مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 22-04-2006, 02:54 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

فلسطين في عيني!

وهي العين التي أشار باصبعه عليها عندما جاءه وفد فلسطين عام 1947 طالباً قطع البترول عن الغرب والصهاينة للضغط على أمريكا!، وقال عبد العزيز قولته المشهورة (انني أحافظ على فلسطين في عيني.. ولن تضيع فلسطين إلاّ إذا ضاعت عيني هذه!) وضاعت فلسطين كما ضاعت عين عبد العزيز.. وعندما قيل لعبد العزيز بعد ضياع فلسطين، لقد ضاعت فلسطين التي تعهدتها بعينك، قال: لن أكون أول من أضاع فلسطين ولا آخرهم.. أما عن المرأة الشمرية التي أضاعت عين الطاغية عبد العزيز، فلم يجرؤ هذا الطاغية على أن يمسسها بسوء لشعوره بالذنب والجريمة ولخشيته من تسرب الخبر. وقد اعتبرها إهانة له في هذا اليوم "من امرأة عربية شمرية" أرادت الأخذ بثأر رجالها عندما خانهم بعض الرجال بقصد ساذج أو خبيث، بل أشاع هذا الطاغية ان ما حدث لعينه لم يكن إلا (نظرة من عين حسود أصابته بعينه لهذا الإنتصار!!)، فسرح المرأة فوراً ولا أقول طلقها لأنه ليس بينه وبينها عقد زواج كما هو الحال في كل زيجات آل سعود (ألا يجوز أن يقال أنهم بهذا اولاد زنا؟)..

أما عن أهمية سقوط حائل بيد الاحتلال الانكلو سعودي، فقد قال السير برسي كوكس (لقد انتهى عهد الرعب وشغلنا الشاغل، انتهت حائل وقبائل اسمها شمر لم نحس قبل سقوطها بالإطمئنان.. حقاً لقد كان عبد العزيز المتعب الرشيد مستهتراً حينما قال له بعض أصدقائه بعد أن استولى ابن سعود على القصيم: دعنا نقاتل ابن سعود ونهاجمه فنحن قوة وابن سعود لا زال ضعيفاً قبل أن يمده الإنكليز ويصبح في عيونهم شيئاً. فكان رد عبد العزيز ابن رشيد ساخراً من الناصحين بقوله ـ ابن سعود رنب مجحره ـ ابن سعود لا يمكن أن يفلت من يدي أي ان ابن سعود أرنب في جحرها، وما دامت الارنب في جحرها، فهي مضمونة للصياد وسأصطادها متى شئت!.. وكان قد اصطاده ابن سعود)..


بعض الاسماء من آلاف الشهداء



وها هي الآن أسماء بعض الآلاف الذين استشهدوا في مجازر النيصيّة والجثمانية والصفيح والوقيد وضواحي حائل وسهالها، وراحوا ضحية الواجب الوطني والغدر الإنكليزي السعودي الآثم، ومنهم: الشهيد فهد سليمان العيسى، والشهيد فهد العبده، والشهيد صالح العيد، والشهيد عبد الله العيسى السعيد، وعيسى العيسى السعيد (رصاصة حطمت فخذه وتوفي منها فيما بعد بالعراق)، والشهيد حمد العلي السعيد، وسليمان السعيد، وعنبر العنبر، وسليمان النودلي، ومجول العيد الزويميل، وشائغ الملق وعبده الفائز، ودعسان الهمزاني، وسعود المطيلق، ومرجان بلال المرجان (أشعلوا فيه النار هو وسبعين شخصاً معه)، وصالح الضبعان (ورفاقه ثلاثون شخصاً مثلوا بهم) ومهدي البلال، (والعودي وأولاده ـ وجماعته وعددهم 47 شهيداً جمعوه وأحرقوهم بالنار)، والشهداء دعيع وطاهر، ومهدي أبو شرين، وسلامة وشقيقه ناصر العنبر، وجابر الشعلان، وحماد الشعلان، وعثمان المشاري، ومسفر المتعب، ومنديل المهوس، وفهيد المنيع، وفالح الحيص،وعامر وغانم الكوش، ومرشد المسلط، وعبد المحسن الشومر (وجماعته مائة وستون أحرقوهم بالنار أحياء) وإبراهيم العريفي (ومائتان وثلاثة وأربعون معه قتلوهم وسرقوا ثيابهم وأحرقوهم). هؤلاء ممن استشهدوا في مجزرة النيصية، أما الذين استشهدوا في مجزرة الجثامية فمنهم الشهداء: عارف الغلث، وفرج السعود، وساطي المسيعيد،وثاري البجيدي، وعلي العايد، وفهد السعيد، وسلام الطالب، وفهد الهشال، وجروان الأحمد، وسليمان المهدوس، وفرج الجيش، وإبراهيم السهيل، وعلي الجميعة، وإبراهيم الصلحاني، وخلف النعيم، وعبد الله البريط، وغيرهم من اللاف الذين سيكتب الشعب أسماءهم العربية في سجل الصديقين والخلود مع (400 ألف شهيد) من أبنائه في كافة أنحاء الجزيرة العربية، قتلهم الآثمون السعوديون والإنكليز في معارك تربة والطائف والجوف والحفر والحجاز ونجد ومن معظم القبائل..


كما شردوا من شعب الجزيرة العربية ما يزيد عن المليون ونصف مليون مواطن إلى أنحاء آسيا وافريقيا وكافة البلاد العربية، وهناك بطولة استشهاد لا ينساها شعبنا، تلك هي بطولة استشهاد القائد البطل ضاري بن طواله رئيس عشيرة (الأسلم) من قبيلة شمر.. لقد نزح ضاري بن طوالة مع من نزحوا من عشائر شمر عن حائر لخلاف بينه وبين سعود آل رشيد، ولكن ضاري بن طوالة ما أن علم بحصار حائل من قبل السعوديين حتى توجه من الكويت إلى حائل رغم ما بينه وبين آل رشيد من خلاف، جعل ابن الرشيد يهدد ضاري بن طوالة بالقتل.. توجه البطل ضاري بن طوالة ليدافع عن حائل، وأخذ واخوته يحارب كل من في طريقة من السعوديين وأتباعهم حتى وصل إلى ياطب (30 كم تقريباً شرقي حائل) وهو يقاتل الخونة بشدة. وفي ياطب أطلق عليه أحد عملاء الإنكليز السعوديين الذي رافقوه رصاصة غادرة أردته قتيلاً.. ولم ينس حتى وهو يلفظ أنفاسه الطاهرة أن يوصي قومه بمواصلة القتال في سبيل الوطن..

وكانت آخر كلمات هتف بها البطل واختلطت بحشرجات روحه الطاهرة قوله المأثور: (هذا هو عذري منك يا حائل. هل تقبلين بهذا العذر؟ إنني مت دفاعاً عنك ولم أخونك ولم أتركك وحيدة، ولو لم يقتلني هذا الشقي اليوم في حماك لكتب لي الموت غداً في جوفك، فوالله لن أقف على قدم من بعد سقوطك، ولن أحيا بعد أن يتسلمك الأعداء، وإن تركتك غضباً على حاكمك فلم أتركك غضباً عليك) فلتعش يا ضاري بن طوالة البطل مع الشهداء والصديقين خالداً شهيداً..

ولم تكن قصة هذا البطل هي الفريدة من نوعها على أبناء شعبنا، فكم من جندي باسل شجاع استشهد.. أما من نجا من المجاهدين في حائل، فلم يستسلموا للطغيان السعودي، بل ذهبوا إلى الحجاز ليشاركوا شعبنا هناك شرف الجهاد، ونذكر منهم البطل الشهيد صالح السعد الله، الذي لم يستسلم للسعوديين فهرب من حائل إلى الحجاز، ليشن هجمات فدائية على مخيمات ومدافع الإنكليز وابن سعود في الرغامة بجدة، حتى استشهد البطل هناك بعد أن شن هجمة من هجماته المتعددة على مخيم ابن سعود نهاراً، حينما ألقى القنيلة من يده على شخص اسمه صالح الذعيت، كان زميلاً لصالح السعد الله في الجهاد وهرب مع الأمير عبد الله المتعب الرشيد قبل سقوط حائل، فبقي مع ابن سعود وقد اتهمه صالح العبد الله أن الذعيت قد أصبح يحارب مع ابن سعود ضد شعبنا في الحجاز، رغم أن الذعيت هو الذي سبق له قطع رأس الكابتن شكسبير قائد جيش الأخوان السعوديين..

فهجم صالح السعد الله على صالح الذعيت مقتحماً تحصينات الإنكليز وابن سعود، وتحدث مع الذعيت وجهاً لوجه بقوله: (أنا صالح السعد الله يا لذعيت: هل تذكر جهادك الأول، هل تذكر أنك أنت الذي هجمت بسيفك على مدفع الإنكليزي شكسبير قائد جيش ابن سعود وذبحته في معركة جراب التي هزمنا فيها جيش العدو الإنكليزي عبد العزيز بن سعود؟.. أخس يا لذعيت يا بياع بلاده.. ولكن خذها ثمناً لخيانتك يا لذعيت)، فألقى عليه قنبلة مزقت أحشاءه، ثم راح البطل صالح السعد الله يهرول ويحمي مؤخرته بعض رفاقه، ولكن رصاصة سعودية غادرة لحقت به من الخلف فأردته قتيلاً، واستشهد البطل ولم ترفع جثته من الارض التي سقطت عليها مدة تزيد على شهر، حتى أنها تيبست دون أن تدور أو تلحق بها عفونة.. أما قبائل شمر المجاهدة فقد هاجر منها قرابة الخمسين ألفاً إلى العراق وسوريا والأردن.. وأما ابن سعود فقد خان كل عهوده ومواثيقه "ولحس" تلك المعاهدة التي وقعها هو والمتآمرين معه بقصد أو غير قصد.. ولكنه وضع الشيخ إبراهيم السالم السبهان حاكماً على حائل إلى حين.


وخان عبد العزيز آل سعود عهده ومعاهداته


بعد أن قال عبد العزيز آل سعود في كلمة ألقاها في حشد من أهل حائل: (أنا لا أريد أن أنصب عليكم من لا ترضونه ـ يا أهل حائل وشمر ـ وقد قال لي البعض نصب علينا أحد أفراد أسرتك، لكني أقسمت أن لا يحكمكم أحد من أفراد أسرتي، لأنني غير آمن أن أولي عليكم أحداً منا، والسبب قد لا تستطيعون شكواه إلينا فيما لو ظلمكم وأخل بهذه الشروط بيننا وبينكم، أو ارتكب أي ذنب لأننا ندّعي أننا أخذناكم بالسيف، فالحقيقة أنه لو ما تفاهم عقلاؤكم لطالت الحرب بيننا وبينكم، وربما ننجح بدخول حائل وربما لا ننجح، ولكن هذه إرادة الله!.. وقد وافقنا على كل طلباتكم وهذا هو إبراهيم السالم منكم وفيكم، اطلبوا منه ما تريدون وما ترونه نافع وهو سيوصل الأمر إلينا)! الخ، فلا تعجب لهذه الحيل والخداع السعودي، فالاحتلال السعودي ما قام إلاّ على الحيل والخداع وما زال الخداع شريعته.
وفجر عبد العزيز بقسمه ونقض اتفاقيته مع أهل حائل وتبعته ذريته من بعده
وما هي إلا مدة قصيرة جداً حتى عزل ـ ابن سعود ـ "صاحبه الحائلي" ابراهيم السالم السبهان واستبدله بابن عمه جزار منطقة حائل الشهير عبد العزيز بن مساعد الجلوي، الذي أخذ يسوم الشعب وقبائل شمر والمواطنين سوء العذاب والارهاب، ويسرق خيرات الأرض وحقوق الفلاحين والبادية والمواطنين ويعتبر أن الأرض كلها ملكه قد أقطعه إياها ابن عمه عبد العزيز آل سعود، وكذلك البراري كلها حماه لا ترعى بها إلاّ أغنامه وإبله وخيوله التي صادرها من القبائل والمواطنين، والويل لمن يمر من البشر في هذه الأرض التي سماها "حماه".. وخابت آمال الذين ادخلوا ابن سعود إلى حائل ظانين انه سيورثهم الأرض ومن عليها!.. وقد نلتمس العذر لهؤلاء "الرجال" الذين سلموا "أمهم" حائل لابن سعود وعلوجه بغفلة من أهل حائل. وقد زعم هؤلاء الذين "قادوا" ابن سعود (انه سيبدل صحاريها بجنات تجري من تحتها الانهار..)، ولكن حائل لا زالت كما كانت عليه من ظلم وتأخر وأمراض وابن مساعد وآل سعود. وقد أثبت التاريخ أنّ الشعب في حائل لم يرضخ لطغيان عائلة آل سعود، فكم مرة ثار وثارت قبائله ثورات هزمت قوائم عرش الظلم رغم أنه لم يكتب لها النجاح، لأنها لم تتجاوب معها بقية الأقاليم والقبائل.



ثورة غريب العفري
من هذه الثورات، ثورة الشهيد البطل غريب العفري الشمري، الذي أعجز الطغيان السعودي، وجزاره عبد العزيز مساعد الجلوي مدة من الزمن، رغم أنه لم يكن مع هذا البطل إلا شقيقه ذغيليب وخمسة من ثوار شمر الأحرار، وقد وقع في كمين نصبه له عدد كبير من خدم ابن مساعد فشدوا وثاقه وساروا به ليلاً حتى شارفوا على مدينة حائل، وعندها اطمأنوا فناموا وتركوا البطل الذي لم ينم، وبينما هم يغطون في نومهم لحق بهم شقيقه ذغيليب العفري الذي كان يرقبهم، ويتتبع خطاهم، وقطع قيد أخيه وقاما معه بتجميع سلاح خدم ابن مساعد، ولما انتهيا من تجميع السلاح كله صرخ فيهم "غريب" قائلاً: (أنتم تنامون لأنكم لا تذكرون لكم بلداً يحتلها آل سعود.. وتنامون لأنكم خدم للمعتدين آل سعود.. أما أنا فلا أنام، وإن نمت أحلم ببلادي وأفيق على هذا الحلم الذي يفزعني، ولهذا أصبحت شجاعاً أستطيع أخذ أسلحتكم منكم بالإيمان القوي، أما أنتم فلا تستطيعون استعادة أسلحتكم مني وأنتم جمع غفير لأنكم خدم الأعداء كما قلت، خدم الطغاة الذين يركضون بلا هدف خلف ثائر مثلي لتسلميه لأسيادهم مقابل أجر تافه يدفعه لهم الطغاة. لهذا تنامون وان غتم فلا حلم لكم إلاّ ((بالشرهة)) والاجرة التي سيدفعها لكم ابن مساعد مقابل القائكم القبض على ثائر شريف. لكني لن أترككم تقبضون أجركم كثمن لرأسي الثمين ولن أقتلكم رغم أنكم تريدون قتلي، فاذهبوا إلى سيدكم وأخبروه.. أذهبوا بلا سلاح وبلا ابل تركبونها..).

بعد ذلك ساقهم بعيداً بعد أن طلب من كل واحد أن يربط يدي زميله إلى ظهره وتركهم.. وراح هو وشقيقه في سبيلهما الثوري.. أما الخدم فراحوا إلى الجلاد ابن مساعد الذي حلق ذقونهم، وسود وجوههم كعقاب لهم، وجلدهم وأعادهم لمطاردة الثائر مرة أخرى، مع عدد أكبر منهم بقيادة ناصر بن دوخي، ومع ذلك فلم يتمكنوا من اصطياد البطل، رغم أنهم طوقوه من كل جانب إلا بعد أن انتهى ما معه وشقيقه من ذخيرة، حيث أصيب شقيقه ذغيليب وتمكن من الهرب، أما غريب فقد أقتادوه الزبانية إلى جزار حائل ابن مساعد.
  #2  
قديم 22-04-2006, 02:56 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

فأرسله مكبلاً باسلاسل إلى ساحة السوق، وكان البطل يسير بين المواطنين وهو يدرك أنه يتجه للقاء الموت، لكنه كان يبتسم بكل شجاعة وإيمان، فالتفت إلى الخدم الذين ضايقوه وقال (لا تفرحوا يا خدم المجرمين فان لي جماعة سيأخذون بثأري)!.. وكان يعني "بجماعته" جموع الشعب التي كانت تنظر له باعجاب بينما هو مقيد بالحديد!، وكنت آنذاك صغير السن، أقف بين ذلك الجمع الكبير الذي شاهد إطلاق الرصاص في رأس هذا البطل، لكننا ماذا نملك غير ترديد اللعنات على آل سعود بأصوات عالية مع كل رصاصة تنطلق صوب رأسه وصدره الشجاع، وراح البطل غريّب العفري شهيد شعبه، هذا الشعب ـ الشهيد ـ الذي قدم الآلاف من أمثال غريب العفري، ممن خلقوا في نفوسنا ثورة منذ سني الرّضاع الأولى، لن تنطفئ نارها حتى تحرق الظالمين.
والشعب في حائل لا يكن لعهد الحريم أي احترام، فعندما توفي الطاغية عبد العزيز، واستورث ابنه سعود الشعب والأرض والعرش من بعده، وأخذ يدور على كل المناطق مخادعاً الشعب بطلب "البيعة" منه، لم يبايعه الشعب، وإنما بايعه نوع معين من المتزلفين..

ولم أنس تبرم الشعب في حائل عام 1373 ـ 1954 بمثل هذه "البيعة" التي جاء سعود يطلبها منهم، وكنت وقتهاً منفياً من الظهران إلى حائل، بعد أن قام العمال باضرابهم الشهير بتاريخ 17 اكتوبر عام 1953، مطالبين بإخراجنا من سجن العبيد، حيث لم يرجع العمال إلى العمل، ولم يتوقفوا على الاضراب إلاّ بعد الإفراج عنا.. وبعد ن أفرج عنا، أخذت علينا تعهدات بأمر الملك سعود بواسطة ـ عبد الله بن عيسى وكيل الأمن العام الذي أخذ هذا التعهّد علي ـ ونصه: (أنا الموقع فلان.. أتعهد للدولة بأنني لن أخرج من خلف سور حائل، وإن خرجت من منفاي هذا فإنما أهدر دمي وأحل للحكومة قتلي)!

..فأمرني وكيل الأمن العالم في الظهران بتوقيع هذا التعهد، والحديد ما زال بيديّ، والقيد برجلي، كما وقعه بقية الأخوة؛ فوقعته وضحكت وقلت: ان هذا التوقيع أو عدمه سوف لن يمنع العصابة السعودية من قتلي إذا أرادت، وإنما هو احتياط شكلي اتخذ للإفراج عنا والتخلص منا بعد موقف العمال الأبطال، والذي أضحكني هو ما ذكر بهذا التعهد السعودي: "سور" حائل، فرجال هذه العصابة لم يعرفوا أن هذا السور قد هدم منذ أول يوم للإحتلال السعودي المشؤوم.. وقد أخبرت وكيل الأمن العام عبد الله بن عيسى بذلك وقلت له: (أن هذه الدولة التي أخذت علينا تعهد الموت جاهلة في بلادنا وخبرتها عتيقة!)..

ووصلت إلى حائل مقيد اليدين بتاريخ 10 نوفمبر عام 1953، وفي الطريق بلغنا نبأ وفاة الطاغية عبد العزيز من الإذاعة في ضحى 9 نوفمبر 1953. ولم أخف سروري بهذا النبأ، ولم أترحّم على الطاغية طبعاً، وإنّما جهرت باللعنات عليه أمام جمع من شعبنا احتشد في مدينة بريدة حول السيارة التي نقلتنا إلى حائل..

وبلغنا أن الملك سعود سيقدم إلى حائل لاخذ "البيعة" له بعد والده، ورأى بعض الأخوة أن أعدّ كلمة البلاد ـ أي كلمة الشعب ـ لإلقائها أمام الملك، وأعددت الكلمة. وعلم حاكم حائل، جزار الشعب عبد العزيز بن مساعد الجلوي بذلك، فاستدعاني لمقابلته، وقابتله في قصره وطلب مني أن أعراض الكلمة عليه، فعرضت كلمة موجزة لم يفهم منها شيئاً، لأنه لا يفهم (أي شيء) غير القتل والارهاب وتجميع صفائح الذهب وممارسة النكاح، وامتلاك الجواري والعبدات فقال لي: (يجب أن تحذف منها كلمات الفقر والجهل والظلم والمرض) وأردف يقول: (ولا تلقها باسم الشعب والعمال وأهالي حائل، وإنما باسم الأمير ابن مساعد والإمارة، ويكون إلقاؤها في قصر الإمارة عندما يزورنا الملك في القصر، فهذه كلمة زينة!).

قلت له: لا ـ طال عمرك بعض أبناء الشعب طلبوا مني إلقاء الكلمة بإسم الشعب، وسوف ألقيها باسمه، أما كلمة الإمارة فهناك من يلقيها غيري.. ولما رآى الطاغية ابن مساعد اصراري، رد علي وهو يهز رأسه غير معجب بمعصيتي له بقوله: (بهواك بكيفك). قلت: هذا هو كيفي، وانسحبت منه.

وفي يوم 10 / 12 / 1953 وصل ركب الملك سعود إلى حائل، وشيد له السرادق في جنوب حائل في مكان اسمه "نقرة قفار"، فألقيت كلمة أمامه لم ينتبه لما جاء فيها نظراً لكثرة الضوضاء وازدحام الخدم حوله، وعدم وجود مكبر للصوت، ونظراً لقلقه وخوفه، ولأنه "متعب" كما يقول.. وتحرك ركبه حيث ضربت الخيام لخدمه وأتباعه في مكان اسمه "الوسيطاء" غربي حائل، وأصدر أوامره باحضار عدد من الحريم إلى قصره المتنقل معه أينما حل وارتحل، والمسمى باسم "الصالون) وأحياناً باسم (الحمام).. وتزوج تلك اليلة بثلاث من النساء على الطريقة السعودية المعروفة.

وفي يوم 11 / 12 / 1953 وجهت له دعوة من قبل مدرسة حائل، وقمت باعداد تمثيلية بعنوان: الفقر والجهل والمرض، لتمثيلها أمامه، غير أن الأوامر أتت قبيل وصوله بالغاء هذه التمثيلية.. وفي الساعة الواحدة ظهراً وصل الملك إلى المدرسة المذكورة وحضر جمع غفير من أبناء حائل، بالإضافة إلى من حضر معه من أخوته وجزاريه وخدمه، ومنهم عبد العزيز بن مساعد.

فألقى الزملاء بعض كلمات الترحيب أمامه، وما أن جاء دوري في الكلام، حتى أمر خدمه بإيقاف ما تبقى، لأن "جلالته" كما يقولون "متعب" ويريد إنهاء هذا الحفل، وحاولت أن ألقيها ولكنني منعت من قبل العقيد المرحوم محمد الذيب ياوره الخاص، فدفعت الذيب بيدي وتقدمت للملك وقلت: أن لديّ "كلة يا طويل العمر"، وقد منعني حرسك من القائها بحجة أنك متعب، وشعبنا في حائل يعلم أنك لم تأت هنا للسياحة وشم الهواء، وإنما جئت لأخذ البيعة، وفي هذه الكلمة التي منعت من القائها أشياء مهمة عن البيعة يجب سماعها، لأنك كنت متعب يوم المجيء ولم تسمعها.. وكأن الملك قد أعطى الأوامر لقيامه، وتحرك بالفعل من مقعده لترك المكان، ولكنه عاد للقعود ثانية وقال (تفضل تفضل ألقها) وهذا نصها:

كلمة الشعب

(باسم الله الحق، باسم العمال المعذبين، باسم الفلاحين الذين أصبحوا فريسة للمرابين، باسم الجنود الظافرين، باسم البدو المشردين، باسم الشعب العظيم، الشعب الذي حرم من نور العلم طويلاً يا طويل العمر!!:

يا سعود بن عبد العزيز.. دعني أناديك باسمك المجرد من الجلال والجلالة (فزخرف القول غروراً)، والذي لا يجلّه شعبه لا تجله الألقاب الزائفة، بل ولا يجله الله أبداً!!.. أن رضى الشعب هو رضى الله، ولن يرضى الله سبحانه على من لا يرضى عنه شعبه، لذا أقول لك.. يا سعود؟.. هل تجشّمت مصاعب الطرقات الخربة الوعرة ذاهباً إلى الحجاز وعسير وتهامة جنوباً، عائداً إلى الجوف وحائل في أقصى الشمال، متجهاً إلى القصيم ونجد، والاحساء والقطيف والجبيل في سواحل الخليج العربي شرقاً. أقول: هل تجشّمت هذه المصاعب والطرقات الوعرة الخربة "يا وريث الملك من أبيه" بقص الدعاية لنفسك، أم الترفيه عن نفسك؟، إذ ليس في مئات المدن والقرى والصحارى التي مررت بها إلا الفقراء الذين رأيتهم ـ يمدون أيديهم المقطوعة والموشكة على القطع ـ يمدونها إليك ضارعين من الفقر والجوع والمرض والجهل اللعين..

وكان بامكانك أن تقطع هذه المسافات بالطائرات، لكنك قطعتها بالسيارات.. ولهذا نحاول اقناع أنفسنا: بأنك جئت حسب الظن بقصد الإطلاع على ما يلاقيه شعبنا في كل أنحاء بلادنا المنكوبة المرزوءة بالظلم والعراء والمرض والشقاء والفقر. والبطالة وخراب الديار، وعرفت أنت بنفسك بعد أن تكسر العديد من سياراتك بهذه الرحلة، أنه لا يوجد طريق واحد معبد في البلاد، كما تعرف أنت أنه لا يوجد علاج ولا معالج ولا ماء نظيف صحي ولا دواء ولا عمل ولا مساكن تليق بالإنسان وكرامة الإنسان.

وهذا ما جعلك تسكن في الخيام في كل مدينة تحل بها بما فيها حائل، لعدم وجود ما يصلح لسكناك كملك من مساكن شعبنا الحقيرة.. وكنت قد أعددت مع أخوة لي من الطلاب تمثيلية بعنوان: "فقر وظلم وجهل ومرض"، لأعرض أمامك بطرق تمثيلية هذه المهازل والجرائم التي يلاقيها كل شعبنا، حضره وباديته الكريمة من جراء الأدواء الأربعة اللعينة.. الجهل والمرض والفقر والظلم، والحكم الباطل الذي خلق الأربعة وغيرها، وفي النهاية أعرض كيف يكون القضاء على هذه الأدواء وأسبابها، وأبيّن أخيراً أنه لا طريقة للقضاء على هذه الأمراض اللعينة ومسببيها إلا السيف، أي الثورة على هذه الأدواء.
  #3  
قديم 22-04-2006, 02:57 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

وأدعوك يا سعود إن شئت، إلى أن (تقوم بهذه الثورة أنت)، رغم علمي اليقين أن الثورة بحاجة إلى رجال ثوار قد صارعوا الأدواء وذاقوا آلامها، إذ يصعب على من لا يعيش الألم تحقيق الأمل.. كنت أريد أن أعرض عليك يا سعود هذا في تمثيلية الفقر والجهل والمرض والظلم، لعلك تضحك فتتذكر فتبكي، ولكن التمثيلية ألغيت في آخر لحظة لأنك مرهق ـ كما قيل لي ـ، بالإضافة إلى عرض هذه عليك علانية وبهذه الجدية، فصديقك من صدقك..

بالأمس الأول كنت قد ألقيت كلمة البلاد وقلت فيها بعض ما أقوله الآن، وكان مطلعها موجه: باسم حائل قراها وباديتها.. باسم العمال المشردين.. باسم الشعب العظيم، غير أنك لم تسمعها جيداً لكثرة ضوضاء المكان.. ولقد عجبت عندما نودي علي يوم أمس في قصر الإمارة ليدفع لي مبلغ 500 ريال سعودي، ويدفع للخطباء الآخرين 200 ريال، ولما سألت عن السبب لدفع هذه المبالغ، قيل لي أنها ثمن الخطب!..

أما أنا فرضتها بالطبع رفضاً لا عودة فيه، وقلت: أن كلام الشعب لا يباع ولا يشترى، وإنما ينفذ بالقول والعمل، ولو أردنا الدراهم لعشنا كما يعيش أصحاب الملايين بما عرض علينا من مقاولات في شركة أرامكو، لكننا كنا ننفق مرتباتنا كلها على الحركة ولمصلحة العمال، وكنا نبقى بلا طعام إلاّ ما يتفضل به اخوتنا العمال علينا باطعامنا مما يأكلون، وهذا فقد شردنا وعذبنا وسرحنا من العمل، وقيدت أيدينا وأرجلنا وأعناقنا في مقبرة سجن العبيد، وصدر أمركم باعدامنا ـ كما بلغنا ذلك من وكيل الأمن العالم في الظهران ـ لو لم تحدث معجزة الافراج عنا نتيجة اضراب العمال الذين لم يجعلوا لهم من مطلب سوى إخراجنا من السجن.

حتى أن العمال قد سجنوا سجناً جماعياً خلف الأسلاك الشائكة في وهج الشمس المحرقة، وقطع عنهم الماء ومنع الطعام، ثم سمح لهم أخيراً بالطعام ـ ولكنه طعام السم يا سعود ـ هل لا تصدق؟. لقد وضع لهم السم في طعام ذل المطعم المسمى (مطعم أبو ربع ريال)، ومات سبعة عشر من العمال، وقد أسعف الباقون بغسيل بطونهم، وادعت شركة أرامكو الاستعمارية أنه حدث لهم تسمم غير مقصود، لأن قدور الأكل غير نظيفة!، ولكنه تأكد من أقوال أحد الأطباء العرب الفلسطينيين الذين يعملون لدى شركة أرامكو نفسها وكشفوا، ضمن الأطباء الذين كشفوا على حالة العمال المتسممين، أن التسمم حادث عن سمّ حقيقي عثروا على بقيته، وثبت هذا وأنا على أتم استعداد لأن أثبت لكم كل ما أقول..

ولا غرابة، فهذا جزء مما يلاقيه عصب الحياة وأشرف خلق الله: العمال.. العمال الذين هم الشعب كله.. العمال الذين أخرجوا هذا البترول وما يتبع البترول من نعيم لينعم به غيرهم، أما هم فلهم السم الزعاف. أنني أحدثك يا سعود بما حدث وما سيحدث اذا استمرت الحال كما هي عليه الآن.. لقد انتهى عهد والدكم عبد العزيز المظلم وجاء عهدكم الزاهر كما يقال!.. كان كل من يرفع يده أو رجله باشرة عدل، أو يحرك لسانه أو طرفه بشهادة حق، يفقد رأسه أو يده أو رجله أو لسانه أو عينه، إما بمغريات المال وأما بالسيف المميت.. وإذا حدثت لكم "المبايعة" مكان والدكم فلا يعني ان هذه المبايعة" هي: استبدال عهد مظلم بعهد مظلم.. ولهذا نرجو أن يكون عهدكم الجديد زاهراً ـ كما يقولون ـ، لأنه ما من أحد من زار بلدان العالم أكثر منكم، ولعلكم بهذه الزيارات قد عرفتم أو سمعتم أو رأيتم كيف تحكم بلدان هذا العالم وتساس.. بل ان هناك بلداناً أخذت استقلالها قريباً أو أنشئت من عدم، فأصبحت أكثر من بلادنا تقدماً وازدهاراً وتحرراً وحرية وإسلاماً!.. ولهذا نريد من عهدكم أن يكون زاهراً!!.. ولا يمكن لأي عهد أن يزدهر ما لم يقر بحقوق الشعب كافة، ويتسلم الشعب إدارة بلاده. بنفسه وعقله وأيدي أبنائه المخلصين، ولمن يحقق هذه المطالب.. يمنح شعبنا الثقة لا ـ البيعة ـ، فالبيعة عادة لا تأتي إلا عن طريق البيع والشراء.. والبيع والشراء لا يذكر إلا ويذكر إلى جانبه العبيد ـ والمال.. والمال خراب الذمم.. أما الثقة فتمنح بناء على ما يلي:

1 ـ شهادة حسن السيرة والسلوك القويم للشخص الذي يمنحه الشعب ثقته ليكون لها أهلاً..

2 ـ ايمان من يمنح الثقة بالمثل العالية والمبادئ الإنسانية العادلة التي جاء بها الرسل والأنبياء.

وبعد هذا نطرح فيما يلي: مطالب شعبنا التي بموجبها يمنح الثقة لمن هو أهلها، ليكون الشعب وحده هو المسؤول عن حكم نفسه بنفسه..

1 ـ اقامة مجلس للشعب، أي "برلمان" حر، ينتخب الشعب أعضاءه انتخاباً حراً ممن رضي الشعب عنهم.

2 ـ يضع أعضاء هذا البرلمان الحر بعد انتخابهم، دستوراً للبلاد تحكم البلاد بموجبه، ولن يشذ هذا الدستور عما جاء به القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة وروح العدل الذي دعا بها رسل الحرية والإنسانية…

3 ـ يسن هذا البرلمان الشعبي كل القوانين والمراسيم والتشريعات، التي ستلغى بموجبها جريمة بيع وشراء الإنسان للإنسان، جريمة تجارة الرقيق الذي لا يوجد في أي بلد من بلدان العالم، كما يوجد في بلاد كان شعبها فيما مضى قد حرر الإنسان من عبودية الأوباش في ثلاثة أرباع العالم. انها بلادنا وشعبنا يا طويل العمر؟.

4 ـ يسن ممثلو الشعب في مجلس الشعب، قانوناً يحرم جريمة قطع الأيدي والأرجل، فهذه الجريمة لا تطبق إلا بحق العمال والفلاحين والجنود، والعاطلين عن العمل من أبناء البادية المعذبين، ومن لا يجدون لقمة العيش، والمضحك أن من يطبقها هم الذين ينص القرآن الكريم على أن تطبق بحقهم. أنهم اللصوص الكبار الذين أصبحوا حكاماً.

5 ـ تلغى عقوبة جلد المواطنين بالطرقات وغير الطرقات وتستبدل بالأعمال والتعليم والتهذيب مكان التعذيب، وتحال السجون إلى مدارس لا يدخلها إلا من تثبت تهمته بعد مذكرة توقيف عدلية، وبعد التأكدات اللازمة والتحقيق النزيه بأنه يستحق حكم القضاء.

6 ـ يصدر قانون عمالي ينص بانتخاب نقابات عمالية نزيهة، يجمعها اتحاد عمالي واحد نزيه، يكون هو المسؤول أمام الحكومة، ويتولى الدفاع عن حقوق العمال المهدورة التي ستبقى مهدورة بدونه إلى الأبد.

7 ـ الغاء اتفاقية قاعدة الظهران الذرية، والاستغناء عن الجيوش الأمريكية الأجنبية بجيش عربي قوي، مسلح بأقوى وأحدث أنواع الأسلحة، يحمي البلاد التي لا يمكن أن تحميها قوى الأجانب والاعداء، الذين باعوا وأضاعوا فلسطين العربية، والتي لا يمكن لها أن تعود إلاّ بقوة العرب ووحدة سلاحهم وأرواحهم.

8 ـ انشاء صناعة خفيفة وثقيلة في كل أنحاء البلاد، والبحث عن المعادن وإدخال أبناء البادية في هذه المصانع. فأبناء البادية يكوّنون 60 بالمائة من مجموع الشعب كله، ويلاقون من العذاب أقسى ألوانه.

9 ـ انشاء بنوك زراعية لاستصلاح الاراضي البور، وإقامة المزارع وتسليمها لجموع الفلاحين الذين هم واقعون تحت أنياب الوحوش وتجار الربا، وتوطين قسم من أبناء البادية المعذبون في هذه الأراضي ليفلحوها.. أما القسم الآخر فيصبحون في المصانع عمالاً.

10 ـ اصدار قانون يفرض التجنيد الإجباري فرضاً على كل مواطن (ولا أقول كل مواطن ومواطنة لأن هذا القول سابق لأوانه في مثل وضعنا الحاضر) ليصبح الشعب كله مسلح أمام الأعداء، وليس في هذا ما يخالف تعاليم النبي العربي محمد بن عبد الله كما يفتي البعض، وهذا ما فرضه علينا الدين.

11 ـ اصدار قانون يفرض التعليم الاجباري على كل ذكر وانثى في كل مراحل التعليم، فهذا ما فرضه النبي محمد علينا فرضاً: (طلب العلم فرض على كل مسلم ومسلمة).

12 ـ اصدار قانون ينص على اطلاق الحريات الديمقراطية، ومنها حرية الصحافة والإجتماع والتعبير ومنع العدوان على حريات الآخرين.

13 ـ اعادة العمال المسرحين إلى أعمالهم ونحن منهم، وعدم تسريح أحد من العمال لكيلا يكون عالة على هذا المجتمع.. وعدم نفي أحد أو اسقاط الجنسية عن أحد.

وعلى مثل هذه الأسس المشروعة في الشرائع العادلة، ووثيقة حقوق الإنسان، يمنح الشعب ثقة الشعب ـ لا يبيعها ـ للحاكم الذي يحافظ على هذه الثقة ولا يبيعها هو أيضاً.

هذا هو الرأي الآني للعمال المشردين يا سعود، رأي الفلاحين المعذبين ورأي الجنود، وراي سكان الصحراء من أبناء البادية الذين سبق لبعضهم أن قاتل إلى جانب هذ الحكم السعودي، ولا زال يطحنهم ظلمه البغيض، وأخيراً، مرحباً بك في بلد الكرام المضايف ـ حائل الجميلة العظيمة ـ حائل بلد الشجعان، حائل الجزء الذي يلاقي ما يلاقيه غيره من بقية أجزاء الوطن، من مظالم وفقر وجهل ومرض، عمّ انحاء الجزيرة العربية كلها، ولا قضاء عليه إلا بحدوث معجزة.. زلزلة تزلزل الماضي والحاضر. فيحيا من يحيى عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، وتبنى البلاد من جديد لتعيش في جنة المستقبل.. جنة المساواة.. جنة الكفاية والعدل. جنة يتساوى فيها الناس في خيرات بلادهم، في كل ما في باطن الأرض وما عليها لكيلا يعيش من لا يعمل عالة على من يعمل، بينما العدل هو أن لا يعيش من يعيش عالة على كدّ الآخرين.. كما تقول الآية: {وان ليس للإنسان إلاّ ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى}.. والسلام على من أتّبع الهدى.

(11 / 12 / 1953م) الساعة السادسة عصراً بالتوقيت المحلي.
  #4  
قديم 22-04-2006, 03:04 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

غضب الملك وافتى باعدامي


كان هذا هو النص الحرفي لكلمة الشعب التي ألقيتها أمام الملك سعود في حفل مدرسة حائل، ولا داعي لإعادة نشر الخطاب الأول الذي ألقيته قبل هذا بيوم واحد، وهو يوم وصول الملك سعود لحائل، نظراً لما بين هذا وذلك من تشابه، وهذا الخطاب كان سبب تعرفي بالضابط الحر محمد الذيب رئيس حرس الملك الخاص، الذي اغتاله ـ آل فهد ـ عام 1959 في ألمانيا الغربية بحقنة لم تكن الأولى من نوعها، وإنما سبقتها محاولات أخرى كان قد أطلعني الشهيد الذيب عليها، وقد التقينا في الظهران مراراً، وفي الرياض، ومنها ثلاث مرات في بيت الشهيد الحر عبد الرحمن الشمراني، وكان الذيب هو الذي ابلغني بالأمر الملكي الصادر بقتلي ليلة 11 / 6 / 1956، واختفيت من غرفتي بينما واصلت الاتصالات بالعمال حتى اضطررت لمغادرة البلاد يوم 18 / 6 / 1956، فاعود الآن إلى يوم 11 / 12 / 1953 وموقف الملك سعود من تلك الكلمة سالفة الذكر.

لم يتركني الملك أتممها.. بل أخذ يصرخ بقوله (كف كفى، أنتم مجرمين أنتم مجرمين أنتم مفسدين)، وتلا الآية القرآنية كإيذان بقتلي: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلال أو ينفوا من الأرض}، ولكنني لم ألق له بالاً، فقد استمريت في قراءة كلمتي رافعاً صوتي إلى أعلى موجاته، متجاهلاً قول الملك رغم سماعي له جيداً، لحرصي على إكمال كلمتي إلى النهاية، لأنني لو توقفت فسأعطي الملك فرصة لمغادرة المكان ومقاطعته للكلمة، وقد بلغت بي الأحاسيس وقتها أن الملك سيقتلني فأردت أن أبيّن للناس: على أي شيء يقتل مثلي، وبذلك اكشف لبعض المخدوعين عن جنون ملوك آل سعود وغدرهم، وكيف أن أحدهم حين يستولي على الملك اغتصاباً، ويعتبره إرثاً لأخوته، ثم يأتي الملك المغتصب الجديد ليضحك على السذج طالباً منهم البيعة! وأي بيعه هذه؟.. وقد قلتها له، قلت: (لا بيعة ولا شراء.. بل ثقة الشعب يمنحها لمن يخدم الشعب لا لمن يخدمه الشعب)!..

وبلغ بي شعور اللامبالاة حينما اشرأبت أعناق الحاضرين تتوقع ما يحدث لي من الملك، فأعطاني بعضهم اشارات بالسكوت!، فتماديت ليعرف الناس ما فعلت وما قلت، ولكي لا أعطي فرصة للملك أن يزيّف ما قلته بالدجل السعودي المعروف، حينما ألقيت الخطاب أمام الملك في حضور الجموع المجتمعة في مدرسة حائل، وكنت قد رفضت مشورة واحد من أقرب حراس الملك المقربين، عندما عرف الحارس بكلمتي قبل أن ألقيها، نصحني بعدم القاء الكلمة في مكان عام وقال: "أنه سيهيء لي فرصة الاجتماع بالملك في مخيمه ـ بالوسيطا ـ، فألقي الكلمة أمام الملك بحيث لا يحضر إلا الوسيط، وعدد قليل من الحرس، وطلب مني أن أخفف اللهجة واستبدل الشدة بتأييدنا للملك وطلب عفوه، وإعادتنا إلى العمل في الظهران والسماح لنا بمغادرة المنفى، وأن لا أعرض في كلمتي مثل هذه المطالب العامة".

ولكني قلت للأخ الحارس المقرب (صالح علي السالم): لا يا عزيزي.. انه سيأمر بقتلي لو تكلمت معه في خلوته، ويلفق أي تهمة يراها ضدي ولهذا سأقولها في أي ميدان أجده أوسع جمهرة من غيره.. وبالفعل وجدت الفرصة سانحة في مدرسة حائل، وربما لم يستطع قتلي لأن الناس قد عرفوا ما أريد.. أو لانه رغم ظلمه وطيشه كان أعقل وأعدل أخوته الذين تبعوه وما زالوا يتوارثون الحكم اغتصاباً من بعده، لكن الملك سعود لم يخف غيظه، بل قاطع خطابي بصراحة أمام الناس كما قلت، ولما لم أعره سمعاً ولا طاعة أمر "ياوره" العقيد محمد الذيب بقوله: (خذها.. خذ الورقة منه)، وكرر قوله لي أمام الناس: {أنتم مجرمين.. إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون ويسعون ويسعون} وعلق لسانه على "ويسعون"، فجاء إلى جانبه مبعوث من الجامع الأزهر كان يدرس في مدرسة حائل ولقنه بقية الآية وهو يبتسم..

أما المرحوم الذيب "ياور" الملك فقد تمكن من سحب الورقة من بين يديّ وسلمتها له، حفاظاً على عدم تمزقها بين يدي ويديه.. وعندما وقفت أمام وجه الملك وقلت له متسائلاً: (من هم الذين يحاربون الله ورسوله؟! ان الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً، ويجب أن يقتلوا ويصلبوا وينفوا من الأرض إلى غير رجعة، ليسوا العمال الشرفاء، وإنما هم أولئك الذين نزلت بحقهم الأية الكريمة وأمثالهم ممن هم أفسد ممن حاربوا النبي محمد بن عبد الله سابقاً.. إنهم الأمريكان في الظهران، أعوان إسرائيل، وأعوان اليهود وأذنابهم في هذه البلاد.. والهيئة الملكية التي أرسلتموها لنا بحجة انصافنا من شركة أرامكو الإستعمارية، ولكنهم ارتشوا من ارامكوا وألقوا بنا في غياهب السجن مما دعا العمال للإضراب مطالبين بالإفراج عنا ومنع اعدامنا، ثم أفرج عنا لكننا نفينا بعيداً عن مناطق نفوذ الأمريكان. والذين يقتلون الفضيلة هم الواجب قتلهم والذين يأكلون الحق ويزيفون الدين هم المفروض تقطيع أيديهم وأرجلهم. إنني أقول الحق وبعد هذا لا يهمني أن تقتلني يا سعود)!.

ولم يتركني حتى أتوقف عن كلاي، بل سحب عباءته التي سقطت حينما وقف غاضباً، وأمسك بيد حاكم حائل الجزار ـ عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود ـ ووقفاً معاً وسعود يردد: (هذا الحفل زين لكن خرّبه ابن سعيد)!.. ومشيت خلفه، ولكن أخاه الأمير محمد بن عبد العزيز أمسك بيدي، وعرفني بنفسه وعلى ابن عمه فيصل بن سعد، وقال: (أنصحك أن لا تتبع الملك، أنني أخاف أن يقتلك لأنها أول مرة يقف فيها مواطن أمام ملك بهذه المطالب، ويتكلم بهذا الكلام أمام الناس. وأنا معكم وأشهد أنكم على حق، وأن قضيتكم راحت وأضاعها الدولار، وثق أنني سأقف معكم، ولكن أترك الملك يروح، وتعالى لي الليلة بعد المغرب في القصر الذي أسكن فيه. تعرفه؟ أنا أسكن في قصر نوره).. قلت له سآتي إليك الليلة. قلتها وأنا أعلم أن كل ما يقوله الأمير محمد لا يخرج عن كونه دجلاً من دجل الأمراء، ولم يقصد إلا سكوتي واسكاتي.

أما الذين حضروا ذلك الحفل فقليل منهم اتهمني بالجنون (لأنه لا يتكلم مثل هذا الكلام إلا فاقد العقل!) كما قالوا، فقلت لهم: كم نحن بحاجة إلى المجانين ليرفعوا عن "عقلاء" الذلة عار المذلة. وكم تمنيت لو أصيب كل شعبنا بالجنون الثوري، الذي سبق وان اتهم به النبي محمد وصحابته وكل الأنبياء، أما قسم منهم فقال "أنني جريء" وقسم أيدني بلا تحفظ. أما أنا فلم أقدم على ذلك ـ حسب شعوري ـ ذلك الوقت إلاّ بدافع من حبي للوطن، وألمي الشديد أن أحيا في بلد يسوده أقذر حكم عرفة التاريخ الوسيط والحديث.. ولا يهمني بعد ذلك من يتهمني بالجنون أو الجرأة أو يؤيدني، فكلهم من "عقلاء" الملذات ما داموا لا يعملون لدحر الطغاة، وقد كنت أبحث عن الموت باسمى طرقه..

أما الأمير محمد بن عبد العزيز فلم يخف "تأييده" لي لدى كل من قابله من أهالي حائل ـ ربما لادراكه أن الأكثرية تؤيد ما قلته وهي ضد آل سعود قاطبة ورحت تلك الليلة إلى الأمير محمد فوجدته يجلس في سطح القصر، ولديه عدد من الأمراء قدمني لهم "بشيء من الثناء" وطلب مني (أن أكتب تقريراً له في كل ما نريد!)، وقدم لي الورق والقلم فكتبت بخط يدي كل ما يريده العمال والفلاحون والجيش والشعب كله واحتفظت بصورة منه.. وقبل أن أسلمه تلك المطالب الوطنية قرأتها عليه ليستوعبها، فقال لي الأمير محمد: (إني مسافر اليوم مع الملك وسأقدمها للملك سعود، وسأقف إلى جانب هذه المطالب!) وأضاف: (ولكنني أطلب منك أن تتوجه إلى الرياض، لتكون قريباً منا وتسكن في ضيافتي عندي في قصري، وسأقوم بكل ما تريدون)!.

ولكن كل هذه الأقوال ذهبت مع غيرها من أقوال الامراء الكاذبة.. وكانت هناك دعاية وهمية يرددها السذج آنذاك عن "طيبة وديمقراطية" هؤلاء الأمراء، أمثال الأمير محمد(2)، وسلطان وفيصل وأولاده، وطلال ومشتقاته، لأن هؤلاء الامراء التجار الكبار إعتبروا الكلام لا يصرّفه أمثالهم الا على الشعب، المستهلك الوحيد لبضاعتهم الكاسدة، بإظهار عطفهم الزائف على الوطن والوطنيين حتى أن الأمير عبد الله الفيصل عندما ذهبت إليه شاكياً الوضع الفاسد بصفته وزيراً للداخلية، استنكر معي ما يلاقيه العمال من ظلم واضطهاد من جراء الحكم الفاسد وشركاته وطلب منا أن نحني رؤوسنا كما قال "للعاصفة حتى تمر ويأتي والده فيصل" وأظهر ميولاً نحونا، بل طلب منا اغتيال الملك سعود! وسلم لي تقريراً جاء له به (طلعت وفاء) المدير السابق للأمن العام (الذي اغتاله "الفهد" فيما بعد ، وقيل أنه انتحر في لبنان، وكان يعارضهم لاحالتهم إياه على المعاش) قدم هذا التقرير وأنا عنده، وكان قد كتبه "جون فيلبي" عن تاريخ هذه العائلة السعودية، وأوضح جون فيلبي دوره الكامل في خلق هذه العائلة وتكوينها وجملها وفصالها، وكيف أنشأها الانكليز.

وقال فيلبي: (أن الفضل في ذلك يرجع الى فيلبي أولاً، والسير برسي كوكس ثانياً)، ولقد سلم لي عبد الله الفيصل وزير الداخلية السابق هذا التقرير ربما دون أن يقرأه قائلاً: (خذ هذا واقرأه فقد ينفعكم، وقل لي رأيك فيما يكتب فينا وأعده اليّ).. وبالفعل فان هذا التقرير قد "نفعنا"، ولكني لم أعده اليه ولم "اقل له رأيي فيه"، وإنما نشرت معظم فصوله.. ولما قرأته قلت لنفسي: سوف لن أعيد هذا التقرير مرة أخرى إلى من لا يعرف قيمة هذا التقرير، اللهم إلا إذا طلبه مني، ولكنه لم يطلبه منّي فقد نسيه الأمير المحروم "من كثرة الحرمان"!.

وكان جون فيلبي قد أعلن غضبته على سعود وعائلته "لما عاملوه به من جفاء كفراناً بفضل خالقهم"، عندما وجدوا أن النفيعة الأمريكية أحسن مذاقاً وأجدى نفعاً من نفيعة الإنكليز. وكان جون فيلبي يشعر بمرارة لا بعاده من قبل سعود تنفيذاً لرغبة الأمريكان، وقد وسط بينه وبين سعود حسين العويني العميل السعودي المعروف الذي ألحقه جون فيلبي "في عضوية مجلس الربع السعودي" التابع لعبد العزيز ـ ورشحه السعوديون لرئاسة وزراء لبنان مراراً ـ… وقد صب جون فيلبي جام غضبه على سعود وأفراط عائلته الذين تنكروا كما يقول فيلبي (لأصدق صديق لوالدهم، تنكروا لمن حكم مكة من أول يوم دخلناها ولمدة 37 عاماً حكماً مباشراً حتى روضها، وحكم الجزيرة العربية 40 عاماً حكماً غير مباشر، عندما ـ كان كل الحكام يسيرون بأمري، ويستعطفوا مني كلمة صالحة في حقهم أرسلها في تقرير إلى لندن لطلب العون والمال والسلاح والحماية، وقد صليت بالناس إماماً في الحرم الملكي، وصليت بوالدكم إماماً، عندما تتهمونني الآن فقط بأنني غير مسلم. ان والدكم كان يأتمر بأوامري ولا يرى بعد رأيي أي رأي. أنني مواطن عربي الآن، ولو كان والدكم حياً لما سمح لكم بهذا التطاول علي الذي هو تطاول على والدكم في الحقيقة، لو كان أخي عبد العزيز بن سعود في الوجود لما رضي بابعاد والدكم عبد الله فيلبي، لو كان والدكم عبد العزيز حياً لقال لكم من أنتم يا أبنائي الذين تتجرأون على منشئ دولتنا الحاج عبد الله فيلبي، ومربيكم أنتم بالذات، وقد قالها أخي عبد العزيز بالفعل عندما انتقده عدد منّ مشايخ القبائل والدين "لتقريبه لعبد الله فيلبي والأخذ برأيه لأنه انكليزي".
  #5  
قديم 22-04-2006, 03:05 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

قال عبد العزيز: "هل تذكرون أولاً من نحن، وأين نحن وكيف كنا، لولا عبد الله فيلبي والانكليز؟". ورد عبد العزيز على نفسه قائلاً: "كنا مطرودين نعيش على فضلات صحون آل صباح في الكويت، لولا الإنكليز ومواقف الأخ عبد الله فيلبي الصديق الصدوق، الذي لا يمكن أن ننسى فضائله علينا، فإذا تنكرون علي أخذ مشورة عبد الله فيلبي لأنه انكليزي، فأحب أن أذكركم أن كل ما تأكلونه الآن هو من عند الله وعند الانكليز، والسلاح الذي معكم من الإنكليز، والريالات التي في جيوبكم سكّها لنا الانكليز، والذهب الانكليزي الذي معكم هو صنع الانكليز، وثيابكم وعمائمكم كلها من غزل الإنكليز، ولكنكم الآن تسبون المظهر وتنسون الجوهر.. هذا ما قاله والدكم عبد العزيز عني. وكنت أصلي إلى جانب والدكم خلف إمامه الخاص، وكان أمامه إماماً متعصباً ضد الانكليز "الكفار مما أثار غضب والدكم عبد العزيز. أثناء الصلاة، حينما قرأ هذا الامام الآية القرآنية القائلة: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}، فتوقع عبد العزيز أن إمامه كان يعني "بالذين ظلموا" عبد الله فيلبي والإنكليز الموجودين معنا آنذاك، فتقدم عبد العزيز بعصبية نحو إمامه واجتذبه أثناء صلاته ورماه أرضاً، ثم تقدمنا في الصلاة بنفسه وتلا الآية التالية: {قل يا يها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما عبد ولا أنا عابد ما عبدتم لكم دينكم ولي دين}.. هذا هو والدكم عبد العزيز ولكن المغريات الأمريكية أغرتكم بزخرفها عن أصدقائكم الأولين الحقيقيين، لكن أملي بالأمير فيصل قوي أن يعيد النظر ويتمسك بسياسة والده القديمة!).(3).

هذا هو جزء من التقرير والرسالة اللذين كتبهما جون فيلبي بتاريخ 14 / 6 / 1954 من بيروت، وعندما قابلت عبد الله الفيصل مرة أخرى بعد أن سلمني ذلك التقرير، توقعت أن يسألني عنه، لكنه لم يسأل وإنما طلب أن أركب معه بسيارته، وذلك عشية 22 / 6 / 1954، وأخذ يؤشر لي على بعض عماراته في جدة ويقول "ان هذه كلها من المرحوم جدي البطل عبد العزيز، الذي يعزني كثيراً، أما سعود فوجه فقر" وأردف قائلاً: "أنا أعرف أنكم تعملون للثورة، وأن الثورة ستقوم لا محالة مهما أخذنا احتياطاتنا ضدها، ولكن المؤسف أن الثوار سوف لن يميزوا بين سعود الفاسد المجنون، وبين الوطني المخلص عبد الله الفيصل أو والده فيصل، هذه هي مشكلة الثوار"، قلت للأمير سعود وأولاده وبقية العائلة، لأن ساعة الثورة ليست ساعة تمييز، وإنما هي ساعة إصدار حكم، وإبادة حكام، ولكن لماذا لا تثورون على أنفسكم أنتم ليميزكم الثوار الحقيقيون؟!".

قال: "ألا يوجد من العمال من يخلصنا من سعود وظلمه؟" قلت: "أن المسألة هي التخلص من النظام الفاسد، ونحن لا نؤمن بالاغتيالات الفردية ولم نقرها بعد، ولو أقريناها لكان بامكاننا التخلص من سعود وأمثاله".. قال الأمير: "تعال لي مرة أخرى لنتحدث أكثر، فأنا الآن معزوم على العشاء لدى "ابن زقر"، وها هو بيته ولا أريد أن تدخل معي عنده، فقد يكون عندهم من ينقل الكلام لسعود فاتهم بمناصرة العمال"..

وتركت الأمير لأسافر إلى الرياض، وفي الرياض اتصلت مرة بالوزير الامير سلطان وزير الدفاع حالياً، فعرضت عليه بصفته وزيراً ما يلاقيه العمال من طغيان، فأركبني معه في سيارته حيث كان متجهاً من بيته إلى مجلس الوزراء، ومر بي ما بين أكواخ بالية وقصور عالية تقع كلها متلاصقة ومتقابلة في جنوب الرياض، وكأنما هي تبارز بعضها، فأخذ الأمير سلطان يؤشر لي بيده على القصور والأكواخ وهو يقول: (انظر إلى أصحاب هذه الأكواخ كيف يموتون، وانظر إلى أصحاب هذه القصور كيف يعيشون. أصحاب هذه الأكواخ هم الشعب، وأصحاب هذه القصور هم قلة من مستغلي الشعب. فأين الاسلام عنهم؟)!!.. وتابع الأمير قوله التجاري قائلاً: (لو أن الاسلام قد طبق حقاً لسكن أصحاب هذه الأكواخ في هذه القصور، ولما أستحق أصحاب هذه القصور أن يسكنوا حتى في هذه الأكواخ، لكن الاسلام أصبح غريباً وأصبح أمثالكم عندما يطالب بحقه المشروع، وعندما يطالب بإيجاد عمل له من أجل أن يعيش ويعيش أولاده ويستر عورات أهله من العار، يتهم بأنه شيوعي خطير. كيف اتهموكم بالشيوعية؟)..

قلت: (الذين اتهمونا بالشيوعية هم ركائز الخيانة والاستعمار، اذاعة اسرائيل حينما سجنا عام 1953 أذاعت "بأننا شيوعيين" واذاعة صوت أمريكا أذاعت "بأننا شيوعيين" ووزعت شركة أرامكو بيانا تزعم فيه "أننا شيوعيين"، وأشاعت ارامكو وأذنابها من الحكام "بأننا شيوعيين" كما كتبت الهيئة الملكية التي أرسلها سعود لنا بأنني شيوعي، وذلك عندما لعنتها في مطار الظهران ونسفت "المنضدة" في وجوههم، عندما قال لي أحد أعضائها "نسيب السباعي" أن الله أمركم باطاعة ولاة الأمور كما يقول: {أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم}ـ ومن ولاة أمركم الأمريكان!..

وهذا هو مصدر اتهامنا بالشيوعية، رغم أننا لم نعمل ساعة للشيوعية، ولم نطالب لحظة بالشيوعية، وإنما كانت مطالبنا وطنية وعمالية وقومية ودينية، بل وجزء من هذه المطالب يتجه آنذاك مباشرة ـ بمضمونه ـ لإيجاد "رأسمالية وطنية" في البلاد، أي لتحويل هذه الأموال "التي سرقها أصحاب القصور من أصحاب الأكواخ" لإنشاء صناعات ومصانع ومؤسسات وطنية، أول ما يستفيد منها أصحاب رؤوس الاموال واللصوص أنفسهم، وبالتالي تنقذ أصحاب الأكواخ من الموت البطيء، والمرض القاتل والجهل المقيت، بدلاً من تهريب هذه الأموال إلى الخارج هذا ما قالته ألسنتنا أما نحن فالحقيقة أننا أخطر من الشيوعيين!)..

قال الأمير: كيف؟.. قلت أننا "عمريين" نؤمن بمبداً عمر بن الخطاب الذي حاسبه الشعب على نصف بوصة زائدة في أسفل ثوبه ـ حتى أثبت عمر ـ بأن ذلك الثوب لم يكن ثوبه، وإنما هو ثوب ابنه عبد الله، استعاره منه لأداء صلاة الجمعة، وهذا المبدأ "العمري" الذي طبق منذ مئات الأعوام في أرضنا المظلومة هذه، لم يطبق حتى الآن في بلد الشيوعية، وإنما طبق في الجزيرة العربية قبل أن يعرف الناس الشيوعية، نعم.. لقد طبق قانون عمر القائل: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتم أمهاتهم أحراراً؟) وكذلك قانون علي بن أبي طالب القائل (ما جاع فقير إلا بما متع به غني) وإذا كانت تؤمن يا صاحب السمو بما تقول "عن حق أصحاب الأكواخ في باطل سكان الصور" فاعمل بما تقول وستجد أن بامكانك تحقيق شيء من الإسلام!.. ولا أقول كل الإسلام!).. قال الأمير سلطان: (انني مثلك ليس بيدي تحقيق شيء مما قلت)!. قلت: (أن لديكم حصانة ـ أميرية ملكية ـ أما أنا فأقاوم كل القوى الشريرة: الأمريكان، وشركة ارامكو والرأسماليين وكل أجهزة الحكم ضدي، وليس معي حتى أصحاب هذه الأكواخ النائمين، لكنني مع هؤلاء الذين لا يجدون حتى الأكواخ ومن يعيشون على براميل الزبالة عند أبواب القصور!)..

قال الأمير: (هل تعلم أنني اتهمت بالشيوعية؟ وأنهم يقولون عني الأمير الأحمر؟!.. وانني موضوع في القائمة السوداء؟!).. قلت بتهكم واضح على هذا الكذب: (يجوز؟.. جائز جداً.. انك أمير أحمر فعلاً!).. صحف البلاط واذاعته بعد ذلك: (ان مجلس الوزراء قد عقد جلسته الهامة ونظر في الأمور المدرجة في جدول أعماله) بل جدول اهماله!.

هذا هو نوع من أقوال امراء التهريج أولاد عبد العزيز الطاغية، الذي أوصاهم قبل موته في تعريفه للسياسة (انها السياسة يا أولادي هي قل ما لا تفعل، وافعل ما لا توقل)! وسار معظم أولاد الحرام على هذه السياسة، اللهم إلاّ مشعل وزير الدفاع سابقاً أو "برميل اللحم" الذي قال لي عندما قابلته في فندق البساتين بجدة وقلت له: (أنني أريد دخول الكلية العسكرية) قال: لماذا؟.. قلت: لأخدم وطني!.. قال: (أنا أعرف ما هي خدمة وطنك علينا.. إن أحسن شيء للوطن هو تقطيع رؤوسكم. ولو كان الأمر بيدي لوضعتكم في فم الطوب)، أي لو كان الأمر بيده لما قتلنا إلا بوضعنا في داخل مدفع؟ قلت له: سلامتك، أي طوب تعني؟ وعياركم؟.. قال: أنتم أهل الاضطرابات؟ ومضى في حال سبيله غير الرشيد.

أما مفتي القصور السعودية محمد بن إبراهيم فقد قال: (أنه لا دخل لي في السياسة، وقضية العمال هي قضية سياسية لا يجوز لعلماء الدين الخوض فيها، أما عن قولك عن ابعاد العمال العرب بواسطة الامريكان وإحلال العمال الأجانب مكانهم، فهذا جائز شرعاً فديننا لا يبيح أن يعمل المسلم تحت أمرة الأمريكاني الكافر) قلت: (اننا لم نذهب إلى أمريكا وإنما الأمريكان جاؤوا لبلادنا، فما هي الفتوى التي تبيح سرقتهم لزيت بلادنا وخيراتها؟). قال: (الأمريكان يصلحون في الأرض ولا يفسدون، وقد عمروا أرضنا بعد أن كانت خراباً)، قلت: (ان الأمريكان يفسدون الأرض والضمائر معاً، وقد استأجروا عدداً من قضاة الدين عندهم كقضاة شرعيين للفتاوى، واحد في الرياض براتب قدره 13 ألف ريال، وواحد في جدة وواحد في الظهران كل منهما براتب قدره 6000 ريال). فقاطعني قائلاً: (إذا ثبت ما تقول، فان هذا يدخل ضمن الوظيفة والأجر مقابل العمل المشروط، أي وظفوا هؤلاء العلماء، وهذا جائز شرعاً. وجزى الله الأميركان خيراً)، قلت: (الأمريكان جزاهم الله خيراً؟!) قال: (نعم..) قلت: (انك تقول: أنّه لا يجوز للعمال العرب العمل لدى الأمريكان، فكيف يجوز أن يعمل رجال الدين لدى الأمريكا، ونحن نعلم أن هذه الدراهم لا تقدهم لهم إلا للفتاوى ضد العمال، ومع ذلك يجزي الله الأمريكان خيراً؟!..) فغضب وقال: (البلد كلها عائشة على الأمريكان.. قم.. قم. قد قلت لك أنه لا دخل لي في السياسة).

قلت هذا للمفتي وأنا أعلم أن محمد بن براهيم هو صاحب المرتب البالغ 12 ألف ريال شهرياً، الذي كان يدفع له من شركة أرامكو عن طريق مكتب العلاقات الحكومية "جوفر نمنت رليشن" كمرتب خصص للإفتاء في الشؤون العمالية، وقلت للمفتي: (سبق أن أفتى قاضي الظهران بقوله "الامريكان قد أحيوا أرضنا، والحديث الشريف يقول من أحيا أرضاً ميتة فهي له" فما رايك بهذا المفتي؟). فبدأ الغضب على وجهه لكنه سكت وحاول عمل شيء ضدي. وخرجت من عنده..

ولا أريد أن أسترسل في سرد بقية قصتي مع آل سعود وتجاز دينهم جميعاً فالقصة "غصة" شعب طويلة لا نهاية لها أبداً إل بنهايتهم جميعاً، حينما يطبّق الدين الصحيح في يوم تشرق فيه شمس الثورة ويتحرر الشعب وإنما أوردت بعض القصة التي جرت معي لأفنّذ كذب هؤلاء المرتزقة الذين التفّوا حول بعض الأمراء، وبدأوا يبثّون لهم دعاية كاذبة عن ديمقراطيتهم المزعومة وبايعوهم، بينما الشعب المسحوق "المسعدن" الممسوخ إسماً ورأياً ووطناً وديناً لم يبايع!.. بل كيف "يبايع" من لا يملك الرأي الحر ومن يؤخذ بالظن والشبهات؟!.. والأمراء الذين تحدثت عنهم هم الذين يحكمون الآن ويتحكمون.. ولو أنهم استفتوا الشعب على ثقته فيهم لما منح الشعب ثقته أبداً إلا لمن يقتلهم جميعاً، للقضاء على من اندسوا على الإسلام لتخريب الإسلام. ففعلوا أسوأ مما فعله معاوية وزبانيته الرأسمالية والاقطاع والخداع الأوائل.. في نكبة الجوف ضد: علي..

الهوامش:

1 ـ لا وجود لسجلاّت القيود آنذاك. وحتى الآن في معظم المناطق. فسجلات القيود كانت تعتمد على تحديدها بحوادث شهيرة معينة، كقوله: عام الطاعون، عام الجدري، عام السقوط، الخ…

2 ـ هو شقيق الملك خالد بن عبد العزيز، وهو من أكبر أولاد عبد العزيز ومن أشرّهم سابقاً، اذ كان يطلق الناس عليه (أبو الشرّين) فاشتهر بحبه للملايين والادمان الجنسي والكحولي.

3 ـ والمعروف أن فيصل قد تدرب في عدد من الدورات في المركز الرئيسي للمخابرات البريطانية في لندن على يد فيلبي الذي سافر معه وهناك عدد من الصور يظهر فيها فيصل يقوده جون فيلبي إلى المركز (انظر اليوبيل العربي ـ الطبعة الأولى ـ لجون فيلبي).
  #6  
قديم 22-04-2006, 03:08 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

الفصل الثالث
رسالة المناضل ناصر السعيد الى الملك سعود


تمهيد
هذه الرسالة التي أصدرها في هذ الوقت، الذي انكشفت فيه للملأ اجمع خيانات الملك سعود الحقيرة وتآمره على الجمهورية العربية المتحدة، وتدبير خطته اللعينة مؤامرة الملك سعود القذرة. لقد بعثتها بتاريخ 15 / 6 / 1957.

إلى المتآمر سعود.. حيث انتفخت أوداجه حنقاً لسبب بسيط، وهو أن في هذه الرسالة الحقيقة.. الحقيقة المرّة التي لا تسوخ لكل الملوك والعبيد.. ولقد كانت تلك الأيّام السالفة لا تسمح لأحرار الجزيرة العربية بنشر مثل هذه الرسالة أو غيرها، لأنّ القائمين على نهج السياسة العربية المتحررة، يرون في ذلك أمراً يبعد الملك (سعود) عن حظيرة الركب التحرري، ويجعله يترامى أكثر فأكثر في أحضان الاستعمار.. ولكننا نحن الذين عرفنا (سعود) المتآمر، أنه مركب نفسياً واجتماعياً على الاثم والفسق والفجور.. على اللصوصية والرذيلة والانحطاط الخلقي، على الكذب والبهتان والتآمر والاغتيالات الفردية، إشباعاً لنزواته الشيطانية، وشهواته الحيوانية الرخيصة، ندرك تماماً أنه لا يمكن إصلاحه أبداً، لأن البطانة الفاسدة التي تحيط بعرشه، والمجتمع المترف العفن الذي نشأ فيه، وترعرع بين أكنافه، كل ذلك جعل من الملك سعود خادماً ذليلاً بل مطية طيعة للمتسعمرين، وحمار أسفار لسادته الأمريكان!!!.

وهكذا أثبتت المؤامرة الدنيئة ـ التي لم تكن الأولى والأخيرة ـ على ما كنا نتوقعه ونعرف عن هذه الخائن الماجن العاق لشعبه والعميل الذليل.

ناصر السعيد 7 / 3 / 1958
قبل بدء الرسالة: اضع هذه الأضواء الكاشفة على خياناتك يا سعود، حينما عاهدت الله والشعب ألا تخون، فخنت الله والشعب، وحكمت بالطاغوت، وبعت البلاد لأعداء الله والشعب.. وفيما يلي مقتطفات من خطاب العرش وميثاقك الغليط يوم توليك العرش..


الشعب لم يبايعك يا سعود..

بل بايعته وختنه

(اعاهد الله ان أحكم بالعدل وأساوي بين الصغير والكبير وأعمل لاسعاد هذا الشعب العزيز ورفاهيته ورقى البلاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ساهراً على مصالح البلاد وتأمين حقوق أبنائها مذللاً كل عقبة تعترض سيرنا في هذا السبيل ضاربين على كل أسلوب معيب، وسنولى قواتنا العسكرية والوطنية عنايتنا. فأطلب ممن لهم خبرة في شؤون البلاد من أبناء شعبنا العزيز، أن يتقدموا بما لديهم من آراء لاصلاح وضعنا هذا).

5 من ربيع الأول 1373 "سعود"

ألم تقرأ الدستور الذي تزعم أنه دستورك؟

{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد}.

{ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً}.

{والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون}.

{وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}.

{ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين}.

{ولا تسرفوا.. ولا تبخسوا الناس أشيائهم.. ولا تعثوا في الأرض مفسدين}.

{ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً}.

{من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساداً في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً}.

{وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً}.

{ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون}.

{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}

"قرآن كريم"


اخطار إلى الطاغوت سعود


يا سعود
هذه مقتطفات من القرآن الكريم الذي تزعم أنه دستورك، أردت أن أضيق صدرك بها قبل الرسالة أيضاً، لأنها تدعو إلى العدل السياسي والعدل الاجتماعي.. تفرض العلم على الرجل والمرأة، وتساوي بينهما في جميع الحقوق والواجبات الاجتماعية والوطنية. تندد بالظلم والفقر الذين هما أكبر سمات عهدك المشؤوم. تحارب الاقطاع والكسب غير المشروع وسفك الدماء البريئة، وانتهاك الحرمات والحريات والتعذيب والنهب والسلب واللصوصية والخيانة والرذيلة التي تمرغت في وحلها، وكرعت من مستنقعاتها الآثمة، واتسم بها عهدك فكتبت على محياك أبداً..

كفانا زيفاً وتدجيلاً، وحسبك هذه المتاجرة المفضوحة باسم الدين، وان الدين ليبرأ إلى الله منك ومن أعوانك ومن حاشيتك الفاسدة، وولاتك ومستشاريك الذين نهبوا البلاد وأظهروا فيها الفساد..

ولم تكتف أيها الطاغوت الطاغي، يا من ارتديت مسوح الرهبان، وتظاهرت بالصلاح والتقوى، بما ارتكبت من جرائم وآثام في داخل الجزيرة العربية، بل سولت لك نفسك الشريرة أن تتآمر على الجمهورية العربية المتحدة، وتغتال زعيم العروبة جمال عبد الناصر..

تآمر ما وسعك التآمر، وأظلم ما وسعك الظلم. واستعن ما استطعت يا (حرامي) الحرمين ويا عبد الدولار ـ بأسيادك المستعمرين الأمريكان ـ على خنق الحريات، وتقتيل الشعب، وتكبيله بالقيود، فلن تفلت من قبضة الشعب الأبي الذي انتفض كالعملاق ينشد حقه في الحرية والحياة الكريمة، ويطالب برؤوس جلاديه ومستعبديه.. وما يومك الاسود ـ يا سعود ببعيد!!

ناصر

من ناصر السعيد إلى الملك سعود

من ناصر السعيد الى الملك سعود:

هذه الرسالة التي أحاول أن أضعها بين يديك تضم حياة شعبنا الدامية، ولخطورة المسائل التي ستتناولها هذه الرسالة، عملت على نشرها للرأي العام ليطلع على حقائقها، وليكون عاملاً مهماً في التأثير عليكم لتلبية حقوق شعبنا الطبيعية التي حرم ولا يزال محروماً منها، في حين تتمتع بهذه الحقوق بعض الأقطار العربية التي هي أقل منا مورداً وخيرات طبيعية..

على ضوء القرآن:

ان ما يقال عن بلادنا بأنها تحكم حكماً إسلامياً على ضوء تعاليم القرآن الكريم، أكبر فرية في التاريخ الحديث، جعلتك تفخر دائماً بطريقة حكمك هذه ، وتعتبرها أكثر سلامة وأقوى ضماناً لمصالح شعبنا، وتغمز في أكثر المناسبات الى أنظمة الحكم في الأقطار العربية الأخرى.

ولكن الأيام اثبتت، والقرائن دلت، والأوضاع شهدت، بأن شعبنا وفقاً لطريقة حكمك هذه يسير نحو التأخر والتجهيل، والفقر والمرض والأدواء الفتاكة على مختلف اشكالها، ولو أخذنا قطراً عربياً كالعراق ـ مثلاً ـ رغم الحكم الارهابي فيه وسيطرة عملاء الاستعمار والصهيونية على مقاليده، تنفيذاً لسياسة أسيادهم، لوجدنا العراق أكثر منا تقدماً ونهضة اقتصادية واجتماعية وتعليمية، على حين أننا لا زلنا نتخبط في دياجير الجهل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية وضحالة الثقافة العلمية..

الدين الوسيلة:

ولكن الدين هو الوسيلة التي يتذرع بها كل من أراد أن يستهجن بني الانسان ويشوه الحقيقة، وهو السلم الذي يتسلق عليه من بغى من أمثالك على أكتاف الضعفاء والمستضعفين.

فلقد عذب محمد (ص) ورشق بالحجارة وطورد باسم الدين، وأوذي أبو ذر الغفاري، ومات منفياً باسم الدين، كما قتل أحمد بن حنبل باسم الدين، ورفع الملك فاروق وأمثاله إلى درجة الأنبياء باسم الدين، وأطلق الرصاص على جمال عبد الناصر باسم الدين، إلى أن جاء دورك ومن معك فرحتم تضحكون على الذقون، وتسفكون وتسرقون الشعب، وتقطعون الأيدي والأرجل وتمجنون، وتحكمون ظلماً باسم الدين، حتى ان ـ ايزنهاور ـ اوهمك باسم الدين قائلاً: "أنه يخشى على الأراضي المقدسة من مبدأ جمال عبد النصار الهدام، لذا فهو يحرص جيداً على اقرار الأمن، ودفع المساعدات وإصلاح المطارات والموانئ الحربية والبرية والبحرية، وتجديد اتفاقية قاعدة الظهران الذريعة لصد خطر جمال!"… أرأيت كيف أصبح الدين وسيلة حتى لسيد الخائنين؟..

ومع ذلك كله تقول بأن دستورك القرآن، وتعلم أنك تستهجن كتاب الله الذي هو أجل من أن يطلق عليه هذا الأسم، وقال عنه دستور أو نظام؟.

القرآن حتفكم:

اذا أصررت على أن يكون دستورك القرآن، فليتكلم القرآن ولتنطق آياته البينات.

{أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها اذلة وكذلك يفعلون} {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}.

ولقد كان جالوت ملكاً عندما خسف الله به وبداره الأرض.. وكذلك فرعون وهامان وقارون وملك بابل وملك سبأ..

{فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من خسفنا به الأرض، ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.

وامدت مقاومة الله إلى قتل اتباع الملوك ومستشاريهم والمقربين منهم، {وقتل داود جالوت} وكان جالوت من أعداء طالوت.. فجاء الإسلام بعيداً عن روح الملكية البغيضة وحكم الفرد، حتى انه لم يرحم أي حاكم منحرف عن تطبيق الحكم، ولو كان هذا الحاكم من أصحاب الرسول.

كذلك قتل الشعب عثمان، ولن ننسى أبداً دور محمد عليه السلام في تحطيم الملوك.. فعندما رشحت قبائل الاوس والخزرج عبد الله بن سلول ليكون ملكاً في المدينة، قاومه النبي بشدة، حرصاً منه على ألا تحل الملكية المقيتة في أرض الجزيرة العربية المقدسة محل النبوة، ولم يقتصر جهد محمد عند هذا الحد، بل قاوم جميع الملوك كالمناذرة والغساسنة والحميريين وملوك مصر والفرس والروم، حتى طهر الأرض من رجسهم.

الحكم في الإسلام جمهوري وليس بالوراثة:

ويأبى الدين إلا أن تحكم الجماهير نفسها بنفسها، وتنتخب رئيسها حتى لا يكون الحكم وراثة، والشعب سلعة تباع وتشترى تسلم وتستلم من مالك إلى آخر. فيقول القرآن {وأمرهم شورى بينهم}، ويقول عمر عندما سأله أصحابه أن ينزل لأحد أو يستخلف أحداً (مالي ولأوزاركم أحملها حياً وميتاً)، فرفض أن يكون لابنه عبد الله شيء من الأمر، وقال: (حسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل ويسأل عن الأمة ظلم فيها أم عدل).

نبي الله بشر وليس صاحب جلالة.

وها هو ذا صاحب الرسالة الإسلامية يتبعه مئات الملايين من المسلمين لم يعلن نفسه ملكاً، ولم يقل: أنني أخذتها بالسيف وأنا شرعها وفرعها(1) بل جاء لتحطيم الملكيات الزائفة العروش النخرة والجماجم المتحجرة، وهو القائل عليه السلام: (انما أنا بشر مثلكم يوحى إليه)، وأنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد، ومن ظلمته فليقتص من جلدي). وكان ينام على حصير فيدخل عليه عمر بن الخطاب، واذا به قد أثر في جنبه فقال له:

ـ ألا تتخذ فراشاً ليناً يا رسول الله؟!

فأجاب عليه السلام:

ـ ماذا يا عمر؟ أتظنها كسروية؟ إنها نبوة لا ملك..

وكان ذات يوم يوزع مال الأمة لمصلحة الأمة، لا لمصلحة الحاشية ومن لف لفها، فأخذ أحد المواطنين نصيبه جذباً عنيفاً، وقال: زدني يا محمد فليس المال مالك ولا مال أبيك! فغضب عمر، ولكن محمداً ابتسم في حنان وقال:

ـ دعه يا عمر، ان لصاحب الحق مقالاً..

أرايت هذا التواضع الذي لم تعرفه دهاليز قصورك وفرشك. إلا أنه الدين الصحيح!

اذن على أي مادة من "الدستور!" تستندون؟ وبأي دين بعد الله وآياته تؤمنون؟ وأي حديث "شريف" يبيح مدينة الناصرية(2) وأخواتها؟ أي دين يبيح هذا الترف والإسراف والمنكر وإضاعة أموال الشعب والمتأجرة بمئات الألوف في الرقيق الأبيض والأسود، والزواج بالمئات والطلاق بالمئات، وافقار الشعب وخنق حرياته، وبيع أرضه وحرماته ومقدساته للمستعمر الزنيم.

وعذرك ان المالية في "جيبك الخاص"، والشعب "رعيتك"، والأرض وما فيها وما تحتها وما عليها ملكك، مدعياً أنك أخذتها بالسيف. هذا الذي يرجع تاريخه إلى ـ غزوة اليمن المشهورة ـ والتي رجعت فيها خائباً مدحوراً تجر أذيال الهزيمة.

هذا السيف الذي يعلم الله انه لم يشهر يوماً في وجه الأعداء، ولم يعرف إلا في مجالسك، ولم يظفر إلا برقاب الشعب الذي قاد الكفاح وولاك العرش وضحى بالأرواح حتى جعلك ملكاً. ولله در من قال:

وحين رست ركائبكم بنجد

تنكرتم لمن قاد الهجينا
  #7  
قديم 22-04-2006, 03:11 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

سنقاومك بسيوفنا يا سعود:

لا تؤاخذني يا سعود إذا ما خاطبتك بهذه اللغة المجردة من قشور النفاق وخضوع الذلة والمسكنة..

ولا شك أنها لغة غريبة عليك، بعيدة عن ـ دهاليز قصورك ـ لم تسمعها في حياتك من أفواه المستشارين والعبيد.. لكنها لغة أجدانا العرب..

وأنا على عزم يقين لمخاطبتك بها، فلست أفضل من أبي بكر الصديق القائل "اطيعوني ما أطعت الله فيكم. وان عصيته فلا طاعة لي عليكم".

ولست أجل من عمر بن الخطاب حين قال "وليت عليكم ولست بخيركم فان رأيتموني على حق فاعينوني وإن رأيتموني على اعوجاج فقوموني"، فيزكيه الشعب على لسان فرد من أفراده بقوله "ماذا يا عمر؟ لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا".

ثم ماذا فعل عمر بهذا المواطن الذي زجره أمام ملايين الناس؟ أي سجن يا ترى أدخله؟.

سجن العبيد بالاحساء؟.. سجن القطيف؟. أقبية الحجاز سجون القصيم؟..

مصمك الرياض.. أو هل أمر العبيد بجلده وتسريحه من العمل ونفيه عن مناطق حكومة أرامكو الاستعمارية السامية فوق الحكومة، وقصف أجله، أم قطع يده ورجله من خلاف؟ كلا.. وحاش أن يكون ذلك في الإسلام!!

اذن ماذا فعل عمر؟.. ألم تر كيف فعل؟..

لقد زاد عمر ابن الخطاب غبطة وفخراً وسروراً بهذا المواطن الذي عبر عن رغبات شعبه حين قال ـ كلمته المشهورة ـ "الحمد لله الذي جعل من هذه الأمة أناساً يقومون عمر بن الخطاب بسيوفهم عندما يعوج عن الطريق".

لا سمع ولا طاعة يا سعود:

وأين أنت من عمر: حينما وقف يخطب بادئاً قوله أيها الناس اسمعوا وأطيعوا"، فينبري له أحد المواطنين مقاطعاً عمر بقوله ـ لا سمع ولا طاعة ـ أترتدي ثوباً خلاف ثيابنا يا عمر؟ من أين لك هذا، مما اضطر عمر إلى أن يقف موقف الدفاع، أنه لم يسرق الثوب، فيقف عبد الله بن عمر موضحاً للشعب أن الثوب الذي يرتديه أبوه ـ كان ثوب عبد الله ـ أخذْ بالاعارة منه ليؤدي به صلاة الجمعة لأن ثوب عمر يعريه!

وبعد أن أطلع الجمهور على صحة ما قاله عبد الله بن عمر، ورأوا ثوب أبيه، وتيقنوا أن عمر بن الخطاب لم يسرق الثوب من مال الشعب، منحوه ثقتهم وقالوا كلمتهم:

ـ (لقد سمعنا الآن وأطعنا فأتم خطابك يا عمر).

ها هو ذا الذي يتمسك بتعاليم الدين، وينهج نهج القرآن الكريم من أجل خدمة الشعب، وإنارة طريق الشعب، ورفع مستوى الشعب، ها هو أحد العمرين الذي انتصر به الإسلام.. انظر كيف يحاسبه الشعب عن ثوبه الذي يرتديه ـ فكيف به لو أطلق أسمه على الشعب ـ قائلاً الشعب "العمري" مثلاً، كما قلت الشعب "السعودي"، وكيف به لو قال أن المال مالي والأرض أرضي والشعب رعيتي؟.

وأخذتها بالسيف، وورثت الحكم، كما قلت أنت تماماً؟

ماذا سيكون مصيره تلك الساعة؟:

هذا الذي يحق له أن يتكلم باسم الإسلام.. لا يفرض بإرادته عن إرادة الشعب، ولا برأيه عن رأي الشعب..

لا يسخر الشعب لمصلحته الخاصة، ولا يسخر منه ولا يعلو عليه، ليس له قصور ولا حور ولا طعام ولا شراب يشرف على احضاره الأمريكان، بل كان حرباً عواناً على أمثال هؤلاء المستعمرين الأمريكان.

متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احراراً؟.

ولقد جاء رجل من مصر إلى عمر بن الخطاب وقال "إني أعوذ بك من شر الظلم" قال ما بك أخبرني؟. قال:

جرى سباق، فأقبلت فرسي فقلت، فرسي ورب الكعبة، وإذا بمحمد بن عمرو بن عمرو بن العاص ينهض من مكانه ويضربني بسوطه وهو يقول "خدها من ابن الأكرمين"، فبعث عمر الى عمرو كتاباً يستقدمه به، ولما قدم ومعه ابنه قال عمر للرجل: "دونك الدرة فاضرب ابن الأكرمين" فضربه حتى أوجعه، ثم قال عمر عليك برأس والده، فوالله ما ضربك الا بفضل سلطانه، والتفت عمر وقال "يا عمرو متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" ذلك هو الدين.

غير أنك تتجاهل كل هذا تاركاً ولاتك الجهلة الظلمة، وحاشيتك الخائنة الخبيثة، وعبيدك وأشباه العبيد من اتباعك والجواسيس يلعبون ويمجنون ويفسقون ويقتلون ويفتكون ويسفكون ويرتشون ويتاجرون ويعتدون على الأعراض ويبخسون الحريات. ويتعاملون مع الإستعمار الأمريكي المتجسد بشركة أرامكو المجرمة اتباعاً لسنتك، مستغلين اسمك وجورك وسلطانك ضد بلادنا وحريات شعبنا، الذي باسمه أصبحتم رجالاً، أمراء ووزراء مسؤولين، تتصرفون بالشعب وقيمه وكرامته وحرياته وتقودونه الى الهاوية وبئس المصير.

ابوابي مفتوحة:

وبين حين وآخر تصدر مذيلة باسمك، تارة تتهم الشعب "بالشيوعية"، تهدده بالويلات والسيف والموت والسجون، وأخرى تقول ان أبوابك مفتوحة للشاكي والمظلوم، والسائل والمحروم، وأنك غير مسؤول ولا لوم عما يحدث من مظالم.

"وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين"، ولم نستوعب الحقيقة بعد، ولم تعرف أي الأبواب المعنية بالأمر، والمفتوحة المقصودة بهذه البيانات المفتوحة أيضاً؟

أبواب القصور المحروسة بالعبيد الغلاظ، والحرس الشداد يقصدون؟. أم أبواب السجون القذرة الغاصة بالمناضلين الشرفاء المليئة بالحشرات السامة وعظام الأموات، المزودة بأحدث ما ابتكرته عقول الأمريكان اللئام من أجهزة التعذيب الرهيبة والقيود المتينة؟.. نحن لا نعلم أي أبوابك المفتوحة…

ومع ذلك لقد طرق الشعب أبواب القصور ـ أبواب المظالم المزعومة ـ، وتضرع إليك أيها المتجبر فخابت آماله فيك، فبدأ بارسال البرقيات والعرائض، ولم يجد إلاّ الويل والثبور، فحاول أن يثبت للذين كانوا يظنون أنك لا تعرف ما يدور خارج القصور من أمور ومظالم، وحين وقف يصرخ صرخات الألم والحقد ـ ممثلاً بعشرات الألوف من العمال والمواطنين الذين وقفوا يصرخون بوجهك عندما كنت في طريقك الى مطعم شركة "أرامكو" يوم 9 / 6 / 56 بهذه الصرخات الحزينة المؤلمة ـ (مظلومين).. (مظلومين متململين) نستصرخك من أجور الشركة المجرمة أرامكو الاستعمارية، (انقذنا من ظلم الولاة الجهلة في دوائر الحكومة وفي مصلحة العمل بوجه خاص)، نرفض تجديد قاعدة الظهران الذرية)، (اطلقوا حرياتنا النقابية وجميع الحريات المشروعة)، وختموها بقولهم (الفناء للاستعمار والموت لأذنابه الخونة).

ثم تقدموا في تلك اللحظة بكتاب يحتوي على المطالب الشعبية والعمالية التي تقدّم بها العمال سابقاً على يدي لجنتهم وممثليهم عام 1952 و 1955، ان أفراد البطانة الفاسدة اللعينة وفي مقدمتها جمال الحسيني، ويوسف ياسين، وتركي العطيشان، ومسعود بن جلوي، ومساعد بن عبد الرحمن وغيرهم، حضروا لديك تلك الليلة في قصر بن جلوي بالدمام، فقالوا ولعنوا بما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بشعبهم، قالوا "أن هذه التجمعات لم تكن مظاهرة فحسب، وإنما هي ثورة عمالية مقصودة لقلب نظام الحكم، وهي من صنع أشخاص معروفين، وتدفعهم دولة أجنبية معروفة.. أجل ها هم يهتفون بالموت للخونة، وبالفناء للاستعمار، ويقولون مظلومين أمامك يا طويل العمر‍ فهل هناك ظلم "ما دام يوجد ديوان للمظالم".. وهل في بلدك المقدس خونة واستعمار؟ وما عليكم إلاّ الفتك بالرعية الخ..

والحقيقة الناصعة، ان بطانتك المجرمة تعرف نفسها جيداً، وتعلم أنها المقصودة.

وبعد ذلك تقدمت شركة أرامكو الاستعمارية بأسماء من تريد سجنهم من أبناء الشعب.. فحل طاعون حكمك الطاغي بعشرات المئات من العمال والمواطنين الشرفاء، فاستشهد العشرات في صحراء الاحساء، وفي سجن العبيد القذر، وسفكت الدماء الزكية، وشردت الآلاف، ولم يزل سجن الاحساء، بل قبر الأحياء ـ يضج من آهات المظلومين، وآهات الجياع والمحرومين، وصرخات المرضى المعذبين دون محاكمة أو تحقيق نزيه، دون أن تحترم حق الوطن وحرمات الدين، الذي تدعى زوراً وبهتاناً الانسان. فالانسانية معذبة بل معدمة في بلادنا‍ وأي إنسانية.. أجل أي إنسانية تبيح للإنسان أن يسوم أخاه الإنسان سوء العذاب في تلك السجون بل تلك المقابر الأثرية الواسعة، التي لا تليق بكرامة الحيوان ـ وربما لا يصح التعبير ـ لأن من الحيوان ما هو أعز لديك وأشرف من أي انسان.


عفو غير شرعي


عفو غير شريف:

وقد صدر عفوك ـ غير الشريف ـ مراراً، فشمل مجرمي الأخلاق من تجّار الأعراض، وأصحاب السوابق ومستوردي المخدرات. ولم يشمل الشرفاء بالرغم من عرائض الوفود الكثيرة، وبرقيات العمال، وصيحات الأهل والأقربين، وسلطات بعض الهيئات العربية، وإتحادات العمال العربية، والطلبة واحتجاج اللجنة الاقتصادية في هيئة الأمم المتحدة، واحتجاجات الصحف الشريفة، وغضب الشعب الذي هو من غضب الله.. وبالرغم من هذا كله لن تفرج عنهم.. ولكن النار تحت الرماد، وعذابك المصلت لن يكبح جماح جماهير الشعب، ولن يفلت من عزمها الجبار ونقمتها الطاغية.

بل على العكس من ذلك ـ فالضغط يولد الانفجار ـ، ومن أصدق ممن قال لنبيه: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر} ولكن… هيهات أن يسمع الصم الدعاء، أو يهتدي العمي عن ضلالتهم وقد ولوا مدبرين.. هيهات أن تسمع صوت شعبك وأنت تسير وفق أهواء أشخاص لا يمتون لهذا الشعب بصلة، وليس لهم من هدف غير استغلال الوضع الارهابي المقيت، ليغنوا عن طريق هذا الوضع بمقدرات شعبنا، وتبديد موارده الطبيعية، وخيراته الكثيرة، وحبس هذا الشعب في قمقم الارهاب الكبير، ليصفو لهم الجو ويعيثوا في بلادنا فساداً، ويمعنوا تخريباً بكل ما يقع تحت أيديهم، بحكم الصلة الوثقى التي تربطهم بك.. إن هذه السياسة لن تؤدي إلا إلى دماء البلاد وهلاك الشعب، وليس المسؤول عن هذا الفساد والأفساد، امثال يوسف يس، وجمال الحسيني، وتركي العطيشان، وسعود الجلوي شريك الجاسوس الانكلو أمريكي عبد الله بن درويش، وعبد العزيز بن مساعد، ومساعد وعبد الله بن عبد الرحمن، وغيرهم من أعمامك وعبيدك ومستشاريك مطايا الاستعمار الامريكي، الذين يأخذون الرشوات والرواتب السرية من شركة أرامكو الاستعمارية وأتباعها ـ كالتابلاين ـ، وبعض المقاولين للتستر على فضائحهم وألاعيبهم الضارة بمستقبل البلاد، بل أنك أنت المسؤول عن كل هذه المهازل والمخازي والألاعب، وسيحاسبك الشعب مهما تنصلت من المسؤولية في بياناتك "والمراسيم الكاذبة" الموقعة باسمك، وما يوم حسابك ببعيد.


الجأ إلى الشعب:

فالجأ الى الشعب، فالشعب هو الحصن الحصين الذي يجب أن تلجأ إليه في كل المناسبات والظروف، وهو الذي يملك كل شيء في هذه الأرض، لأنه صاحبها الشرعي، وما أنت إلاّ فرد واحد من هذه الملايين الثمانية، وإذا ظننت أن وسائلك الإرهابية والكبت والفتك المصلت على رقاب شعبنا قد أسكت صوته، ووقفت حائلاً دون إظهار شعوره بالتعبير الطبيعي فظنك آثم، ونقمة الشعب قد أصبحت تتحول الآن، من فورة ومظاهرات، الى ثورة جامحة حاقدة ساخطة، لن تصدها أساطيل أسيادك الأمريكان، ولا قنابلهم الذرية والهيدروجينية المخزونة في قاعدة الظهران الحربية الأمريكية، ولن تتمكن بوسائلك مهما طغيت وبغيت، ومهما كنت محصناً، أن تقف أمام طغيان شعبنا العنيد.

لقد بلغ السيل الزبى، فلا ترسل من يساومني بملايينك ووظائفك ومغرياتك، واخجل مما تقول "بأن الدين يدعونا لطاعتك وعدم مهاجمة حكمك"!

لقد حدثتك جهراً، وأنا في جحيم حكمك، فهل تريد منّي أن أسكت وأنا خارج الجحيم؟ أو لم تكن مساوئ الحكم الفردي والجهل والفقر والمرض والمؤامرات الممتحن بها شعبنا أنت؟! فأرسها يا سعود.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م