وإني لأخشى أن أموت فـجـاءةً** وفي النفس حاجاتٌ إليك كما هي
وإني لينسيني لقـاؤك كـلـمـا ** لقيتك يوماً أن أبـثـك مـا بـيا
وقالوا بـه داءٌ عـياءٌ أصـابـه ** وقد علمت نفسي مـكـان دوائيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ


اخي ماهر .موضوع رائع فعلا وجميل .اعجبتني الاشعار الموجوده فيه ..

شكرا لك .استمتعت كثيرا به ..
__________________
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 13-04-2006, 06:33 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

حديث اتصاله بليلى في صباه
قال: وحدثني بعض العشيرة قال: قلت لقيس بن الملوح قبل أن يخالط: ما أعجب شيء أصابك في وجدك بليلى؟ قال: طرقنا ذات ليلةٍ أضيافٌ ولم يكن عندنا لهم أدمٌ، فبعثني أبي منزل أبي ليلى وقال لي: اطلب لنا وقال لي: اطلب لنا منه أدماً، فأتيته فوقفت على خبائه فصحت به، فقال: ما تشاء؟ فقلت: طرقنا ضيفان ولا أدم عندنا لهم فأرسلني أبي نطلب منك أدماً، فقال: يا ليلى، أخرجي إليك ذلك النحي، فاملئن له إناءه من السمن، فأخرجته ومعي قعبٌ، فجعلت تصب السمن فيه ونتحدث، فألهانا الحديث وهي تصب السمن وقد امتلأ القعب ولا نعلم جميعاً، وهو يسيل استنقعت أرجلنا في السمن، قال: فأتيتهم ليلةً ثانيةً أطلب ناراً، وأنا متلفعٌ ببردٍ لي، فأخرجت لي ناراً في عطبةٍ فأعطتنيها ووقفنا نتحدث، فلما احترقت العطبة خرقت من بردي خرقةً وجعلت النار فيها، فكلما احترقت خرقت أخرى وأذكيت بها النار حتى لم يبق علي من البرد إلا ما وارى عورتي، وما أعقل ما أصنع، وأنشدني:

أمستقبلي نفح الصبا ثم شـائقـي** ببردٍ ثنـايا أم حـسـان شـائق
كأن على أنيابها الخمر شجـهـا ** بماء الندى من آخر الليل عاتق
وما شمته إلا بعيني تـفـرسـاً ** كما شيم في أعلى السحابة بارق


ومن الناس من يروي هذه الأبيات لنصيبٍ، ولكن هكذا روي في هذا الخبر.

حدث الأصمعي أنه لم يكن مجنوناً
أخبرنا محمد بن خلف وكيعٌ عن عبد الملك بن محمد الرقاشي عن عبد الصمد بن المعذل قال: سمعت الأصمعي يقول - و"قد" تذاكرنا مجنون بني عامر - قال: هو قيس ابن معاذ العقيلي، ثم قال: لم يكن مجنوناً إنما كانت به لوثةٌ، وهو القائل:

أخذت محاسن كـل مـا ** ضنت محاسنه بحسنـه
كاد الغزال يكـونـهـا ** لولا الشوى ونشوز قرنه


قال: وهو القائل:

ولم أر ليلى بعد مـوقـف سـاعةٍ ** بخيف منىً ترمي جمار المحصب
ويبدي الحصى منها إذا قذفت بـه ** من البرد أطراف البنان المخصب
فأصبحت من ليلى الغداة كناظـرٍ ** مع الصبح في أعقاب نجمٍ مغرب
ألا إنمـا غـادرت يا أم مـالـكٍ صدىً** إينما تذهب به الريح يذهب


أخبرنا الحسن بن علي قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار الصوفي قال حدثني إبراهيم بن سعد الزهري قال: أتاني رجل من عذرة لحاجة، فجرى ذكر العشق والعشاق، فقلت له: أنتم أرق قلوباً أم بنو عامرٍ؟ إنا لأرق الناس قلوباً، ولكن غلبتنا بنو عامرٍ بمجنونها.

شيء من أوصافه
أخبرني أحمد بن عمر بن موسى بن زكويه القطان إجازةً قال حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال أخبرني عبد الجبار بن سليمان بن نوفل بن مساحقٍ عن أبيه عن جده قال: أنا رأيت مجنون بني عامر، وكان جميل الوجه أبيض اللون قد علاه شحوبٌ، واستنشدته فأنشدني قصيدته التي يقول فيها: تذكرت ليلى والسنين الخوالـيا وأيام لا أعدي على اللهو عادياً
أخبرني محمد بن الحسن الكندي خطيب مسجد القادسية قال حدثنا الرياشي قال: سمعت أبا عثمان المازني يقول: سمعت معاذاً وبشر بن المفضل جميعاً ينشدان هذين البيتين وينسبانهما لمجنون بني عامر:

طمعت بليلى أن تريع وإنمـا ** تقطع أعناق الرجال المطامع
ودانيت ليلى في خلاءٍ ولم يكن ** شهودٌ على ليلى عدولٌ مقانع


وحدثني محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا أبو خليفة "الفضل بن الحباب" عن ابن سلام قال: قضى عبيد الله الحسن بن الحصين بن أبي الحر العنبري على رجل من قومه قضيةً أوجبها الحكم عليه، وظن العنبري أنه تحامل عليه وانصرف مغضباً، ثم لقيه في طريق، فأخذ بلجام بغلته وكان شديداً أيداً، ثم قال له: إيه يا عبيد الله! طمعت بليلى أن تريع وإنمـا تقطع أعناق الرجل المطامع
فقال عبيد الله:
وبايعت ليلى في خلاءٍ ولم يكن ** شهودٌ عدولٌ عند ليلى مقانـع

خل عن البغلة. قال الصولي في خبره هذا: والبيتان للبعيث هكذا، قال: فلا أدري أمن قوله هو أم حكاية عن أبي خليفة!.

زيارة ليلى له وحديثه معها
أخبرنا محمد بن القاسم الأنباري عن عبد الله بن خلف الدلال قال حدثنا زكريا بن موسى عن شعيب بن السكن عن يونس النحوي قال: لما اختلط عقل قيس بن الملوح وترك الطعام والشراب، مضت أمه إلى ليلى فقالت لها: إن قيساً قد ذهب حبك بعقله، وترك الطعام والشراب، فلو جئته وقتاً لرجوت أن يثوب إليه "بعض" عقله، فقالت ليلى: أما نهاراً فلا لأنني لا آمن قومي على نفسي ولكن ليلاً، فأتته ليلاً فقالت له: يا قيس، إن أمك تزعم أنك جننت من أجلي وتركت المطعم والمشرب، فاتق الله وأبق على نفسك، فبكى وأنشأ يقول:

قالت جننت على أيشٍ فقلت لها ** الحب أعظم مما بالمـجـانـين
الحب ليس يفيق الدهر صاحبـه ** وإنما يصرع المجنون في الحين


قال: فبكت معه، وتحدثا حتى كاد الصبح أن يسفر، ثم ودته وانصرفت، فكان آخر عهده بها.

سبب جنونه بيت شعر قاله
أخبرنا ابن المرزبان قال قال القحذمي: لما قال المجنون:

قضاها لغيري وابتلاني بحبها ** فهلا بشيءٍ غير ليلى ابتلانيا

سلب عقله. الغناء لحكم ثقيلٌ أول، وقيل إنه لابن الهربذ. وفيه لمتيم خفيف ثقيلٍ أول من جامع أغانيها. وحدثني جحظة بهذا الخبر عن ميمون بن هارون أنه بلغه أنه لما قال هذا البيت برص.

سبب تسميته المجنون واختلاف الرواة في ذلك
أخبرني الحسن بن علي "قال حدثنا محمد بن طاهر" القرشي عن ابن عائشة قال: إنما سمي المجنون بقوله:
ما بال قلبك يا مجنون قد خـلـعـا ** في حب من لا ترى في نيله طمعا
الحب والود نيطا بالـفـؤاد لـهـا ** فأصبحا في فؤادي ثابتـين مـعـا


حدثنا وكيعٌ عن ابن يونس قال قال الأصمعي: لم يكن المجنون، إنما جننه العشق، وأنشد له:

يسمونني المجنون حين يرونني** نعم بي من ليلى الغداة جنـون
ليالي يزهى بي شبابٌ وشـرةٌ ** وإذ بي من خفض المعيشة لين


أخبرني محمد بن المرزبان عن إسحاق بن محمد بن أبان قال حدثني علي بن سهل عن المدائني: أنه ذكر عنده مجنون بني عامر فقال: لم يكن مجنوناً، وإنما قيل له المجنون بقوله:

وإني لمجنونٌ بلـيلـى مـوكـلٌ ** ولست عزوفاً عن هواها ولا جلدا
إذا ذكرت ليلى بكـيت صـبـابةً ** لتذكارها حتى يبل البكا الـخـدا



أخبرني عمر بن جميلٍ العتكي قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا عون بن عبد الله العامري أنه قال: ما كان والله المجنون الذي تعزونه إلينا مجنوناً، إنما كانت به لوثةٌ وسهوٌ أحدثهما به حب ليلى، وأنشد له: وبي من هوى ليلى الذي لو أبـثـه جماعة أعدائي بكت لي عيونـهـا
أرى النفس عن ليلى أبت أن تطيعني فقد جن من وجدي بليلى جنونـهـا
أخبرني ابن المرزبان قال قال العتبي: إنما سمي المجنون بقوله:

يقول أناسٌ عل مجنـون عـامـرٍ** يروم سلواً قلت أنى لـمـا بـيا
وقد لامني في حب ليلى أقاربـي ** أخي وابن عمي وابن خالي وخاليا
يقولون ليلى أهـل بـيت عـداوةٍ ** بنفسي ليلى من عـدو ومـالـيا
ولو كان في ليلى شذاً من خصومةٍ** للويت أعناق المطي الـمـلاويا


أخبرني هاشم "بن محمد" الخزاعي عن عيسى بن إسماعيل قال قال ابن سلام: لو حلفت أن مجنون بني عامرٍ لم يكن مجنوناً لصدقت، ولكن توله لما زوجت ليلى وأيقن اليأس منها، ألم تسمع إلى قوله:

أيا ويح من أمسى تخلس عقل** ـه فأصبح مذهوباً به كل مذهـب
خليعاً من الخلان إلا مجـامـلا ** يساعدني من كان يهوى تجنبي
إذا ذكرت ليلى عقلت وراجعت ** عوزاب قلبي من هوىً متشعب


خبرني به الحسن بن علي عن دينار بن عامر التغلبي عن مسعود بن سعد عن ابن سلام ونحوه.
أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال أنشدني صالح بن سعيد قال أنشدني يعقوب بن السكيت للمجنون.
يسمونني المجنون حين يرونني ** نعم بي من ليلى الغداة جنون

قال: وأنشدنا له أيضاً:

وشغلت عن فهم الحديث سوى** ما كان فيك فإنه شـغـلـي
وأديم لحظ محـدثـي لـيرى ** أن قد فهمت وعندكم عقلـي


الحديث عن تكنيته ليلى بأم مالك
أخبرني ابن المرزبان عن محمد بن الحسن دينار الأحول عن علي بن المغيرة الأثرم عن أبي عبيدة: أن صاحبة مجنون بني عامر التي كلف بها ليلى بنت مهدي بن سعد بن مهدي "بن ربيعة" بن الحريش، وكنيتها أم مالكٍ، وقد ذكر هذه الكنية المجنون في شعره فقال:

تكاد بلاد الله يا أم مـالـكٍ ** بما رحبت يوماً علي تضيق

وقال أيضاً:

فإن الذي أملت من أم مـالـكٍ ** أشاب قذالي واستهـام فـؤاديا
خليلي إن دارت على أم مالـكٍ ** صروف الليالي فابغيا لي ناعيا
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 13-04-2006, 06:46 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

وقال أبو عمرو الشيباني: علق المجنون ليلى بنت مهدي بن سعد من بني الحريش، وكنيتها أم مالكٍ، فشهر بها وعرف خبره فحجبت عنه، فشق عليه فخطبها إلى أبيها فرده وأبى أن يزوجه إياها، فاشتد به الأمر حتى جن وقيل له: "مجنون بني عامر" فكان على حاله يجلس في نادي قومه فلا يفهم ما يحدث به ولا يعقله إلا إذا ذكرت ليلى. وأنشد له أبو عمرو:
الرائية

ألا ما لليلى لا ترى عند مضجعـي ** بليلٍ ولا يجـري بـذلـك طـائر
بلى إن عجم الطير تجري إذا جرت** بليلى ولكن ليس للطـير زاجـر
أزالت عن العهد الذي كان بينـنـا ** بذي الأثل أم قد غيرتها المـقـادر
فوالله ما في القرب لي منك راحةٌ ** ولا البعد يسليني ولا أنا صـابـر
ووالـلـه مـا أدري بـأية حـيلةٍ ** وأي مرامٍ أو خطـارٍ أخـاطـر
وتالله إن الدهر في ذات بـينـنـا ** علي لها في كل حـالٍ لـجـائر
فلو كنت إذ أزمعت هجري تركتني ** جميع القوى والعقل منـي وافـر
ولكن أيامي بـحـقـل عـنـيزةٍ ** وبالرضم أيامٌ جناها الـتـجـاور
وقد أصبح الود الذي كان بـينـنـا** أماني نفسٍ والـمـؤمـل حـائر
لعمري لقد رنقـت يا أم مـالـكٍ ** حياتي وساقتني إليك الـمـقـادر


قال أبو عمرو: وأخبرني بعض الشأميين قال: دخلت أرض بني عامر، فسألت عن المجنون الذي قتله الحب، فخبروني عنه أنه كان عاشقاً لجارية منهم يقال لها ليلى، ربا معها ثم حجبت عنه، فاشتد عليه وذهب عقله، فأتاه إخوانٌ من إخوانه يلومونه على ما يصنع بنفسه، فقال:

يا صاحبي ألما بي بمـنـزلةٍ ** قد مر حينٌ عليها أيما حـين
في كل منزلةٍ ديوان معـرفةٍ ** لم يبق باقيةٍ ذكـر الـدواوين
إني أرى رجعات الحب تقتلني ** وكان في بدئها ما كان يكفيني


جنونه بليلى وهيامه على وجهه من أجلها
أخبرني هاشمٌ الخزاعي عن "العباس بن الفرج" الرياشي قال: ذكر العتبي عن أبيه قال: كان المجنون في بدء أمره يرى ليلى ويألفها ويأنس بها ثم غيبت عن ناظره، فكان أهله يعزونه عنها ويقولون: نزوجك أنفس جاريةٍ في عشيرتك، فيأبى إلا ليلى ويهذي بها ويذكرها "فكان ربما استراح إلى أمانيهم وركن إلى قولهم"، وكان ربما هاج عليه الحزن والهم فلا يملك مما هو فيه أن يهيم على وجهه، وذلك قبل أن يتوحش مع البهائم في القفار، فكان قومه يلومونه ويعذلونه، فأكثروا عليه في الملامة والعذل يوماً فقال:

يا للرجال لهـمٍّ بـت يعـرونـي ** مستطرفٍ وقديمٍ كان يعـنـينـي
على غريم مليء غـير ذي عـدم ** يأبى فيمطلني دينـي ويلـوينـي
لا يذكر البعض من ديني فينكـره ** ولا يحدثني أن سوف يقضـينـي
وما كشكري شكرٌ لو يوافـقـنـي ** ولا منىً كمـنـاه إذ يمـنـينـي
أطعته وعصيت النـاس كـلـهـم ** في أمره ثم يأبى فهو يعصـينـي
خيري لمن يبتغي خيري ويأمـلـه ** من دون شري وشري غير مأمون
وما أشارك في رأيي أخاً ضعـفٍ ** ولا أقول أخي مـن لا يواتـينـي


وقال أبو عمرو الشيباني: حدثني رباح العامري قال: كان المجنون أول ما علق ليلى كثير الذكر لها والإتيان بالليل إليها، والعرب ترى ذلك غير منكرٍ أن يتحدث الفتيان إلى الفتيات، فلما علم أهلها بعشقه لها منعوه من إتيانها وتقدموا إليه، فذهب لذلك عقله ويئس منه قومه واعتنوا بأمره، واجتمعوا إليه ولاموه وعذلوه على ما يصنع بنفسه، وقالوا: والله ما هي لك بهذه الحال، فلو تناسيتها رجونا أن تسلو قليلاً، فقال لما سمع مقالتهم وقد غلب عليه البكاء:

فواكبدا من حب من لا يحبنـي ** ومن زفراتٍ ما لهـن فـنـاء
أريتك إن لم أعطك الحب عن يدٍ ** ولم يك عنـدي إذ أبـيت إبـاء
أتاركتي للموت أنـت فـمـيتٌ ** وما للنفوس الخائفـات بـقـاء


ثم أقبل على القوم فقال: إن الذي بي ليس بهينٍ، فاقلوا من ملامكم فلست بسامعٍ فيها ولا مطيعٍ لقول قائلٍ.
قصة حبه ليلى برواية رباح العامري
أخبرني عمي ومحمد بن حبيب وابن المرزبان عن عبد الله بن أبي سعد عن عبد العزيز صالح عن أبيه عن ابن دأبٍ عن رباح بن حبيب العامري: أنه سأله عن حال المجنون وليلى، فقال: كانت ليلى من بني الحريش وهي بنت مهدي بن سعيد بن مهدي بن ربيعة بن الحريش، وكانت من أجمل النساء وأظرفهن وأحسنهن جسماً وعقلاً وأفضلهن أدباً وأملحهن شكلاً، وكان المجنون كلفاً بمحادثة النساء صباً بهن، فبلغه خبرها ونعتت له، فصبا إليها وعزم على زيارتها، فتأهب لذلك ولبس أفضل ثيابه ورجل جمته ومس طيباً كان عنده، وارتحل ناقةً له كريمةً برحلٍ حسنٍ وتقلد سيفه وأتاها، فسلم فردت عليه السلام وتحفت في المسئلة، وجلس إليها فحادثته وحادثها فأكثرا، وكل واحد منهما مقبلٌ على صاحبه معجبٌ به، فلم يزالا كذلك حتى أمسيا، فانصرف إلى أهله فبات بأطول ليلةٍ شوقاً إليها، حتى إذا أصبح عاد إليها فلم يزل عندها حتى أمسى، ثم انصرف إلى أهله فبات بأطول من ليلته الأولى واجتهد أن يغمض فلم يقدر على ذلك، فأنشأ يقول:

نهاري نهار الناس حتى إذا بـدا ** لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ** ويجمعني والهم بالليل جامـع
لقد ثبتت في القلب منك محـبةٌ ** كما ثبتت في الراحتين الأصابع


قال: وأدام زيارتها وترك من يأتيه فيتحدث إليه غيرها، وكان يأتيها في كل يوم فلا يزال عندها نهاره أجمع حتى إذا أمسى انصرف، فخرج ذات يومٍ يريد زيارتها فلما قرب من منزلها لقيته جاريةٌ عسراء فتطير منها، وأنشأ يقول:

وكيف يرجى وصل ليلى وقد جـرى ** بجد القوى والوصل أعسر حاسـر
صديع العصا صعب المرام إذا انتحى ** لوصل امرىءٍ جدت عليه الأواصر


ثم سار إليها في غدٍ فحدثها بقصته وطيرته ممن لقيه، وأنه يخاف تغير عهدها وانتكاثه وبكى، فقالت: لا ترع، حاش لله من تغير عهدي، لا يكون والله ذلك أبداً إن شاء الله، فلم يزل عندها يحادثها بقية يومه، ووقع له في قلبها مثل ما وقع لها في قلبه، فجاءها يوماً كما كان يجيء، وأقبل يحدثها فأعرضت عنه، وأقبلت على غيره بحديثها، تريد بذلك محنته وأن تعلم ما في قلبه، فلما رأى ذلك جزع جزعاً شديداً حتى بان في وجهه وعرف فيه، فلما خافت عليه أقبلت عليه كالمسرة إليه فقالت: كلانا مظهرٌ للناس بغضنا وكل عند صاحبه مكين
فسري عنه وعلم ما في قلبها، فقالت له: إنما أردت أن أمتحنك والذي لك عندي أكثر من الذي لي عندك، وأعطي الله عهداً إن جالست بعد يومي هذا رجلاً سواك حتى أذوق الموت إلا أن أكره على ذلك، قال: فانصرفت عنه وهو من أشد الناس سروراً وأقرهم عيناً، وقال:

أظن هواها تاركي بـمـضـلةٍ ** من الأرض لا مالٌ لدي ولا أهل
ولا أحدٌ أفضي إلـيه وصـيتـي ** ولا صاحبٌ إلا المطية والرحل
محا حبها حب الألى كن قبلـهـا ** وحلت مكاناً لم يكن حل من قبل


شعره بعد أن تزوجت وأيس منها أخبرني جعفر بن قدامة عن أبي العيناء عن العتبي قال: لما حجبت ليلى عن المجنون خطبها جماعةٌ فلم يرضهم أهلها، وخطبها رجل من ثقيف موسرٌ فزوجوه وأخفوا ذلك عن المجنون ثم نمي إليه طرفٌ منه لم يتحققه، فقال:

دعوت إلهي دعوةً ما جهلتـهـا ** وربي بما تخفي الصدور بصير
لئن كنت تهدي برد أنيابها العـلا ** لأفقر مني إنـنـي لـفـقـيرٌ
فقد شاعت الأخبار أن قد تزوجت ** فهل يأتيني بالطـلاق بـشـير


وقال أيضاً:

ألا تلك ليلى العامرية أصبـحـت ** تقطع إلا من ثقيفٍ حـبـالـهـا
هم حبسوها محبس البدن وابتغـى ** بها المال أقوامٌ ألا قل مـالـهـا
إذا التفتت والعيس صعرٌ من البرى ** بنخلة جلت عبرة العين حالـهـا


قال: وجعل يمر بيتها فلا يسأل عنها ولا يلتفت إليه، ويقول إذا جاوزه:

ألا أيها البيت الـذي لا أزوره ** وإن حله شخصٌ إلي حبـيب
هجرتك إشفاقاً وزرتك خائفـاً ** وفيك علي الدهر منك رقيب
سأستعتب الأيام فيك لعلـهـا ** بيوم سرورٍ في الزمان تؤوب


قال: وبلغه أن أهلها يريدون نقلها إلى الثقفي فقال:

كأن القلب ليلة قيل يغدى** بليلى العامرية أو يراح
قطاةٌ عزها شركٌ فباتت ** تجاذبه وقد علق الجناح


فلما نقلت "ليلى" إلى الثقفي قال قصيدته العينية

طربت وشاقتك الحمول الـدوافـع ** غداة دعا بالبـين أسـفـع نـازع
شحا فاه نعباً بـالـفـراق كـأنـه ** حريبٌ سليبٌ نازح الـدار جـازع
فقلت ألا قد بين الأمر فانـصـرف ** فقد راعنا بالبـين قـبـلـك رائع
سقيت سموماً من غراب فأنـنـي ** تبينت ما خبرت مـذ أنـت واقـع
ألم تر أنـي لا مـحـب ألـومـه ** ولا ببديلٍ بعـدهـم أنـا قـانـع
ألم تر دار الحي في رونق الضحى ** بحيث انحنت للهضبتين الأجـارع
وقد يتناءى الإلف من بـعـد ألـفةٍ ** ويصدع ما بين الخليطـين صـادع
وكم من هوى أو جيرةٍ قد ألفتـهـم ** زماناً فلم يمنعهم الـبـين مـانـع
كأني غداة الـبـين مـيت جـوبةٍ ** أخو ظمأ سدت عليه المـشـارع
تخلس من أوشـال مـاءٍ صـبـابةً ** فلا الشرب مبذولٌ ولا هو نـاقـع
وبيضٍ تطلى بالعـبـير كـأنـهـا ** نعاج الملا جيبت عليها البـراقـع
تحملن من وادي الأراك فأومضـت ** لهن بأطراف العيون الـمـدامـع
فما رمن ربع الدار حتى تشابهـت ** هجائنها والجون منها الخـواضـع
وحتى حلمن الحور من كل جانـب ** وخاضت سدول الرقم منها الأكارع
فلما استوت تحت الخدور وقد جرى ** عبيرٌ ومسكٌ بالـعـرانـين رادع
أشرن بأن حثوا الجمال فـقـد بـدا ** من الصيف يومٌ لافحٌ الحر ماتـع
فلما لحقنا بالحمـول تـبـاشـرت ** بنا مقصراتٌ غاب عنها المطامـع
يعرضن بالدل الـمـلـيح وإن يرد ** جناهن مشغوفٌ فهـن مـوانـع
فقلت لأصحابي ودمعي مـسـبـلٌ ** وقد صدع الشمل المشتت صـادع
أليلى بأبواب الخدور تـعـرضـت ** لعيني أم قرنٌ من الشمس طالـع



هيامه إلى نواحي الشأم وما يقوله من الشعر عند عوده ورؤبة التوباد
أخبرني "محمد بن مزيد" بن أبي الأزهر عن الزبير عن محمد بن عبد الله البكري عن موسى بن جعفر بن أبي كثير وأخبرني عمي عن "عبد الله" بن شبيب عن "هارون بن موسى" الفروي عن موسى بن جعفر بن أبي كثير وأخبرني ابن المرزبان عن ابن الهيثم عن العمري عن العتبي قالوا جميعاً: كان المجنون وليلى وهما صبيان يرعيان غنماً لأهلها عند جبلٍ في بلادهما يقال له التوباد، فلما ذهب عقله وتوحش، كان يجيء إلى ذلك الجبل فيقيم به، فإذا تذكر أيام كان يطيف هو وليلى به جزع جزعاً شديداً واستوحش فهام على وجهه حتى يأتي نواحي الشأم، فإذا ثاب إليه عقله رأى بلداً لا يعرفه فيقول للناس الذين يلقاهم: بأبي أنتم، أين التوباد من أرض بني عامر؟ فيقال له: وأين أنت من أرض بني عامر! أنت بالشأم عليك بنجم كذا فأمه، فيمضي على وجهه نحو ذلك النجم حتى يقع بأرض اليمن، فيرى بلاداً ينكرها وقوماً لا يعرفهم فيسألهم عن التوباد وأرض بني عامر، فيقولون: وأين أنت من أرض بني عامر! عليك بنجم كذا وكذا، فلا يزال كذلك حتى يقع على التوباد، فإذا رآه قال في ذلك: أبياته التي يصف فيها انصباب الدمع

وأجهشت للتوباد حـين رأيتـه ** وكبر للرحمـن حـين رآنـي
وأذريت دمع العين لما عرفتـه ** ونادى بأعلى صوته فدعـانـي
فقلت له قد كان حولـك جـيرةٌ ** وعهدي بذاك الصرم منذ زمان
فقال مضوا واستودعوني بلادهم ** ومن ذا الذي يبقى على الحدثان
وإني لأبكي اليوم من حذري غداً ** فراقك والحيان مجتـمـعـان
سجالاً وتهتـانـا ووبـلاً وديمةً ** وسحاً وتسجاماً إلى هـمـلان
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 13-04-2006, 06:59 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

ندم أبي ليلى على عدم تزويجه بها

قال الهيثم: فحدثني جماعةٌ من بني عامر: أنه لم تبق فتاةٌ من بني جعدة ولا بني الحريش إلا خرجت حاسرةً صارخةً عليه تندبه؛ واجتمع فتيان الحي يبكون عليه أحر بكاء، وينشجون عليه أشد نشيج، وحضرهم حي ليلى معزين وأبوها معهم فكان أشد القوم جزعاً وبكاءً عليه، وجعل يقول: ما علمنا أن الأمر يبلغ كل هذا، ولكني كنت امرأ عربياً أخاف من العار وقبح الأحدوثة ما يخافه مثلي، فزوجتها وخرجت عن يدي، ولو علمت أن أمره يجري على هذا ما أخرجتها عن يده ولا احتملت ما كان علي في ذلك. قال: فما رئي يومٌ كان أكثر باكيةً وباكياً على ميتٍ من يومئذٍ.
نسبة ما في هذا الخبر من الأغاني منها الصوت الذي أوله:

ألا يا غراب البين ويحك نبني ** بعلمك في لبنى وأنت خبير

الغناء لابن محرز ثقيلٌ أول بالوسطى عن الهشامي، وذكر إبراهيم أن فيه لحناً لحكمٍ. وفي رواية ابن الأعرابي أنه أنشده مكان: ألا يا عراب البين ويحك نبني بعلمك في لبنى وأنت خبير

ألا يا غراب البين هل أنت مخبـري** بخيرٍ كما خبرت بالنـأي والـشـر
وخبرت أن قد جد بـينٌ وقـربـوا ** جمالاً لبينٍ مثقلاتٍ مـن الـغـدر
وهجت قذى عينٍ بلبنـى مـريضةٍ ** إذا ذكرت فاضت مدامعها تجـري
وقلت كذاك الدهر مازال فاجـعـاً ** صدقت وهل شيءٌ بباقٍ على الدهر


الشعر لقيس بن ذريح، والغناء لابن جامع، ثقيلٌ أول بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق. وفيه لبحرٍ ثقيلٌ أول بالوسطى عن عمرو. وفيه لدحمان ثاني ثقيل عن الهشامي وعبد الله بن موسى.
ومنها الصوت الذي أوله.
كأن القلب ليلة قيل يغدى ** بليلي العامرية أو يراح

بكاء أبي ليلى على المجنون وشعر وجد بعد موت المجنون في خرقة
أخبرنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا الفضل الربعي عن محمد بن حبيب قال: لما مات مجنون بني عامر وجد أرض خشنةٍ بين حجارةٍ سودٍ، فحضر أهله وحضر "معهم" أبو ليلى - المرأة التي كان يهواها - وهو متذمم من اهله، فلما رآه ميتاً بكى واسترجع وعلم أنه قد شرك في هلاكه، فبينما هم يقلبونه إذ وجدوا خرقةً فيها مكتوبٌ:

ألا أيها الشيخ الذي ما بنا يرضـى ** شقيت ولا هنيت من عيشك الغضا
شقيت كما أشقيتني وتركـتـنـي ** أهيم مع الهلاك لا أطعم الغمضا
كأن فؤادي في مخالـب طـائرٍ ** إذا ذكرت ليلى يشد بها قبضـا
كأن فجاج الأرض حلقة خاتـمٍ ** علي فما تزداد طولاً ولا عرضا


عوتب على التغني بالشعر فقال
أخبرني محمد بن خلف قال حدثني أبو سعيد السكري عن محمد بن حبيب قال حدثني بعض القشيريين عن أبيه قال: مررت بالمجنون وهو مشرفٌ على وادٍ في أيام الربيع، وذاك قبل أن يختلط، وهو يتغنى بشعر لم أفهمه، فصحت به: يا قيس، أما تشغلك ليلى عن الغناء والطرب! فتنفس تنفساً ظننت أن حيازيمه قد انقدت، ثم قال:

وما أشرف الأيفاع إلا صـبـابةً ** ولا أنشد الأشعـار إلا تـداويا
وقد يجمع الله الشتيتين بعـد مـا ** يظنان جهد الظن أن لا تلاقـيا
لحي الله أقواماً يقولون إنـنـي ** وجدت طوال الدهر للحب شافيا


التقاؤه بقيس بن ذريح وطلبه منه إبلاغ سلامه لليلى

أخبرني محمد بن مزيد قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: اجتاز قيس بن ذريح بالمجنون وهو جالسٌ وحده في نادي قومه، وكان كل واحد منهما مشتاقاً إلى لقاء الآخر، وكان المجنون قبل توحشه لا يجلس إلا منفرداً ولا يحدث أحداً ولا يرد على متكلم جواباً ولا على مسلم سلاماً، فسلم عليه قيس بن ذريح فلم يرد عليه السلام؛ فقال له: يا أخي أنا قيس بن ذريح فوثب إليه فعانقه وقال: مرحباً بك يا أخي، أنا والله مذهوبٌ "بي" مشترك اللب فلا تلمني، فتحدثا ساعة وتشاكيا وبكيا، ثم قال له المجنون: يا أخي، إن حي ليلى منا قريبٌ، فهل لك أن تمضي إليها فتبلغها عني السلام؟ فقال له: أفعل. فمضى قيس بن ذريح حتى أتى ليلى فسلم وانتسب؛ فقالت له: حياك الله، ألك حاجة؟ قال: نعم، ابن عمك أرسلني إليك بالسلام؛ فأطرقت ثم قالت ما كنت أهلاً للتحية لو علمت أنك رسوله، قل له عني: أرأيت قولك:

أبت ليلةٌ بالـغـيل يا أم مـالـكٍ ** لكم غير حب صادقٍ ليس يكذب
ألا إنمـا أبـقـيت يا أم مـالـكٍ ** صدىً أينما تذهب به الريح يذهب


أخبرني عن ليلة الغيل، أي ليلة هي؟ وهل خلوت معك في الغيل أو غيره ليلاً أو نهاراً؟ فقال لها قيس: يابنة عم، إن الناس تأولوا كلامه على غير ما أراد، فلا تكوني مثلهم، إنما أخبر أنه رآك ليلة الغيل فذهبت بقلبه، لا أنه عناك بسوء؛ قال: فأطرقت طويلاً ودموعها تجري وهي تكفكفها، ثم انتحبت حتى قلت تقطعت حيازيمها، ثم قال: اقرأ على ابن عمي السلام، وقل له: بنفسي أنت! والله إن وجدي بك لفوق ما تجد، ولكن لا حيلة لي فيك؛ فانصرف قيسٌ إليه ليخبره فلم يجده.

رأى ليلى فبكى ثم قال شعراً
أخبرني الحسن بن علي قال حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثني عمي عن ابن الصباح عن ابن الكلبي عن أبيه قال: مر المجنون بعد اختلاطه بليلى "وهي" تمشي في ظاهر البيوت بعد فقدٍ لها طويل، فلما رآها بكى حتى سقط على وجهه مغشياً عليه، فانصرفت خوفاً من أهلها أن يلقوها عنده، فمكث كذلك مليا ثم أفاق وأنشأ يقول: بكى فرحاً بلـيلـى إذ رآهـا محب لا يرى حسناً سواهـا
لقد ظفرت يداه ونال ملكاً ** لئن كانت تراه كمـا يراهـا
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 13-04-2006, 07:11 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي أخبار عروة بن الورد ونسبه

أخبار عروة بن الورد ونسبه

نسبه، شاعر جاهلي فارس جواد مشهور
عروة بن الورد بن زيد، وقيل: ابن عمرو بن زيد بن عبد الله بن ناشب بن هريم بن لديم بن عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد ين قيس بن عيلان بن مضر بن نزار، شاعر من شعراء الجاهلية وفارس من فرسانها وصعلوك من صعاليكها المعدودين المقدمين الأجواد.

كان يلقب بعروة الصعاليك وسبب ذلك
وكان يلقب عروة الصعاليك لجمعه إياهم وقيامه بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم ولم يكن لهم معاش ولا مغزى، وقيل: بل لقب عروة الصعاليك لقوله:

لحي الله صعلوكاً إذا جن ليلـه** مصافي المشاش آلفاً كل مجزر
يعد الغنى من دهره كـل لـيلة ** أصاب قراها من صديق ميسر
ولله صعلوك صفيحة وجـهـه ** كضوء شهاب القابس المتنـور


شرف نسبه وتمنى الخلفاء أن يصاهروه أو ينتسبوا إليه:
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة قال بلغني أن معاوية قال:
لو كان لعروة بن الورد ولد لأحببت أن أتزوج إليهم.
أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا أحمد بن الهيثم بن فراس قال حدثني العمري عن الهيثم بن عدي، وحدثنا إبراهيم بن أيوب عن عبد الله بن مسلم قلا جميعاً: قال عبد الملك بن مروان: ما يسرني أن أحداً من العرب ولدني ممن لم يلدني إلا عروة بن الورد لقوله:

إني امرؤ عافي إنـائي شـركة ** وأنت امرؤ عافي إنائك واحـد
أتهزأ مني أن سمنت وأن تـرى ** بجسمي مس الحق والحق جاهد
أفرق جسمي في جسوم كثـيرة ** وأحسوا قراح الماء والماء بارد


قال الحطيئة لعمر بن الخطاب
كنا نأتم في الحرب بشعره:
أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثني عمر بن شبة قال: بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال للحطيئة: كيف كنتم في حربكم؟ قال: كنا ألف حازم، قال: وكيف؟ قال: كان فينا قيس بن زهير وكان حازماً وكنا لا نعصيه، وكنا نقدم إقدام عنترة، ونأتم بشعر عروة بن الورد، وننقاد لأمر الربيع بن زياد.

قال عبد الملك إنه أجود من حاتم
أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال ويقال: إن عبد الملك قال: من زعم أن حاتماً أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد.
منع عبد الله بن جعفر معلم ولده من أن يرويهم قصيدة له يحث فيها على الاغتراب: أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال أخبرنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا معن بن عيسى قال: سمعت أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال لمعلم ولده: لا تروهم قصيدة عروة بن الورد التي يقول فيها:
دعيني للغنى أسعى فإنـي ** رأيت الناس شرهم الفقير

ويقول: إن هذا يدعوهم إلى الاغتراب عن أوطانهم
خبر عروة مع سلمى
سببته وفداء أهلها بها:
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثني عبد العزيز بن عمران الزهري عن عامر بن جابر قال: أغار عروة بن الورد على مزينة فأصاب منهم امرأة" من كنانة ناكحاً، فاستاقها ورجع وهو يقول:

تبغ عدياً حيث حـلـت ديارهـا ** وأبناء عوف في القرون الأوائل
فإلا أنل أوساً فإني حسـبـهـا ** بمنبطح الأدغال من ذي السلائل


ثم أقبل سائراً حتى نزل ببني النضير، فلما رأوها أعجبتهم فسقوه الخمر، ثم استوهبوها منه قوهبها لهم، وكان لا يمس النساء، فلما أصبح وصحا ندم فقال:
سقوني الخمر ثم تكنفوني

الأبيات
قال: وجلاها النبي صلى الله عليه وسلم مع من جلا من بني النضير

وذكر أبو عمرو الشيباني من خبر عروة بن الورد وسلمى هذه أنه أصاب امرأة" من بني كنانة بكراً يقال لها أنها أرغب الناس فيه، وهب تقول له: لو حججت بي فأمر على أهلي وأراهم! فحج بها، فأتى مكة ثم أتى المدينة، وكان يخالط من أهل يثرب بني النضير فيقرضونه إن احتاج ويبايعهم إذا غنم، وكان قومها يخالطون بني النضير، فأتوهم وهو عندهم؛ فقالت لهم سلمى: إنه خارج بي قبل أن يخرج الشهر الحرام، فتعالوا إليه وأخبروه أنكم تستحيون أن نكون امرأة منكم معروفة النسب صحيحته سبية وافتدوني منه فإنه لا يرى أني أفارقه ولا أختار عليه أحداً، فأتوه فسقوه الشراب، فلما ثمل قالوا له: فادنا بصاحبتنا فإنها وسيطة النسب فينا معروفة، وإن علينا سبة أن تكون سبية، فإذا صارت إلينا وأردت معاودتها فاخطبها إلينا فإننا ننكحك؛ فقال لهم: ذاك لكم، ولكن لي الشرط فيها أن تخيروها، فإن اختارتني انطلقت معي إلى ولدها وإن اختارتكم انطلقتم بها؛ قالوا: ذاك لك؛ قال: دعوني أله بها الليلة وأفادها غداً، فلما كان الغد جاءوه فامتنع من فدائها؛ فقالوا له: قد فاديتنا بها منذ البارحة، وشهد عليه بذلك جماعة ممن حضر، فلم يقدر على الامتناع وفاداها، فلما فادوه بها خيروها فاختارت أهلها، ثم أقبلت عليه فقالت: ياعروة أما إني أقول فيك وإن فارقتك الحق: والله ماأعلم امرأة من العرب ألقت سترها على بعل خيرٍ منك وأغض طرفاً وأقل فحشاً وأجود يداً وأحمى لحقيقة؛ وما مر علي يوم منذ كنت عندك إلا والموت فيه أحب إلي من الحياة بين قومك، لأني لم أكن أشاء أن أسمع امرأة من قومك تقول: قالت أمة عروة كذا وكذا إلا سمعته؛ ووالله لا أنظر في وجه غطفانية أبداً، فارجع راشداً إلى ولدك وأحسن إليهم. فقال عروة في ذلك: سقوني الخمر ثم كنفوني
وأولها:

أرقت وصحبتي بمضيق عميق** لبرق من تهامة مستـطـير
سقى سلمى وأين ديار سلمـى ** إذا كانت مجاورة الـسـرير
إذا حلت بأرض بني عـلـي ** وأهلي بـين إمـرة وكـير
ذكرت منازلاً مـن أم وهـب ** محل الحي أسفل من نـقـير
وأحدث معهد مـن أم وهـب ** معرسنا بدار نبي بني النضير
وقالوا ما تشاء فقلت ألـهـو ** إلى الأصباح آثـر ذي أثـير
بآنسة الحديث رضاب فـيهـا ** بعيد النوم كالعنب العـصـير


وأخبرني علي بن سليمان الأخفش عن ثعلب عن ابن الأعرابي بهذه الحكاية كما ذكر أبو عمرو، وقال فيها: إن قومها أغلوا بها الفداء، وكان معه طلق وجبار أخوه وابن عمه، فقالا له: والله لئن قبلت ما أعطوك لا تفتقر أبداً، وأنت على النساء قادر متى شئت، وكان قد سكر فأجاب إلى فدائها، فلما صحا ندم فشهدوا عليه بالفداء فلم يقدر على الامتناع. وجاءت سلمى تثني عليه فقالت: والله إنك ما علمت لضحوك مقبلاً كسوب مدبراً خفيف على متن الفرس ثقيل على العدو طويل العماد كثير الرماد راضي الأهل والجانب، فاستوص ببنيك خيراً، ثم فارقته. فتزوجها رجل من بني عمها، فقال لها يوماً من الأيام: يا سلمى، أثني علي كما أثنيت على عروة -وقد كان قولها فيه شهر-فقالت له: لا تكلفني ذلك فإني إن قلت الحق غضبت ولا واللات والعزى لا أكذب؛ فقال: عزمت عليك لتأتيني في مجلس قومي فلتثنين علي بما تعلمين، وخرج فجلس في ندي القوم، وأقبلت فرماها القوم والله إن شملتك لإلتحاف، وإن شربك لاستفاف، وإنك لتنام ليلة تخاف، وتشبع ليلة تضاف، وما ترضي الأهل ولا الجانب، ثم انصرفت. فلامه قومه وقالوا: ما كان أغناك عن هذا القول منها.

كان يجمع الصعاليك ويكرمهم ويغير بهم
أخبرني الأخفش عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال حدثني أبو فقعس قال:

كان عروة بن الورد إذا أصابت الناس سني شديدة تركوا في دارهم المريض والكبير والضعيف، وكان عروة بن الورد يجمع أشباه هؤلاء من دون الناس من عشيرته في الشدة ثم يحفر لهم الأسراب ويكنف عليهم الكنف ويكسبهم، ومن قوي منهم-إما مريض يبرأ من مرضه، أو ضعيف تثوب قوته-خرج به معه فأغار، وجعل لأصحابه الباقين في ذلك نصيباً، حتى إذا أخصب الناس وألبنوا وذهبت السنة ألحق كل إنسان بأهله وقسم له نصيبه من غنيمةٍ إن كانوا غنموها، فربما أتى الإنسان منهم أهله وقد استغنى، فلذلك سمي عروة الصعاليك، فقال في ذلك بعض السنين وقد ضاقت حاله: لعل ارتيادي في البلاد وبغيتي وشدي حيازيم المطية بالرحل
سيدفعني يوماً إلى رب هجمةٍ يدافع عنها بالعقوق وبالبخل

أغار مع جماعة من قومه على رجل
فأخذ إبله وامرأته ثم اختلف معهم فهجاهم:
فزعموا أن الله عز وجل قيض له وهو مع قوم من هلاك عشيرته في شتاءٍ شديد ناقتين دهماوين، فنحر لهم إحداهما وحمل متاعهم وضعفاءهم على الأخرى، وجعل ينتقل بهم من مكان إلى مكان، وكان بين النقرة والربذة فنزل بهم مابينهما بموضع يقال له: ماوان. ثم إن الله عز وج قيض له رجلاً صاحب مائةٍ من الإبل قد فر بها من حقوق قومه- وذلك أول ما ألبن الناس-فقتله وأخذ إبله وامرأته، وكانت من أحسن النساء، فأتى بالإبل أصحاب الكنيف فحلبها لهم وحملهم عليها، حتى إذا دنوا من عشيرتهم أقبل يقسمها بينهم وأخذ مثل نصيب أحدهم، فقالوا: لا واللات والعزى لا نرضى حتى نجعل المرأة نصيباً فمن شاء أخذها، فجعل يهم بأن يحمل عليهم فيقتلهم وينتزع الإبل منهم، ثم يذكر أنهم صنيعته وأنه إن فعل ذلك أفسد ما كان يصنع، فأفكر طويلاً ثم أجابهم إلى أن يرد عليهم الإبل إلا راحلة يحمل عليها المرأة حتى يلحق بأهله، فأبوا ذلك عليه، حتى انتدب رجل منهم فجعل له راحلة من نصيبه؛ فقال عروة في ذلك قصيدته التي أولها:

ألا إن أصحاب الكنيف وجدتهم ** كما الناس لما أمرعوا وتمولوا
وإني لمدفـوع إلـي ولاؤهـم ** بماوان إذ نمشي وإذ نتملمـل
وإني وإياهم كذي الأم أرهنت** له ماء عينيها تفدي وتحمـل
فباتت بحد المرفقين كليهـمـا ** توحوح مما نالها وتـولـول
تخير من أمرين ليسا بغبـطة ** هو الثكل إلا أنها قد تجـمـل


سبي ليلى بنت شعواء ثم اختارت أهلها فقال شعراً: وقال ابن الأعرابي في هذه الرواية أيضاً: كان عروة قد سبى امرأة من بني هلال بن عامر بن صعصعة يقال لها: ليلى بنت شعواء، فمكثت عنده زماناً وهي معجبة له تريه أنها تحبه، ثم استزارته أهلها فحملها حتى أتاهم بها، فلما أراد الرجوع أبت أن ترجع معه، وتوعده قومها بالقتل فانصرف عنهم، وأقبل عليها فقال لها: يا ليلى، خبري صواحبك عني كيف أنا؛ فقالت: ما أرى لك عقلاً! أتراني قد اخترت عليك وتقول: خبري عني! فقال في ذلك:

تحن إلى ليلى بجـو بـلادهـا ** وأنت عليها بالملا كنت أقـدر
وكيف ترجيها وقد حيل دونهـا ** وقد جاوزت حياً بتيماء منكرا
لعلك يوماً أن تسـري نـدامة ** علي بما جشمتني يوم غضورا


وهي طويلة. قال: ثم إن بني عامر أخذوا امرأة من بني عبس ثم من بني سكين يقال لها أسماء، فما لبثت عندهم إلا يوماً حتى استنقذها قومها؛ فبلغ عروة أن عامر بن الطفيل فخر بذلك وذكر أخذه إياها، فقال عروة يعيرهم بأخذه ليلى بنت شعواء الهلالية:

إن تأخذوا أسماء موقـف سـاعةٍ ** فمأخذ ليلى وهي عذراء أعجب
لبسنا زماناً حسنها وشـبـابـهـا ** وردت إلى شعواء والرأس أشيب
كمأخذنا حسناء كرهاً ودمعـهـا ** غداة اللوي معصوية يتصـبـب
الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 13-04-2006, 07:23 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

خرج ليغير فمنعته امرأته فعصاها وقال في ذلك شعراً: إغاثته لعبس في مجاعتهم وقال ابن الأعرابي:
أجدب ناس من بين عبس في سنة أصابتهم فأهلكت أموالهم وأصابهم جوع شديد وبؤس، فأتوا عروة بن الورد فجلسوا أمام بيته، فلما بصروا به صرخوا وقالوا: يا أبا الصعاليك، أغثنا؛ فرق لهم وخرج ليغزو بهم ويصيب معاشاً، فنهته امرأته عن ذلك لما تخوفت عليه من الهلاك، فعصاها وخرج غازياً، فمر بمالك بن حمار الفزاري ثم الشمخي؛ فسأله: أين يريد؟ فأخبره، فأمر له بجزور فنحرها فأكلوا منها؛ وأشار عليه مالك أن يرجع، فعصاه ومضى حتى انتهى إلى بلاد بين القين، فأغار عليهم فأصاب هجمة عاد بها على نفسه وأصحابه؛ وقال في ذلك:

أرى أم حسان الغداة تلومـنـي ** تخوفني الأعداء والنفس أخوف
تقول سليمى لو أقمت لسـرنـا ** ولم تدر أنى للمقـام أطـوف
لعل الذي خوفتنا من أمامـنـا ** يصادفه في أهله المتخـلـف


وهي طويلة: وقال في ذلك أيضاً:

أليس ورائي أن أدب على العصا ** فيشمت أعدائي ويسأمني أهلي
رهينة قعر البيت كل عـشـية ** يطيف بي الولدان أهدح كالرأل
أقيموا بين لبني صدور ركابكـم** فكل منايا النفس خير من الهزل
فإنكم لن تبلغوا كل هـمـتـي ** ولاأربى حتى تروا منبت الأثل
لعل ارتيادي في البلاد وحيلتـي ** وشدي حيازيم المطية بالرحـل
سيدفعني يوماً إلى رب هجـمةٍ ** يدافع عنها بالعقوق وبالبـخـل



قصته مع هزلي أغار على فرسه

نسخت من "كتاب أحمد بن القاسم بن يوسف" قال حدثني حر بن قطن أن ثمامة بن الوليد دخل على المنصور؛ فقال: يا ثمامة، أتحفظ حديث ابن عمك عروة الصعاليك بن الورد العبسي؟ فقال: أي حديثه يا أمير المؤمنين؟ فقد كان كثير الحديث حسنه؛ قال: حديثه مع الهذلي الذي أخذ فرسه؛ قال: ما يحضرني ذلك فأرويه يا أمير المؤمنين؛ فقال المنصور: خرج عروة حتى دنا من منازل هذيل فكان منها على نحو ميلين وقد جاع فإذا هو بأرنب فرماها ثم أورى ناراً فشواها وأكلها ودفن النار على مقدار ثلاث أذرع وقد ذهب الليل وغارت النجوم، ثم أتى سرحة فصعدها وتخوف الطلب، فلما تغيب فيها إذ الخيل قد جاءت وتخوفوا البيات. قال: فجاءت جماعة منهم ومعهم رجل على فرس فجاء حتى ركز رمحه في موضع النار وقال: لقد رأيت النار هاهنا؛ فنزل رجل فحفر قدر ذراع فلم يجد شيئاً، فأكب القوم على الرجل يعذلونه ويعيبون أمره ويقولون: عنيتنا في مثل هذه الليلة القرة وزعمت لنا شيئاً كذبت فيه؛ فقال: ما كذبت، ولقد رأيت النار في موضع رمحي؛ فقالوا: ما رأيت شيئاً ولكن تحذلقك وتدهيك هو الذي حملك على هذا، وما نعجب إلا لأنفسنا حين أطعنا أمرك واتبعناك؛ ولم يزالوا بالرجل حتى رجع عن قوله لهم. واتبعهم عروة، حتى إذا وردوا منازلهم جاء عروة فتمكن في كسر بيت؛ وجاء الرجل إلى امرأته وقد خالفه إليها عبد أسود، وعرة ينظر، فأتاها العبد بعلبة فيها لبن فقال: اشربي؛ فقالت لا، أو تبدأ، فبدأ الأسود فشرب؛ فقالت للرجل حين جاء: لعن الله صلفك! عنيت قومك منذ الليلة؛ قال: لقد رأيت ناراً، ثم دعا بالعلبة ليشرب، فقال حين ذهب ليكرع: ريح رجل ورب الكعبة! فقالت امرأته: وهذه أخرى، أي ريح رجل تجده في إنائك غير ريحك! ثم صاحت، فجاء قومها فأخبرتهم خبره، فقالت: يتهمني ويظن بي الظنون! فأقبلوا عليه باللوم حتى رجع عن قوله؛ فقال عروة: هذه ثانية. قال ثم أوى الرجل إلى فراشه، فوثب عروة إلى الفرس وهو يريد أن يذهب به، فضرب الفرس بيده وتحرك، فرجع عروة إلى موضعه، ووثب الرجل فقال: ما كنت لتكذبيني فمالك؟ فأقبلت عليه امرأته لوماً وعدلاً. قال: فصنع عروة ذلك ثلاثاً وصنعه الرجل، ثم أوى الرجل إلى فراشه وضجر من كثرة ما يقوم، فقال: لا أقوم إليك الليلة؛ وأتاه عروة فحال في متنه وخرج ركضاً، وركب الرجل فرساً عنده أنثى. قال عروة: فجعلت أسمعه خلفي يقول: الحقي فإنك من نسله. فلما انقطع عن البيوت، قال له عروة قال له عروة بن الورد: أيها الرجل قف، فإنك لو عرفتني لم تقدم علي، أنا عروة بن الورد، وقد رأيت الليلة منك عجباً، فأخبرني به وأرد إليك فرسك؛ قال: وما هو؟ قال: جئت مع قومك حتى ركزت رمحك في موضع نارٍ قد كنت أوقدتها فثنوك عن ذلك فانثنيت وقد صدقت، ثم اتبعتك حتى أتيت منزلك وبينك وبين النار ميلان فأبصرتها منهما، ثم شممت رائحة رجل في إنائك، وقد رأيت الرجل حين آثرته زوجتك بالإناء، وهو عبدك الأسود وأظن أن بينهما مالا تحب، فقلت: ريح رجل؛ فلم تزل تثنيك عن ذلك حتى انثنيت، ثم خرجت إلى فرسك فأردته فاضطرب وتحرك فخرجت إليه، ثم خرجت وخرجت، ثم أضربت عنه، فرأيتك في هذه الخصال أكمل الناس ولكنك تنثني وترجع؛ فضحك وقال: ذلك لأخوال السوء، والذي رأيت من صرامتي فمن قبل أعمامي وهم هذيل، وما رأيت من كعاعتي فمن قبل أخوالي وهم بطن من خزاعة والمرأة التي رأيت عندي امرأة منهم وأنا نازل فيهم، فذلك التي رأيت عندي امرأة منهم وأنا نازل فيهم، فذلك الذي يثنيني عن أشياء كثيرة، وأنا لاحق بقومي وخارج عن أخوالي هؤلاء ومخل سبيل المرأة، ولولا ما رأيت من كعاعتي لم يقو على مناوأة قومي أحد من العرب. فقال عروة: خذ فرسك راشداً؛ قال: ما كنت لآخذه منك وعندي من نسله جماعة مثله، فخذه مباركاً لك فيه. قال ثمامة: إن له عندنا أحاديث كثيرة ما سمعنا له بحديث هو أظرف من هذا.
قصة غزوان لماوان وحديثه مع غلام تبين بعد أنه ابنه: قال المنصور: أفلا أحدثك له بحديث هو أظرف من هذا؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين، فإن الحديث إذا جاء منك كان له فضل على غيره؛ قال: خرج عروة وأصحابه حتى أتى ماوان فنزل أصحابه وكنف عليهم كنيفاً من الشجر، وهم أصحاب الكنيف الذي سمعته قال فيهم:

ألا إن أصحاب الكنيف وجدتهم** كما الناس لما أمرعوا وتمولوا

وفي هذه الغزاة يقول عروة:
أقول لقوم في الكنيف تروحوا ** عشية قلنا حول ماوان رزح

وفي هذه القصيدة يقول:
ليبلغ عذراً أو يصيب غنـيمة** وملغ نفسٍ عذرها مثل منجح

ثم مضى يبتغي لهم شيئاً وقد جهدوا، فإذا هو بأبيات شعرٍ وبامرأة قد خلا من سنها وشيخ كبير كالحقاء الملقى، فكمن في كسر بيت منها، وقد أجدب الناس وهلكت الماشية، فإذا هو في البيت بسحور ثلاثة مشوية - فقال ثمامة: ومالسحور؟ قال: الحلقوم بما فيه- والبيت خال فأكلها، وقد مكث قبل ذلك يومين لا يأكل شيئاً فأشبعته وقوي، فقال: لا أبالي من لقيت بعد هذا. ونظرت المرأة فظنت أن الكلب أكلها فقالت للكلب: أفعلتها ياخبيث! وطردته. فإنه لكذلك إذا هو عند المساء بإبل قد ملأت الأفق وإذا هي تلتفت فرقاً، فعلم أن راعيها جلد شديد الضرب لها، فلما أتت المناخ بركت، ومكث الراعي قليلاً ثم أتى ناقة منها فمرى أخلاقها، ثم وضع العلبة على ركبتيه وحلب حتى ملأها، ثم أتى الشيخ فسقاه، ثم أتى ناقة أخرى ففعل بها ذلك وسقى العجوز، ثم أتى أخرى ففعل بها كذلك فشرب هو، ثم التفع بثوب واضطجع ناحيةٍ، فقال الشيخ للمرأة وأعجبه ذلك: كيف ترين ابني؟ فقالت: ليس بابنك! قال: فابن من ويلك؟ قالت: ابن عروة بن الورد، قال: ومن أين؟ قالت: أتذكر يوم مر بنا يريد سوق ذي المجاز فقلت: هذا عروة بن الورد، ووصفته لي بجلد فإني استطرفته. قال: فسكت، حتى إذا نوم وثب عروة وصاح بالإبل فاقتطع منها نحواً من النصف ومضى ورجا ألا يتبعه الغلام- وهو غلام حين بدا شاربه-فاتبعه. قال: فاتخذا وعالجه، قال: فضرب به الأرض فيقع قائماً، فتخوفه على نفسه، ثم واثبه فضرب به وبادره، فقال: إني عروة بن الورد، وهو يريد أن يعجزه عن نفسه. قال: فارتدع، ثم قال مالك ويلك! لست ينهاك عن شيء، قال: الذي بقي من عمر الشيخ قليل، وأنا مقيم معه مابقي، فإن له حقاً وذماماً، فإذا هلك فما أسرعني إليك، وخذ من هذا الإبل بعيراً؛ قلت: لا يكفيني، إن معي أصحابي قد خلفتهم؛ قال: فثانياً، قلت لا؛ قال: فثالثاً، والله لازدتك على ذلك. فأخذها ومضى إلى أصحابه، ثم إن الغلام لحق به بعد هلاك الشيخ. قال: والله يا أمير المؤمنين لقد زينته عندنا وعظمته في قلوبنا؛ قال: فهل أعقب عنكم؟ قال لا، ولقد كنا نتشاءم بأبيه، لأنه هو الذي وقع الحرب بين عبس وفزاره بمراهنته حذيفة، ولقد بلغني أنه كان له ابن أسن من عروة فكان يؤثره على عروة فيما يعطيه ويقربه، فقيل له: أتؤثر الأكبر مع غناه عنك على الأصغر مع ضعفه! قال: أترون هذا الأصغر! لئن بقي مع ما رأى من شدة نفسه ليصبرن الأكير عيالاً عليه.
الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 13-04-2006, 07:35 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي أخبار بشار بن برد ونسبه

أخبار بشار بن برد ونسبه
نسبه وكنيته وطبقته في الشعراء
هو، فيما ذكره الحسن بن علي عن محمد بن القاسم بن مهروية عن غيلان الشعوبي، بشار بن برد بن يرجوخ بن أزدكرد بن شروستان بن بهمن بن دارا بن فيروز بن كرديه بن ماهفيدان بن دادان بن بهمن بن بن أزدكرد بن حسيس بن مهران بن خسروان بن أخشين بن شهر داد بن نبوذ بن ماخرشيدا نماذ بن شهريار بن بنداد سيحان بن مكر بن أدريوس بن يستاسب" بن لهراسف". قال: وكان يرجوخ من طخارستان من سبى المهلب بن أبي صفرة. ويكنى بشار أبا معاذ. ومحله في الشعر وتقدمه طبقات المحدثين فيه بإجماع الرواة ورياسته عليهم من غير اختلاف في ذلك يغني عن وصفه وإطالة ذكر محله. وهو من مخضرمي شعراء الدولتين العباسية والأموية، قد شهر فيهما ومدح وهجا وأخذ سني الجوائز مع الشعراء.
أخبرنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم قال قال حميد بن سعيد.
كان بشار من شعب أدريوس بن يستاسب الملك بن لهراسف الملك. قال: وهو بشار بن برد بن بهمن بن أزدكرد بن شروستان بن بهمن بن دارا بن فيروز. قال: وكان يكنى أبا معاذ.
ولاؤه لبني عقيل: وأخبرني يحيى بن علي ومحمد بن عمران الصيرفي وغيرهما عن الحسن بن عليل العنزي عن خالد بن يزيد بن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه قال: كان بشار بن برد بن يرجوخ وأبوه برد من قن خيرة القشيرية امرأة المهلب بن أبي صفرة، وكان مقيماً لها في ضيعتها بالبصرة المعروفة " بخيرتان" مع عبيد لها وإماء، فوهبت براداً بعد أن زوجته لامرأة من بني عقيل كانت متصلة بها، فولدت له امرأته وهو في ملكها بشاراً فأعتقته العقيلية وأخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال: كان برد أبو بشار مولى أم الظباء العقيلية السدوسية، فادعى بشار أنه مولى بني عقيل لنزوله فيهم.
وأخبرني امد بن العباس العسكري قال حدثنا العنزي قال حدثني رجل من ولد بشار يقال له حمدان كان قصارا بالبصرة، قال: ولاؤنا لبني عقيل؛ فقلت لأيهم؟ فقال: لبني ربيعة بن عقيل وأخبرني وكيع قال حدثني سليمان المدني قال قال أحمد بن معاوية الباهلي: كان بشار وأمه لرجل من الأزد، فتزوج امراة من بني عقيل، فساق إليها بشاراً وأمه في صداقها، وكان بشار ولد مكفوفاً فأعتقته العقيلية.
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي قال حدثني الحسن بن عليل العنزي قال حدثنا قعنب بن المحرز الباهلي قال حدثني محمد بن الحجاج قال:
باعت أم بشار بشاراً على أم الظباء السدوسية بدينارين فأعتقته. وأم الظباء امراة أوس بن ثعلبة أحد بن تيم اللات بن ثعلبة، وهو صاحب قصر أوس بالبصرة؛ وكان أوس أحد فرسان بكر بن وائل بن بخراسان
كان أبوه طساناً
وقد هجاه بذلك حماد عجرد: أخبرني الحسن بن علي الخفاف قال حدثنا العنزي قال حدثنا محمد بن زيد العجلي قال أخبرني بدر بن مزاحم: أن برداً أبا بشار كان طياناً يضرب اللبن، وأراني أبي بيتين" لناً فقال لي: لبن هذين البيتين من ضرب برد أبي بشارٍ. فسمع هذه الحكاية حماد عجردٍ فهجاه فقال:

يابن برد إخسأ إليك فمثـل ال** كلب في الناس أنت لا الإنسان
بل لعمري لأنت شر من الكل ** ب وأولى منه بكـل هـوان
ولريح الخنزير أهون من ري** حك يابن الطيان ذي التـبـان


أنشد للمهدي شعراً في أنه عجمي
بحضور أبي دلامة:
أخبرني يحيى بن علي قال حدثنا أبو أيوب المديني عن أبي الصلت البصري عن أبي عدنان قال حدثني يحيى بن الجون العبدي رواية بشار قال: قال: لما دخلت على المهدي قال لي: فيمن تعتذ يابشار؟ فقلت: اما اللسان والزي فعربيان، وأما الأصل فعجمي، كما قلت في شعري ياأمير المؤمنين:

ونبئت قـومـاً بـهـم جـنة** يقولون من ذا وكنت العـلـم
ألا أيها السـائلـي جـاهـداً ** ليعرفني أنا أنـف الـكـرم
نمت في الكرام بني عـامـر** فروعي وأصلي قريش العجم
فإني لأغني مقـام الـفـتـى ** وأصبي الفتاة فما تعتـصـم


قال: وكان أبو دلامة حاضراً فقال: كلا! لوجهك أقبح من ذلك ووجهي مع وجهك؛ فقلت: كلا! والله مارأيت رجلاً أصدق على نفسه وأكذب على جليسه منك، والله إني لطويل القامة عظيم الهامة تام الألواح أسحج الخدين، ولرب مسترخي المذورين للعين فيه مراد قد جلس من الفتاة حجرة وجلست منها حيث أريد، فأنت مثلي يامرضعان! "قال": فسكت عني، ثم قال لي المهدي: فمن أي العجم أصلك؟ فقلت: من أكثرها في الفرسان، وأشدها على الأقران، أهل طخازستان؛ فقال بعض القوم: أولئك الصغد؛ فقلت: لا، الصغد تجار؛ فقال بعض القوم: اولئك الصغد؛ فقلت: لا الصغد تجار؛ فلم يردد ذلك المهدي
كان كثير التلون في ولائه للعرب مرة وللعجم أخرى:
وكان بشار كثير التلون في ولائه، شديد الشغب والتعصب للعجم، مرة يقول يفتخر بولائه في قيس:

أمنت مضرة الفحشـاء أنـى ** أرى قيساً تضر ولاتـضـار
كأن الناس حين تغيب عنـهـم ** نبات الأرض أخطأه القطـار
وقد كانت بتذمر خـيل قـيس ** فكان لتدمـر فـيهـا دمـار
بحي من بني عـيلان شـوس ** يسير الموت حيث يقال ساروا
ومانلـقـاهـم إلا صـدرنـا ** بري منـهـم وهـم حـرار


ورمة يتبرأ من ولاء العرب فيقول

أصبحت مولى ذي الجلال وبعضهم ** مولى العريب فخذ بفضلك فافخر
مولاك أكرم من تمـيم كـلـهـا ** أهل الفعال ومن قريش المشعـر
فارجع إلى مولاك غير مـدافـع ** سبحان مولاك الأجـل الأكـبـر


وقال يفتخر بولاء بني عقيل: إنني من بني عقيل بن كـعـب موضع السيف من طلى الأعناق

كان يلقب بالمرعث
ويكنى أبا بشار أبا معاذ، ويلقب بالمرعث.
أخبرني عمي ويحيى بن علي قالا حدثنا أبو أيوب المديني قال حدثني محم بن سلام قال: بشار المرعث هو بشار بن برد، وإما سمي المرعث بقوله:
ريم مـرعــث ساح**ر الطرف والنظر
لست والـلـه نـائلـي ** قلت أو يغلب القـدر
أنت إن رمت وصلنـا** فانج، هل تدرك القمر

قال أبو أيوب: وقال لنا ابن سلام مرة أخرى: إنما سمي بشار المرعث، لأنهه كان لقميصه جيبان: جيب عن يمينه وجيب عن شماله، فإذا أراد لبسه ضمه عليه من غير أن يدخل رأسه فيه، وإذا أراد نزعه حل أزاره وخرج منه، فشبهت تلك الجيوب بالرعاث لاسترسالها وتدليلها، وسمي من أجلها المرعث.
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا علي بن مهدي قال حدثني أبو حانم قال قال لي أبو عبيدة:

رأي الأصمعي فيه وفي ابن أبي حفصة
أخبرني هاشم بن محمد قال حدثني الرياشي قال: سئل الأصمعي عن بشار ومروان أيهما أشعر؟ فقال: بشار؛ فسئل عن السبب في ذلك، فقال: لأن مروان سلك طريقاً كثر من يسلكه فلم يلحق من تقدمه، وشركه فيه من كان في عصره، ويشار سلك طريقاً لم يسلك وأحسن فيه وتفرد به، وهو أكثر تصرفاً وفنون شعر وأغزر وأوسع بديعا، ومروان لم يتجاوز مذاهب الأوائل أخبرني هاشم بن محمد قال حدثني العنزي عن أبي حاتم قال سمعت الأصمعي وقد عاد إلى البصرة من بغداد فسأله رجل عن مروان بن أبي حفصة، فقال: وجد أهل بغداد قد ختموا به الشعراء وبشار أحق بأن يختموهم به من مروان؛ فقيل له: ولم؟ فقال: وكيف لايكون كذلك وملكان مروان في حياة بشار يقول شعراًحتى يصلحه له بشار ويقومه! وهذا سلم الخاسر من طبقة مروان يزاحمه بين أيدي الخلفاء بالشعر ةيساويه في الجوائز، وسلم معتوف بأنه تبع لبشار.

مقارنته بامرىء القيس والقطامي
أخبرني جحظة قال سمعت علي بن يحيى المنجم يقول: سمعت من لاأحصي من الواة يقولون: أحسن الناس ابتداء في الجاهلية امرؤ القيس حيث يقول:

ألا أنعم صباحاً أيها الطلل البالي
وحيث يقول:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
وفي الإسلام القطامي حيث يقول:
إنا محيوك فاسلم أيها الطلل

ومن المحدثين بشار حيث يقول:

أبى طلل بالجزع أن يتكلما** وماذا عليه لو أجاب متيما
وبالفرع آثار بقين وباللوى** ملاعب لايعرفن إلا توهما


مقارنة بينه وبين مروان بن أبي حفصة
أخبرني عمي عن الكرني عن أبي حاتم قال: كان الأصمعي يعجب بشعر بشار لكثرة فنونه وسعة تصرفه، ويقول: كان مطبوعاً لايكلف طبعه شيئاً متعذراً لاكمن يقول البيت ويحككه أياماً. زكان يشبه بشاراً بالأعشى والنابغة الذبياني، ويشبه مروان بزهير والحطيئة، ويقول: هو متكلف قال الكراني: قال أبو حاتم: وقلت لأبي زيد: أيما أشعر بشار أم مروان؟ فقال: بشار أشعر، ومروان أكفر. قال أبو حاتم: وسألت أبا زيد مرة أخرى عنهما فقال: مروان أجد وبشار أهزل؛ فحدثت الأصمعي بذلك؛ فقال: بشار يصلح للجد والهزل، ومروان لايصلح إلا لأحدهما.

كان شعره سياراً يتناشده الناس
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى قال حدثنا نجم بن النطاح قال: عهدي بالبصرة وليس فيها غزل ولاغزلة إلا يروي من شعر بشار، ولانائحة ولامغنية إلا لتكسب به، ولا ذو شرفٍ إلا وهو يهابه ويخاف معرة لسانه.
لم يأت في شعره بلفظ مستنكر: أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني أحمد بن المبارك قال حدثني أبي قال:

قلت لبشار: ليس لأحد من شعراء العرب شعر إلا وقد قال فيه شيئاً استنكرته العرب من ألفاظهم وشك فيه، وإنه ليس في شعرك مايشك؛ قال: ومن أين يأتيني الخطأ! ولدت هاهنا ونشأت في حجورثمانين شيخاً من فصحاء بني عقيل مافيهم احد يعرف كلمة من الخطأ، وإن دخلت إلى نسائهم فنساؤهم أفصح منهم، وأيفعت فأبديت إلى أن أدركت، فمن أين يأتيني الخطأ أخبرني حبيب بن نصر المهلبي وأحمد بن عبد العزيز ويحيى بن علي قالوا حدثنا عمر بن شبة قال: كان الأصمعي يقول: إن بشاراً خاتمة الشعراء، والله لولا ظأن أيامه تأخرت لفضلته على كثير منهم.

هو أول الشعراء في جملة من اغراض الشعر
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثني أبو الفضل المروزي قال حدثني بن المحرز الباهلي قال قال الأصمعي: لقي أبو عمرو بن العلاء بعض الرواة فقال له: يا أبا عمرو، من أبدع الناسبيتاً؟ قال: الذي يقول:
لم يطل ليلي ولكن لـم أنـم ** ونفى عني الكرى طيف ألم
روحي عني قليلا واعلمـي ** أنني ياعبد من لـحـم ودم


قال: فمن أمدح الناس؟ قال: الذي يقول:

لمست بكفي كفه أبتغي الغنـى ** ولم أدر أن الجود من كفه يعدي
فلا أنا منه ماأفاد ذوو الغـنـى ** أفدت وأعداني فأتلفت ماعنـدي


قال: فمن أهجى الناس؟ قال: الذي يقول:

رأيت السهيلين استوى الجود فيهما ** على بعد ذا من ذاك في حكم حاكم
سهيلبن عثمـان يجـود بـمـابـه ** كما جاد بالوجعا سهيل بن سـالـم


قال: وهذه الأبيات كلها لبشار نسبة مافي هذا الخبر من الأشعار التي يغني فيها

لم يطل ليلي ولكن بـم أنـم ** ونفى عني الكرى طيف ألم
وإذا قلت لها جـودي لـنـا ** خرجت بالصمت عن لاونعم
نفسي ياعبد عني واعلـمـي ** أنني ياعبد من لـحـم ودم
إن في بردى جسماً نـاحـلاً ** لو تركأت علـيه لأنـهـدم
حتم الحب لها في عنـقـي ** موضع الخاتم من أهل الذمم

فأما الأبيات التي ذكر أبو عمرو أنه فيها أمدح الناس وأولها: لمست بكفي كفه أبتغي الغنى فإنه ذكر لبشار. وذكر الزبير بن بكار أنها لابن الخياط في المهدي، وذكر له فيها معه خبراً طويلاً قد ذكرته في أخبار ابن الخياط في هذا الكتاب.
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م