مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13-04-2006, 09:05 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

أما في مسقط فقد أرسل الإمام سعود إلى هناك مبعوثاً يدعى محمد بن سلامة في مهمة للتوصل إلى تسوية مع السيد سعيد، كما كلف ذلك المبعوث أيضاً بالاتصال من هناك بحكومة بومبي للتوصل معها إلى تفاهم وصداقة. وقد وصل محمد بن سلامة إلى مسقط في الأول من شهر ربيع الأول 1229هـ/21 فبراير 1814م، وبدأ مفاوضات طويلة مع حاكم مسقط، كما بعث برسالة إلى السير إيفان نبيان، حاكم بومبي، أبلغه فيها بأنه وصل إلى مسقط "للمفاوضة مع السيد سعيد بن سلطان ابن الإمام أحمد، لتسوية الأمور بينه وبين الإمام سعود"(66). وقد كتب الوكيل المحلي لشركة الهند الشرقية في مسقط؛ كوسي غولاب (Cossee Gholab) رسالة إلى حاكم بومبي نفسه، مؤرخة في 13 ربيع الأول 1229هـ/5 مارس 1814م، يذكر فيها وصول محمد بن سلامة إلى مسقط لمفاوضات سلام مع السيد سعيد، وأن تلك المفاوضات استمرت لفترة طويلة ولكن الأمور ما تزال كما هي، ولم يتم التوصل إلى حل للمشكلات. وأضاف الوكيل غولاب أنه أثناء سير المفاوضات وصل خبر يفيد بأن سعود بن عبدالعزيز قد مات، وأن ابنه قد خلفه. وأكد غولاب بأن هذه الظروف قد حالت دون التوصل إلى سلام، لأن كلا من الطرفين كان ينتظر التأكد من صحة الخبر، وأنه إذا صح هذا الخبر فإنه لن يكون هناك اتفاق(67). أبلغ السيد سعيد المقيم البريطاني بروس بنتائج مفاوضاته مع مبعوث الإمام سعود، وأكد له أنه لم يتوصل معه إلى شيء. وقد نقل المقيم بروس مضمون رسالة السيد سعيد إلى السيد واردن رئيس سكرتارية حكومة بومبي في رسالة مؤرخة في 8 يونية 1814م (20 جمادى الآخرة 1229هـ) ذكر فيها أن حاكم مسقط لم يتوصل مع محمد بن سلامة، مبعوث سعود إلى أي شيء لأمور لم يمكنه قبولها، لكنه لم يذكر تلك الأمور، وأضاف المقيم بأن وكيل الشركة في مسقط بعث إليه برسالة يذكر فيها تلك الأمور، وهي أن محمد بن سلامة طلب تضمين الاتفاق شرطاً سرياً مفاده أن يزود السيد سعيد الوهابيين عند اللزوم بمراكب لمهاجمة ساحل مليبار، ولذلك اضطر السيد سعيد إلى طرد المبعوث السعودي من بلاده، وذلك ما حدث في الرابع والعشرين من أبريل (الرابع من جمادى الأولى)، وعلق المقيم على ذلك قائلاً: إن هذا العمل يصعب فهمه، وهو يوضح مدى افتقار الوهابيين للإخلاص، ومدى ضعف الاعتماد على تعهداتهم(68). يتضح مما تقدم أن الإمام سعود كان حريصاً - قبيل وفاته - على التوصل إلى سلام واتفاق مع حاكم مسقط. فلم يكتف بإرسال مبعوث خاص لهذه المهمة ظل يتفاوض مع ذلك الحاكم أكثر من شهر لكي يتوصل إلى اتفاق معه، بل كلف ذلك المبعوث أيضاً بالاتصال بحكومة الهند لإبلاغها برغبته في الوصول إلى تفاهم وصداقة معها وسلام واتفاق مع حاكم مسقط، لعلمه بأن تلك الحكومة حليفة لحاكم مسقط وحريصة على حمايته. لكن وفاة الإمام سعود أثناء سير المفاوضات، ومقتل قائده القدير مطلق المطيري قبل ذلك، وهما اللذان أوصلا النفوذ السعودي في عمان إلى قمته، أوقف تلك المفاوضات، وأحيا بقوة الآمال لدى السيد سعيد، ليس في التخلص من ذلك النفوذ فقط، وإنما في توسيع نفوذ مسقط في جنوب الخليج على حساب تراجع النفوذ السعودي. أوقف السيد سعيد المفاوضات مع محمد بن سلامة عند وصول الخبر بوفاة الإمام سعود، وحين تأكد من صحة ذلك الخبر طرده من مسقط، وأبلغ البريطانيين الذين كانوا يحضونه على التوصل إلى تفاهم وسلام مع السعوديين بأنه لم يستطع التوصل مع المبعوث السعودي إلى أي شيء؛ لأن الأخير كان يشترط عليه تقديم المراكب اللازمة لغزو سواحل الهند. ولا تخفى هنا محاولة السيد سعيد تبرير عدم توصله إلى سلام مع السعوديين من ناحية، والتزلف إلى البريطانيين من ناحية أخرى. إن من الملفت للنظر أن السيد سعيد لم يبلغ البريطانيين بالأسباب التي حالت دون توصله إلى اتفاق مع المبعوث السعودي محمد بن سلامة بنفسه بالرغم من شدة علاقة تلك الأسباب بالبريطانيين والهند. وبدلاً من ذلك ترك تلك المهمة للوكيل المحلي للشركة الإنجليزية في مسقط، لكي لا يظهر ذلك بأنه محاولة منه للتهرب من التوصل إلى تفاهم مع السعوديين - وهو ما كانوا يدفعونه إليه - أو محاولة منه للتزلف إليهم. وقد نجح السيد سعيد بهذه الطريقة في استثارة المقيم البريطاني بروس وحكومة بومبي ضد السعوديين، حيث وصفهم بروس والسيد واردن بعدم الإخلاص وعدم الوفاء بالعهود(69). إن الأسباب التي قيل: إنها حالت دون توصل حاكم مسقط إلى سلام مع المبعوث السعودي محمد بن سلامة، تتناقض مع الحرص الشديد الذي أبداه ذلك المبعوث على التوصل إلى تفاهم وصداقة مع البريطانيين في رسالته إلى حاكم بومبي(70). ومن هنا، فإنه من المستبعد أن يعمل الإمام سعود على تحسين علاقته مع حكومة الهند - كما هو واضح من رسالة مبعوثه إليها - وفي هذه الظروف الصعبة التي تواجهها دولته في الغرب، وفي الوقت نفسه يقوم بوضع الترتيبات لمهاجمة سواحل الهند. شعر السيد سعيد بعد مقتل المطيري وضعف الحاميات السعودية في عمان ووفاة الإمام سعود واشتداد ضغط القوات العثمانية المصرية على السعوديين في الحجاز، بأن الوقت أصبح مناسباً لإعادة الكرة على رأس الخيمة لإعادة الشيخ سلطان بن صقر إلى مشيختها ومشيخة القواسم. فكتب إلى المقيم بروس في منتصف شهر مايو 1814م (حوالي 24 جمادى الأولى 1229هـ) يخبره بأنه عازم على مهاجمة رأس الخيمة مرة أخرى وأن الشيخ سلطان بن صقر وشيخ بني ياس وشيوخ قبائل آخرين يتوسلون إليه؛ لينضم إليهم في مهاجمة رأس الخيمة، ويؤكدون له إخلاصهم، وبذل كل ما يستطيعون لنصرته، وعدم تكرار ما حدث في العام السابق(71). وقد حرص حاكم مسقط - كعادته - قبل القيام بحملته على رأس الخيمة على الحصول على مساعدة الحكومة البريطانية، فكلف وكيله في بومبي بأن يطلب من حاكمها تقديم سفينتين حربيتين وقوة من الجند عوناً له، مستنداً في طلبه على معاهدتي عام 1213هـ/ 1798م وعام 1214هـ/1800م بين حكومة مسقط وحكومة الهند. لكن البريطانيين لم يقبلوا بزعمه أن هاتين المعاهدتين تنصان على حلف دفاعي هجومي، أو أنهما تضعان أية التزامات على أي من الطرفين بالمعاونة في حروب الطرف الآخر. إلا أن المسؤولين في حكومة بومبي وافقوا على مرافقة المقيم بروس للحملة الثانية ضد رأس الخيمة بدعوى المطالبة هناك بالتعويض عن الاعتداءات الأخيرة التي ارتكبها القواسم، وأن يعقد المقيم إذا أمكنه ذلك اتفاقاً جديداً مع تلك القبيلة(72). كما حدث في العام السابق، كانت الثقة معدومة بين حاكم مسقط وحلفائه، حيث كان كل طرف يعتقد أن الأطراف الأخرى على اتصالات سرية مع رأس الخيمة، ولهذا تعذر القيام بالهجوم عليها. فقد ذكر المقيم بروس في رسالة إلى حكومة بومبي مؤرخة في 16 يولية 1814م (28 رجب 1229هـ)، أن السيد سعيد توصل إلى معاهدة سريعة مع القواسم، وعاد إلى هرمز، وأن هذه المعاهدة نصت على أن يكون هناك سلام بين سكان الموانئ الواقعة بين كانكون والبحرين في الشمال وبين رأس الحد وجوادر في الجنوب(73)، وأن يعيد القواسم الغنائم التي استولت عليها مراكبهم التي كانت في عرض البحر في ذلك الوقت، والاعتراف بالشيخ سلطان بن صقر شيخاً في الشارقة. وأضاف المقيم أن حاكم مسقط قد توصل إلى هذه المعاهدة العاجلة بسبب تخلي شيخ بني ياس عنه، حيث غيب بنو ياس مراكبهم، وحين طلب منهم السيد سعيد مهاجمة رأس الخيمة براً في حين يهاجمها هو بحراً رفضوا ذلك، وأكد المقيم أنه قد تلقى رسائل من بعض الشيوخ تفيد أن هذه المعاهدة لن تستمر؛ لأن الشيخ سلطان بن صقر والشيخ بطي شيخ بني ياس غير راضيين عنها، وأن بروداً أصبح يشوب علاقتهما بالسيد سعيد، وأن حاكم مسقط سارع إلى التوصل إلى اتفاق مع رأس الخيمة؛ لأنه كان يعتقد أن حلفاءه كانوا على اتفاق سري مع القواسم، وأن أولئك الحلفاء كانوا يعتقدون أن السيد سعيد لن ينتصر في هذه الحرب(74). ترتب على فشل الهجوم على رأس الخيمة فشل الاتفاق الهش الذي جاء نتيجة له. فقد حرص السيد سعيد على أن يكون أكبر المستفيدين من التسوية التي توصل إليها مع أهل رأس الخيمة، فعدل عن هدفه السابق الرامي إلى إعادة سلطان بن صقر إلى مشيخة رأس الخيمة، وقرر أن يبقى حسن بن رحمة في مشيخة تلك البلدة، على أن يحتفظ حاكم مسقط بنفوذ فيها، وأجبر الشيخ سلطان على القبول بذلك الوضع والاكتفاء بمشيخة الشارقة. وهكذا خرج الشيخ سلطان بن صقر وشيخ بني ياس من هذه الحملة وما أعقبها من تسوية ساخطين على السيد سعيد(75).
  #2  
قديم 13-04-2006, 09:06 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

كما أن المقيم البريطاني لم يتمكن من التدخل في المفاوضات أو عقد أي اتفاق مع القواسم بسبب ضعف التحالف والنتيجة غير الحاسمة للحملة والتدابير التي اتخذها السيد سعيد مع القواسم(76). لقد سارع حاكم مسقط إلى شق وحدة القواسم وإضعاف قوتهم والاحتفاظ بنفوذ له عليهم ومن ثم عزلهم عن السعوديين بمجرد أن سنحت له الفرصة، متجاهلاً بذلك مصالح جميع حلفائه الذين اشتركوا معه في الحملة. لكن قواسم رأس الخيمة نقضوا اتفاقهم معه بمجرد أن ابتعد أسطوله عن بلدتهم، وأخذوا يهاجمون مراكبه والمراكب التي تتردد على موانئه(77). يبدو واضحاً أن الشيخ حسن بن رحمة وكثيراً من أتباعه وممثلي الدولة السعودية في رأس الخيمة لم يكونوا حريصين على تنفيذ ذلك الاتفاق، أو راضين بشروط السيد سعيد التي تقيد نشاطهم البحري. وقد قبلوا بالاتفاق معه لتصديع الحلف العسكري المحاصر لهم وضمان ابتعاد الأسطول المسقطي عن بلدتهم فقط. كما يبدو أيضاً أن عدم تمكن حاكم مسقط من النجاح في تكوين حلف قوي ومتماسك ضد قواسم رأس الخيمة في المرتين، الأولى والثانية، ونقض شيوخ تلك البلدة السريع لاتفاقهم معه يعود إلى عدم وضوح الوضع الحقيقي الذي كانت تمر به الدولة السعودية في نظر قبائل عمان وجنوب الخليج العربي في هذا الوقت؛ ففي حين كان السيد سعيد والشيخ سلطان بن صقر والبريطانيون واثقين من تحرج وضع السعوديين في الحجاز ومن إمكانية استغلال ذلك لصالحهم لم يكن كثير من قبائل عمان وجنوب الخليج، بما في ذلك القواسم متأكدين من ذلك. سياسة الإمام عبدالله بن سعود تجاه القواسم وحكومة مسقط: توفي الإمام سعود - الذي كان له الفضل في فرض النفوذ السعودي في عمان - في جمادى الأولى عام 1229هـ/مايو 1814م، وتولى بعده ابنه الإمام عبدالله. وبالإضافة إلى هذه الخسارة الفادحة للسعوديين تمكن محمد علي باشا الذي قدم إلى الحجاز لإدارة المعارك هناك بنفسه ضد الدولة السعودية من إلحاق هزيمة حاسمة بالقوات السعودية في بِسل شرقي الطائف في المحرم عام 1230هـ/ يناير 1815م، استطاع بعدها السيطرة على شرقي الحجاز وجنوبه وبيشة وعسير، وحرمان السعوديين من بعض أهم أقاليمهم وأشد أتباعهم ولاء لهم. وخلال الفترة نفسها أخذ ابنه طوسون باشا يتقدم بجيشه من المدينة المنورة في اتجاه نجد حتى وصل بعد منتصف ذلك العام إلى بلدة الرس الواقعة على بعد أكثر من (005 كم) إلى الشرق من المدينة(78). لقد كان لحاكم مسقط إسهام في إحراز الباشا لتلك الانتصارات فقد واجه محمد علي باشا حينما وصل إلى الحجاز في أواخر عام 1228هـ/1813م مشكلة كبيرة في نقل جنوده وعتاده ومؤنه من الموانئ المصرية إلى جدة وينبع، ومن هذين الميناءين إلى معسكراته في داخل البلاد. وقد تمكن الباشا من التغلب على مشكلة النقل هذه بين الموانئ المصرية والموانئ الحجازية عن طريق التعاقد مع حاكم مسقط على تقديم عشرين سفينة في العام؛ لتقوم بالمساعدة في نقل الجند والعتاد والمؤن واستيعاب حركة النقل الكبيرة في ميناءي جدة وينبع(79). وفي المقابل لم ينجح الباشا في التغلب على مشكلة النقل هذه بين مدن جدة ومكة والطائف حيث فقد جيشه منذ وصوله إلى الحجاز (1811م) حتى وصول محمد علي نفسه إلى هناك حوالي ثلاثين ألف بعير، ولم يستطع الباشا إقناع قبائل الحجاز بالتعاون معه للتغلب على هذه المشكلة التي شلت حركة جيشه(80). لقد أظهر الإمام عبدالله بن سعود خلال هذه الفترة تردداً شديداً في مواجهة القوات العثمانية المصرية، حيث ترك محمد علي باشا يجتاح شرق الحجاز وجنوبه وعسير دون أن يدعم أتباعه هناك، كما أنه لم يقدم على مواجهة قوات طوسون باشا في القصيم بالرغم من تفوقه على عدوه من الناحية العددية والإستراتيجية. وفي النهاية قبل الدخول في مشروع صلح غير مضمون مع طوسون باشا مكن الأخير من الانسحاب بسلام والتخلص من الوضع الخطير الذي تورط فيه في قلب الصحراء(81). وكان ضمن جيش الإمام عبدالله أثناء منازلته لقوات طوسون باشا في القصيم مقاتلون من أهل عمان(82). ولابد أنهم لحظوا الموقف الضعيف الذي آلت إليه الدولة السعودية في مواجهة القوات العثمانية المصرية في ذلك الوقت. لم يكن بإمكان الإمام عبدالله القيام بأعمال تأديبية ضد حاكم مسقط لمهاجمته رأس الخيمة للمرة الثانية في عام 1229هـ/1814م - كما فعل أبوه في العام السابق - وبدلاً من ذلك اتخذ الحاكم السعودي الجديد موقفاً توفيقياً أكثر من ذي قبل تجاه السيد سعيد، فبعث إلى مسقط وكيلاً جديداً، وزوده بتعليمات تهدف إلى استمالة الحاكم العماني والتوصل معه إلى سلام دائم(83). لكن ذلك الوكيل لم ينجح في مهمته بسبب استعصاء مشكلة رأس الخيمة. لقد كان السيد سعيد على علم بالانتصارات التي أحرزها محمد علي باشا وابنه في الحجاز وعسير والقصيم، ولذلك أصر على التخلص مما تبقى من مظاهر النفوذ السعودي في مسقط ومد نفوذه إلى رأس الخيمة. وقد كتب إلى حاكم بومبي يخبره بعدم توصله إلى أي اتفاق مع السعوديين؛ لأن الوكيل السعودي الجديد ظل يبحث عن وسائل للتقدم بدعاوى جديدة، وفرض عددا من المطالب التي لا يمكن قبولها فحسب، بل تتعارض أيضاً مع السلام، وأن السعوديين عادوا للنزاع معه عندما لم يوافق على مطالبهم، وأنه لم يعد لديه خيار سوى بذل قصارى جهده للاستيلاء على رأس الخيمة؛ لأنه إذا ما استمر وضع هذه البلدة كما هو فإن السعوديين لن يميلوا إلى السلام أبداً. وقد ختم السيد سعيد رسالته إلى حاكم بومبي بطلب دعمه بعدد من السفن الحربية(84). يظهر أن طموحات السيد سعيد التي أحيتها الضغوط العسكرية العثمانية المصرية على السعوديين لم تقتصر على مد سيطرته على رأس الخيمة وغيرها من موانئ سواحل عمان الشمالية، بل تعدت تلك الطموحات إلى جزر البحرين، فعندما سمع حاكم مسقط برغبة الفرس في طلب سفن من البريطانيين لاستخدامها في الاستيلاء على البحرين كتب إلى حاكم بومبي في 6 شوال 1228هـ/ 2 أكتوبر 1813م يستفسر منه عن ذلك، ويبلغه أن البحرين تابعة له، وأنه قد أخذها من السعوديين، وأن أهلها رعية له، وأن أملاكهم أملاك له، ثم ذكره بالصداقة والتحالف الذي يربط بينهما، وطلب منه عدم مساعدة الفرس(85).
  #3  
قديم 13-04-2006, 09:07 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

وفي صيف عام 1229هـ/1814م شكا شيخ البحرين للمقيم بروس من أطماع حاكم مسقط في الاستيلاء على البحرين بمساعدة خصمه؛ رحمة بن جابر الجلاهمة، كما أبلغه أيضاً أن السيد سعيد كتب رسالة إلى الحاكم السعودي سراً يطلب منه المساعدة على مهاجمة البحرين، وأن ذلك الحاكم أطلعه على تلك الرسالة(86). إن من الملفت للنظر هنا أن ادعاء شيخ البحرين بأن حاكم مسقط يراسل الحاكم السعودي ويطلب منه التعاون معه لمهاجمة البحرين - وأن ذلك الحاكم رفض العرض - يناقض مزاعم حاكم مسقط التي ظل يرددها على مسامع البريطانيين مدعياً بأنه لم يستطع التوصل إلى اتفاق مع السعوديين بسبب مطالبهم التي تتعارض مع السلام. عمد الإمام عبدالله أيضاً إلى متابعة سياسة الاستمالة والتقارب التي بدأها أبوه تجاه البريطانيين، فعندما أرسل المقيم بروس في جمادى الأولى عام 1229هـ/ مايو 1814م احتجاجاً إلى كل من حسن بن رحمة شيخ القواسم والحاكم السعودي على مهاجمة القواسم لبعض المراكب بالقرب من سواحل الهند استدعى الإمام عبدالله الشيخ حسن بن رحمة إلى الدرعية، وحذره من استثارة البريطانيين والتعدي على المراكب والسفن التابعة لهم(87). كذلك كتب الحاكم السعودي رسالة إلى المقيم البريطاني في رمضان 1229هـ/ أغسطس 1814م، أكد فيها أنه لم يأمر القواسم ولا غيرهم باعتراض المراكب البريطانية، وأنه أمر شيخ القواسم بإعادة أي ممتلكات يثبت أن القواسم أخذوها من البريطانيين، وأنه إذا وجد أنهم قد أخذوا شيئاً من ذلك فسيجبرهم على إعادته(88). لقد هدف الحاكم السعودي من وراء هذه التعهدات للبريطانيين إلى إقناعهم بصدق نواياه السلمية تجاههم وعدم رغبة السعوديين والقواسم في إلحاق الأذى بهم، وبالتالي دفعهم إلى عدم ضرب أتباعه القواسم أو تقديم المساعدة العسكرية لحاكم مسقط ضدهم أو ضد مناطقه. حين يئس الإمام عبدالله من التوصل إلى اتفاق مع السيد سعيد وتزايدت ضده ضغوط القوات العثمانية المصرية في الحجاز وعسير والقصيم، وانشغل هو بمواجهة الأخطار في الغرب، في الوقت الذي لم تعد هناك أي حامية سعودية في عمان، ولم يعد بمقدوره إرسال حملة للضغط على السيد سعيد(89) أصبح قواسم رأس الخيمة هم أداة الضغط الوحيدة على حاكم مسقط لإجباره على ترك تصلبه والتوصل إلى سلام مع السعوديين. لذلك ترك الحاكم السعودي - على ما يبدو - أمر معالجة شؤون عمان والعلاقات مع البريطانيين لأتباعه القواسم. ومن هنا أرسل الشيخ حسن بن رحمة في شوال 1229هـ/ أكتوبر 1814م مبعوثاً يدعى حسن بن محمد بن غيث إلى بوشهر يحمل رسالتين؛ إحداهما من شيخ القواسم نفسه، والأخرى من الحاكم السعودي إلى المقيم البريطاني السيد بروس، وكلفه بمهمة التفاوض مع المقيم والتوصل إلى معاهدة بين القواسم وحكومة الهند. وقد نجح ابن غيث في التوصل إلى اتفاق مبدئي مع المقيم البريطاني. لكن هذا الاتفاق لم يلبث أن انهار بسبب شدة التناقض بين البريطانيين من جهة والقواسم والسعوديين من جهة أخرى(90). أما بخصوص السيد سعيد وعمان فقد بادر القواسم إلى نقض اتفاق صيف عام 1229هـ/1814م مع حاكم مسقط فوراً - كما تقدمت الإشارة إلى ذلك - واستأنفوا هجماتهم على مراكب عمان وسواحلها. وكان أشد تلك الهجمات محاولتهم الهجوم على بلدة مطرح القريبة من مسقط في صيف عام 1230هـ/1815م، ثم اشتباكهم مع أسطول عماني كان يقوده السيد سعيد بنفسه، حيث كادوا أن يستولوا على سفينة القيادة كارولاين (Caroline) ذات الأربعين مدفعاً بالقرب من رأس قريات، وأجبروه على الانسحاب إلى مسقط بعد إصابته برصاصة من بندقية(91). أثر الحملة العثمانية المصرية الثانية على نفوذ الدولة السعودية في عمان: لم يكتف محمد علي باشا باسترداد الحرمين الشريفين والحجاز وعسير من يد الدولة السعودية، بل قرر القضاء على تلك الدولة نفسها في نجد، فأعد حملة جديدة أسند قيادتها إلى ابنه وأشهر قواده إبراهيم باشا الذي وصل إلى ينبع في ذي القعدة 1231هـ/ سبتمبر 1816م(92). أخذ إبراهيم باشا يتقدم بحذر من المدينة المنورة في اتجاه القصيم. وقد ألحقت فرقة من جيشه بالإمام عبدالله هزيمة شديدة في ماوية، على بعد حوالي (002 كم) إلى الشرق من المدينة في جمادى الآخرة 1232هـ/ مايو 1817م(93). تقدم الباشا بقواته بعد ذلك إلى القصيم، وفرض حصاراً طويلاً على بلدة الرس. كان الإمام عبدالله قد أمر بأن يجتمع المقاتلون من مناطق شمال نجد ويتمركزوا في القصيم منذ بداية عام 1232هـ/ أواخر 1816م، ثم توجه بنفسه مع بقية قواته إلى هناك، وأخذ يتجول بقواته بين غرب القصيم وعالية نجد دون أن يشتبك مع القوات الغازية. وخلال الفترة التي كان الباشا يحاصر فيها بلدة الرس كان الإمام عبدالله يقيم في بلدة عنيزة القريبة(94). ولما تصالح الباشا مع أهل الرس وتوجه منها إلى عنيزة في منتصف ذي الحجة 1232هـ/ آخر أكتوبر 1817م رحل الإمام عبدالله بقواته إلى بلدة بريدة ومنها إلى الدرعية. وقد سهل ذلك لإبراهيم باشا الاستيلاء على بلدان القصيم والوشم وسدير والتقدم إلى الدرعية وفرض الحصار عليها في جمادى الأولى 1233هـ/ أبريل 1818م(95).
  #4  
قديم 13-04-2006, 09:08 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

لقد أدرك السيد سعيد ما يمكن أن يحدثه توغل حملة إبراهيم باشا في نجد من أثر على الدولة السعودية وعلى نفوذها في عمان ونواحي الخليج الأخرى، حيث سيوجه السعوديون جميع جهودهم وقواتهم ضد القوات الغازية لهم في عقر دارهم، مما سيتيح له العمل من جديد على تحقيق طموحاته المتعثرة في المنطقة. وليس من المستبعد أن تكون هناك اتصالات بين محمد علي باشا أو ابنه إبراهيم وحاكم مسقط خلال هذه الفترة التي قرر فيها الباشا القضاء على الدولة السعودية في نجد وشرق جزيرة العرب كما حدث خلال الحملة الأولى في الحجاز. والواقع أن التعاون بين والي مصر وحاكم مسقط في هذه المرحلة أصبح أشد ضرورة من المرحلة السابقة، لصعوبة هذه المرحلة واقتراب ميادين معاركها إلى عمان والخليج. لم يكن الإمام عبدالله في هذه المرحلة في حاجة إلى كل مقاتل من أهل الأقاليم التابعة له في نجد والأحساء فحسب، بل كان أيضاً في حاجة حلفائه وأتباعه في جنوب الخليج وخاصة القواسم. لقد اضطر الحاكم السعودي إلى سحب جميع من تبقى من جنوده في عمان وجنوب الخليج، كما طلب مساعدة الموالين والمخلصين له من أهل تلك البلاد، فتقاطر إلى نجد أعداد من المنتمين إلى القبائل العدنانية من أهل الظاهرة للاشتراك في المعارك ضد القوات العثمانية المصرية(96). وقد أخبر الإمام عبدالله المقيم البريطاني وليم بروس الذي كتب إليه بخصوص تعويضات يطالب بها القواسم، في ربيع الأول 1232هـ/ فبراير 1817م، بأن أتباعه (القواسم) كانوا غائبين عن البحر بسبب انشغالهم في حرب الأتراك(97). وفي أواخر عام 1233هـ/1818م وصلت قوات كبيرة من ساحل عمان إلى ساحل الأحساء محمولة على سبعة عشر مركباً لإنجاد السعوديين ضد القوات الغازية المحاصرة للدرعية، لكن وصولها كان متأخراً فعادت إلى بلادها عن طريق البحرين(98). وحين وصلت قوات إبراهيم باشا إلى القطيف في نهاية تلك السنة وجدت في تلك البلدة حامية من القواسم سمح لها الأتراك بمغادرة الميناء إلى البحرين التي كان فيها سبع مراكب أخرى للقواسم(99). بادر السيد سعيد إلى انتهاز توغل قوات إبراهيم باشا في نجد وانشغال السعوديين في مواجهتها وتوجه بعض أتباعهم العمانيين إلى نجد لمساعدتهم إلى ضرب قواسم رأس الخيمة وإخضاعهم لسلطته ومد نفوذه إلى مناطق أخرى في الخليج على حساب انحسار النفوذ السعودي. ففي بداية عام 1231هـ/1816م طلب حاكم مسقط مساعدة حكومة بومبي للعمل معه ضد القواسم. وبالرغم من أنه لم يحصل على تلك المساعدة، فقد قرر فرض حصار على رأس الخيمة استمر حوالي أربعة أشهر، لكن ذلك الحصار انتهى دون نتيجة(100).
  #5  
قديم 13-04-2006, 09:08 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

وخلال صيف ذلك العام قاد السيد سعيد حملة بحرية رافقه فيها جماعات من عرب الموانئ الفارسية للاستيلاء على جزر البحرين، ولكنه مني بهزيمة قاسية على يد العتوب. وحين أراد حاكم مسقط إعادة الكرة ضد البحرين بمساعدة ألف وأربعمئة من رماة البنادق والخيالة الذين تعهد بإرسالهم له أمير إقليم فارس، اكتشف أن الحكومة الفارسية تخطط للقبض عليه وأخذه أسيراً إلى شيراز، مما اضطره إلى إلغاء الهجوم على البحرين(101). لم تقتصر النكسات التي واجهها حاكم مسقط على ذلك فقط، بل إن القواسم تمكنوا في عام 1232هـ/1817م من الاستيلاء على ميناء خورفكان على ساحل الشمالية. وعندما قاد السيد سعيد قواته لاسترداد ذلك الميناء منهـم مني بهزيمة أخرى على أيديهم(102). وحتى حينما أصبحت قوات إبراهيم باشا تضغط بشدة على الدولة السعودية في أواخر عام 1232هـ/1817م، ونجحت في فرض حصار طويل على الدرعية خلال العام التالي، كان قواسم رأس الخيمة ما يزالون يمارسون هجماتهم ضد الموانئ والسواحل التابعة لحكومة مسقط أو المتحالفــة معهــا، والمراكب والسفن المملوكة لها، أو تلك التي تتردد علــى موانئهــا ســواء كانت مــراكـب محلــية أو هنديــة أو أوربية(103). وقد ظهر بوضوح للمقيم البريطاني بروس أن حاكم مسقط كان عاجزاً عن التصدي لقوة القواسم، أو وضع حد لهجماتهم على مراكبه وسواحله دون مساعدة البريطانيين، وأنه متلهف جداً للحصـول على تلك المساعدة، وسيكون سعيداً بالتنازل عن أي ميناء أو جزيرة تابعة له في جنوب الخليج في مقابل الحصول عليها(104). وبذلك حال القواسم دون تحقيق السيد سعيد لطموحاته العريضة الرامية إلى فرض سلطته على شمال عمان وموانئ القواسم وبلاد الصير ومد نفوذه إلى جزر البحرين، وهي الطموحات التي ظل يبذل في سبيل تحقيقها جهوداً مضنية منذ أن وصلت الحملة العثمانية المصرية الأولى إلى الحجاز. لقد رحب حاكم مسقط بوصول الحملات العثمانية المصرية إلى الحجاز واستيلائها عليه، ثم توغلها بعد ذلك في نجد، وأبدى استعداده للتعاون مع والي مصر ضد الدولة السعودية؛ لأن تلك الحملات قد خففت من الضغوط العسكرية السعودية على عمان، وأدت إلى انسحاب القوات السعودية من هناك في النهاية وإضعاف قوة القواسم تبعاً لذلك، لكن استيلاء القوات العثمانية المصرية على الدرعية وقضائها على الدولة السعودية ووصول تلك القوات إلى الأحساء والقطيف قد أثار مخاوف السيد سعيد على نفوذه في جنوب الخليج وطموحاته في جزر البحرين، فحين وصل الكابتن سادلير (Captain G. F. Sadlier) إلى مسقط في ربيع عام 1819م (1234هـ) مبعوثاً من حكومة الهند البريطانية لتهنئة إبراهيم باشا على انتصاراته على السعوديين، وعرض على السيد سعيد تعاون كل من البريطانيين والعمانيين مع قوات إبراهيم باشا ضد أعدائه القواسم عبر حاكم مسقط عن استعداده للتعاون مع البريطانيين، لكنه أبدى ارتيابه بنوايا الباشا، ورفض أن تشترك قواته في الحرب ضد القواسم(105). ويبدو أن الذي غير موقف السيد سعيد من القوات العثمانية المصرية في المرحلة الأخيرة من حربها للسعوديين هو ما أوضحه هو نفسه للكابتن سادلير من قسوة إبراهيم باشا في معاملته للعرب بعد سقوط الدرعية وعدم إجابته على استفسارات السيد سعيد بخصوص نواياه تجاه جزر البحرين(106). لقد أدرك كل من والي مصر العثماني وحاكم مسقط ما يمكن أن تفعله القوات العثمانية المصرية في الحجاز ضد السعوديين لتخفيف الضغوط العسكرية على حدود عمان، وما يمكن أن يفعله حاكم مسقط على الجبهة الشرقية للدولة السعودية لإشغال القوات السعودية عن الحجاز، ولذلك حاول الطرفان التعاون ضد العدو المشترك. لكن النجاح الذي أحرزته القوات العثمانية المصرية - والذي لم يتوقعه السيد سعيد على ما يبدو - ووصولها إلى سواحل الخليج العربي واقترابها من حدوده ومنافستها له على جزر البحرين أثار مخاوفه، فرفض التعاون معها ضد أعدائه التقليديين (القواسم). الخاتمــة وصل نفوذ الدولة السعودية الأولى في عمان وجنوب الخليج العربي إلى قمته خلال عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز، حيث فرض ذلك الإمام سلطته على القواسم في شمال عمان، ومد نفوذه إلى أقاليم الظاهرة والباطنة ومسقط، وأقام حاميات له في الباطنة. وقد عزم الإمام سعود على فرض سلطته في مسقط والأقاليم العمانية الأخرى كما فعل في شمال عمان، لكن السنوات الأخيرة من عهده شهدت أيضاً وصول أولى الحملات العثمانية المصرية التي شنها محمد علي باشا والي مصر العثماني لاسترداد الحجاز من السعوديين، التي لم تتمخض عن انحسار النفوذ السعودي من عمان فحسب، بل أدت إلى القضاء على الدولة السعودية نفسها. كان السيد سعيد بن سلطان - حاكم مسقط - رجلاً طموحاً بالرغم من صغر سنه وقلة خبرته، فأدرك مدى ما يمكن أن تحدثه تلك الحملات من أثر على الدولة السعودية وعلى نفوذها في عمان وجنوب الخليج، ومدى ما يمكن أن يساعده ذلك في التخلص من ذلك النفوذ وفي توسيع نفوذ حكومة مسقط على حساب السعوديين. ولذلك بدأ أعماله العسكرية ضد أتباع الدولة السعودية في الخليج منذ أن سمع بعزم والي مصر على حرب تلك الدولة في بداية عام 1226هـ/1811م. وقد حرص السيد سعيد على الحصول على الدعم العسكري والسياسي من البريطانيين في الهند ومن حاكم إقليم فارس ومن بعض الشيوخ العرب في الخليج، وتراسل مع محمد علي باشا وقواده في الحجاز، وقدم لهم بعض المساعدة. وقد ألح في طلب ذلك الدعم من البريطانيين بحجة ارتباطه معهم بمعاهدة تحالف، وبدعوى القضاء على ما يسمى بـ (القرصنة) التي كان يمارسها القواسم في ظل سيادة السعوديين ضد تجارة الهند. لكن البريطانيين حرصوا من جانبهم على عدم إظهار دعمهم العسكري لحاكم مسقط؛ لئلا يستثيروا القواسم والسعوديين ضدهم، ولأنهم أدركوا أن السيد سعيد كان يهدف إلى استخدام الدعم البريطاني في تحقيق طموحاته التوسعية. شن حاكم مسقط عدداً من الحملات العسكرية على القواسم وغيرهم من أتباع الدولة السعودية، وكان يقوم بتلك الحملات كلما شعر بتعرض السعوديين لهزيمة أو تراجع أو ضغوط شديدة على يد القوات العثمانية المصرية، لكن أغلب تلك الحملات فشلت في تحقيق أهدافها، ولم يتمكن السيد سعيد إلا من استعادة سلطته في الباطنة والظاهرة حين اضطر السعوديون إلى سحب حامياتهم ومقاتليهم من هناك لمواجهة القوات العثمانية المصرية في الغرب. لا يعود فشل السيد سعيد في تحقيق طموحاته العريضة في جنوب الخليج إلى بقاء النفوذ السعودي قوياً هناك حتى توغل حملة إبراهيم باشا في نجد فحسب، وإنما يعود ذلك أيضاً إلى الغيرة والحذر وانعدام الثقة بين حاكم مسقط وحلفائه، وتعارض مصالحه مع مصالح أولئك الحلفاء، ورفض القواسم والعتوب بشكل خاص لهيمنة حكومة مسقط عليهم ومنافستها التجارية لهم، وكان السعوديون يدركون هذه الأمور، ولذلك فإنهم لما وجدوا أنهم قد انشغلوا عن التصدي لحملات حاكم مسقط، لجؤوا إلى منح أتباعهم في الخليج سلطات واسعة، وأوكلوا إليهم مهمة التصدي لحملات حاكم مسقط وأعماله التوسعية، وقد نجح القواسم في وقف توسع ذلك الحاكم وإحباط طموحاته، واستمروا في التصدي لحملاته العسكرية ومهاجمة سواحله ومراكبه ومراكب حلفائه حتى بعد سقوط الدرعية. والواقع أنه في حين كانت القوات العثمانية المصرية تسدد الضربات الأخيرة للدولة السعودية وتدمر عاصمتها، كان قواسم رأس الخيمة يرفعون لواءها عالياً في شمال عمان ومياه الخليج والبحار الشرقية. لقد اضطر الحكام السعوديون منذ عام 1226هـ/1811م، إلى إرسال مبعوثين إلى شيراز وبوشهر للتفاوض مع الفرس والبريطانيين من أجل تحسين العلاقات معهم والتوصل إلى اتفاقات تجارية وسياسية وإقناعهم بعدم تقديم المساعدة العسكرية لحاكم مسقط حيث انشغلوا بمواجهة الجيوش العثمانية. ويبدو أن السعوديين أرادوا الاستفادة من التنافس بين الفرس والبريطانيين من جهة والعثمانيين من جهة أخرى في حوض الخليج والعراق. كذلك حرص السعوديون على التوصل إلى اتفاق سلام مع حاكم مسقط، لكي يتفرغوا للتصدي لحملات والي مصر، فأرسلوا مبعوثين إلى مسقط للتفاوض مع السيد سعيد والتوصل معه إلى سلام، لكن حاكم مسقط كان متأكداً من تحرج الموقف العسكري السعودي ومن إمكانية استغلاله لصالحه، فاستمر في تفادي التوصل إلى أي اتفاق مع السعوديين بالرغم من نصائح حلفائه البريطانيين التي تحثه على التوصل إلى سلام معهم. لقد دأبت الدولة السعودية على تحقيق أهدافها وحماية مصالحها قبل وصول الحملات العثمانية المصرية لحربها منذ عام 1226هـ/1181م عن طريق القوة العسكرية، لكن وصول تلك الحملات أجبر تلك الدولة على اللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية والمفاوضات لحماية تلك المصالح؛ مما يدل على حدوث تطور في السياسة السعودية خلال تلك الفترة وشعور بالحاجة إلى توثيق العلاقات مع القوى المجاورة.

http://www.aldarahmagazine.com/magz...25&article_no=1
  #6  
قديم 22-04-2006, 02:32 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي تاريخ سياسي (5) حقائق عن القهر السعودي .ناصر السعيد

تاريخ سياسي (5) حقائق عن القهر السعودي .ناصر السعيد

-----------------------------------------------------------------

حقائق عن القهر السعودي

تأليف ناصر السعيد

اهداء

إلى المناضل ناصر السعيد الذي ضحّى بنفسه من أجل إسعاد وطنه وشعبه

تقديم المناضل ناصر السعيد

حياته ونضاله

المتتبع لأحوال الجزيرة العربية يدرك أن تاريخها حافل بالجهاد والنضال ومقاومة آل سعود، والمعارضة الإسلامية بالذات كانت بدايتها من العقد الثالث الماضي وهي معارضة (الاخوان).. كما أن أصواتاً حرة انطلقت مدوية هنا وهناك تعلن رفضها للامتهان والظلم، فكان مصيرها الاعدام أو التشريد أو السجن، وهو أضعف الإيمان.. ناصر السعيد هو أحد أولئك الأبطال الذين تصدوا للحكم السعودي على مختلف مستوياته وأدواره (عبد العزيز ـ سعود فيصل ـ خالد) ولأِكثر من أربعين عاماً..ولم يعطه فهد الفرصة ليبقى معارضاً له..ولد هذا المناضل في مدينة حائل بعد احتلالها بعام من قبل آل سعود يقول ناصر في كتابه (تاريخ آل سعود): (وكانت بداية احتلال في يوم مشؤوم هو يوم 29 صفر 1340هـ الموافق 2 نوفمبر 1922م، وقد ولدت بعد هذا العام بعام واحد، ونظر لي أهلي كما ينظرون أهل حائل (لمواليد السقوط) سقوط حائل.. نظرة عدم إستحسان، وكأنهم يريدون أن لا تلد النساء أحداً بعد سقوط حائل بيد الأعداء‍).
وقد تربى هذا المناضل كغيره من أطفال حائل في جو ثوري، فإضافة إلى أن الكثير من أهله قد قتلوا دفاعاً عن الوطن من أعمامه وأخواله وحتى عماته وخالاته أهنّ واعتدي عليهن، إلى ذلك فإن جدته كان لها الفضل الأكبر في نشأته الثورية، فقد تعلم منها الكثير من آيات الصمود والمعارضة، وقد اعتقل وعمره سبع سنوات مع جدته هذه في حادثة مع أحد جلاوزة الملك عبد العزيز..وحين شب عن الطوق توجه للعمل في آبار النفط فانضم لشركة (أرامكو) الأمريكية فرأى حالة العمال المزرية وقاد نضالها سنيناً طويلة..ففي عام 1947م وبالتحديد في ضحى يوم (17 / 9 / 1947م) أطلق المناضل ورفاقه على هذا اليوم (يوم فلسطين) وقام بمظاهرة في مدينة (رحيمة) رافضة لتقسيم فلسطين ومطالبة بقطع النفط عن أميركا وبريطانيا، وجاء أمير رأس تنورة ليقنعهم بأن النفط بيد الأمريكيين ولا أحد يستطيع قطعه(!!) وأن قطع النفط يعني اكتنازه في الأرض، وبما أن اسمه الذهب الأسود فاكتنازه حرام(!!)، وسبب ثالث ذكره الأمير (تركي بن عطيشان): هو من الذي سيدفع معاشاتنا ومعاشاتكم؟! ولكن ناصر السعيد والمتظاهرين ثاروا بوجهه فاعتقلوا وأرسلوا في سيارة شحن لجزار المنطقة الشرقية سعود بن جلوي، وكان ناصر يتوقع. وعلى حد قوله ـ (القتل أو على الأقل قطع يد ورجل من خلاف)، ولكن زوجة الأمير تدخلت لأن المعتلقين (صغار) فأطلق سراحهم..وقبل عامين من هذا التايخ قاد ناصر إضراب العمال في (الظهران وبقيق ورأس تنورة) عام 1945م، وطالب بتحسين الأجور والسكن، ومع أن الحكومة بعثت بقواتها القمعية لمواجهة الانتفاضة بقيادة المقدم طه الاحسائي، إلاّ أنّها فشلت في إخمادها، ورضخت آرامكو للمطالب. وفي عام 1953م وقبل موت الملك عبد العزيز قاد مرة أخرى إنتفاضة العمال ضد سياسة الحكومة ومن أجل فلسطين فاعتقل مع مجموعة وأرسل إلى سجن العبيد بالأحساء وكاد ينفذ فيه حكم الاعدام لولا الضغط الشعبي العارم، فأخذ عليه تعهد بالإقامة الجبرية في بلده حائل، وفي طريق عودته لحائل عام 1953م سمع نبأ صوت الطاغية عبد العزيز.. وما أن وصل إلى مدينة حائل حتى علم باستعداد الإمارة لاستقبال الملك الجديد (سعود) الذي سيأتي لأخذ البيعة (هكذا) من المواطنين فنظم مسرحية حول الجهل والفقر والمرض عرضها أما الملك، كما ألقى كلمة أمامه في إحتفال في المدرسة الثانوية، خرج على أثرها وهو غاضب مقتم، وقال: (الاحتفال زن لكن أين السعيد خرّبه!!).
وظل ناصر المناضل يقود التحرك الثوري ويتحرك هنا وهناك حتى صدر أمر بإعدامه عام 1956م، فأخبره العقيد الذيب المكلف بالأمر وهرب إلى الخارج لقيادة النضال.. وقد اغتيل العقيد الذيب فيما بعد بحقنة سامة في ألمانيا الغربية! وفي عام 1958م بذلت السعودية أموالاً ضخمة لاغتياله، وحينها قابل الرئيس جمال عبد الناصر، وسافر إلى القاهرة وأشرف على برنامج (أعداء الله) الذي تبثه إذاعة صوت العرب.. وحين اشتعلت ثورة اليمن عام 1962م إنتقل إليها في العام التالي وإفتتح مكتباً للمعارضة، وأشرف على برنامج إذاعي تحت إسم (أولياء الشيطان)، كما قاد الكفاح المسلح من الحدود اليمنية.. وجاءت هزيمة 1967م لتنهي نشاطه السياسي المعادي للأسرة السعودية من مصر وقبلها من اليمن، وظل متخفياً ينتقل من بلد إلى بلد (العراق ـ سوريا ـ مصر ـ اليمن الجنوبي ـ ليبيا) محارباً بلسانه وقلمه بعد أن اقفلت الاذاعات التقدمية جداً!! أبوابها بوجهه إلى عام 1975م، حيث توفى الملك فيصل برصاصات ابن أخيه الأمير فيصل أبن مساعد، وحينها أعلن الحاكم الجديد حالة العفو العام عن السجناء السياسيين في الخارج، فهرع الكثير من أدعياء الثورة إلى النظام وقبلوا يديه واستلموا (الخرجية)، وهو اللفظ الذي كثيراً ما يستخدمه ناصر.. الذي رفض الركوع والعودة للتمسح على أبواب السلطات رغم المغريات الكثيرة والترهيب القاتل، حيث جرت له عدة محاولات اغتيال أخرى في الخارج.. واندلعت انتفاضتي الحرم في مكة المكرمة والمنطقة الشرقية في نوفمبر 1979م، فترك مقر سكنه في دمشف وذهب إلى بيروت ليرفع صوت شعبه ويسمع نضالاته للعالم، فأجرى مقابلات عديدة مع الصحف والمجلات وكالات الأنباء، وأوضح لهم حقيقة ما يجري في البلاد.. وفي وضح النهار نفذت الحكومة السعودية ما عجزت عنه خلال أربعين سنة قضاها ناصر السعيد في نضال مستمر ودؤوب إذ اختطفته في وضح النهار من بيروت بتاريخ 17 / 12 / 1979م.. وذلك بتدبير من السفير السعودي في بيروت علي الشاعر وبعض المجموعات المدعية للنضال والثورة التي نفذت العملية، ولا أحد يدري أين هو الآن؟!
البعض يقول أن طائرة سعودية خاصة كانت تنتظره في مطار بيروت فأقلته للسعودية، والبعض الآخر يقول إن المناضل قضي عليه في بيروت ذاتها.. وحين سئل سلطان وزير الدفاع السعودي في إحدى المقابلات عن التهمة التي توجه إليه ولأخوته من أنهم وراء إختطاف ناصر السعيد، أجاب بأننا: (لسنا بحاجة إلى استخدام هذا الاسلوب) وأضاف: أن ناصر السعيد اختطف من بيروت الغربية التي تسكنها أغلبية مسلمة، وألمح إلى أن المسلمين متعاطفين مع الحكومة السعودية وهم الذي قضوا عليه أو إختطفوه!. وأجرت مجلة "السبوع العربي" في عددها الصادر بتاريخ 11/5/1987، مقابلة مع أبو الزعيم الذي كان مسؤولاً عن المخابرات الفلسطينية أكثر من عشر سنوات، ورجل الملك حسين في منظمة التحرير الفلسطينية. وقد طرحت (الاسبوع العربي) على أبو الزعيم عدداً من الاسئلة، جاء من بينها سؤال عن المناضل ناصر السعيد الذي اختطفته أجهزة أبو الزعيم في وضح النهار في بيروت بتاريخ 17 / 12 / 1979 أبّان قيام انتفاضة الحرم والمنطقة الشرقية.. وذلك بالتنسيق مع علي الشاعر ـ ـ وزير الأعلام السعودي الحالي ـ وسفير آل سعود آنئذ في بيروت. سألت "الأسبوع العربي" أبو الزعيم: (قيل على لسانك في إحدى الندوات أو ربما الجلسات الخاصة، أنّك اتهمت بعض قيادات فتح بمسؤولياتها عن تسليم ناصر السعيد؟).. أجاب أبو الزعيم: (لم يحدث هذا إطلاقاً، وكان هناك من أشار زوراً إلى أن أبو الزعيم مسؤولاً عن هذا الموضوع، وفي حينه بالذات شكلنا لجنة تحقيق للبحث عن الرجل، ولهذا فانني اتحدى كل الجهات الفلسطينية واللبنانية أنذاك أن تقول غير ذلك، شكلنا لجنة تحقيق مكونة مني ومن صلاح خلف وأبو الهول وتوفيق سلطان من الحزب التقدمي الإشتراكي، ومحسن إبراهيم وأبو ماهر اليماني وسمير صباغ "المرابطون"، لاستقصاء مصير الرجل، وقادنا التحقيق جميعاً إلى الاشتباه بأحد الأجهزة وعندها توقف كل شيء، واتحدى أياً كان أن يبرز أو يقدم معلومات غير هذا الكلام)..
ونحن هنا نقول لأبي الزعيم، ان الذي اختطف ناصر السعيد هو جهاز مخابرات فتح الذي كنت تشرف عليه.. واننا نعلم بأن أوامر الخطف جاءتك من أعلى.. ونعلم أيضاً أن اللجنة التي شكلت كانت للتمويه، وأن الذي حملك مسؤولية اختطافه هم بعض أعضاء اللجنة التي كنت واحداً منها.. وأما تحميلك "أحد الأجهزة" التي لم تعرّفها فما ذلك إلاّ مراوغة إن لم يكن ذلك الجهاز هو جهاز آل سعود.. فناصر السعيد لا مصلحة مباشرة لنظام عربي في التعرض له سوى نظام آل سعود. لقد اراد ناصر السعيد أن يعلن للعالم عن انتفاضة شعبه، فسافر من دمشق ـ محل اقامته ـ إلى بيروت من أجل ذلك، وأجرى العديد من المقابلات مع وكالات الأنباء الأجنبية والصحف والمجلات العربية، فأراد آل سعود ان يسكتوا ذلك الصوت، متصورين أن ناصر ضالع في عملية الحرم بشكل مباشر.. لذا لم يكن امامهم سوى التوجه إلى استخبارات فتح، فآل سعود أعجز وأحقر من أن يمارسوا ذلك العمل الجبان بأنفسهم، وهكذا تم اختطاف ناصر السعيد، المناضل الذي عارض آل سعود طيلة حياته. وانه لمن المؤسف أن تتحول منظمة التحرير ـ التي كانت تسطير فعلياً على بيروت آنئذ ـ من حركة ثورية تدعم الثوار، إلى مخلب لأنظمة القمع والارهاب والرجعية الخليجية، ومقابل بعض الدولارات التي يتقاسمها الكبار، ويشترون بها قصوراً هنا وهناك. وانه لمن المؤسف أيضاً أن يعلن قادة المنظمة دعمهم ومساندتهم لأنظمة عفنة نتنة تتحمّل وزر عشرات الآلاف من الضحايا، الذين قضوا نحبهم مدافعين عن كرامة هذه الأمة ومقدساتها


___________________


حقائق عن القهر السعودي

تأليف ناصر السعيد

تقديم

الفصل الأول: ناصر السعيد يتحدث عن احتلال آل سعود لمدينة حائل
بداية نهاية سعود آل رشيد
اللجوء إلى العدو الحقيقي
تحفز آل سعود و(صحابتهم) لدخول حائل
الفصل الثاني: ناصر السعيد يتحدث عن نفسه وثورات شعبه
مواليد السقوط
حينما دخل عبد العزيز وكوكس وفيلبي حائل
فلسطين في عيني
بعض الاسماء من آلاف الشهداء
وخان عبد العزيز آل سعود عهد ومعاهداته
وفجر عبد العزيز بقسمه ونقض اتفاقيته مع أهل حائل
ثورة غريب العفري
كلمة الشعب
غضب الملك وافتى باعدامي
الفصل الثالث: رسالة المناضل ناصر السعيد إلى الملك سعود
الشعب لم يبايعك يا سعود
اخطار إلى الطاغوت سعود
من ناصر السعيد إلى الملك سعود
سنقاومك بسيوفنا يا سعود
عفو غير شرعي
الجأ إلى الشعب
مجلس الامراء والشورى
خنت الله والشعب
الخطر الشيوعي ـ أم الخطر الأمريكي؟
شاهد من أهلك
ارامكو والاستعمار الامريكي
دستور اتحاد ابناء الجزيرة العربية

الختام

المؤلف
  #7  
قديم 22-04-2006, 02:38 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

الفصل الأول

ناصر السعيد يتحدث عن احتلال آل سعود لمدينته (حائل)

صرح الشيخ نايف بن مزيد الدويش ـ من شيوخ قبيلة مطير، وأحد الذين ساهموا في بناء الحكم السعودي بأرواحهم، وكان جزاؤهم القتل من آل سعود قائلاً: (لقد كنا نحتل جبل طي المطل على حائل؛ وكنا نثق بكل ما يقوله مشايخ الدين السعودي لاعتقادنا أنهم واسطتنا عند الله!؛ وما علمنا أنهم واسطتنا عند الانكليز إلاّ أخيراً حينما أفتوا ونحن في الجبل بما لم نكن نشك فيه "إن الجنة مضمونة لكل من يقتل واحداً من أحل حائل الكفرة المشركين"!..لكننا عدنا وكذبنا الفتاوى تلك؛ في تلك الليلة عندما سمعنا أصوات المؤذنين في حائل تردد ذكر الله عالية جهرة: الله أكبر الله أكبر.. وحاولنا ترك حائل عندما تأكد لنا ايمان أهلها بالله ورسوله!.. لكن عبد العزيز بن سعود والانكليز الذين أظهروا إسلامهم معه، ومشايخ الدين السعودي، طلبوا منا البقاء في موقعنا لمدة يومين فقط.. ولم نكن ننوي القتال بعد ذلك لو لم يكونوا على صلة مع بعض أصدقائهم في حائل الذين أدخلوهم حائل خدعة من جهتها الجنوبية). هذا هو بعض ما تحدث به الشيخ نايف بن مزيد الدويش.. أما ما قيل عن أصدقاء ابن سعود في حائل، فمنهم الشيخ إبراهيم السالم السبهان، والشيخ حمود الحسين الشغدلي(1)، والشيخ صالح السالم الصالح، والشيخ عبد الرحمن الملق، وسعود العارض، وابنه سالم السعودي، وحسن بن سلالم النزهة المعروف باسم الحساوي "والحساوي هو الاسم الحركي السعودي له!"، وعبيد المسلماني، ومحمد السّراي الزويمل، وغيرهم.. وأنا هنا اجزم أن نية بعض هؤلاء لم تكن "خيانة بلادهم" أبداً، بقدر ما كانت "نية خير وسلام لحقن الدماء!"، خاصة وقد أصبح ابن سعود قوياً بقوات الانكليز، وقد خدعهم أيضاً كما خدع غيرهم بالكذب باسم "الإسلام والإنسانية والحكم العادل القويم"، ومما شجعهم على الاتصال بابن سعود ومما ساعد إبن سعود على الوصول إلى حائل، قيام تلك الفتن بين آل الرشيد أنفسهم، وكان لعملاء آل سعود والانكليز دوراً في إثارها، فأمعن آل رشيد في قتل بعضهم بعضاً، وأصبحت البلاد في حالة يرثى لها من عدم الاستقرار لا لهدف إلا للصراع على الحكم، حتى تزعزعت ثقة الشعب والقبائل بما تبقى من آل رشيد. وسئمت قبائل شمر هذا النوع المزري من الحياة، فنزحوا عن حائل، وساعد على ابتعادهم ما لاقوه من إهانات من بعض حكام آل رشيد، وبذلك خلا الجو للإنكليز ليجدوا من يروج ويصدق خداعهم وكذبهم باسم الدين السعودي الانكليزي، والأموال المزيفة والمغريات ووعود آل سعود الكاذبة (بالجنة وأنهار العسل واللبن والرباب الذي فيها)، وكانت تلك وعود مغرية جداً يبذلها آل سعود القبائل.. فما دام أن هناك جنة ولبن ورباب وحور وعسل في الآخرة، وفي الدنيا ذهب وريالات وخيل ونساء وبنادق، فليقاتلوا في سبيلها.. وليقتل الأخ أخاه والابن أمه أو أباه. وليكن شعار المقاتلين: (هبّي هبوب الجنة وينك يا باغيها.. وخيّال الخيل وأنا أخو من أطاع الله). فبدأ دين الدجل يسري في حائل من جهتها الجنوبية في قرية إسمها (الروضة)، حيث برزت مخلوقات تسمى (عذال ومغليث.. وناصر الهواوي، الذي نصب نفسه قاض شرعي ومفتي للديار) وأخذ يفتي بتكفير قبائل شمر وشعب حائل، وأفتى (بأن يقتل كل ذي قربى قريبه، الذي يريد البقاء في عهد الجاهلية ويرفض الدخول في الإسلام)، ومن المضحك المحزن أن لا يتم (دخول الإسلام) المقصود إلا باتباع الإنكليز وآل سعود.. أما عهد الجاهلية عندهم فهو (عهد ما قبل الاحتلال الانكلو سعودي).ولهذا أفتى قاضي الروضة ـ ناصر الهواوي ـ بأن يتولى (شلاش الهديرس) تقطيع أوصال ابنه ناصر الهديرس وهو على قيد الحياة، ويقطعه وصلة وصلة حتى يلفظ الابن أنفاسه لأنه من "الكافرين"، فحاول الأب اقناع إبنه بدخول الدين السعودي الإنكليزي الجديد لكن الابن، بكل إباء وشرف، رفض طاعة والده والتنازل عن شرفه ووطنيته. وما كان من الوالد المدعو شلاش الهديرس إلا أن قام بتقييد يدي أبنه ناصر الهديرس أمام جمع من سكان (الروضة) وطفق يضرب إبنه بالسيف بكل ما أوتي من قوّة حتى أخذ اللحم يتساقط من جسم الابن والدم يتدفق بغزارة والعظام تتكسر، والابن يصرخ ويركض هرباً من وجه أبيه المتوحش ليحتمي بالحاضرين، بينما الحاضرون يتبرأون منه. كل هذا والمفتي المزيف يقف ويصرخ بالوالد ويفتي: (مثل بهذا الكافر.. اقطع يده اليمني.. اقطع يده اليسرى.. اقطع ساقه اليمنى.. إقطع اليسرى.. اضرب ظهره طولاً وعرضاً لتدخل الجنة بلا حساب.. ابقر بطنة لترزق بأبناء عليّين من الحور العين.. اقتل ابنك انه ليس ابنك). وهكذا الحال حتى مزق الاب جسم ابنه الوحيد بسيفه قطعة قطعة.. وبعد ذلك صافحة "المفتي الدجال المأجور" والحاضرون مهنئين، بعد أن قذفوا أوصال الأبن الشهيد في العراء.. ولم تكن قيمة كل هذه الفتاوى التي أصدرها المفتي المزيف (الهواوي،) تتجاوز المائة جنيه ذهباً، أرسلها له المستر كوكس عضو المكتب الهندي للمخابرات الانكليزية، فباع ضميره المتعفن لكوكس.. وقد وزع الإنكليز في قرية الروضة وحدها عشرة آلاف جنيه ذهب.، سلمت لكبار الدجالين البريء منهم شعبنا في الروضة..

لكنه ما أن بلغ هذا للشعب في حائل، حتى حمل السلاح مسرعاً نحو قرية الروضة، فكانت مذبحة ويا للأسف قتل فيها عذال ومغليث والقاضي الداشر ناصر الهواوي، وسيق الأب الذي قتل ابنه إلى محمد بن طلال حاكم حائل، فسأله إبن طلال: (ألم تعلم أننا سنثأر لابنك الشهيد؟ لماذا تقتله وأنت تعلم أنه مؤمن ويعترف بوجود الله، ويشهد برسالة محمد ويقيم الفروض ويسلك كل مسلك شريف؟…) فأجاب الأب القاتل: (أن كل ما تقوله حقيقة ولكنهم خدعوني بالذهب والمذهب عليهم اللعنة)، فأمر ابن طلال بقتله، وانتهى بذلك دور قرية الروضة، لكن الطيبين من أبناء شعبنا في الروضة تكبدوا خسائر فادحة من جراء ما جره عليهم هؤلاء الأفراد الدجالين السعوديين الذين خانوا الشعب كله، واندحرت خطة الانكليز تلك المرة، لكنهم لم ييأسوا.. اذ ذهبوا للاتصال بقبائل شمر وشيوخها، ولم يجدوا استجابة إلا ممن أغراهم الكذب ونعيم المغريات، أو خدعوا كما خدع غيرهم بالدين السعودي الباطل والذهب، واستبدلوا الخير بالشر والأمانة بالخيانة، وهم من أمثال "المرحوم" ملبس بن جبرين، الذي خدعه آل سعود بكذبهم، وكذلك ندى بن نهّير، وعياد نهير الذي قال له أخوه ندى مرة متسائلاً وهو يرد على نفسه بنفسه: (من هو الاصلح؟ ابن سعود وإلا ابن رشيد؟ ابن سعود يدفع لنا في السنة "خرجية" قدرها 400 جنيه ذهب، أما ابن رشيد فيدفع 40 جنيه ذهب في السنة. لا شك أن ابن سعود أصلح من سواه). وهكذا ينظر بعضهم للدين على أنه "جهاد" من أجل المال فقط، وزيادة في دفع الذهب ومن يدفع أكثر فله الضمير. وكذلك هبكان الصليطي، وفريح النبص، وجريذي السحيمي، وخمسة غيرهم غرروا ببعض أفراد عشيرتهم، (وعمّموا) بسراويلهم النجسة رؤوسهم الخسيسة وقادوا مع من قاد جيش الانكليز السعودي إلى (امهم) حائل. وكان أول ما بدأوا به هو الهجوم على قريتي (بيضاء نثيل) و (الشيعة) وذلك في ليلة 27 رمضان، حيث هجموا على المواطنين القرويين الآمنين في المسجد أثناء أداء صلاة الفجر، وقتلوهم آمنين عزل، ولم يكن بيدهم من سلاح سوى القرآن، رغم أنه لم يكن لهاتين القريتين من أهمية استراتيجية في المعركة، أو أي فائدة مادية لهم أو ضر عليهم، ولم يكن لأهل القريتين أي دور معروف في القتال، بالاضافة إلى أن الدين الحقيقي ينص على عدم الغدر أو التمثيل لا بالإنسان ولا بالحيوان ولا حتى بالشجر.. وأكثر من هذا فقد قتلوهم وهم يصلون الصبح في المسجد صائمين رمضان وبيدهم القرآن، واعتدوا على أعراض نساءهم.. فهل هؤلاء "كفرة" كما يقول عبيد الانكليز والصهيونية؟. وكذلك قرية ـ الجليدة ـ قتلوا كل رجالها وذلك بقيادة ملبس بن جبريل "الشمري"، الذي غرر به هو الآخر وشردوا نساء شمر إلى الكويت، فارغموا بعضهن على ممارسة أخس أنواع المعيشةـ البغاء ـ بعد أن هتك السعوديون الخونة أعراضهم في تلك المذبحة، وذبحوا رجالهن وأطفالهن يقودهم بعض الخونة من أبناء عمومتهن ـ ويا للاسف ـ باعوا ضمائرهم بالذهب للانكليز والشيطان الرجيم وآل سعود اليهود.. واستمروا بهذه الطريقة يقودون أمثالهم من الجنود المرتزقة والمخدوعين والضالين حتى أدخلوهم إلى الجبل.. الجبل المحرم دخوله على كل كائن والذي لا يعرف مسالكه إلا ابناءه فقط ـ جبل شمر. جبل حاتم الطائي ـ جبل طي ـ جبل أجأ واخته سلمى ـ الجبل الشامخ الاشم المطل على مدينة حائل ـ الحاني عليها المحتضن لها بكل شفقة وإباء من شمالها إلى غربها وشرقها فجنوبها، اذ وجدوا في هذا الجبل أربعة أشخاص من المرابين الذين أخذوا يتعاونون معهم. وأول فاتحة لهم كانت قتل الفلاحين الآمنين في قرية ـ عقدة ـ وبقية قرى هذا الجبل الأشم، الذي لم يتصور أبناءه أن يأتي نفر ممن شربوا من ماء هذا الجبل القراح السلسبيل، ومن أبناء عمهم بالذات، فيقود الأعداء لتلويث قمم ونقوب هذا الجبل باقدامهم الآثمة. ان الفواحش التي ارتكبها السعوديون في هذه القرى الواقعة في جوف هذا الجبل التاريخي العظيم كثيرة، ومنذ أن استولوا على هذه المواقع الجبلية الاستراتيجية الهامة بدأ يلوح لهم النجاح، ومن جبل طي انتقلت الخيانة والتآمر إلى قلب حائل، حيث قام عشرة أشخاص ممن يسمون أنفسهم "أهل الرأي"، أو كبار الجماعة، بمراسلة عبد العزيز بن سعود استمراراً لاتصالهم السابق به.. ونظراً لقربه من حائل فقد بدأت المساومة على دخولها بلا ثمن، فرتبوا معه خطة بأن يعملوا طريقة لنقل المقاتلين المخلصين من حائل إلى شمالها، ويكون ذلك في قريتي (النيصية ـ والجثامية)، ليخلوا لهم الجو فيدخل ابن سعود لاحتلال البلاد، وحدث هذا فعلاً، اذ حدثت مناوشات في النيصية والوقيد والجثامية والصفيح، فاتفق (كبار الجماعة) مع الحاكم إبن طلال على نقل كل الأهالي، إلا القليل منهم، إلى مسافة تبعد قرابة خمسين كيلومتراً شمالاً عن حائل ـ في النيصية ـ والجثامية والصفيح لمدة اسبوعين، ثم قطعوا التموين والذخيرة عنهم، فأحس الشعب المقاتل بالخيانة تطعن ظهره، فطلب المقاتلون المبعدون في النيصية والجثامية والصفيح أن يعودوا إلى حائل ليتمكنوا من الدفاع عن العاصمة التي يحيط بجبالها الأعداء، لأن ابتعادهم عنها سيعرضها ويعرضهم معها للهلاك في هذا المعزل.. ولكن ابن طلال الحاكم لم يستجب لأن كبار الجماعة القابعين في مرابعهم قد خدعوه، بينما هم يراسلون الأعداء ويرون ما لا يراه الشعب.

مثلما اتضحت قصة اغتيال الأمير عبد العزيز المتعب الرشيد في روضة مهنا بتخطيط من الكابتن جون فيلبي، القائد الأعلى للحركة السعودية، وكذلك قصة اغتيال خليفته ابنه متعب العبد العزيز وبقية اخوته الأطفال على أيدي أخوالهم بايحاء من فيلبي و"السلطان" عبد العزيز آل سعود كذلك تمت قصة اغتيال ابنه الأخير سعود بن عبد العزيز المتعب آل رشيد برصاص ابن عمه عبد الله آل رشيد، الذي لم يكن دافع عبد الله الطلال لارتكابها أطماعه في الحكم وحدها، بقدر ما كان دافعه "نزول الوحي الانكليزي السعودي الخفي" والموجه عن طريق مجموعة معروفة من العملاء السعوديين "الطابور الخامس" في حائل.. خاصة بعد أن رفض الأمير سعود العبد العزيز المتعب الرشيد طلبات "المس بل" في التبعية للانكليز والتعاون مع ابن سعود..
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م