مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13-04-2006, 09:08 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

لقد أدرك السيد سعيد ما يمكن أن يحدثه توغل حملة إبراهيم باشا في نجد من أثر على الدولة السعودية وعلى نفوذها في عمان ونواحي الخليج الأخرى، حيث سيوجه السعوديون جميع جهودهم وقواتهم ضد القوات الغازية لهم في عقر دارهم، مما سيتيح له العمل من جديد على تحقيق طموحاته المتعثرة في المنطقة. وليس من المستبعد أن تكون هناك اتصالات بين محمد علي باشا أو ابنه إبراهيم وحاكم مسقط خلال هذه الفترة التي قرر فيها الباشا القضاء على الدولة السعودية في نجد وشرق جزيرة العرب كما حدث خلال الحملة الأولى في الحجاز. والواقع أن التعاون بين والي مصر وحاكم مسقط في هذه المرحلة أصبح أشد ضرورة من المرحلة السابقة، لصعوبة هذه المرحلة واقتراب ميادين معاركها إلى عمان والخليج. لم يكن الإمام عبدالله في هذه المرحلة في حاجة إلى كل مقاتل من أهل الأقاليم التابعة له في نجد والأحساء فحسب، بل كان أيضاً في حاجة حلفائه وأتباعه في جنوب الخليج وخاصة القواسم. لقد اضطر الحاكم السعودي إلى سحب جميع من تبقى من جنوده في عمان وجنوب الخليج، كما طلب مساعدة الموالين والمخلصين له من أهل تلك البلاد، فتقاطر إلى نجد أعداد من المنتمين إلى القبائل العدنانية من أهل الظاهرة للاشتراك في المعارك ضد القوات العثمانية المصرية(96). وقد أخبر الإمام عبدالله المقيم البريطاني وليم بروس الذي كتب إليه بخصوص تعويضات يطالب بها القواسم، في ربيع الأول 1232هـ/ فبراير 1817م، بأن أتباعه (القواسم) كانوا غائبين عن البحر بسبب انشغالهم في حرب الأتراك(97). وفي أواخر عام 1233هـ/1818م وصلت قوات كبيرة من ساحل عمان إلى ساحل الأحساء محمولة على سبعة عشر مركباً لإنجاد السعوديين ضد القوات الغازية المحاصرة للدرعية، لكن وصولها كان متأخراً فعادت إلى بلادها عن طريق البحرين(98). وحين وصلت قوات إبراهيم باشا إلى القطيف في نهاية تلك السنة وجدت في تلك البلدة حامية من القواسم سمح لها الأتراك بمغادرة الميناء إلى البحرين التي كان فيها سبع مراكب أخرى للقواسم(99). بادر السيد سعيد إلى انتهاز توغل قوات إبراهيم باشا في نجد وانشغال السعوديين في مواجهتها وتوجه بعض أتباعهم العمانيين إلى نجد لمساعدتهم إلى ضرب قواسم رأس الخيمة وإخضاعهم لسلطته ومد نفوذه إلى مناطق أخرى في الخليج على حساب انحسار النفوذ السعودي. ففي بداية عام 1231هـ/1816م طلب حاكم مسقط مساعدة حكومة بومبي للعمل معه ضد القواسم. وبالرغم من أنه لم يحصل على تلك المساعدة، فقد قرر فرض حصار على رأس الخيمة استمر حوالي أربعة أشهر، لكن ذلك الحصار انتهى دون نتيجة(100).
  #2  
قديم 13-04-2006, 09:08 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

وخلال صيف ذلك العام قاد السيد سعيد حملة بحرية رافقه فيها جماعات من عرب الموانئ الفارسية للاستيلاء على جزر البحرين، ولكنه مني بهزيمة قاسية على يد العتوب. وحين أراد حاكم مسقط إعادة الكرة ضد البحرين بمساعدة ألف وأربعمئة من رماة البنادق والخيالة الذين تعهد بإرسالهم له أمير إقليم فارس، اكتشف أن الحكومة الفارسية تخطط للقبض عليه وأخذه أسيراً إلى شيراز، مما اضطره إلى إلغاء الهجوم على البحرين(101). لم تقتصر النكسات التي واجهها حاكم مسقط على ذلك فقط، بل إن القواسم تمكنوا في عام 1232هـ/1817م من الاستيلاء على ميناء خورفكان على ساحل الشمالية. وعندما قاد السيد سعيد قواته لاسترداد ذلك الميناء منهـم مني بهزيمة أخرى على أيديهم(102). وحتى حينما أصبحت قوات إبراهيم باشا تضغط بشدة على الدولة السعودية في أواخر عام 1232هـ/1817م، ونجحت في فرض حصار طويل على الدرعية خلال العام التالي، كان قواسم رأس الخيمة ما يزالون يمارسون هجماتهم ضد الموانئ والسواحل التابعة لحكومة مسقط أو المتحالفــة معهــا، والمراكب والسفن المملوكة لها، أو تلك التي تتردد علــى موانئهــا ســواء كانت مــراكـب محلــية أو هنديــة أو أوربية(103). وقد ظهر بوضوح للمقيم البريطاني بروس أن حاكم مسقط كان عاجزاً عن التصدي لقوة القواسم، أو وضع حد لهجماتهم على مراكبه وسواحله دون مساعدة البريطانيين، وأنه متلهف جداً للحصـول على تلك المساعدة، وسيكون سعيداً بالتنازل عن أي ميناء أو جزيرة تابعة له في جنوب الخليج في مقابل الحصول عليها(104). وبذلك حال القواسم دون تحقيق السيد سعيد لطموحاته العريضة الرامية إلى فرض سلطته على شمال عمان وموانئ القواسم وبلاد الصير ومد نفوذه إلى جزر البحرين، وهي الطموحات التي ظل يبذل في سبيل تحقيقها جهوداً مضنية منذ أن وصلت الحملة العثمانية المصرية الأولى إلى الحجاز. لقد رحب حاكم مسقط بوصول الحملات العثمانية المصرية إلى الحجاز واستيلائها عليه، ثم توغلها بعد ذلك في نجد، وأبدى استعداده للتعاون مع والي مصر ضد الدولة السعودية؛ لأن تلك الحملات قد خففت من الضغوط العسكرية السعودية على عمان، وأدت إلى انسحاب القوات السعودية من هناك في النهاية وإضعاف قوة القواسم تبعاً لذلك، لكن استيلاء القوات العثمانية المصرية على الدرعية وقضائها على الدولة السعودية ووصول تلك القوات إلى الأحساء والقطيف قد أثار مخاوف السيد سعيد على نفوذه في جنوب الخليج وطموحاته في جزر البحرين، فحين وصل الكابتن سادلير (Captain G. F. Sadlier) إلى مسقط في ربيع عام 1819م (1234هـ) مبعوثاً من حكومة الهند البريطانية لتهنئة إبراهيم باشا على انتصاراته على السعوديين، وعرض على السيد سعيد تعاون كل من البريطانيين والعمانيين مع قوات إبراهيم باشا ضد أعدائه القواسم عبر حاكم مسقط عن استعداده للتعاون مع البريطانيين، لكنه أبدى ارتيابه بنوايا الباشا، ورفض أن تشترك قواته في الحرب ضد القواسم(105). ويبدو أن الذي غير موقف السيد سعيد من القوات العثمانية المصرية في المرحلة الأخيرة من حربها للسعوديين هو ما أوضحه هو نفسه للكابتن سادلير من قسوة إبراهيم باشا في معاملته للعرب بعد سقوط الدرعية وعدم إجابته على استفسارات السيد سعيد بخصوص نواياه تجاه جزر البحرين(106). لقد أدرك كل من والي مصر العثماني وحاكم مسقط ما يمكن أن تفعله القوات العثمانية المصرية في الحجاز ضد السعوديين لتخفيف الضغوط العسكرية على حدود عمان، وما يمكن أن يفعله حاكم مسقط على الجبهة الشرقية للدولة السعودية لإشغال القوات السعودية عن الحجاز، ولذلك حاول الطرفان التعاون ضد العدو المشترك. لكن النجاح الذي أحرزته القوات العثمانية المصرية - والذي لم يتوقعه السيد سعيد على ما يبدو - ووصولها إلى سواحل الخليج العربي واقترابها من حدوده ومنافستها له على جزر البحرين أثار مخاوفه، فرفض التعاون معها ضد أعدائه التقليديين (القواسم). الخاتمــة وصل نفوذ الدولة السعودية الأولى في عمان وجنوب الخليج العربي إلى قمته خلال عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز، حيث فرض ذلك الإمام سلطته على القواسم في شمال عمان، ومد نفوذه إلى أقاليم الظاهرة والباطنة ومسقط، وأقام حاميات له في الباطنة. وقد عزم الإمام سعود على فرض سلطته في مسقط والأقاليم العمانية الأخرى كما فعل في شمال عمان، لكن السنوات الأخيرة من عهده شهدت أيضاً وصول أولى الحملات العثمانية المصرية التي شنها محمد علي باشا والي مصر العثماني لاسترداد الحجاز من السعوديين، التي لم تتمخض عن انحسار النفوذ السعودي من عمان فحسب، بل أدت إلى القضاء على الدولة السعودية نفسها. كان السيد سعيد بن سلطان - حاكم مسقط - رجلاً طموحاً بالرغم من صغر سنه وقلة خبرته، فأدرك مدى ما يمكن أن تحدثه تلك الحملات من أثر على الدولة السعودية وعلى نفوذها في عمان وجنوب الخليج، ومدى ما يمكن أن يساعده ذلك في التخلص من ذلك النفوذ وفي توسيع نفوذ حكومة مسقط على حساب السعوديين. ولذلك بدأ أعماله العسكرية ضد أتباع الدولة السعودية في الخليج منذ أن سمع بعزم والي مصر على حرب تلك الدولة في بداية عام 1226هـ/1811م. وقد حرص السيد سعيد على الحصول على الدعم العسكري والسياسي من البريطانيين في الهند ومن حاكم إقليم فارس ومن بعض الشيوخ العرب في الخليج، وتراسل مع محمد علي باشا وقواده في الحجاز، وقدم لهم بعض المساعدة. وقد ألح في طلب ذلك الدعم من البريطانيين بحجة ارتباطه معهم بمعاهدة تحالف، وبدعوى القضاء على ما يسمى بـ (القرصنة) التي كان يمارسها القواسم في ظل سيادة السعوديين ضد تجارة الهند. لكن البريطانيين حرصوا من جانبهم على عدم إظهار دعمهم العسكري لحاكم مسقط؛ لئلا يستثيروا القواسم والسعوديين ضدهم، ولأنهم أدركوا أن السيد سعيد كان يهدف إلى استخدام الدعم البريطاني في تحقيق طموحاته التوسعية. شن حاكم مسقط عدداً من الحملات العسكرية على القواسم وغيرهم من أتباع الدولة السعودية، وكان يقوم بتلك الحملات كلما شعر بتعرض السعوديين لهزيمة أو تراجع أو ضغوط شديدة على يد القوات العثمانية المصرية، لكن أغلب تلك الحملات فشلت في تحقيق أهدافها، ولم يتمكن السيد سعيد إلا من استعادة سلطته في الباطنة والظاهرة حين اضطر السعوديون إلى سحب حامياتهم ومقاتليهم من هناك لمواجهة القوات العثمانية المصرية في الغرب. لا يعود فشل السيد سعيد في تحقيق طموحاته العريضة في جنوب الخليج إلى بقاء النفوذ السعودي قوياً هناك حتى توغل حملة إبراهيم باشا في نجد فحسب، وإنما يعود ذلك أيضاً إلى الغيرة والحذر وانعدام الثقة بين حاكم مسقط وحلفائه، وتعارض مصالحه مع مصالح أولئك الحلفاء، ورفض القواسم والعتوب بشكل خاص لهيمنة حكومة مسقط عليهم ومنافستها التجارية لهم، وكان السعوديون يدركون هذه الأمور، ولذلك فإنهم لما وجدوا أنهم قد انشغلوا عن التصدي لحملات حاكم مسقط، لجؤوا إلى منح أتباعهم في الخليج سلطات واسعة، وأوكلوا إليهم مهمة التصدي لحملات حاكم مسقط وأعماله التوسعية، وقد نجح القواسم في وقف توسع ذلك الحاكم وإحباط طموحاته، واستمروا في التصدي لحملاته العسكرية ومهاجمة سواحله ومراكبه ومراكب حلفائه حتى بعد سقوط الدرعية. والواقع أنه في حين كانت القوات العثمانية المصرية تسدد الضربات الأخيرة للدولة السعودية وتدمر عاصمتها، كان قواسم رأس الخيمة يرفعون لواءها عالياً في شمال عمان ومياه الخليج والبحار الشرقية. لقد اضطر الحكام السعوديون منذ عام 1226هـ/1811م، إلى إرسال مبعوثين إلى شيراز وبوشهر للتفاوض مع الفرس والبريطانيين من أجل تحسين العلاقات معهم والتوصل إلى اتفاقات تجارية وسياسية وإقناعهم بعدم تقديم المساعدة العسكرية لحاكم مسقط حيث انشغلوا بمواجهة الجيوش العثمانية. ويبدو أن السعوديين أرادوا الاستفادة من التنافس بين الفرس والبريطانيين من جهة والعثمانيين من جهة أخرى في حوض الخليج والعراق. كذلك حرص السعوديون على التوصل إلى اتفاق سلام مع حاكم مسقط، لكي يتفرغوا للتصدي لحملات والي مصر، فأرسلوا مبعوثين إلى مسقط للتفاوض مع السيد سعيد والتوصل معه إلى سلام، لكن حاكم مسقط كان متأكداً من تحرج الموقف العسكري السعودي ومن إمكانية استغلاله لصالحه، فاستمر في تفادي التوصل إلى أي اتفاق مع السعوديين بالرغم من نصائح حلفائه البريطانيين التي تحثه على التوصل إلى سلام معهم. لقد دأبت الدولة السعودية على تحقيق أهدافها وحماية مصالحها قبل وصول الحملات العثمانية المصرية لحربها منذ عام 1226هـ/1181م عن طريق القوة العسكرية، لكن وصول تلك الحملات أجبر تلك الدولة على اللجوء إلى الوسائل الدبلوماسية والمفاوضات لحماية تلك المصالح؛ مما يدل على حدوث تطور في السياسة السعودية خلال تلك الفترة وشعور بالحاجة إلى توثيق العلاقات مع القوى المجاورة.

http://www.aldarahmagazine.com/magz...25&article_no=1
  #3  
قديم 22-04-2006, 02:32 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي تاريخ سياسي (5) حقائق عن القهر السعودي .ناصر السعيد

تاريخ سياسي (5) حقائق عن القهر السعودي .ناصر السعيد

-----------------------------------------------------------------

حقائق عن القهر السعودي

تأليف ناصر السعيد

اهداء

إلى المناضل ناصر السعيد الذي ضحّى بنفسه من أجل إسعاد وطنه وشعبه

تقديم المناضل ناصر السعيد

حياته ونضاله

المتتبع لأحوال الجزيرة العربية يدرك أن تاريخها حافل بالجهاد والنضال ومقاومة آل سعود، والمعارضة الإسلامية بالذات كانت بدايتها من العقد الثالث الماضي وهي معارضة (الاخوان).. كما أن أصواتاً حرة انطلقت مدوية هنا وهناك تعلن رفضها للامتهان والظلم، فكان مصيرها الاعدام أو التشريد أو السجن، وهو أضعف الإيمان.. ناصر السعيد هو أحد أولئك الأبطال الذين تصدوا للحكم السعودي على مختلف مستوياته وأدواره (عبد العزيز ـ سعود فيصل ـ خالد) ولأِكثر من أربعين عاماً..ولم يعطه فهد الفرصة ليبقى معارضاً له..ولد هذا المناضل في مدينة حائل بعد احتلالها بعام من قبل آل سعود يقول ناصر في كتابه (تاريخ آل سعود): (وكانت بداية احتلال في يوم مشؤوم هو يوم 29 صفر 1340هـ الموافق 2 نوفمبر 1922م، وقد ولدت بعد هذا العام بعام واحد، ونظر لي أهلي كما ينظرون أهل حائل (لمواليد السقوط) سقوط حائل.. نظرة عدم إستحسان، وكأنهم يريدون أن لا تلد النساء أحداً بعد سقوط حائل بيد الأعداء‍).
وقد تربى هذا المناضل كغيره من أطفال حائل في جو ثوري، فإضافة إلى أن الكثير من أهله قد قتلوا دفاعاً عن الوطن من أعمامه وأخواله وحتى عماته وخالاته أهنّ واعتدي عليهن، إلى ذلك فإن جدته كان لها الفضل الأكبر في نشأته الثورية، فقد تعلم منها الكثير من آيات الصمود والمعارضة، وقد اعتقل وعمره سبع سنوات مع جدته هذه في حادثة مع أحد جلاوزة الملك عبد العزيز..وحين شب عن الطوق توجه للعمل في آبار النفط فانضم لشركة (أرامكو) الأمريكية فرأى حالة العمال المزرية وقاد نضالها سنيناً طويلة..ففي عام 1947م وبالتحديد في ضحى يوم (17 / 9 / 1947م) أطلق المناضل ورفاقه على هذا اليوم (يوم فلسطين) وقام بمظاهرة في مدينة (رحيمة) رافضة لتقسيم فلسطين ومطالبة بقطع النفط عن أميركا وبريطانيا، وجاء أمير رأس تنورة ليقنعهم بأن النفط بيد الأمريكيين ولا أحد يستطيع قطعه(!!) وأن قطع النفط يعني اكتنازه في الأرض، وبما أن اسمه الذهب الأسود فاكتنازه حرام(!!)، وسبب ثالث ذكره الأمير (تركي بن عطيشان): هو من الذي سيدفع معاشاتنا ومعاشاتكم؟! ولكن ناصر السعيد والمتظاهرين ثاروا بوجهه فاعتقلوا وأرسلوا في سيارة شحن لجزار المنطقة الشرقية سعود بن جلوي، وكان ناصر يتوقع. وعلى حد قوله ـ (القتل أو على الأقل قطع يد ورجل من خلاف)، ولكن زوجة الأمير تدخلت لأن المعتلقين (صغار) فأطلق سراحهم..وقبل عامين من هذا التايخ قاد ناصر إضراب العمال في (الظهران وبقيق ورأس تنورة) عام 1945م، وطالب بتحسين الأجور والسكن، ومع أن الحكومة بعثت بقواتها القمعية لمواجهة الانتفاضة بقيادة المقدم طه الاحسائي، إلاّ أنّها فشلت في إخمادها، ورضخت آرامكو للمطالب. وفي عام 1953م وقبل موت الملك عبد العزيز قاد مرة أخرى إنتفاضة العمال ضد سياسة الحكومة ومن أجل فلسطين فاعتقل مع مجموعة وأرسل إلى سجن العبيد بالأحساء وكاد ينفذ فيه حكم الاعدام لولا الضغط الشعبي العارم، فأخذ عليه تعهد بالإقامة الجبرية في بلده حائل، وفي طريق عودته لحائل عام 1953م سمع نبأ صوت الطاغية عبد العزيز.. وما أن وصل إلى مدينة حائل حتى علم باستعداد الإمارة لاستقبال الملك الجديد (سعود) الذي سيأتي لأخذ البيعة (هكذا) من المواطنين فنظم مسرحية حول الجهل والفقر والمرض عرضها أما الملك، كما ألقى كلمة أمامه في إحتفال في المدرسة الثانوية، خرج على أثرها وهو غاضب مقتم، وقال: (الاحتفال زن لكن أين السعيد خرّبه!!).
وظل ناصر المناضل يقود التحرك الثوري ويتحرك هنا وهناك حتى صدر أمر بإعدامه عام 1956م، فأخبره العقيد الذيب المكلف بالأمر وهرب إلى الخارج لقيادة النضال.. وقد اغتيل العقيد الذيب فيما بعد بحقنة سامة في ألمانيا الغربية! وفي عام 1958م بذلت السعودية أموالاً ضخمة لاغتياله، وحينها قابل الرئيس جمال عبد الناصر، وسافر إلى القاهرة وأشرف على برنامج (أعداء الله) الذي تبثه إذاعة صوت العرب.. وحين اشتعلت ثورة اليمن عام 1962م إنتقل إليها في العام التالي وإفتتح مكتباً للمعارضة، وأشرف على برنامج إذاعي تحت إسم (أولياء الشيطان)، كما قاد الكفاح المسلح من الحدود اليمنية.. وجاءت هزيمة 1967م لتنهي نشاطه السياسي المعادي للأسرة السعودية من مصر وقبلها من اليمن، وظل متخفياً ينتقل من بلد إلى بلد (العراق ـ سوريا ـ مصر ـ اليمن الجنوبي ـ ليبيا) محارباً بلسانه وقلمه بعد أن اقفلت الاذاعات التقدمية جداً!! أبوابها بوجهه إلى عام 1975م، حيث توفى الملك فيصل برصاصات ابن أخيه الأمير فيصل أبن مساعد، وحينها أعلن الحاكم الجديد حالة العفو العام عن السجناء السياسيين في الخارج، فهرع الكثير من أدعياء الثورة إلى النظام وقبلوا يديه واستلموا (الخرجية)، وهو اللفظ الذي كثيراً ما يستخدمه ناصر.. الذي رفض الركوع والعودة للتمسح على أبواب السلطات رغم المغريات الكثيرة والترهيب القاتل، حيث جرت له عدة محاولات اغتيال أخرى في الخارج.. واندلعت انتفاضتي الحرم في مكة المكرمة والمنطقة الشرقية في نوفمبر 1979م، فترك مقر سكنه في دمشف وذهب إلى بيروت ليرفع صوت شعبه ويسمع نضالاته للعالم، فأجرى مقابلات عديدة مع الصحف والمجلات وكالات الأنباء، وأوضح لهم حقيقة ما يجري في البلاد.. وفي وضح النهار نفذت الحكومة السعودية ما عجزت عنه خلال أربعين سنة قضاها ناصر السعيد في نضال مستمر ودؤوب إذ اختطفته في وضح النهار من بيروت بتاريخ 17 / 12 / 1979م.. وذلك بتدبير من السفير السعودي في بيروت علي الشاعر وبعض المجموعات المدعية للنضال والثورة التي نفذت العملية، ولا أحد يدري أين هو الآن؟!
البعض يقول أن طائرة سعودية خاصة كانت تنتظره في مطار بيروت فأقلته للسعودية، والبعض الآخر يقول إن المناضل قضي عليه في بيروت ذاتها.. وحين سئل سلطان وزير الدفاع السعودي في إحدى المقابلات عن التهمة التي توجه إليه ولأخوته من أنهم وراء إختطاف ناصر السعيد، أجاب بأننا: (لسنا بحاجة إلى استخدام هذا الاسلوب) وأضاف: أن ناصر السعيد اختطف من بيروت الغربية التي تسكنها أغلبية مسلمة، وألمح إلى أن المسلمين متعاطفين مع الحكومة السعودية وهم الذي قضوا عليه أو إختطفوه!. وأجرت مجلة "السبوع العربي" في عددها الصادر بتاريخ 11/5/1987، مقابلة مع أبو الزعيم الذي كان مسؤولاً عن المخابرات الفلسطينية أكثر من عشر سنوات، ورجل الملك حسين في منظمة التحرير الفلسطينية. وقد طرحت (الاسبوع العربي) على أبو الزعيم عدداً من الاسئلة، جاء من بينها سؤال عن المناضل ناصر السعيد الذي اختطفته أجهزة أبو الزعيم في وضح النهار في بيروت بتاريخ 17 / 12 / 1979 أبّان قيام انتفاضة الحرم والمنطقة الشرقية.. وذلك بالتنسيق مع علي الشاعر ـ ـ وزير الأعلام السعودي الحالي ـ وسفير آل سعود آنئذ في بيروت. سألت "الأسبوع العربي" أبو الزعيم: (قيل على لسانك في إحدى الندوات أو ربما الجلسات الخاصة، أنّك اتهمت بعض قيادات فتح بمسؤولياتها عن تسليم ناصر السعيد؟).. أجاب أبو الزعيم: (لم يحدث هذا إطلاقاً، وكان هناك من أشار زوراً إلى أن أبو الزعيم مسؤولاً عن هذا الموضوع، وفي حينه بالذات شكلنا لجنة تحقيق للبحث عن الرجل، ولهذا فانني اتحدى كل الجهات الفلسطينية واللبنانية أنذاك أن تقول غير ذلك، شكلنا لجنة تحقيق مكونة مني ومن صلاح خلف وأبو الهول وتوفيق سلطان من الحزب التقدمي الإشتراكي، ومحسن إبراهيم وأبو ماهر اليماني وسمير صباغ "المرابطون"، لاستقصاء مصير الرجل، وقادنا التحقيق جميعاً إلى الاشتباه بأحد الأجهزة وعندها توقف كل شيء، واتحدى أياً كان أن يبرز أو يقدم معلومات غير هذا الكلام)..
ونحن هنا نقول لأبي الزعيم، ان الذي اختطف ناصر السعيد هو جهاز مخابرات فتح الذي كنت تشرف عليه.. واننا نعلم بأن أوامر الخطف جاءتك من أعلى.. ونعلم أيضاً أن اللجنة التي شكلت كانت للتمويه، وأن الذي حملك مسؤولية اختطافه هم بعض أعضاء اللجنة التي كنت واحداً منها.. وأما تحميلك "أحد الأجهزة" التي لم تعرّفها فما ذلك إلاّ مراوغة إن لم يكن ذلك الجهاز هو جهاز آل سعود.. فناصر السعيد لا مصلحة مباشرة لنظام عربي في التعرض له سوى نظام آل سعود. لقد اراد ناصر السعيد أن يعلن للعالم عن انتفاضة شعبه، فسافر من دمشق ـ محل اقامته ـ إلى بيروت من أجل ذلك، وأجرى العديد من المقابلات مع وكالات الأنباء الأجنبية والصحف والمجلات العربية، فأراد آل سعود ان يسكتوا ذلك الصوت، متصورين أن ناصر ضالع في عملية الحرم بشكل مباشر.. لذا لم يكن امامهم سوى التوجه إلى استخبارات فتح، فآل سعود أعجز وأحقر من أن يمارسوا ذلك العمل الجبان بأنفسهم، وهكذا تم اختطاف ناصر السعيد، المناضل الذي عارض آل سعود طيلة حياته. وانه لمن المؤسف أن تتحول منظمة التحرير ـ التي كانت تسطير فعلياً على بيروت آنئذ ـ من حركة ثورية تدعم الثوار، إلى مخلب لأنظمة القمع والارهاب والرجعية الخليجية، ومقابل بعض الدولارات التي يتقاسمها الكبار، ويشترون بها قصوراً هنا وهناك. وانه لمن المؤسف أيضاً أن يعلن قادة المنظمة دعمهم ومساندتهم لأنظمة عفنة نتنة تتحمّل وزر عشرات الآلاف من الضحايا، الذين قضوا نحبهم مدافعين عن كرامة هذه الأمة ومقدساتها


___________________


حقائق عن القهر السعودي

تأليف ناصر السعيد

تقديم

الفصل الأول: ناصر السعيد يتحدث عن احتلال آل سعود لمدينة حائل
بداية نهاية سعود آل رشيد
اللجوء إلى العدو الحقيقي
تحفز آل سعود و(صحابتهم) لدخول حائل
الفصل الثاني: ناصر السعيد يتحدث عن نفسه وثورات شعبه
مواليد السقوط
حينما دخل عبد العزيز وكوكس وفيلبي حائل
فلسطين في عيني
بعض الاسماء من آلاف الشهداء
وخان عبد العزيز آل سعود عهد ومعاهداته
وفجر عبد العزيز بقسمه ونقض اتفاقيته مع أهل حائل
ثورة غريب العفري
كلمة الشعب
غضب الملك وافتى باعدامي
الفصل الثالث: رسالة المناضل ناصر السعيد إلى الملك سعود
الشعب لم يبايعك يا سعود
اخطار إلى الطاغوت سعود
من ناصر السعيد إلى الملك سعود
سنقاومك بسيوفنا يا سعود
عفو غير شرعي
الجأ إلى الشعب
مجلس الامراء والشورى
خنت الله والشعب
الخطر الشيوعي ـ أم الخطر الأمريكي؟
شاهد من أهلك
ارامكو والاستعمار الامريكي
دستور اتحاد ابناء الجزيرة العربية

الختام

المؤلف
  #4  
قديم 22-04-2006, 02:38 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

الفصل الأول

ناصر السعيد يتحدث عن احتلال آل سعود لمدينته (حائل)

صرح الشيخ نايف بن مزيد الدويش ـ من شيوخ قبيلة مطير، وأحد الذين ساهموا في بناء الحكم السعودي بأرواحهم، وكان جزاؤهم القتل من آل سعود قائلاً: (لقد كنا نحتل جبل طي المطل على حائل؛ وكنا نثق بكل ما يقوله مشايخ الدين السعودي لاعتقادنا أنهم واسطتنا عند الله!؛ وما علمنا أنهم واسطتنا عند الانكليز إلاّ أخيراً حينما أفتوا ونحن في الجبل بما لم نكن نشك فيه "إن الجنة مضمونة لكل من يقتل واحداً من أحل حائل الكفرة المشركين"!..لكننا عدنا وكذبنا الفتاوى تلك؛ في تلك الليلة عندما سمعنا أصوات المؤذنين في حائل تردد ذكر الله عالية جهرة: الله أكبر الله أكبر.. وحاولنا ترك حائل عندما تأكد لنا ايمان أهلها بالله ورسوله!.. لكن عبد العزيز بن سعود والانكليز الذين أظهروا إسلامهم معه، ومشايخ الدين السعودي، طلبوا منا البقاء في موقعنا لمدة يومين فقط.. ولم نكن ننوي القتال بعد ذلك لو لم يكونوا على صلة مع بعض أصدقائهم في حائل الذين أدخلوهم حائل خدعة من جهتها الجنوبية). هذا هو بعض ما تحدث به الشيخ نايف بن مزيد الدويش.. أما ما قيل عن أصدقاء ابن سعود في حائل، فمنهم الشيخ إبراهيم السالم السبهان، والشيخ حمود الحسين الشغدلي(1)، والشيخ صالح السالم الصالح، والشيخ عبد الرحمن الملق، وسعود العارض، وابنه سالم السعودي، وحسن بن سلالم النزهة المعروف باسم الحساوي "والحساوي هو الاسم الحركي السعودي له!"، وعبيد المسلماني، ومحمد السّراي الزويمل، وغيرهم.. وأنا هنا اجزم أن نية بعض هؤلاء لم تكن "خيانة بلادهم" أبداً، بقدر ما كانت "نية خير وسلام لحقن الدماء!"، خاصة وقد أصبح ابن سعود قوياً بقوات الانكليز، وقد خدعهم أيضاً كما خدع غيرهم بالكذب باسم "الإسلام والإنسانية والحكم العادل القويم"، ومما شجعهم على الاتصال بابن سعود ومما ساعد إبن سعود على الوصول إلى حائل، قيام تلك الفتن بين آل الرشيد أنفسهم، وكان لعملاء آل سعود والانكليز دوراً في إثارها، فأمعن آل رشيد في قتل بعضهم بعضاً، وأصبحت البلاد في حالة يرثى لها من عدم الاستقرار لا لهدف إلا للصراع على الحكم، حتى تزعزعت ثقة الشعب والقبائل بما تبقى من آل رشيد. وسئمت قبائل شمر هذا النوع المزري من الحياة، فنزحوا عن حائل، وساعد على ابتعادهم ما لاقوه من إهانات من بعض حكام آل رشيد، وبذلك خلا الجو للإنكليز ليجدوا من يروج ويصدق خداعهم وكذبهم باسم الدين السعودي الانكليزي، والأموال المزيفة والمغريات ووعود آل سعود الكاذبة (بالجنة وأنهار العسل واللبن والرباب الذي فيها)، وكانت تلك وعود مغرية جداً يبذلها آل سعود القبائل.. فما دام أن هناك جنة ولبن ورباب وحور وعسل في الآخرة، وفي الدنيا ذهب وريالات وخيل ونساء وبنادق، فليقاتلوا في سبيلها.. وليقتل الأخ أخاه والابن أمه أو أباه. وليكن شعار المقاتلين: (هبّي هبوب الجنة وينك يا باغيها.. وخيّال الخيل وأنا أخو من أطاع الله). فبدأ دين الدجل يسري في حائل من جهتها الجنوبية في قرية إسمها (الروضة)، حيث برزت مخلوقات تسمى (عذال ومغليث.. وناصر الهواوي، الذي نصب نفسه قاض شرعي ومفتي للديار) وأخذ يفتي بتكفير قبائل شمر وشعب حائل، وأفتى (بأن يقتل كل ذي قربى قريبه، الذي يريد البقاء في عهد الجاهلية ويرفض الدخول في الإسلام)، ومن المضحك المحزن أن لا يتم (دخول الإسلام) المقصود إلا باتباع الإنكليز وآل سعود.. أما عهد الجاهلية عندهم فهو (عهد ما قبل الاحتلال الانكلو سعودي).ولهذا أفتى قاضي الروضة ـ ناصر الهواوي ـ بأن يتولى (شلاش الهديرس) تقطيع أوصال ابنه ناصر الهديرس وهو على قيد الحياة، ويقطعه وصلة وصلة حتى يلفظ الابن أنفاسه لأنه من "الكافرين"، فحاول الأب اقناع إبنه بدخول الدين السعودي الإنكليزي الجديد لكن الابن، بكل إباء وشرف، رفض طاعة والده والتنازل عن شرفه ووطنيته. وما كان من الوالد المدعو شلاش الهديرس إلا أن قام بتقييد يدي أبنه ناصر الهديرس أمام جمع من سكان (الروضة) وطفق يضرب إبنه بالسيف بكل ما أوتي من قوّة حتى أخذ اللحم يتساقط من جسم الابن والدم يتدفق بغزارة والعظام تتكسر، والابن يصرخ ويركض هرباً من وجه أبيه المتوحش ليحتمي بالحاضرين، بينما الحاضرون يتبرأون منه. كل هذا والمفتي المزيف يقف ويصرخ بالوالد ويفتي: (مثل بهذا الكافر.. اقطع يده اليمني.. اقطع يده اليسرى.. اقطع ساقه اليمنى.. إقطع اليسرى.. اضرب ظهره طولاً وعرضاً لتدخل الجنة بلا حساب.. ابقر بطنة لترزق بأبناء عليّين من الحور العين.. اقتل ابنك انه ليس ابنك). وهكذا الحال حتى مزق الاب جسم ابنه الوحيد بسيفه قطعة قطعة.. وبعد ذلك صافحة "المفتي الدجال المأجور" والحاضرون مهنئين، بعد أن قذفوا أوصال الأبن الشهيد في العراء.. ولم تكن قيمة كل هذه الفتاوى التي أصدرها المفتي المزيف (الهواوي،) تتجاوز المائة جنيه ذهباً، أرسلها له المستر كوكس عضو المكتب الهندي للمخابرات الانكليزية، فباع ضميره المتعفن لكوكس.. وقد وزع الإنكليز في قرية الروضة وحدها عشرة آلاف جنيه ذهب.، سلمت لكبار الدجالين البريء منهم شعبنا في الروضة..

لكنه ما أن بلغ هذا للشعب في حائل، حتى حمل السلاح مسرعاً نحو قرية الروضة، فكانت مذبحة ويا للأسف قتل فيها عذال ومغليث والقاضي الداشر ناصر الهواوي، وسيق الأب الذي قتل ابنه إلى محمد بن طلال حاكم حائل، فسأله إبن طلال: (ألم تعلم أننا سنثأر لابنك الشهيد؟ لماذا تقتله وأنت تعلم أنه مؤمن ويعترف بوجود الله، ويشهد برسالة محمد ويقيم الفروض ويسلك كل مسلك شريف؟…) فأجاب الأب القاتل: (أن كل ما تقوله حقيقة ولكنهم خدعوني بالذهب والمذهب عليهم اللعنة)، فأمر ابن طلال بقتله، وانتهى بذلك دور قرية الروضة، لكن الطيبين من أبناء شعبنا في الروضة تكبدوا خسائر فادحة من جراء ما جره عليهم هؤلاء الأفراد الدجالين السعوديين الذين خانوا الشعب كله، واندحرت خطة الانكليز تلك المرة، لكنهم لم ييأسوا.. اذ ذهبوا للاتصال بقبائل شمر وشيوخها، ولم يجدوا استجابة إلا ممن أغراهم الكذب ونعيم المغريات، أو خدعوا كما خدع غيرهم بالدين السعودي الباطل والذهب، واستبدلوا الخير بالشر والأمانة بالخيانة، وهم من أمثال "المرحوم" ملبس بن جبرين، الذي خدعه آل سعود بكذبهم، وكذلك ندى بن نهّير، وعياد نهير الذي قال له أخوه ندى مرة متسائلاً وهو يرد على نفسه بنفسه: (من هو الاصلح؟ ابن سعود وإلا ابن رشيد؟ ابن سعود يدفع لنا في السنة "خرجية" قدرها 400 جنيه ذهب، أما ابن رشيد فيدفع 40 جنيه ذهب في السنة. لا شك أن ابن سعود أصلح من سواه). وهكذا ينظر بعضهم للدين على أنه "جهاد" من أجل المال فقط، وزيادة في دفع الذهب ومن يدفع أكثر فله الضمير. وكذلك هبكان الصليطي، وفريح النبص، وجريذي السحيمي، وخمسة غيرهم غرروا ببعض أفراد عشيرتهم، (وعمّموا) بسراويلهم النجسة رؤوسهم الخسيسة وقادوا مع من قاد جيش الانكليز السعودي إلى (امهم) حائل. وكان أول ما بدأوا به هو الهجوم على قريتي (بيضاء نثيل) و (الشيعة) وذلك في ليلة 27 رمضان، حيث هجموا على المواطنين القرويين الآمنين في المسجد أثناء أداء صلاة الفجر، وقتلوهم آمنين عزل، ولم يكن بيدهم من سلاح سوى القرآن، رغم أنه لم يكن لهاتين القريتين من أهمية استراتيجية في المعركة، أو أي فائدة مادية لهم أو ضر عليهم، ولم يكن لأهل القريتين أي دور معروف في القتال، بالاضافة إلى أن الدين الحقيقي ينص على عدم الغدر أو التمثيل لا بالإنسان ولا بالحيوان ولا حتى بالشجر.. وأكثر من هذا فقد قتلوهم وهم يصلون الصبح في المسجد صائمين رمضان وبيدهم القرآن، واعتدوا على أعراض نساءهم.. فهل هؤلاء "كفرة" كما يقول عبيد الانكليز والصهيونية؟. وكذلك قرية ـ الجليدة ـ قتلوا كل رجالها وذلك بقيادة ملبس بن جبريل "الشمري"، الذي غرر به هو الآخر وشردوا نساء شمر إلى الكويت، فارغموا بعضهن على ممارسة أخس أنواع المعيشةـ البغاء ـ بعد أن هتك السعوديون الخونة أعراضهم في تلك المذبحة، وذبحوا رجالهن وأطفالهن يقودهم بعض الخونة من أبناء عمومتهن ـ ويا للاسف ـ باعوا ضمائرهم بالذهب للانكليز والشيطان الرجيم وآل سعود اليهود.. واستمروا بهذه الطريقة يقودون أمثالهم من الجنود المرتزقة والمخدوعين والضالين حتى أدخلوهم إلى الجبل.. الجبل المحرم دخوله على كل كائن والذي لا يعرف مسالكه إلا ابناءه فقط ـ جبل شمر. جبل حاتم الطائي ـ جبل طي ـ جبل أجأ واخته سلمى ـ الجبل الشامخ الاشم المطل على مدينة حائل ـ الحاني عليها المحتضن لها بكل شفقة وإباء من شمالها إلى غربها وشرقها فجنوبها، اذ وجدوا في هذا الجبل أربعة أشخاص من المرابين الذين أخذوا يتعاونون معهم. وأول فاتحة لهم كانت قتل الفلاحين الآمنين في قرية ـ عقدة ـ وبقية قرى هذا الجبل الأشم، الذي لم يتصور أبناءه أن يأتي نفر ممن شربوا من ماء هذا الجبل القراح السلسبيل، ومن أبناء عمهم بالذات، فيقود الأعداء لتلويث قمم ونقوب هذا الجبل باقدامهم الآثمة. ان الفواحش التي ارتكبها السعوديون في هذه القرى الواقعة في جوف هذا الجبل التاريخي العظيم كثيرة، ومنذ أن استولوا على هذه المواقع الجبلية الاستراتيجية الهامة بدأ يلوح لهم النجاح، ومن جبل طي انتقلت الخيانة والتآمر إلى قلب حائل، حيث قام عشرة أشخاص ممن يسمون أنفسهم "أهل الرأي"، أو كبار الجماعة، بمراسلة عبد العزيز بن سعود استمراراً لاتصالهم السابق به.. ونظراً لقربه من حائل فقد بدأت المساومة على دخولها بلا ثمن، فرتبوا معه خطة بأن يعملوا طريقة لنقل المقاتلين المخلصين من حائل إلى شمالها، ويكون ذلك في قريتي (النيصية ـ والجثامية)، ليخلوا لهم الجو فيدخل ابن سعود لاحتلال البلاد، وحدث هذا فعلاً، اذ حدثت مناوشات في النيصية والوقيد والجثامية والصفيح، فاتفق (كبار الجماعة) مع الحاكم إبن طلال على نقل كل الأهالي، إلا القليل منهم، إلى مسافة تبعد قرابة خمسين كيلومتراً شمالاً عن حائل ـ في النيصية ـ والجثامية والصفيح لمدة اسبوعين، ثم قطعوا التموين والذخيرة عنهم، فأحس الشعب المقاتل بالخيانة تطعن ظهره، فطلب المقاتلون المبعدون في النيصية والجثامية والصفيح أن يعودوا إلى حائل ليتمكنوا من الدفاع عن العاصمة التي يحيط بجبالها الأعداء، لأن ابتعادهم عنها سيعرضها ويعرضهم معها للهلاك في هذا المعزل.. ولكن ابن طلال الحاكم لم يستجب لأن كبار الجماعة القابعين في مرابعهم قد خدعوه، بينما هم يراسلون الأعداء ويرون ما لا يراه الشعب.

مثلما اتضحت قصة اغتيال الأمير عبد العزيز المتعب الرشيد في روضة مهنا بتخطيط من الكابتن جون فيلبي، القائد الأعلى للحركة السعودية، وكذلك قصة اغتيال خليفته ابنه متعب العبد العزيز وبقية اخوته الأطفال على أيدي أخوالهم بايحاء من فيلبي و"السلطان" عبد العزيز آل سعود كذلك تمت قصة اغتيال ابنه الأخير سعود بن عبد العزيز المتعب آل رشيد برصاص ابن عمه عبد الله آل رشيد، الذي لم يكن دافع عبد الله الطلال لارتكابها أطماعه في الحكم وحدها، بقدر ما كان دافعه "نزول الوحي الانكليزي السعودي الخفي" والموجه عن طريق مجموعة معروفة من العملاء السعوديين "الطابور الخامس" في حائل.. خاصة بعد أن رفض الأمير سعود العبد العزيز المتعب الرشيد طلبات "المس بل" في التبعية للانكليز والتعاون مع ابن سعود..
  #5  
قديم 22-04-2006, 02:41 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

"والمس بل" هذه عضوة "المكتب العربي" مكتب المخابرات الانكليزية في القاهرة، التي سبق لها أن شكلت ما سمتها المخابرات باسم "رابطة أنصار الحرية في مصر" فخدعت بها بعض المصريين، وضمت إليها عدداً آخراً من المخدوعين، ومن ثم انتقلت للعمل في فرع آخر للمخابرات البريطانية هو ما عرف باسم "المكتب الهندي".

هذه "المس بل" جاءت إلى حائل بعد اغتيال عبد العزيز المتعب آل رشيد الذي رفض التعاون مع الانكليز وابن سعود، واتصلت ـ بخليفته وابنه ـ الأمير سعود آل رشيد وقالت له: (أن الانكليز سيمدونك بالمساعدات وسنلبي لك ما تريد في حال موافقتك على عقد معاهدة صداقة مع الانكليز، واعترافك بأحقية حكم الأمير عبد العزيز بن سعود على نجد".. فرفض الأمير سعود آل رشيد هذا المطلب الانكليزي، وكان في رفضه ذلك صدمة جديدة للانكليز وعميلهم عبد العزيز آل سعود، كما كان في رفضه.

ولم يكن لعبد الله الطلال آل رشيد الذي اغتاله آل سعود فيما بعد، يد مباشرة مع الإنكليز أبداً، ولكنه كان ضحية ايحاءات غير مباشرة من الانكليز كما قلنا. وكان هناك من سكان حائل ومن قبيلة شمر من اتصل مع الانكليز بواسطة عبد العزيز آل سعود وتآمر وحرض للتخلص من سعود العبد العزيز الرشيد، نظراً لأن سعود الرشيد كان مجال الثقة والتقدير من أهل حائل وقبيلة شمر القوية، وقد عرف عنه الحزم والشجاعة وطيبة القلب وحسن الإدارة بالرغم من حداثة سنة..


بداية نهاية سعود آل رشيد

بدأ المحرضون لعبد الله الطلال آل رشيد ضد ابن عمه سعود العبد العزيز آل رشيد لاغتياله والحلول محله، دون أن يدر عبد الله الطلال ان وراء هذا التحريض أيدي خفية انكليزية سعودية، تريد الاطاحة بهذه العقبة (سعود الرشيد) ومن ثم تفريق قبيلة شمر، وذات يوم خرج سعود العبد العزيز آل رشيد بعد الظهر إلى جبال حائل في مكان إسمه "الغبران" وكان صائماً، واصطحب معه عدد من مرافقيه وهم: سليمان العنبر، ودرعان الدرعان، وراشد الحسين، والذعيت، وسلامة القريح، ومهدي "أبو شرّين" بالإضافة إلى ابن عمه الفتى عبد الله المتعب آل رشيد البالغ من العمر 12 سنة (والذي اغتاله آل سعود فيما بعد عام 1946 في الرياض).. فعرف عبد الله الطلال آل رشيد بخروج ابن عمه سعود فصمم على اغتياله، فلحق به في طريق الرحلة ورافقه حتى المكان المقصود وهو "الغبران" في جبل طيء، وكان يرافق ابن طلال خادمه ابراهيم المهوّس، وكانا مسلحين، أما الأمير سعود آل رشيد فلم يكن معه وبعض رفاقه سوى سلاح الصيد، وكان الجميع خيالة..

ووصل الجميع الى الغبران، وجلس الأمير سعود متكأ على صخرة بسفح الجبل وبالقرب منه الذعيت الذي قام يتمشى، وكذلك عبد الله المتعب الرشيد، وعن يمينه سليمان العنبر، وعن يساره عبد الله الطلال، الذي تأخر خلفه مسافة مترين، وبجانب الطلال ابراهيم المهوس، وقد تفرق بقية المرافقين للتدرج بعيداً عن المكان غير مدركين لما سيحدث خلال دقائق!.

وفي تلك اللحظات أخرج عبد الله الطلال برتقالة كانت معه، ثم استأذن ابن عمه الأمير ليضعها هدفاً للرمي، فوافق الأمير سعود آل رشيد، فصوب سعوداً بندقيته نحو الهدف فأصابه بدقة،فوضعوا غيره فاستأذن ابن طلال لرمي الهدف! فرمى الهدف وأصابه بدقة.. وما أن صوب الأمير سعود آل رشيد بندقيته ثانية نحو الهدف حتى صوب عبد الله الطلال بندقيته من خلفه نحو الهدف سعود الرشيد، وحالما رمى سعود الرشيد الهدف ثانية أطلق عبد الله الطلال من بندقيته نحو هدفه!… وكان هدفه هو: رأس ابن عمه الأمير سعود الرشيد، فسقط سعود في عبّ سليمان العنبر الذي ضمه وهو يردد: خير!.. ظنّاً منه أن بندقيته رفسته!.. ولكنه ما أن رفعه حتى رأى الدم يتفجر من رأسه ومن عنقه!، وفي تلك اللحظة أمطر ابن طلال سليمان العنبر بست رصاصات أصابت ثلاث منها جنبه وثلاث منها قدمه، فتظاهر ـ العنبر ـ بالموت وارتمى فوق ـ الفتى ـ عبد الله المنعب الرشيد خوفاً من أن يقتله ابن طلال، وحينها قفز القاتل إلى صهوة حصانه، كما وثب خادمه ـ المهوّس ـ إلى ظهر فرسه وأخذا يغيران في سباق مع الريح نحو حائل ـ بغية الاستيلاء على الحكم.. لقد سمع بقية المرافقين أصوات الرصاص، لكنهم حاروا في أمرها، فالهدف ما يزال قائماً في مكانه لم يصب، وصعد الذعيت الريوة للتأكد وإذا به يرى عمه سعوداً ملقى وبجانبه سليمان العنبر، فأسرع الذعيت ليستفسر، فرفع سليمان العنبر رأسه وصاح فيه: (قتلوا عمك سعود، الحق ابن طلال واقتله.. اقتله). فلحق به، ووصل في نفس اللحظة مهدي أبو شرين، فأطلق الرصاص على إبن طلال وأصابه بقدمه فسقط من جواده، فأسرع عليه الذعيت وأجهز عليه، ووجه مهدي فوهة بندقيته إلى المهوس ـ مرافق بن طلال ـ فأرداه قتيلاً… واجتمع سليمان العنبر، والذعيت، ومهدي، ودرعان وسلمة الفريح، ومعهم ابن متعب وأتوا بسعود وبكوا عليه، فنهض سليمان وكان صاحب الكلمة فيهم وقال: ـ أترون البكاء مجدياً الآن؟. لقد قتلتم المجرمين المعتدين، فأنظروا في مستقبلنا ومستقبل حائل..

فقال الذعيت: ما رأيك أنت؟

قال سليمان: أخشى أن يكون عمل ابن طلال نتيجة مؤامرة خطيرة لقلب الحكم في حائل، فشقيقه محمد بن طلال بالبلد، ولعله احتل قصر الإمارة وأخذ البيعة، وأرى أن يمضي أحدكم إلى المدينة سراً ويكشف الأمر، فإن كان ابن طلال قد انتزع الحكم هربنا من وجهه بابن متعب، حتى إذا قوي ساعدنا إلى حائل لنسترد الإمارة، وإلا كفى الله المؤمنين شر القتال.. ووافق الجميع على رأي سليمان وانتدبوا الذعيت، ولبثوا مكانهم منتظرين يتدبرون الأمر حتى رجع إليهم وأخبرهم ألاّ شيء في البلد، والناس لا يعلمون عن الحادث شيئاً.

فرجعوا إلى حائل يشيعون جنازة القتيل، ونصبوا عبد الله بن متعب العبد العزيز الرشيد أميراً عليهم. وكان قتل سعود في سنة 1338 هـ (1920م).

عاش الفتى عبد الله المتعب وعمره (12 سنة) في مأساة الحكم الذي أخذ يسيّره العبيد، ورغم ذلك فان سيرة عبد الله ومظاهر حياته ونفسيته تشبه عمه سعود، وكان لين الجانب بالنسبة إلى أفراد آل رشيد وما فطروا عليه من الصرامة والعراك والقوة.

أشار عليه بعض المتنفذين بارسال رسالة إلى ابن سعود يخبره بما حدث، ويقترح عليه حقناً للدماء توقيع معاهدة بينه وبينه، ورغم أن مجرد أرسال رسالة من هذا النوع لخصمه تعتبر مظهر ضعف منه، إلا أن المتنفذين رأوا بهذه الرسالة إتاحة الفرصة له لتجميع جهوده المبعثرة.. فارتأى ابن سعود قبول الصلح، ليتسنى له هو الآخر إنجاز الطبخة، إنما بشروط مجحفة اشترطها على ابن رشيد لما زعمه أنه من أجل سلامة البلاد النجدية واستقلالها عن الأجانب أو المنتسبين إلى الأجانب وبغيرها لا يمكن القضاء على نفوذ كل أجنبي! والشروط كتبها جون فيلبي وهي:

1 ـ بقاء آل الرشيد في الحكم.

2 ـ استقلالهم التام في جميع الشؤون الداخلية المتعلقة بشمر وحائل فقط.

3 ـ عدم السماح لهم بمعاملة دولة أجنبية أو عقد معاهدة أو الاتصال بها بحال من الأحوال!

4 ـ أن يرجعوا إلى حكومة الرياض فيما يتعلق بالشؤون الخارجية جميعها.

5 ـ تتعهد حكومة الرياض ضمان سلامة حكومة حائل والقيام بالدفاع عنها إذا ما هوجمت من المعتدين!

ولكن. قصر الإمارة رأى في الشرط قيوداً وسدوداً تقيّد حائل وتقيد الحاضرين والقادمين من حكامها، وأقل ما يقال فيها انحطاط بكرامة من يقبل لها، لكونها الإقرار الواضح بالاستعمار السعودي الإنكليزي، وليست الشروط الثلاثة الأخيرة إلاّ قيوداً توضع في قدم حكومة حائل، فرفض القصر بكبرياء وصلف، وأجاب في لهجة قاسية: أن حريته في إدارة شؤون الحكومة والبلاد لن يتنازل عنها مثقال ذرة لأحد مهما كان، وسيدبر نفسه بنفسه، ويسير على النهج الذي يرتضيه والسياسة التي ترضيه. فأشار جون فيلبي الذي كتب تلك الشروط الآنفة الذكر، أشار بمهاجمة حائل، فجمع حوالي عشرة آلاف محارب، وتقدم هذا الجمع اسماً تحت قيادة عبد العزيز آل سعود، أما الحقيقة فانه تحت قيادة جون قيلبي، فسار بهذا العدد الضخم في الصحراء حتى وصل القصيم ونزل بها، وسيّر منها قوتين: إحداهما بقيادة محمد بن عبد الرحمن آل سعود، ووجهتها إلى حائل وأمره بمهاجمتها وتطويقها وحصارها وقطع كل اتصال لها بالمدن والقرى ليسهل عليه احتلال المدينة، والثانية أمر عليها ابنه سعوداً، وأمره أن يمضي إلى شمر ويتخير وقتاً ملائماً للهجوم غرة حتى لا يترك لها فرصة للتعبئة!.

أما عبد العزيز آل سعود فقد بقي ومعه مخططه ومستشاره جون قيلبي في القصيم بانتظار الغنيمة أو الهزيمة والهرب.. فمضى ابنه سعود إلى شمر يقاتلها، وزحف محمد بجيشه الكثيف وطوق حائلاً وحاصرها حصاراً شديداً، وسلط عليها النيران كقطع الليل من أفواء المدافق والبنادق وشاغلهم بها ليل نهار.. فاحتار الفتى عبد الله المتعب وجاء بعض المرجفين من الطابور الخامس في حائل إلى الأمير ابن متعب يطلبون إليه أن يعمل ما فيه خلاصهم!، ليبعث إلى ابن سعود يجيبه إلى ما طلب سابقاً ويعلمه قبول الصلح على الشروط التي اشترطها، وفشل عملاء آل سعود في حائل الذين كانوا قد كاتبوا ابن سعود ليقوم بحصار المدينة.

فشلوا في جعل عبد الله المتعب يرضخ لأوامر ابن سعود، وأخيراً استطاع هؤلاء اقناع عبد الله المتعب بإرسال كتاب لابن سعود يطلب الصلح، هنالك رأى ابن سعود أن ابن رشيد لم يرضخ لمطالبه إلا تحت تأثير الضغط، ومتى زال عاد يعلن العداء، فلم يقبل منه وخيره بين الحرب أو التسليم، فلا قيد ولا شرط.. فجمع الشعب في حائل وعرض عليهم الأمر فاختاروا الحرب ورفض التسليم بإباء، فبقيت الجيوش السعودية بقيادة محمد آل سعود محاصرة حائل، ثم توحدت القيادة العامة وأصبحت في يد سعود بن عبد العزيز بن سعود، وانتقل محمد إلى شقيقه عبد العزيز في القصيم، ورغم شدة الحصار والمجاعة، فقد صمم أهل حائل الأبطال على الدفاع والقتال حتى الموت، وعدم تسليم بلادهم للعدو ما دام فيهم نفس يتردد..

وطفق الأمير ابن متعب ينظم الأمور استعداداً للقتال، وفيما هو كذلك إذ قدم من الجوف ابن عمه محمد بن طلال، زاعماً أنه قادم إلى حائل للدفاع عنها وعن أمته ويشارك ابن عمه الجهاد، وأظهر له الود كما تظاهر أمامه بالخضوع والإستكانة، فأرجف المرجفون بعبد الله المتعب وقالوا له: إن قدوم ابن طلال إلى حائل في هذه الظروف لا يقصد منه إلا تولي الحكم، وسوف لن يوفر دمك، وسيفعل بك ما فعله أخوه عبد الله بن طلال، قاتل سعود بن عبد العزيز بن رشيد، فاحتاط للأمر ووضع الحراس من مماليكه الذين يثق بهم، لكن شبح ابن عمه يتراءى له في منامه فهو يريد قتله.. والعدو أمامه يحاصر المدينة، وابن عمه محمد بن طلال عدو آخر أشد فتكاً من الأول، لمعرفته المقتل ولن يخطئه عندما ينتهز غفلته فيقتله، أما العدو المحاصر فبينه وبينه شعب يقاتل وأسوار وأبراج لا يستطيع تخطيها. وأما ابن عمه فكيف السبيل إلى اتقائه وهو داخل المدينة ومنزله قرب منزله، وربما غافل الحراس وفتك به أو سلط عليه أناساً غيره. هكذا رأى من الأصلح أن يسجن ابن طلال، فسجنه إلا أن العبيد أطلقوه! وأحضروا كبار رجال حائل وقربوا ما بينه وبينه، وتعاهدوا على الدفاع عن البلاد، فمضى ابن طلال يجمع قبيلة شمر استعداداً للمعارك القادمة! فازدادت شكوك عبد الله المتعب بابن عمه محمد الطلال وكان وراء هذه الشكوك من يذكيها..
  #6  
قديم 22-04-2006, 02:44 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

اللجوء إلى العدو الحقيقي

غير أن عبد الله بن متعب رأى من الخير لنفسه أن يلتجئ إلى العدو الحقيقي (ابن سعود) ويسلم نفسه وحدها إليه، ويدع مدينة حائل إلى أهلها يحمونها ولا يسلمها براً بقسمه؛ إذ آلى على نفسه أنه لن يسلمها وفيه نفس يتردد وسيجد عند عدوه السلام والغنم إذا ذهب إليه طائعاً! أما إذا مكث في المدينة فلا بد أن يعتدي عليه ابن عمه ويقتله. هذا ما ظنه فحار في أمره، ولم يدر ما يصنع، فنادى سليمان العنبر، وخلا الاثنان ليلاً فقال ابن متعب:

ـ يا سليمان، الحال مثلما ترى وأنا بين عدوين فلا أستطيع قتل ابن عمي لمجرد الظن ولا أستطيع انتظاره حتى يقتلني!.. وأردف أبن متعب يقول: لقد انتقض بعض الناس علينا، وكتب بعضهم إلى ابن سعود، وأخش من ابن طلال، فما ترى؟ فرد عليه سليمان العنبر يقول: والله يا عم لو طلبت أن أخوض معك البحر لما تأخرت، فأفصح عن قصدك فأنا طوع بنانك!.

ويقال أن عبد الله المتعب قال للعنبر أرى أن تمضي إلى ابن سعود ونسلمه أنفسنا ونترك البلد ينعى من بناه.. فقال له العنبر: كما ترى!

ـ قال عبد الله المتعب:ـ أعد أمرك، فسنغادر المدينة في الفجر والملتقى في خارجها… فقال له العنبر:ـ كما ترى، وليوفقنا الله…

فمضى سليمان إلى داره كاسفاً مشغول الفكر ونادى ابنه "غاطي" وقال له:

يا بني سنمضي غداً إلى ابن سعود..

فأجاب غاطي: أتستشيرني يا أبي.

قال: لا إنما أخبرك بالأمر الذي نويناه على كل حال، فاستعد.

قال غاطي: والأمير؟!

فأجاب سليمان: معنا!.. فقال غاطي: صحيح؟!.

قال سليمان: نعم.. فتمتم غاطي.. ثم قال: الله يكتب الذي فيه خير!.

والتقى الأمير عبد الله المتعب وبعض رجاله وهم: درعان، والذعيت، وعبد الله آل بجاد، وصقيه (مملوك الأمير) بسليمان العنبر وابنه في الموعد فجراً، ومشوا يريدون ابن سعود، وكلهم يمشي على قدميه، وعلم أهل حائل في الضحى بأمر الهاربين فقرروا اللحاق بهم وردهم إلى المدينة، ولكنهم تركوهم أخيراً وكتبوا إلى محمد بن طلال الذي كان في البر يجمع قبيلة شمر لقتال ابن سعود، فتوجه أبن طلال إلى حائل ودخلها وتولى الإمارة وقد سعت إليه من نفسها.

لم يكن مع الهاربين زاد ولا ماء، فاشتد بهم العطش وأظلم الطريق، والشائع أن هناك خطة سعودية لتهريب أمير حائل عبد الله المتعب، ويقود هذه الخطة سليمان العنبر، وأنهم ركبوا الإبل من حائل حتى وصلوا مخيم آل سعود، لكن هناك حكاية يرويها آل سعود وقد نشرها أحمد عطار في كتابه، "صقر الجزيرة" الذي طبعه على نفقة الملك عبد العزيز آل سعود، تقول هذه الرواية السعودية (أنه حينما اشتد العطش بعبد الله المتعب وصحبه، قال أحدهم ـ وكان يعرف هذه الأماكن ـ إن هنا بئر خلف تلك التلول، فمشوا حتى أتوا ووجدوا عليها بدواً كثيراً من جيوش ابن سعودي يسقون، وسألهم عن مقر "أميرهم" فدلهم أحدهم عليه وما كانوا يعلمون أن هؤلاء آل الرشيد وأشياعهم، ولو علموا لفتكوا بهم، فهؤلاء بدو أجلاف غلاظ دأبهم الفتك والضراوة، وأهون ما عليهم سفك الدم.. واستقبلهم الأمير خير استقبال وأنزلهم في خير موضع، وبعث إلى الأمير آل سعود بن عبد العزيز السعود وكان القائد العام للجيوش السعودية يبشره بوصول ابن متعب ورجاله فبعث إليه أن أكرمهم وبلغهم التحية، فإن رغبوا السعي إليه من توهم فليركبهم وإلا فليأخذ رأيهم، وألا يقصر في إرضائهم وتكريمهم..

ورأى ابن متعب ومن معه أن يبيتوا ليلتهم بموضعهم، فهم في حالة لغوب وتعب وقرروا أن يمضوا إلى سعود صباحاً.. وزادت ضجة البدو واجتمعوا حول خيمة آل الرشيد يرددون صيحات الضراوة يريدون أن يفتكوا بهم، فخرج إليهم أميرهم ووبخهم وطردهم وأفهمهم أنهم "مسلمون" يوحدو الله، وأنهم أصبحوا صبيان التوحيد، اخوان من أطاع الله ودخلوا في طاعة ابن سعود!) هكذا تقول رواية آل سعود الأشرار في كتاب العطار… اخوان من أطاع الله!!.

ومضوا من الفجر إلى الأمير سعود بن آل سعود، وكان نازلاً بقعاء فاستقبلهم استقبالاً فخماً، وبعد أن أقاموا أياماً رجع بهم سعود كأسرى إلى الرياض، واستقبلهم والده.. والحقيقة أن آل سعود قد استفادوا من تهريب عبد الله المتعب، فأخذوا معلومات كافية عن الأوضاع في حائل خدمتهم.. إلا أن محمد الطلال أخذ يقاوم ابن سعود، وينقل العطار عن ابن سعود قوله: (والحق أن محمد بن طلال كان حازماً قوياً بعيد المرمى، شجاعاً مقداماً شديد الأيد والصلابة، فيه صفات من عبد العزيز بن متعب بن رشيد القتيل بروضة مهنا، وليس في أمراء آل الرشيد الذين جلسوا على دست الحكم من يشبه هذين الأميرين في الشجاعة والقوة النفسية والبطولة ـ وهما عبد العزيز المتعب الرشيد ومحمد الطلال آل رشيد ـ وكان محمد بن طلال أعقل وأحصف، ولكن:

ما حيلة الرامي إذا التقت العدى وأراد رمي السهم فانقطع الوتر!

هكذا كان الحال مع ابن طلال، فقد تولى محمد بن طلال والأمر مدبر جد الإدبار، والبناء واهي الأساس محطوم الجدار، ولا يطيق الثقل الذي عليه، ولا يستطيع تداركه قبل الإنهيار، ويحتاج إلى زمن طويل لإعادة البناء كما كان، وخصمه لا يعطيه الفرصة ولا يمكنه من البناء.. وبالرغم من كل هذا فلم يفت في عضد محمد بن طلال بل وقف يدافع عن إمارته بكل ما وهب من قوة وجلد حتى أخذ. ولو تولى الامر والحال هادئ والبلاد منظمة لكان لها شأن كبير في الانشاء والتجديد).. ومع ذلك فان شمر وأهل حائل استطاعوا بالقيادة الصلبة لمحمد الطلال اكتساح الجنود السعوديين بعيداً وهزيمتهم وبادر إلى تجنيد الجيش وقاد جحفلاً عظيماً يسترد بعض ما اقتطع من بلاده ويؤدب الخونة، ووضع عصا الترحال في الجثامية ـ وهي على بعد 40 كم من حائل ـ ونزلها بجيشه وعسكر بها يتجهز من جديد لحرب جديدة مع آل سعود.

ولقد ترامت أنباؤه إلى ابن سعود فبعث فيصل الدويش، أحد شجعان العرب الأشداء، على رأس سرية قوية ليحارب حتى يأتيه بنفسه على رأس جنده!

ومضى فيصل والتقى يا بن طلال في الجثمانية، وتقاتلا قتالاً شديداً لم ينتصر فيه فريق على الآخر وتعادلت كفتا الخصمين واستمرت المناوشات مدة.

وعلى حين فجأة لم يشعر فيصل الدويش إلاّ بابن طلال ينسحب إلى النيصية يتحصن بها ولم يكن إنسحابه عن هزيمة، إنما فكر في الأمر دقيقاً فوجد أن التحصن أجدر به، فقد أنبأته عيونه أن جيشاً قادم من الرياض يتجه صوب الشمال وعليه عبد العزيز نفسه وبرسي كوكس وجون فيلبي فخشي أن يقف سداً بينه وبين عاصمته ويقطع عليه خط الرجعة إليها. إلا أن ابن سعود فاجأ ابن طلال في أول المحرم سنة 1340هـ بأسلحة انكليزية هائلة وجنود من البدو والحضر قوامهم / 30000 / مقاتل، واضطر ابن طلال من أجل ذلك إلى التقهقر والتحصن بجبل" أجا" ثم التراجع إلى حائل، في حين أن ابن سعود تقدم بجيشه وحاصر حائلاً وضواحيها وحصونها الخارجية ووحد القيادة تحت أمرة السير برسي كوكس الذي كان يقود (جيش الأخوان) بنفسه، يرافقه جون فيلبي وعدد من ضباط الإنكليز، وأصدر "تعليماته" إلى قواد الجيش بتطويق حائل من جميع جهاتها، وقطع الطرق عنها لئلا تتلقى المدد من الميرة والذخيرة، فيسهل الإستيلاء عليها نهائياً تحت تأثير هذا الضغط الشديد والتجويع..

فركز جون فيلبي مدافع على تل مرتفع تخويفاً، وأخذ يطلق قذائفها على السور أحياناً، ثم رتب قواته وجهزها ليهاجم البلدة هجوماً عنيفاً، وأحاط جميع جوانبها بالمدافع لهدم السور وضرب المدينة، وبدا الذين كانوا يراسلون ابن سعود ممن كانوا يسمون أنفسهم "أكابر الجماعة" بدأوا يرجفون في المدينة، وذهبوا إلى ابن طلال يشرحون له الأمر. ملمحين إليه بالتنازل لابن سعود!. فلم يرض أن يتنازل لخصمه، وأصر على الكفاح، فاشتد غضب العملاء عليه حين رأوا إصراره ونفروا منه ولكن لا حول لهم ولا قوة، وقد أمر البطل باعتقال بعضهم، وقبض على الأمر بيد من حديد، وأخذ يقاتل مع الشعب.

والحقيقة أن حصار حائل قد كشف للإخوان "البدو" كذب الدعاية الإنكليزية السعودية التي تقول ان (شمر وأهل حائل كفرة لا يؤمنون بالله!)، وذلك حينما رأى البدو المآذن، وسمعوا أصوات المؤذنين يرددون نداء الصلاة (الله أكبر الله أكبر)، فثاروا على ابن سعود والسير برسي كوكس وفيلبي، لكنهم وعدوهم بالانتظار يومين فقط! لأن أصحابهم في داخل حائل وعدوا بإدخالهم دون معرفة أبن طلال وأهل البلاد..

ويقول أحمد عبد الغفور عطار في كتابه السعودي (صقر الجزيرة) الذي أخذ عبد العزيز آل سعود يمليه عليه طيلة سنة يقعد ـ العطار ـ تحت قدمي الملك ليدون ما يقوله، يقول في الصفحة 327 (ولقد حاول السيربرسي كوكس أثناء حصار حائل التوسط بين ابن طلال وابن سعود، لكن ابن طلال رفض وساطة السير برسي كوكس في الصلح بينهما) وصمم ابن طلال على مقاومة آل سعود والإنكليز، وقال لبرسي كوكس (أيها الانكليز إنكم تكفروننا وأنتم كفرة.. ولولا سلاحكم وقيادتكم فلن يصل عبيدكم آل سعود إلى حدود حائل.. إننا إذا سلمنا من الخونة في الداخل، فسننجح في هزيمتكم أو نموت بكرامة).
  #7  
قديم 22-04-2006, 02:46 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

والخونة الذين يقصدهم ابن طلال، هم الذين كانوا يراسلون الإنكليز وابن سعود، وهم الذين اقتادوا جيوش ابن سعود والإنكليز من النيصية إلى الوسيطاء بين جبل طي وحائل غرباً ليسهل دخوله من الجبهة الغربية الجنوبية.. ومرة أخرى، تقدم عدد من "كبار الجماعة" وفي مقدمتهم إبراهيم السالم وحمد الشويعر ونصحوا ابن طلال (بأن ينقذ نفسه وعاصمته ورعيته من البلاء المحدق وأن يستسلم ويسلم البلاد لآل سعود).. فرفض البطل محمد الطلال بكل شهامة ـ رغم كل الظروف ـ رفض أن يستسلم!.. فخرج إبراهيم السالم وحمد الشويعر وعدد آخر سيأتي ذكرهم ممن كانوا على صلة قديمة مع ابن سعود (وكان يعدهم ويمنيهم ويغريهم بتسليمهم حكم البلاد وأكبر المناصب في سلطنته بعد سقوط حائل بيده) خرج إبراهيم السالم السبهان وحمد الشويعر ومن معهما من عند ابن طلال وكتبوا رسالة لعبد العزيز آل سعود يقولان فيها: (ان ابن طلال في حالة نفسية غريبة لا يجدي معها التفاهم، وهو عازم على قتالك ومعه من يفضلون الموت على دخولك للبلاد، وفي حال نجاحه وفشلك سوف يكون مصيرنا الموت.. سيقتلنا لأنه اكتشفنا جميعاً إننا معك وهو يعد الآن سيفه لرقابنا، وما عليكم إلا أن ترسلوا لنا قوة من جهة الزبارة(2) لتنطق من هذا المكان لفتح حائل واستلامها)..

وما أن استلم عبد العزيز آل سعود رسالة إبراهيم السالم وحمد الشويعر المرسلة له مع عبيد المسلماني، وهو يقيم في الوسيطا وأطلع عليها برسي كوكس وجون فيلبي وبقية "الخبراء" العرب، حتى أقروا إرسال قوة مكوّنة من ألفي رجل تحت قيادة عبد العزيز بن تركي وسعود الكبير ـ ابن عم أبن سعود ـ وسلطان بن بجاد. فاستقبلها مندوبون عن إبراهيم السالم وحمد الشويعر في الزبارة لتتسلل داخل مدينة حائل، فتحدث بتسللها الضغط الأخير على ابن طلال..

وفي هذا الاثناء تقدم عبد العزيز بن ابراهيم ـ وهو عميل سعودي اشتهر بالإجرام ـ وكان يظهر الصداقة لابن طلال بينما هو يعمل لحساب آل سعود، تقدم "ينصح" ابن طلال بالإستسلام، فدار بينهما نقاش حاد انتهى بإقناع ابن طلال ـ كما يزعم ابن إبراهيم ـ بقوله (قال لي ابن طلال اكتب خطاباً إلى ابن سعود بما تريد وأنا أوقعه).. ويقول العميل ابن إبراهيم ـ (انني قلت لابن طلال:ـ ومع من تبعث بالخطاب؟.. فقال: معك)ـ فقال ابن إبراهيم ـ (قلت له ان كنت أنا الرسول فلا حاجة إلى الخطاب!. إنما أعطني خاتمك المنقوش عليه اسمك ليكون شاهداً على التفويض فأعطاني الخاتم، ونصحته بأن يثبت على كلامه وأن لا يستسلم "للمفسدين" الذين يريدون حرب ابن سعود!).. وفي الحال غادره ابن ابراهيم ليقابل الطابور الثاني إبراهيم السالم وحمد الشويعر فأخبرهما فاستبشرا!!.. ومن ثم تحرك ابن ابراهيم لمقابلة عبد العزيز آل سعود والسير برسي كوكس وجون فيلبي في ضاحية حائل بالوسيطا، فعرض عليهم خاتم ابن طلال، ووافق عبد العزيز آل سعود وكوكس وفيلبي على شروط ابن طلال وقد اتفقت هذه الشروط مع ما سبق أن اتفق عليه عبد العزيز آل سعود والذين راسلوه من "الوجهاء" وفي مقدمتهم إبراهيم السالم السبهان وحمد الشويعر وهي كما يلي:

1 ـ أن لا يولى على حائل أحد من غير أهل حائل يعرفونه ويرتضونه، ويكون لهم الخيار باستبداله بغيره حينما يرون منه ما يوجب تغييره.

2 ـ أن لا يخرج الحاكم عن حدود الشريعة السمحاء.

3 ـ أن يقوم أهل البلد بتشكيل مجلس شورى من أعيان البلد.

4 ت أن لا تصار أراضي حائل وشمر والرعية للأسرة السعودية أو لأي فرد من أتباعها.

5 ـ أن لا يحدث أي سوء لمحمد الطلال وجميع أفراد أسرته وأصحابه وأهل حائل وشمر كافة أفراد رعيته وأتباعه ـ والمماليك ـ وكل خصم أو صديق في معيتهم وكل محارب وغير محارب، وأن يترك ما مضى وألا يلتفت إلى الوراء، وأن يعيش أبن طلال وأسرته بعد استسلامهم معززين مكرمين وفي حالة يرضونها.فنقل عبد العزيز بن إبراهيم ومعه عبد العزيز بن مساعد الجلوي هذه الإتفاقية الموقعة من عبد العزيز آل سعود، إلى محمد الطلال، وإلى ابراهيم السالم، وحمد الشويعر، وجمعوا جمعاً كبيراً من الناس وقرأوها عليهم للتهدئة.. وبعد هذا سلم ابن طلال نفسه وأسرته إلى ابن مساعد واتجه بهم إلى حيث يقيم عبد العزيز آل سعود وبرسي كوكس وجون فيلبي، وجموع حراسه وجنوده الذين قالوا: (انهم كانوا يتوقعون الفشل في دخول حائل لو لم يمكنهم من الدخول جماعة من أهل حائل وفي مقدمتهم إبراهيم السالم وحمد الشويعر)..

وفي رأيي: انه لا إبراهيم السالم ولا حمد الشويعر ولا غيرهما يتسطيع منع انهيار حكم حائل، فالحكم بطبيعته قد انهار، وحينما ينهار أي جسم من الاجسام فلا محالة من أن يأكله الدود أو آل سعود واليهود..


تحفز آل سعود (وصحابتهم) لدخلو حائل


وبدأ عبد العزيز آل سعود وبرسي كوكس وجون فيلبي وقادة "الإخوان" يتحفزون للدخول إلى حائل، والخوف والترقب ظاهر على وجوههم، لأنهم حتى ذلك الوقت كانوا يعتقدون أن كل ما جرى مجرد خدعة من ابن طلال للإيقاع بهم. وقال ناصر الدوخي أحد المقاتلين مع ابن سعود: (لقد كنا نستعد للرحيل عن ضواحي حائل، وان عبد العزيز بن سعود كان يتوقع تطويقه، ولو أن هناك مقاومة حدثت في اليومين السابقين لدخول ابن سعود إلى حائل لهربنا، لكن جميع "المناظر" مراكز الحراسة والدفاع عن حائل، قطعت عنها المؤن والذخيرة من الداخل، واستدعي كل من فيها من قبل الذين كانوا يتعاملون مع ابن سعود في حائل).. ويقول فهد المشاري أحد المسؤولين عن مراكز الحراسة في حائل: (لقد خلصت ذخيرتي وجماعتي فطلب مني إبراهيم السالم السبهان ـ بصفته المسؤول عنا ـ التوجه إلى مدينة حائل ومقابلته لاستلام ذخيرة، وحينما دخلت بيته وجدت ـ سعود العرافة آل سعود ـ في بيته، فقلت هذه خيانة كبرى: كيف تدخلون سعود العرافة، في حائل ونحن ما زلنا نقاتل هؤلاء الأعداء؟. فقال: "إنها ليست خيانة انها حقن دماء"! قلت: والله لو أن في بطن بندقيتي "أم خمس" رصاص، لأفرغته في رؤوسكم، ولكن لا شيء فيها!..).. قد تكون غلطة من هؤلاء لا خيانة، وان ما فعلوه في مراسلة ابن سعود ما هو إلا مجرد "اجتهاد منهم" وانها ليست خيانة في نظرهم، لكن الخيانة وليدة الأخطاء، وخطأ واحد يمهد الطريق إلى خيانة كبرى، خاصة فيما يتعلق بمصائر الأوطان..

الهوامش:

1 ـ لا يفوتني أن أسجّل بكل تقدير للشيخ حمود الحسين مواقفه الوطنية الكثيرة وخاصة عام 1962 في سبيل بلاده ضد جرائم جزّار حائل عبد العزيز بن مساعد الجلوي الذي قاطعه الشعب مراراً طالباً ابعاده.. ناصر.

2 ـ الزبارة، نخيل يقع في جنوب حائل يملك القسم الأكبر منه ابراهيم السالم وقد أطلق عليه اسم جيله، وهناك قسم من النخيل يملكه الشويعر وهو محاذ للزبارة. وفي هذه الأماكن عسكر جنود ابن السعود باتفاق مع المترفين أو ما يعرف باسم البرجوازية الآن.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م