مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13-04-2006, 01:37 PM
محمد العاني محمد العاني غير متصل
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,514
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة maher
أخواتي الفاضلات
صمت الكلام
بيلسان
على رسلك


أشكر لكن مروركن الجميل و أرجو أن ينال الآتي إعجابكن أيضا

و سأورد هنا أشهر الشعراء فقط و أشعرهم

أخي محمد مشكور على المرور و أرجو أن يكون الموضوع أعجبك

أخي الحبيب ماهر..
أظن أننا تجاوزنا سؤال أن يُعجبني موضوع لك أو لا..
فمواضيعك كلها جميلة..و ذوقك راقٍ في اختيار الأروع..
تحيّة قلبية حارة لك أخي..



أخوك
محمد
__________________


أنا عندي من الأسى جبلُ
يتمشى معي و ينتقلُ
أنا عندي و إن خبا أملُ
جذوةٌ في الفؤاد تشتعلُ
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 14-04-2006, 02:13 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

شعر حسان الذي يقرر به إيمانه بالرسل
أخبرنا أحمد بن عبد العزيز وحبيب بن نصر قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني عمر بن عليّ بن مقدّم عن يحيى بن سعيد عن أبي حيّان التّيميّ عن حبيب بن أبي ثابت، قال أبو زيد وحدّثنا محمد بن عبد الله بن الزّبير قال حدّثنا مسعرٌ عن سعد بن إبراهيم، قالوا: قال حسّان: ثابت للنبيّ صلى الله عليه وسلم:

شهدت بإذن الـلـه أنّ مـحـمـداً ** رسول الذي فوق السماوات من عل
وأنّ أخا الأحقـاف إذ يعـذلـونـه ** يقوم بدين اللـه فـيهـم فـيعـدل
وأنّ أبا يحيى ويحـيى كـلاهـمـا ** له عملٌ فـي دينـه مـتـقـبّـل
وأنّ الذي عادى اليهـود ابـن مـريمٍ** رسولٌ أتى من عند ذي العرش مرسل
وأنّ الذي بالجزع من بطـن نـخـلةٍ ** ومن دونها فلٌّ من الخـير مـعـزل


فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " أنا أشهد معك ".

أخبر بوقعة صفين قبل وقوعها
أخبرنا محمد بن خلفٍ وكيع قال حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدّثنا ابن أبي أويس قال حدّثني أبي ومالك بن الربيع بن مالك حدّثاني جميعاً عن الرّبيع بن مالك بن أبي عامر عن أبيه أنه قال: بينا نحن جلوسٌ عند حسّان بن ثابت، وحسّان مضطجعٌ مسندٌ رجليه إلى فارعٍ قد رفعهما عليه، إذ قال: مه! أما رأيتم ما مرّ بكم الساعة؟ قال مالك: قلنا: لا والله، وما هو؟ فقال حسّان: فاختةٌ مرّت الساعة بيني وبين فارع فصدمتني، أو قال: فزحمتني. قال: قلنا: وما هي؟ قال:
ستأتيكم غدواً أحاديث جـمّةٌ ** فأصغوا لها آذانكم وتسمّعوا

قال مالك بن أبي عامر: فصبحنا من الغد حديث صفّين.

سمعه المغيرة ينشد شعراً فبعث إليه بمال
أخبرنا وكيع قال حدّثنا اللّيث بن محمد عن الحنظليّ عن أبي عبدة عن العلاء بن جزء العنبري قال: بينا حسّان بن ثابت بالخيف وهو مكفوفٌ، إذ زفر زفرةً ثم قال:

وكأنّ حافرها بكـلّ خـمـيلةٍ** صاعٌ يكيل به شحيحٌ مـعـدم
عاري الأشاجع من ثقيفٍ أصله ** عبدٌ ويزعم أنّـه مـن يقـدم


قال: والمغيرة بن شعبة جالسٌ قريباً منه يسمع ما يقول، فبعث إليه بخمسة آلاف درهم. فقال: من بعث بهذا؟ قال: المغيرة بن شعبة سمع ما قلت. قال: واسوءتاه! وقبلها.

استجار الحارث بن عوف من شعره بالنبي
أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني الأصمعيّ قال: جاء الحارث بن عوف بن أبي حارثة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أجرني من شعر حسّان، فلو مزج البحر بشعره لمزجه. قال: وكان السبب في ذلك - فيما أخبرني به أحمد بن عبد العزيز عن عمر بن شبّة عن الأصمعيّ، وأخبرني به الحسن بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني عمّي مصعب -أنّ الحارث بن عوف أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ابعث معي من يدعو إلى دينك وأنا له جار. فأرسل معه رجلاً من الأنصار. فغدرت بالحارث عشيرته فقتلوا الأنصاريّ، فقدم الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه الصلاة والسلام لا يؤنّب أحداً في وجهه، فقال: " ادعوا لي حسّان "، فدعي له، فلمّا رأى الحارث أنشده:

يا حار من يغدر بـذمّة جـاره ** منكم فإنّ محمـداً لـم يغـدر
إن تغدروا فالغدر منكم شـيمةٌ ** والغدر ينبت في أصول السّخبر


فقال الحارث: اكففه عنّي يا محمد، وأؤدّي إليك دية الخفارة، فأدّى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم سبعين عشراء، وكذلك دية الخفارة، وقال: يا محمد، أنا عائذٌ بك من شرّه، فلو مزج البحر بشعره مزجه.

أنشد شعراً بلغ النبي فآلمه
أخبرنا أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إبراهيم بن المنذر قال حدّثنا عبد الله بن وهب قال أخبرنا العطّاف بن خالد قال: كان حسّان بن ثابت يجلس إلى أطمه فارعٍ، ويجلس معه أصحابٌ له ويضع لهم بساطاً يجلسون عليه؛ فقال يوماً، وهو يرى كثرة من يأتي إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم من العرب فيسلمون:

أرى الجلأبيب قد عزّوا وقد كثروا ** وابن الفريعة أمسى بيضة البلـد

فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " من لي بأصحاب البساط بفارع؟ ". فقال صفوان بن المعطّل: أنا لك يا رسول الله منهم؛ فخرج إليهم فاخترط سيفه، فلمّا راوه عرفوا الشرّ بوجهه ففرّوا وتبدّدوا، وأدرك حسّان داخلاً بيته، فضرب وفلق أليته. قال: فبلغنا أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم عوّضه وأعطاه حائطاً، فباعه من معاوية بعد ذلك بمالٍ كثير، فبناه معاوية قصراً، وهو الذي يقال له: " قصر الدّارين ". وقد قيل: إنّ صفوان بن المعطّل إنما ضرب حسّان لما قاله فيه وفي عائشة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم من الإفك؛ لأن صفوان هو الذي رمى أهل الإفك عائشة به.
وأخبرنا محمد بن جرير قال حدّثنا محمد بن حميد قال حدّثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة قال: اعترض صفوان بن المعطّل حسّان بن ثابت بالسّيف لما قذفه به من الإفك حين بلغه ما قاله. وقد كان حسّان قال شعراً يعرّض بابن المعطّل وبمن أسلم من العرب من مضر فقال:

أمسى الجلأبيب قد عزّوا وقد كثروا ** وابن الفريعة أمسى بيضة البـلـد
قد ثكلت أمّه من كنت صـاحـبـه ** أو كان منتشباً في بـرثـن الأسـد
ما للقتـيل الـذي أعـدو فـآخـذه ** من ديةٍ فيه أعـطـيهـا ولا قـود
ما البحر حين تهبّ الريح شـامـيةً ** فيغطئلّ ويرمي العبـر بـالـزّبـد
يوماً بأغلب منّي حين تبـصـرنـي ** بالسيف أفري كفري العارض البرد


فاعترضه صفوان بن المعطّل بالسيف فضربه وقال:

تلقّ ذباب السّيف عنّي فإنّنـي ** غلامٌ إذا هوجيت لست بشاعر

قبض ثابت بن قيس على ابن المعطل لضربه له، ثم انتهى الأمر إلى النبي فاسترضاه: وحدّثنا محمد بن جرير قال حدّثنا " ابن " حميد قال حدّثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التّيميّ: أنّ ثابت بن قيس بن الشّمّاس أخا بلحارث بن الخزرج وثب على صفوان بن المعطّل في ضربه حسّان فجمع يديه على عنقه، فانطلق به إلى دار بني الحارث بن الخزرج، فلقيه عبد الله بن رواحة فقال: ما هذا؟ فقال: ألا أعجّبك! ضرب حسّان بالسيف! والله ما أراه إلاّ قد قتله. فقال له عبد الله بن رواحة: هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيءٍ من هذا؟ قال: لا والله. قال: لقد اجترأت! أطلق الرجل، فأطلقه. ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فدعا حسّان صفوان بن المعطّل؛ فقال ابن المعطّل: يا رسول الله، آذاني وهجاني فضربته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسّان: " يا حسّان أتعيب على قومي أن هداهم الله عزّ وجلّ للإسلام! "، ثم قال: " أحسن يا حسّان في الذي أصابك ". قال: هي لك يا رسول الله.

إيراد ما تقدم برواية أخرى مفصلة
أخبرنا أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني المدائنيّ قال حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدّثنا محمد بن إسحاق عن أبيه إسحاق بن يسارٍ عن بعض رجال بني النجّار بمثل ذلك، وزاد في الشعر الذي قاله حسان زيادةً ووافقه عليها مصعب الزّبيريّ، فيما أخبرنا به الحسن بن عليّ، قال قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثنا الزّبير بن بكّار قال حدّثني عمي مصعب في القصّة، فذكر أنّ فتيةً من المهاجرين والأنصار تنازعوا على الماء وهم يسقون خيولهم، فغضب من ذلك حسّان فقال هذا الشعر.
وذكر الزّهريّ، فيما أخبرنا أحمد بن يحيى بن الجعد، قال حدّثنا محمد بن إسحاق المسيّببي قال حدّثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزّهريّ أنّ هذا الخبر كان بعد غزوة النبيّ صلى الله عليه وسلم بني المصطلق.
قال: وكان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ يقال له: سنان، ورجل من بني غفار يقال له: جهجاه؛ فخرج جهجاهٌ بفرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرسٍ له يومئذ يسقيهما، فأوردهما الماء، فوجد على الماء فتيةً من الأنصار، فتنازعوا فاقتتلوا؛ فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: هذا ما جزونا به، آويناهم ثم هم يقاتلوننا! وبلغ حسّان بن ثابت الذي بين جهجاه وبين الفتية الأنصار، فقال وهو يريد المهاجرين من القبائل الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام - وهذا الشعر من رواية مصعب دون الزّهريّ -:

أمسى الجلأبيب قد عزّوا وقد كثـروا ** وابن الفريعة أمسى بيضة الـبـلـد
يمشون بالقول سرًّا فـي مـهـادنةٍ ** تهدّداً لي كأنّي لـسـت مـن أحـد
قد ثكلت أمّه من كنـت صـاحـبـه ** أو كان منتشباً في بـرثـن الأسـد
ما للقتيل الذي أسمـوا فـأقـتـلـه** من ديةٍ فيه أعـطـيهـا ولا قـود
ما البحر حين تهبّ الـريح شـامـيةً** فيغطئلّ ويرمي العبـر بـالـزّبـد
يوماً بأغلب منيّ حين تبـصـرنـي ** أفري من الغيظ فري العارض البرد
أمّا قريشٌ فإنّي لسـت تـاركـهـم ** حتى ينيبوا من الغـيّات بـالـرّشـد
ويتركوا اللاّت والعزّى بـمـعـزلةٍ ** ويسجدوا كلّهم للواحـد الـصّـمـد
ويشهدوا أنّ ما قال الرسـول لـهـم ** حقٌّ ويوفوا بعهد الـلـه فـي سـدد
أبلغ بنيّ بأنّي قـد تـركـت لـهـم ** من خير ما ترك الأبـاء لـلـولـد
الدّار واسطةٌ والـنـخـل شـارعةٌ ** والبيض يرفلن في القسّيّ كالـبـرد


قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا حسان نفست عليّ إسلام قومي " وأغضبه كلامه. فغدا صفوان بن المعطّل السّلميّ على حسّان فضربه بالسيف. وقال صفوان:

تلقّ ذباب السّيف عنّي فإننـي ** غلامٌ إذا هوجيت لست بشاعر

فوثب قومه على صفوان فحبسوه، ثم جاؤوا سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر، وهو مقبلٌ على ناضحه بين القربتين، فذكروا له ما فعل حسّان وما فعلوا؛ فقال: أشاورتم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا لا. فقعد إلى الأرض. وقال: وانقطاع ظهراه! أتأخذون بأيديكم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيكم! ودعا بصفوان فأتي به، فكساه وخلاّه. فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كساك كساه الله ". وقال حسّان لأصحابه: احملوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أترضّاه ففعلوا؛ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فردّوه. ثم سألهم فحملوه إليه الثانية؛ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرفوا به. ثم قال لهم: عودوا بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا له: قد جئنا بك مرّتين كلّ ذلك يعرض فلا نبرمه بك. فقال: احملوني إليه هذه المرّة وحدها، ففعلوا. فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي! احفظ قولي:

هجوت محمداً فأجبت عنه** وعند الله في ذاك الجزاء
فإنّ أبى ووالده وعرضي ** لعرض محمدٍ منكم وقاء


فرضي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووهب له سيرين أخت مارية أمّ ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم. هذه رواية مصعب. وأما الزّهريّ فإنّه ذكر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا بلغه ضرب السّلميّ حسّان قال لهم: " خذوه فإن هلك حسّان فاقتلوه ". فأخذوه فأسروه وأوثقوه؛ فبلغ ذلك سعد بن عبادة فخرج في قومه إليهم فقال: أرسلوا الرجل، فأبوا عليه؛ فقال: أعمدتم إلى قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤذونهم وتشتمونهم وقد زعمتم أنّكم نصرتموهم! أرسلوا الرجل؛ فأبوا عليه حتى كاد يكون قتالٌ، ثم أرسلوه. فخرج به سعدٌ إلى أهله فكساه حلّةً، ثم أرسله سعدٌ إلى أهله. فبلغنا أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ليصلّي فيه، فقال: " من كساك كساه الله من ثياب الجنّة ". فقال: كساني سعد بن عبادة. وذكر باقي الخبر نحوه.

الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 14-04-2006, 02:27 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

مدح عائشة والاعتذار عما رماها به
وحدّثني محمد بن جرير الطبريّ قال حدّثني ابن حميد قال حدّثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث:
أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه عوضاً منها بيرحاء، وهي قصر بني حديلة اليوم بالمدينة، كانت مالاً لأبي طلحة بن سهلٍ تصدّق بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاه حسّان في ضربته، وأعطاه سيرين " أمة قبطيّة " فولدت له عبد الرحمن بن حسّان. قال: وكانت عائشة تقول: لقد سئل عن صفوان بن المعطّل، فإذا هو حصورٌ " لا يأتي النساء "؛ قتل بعد ذلك شهيداً. قال ابن إسحاق في روايته عن يعقوب بن عتبة: فقال حسّان يعتذر من الذي قال في عائشة:

حصانٌ رزانٌ ما تـزنّ بـريبةٍ ** وتصبح غرثى من لحومٍ الغوافل
فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم ** فلا رفعت سوطي إليّ أناملـي
وكيف وودّي من قديمٍ ونصرتي ** لآل رسول الله زين المحـافـل
فإنّ الّذي قد قيل لـيس بـلائطٍ ** ولكنّه قول امرئٍ بي مـا حـل


هجاه رجل بما فعل به ابن المعطل
قال الزبير وحدّثني محمد بن الضحّاك: أنّ رجلاً هجا حسّان بن ثابت بما فعل به ابن المعطّل فقال:

وإنّ ابن المعطّل من سليمٍ ** أذلّ قياد رأسك بالخطام

سبه أناس فدافعت عنه عائشة
أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال أخبرنا أبو عاصمٍ قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرني محمد بن السائب عن أمّه: أنّها طافت مع عائشة ومعها أمّ حكيم وعاتكة: " امرأتان من بني مخزوم ". قالت: فابتدرنا حسّان نشتمه وهو يطوف؛ فقالت: أبن الفريعة تسببن! قلن: قد قال فيك فبرّأك الله. قالت: فأين قوله:

هجوت محمداً فأجبت عنه ** وعند الله في ذاك الجزاء
فإنّ أبي ووالده وعرضي ** لعرض محمدٍ منكم وقاء


أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثني إبراهيم بن المنذر عن سفيان بن عيينة عن محمد بن السائب بن بركة عن أمّه بنحو ذلك، وزاد فيه: إني لأرجو أن يدخله الله الجنّة بقوله.
أخبرني الحسن قال حدّثنا الزّبير عن عبد العزيز بن عمران عن سفيان بن عيينة وسلم بن خالد عن يوسف بن ماهك عن أمّه قالت: كنت أطوف مع عائشة بالبيت، فذكرت حسّان فسببته؛ فقالت: بئس ما قلت! أتسبّينه وهو الذي يقول: فإنّ أبي ووالده وعرضي لعرض محمدٍ منكم وقاء
فقلت: أليس ممن لعن الله في الدنيا وفي الآخرة بما قال فيك؟ قالت: لم يقل شيئاً، ولكنه الذي يقول:
حصانٌ رزانٌ ما تـزنّ بـريبةٍ **وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فإن كان ما قد جاء عنّي قلـتـه** فلا رفعت سوطي إليّ أناملـي



فخره بلسانه
أخبرني الحسن قال حدّثنا أحمد قال حدّثني أحمد بن سلمان عن سليمان بن حرب قال حدّثنا حمّاد بن زيد عن أيّوب عن محمد بن سيرين: أن حسّان أخذ يوماً بطرف لسانه وقال: يا رسول الله، ما يسرّني أنّ لي به مقولاً بين صنعاء وبصرى، ثم قال: لساني مغولٌ لا عيب فيه وبحري ما تكدّره الدّلاء

خبره يوم الخندق
أخبرنا محمد بن جرير قال حدّثنا محمد بن حميد قال حدّثنا سلمة قال حدّثني محمد بن إسحاق عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزّبير عن أبيه قال:
كانت صفيّة بنت عبد المطّلب في فارعٍ " حصن حسّان بن ثابت "، يعني يوم الخندق. قالت: وكان حسّان معنا فيه والنساء والصّبيان. قالت: فمرّ بنا رجلٌ من يهود فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس بيننا وبينهم أحدٌ يدفع عنّا، ورسول الله والمسلمون في نحور عدوّهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا عنهم، إذ أتانا آتٍ. قالت: فقلت: يا حسّان، إنّ هذا اليهوديّ كما ترى يطيف بالحصن، وإنّي والله ما آمنه أن يدلّ على عوراتنا من وراءنا من يهود، وقد شغل عنّا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانزل إليه فاقتله؛ فقال: يغفر الله لك يا ابنة عبد المطّلب! لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا. قالت: فلمّا قال ذلك ولم أر عنده شيئاً احتجزت ثم أخذت عموداً ثم نزلت إليه من الحصن فضربته بالعمود حتى قتلته، فلمّا فرغت منه رجعت إلى الحصن، فقلت: يا حسّان، انزل إليه فاسلبه؛ فإنّه لم يمنعني من سلبه إلاّ أنّه رجلٌ. قال: ما لي بسلبه من حاجةٍ يا بنت عبد المطّلب.
حديث ابن الزبير عن يوم الخندق وأخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثنا الزّبير قال حدّثنا عليّ بن صالح عن جدّي عبد الله بن مصعب عن أبيه قال: كان ابن الزّبير يحدّث أنه كان في فارعٍ " أطم حسّان بن ثابت " مع النساء يوم الخندق ومعهم عمر بن أبي سلمة. قال ابن الزّبير: ومعنا حسّان بن ثابت ضارباً وتداً في آخر الأطم، فإذا حمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين حمل على الوتد فضربه بالسيف؛ وإذا أقبل المشركون انحاز عن الوتد حتّى كأنه يقاتل قرناً، يتشبّه بهم كأنّه يري أنّه مجاهدٌ حين جبن. وإنّي لأظلم ابن أبي سلمة وهو أكبر منّي بسنتين فأقول له: تحملني على عنقك حتّى أنظر، فإنّي أحملك إذا نزلت. قال: فإذا حملني ثم سألني أن يركب قلت له: هذه المرّة أيضاً. قال: وإنّي لأنظر إلى أبي معلماً بصفرةٍ، فأخبرتها أبى بعد؛ فقال: " أين كنت حينئذ؟ فقلت: على عنق ابن أبي سلمة يحملني. فقال ": أما والّذي نفسي بيده إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجمع لي أبويه.
قال ابن الزّبير: وجاء يهوديٌّ يرتقي إلى الحصن. فقالت صفيّة له: أعطني السيف، فأعطاها. فلمّا ارتقى اليهوديّ ضربته حتّى قتلته، ثم احتزّت رأسه فأعطته حسّان فقالت: طوّح به؛ فإنّ الرجل أقوى وأشدّ رميةً من المرأة. تريد أن ترعب به أصحابه.
كان حسان مقطوع الأكحل قال الزّبير: وحدّثني عمّي عن الواقديّ قال: كان أكحل حسّان قد قطع فلم يكن يضرب بيده.
أنشد النبي شعراً في شجاعته فضحك قال الزّبير وحدّثني عليّ بن صالح عن جدّي أنّه سمع أن حسّان بن ثابت أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لقد غدوت أمام القوم منتطـقـاً ** بصارمٍ مثل لون الملح قطّـاع
يحفز عنّي نجاد السيف سابـغةٌ ** فضفاضةٌ مثل لون النّهي بالقاع


قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فظنّ حسّان أنه ضحك من صفته نفسه مع جبنه.

قال النابغة إنه شاعر والخنساء بكاءة
قال الزّبير وحدّثني محمد بن الحسن قال: قال حسّان بن ثابت: جئت نابغة بني ذبيان، فوجدت الخنساء بنت عمرو حين قامت من عنده، فأنشدته؛ فقال: إنّك لشاعرٌ، وإنّ أخت بني سليم لبكّاءة.

مع الحطيئة
قال الزّبير وحدّثني يحيى بن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصّدّيق قال أخبرني غير واحدٍ من مشايخي: أنّ الحطيئة وقف على حسّان بن ثابت وحسّان ينشد من شعره؛ فقال له حسّان وهو لا يعرفه: كيف تسمع هذا الشعر يا أعرأبي؟ قال الحطيئة: لا أرى به بأساً. فغضب حسّان وقال: اسمعوا إلى كلام هذا الأعرأبي! ما كنيتك؟ قال: أبو مليكة. قال: ما كنت قطّ أهون عليّ منك حين كنّيت بامرأةٍ، فما اسمك؟ فال: الحطيئة فقال حسّان: امض بسلام.

اتهمه أعشى بكر عند خمار بالبخل فاشترى كل الخمر وأراقها:
أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال حدّثني محمد بن الحسن بن مسعود الزّرقيّ قال حدّثنا عبد الله بن شبيب قال حدّثني الزّبير، وأخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثني الزّبير قال حدّثني بعض القرشيين قال:
دخل حسّان بن ثابت في الجاهليّة بيت خمّارٍ بالشّأم ومعه أعشى بكر بن وائل، فاشتريا خمراً وشربا، فنام حسّان ثم انتبه، فسمع الأعشى يقول للخمّار: كره الشيخ الغرم. فتركه حسّان حتّى نام، ثم اشترى خمر الخمّار كلّها. ثم سكبها في البيت حتّى سالت تحت الأعشى؛ فعلم أنّه سمع كلامه فاعتذر إليه؛ فقال حسّان:

ولسنا بشربٍ فوقهـم ظـلّ بـردةٍ ** يعدّون للخمّار تيساً ومـفـصـدا
ولكنّنا شربٌ كـرامٌ إذا انـتـشـوا ** أهانوا الصّريح والسّديف المسرهدا
كأنّهـم مـاتـوا زمـان حـلـيمةٍ ** فإن تأتهم تحمد ندامـتـهـم غـدا
وإن جئتهم ألفيت حول بـيوتـهـم ** من المسك والجادي فتيتاً مـبـدّدا
ترى حول أثناء الزّرأبي ساقـطـاً ** نعالاً وقسّوباً وريطـاً مـنـضّـدا
وذا نمرقٍ يسعى وملصـق خـدّه ** بديباجةٍ تكفـافـهـا قـد تـقـدّدا


تعييره الحارث بن هشام بفراره
وهذه القصيدة يقولها حسّان بن ثابت في وقعة بدرٍ يفخر بها ويعيّر الحارث بن هشام بفراره عن أخيه أبي جهل بن هشام. وفيها يقول:

إن كنت كاذبة الذي حدّثـتـنـي** فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبّة أن يقاتـل دونـهـم ** ونجا برأس طمـرّةٍ ولـجـام


فأجاب الحارث بن هشام، وهو مشرك يومئذٍ، فقال:

الله يعلم ما تركت قـتـالـهـم ** حتّى رموا فرسي بأشقر مزبد
وعلمت أنّي إن أقاتـل واحـداً ** أقتل ولا يضرر عدوّي مشهدي
ففررت منهم والأحبّة فـيهـم ** طمعاً لهم بعقاب يوم مرصـد


تمثل رتبيل بشعر حسان
أخبرنا محمد بن خلفٍ وكيعٌ قال حدّثني سليمان بن أيّوب قال حدّثنا محمد بن سلاّم عن يونس قال: لمّا صار ابن الأشعث إلى رتبيل، تمثّل رتبيل بقول حسّان بن ثابت في الحارث بن هشام:

ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم ** ونجا برأس طمرّةٍ ولجام

فقال له ابن الأشعث: أو ما سمعت ما ردّ عليه الحارث بن هشام؟ قال: وما هو؟ فقال قال: الله

يعلم ما تركت قـتـالـهـم ** حتى رموا فرسي بأشقر مزبد
وعلمت أنّي إن أقاتـل واحـداً ** أقتل ولا يضرر عدوّي مشهدي
فصددت عنهم والأحبّة فـيهـم ** طمعاً لهم بعقاب يوم مرصـد


فقال رتبيل: يا معشر العرب، حسّنتم كلّ شيء حتى حسّنتم الفرار.

الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 14-04-2006, 03:10 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي جرير: أشعر الشعراء

نسب جرير وأخباره
نسبه من قبل أبويه: جرير بن عطية بن الخطفى. والخطفى لقبٌ، واسمه حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار. ويكنى أبا حزرة. ولقب الخطفى لقوله:

يرفعن لليل إذا ما أسدفا ** أعناق جنانٍ وهاماً رجفا
وعنقاً بعد الكلل خيطفا


ويروى: خطفى.

وهو والفرزدق والأخطل المقدمون على شعراء الإسلام الذين لم يدركوا الجاهلية جميعاً. ومختلفٌ في أيهم المتقدم، ولم يبق أحد من شعراء عصرهم إلا تعرض لهم فافتضح وسقط وبقوا يتصاولون، على أن الأخطل إنما دخل بين جرير والفرزدق في آخره أمرهما وقد أسن ونفد أكثر عمره. وهو وإن كان له فضله وتقدمه فليس نجره من نجار هذين في شيء، وله أخبار مفردة عنهما ستذكر بعد هذا مع ما يغنى من شعره.
أخبرني أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا محمد بن سلام الجمحي، وأخبرني محمد بن العباس اليزيدي وعلي بن سليمان الأخفش قالا حدثنا أبو سعيد السكري عن محمد بن حبيب وأبي غسان دماذ وإبراهيم بن سعدان عن أبيه جميعاً عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، بنسب جرير على ما ذكرته وسائر ما أذكره في الكتاب من أخباره فأحكيه عن أبي عبيدة أو عن محمد بن سلام. قالوا جميعاً: وأم جرير أم قيس بنت معيد بن عمير بن مسعود بن حارثة بن عوف بن كليب بن يربوع. وأم عطية النوار بنت يزيد بن عبد العزى بن مسعود بن حارثة بن عوف بن كليب.

قال أبو عبيدة ومحمد بن سلام ووافقهما الأصمعي فيما أخبرنا به أحمد بن عبد العزيز عن عمر بن شبة عنه: اتفقت العرب على أن أشعر أهل الإسلام ثلاثة: جرير والفرزدق والأخطل، واختلفوا في تقديم بعضهم على بعض. قال محمد بن سلام: والراعي معهم في طبقتهم ولكنه آخرهم، والمخالف في ذلك قليل. وقد سمعت يونس يقول: ما شهدت مشهداً قط ذكر فيه جرير والفرزدق فاجتمع أهل المجلس على أحدهما. وكان يونس فرزدقياً.
قال ابن سلام: وقال ابن دأب: الفرزدق أشعر عامةً وجرير أشعر خاصةً. وقال أبو عبيدة: كان أبو عمرو يشبه جريراً بالأعشى، والفرزدق بزهير، والأخطل بالنابغة، قال أبو عبيدة: يحتج من قدم جريراً بأنه كان أكثرهم فنون شعر، وأسهلهم ألفاظاً، وأقلهم تكلفاً، وأرقهم نسيباً، وكان ديناً عفيفاً. وقال عامر بن عبد الملك: جرير كان أشبههما وأنسبهما.
ونسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو الشيباني: قال خالد بن كلثوم: ما رأيت أشعر من جرير والفرزدق، قال الفرزدق بيتاً مدح فيه قبيلتين وهجا قبيلتين، قال:

عجبت لعجلٍ إذ تهاجي عبيدها ** كما آل يربوعٍ هجوا آل دارم

يعني بعبيدها بني حنيفة. وقال جرير بيتاً هجا فيه أربعة:

إن الفرزدق والبعيث وأمه ** وأبا البعيث لشر ما إستار

قال: وقال جرير: لقد هجوت التيم في ثلاث كلمات ما هجا فيهن شاعر شاعراً قبلي، قلت:

من الأصلاب ينزل لؤم تيمٍ ** وفي الأرحام يخلق والمشيم

جرير وطبقته من الشعراء: وقال محمد بن سلام: قال العلاء بن جرير العنبري وكان شيخاً قد جالس الناس: إذا لم يجيء الأخطل سابقاً فهو سكيتٌ، والفرزدق لا يجيء سابقاً ولا سكيتاً، وجرير يجيى سابقاً ومصلياً وسكيتاً. قال محمد بن سلام: ورأيت أعرابياً من بني أسد أعجبني ظرفه وروايته، فقلت له: أيهما عندكم أشعر؟ قال: بيوت الشعر أربعة: فخرٌ ومديح وهجاء ونسيب، وفي كلها غلب جرير، قال في الفخر:

إذا غضبت عليك بنو تميمٍ ** حسبت الناس كلهم غضابا

والمديح:

ألستم خير من ركب المطايا ** وأندى العالمين بطون راح

والهجاء:

فغض الطرف إنك من نميرٍ** فلا كعباً بلغت ولا كلابـا

والنسب:

إن العيون التي في طرفها حور** قتلننا ثم لم يحـيين قـتـلانـا

قال أبو عبد الله محمد بن سلام: وبيت النسيب عندي:

فلما التقى الحيان ألقيت العصـا ** ومات الهوى لما أصيبت مقاتله

قال كيسان: أما والله لقد أوجعكم يعني في الهجاء. فقال: يا أحمق! أو ذاك يمنعه أن يكون شاعراً! تفضيله عبيدة بن هلال على الفرزدق: أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثني عمر بن شبة قال قال أبو عبيدة، وأخبرنا أبو خليفة قال حدثني محمد بن سلام الجمحي قال حدثني أبان بن عثمان البلخي قال: تنازع في جرير والفرزدق رجلان في عسكر المهلب، فارتفعا إليه وسألاه، فقال: لا أقول بينهما شيئاً ولكني أدلكما على من يهون عليه سخطهما: عبيدة بن هلال اليشكري وكان بإزائه مع قطري وبينهما نهر. وقال عمر بن شبة: في هؤلاء الخوارج من تهون عليه سبال كل واحد منهما فأما أنا فما كنت لأعرض نفسي لهما. فخرج أحد الرجلين وقد تراضيا بحكم الخوارج، فبدر من الصف ثم دع بعبيدة بن هلال للمبارزة فخرج إليه.
فقال: إني أسألك عن شيء تحاكمنا إليك فيه، فقال: وما هو؟ عليكما لعنة الله. قال: فأي الرجلين عندك أشعر: أجرير أم الفرزدق؟ فقال: لعنكما الله ولعن جريراً والفرزدق! أمثلى يسأل عن هذين الكلبين! قالا: لا بد من حكمك. قال: فإني سائلكم قبل ذلك عن ثلاث. قالوا: سل. قال: ما تقولون في إمامكم إذا فجر؟ قالوا: نطيعه وإن عصى الله عز وجل. قال: قبحكم الله! فما تقولون في كتاب الله وأحكامه قالوا: ننبذه وراء ظهورنا ونعطل أحكامه. قال: لعنكم الله إذاً! فما تقولون في اليتيم؟ قالوا: نأكل ماله وننيك أمه. قال: أخزاكم الله إذاً! والله لقد زدتموني فيكم بصيرةً. ثم ذهب لينصرف، فقالوا له: إن الوفاء يلزمك، وقد سألتنا فأخبرناك ولم تخبرنا، فرجع فقال: من الذي يقول:

إنا لنذعر يا قفـير عـدونـا ** بالخيل لاحقة الأياطل قـودا
وتحوط حوزتنا وتحمي سرحنا** جردٌ ترى لمغارها أخـدودا

أجرى قلائدها وقدد لحـمـهـا ** ألا يذقن مع الشـكـائم عـوداً
وطوى القياد مع الطراد متونها ** طي التجار بحضر موت برودا


قالا: جريرٌ، فهو ذاك، فانصرفا.
حديث الأصمعي وغيره عنه: أخبرني عم أبي عبد العزيز بن أحمد قال حدثنا الرياشي قال قال الأصمعي وذكر جريراً فقال: كان ينهشه ثلاثة أوربعون شاعراً فينبذهم وراء ظهره ويرمي بهم واحداً واحداً، ومنهم من كان ينفحه فيرمي به، وثبت له الفرزدق والأخطل. وقال جرير: والله ما يهجوني الأخطل وحده وإنه ليهجوني معه خمسون شاعراً كلهم عزيزٌ ليس بدون الأخطل، وذلك أنه كان إذا أراد هجائي جمعهم على شراب، فيقول هذا بيتاً وهذا بيتاً، وينتحل هو القصيدة بعد أن يتمموها.
قال ابن سلام: وحدثني أبو البيداء الرياحي قال قال الفرزدق: إني وإياه لنغترف من بحر واحد وتضطرب دلاؤه عند طول النهر.
أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه قال حدثني زيرك بن هبيرة المناني قال: كان جريرٌ ميدان الشعر، من لم يجر فيه لم يرو شيئاً، وكان من هاجى جريراً فغلبه جرير أرجح عندهم ممن هاجى شاعراً آخر غير جرير فغلب.
أخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلام قال: تذاكروا جريراً والفرزدق في حلقة يونس بن معاوية بن أبي عمر بن العلاء وخلف الأحمر ومسمع وعامر ابنا عبد الملك المسمعيان، فسمعت عامراً وهو شيخ بكر بن وائل يقول: كان جرير والله أنسبهما وأسبهما وأشبههما.
سمع الراعي شعره فأقر بأنه جدير بالسبق: قال ابن سلام: وحدثني أبو البيداء قال: مر راكبٌ بالراعي وهو يغني بيتين لجرير، وهما:

وعاو عوى من غير شيء رميته ** بقارعةٍ أنفاذها تقطر الـدمـا
خروجٍ بأفواه الرواة كـأنـهـا قرا** هندوانيٍّ إذ هز صمـمـا


فأتبعه الراعي رسولاً يسأله لمن البيتان؟ قال: لجرير. قال: لو اجتمع على هذا جميع الجن والإنس ما أغنوا فيه شيئاً. ثم قال لمن حضر: ويحكم أألام على أن يغلبني مثل هذا!.
رأي بشار فيه وفي صاحبيه ورثاؤه ابنه: قال ابن سلام: وسألت بشاراً المرعث: إي الثلاثة أشعر؟ فقال: لم يكن الأخطل مثلهما ولكن ربيعة تعصبت له وأفرطت فيه. قلت: فهذان؟ قال: كانت لجرير ضروبٌ من الشعر لا يحسنها الفرزدق، ولقد ماتت النوار فقاموا ينوحون عليها بشعر جرير. فقلت لبشار: وأي شيء لجريرٍ من المراثي إلا التي رثى بها امرأته! فأنشدني لجرير يرثي ابنه سوادة ومات بالشأم:

قالوا نصيبـك مـن أجـرٍ لـهـم ** كيف العزاء وقد فارقت أشبـالـي
فارقتني حين كف الدهر من بصري ** وحين صرت كعظم الرمة البالـي
أمس سوادة يجلو مقلـتـي لـحـمٍ ** بازٍ يصرصر فوق المربأ العالـي
قد كنت أعرفه مني إذا غـلـقـت ** رهن الجياد ومد الغاية الـغـالـي
إن الثوي بذي الزيتون فاحتسـبـي ** قد أسرع اليوم في عقلي وفي حالي
إلا تكن لـك بـالـديرين مـعـولةٌ ** فرب باكيةٍ بـالـرمـل مـعـوال
كأم بوٍّ عجـولٍ عـنـد مـعـهـده ** حنت إلى جلـدٍ مـنـه وأوصـال
حتى إذا عرفـت أن لا حـياة بـه ** ردت هماهم حرى الجوف مثكـال
زادت على وجدها وجداً وإن رجعت** في الصدر منها خطوبٌ ذات بلبال


أخبرني عبد الواحد بن عبيد عن قعنب بن المحرز الباهلي عن المغيرة بن حجناء وعمارة بن عقيل قالا: خرج جرير إلى دمشق يؤم الوليد، فمرض ابن له يقال له سوادة، وكان به معجباً، فمات بالشأم، فجزع عليه ورثاه جرير فقال:

أودى سوادة يجلو مقلتي لـحـمٍ ** بازٍ يصرصر فوق المربأ العالي

حديث الفرزدق عنه: أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني أحمد بن معاوية قال حدثني رجل من أصحاب الحديث يقال له الحسن قال حدثني أبو نصر اليشكري عن مولى لبني هاشم قال: إمترى أهل المجلس في جرير والفرزدق أيهما أشعر، فدخلت على الفرزدق فما سألني عن شيء حتى قال:
يا نوار، أدركت برنيتك؟ قالت: قد فعلت أو كادت. قال: فابثعي بدرهم فاشتري لحماً، ففعلت وجعلت تشرحه وتلقيه على النار ويأكل. ثم قال: هاتي برنيتك، فشرب قدحاً ثم ناولني، وشرب آخر ثم ناولني. ثم قال: هات حاجتك يا بن أخي، فأخبرته، قال: أعن ابن الخطفى تسألني! ثم تنفس حتى قلت: انشقت حيازيمه، ثم قال: قاتله الله! فما أخشن ناحيته وأشرد قافيته! والله لو تركوه لأبكى العجوز على شبابها، والشابة على أحبابها، ولكنهم هروه فوجدوه عند الهراش نابجا وعند الجراء قارحاً، وقد قال بيتاً لأن أكون قلته أحب إلى مما طلعت عليه الشمس:

إذا غضبت عليك بنو تميم ** حسبت الناس كلهم غضابا

أثنى عليه الفرزدق أمام الأحوص: أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة، وأخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن أبي عبيدة، قالا: نزل الفرزدق على الأحوص حين قدم المدينة. فقال الأحوص: ما تشتهي؟ قال: شواء وطلاء وغناء. قال: ذلك لك، ومضى به إلى قينة بالمدينة، فغنته:

صوت ألا حي الديار بسـعـد** إنـي أحب لحب فاطـمة الـديارا
إذا ما حل أهلك يا سلـيمـى ** بدارة صلصلٍ شحطوا مزارا
أراد الظاعنون ليحزنـونـي ** فهاجوا صدع قلبي فاستطار


فقال الفرزدق: ما أرق أشعاركم يأهل الحجاز وأملحها! قال: أو ما تدري لمن هذا الشعر؟ قال: لا والله. قال: فهو والله لجريرٍ يهجوك به. فقال: ويل ابن المراغة! ما كان أحوجه مع عفافه إلى صلابة شعري، وأحوجني مع شهواتي إلى رقة شعره!.

الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 15-05-2006, 02:45 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

قال رجل من بني دارم للفرزدق وهو بالبصرة: يا أبا فراس، هل تعلم اليوم أحداً يرمي معك؟ فقال: لا! والله ما أعرف نابحاً إلا وقد استكان ولا ناهشاً إلا وقد انجحر إلا القائل:

فإن لم أجد في القرب والبعد** حاجتي تشأمت أو حولت وجهي يمـانـيا
فردي جمال الحي ثم تحمـلـنـي ** فما لك فيهم من مـقـامٍ ولا لـيا
فإني لمغرورٌ أعلـل بـالـمـنـى ** ليالي أرجـو أن مـالـك مـالـيا
وقائلةٍ والدمع يحـدر كـحـلـهـا** أبعد جرير تكرمـون الـمـوالـيا
بأي نجادٍ تحمل السيف بـعـد مـا ** قطعت القوى من محملٍ كان باقيا
بأي سنانٍ تطعن القـرم بـعـدمـا** نزعت سناناً من قناتـك مـاضـيا
لساني وسيفي صارمان كلاهـمـا** وللسيف أشوى وقعةً من لسـانـيا


قال: وهذا الشعر لجرير.
وفد على يزيد بن معاوية وأخذ جائزته: أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثني محمد بن يزيد بن عمارة بن عقيل عن أبيه قال: قال جرير: وفدت إلى يزيد بن معاوية وأنا شابٌ يومئذ، فاستؤذن لي عليه في جملة الشعراء، فخرج الحاجب إلي وقال: يقول لك أمير المؤمنين: إنه لا يصل إلينا شاعر لا نعرفه ولا نسمع بشيءٍ من شعره، وما سمعنا لك بشيء فنأذن لك على بصيرة. فقلت له: تقول لأمير المؤمنين: أنا القائل:

وإني لعف الفقر مشترك الغنـى ** سريعٌ إذا لم أرض داري انتقاليا
جريء الجنان لا أهاب من الردى ** إذا ما جعلت السيف قبض بنانيا
وليس لسيفي في العظام بـقـيةٌ ** وللسيف أشوى وقعةً من لسانـيا


فدخل الحاجب عليه فأنشده الأبيات، ثم خرج إلي وأذن لي، فدخلت وأنشدته وأخذت الجائزة مع الشعراء، فكانت أول جائزة أخذتها من الخليفة، وقال لي: لقد فارق أبي الدنيا وما يظن أبياتك التي توسلت بها إلي إلا لي.
موازنة حماد الراوية بينه وبين الفرزدق: أخبرني عمي قال حدثني الكراني قال حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي عن حماد الراوية قال: أتيت الفرزدق فأنشدني، ثم قال لي: هل أتيت الكلب جريراً؟ قلت نعم. قال: فأنا أشعر أو هو؟ فقلت: أنت في بعض الأمر وهو في بعض. فقال: لم تناصحني. فقلت: هو أشعر إذا أرخى من خناقه، وأنت أشعر منه إذا خفت أو رجوت. فقال: وهل الشعر إلا في الخوف والرجاء وعند الخير والشر!.
حكم له بشر بن مروان وقد تفاخر هو والفرزدق بحضرته: أخبرني عمي قال حدثني أحمد بن الحارث قال حدثنا المدائني عن يحيى بن عنبسة القرشي وعوانة بن الحكم: أن جريراً والفرزدق اجتمعا عند بشر بن مروان، فقال لهما بشر: إنكما قد تقارضتما الأشعار وتطالبتما الآثار وتقاولتما الفخر وتهاجيتما. فأما الهجاء فليست بي إليه حاجة، فجددا بين يدي فخراً ودعاني مما مضى.

فقال الفرزدق: نحن السنام والمناسـم غـيرنـا ** فمن ذا يساوي بالسنام المناسما!
فقال جرير: على موضع الأستاه أنتم زعمتم ** وكل سنامٍ تابعٌ للـغـلاصـم
فقال الفرزدق: على محرثٍ للفرث أنتم زعمتـم ** ألا إن فوق الغلصمات الجماجما
فقال جرير: وأنبأتمونا أنكم هام قومكم ** ولا هام إلا تابعٌ للخراطم
فقال الفرزدق: فنحن الزمام القائد المقتدى بـه ** من الناس ما زلنا ولسنا لهازما
فقال جرير: فنحن بني زيد قطعنا زمامـهـا ** فتاهت كسارٍ طائش الرأس عارم

فقال بشر: غلبته يا جرير بقطعك الزمام وذهابك بالناقة. وأحسن الجائزة لهما وفضل جريراً.

جرير وسكينة بنت الحسين:
قال المدائني وحدثني عوانة بن الحكم قال: جاء جرير إلى باب سكينة بنت الحسين عليه السلام يستأذن عليها فلم تأذن له، وخرجت إليه جارية لها فقالت: تقول لك سيدتي: أنت القائل:

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا** حين الزيارة فارجعي بسـلام

قال نعم. قالت: فألا أخذت بيدها فرحبت به وأدنيت مجلسها وقلت لها ما يقال لمثلها! أنت عفيفٌ وفيك ضعف، فخذ هذين الألفي الدرهم فالحق بأهلك.

تفضيل سكينة بنت الحسين له على الفرزدق:
قال المدائني في خبره هذا وحدثني أبو يعقوب الثقفي عن الشعبي: أن الفرزدق خرج حاجاً، فلما قصى حجه عدل إلى المدينة فدخل إلى سكينة بنت الحسين عليهما السلام فسلم. فقالت له: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قلت: كذبت! أشعر منك الذي قال:

بنفسي من تجنبـه عـزيزٌ ** علي ومن زيارته لمـام
ومن أمسي وأصبح لا أراه ** ويطرقني إذا هجع النيام


فقال: والله لو أذنت لي لأسمعتك أحسن منه. قالت: أقيموه فأخرج ثم عاد إليها من الغد فدخل عليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس. قال: أنا. قالت: كذبت! صاحبك جرير أشعر منك حيث يقول:

لولا الحياء لعادني استعـبـار ** ولزرت قبرك والحبيب يزار
كانت إذا هجر الضجيع فراشها ** كتم الحديث وعفت الأسـرار
لا يلبث القرناء أن يتفـرقـوا ** ليلٌ يكر علـيهـم ونـهـار


فقال: والله لئن أذنت لي لأسمعنك أحسن منه، فأمرت به فأخرج. ثم عاد إليها في اليوم الثالث وحولها مولداتٌ لها كأنهن التماثيل، فنظر الفرزدق إلى واحدة منهن فأعجب بها وبهت ينظر إليها. فقالت له سكينة: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت: كذبت! صاحبك أشعر منك حيث يقول:

إن العيون التي في طرفها مرضٌ ** قتلننا ثم لـم يحـيين قـتـلانـا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به** وهن أضعف خلق الله أركـانـا
أتبعتهم مقلةً إنسـانـهـا غـرق ** هل ما ترى تاركٌ للعين إنسانـا


حضر أعرابي مائدة عبد الملك بن مروان ووصف له طعاماً أشهى من طعامه ثم سأله عن أحسن الشعر فأجاب من شعر جرير.
صنع عبد الملك بن مروان طعاماً فأكثر وأطاب ودعا إليه الناس فأكلوا. فقال بعضهم: ما أطيب هذا الطعام! ما نرى أن أحداً رأى أكثر منه ولا أكل أطيب منه. فقال أعرابي من ناحية القوم: أما أكثر فلا، وأما أطيب فقد والله أكلت أطيب منه، فطفقوا يضحكون من قوله. فأشار إليه عبد الملك فأدني منه، فقال: ما أنت بمحقٍّ فيما تقول إلا أن تخبرني بما يبين به صدقك. فقال: نعم يا أمير المؤمنين، بينا أنا بهجر في برثٍ أحمر في أقصى حجر، إذ توفي أبي وترك كلاًّ وعيالاً، وكان له نخل، فكانت فيه نحلةٌ لم ينظر الناظرون إلى مثلها، كأن تمرها أخفاف الرباع لم ير تمرٌ قد أغلظ ولا أصلب ولا أصغر نوًى ولا أحلى حلاوةً منه. وكانت تطرقها أتانٌ وحشيةٌ قد ألفتها تأوي الليل تحتها، فكانت تثبت رجليها في أصلها وترفع يديها وتعطو بفيها فلا تترك فيها إلا النبيذ والمتفرق، فأعظمني ذلك ووقع مني كل موقع، فانطلقت بقوسي وأسهمي وأنا أظن أني أرجع من ساعتي، فمكثت يوماً وليلةً لا أراها، حتى إذا كان السحر أقبلت، فتهيأت لها فرشقتها فأصبتها وأجهزت عليها، ثم عمدت إلى سرتها فاقتددتها، ثم عمدت إلى حطب جزل فجمعته إلى رضفٍ وعمدت إلى زندي فقدحت وأضرمت النار في ذلك الحطب، وألقيت سرتها فيها، وأدركني نوم الشباب فلم يوقظني إلا حر الشمس في ظهري، فانطلقت إليها فكشفتها وألقيت ما عليها من قذًى وسواد ورماد، ثم قلبت منها مثل الملاءة البيضاء، فألقيت عليها من رطب تلك النخلة المجزعة والمنصفة، فسمعت لها أطيطاً كتداعي عامرٍ وغطفان، ثم أقبلت أتناول الشحمة واللحمة فأضعها بين التمرتين وأهوي إلى فمي، فيما أحلف إني ما أكلت طعاماً مثله قط. فقال له عبد الملك : لقد أكلت طعاماً طيباً، فمن أنت؟ قال: أنا رجل جانبتني عنعنة تميمٍ وأسدٍ وكشكشة ربيعة وحوشي أهل اليمن وإن كنت منهم. فقال: من أيهم أنت؟ قال: من أخوالك من عذرة. قال: أولئك فصحاء الناس، فهل لك علمٌ بالشعر؟ قال: سلني عما بدا لك يا أمير المؤمنين. قال: أي بيتٍ قالته العرب أمدح؟ قال: قول جرير:

ألستم خير من ركب المطايا ** وأندى العالمين بطون راح

قال: وكان جرير في القوم، فرفع رأسه وتطاول لها. ثم قال: فأي بيتٍ قالته العرب أفخر؟ قال:

قول جرير: إذا غضبت عليك بنو تميم ** حسبت الناس كلهم غضابا

قال: فتحرك لها جرير. ثم قال له: فأي بيتٍ أهجى؟ قال:

قول جرير: فغض الطرف إنك من نميرٍ** فلا كعباً بلغت ولا كلابـا

قال: فاستشرف لها جريرٌ. قال: فأي بيتٍ أغزل؟ قال:

قول جرير: إن العيون التي في طرفها مرضٌ ** قتلننا ثم لـم يحـيين قـتـلانـا

قال: فاهتز جرير وطرب. ثم قال له: فأي بيتٍ قالته العرب أحسن تشبيهاً؟ قال:

قول جرير: سرى نحوهم ليلٌ كأن نجومه ** قناديل فيهن الذبالى المفتـل

فقال جرير: جائزتي للعذري يا أمير المؤمنين. فقال له عبد الملك: وله مثلها من بيت المال، ولك جائزتك يا جرير لا تنتقص منها شيئاً. وكانت جائزة جريرٍ آلاف درهم وتوابعها من الحملان والكسوة. فخرج العذري وفي يده اليمنى ثمانية آلاف درهم وفي اليسرى رزمة ثياب.
الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 15-05-2006, 02:58 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

قصته مع عمر بن عبد العزيز حين وفد عليه: أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال حدثنا محمد بن الحكم، وأخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري، قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا أبو الهيثم بدر بن سعيد العطار قال حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز جاءه الشعراء فجعلوا لا يصلون إليه، فجاء عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وعليه عمامةٌ قد أرخى طرفيها فدخل، فصاح به جرير:

يأيها القارىء المرخى عمامـتـه ** هذا زمانك إني قد مضى زمنـي
أبلغ خليفتـنـا إن كـنـت لاقـيه ** أني لدى الباب كالمصفود في قرن


قال: فدخل على عمر فاستأذن له، فأدخله عليه. وقد كان هيأ له شعراً، فلما دخل عليه غيره وقال:

إنا لنرجو إذا ما الغيث أخـلـفـنـا ** من الخليفة ما نرجو من المـطـر
نال الخلافة إذ كـانـت لـه قـدراً ** كما أتى ربه موسى عـلـى قـدر
أأذكر الجهد والبلوى التـي نـزلـت ** أم تكتفي بالذي بلغت من خـبـري
ما زلت بعدك في دارٍ تعـرفـنـي ** قد طال بعدك إصعادي ومنحـدري
لا ينفع الحاضر المجـهـود بـادينـا ** ولا يجود لنا بادٍ عـلـى حـضـر
كم بالمواسم من شـعـثـاء أرمـلةٍ ** ومن يتيمٍ ضعيف الصوت والبصـر
يدعوك دعوة ملـهـوفٍ كـأن بـه ** خبلاً من الجن أو مساً من النـشـر
ممن يعدك تـكـفـي فـقـد والـده ** كالفرخ في العش لم ينهض ولم يطر


قال: فبكى عمر ثم قال: يا بن الخطفى، أمن أبناء المهاجرين أنت فنعرف لك حقهم، أم من أبناء الأنصار فيجب لك ما يجب لهم، أم من فقراء المسلمين فنأمر صاحب صدقات قومك فيصلك بمثل ما يصل به قومك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ما أنا بواحدٍ من هؤلاء، وإني لمن أكثر قومي مالاً، وأحسنهم حالاً، ولكني أسألك ما عودتنيه الخلفاء: أربعة آلاف درهم وما يتبعها من كسوةٍ وحملانٍ. فقال له عمر: كل امرىء يلقى فعله، وأما أنا فما أرى لك في مال الله حقاً، ولكن انتظر، يخرج عطائي، فأنظر ما يكفي عيالي سنةً منه فأدخره لهم، ثم إن فضل فضلٌ صرفنها إليك. فقال جرير: لا، بل يوفر أمير المؤمنين ويحمد وأخرج راضياً، قال: فذلك أحب إلي، فخرج. فلما ولى قال عمر: إن شر هذا ليتقى، ردوه إلي، فردوه فقال: إن عندي أربعين ديناراً وخلعتين إذا غسلت إحداهما لبست الأخرى، وأنا مقاسمك ذلك، على أن الله جل وعز يعلم أن عمر أحوج إلى ذلك منك. فقال له: قد وفرك الله يا أمير المؤمنين وأنا والله راض. قال: أما وقد حفلت فإن ما وفرته علي ولم تضيق به معيشتنا آثر في نفسي من المدح، فامض مصاحباً، فخرج. فقال له أصحابه وفيهم الفرزدق: ما صنع بك أمير المؤمنين يا أبا حزرة؟ قال: خرجت من عند رجل يقرب الفقراء ويباعد الشعراء وأنا مع ذلك عنه راضٍ ثم وضع رجله في غرز راحلته وأتى قومه. فقالوا له: ما صنع بك يا أمير المؤمنين أبا حزرة؟ فقال:

تركت لكم بالشأم حبل جـمـاعةٍ ** أمين القوى مستحصد العقد باقيا
وجدت رقى الشيطان لا تستفزه ** وقد كان شيطاني من الجن راقيا


هذه رواية عمر بن شبة. وأما اليزيدي فإنه قال في خبره: فقال له جريرٌ يا أمير المؤمنين، فإني ابن سبيل. قال: لك ما لأنباء السبيل، زادك ونفقةٌ تبلغك وتبدل راحلتك إن لم تحملك. فألح عليه، فقالت له بنو أمية: يا أبا حزرة، مهلاً عن أمير المؤمنين، ونحن نرضيك من أموالنا عنه، فخرج. وجمعت له بنو أمية مالاً عظيماً، فما خرج من عند خليفةٍ بأكثر مما خرج من عند عمر.


رؤيا أمه وهي حامل به: أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن أبي عبيدة قال: رأت أم جريرٍ وهي حاملٌ به كأنها ولدت حبلاً من شعرٍ أسود، فلما سقط منها جعل ينزو فيقع في عنق هذا فيخنقه حتى فعل ذلك برجالٍ كثيرٍ، فانتبهت فزعةً فأولت الرؤيا فقيل لها: تلدين غلاماً شاعراً ذا شرٍّ وشدة شكيمة وبلاءٍ على الناس. فلما ولدته جريراً باسم الحبل الذي رأت أنه خرج منها. قال: والجرير: الحبل.
قال إنه أشعر الناس لأنه فاخر بأبيه وهو دنيء: قال إسحاق وقال الأصمعي حدثني بلال بن جرير - أو حدثت عنه - أن رجلاً قال لجرير: من أشعر الناس؟ قال له: قم حتى أعرفك الجواب، فأخذ بيده وجاء به إلى أبيه عطية وقد أخذ عنزاً له فاعتقلها وجعل يمص ضرعها، فصاح به: اخرج يا أبت، فخرج شيخٌ دميمٌ رث الهيئة وقد سال لبن العنز على لحيته، فقال: ألا ترى هذا؟ قال نعم. قال: أو تعرفه؟ قال لا. هذا أبي، أفتدري لم كان يشرب من ضرع العنز؟ قلت لا. قال: مخافة أن يسمع صوت الحلب فيطلب منه لبن. ثم قال: أشعر الناس من فاخر بمثل هذا الأب ثمانين شاعراً وقارعهم به فغلبهم جميعاً.



جرير والأخطل في حضرة عبد الملك بن مروان: أخبرني محمد بن عمران الصيرفي قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثني محمد بن عبد الله بن آدم بن جشم عن عمارة بن عقيل عن أبيه قال: وقف جريرٌ على باب عبد الملك بن مروان والأخطل داخلٌ عنده، وقد كانا تهاجيا ولم ير أحد منهما صاحبه، فلما استأذنوا عليه لجرير أذن له فدخل فسلم ثم جلس وقد عرفه الأخطل، فطمح طرف جرير إلى الأخطل وقد رآه ينظر إليه نظراً شديداً فقال له: من أنت؟ فقال: أنا الذي منعت نومك وتهضمت قومك. فقال له جرير: ذلك أشقى لك كائناً من كنت. ثم أقبل على عبد الملك بن مروان فقال: من هذا يا أمير المؤمنين؟ جعلني الله فداك! فضحك ثم قال: هذا الأخطل يا أبا حزرة. فرد عليه بصره ثم قال: فلا حياك الله يا بن النصرانية! أما منعك نومي فلو نمت عندك لكان خيراً لك. وأما تهضمك قومي فكيف تهضمهم وأنت ممن ضربت عليه الذلة وباء بغضبٍ من الله وأدى الجزية عن يدٍ وهو صاغر. وكيف تتهضم لا أم لك فيهم النبوة والخلافة وأنت لهم عبدٌ مأمور ومحكومٌ عليه لا حاكم. ثم أقبل على عبد الملك فقال: ائذن لي يا أمير المؤمنين في ابن النصرانية، فقال لا يجوز أن يكون ذلك بحضرتي.
تحاكم هو وبنو حمان إلى إبراهيم بن عدي في بئر فحكم له: أخبرني أبو خليفة قال حدثنا محمد بن سلام قال حدثني أبو يحيى الضبي قال: نازع جرير بني حمان في ركية لهم، فصاروا إلى إبراهيم بن عدي باليمامة يتحاكمون إليه؛ فقال جرير:

أعوذ بالأمير غير الجـبـار *** من ظلم حمان وتحويل الدار
ما كان قبل حفرنا من محـفـار ** وضربي المنقار بعد المنـقـار
في جبـل أصـم غـير خـوار ** يصيح بالجب صياح الـصـرار
له صهيل كصـهـيل الأمـهـار ** فاسأل بني صحبٍ ورهط الجرار
والسلميين العـظـام الأخـطـار** والجار قد يخبر عن دار الجـار


فقال الحماني:

ما لكليبٍ من حمـى ولا دار ** غير مـقـام أتـنٍ وأعـيار
قعس الظهور داميات الأثفار


قال فقال جرير: فعن مقامهن، جعلت فداك، أجادل. فقال ابن عدي للحماني: لقد أقررت لخصمك، وحكم بها لجرير.
الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 10-05-2007, 05:17 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

ذكر الأخطل وأخباره ونسبه

هو غياث بن غوث بن الصلت بن الطارقة، ويقال ابن سيحان بن عمرو بن الفدوكس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمر بن غنم بن تغلب. ويكنى أبا مالك. وقال المدائني: هو غياث بن غوث بن سلمة بن طارقة، قال: ويقال لسلمة سلمة اللحام. قال: وبعث النعمان بن المنذر بأربعة أرماح لفرسان العرب، فأخذ أبو براء عامر بن مالك رمحا، وسلمة بن طارقة اللحام رمحا وهو جد الأخطل، وأنس بن مدرك رمحا، وعمرو بن معد يكرب رمحا.
والأخطل لقب غلب عليه. ذكر هارون بن الزيات عن ابن النطاح عن أبي عبيدة أن السبب فيه أنه هجا رجلا من قومه، فقال له: يا غلام، إنك لأخطل، فغلبت عليه. وذكر يعقوب بن السكيت أن عتبة بن الزعل بن عبد الله بن عمر بن عمرو بن حبيب بن الهجرس بن تيم بن سعد بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب حمل حمالة، فأتى قومه يسأل فيها، فجعل الأخطل يتكلم وهو يومئذ غلام. فقال عتبة: من هذا الغلام الأخطل? فلقب به.
قال يعقوب وقال غير أبي عبيدة: إن كعب بن جعيل كان شاعر تغلب، وكان لا يأتي منهم قوما إلا أكرموه وضربوا له قبة، حتى إنه كان تمد له حبال بين وتدين فتملأ له غنما. فأتى في مالك بن جشم ففعلوا ذلك به، فجاء الأخطل وهو غلام فأخرج الغنم وطردها، فسبه عتبة ورد الغنم إلى مواضعها، فعاد وأخرجها وكعب ينظر إليه، فقال: إن غلامكم هذا لأخطل - والأخطل: السفيه - فغلب عليه. ولج الهجاء بينهما، فقال الأخطل فيه:
سميت كعبا بشر العـظـام *** وكان أبوك يسمى الجعـل

فقال كعب: قد كنت أقول لا يقهرني إلا رجل له ذكر ونبأ، ولقد أعددت هذين البيين لأن أهجى بهما منذ كذا وكذا، فغلب عليهما هذا الغلام.

وكان نصرانيا من أهل الجزيرة. ومحله في الشعر أكبر من أن يحتاج إلى وصف. وهو وجرير والفرزدق طبقة واحدة، فجعلها ابن سلام أول طبقات الإسلام. ولم يقع إجماع على أحدهم أنه أفضل، ولكل واحد منهم طبقة تفضله عن الجماعة.

أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي قال حدثني عمي الفضل قال حدثني إسحاق بن إبراهيم عن أبي عبيدة قال: جاء رجل إلى يونس فقال له: من أشعر الثلاثة? قال: الأخطل. قلنا: من الثلاثة? قال: أي ثلاثة ذكروا فهو أشعرهم. قلنا: عمن تروي هذا? قال: عن عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق الحضرمي وأبي عمرو بن العلاء وعنبسة الفيل وميمون الأقرن الذين ماشوا الكلام وطرقوه. أخبرنا به أحمد بن عبد العزيز قال قال أبو عبيدة عن يونس، فذكر مثله وزاد فيه: لا كأصحابك هؤلاء لا بدويون ولا نحويون. فقلت للرجل: سله وبأي شيء فضلوه? قال: بأنه كان أكثرهم عدد طوال جياد ليس فيها سقط ولا فحش وأشدهم تهذيبا للشعر. فقال أبو وهب الدقاق: أما إن حماد وجنادا كانا لا يفضلانه. فقال: وما حماد وجناد لا نحويان ولا بدويان ولا يبصران الكسور ولا يفصحان، وأنا أحدثك عن أبناء تسعين أو كثر أدوا إلى أمثالهم ماشوا الكلام وطرقوه حتى وضعوا أبنيته فلم تشذ عنهم زنة كلمة، وألحقوا السليم بالسليم والمضاعف بالمضاعف والمعتل بالمعتل والأجوف بالأجوف وبنات الياء بالياء وبنات الواو بالواو، فلم تخف عليهم كلمة عربية، وما علم حماد وجناد.

قال هارون حدثني القاسم بن يوسف عن الأصمعي: أن الأخطل كان يقول تسعين بيتا ثم يختار منها ثلاثين فيطيرها.

أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال أخبرنا محمد بن سلام قال سمعت سلمة بن عياش وذكر أهل المجلس جريرا والفرزدق والأخطل ففضله سلمة عليهما. قال: وكان إذا ذكر الأخطل يقول: ومن مثل الأخطل وله في كل بيت، شعر بيتان ثم ينشد قوله:
ولقد علمت إذا العشار تروحت*** هدج الرئال تكبهن شـمـالا
أنا نعجل بالعبيط لضـيفـنـا *** قبل العيال ونضرب الأبطالا


ثم يقول ولو قال:
ولقد علمت إذا العشـا *** ر تروحت هدج الرئال
كان شعرا، وإذا زدت فيه تكبهن شمالا، كان أيضا شعرا من روي آخر.

أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن سلام قال حدثني أبو يحيى الضبي قال: كعب بن جعيل لقبه الأخطل، سمعه ينشد هجاء فقال: يا غلام إنك لأخطل اللسان، فلزمته.

أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري فال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني أحمد بن معاوية قال حدثنا بعض أصحابنا عن رجل من بني سعد قال:
كنت مع نوح بن جرير في ظل شجرة، فقلت له: قبحك الله وقبح أباك أما أبوك فأفنى عمره في مديح عبد ثقيف يعني الحجاج. وأما أنت فامتدحت قثم بن العباس فلم تهتد لمناقبه ومناقب آبائه حتى امتدحته بقصر بناه. فقال: والله لئن سؤتني في هذا الموضع لقد سؤت فيه أبي: بينا أنا آكل معه يوما وفي فيه لقمة وفي يده أخرى، فقلت: يا أبت، أنت أشعر أم الأخطل? فجرض باللقمة التي في فيه ورمى بالتي في يده وقال: يا بني، لقد سررتني وسؤتني. فأما سرورك إياي فلتعهدك لي مثل هذا وسؤالك عنه. وأما ما سؤتني به فلذكرك رجلا قد مات. يا بني أدركت الأخطل وله ناب واحد، ولو أدركته وله ناب آخر لأكلني به، ولكني أعانتني عليه خصلتان: كبر سن، وخبث دين.

أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد وقال: سئل حماد الراوية عن الأخطل، فقال: ما تسألوني عن رجل قد حبب شعره إلى النصرانية قال إسحاق وحدثني أبو عبيدة قال قال أبو عمرو: لو أدرك الأخطل يوما واحدا من الجاهلية ما قدمت عليه أحدا.

قال إسحاق وحدثني الأصمعي أن أبا عمرو أنشد بيت شعر، فاستجاده وقال: لو كان للأخطل ما زاد.
وذكر يعقوب بن السكيت عن الأصمعي عن أبي عمرو: أن جريرا سئل أي الثلاثة أشعر? فقال: أما الفرزدق فتكلف مني ما لا يطيق. وأما الأخطل فأشدنا اجتراء وأرمانا للفرائض. وأما أنا فمدينة الشعر.

وقال ابن النطاح حدثني الأصمعي قال: إنما أدرك جرير الأخطل وهو شيخ قد تحطم. وكان الأخطل أسن من جرير، وكان جرير يقول: أدركته وله ناب واحد، ولو أدركت له نابين لأكلني. قال: وكان أبو عمرو يقول: لو أدرك الأخطل يوما واحدا من الجاهلية ما فضلت عليه أحدا.

أخبرني أبو خليفة عن محمد بن سلام قال: قال العلاء بن جرير: إذا لم يجيء الأخطل سابقا فهو سكيت، والفرزدق لا يجيء سابقا ولا سكيتا، وجرير يجيى سابقا ومصليا وسكيتا.
وقال يعقوب بن السكيت قال الأصمعي: قيل لجرير: ما تقول في الأخطل? قال: كان أشدنا اجتراء بالقليل وأنعتنا للحمر والخمر.

وروى إسماعيل عن عبيد الله عن مؤرج عن شعبة عن سماك بن حرب: أن الفرزدق دخل الكوفة، فلقيه ضوء بن اللجلاج، فقال له: من أمدح أهل الإسلام? فقال له: وما تريد إلى ذلك? قال: تمارينا فيه. قال: الأخطل أمدح العرب.
وقال هارون بن الزيات حدثني هارون بن مسلم عن حفص بن عمر قال: سمعت شيخا كان يجلس إلى يونس كان يكنى أبا حفص، فحدثه أنه سأل جريرا عن الأخطل فقال: أمدح الناس لكريم وأوصفه للخمر. قال: وكان أبو عبيدة يقول: شعراء الإسلام الأخطل ثم جرير ثم الفرزدق. قال أبو عبيدة: وكان أبو عمرو يشبه الأخطل بالنابغة لصحة شعره.

وقال ابن النطاح حدثني عبد الله بن رؤبة بن العجاج قال: كان أبو عمرو يفضل الأخطل.
وقال ابن النطاح حدثني عبد الرحمن بن برزج قال: كان حماد يفضل الأخطل على جرير والفرزدق. فقال له الفرزدق: إنما تفضله لأنه فاسق مثلك. فقال: لو فضلته بالفسق لفضلتك.
قال ابن النطاح قال لي إسحاق بن مرار الشيباني: الأخطل عندنا أشعر الثلاثة. فقلت: يقال إنه أمدحهم فقال: لا والله ولكن أهجاهم. من منهما يحسن أن يقول:
ونحن رفعنا عن سلول رماحنـا *** وعمدا رغبنا عن دماء بني نصر

أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن موسى عن أحمد بن الحارث عن المدائني قال: قال الأخطل: أشعر الناس قبيلة بنو قيس بن ثعلبة، وأشعر الناس بيتا آل أبي سلمى وأشعر الناس رجل في قميصي.
أخبرني الحسن قال حدثني محمد قال حدثني الخراز عن المدائني عن علي بن حماد - هكذا قال، وأظنه علي بن مجاهد - قال: قال الأخطل لعبد الملك: يا أمير المؤمنين، زعم ابن المراغة أنه يبلغ مدحتك في ثلاثة أيام وقد أقمت في مدحتك: خف القطين فراحوا منك أو بكروا سنة فما بلغت كل ما أردت. فقال عبد الملك: فأسمعناها يا أخطل، فأنشده إياها، فجعلت أرى عبد الملك يتطاول لها، ثم قال: ويحك يا أخطل أتريد أن أكتب إلى الآفاق أنك أشعر العرب? قال: أكتفي بقول أمير المؤمنين. وأمر له بجفنة كانت بين يديه فملئت دراهم وألقى عليه خلعا، وخرج به مولى لعبد الملك على الناس يقول: هذا شاعر أمير المؤمنين، هذا أشعر العرب.

وقال ابن الزيات حدثني جعفر بن محمد بن عيينة بن المنهال عن هشام عن عوانة قال: أنشد عبد الملك قول كثير فيه:
فما تركوها عنوة عن مودة *** ولكن بحد المشرفي استقالها

فأعجب به. فقال له الأخطل: ما قلت لك والله يا أمير المؤمنين أحسن منه. قال: وما قلت? قال قلت:
أهلوا من الشهر الحرام فأصبحوا *** موالي ملك لا طريف ولا غصب
جعلته لك حقا وجعلك أخذته غصبا، قال: صدقت.

قال أخبرنا أحمد بن عبد العزيز قال أخبرنا عمر بن شبة قال أخبرنا أبو دقاقة الشامي مولى قريش عن شيخ من قريش قال: رأيت الأخطل خارجا من عند عبد الملك، فلما انحدر دنوت منه فقلت: يا أبا مالك، من أشعر العرب? قال: هذان الكلبان المتعاقران من بني تميم. فقلت: فأين أنت منهما? قال: أنا واللات أشعر منهما. قال: فحلف باللات هزؤا واستخفافا بدينه.
وروى هذا الخبر أبو أيوب المديني عن المدائني عن عاصم بن شنل الجرمي أنه سأل الأخطل عن هذا، فذكر نحوه، وقال: واللات والعزى.

أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثني عبد الله بن أبي سعد قال ذكر الحرمازي: أن رجلا من بني شيبان جاء إلى الأخطل فقال له: يا أبا مالك، إنا، وإن كنا بحيث تعلم من افتراق العشيرة واتصال الحرب والعداوة، تجمعنا ربيعة، وإن لك عندي نصحا. فقال: هاته، فما كذبت. فقلت: إنك قد هجوت جريرا ودخلت بينه وبين الفرزدق وأنت غني عن ذلك ولا سيما أنه يبسط لسانه بما ينقبض عنه لسانك ويسب ربيعة سبا لا تقدر على سب مضر بمثله والملك فيهم والنبوة قبله، فلو شئت أمسكت عن مشارته ومهارته. فقال: صدقت في نصحك وعرفت مرادك، وصلتك رحم فو الصليب والقربان لأتخلصن إلى كليب خاصة دون مضر بما يلبسهم خزيه ويشملهم عاره. ثم اعلم أن العالم بالشعر لا يبالي وحق الصليب إذا مر به البيت المعاير السائر الجيد، أمسلم قاله أم نصراني.

وقال هارون بن الزيات حدثني طائع عن الأصمعي قال: أنشد أبو حية النميري يوما أبا عمرو:
يا لمعد ويا للناس كلـهـم *** ويا لغائبهم يوما ومن شهدا
كأنه معجب بهذا البيت، فجعل أبو عمرو يقول له: إنك لتعجب بنفسك كأنك الأخطل.

__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م