مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 27-05-2006, 03:43 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

الحلقة الخامسة والستون
نعود لحكايتنا ..
سمعت عن شاب مصاب بمرض عضال ..
وذلك قبل ذهابي للقصيم ومعرفتي بشيخنا رحمة الله عليه..
وقالوا لي أنه منذ سنوات يعيش وحيدا فريدا في مستشفى القوات المسلحة
في الطائف..
وحثني أصحابي على زيارته حتى قال لي أحدهم : والله إن رؤية هذا
الشاب سترفع همتك
وستزيد إيمانك!!
طمعت بذلك ومن ذا لا يريد زيادة إيمانه ورفع همته؟؟
تحدثت مع احد جيراننا في الحي في الطائف عن ذلك الشاب ..
فرق له وقال سوف أرافقك ..
وذهبنا بعد أيام للمستشفى المذكور..
وصلنا للاستقبال..
فسألنا عن الشاب..
قلت لهم اسمه فواز العسيري)..
فقال : لعلك تقصد فوزي العسيري!!
فقلت : نعم هو ..
فابتسم في وجهي وقال ..ستجده في غرفته أو سيكون الآن في الحديقة
يتنزه !!
ثم ناولني بطاقة الزيارة وأعطاني رقم غرفته ..
صعدت للغرفة وكنت اتعجب في نفسي لماذا ابتسم الرجل من سؤالي!!
لما وصلت الغرفة وجدتها خالية سوى من ممرضة ترتب السرير ..
قلت لها : وين فوزي ؟؟
قالت : سيأتي بعد قليل هو يتنزه في الخارج..
قلت لها : ممكن نجلس؟؟
قالت : نعم ..
جلست أنا وصاحبي وقلبت نظري في غرفة فوزي..
لم تكن غرفة مريض !!
كأنني في غرفتي في عنيزة بعد سنوات!!
رفوف كتب آلاف الأشرطة ..
مجلات إسلامية كل شيء يدل على العلم ..
قال لي صاحبي: هل أنت متأكد أن هذا صاحبك؟؟
قطع علينا صوت عربية تقترب من الغرفة ..
فكان نظرنا على الداخل..
قالت الممرضة وابتسمت ابتسامة عريضة هذا فوزي وصل..
دعوني اصف لكم فوزي..
مقعد على العربية جسمه كأنه عمرة ست سنوات أو عشر!!
ورأسه مكتمل النمو يزيد على العشرين سنة!!
وجهه كأنه كوكب دري..
جميل وأنت تعجز أن تقول انه جميل..
ابتسم في وجهنا ابتسامة اعجز عن وصفها ..
رقيقة عذبة و جميلة ..
كان يلبس ثوبا ازرق وعلى رأسه طاقية بيضاء ناصعة البياض
نبتت على وجهه لحية صفراء جميلة ..
ووجهه مستدير وصاف كالعسل..
لما رأيناه قمنا له ..
فسلم علينا فدنوت منه لأصافحه..
فأرخى رأسه حياء لأنه يعجز عن مصافحتي فربت على يده وقبلت
جبينه..
وفعل صاحبي مثل ما فعلت..
عرفناه بأنفسنا فرحب بنا وشكرنا على زيارته ..
وقال : أنا افرح بزيارة الناس لي ..
كان يتكلم و كنت أفكر في كلام الفقهاء أن من أدب الزيارة للمريض عدم
الإطالة عنده حتى لا تشق عليه
ولكن فوزي هذا من طراز مختلف ..
يأسرك بمنطقه وأدبه حتى لا تريد مغادرته والله ..
لم نجرأ عن سؤاله عن مرضه وعن مدة بقائة وما لذي حدث له ..
ولكنه بادرنا بذلك من خلال كلامه ..
قال : مرضي غريب وسماه لنا وهو مرض يتوقف فيه نمو الجسم ماعدى
الرأس والعقل ..
حيث تبقى الأعضاء كما هي دون الرأس فينمو مع السنين..
وقال لنا : أنا منذ ست سنوات مقيم هنا !!
وعائلتي في منطقة عسير ونظرا لحاجتي الماسة للمستشفى فقد أصريت
على المكوث هنا حتى لا اشق عليهم بإحضاري دوما ..
وكان هذا هو رأي الأطباء..
روى لنا تفاصيل حياته وبرنامجه وقراءته وانه حفظ جزءا كبيرا من
القرءان وأنه يستمع للدروس والمحاضرات ويقرأ في الكتب ..
وأنه لا يمل من القراءة ولا تضيع عليه دقيقة في فراغ..
وقال : أن الناس تزوره دوما وأغلبهم لا يعرفهم..
وأحيانا تتوقف الزيارات فتمر عليه الأسابيع ولا يرى أحدا ..
ولم يتأفف من مرضه وحاله ولم يشك من صحته بل كان يحمد الله تعالى
ويشكره على أن أبقى له عقله ليتمكن من الاستفادة والدراسة وطلب
العلم..
كان فوزي يتحدث وكنت أتأمل وجهه وكلامه وعباراته وأقول في نفسي..
كم نحن محرومون؟؟
لله دره ..
كم نحن ضعفاء أمام بهارج الحياة ومشاغلها ..
كان صاحبي يستمع لفوزي فأرى في عينيه الدموع محتبسة مما يسمع ..
خرجنا من عند فوزي ونحن واجمون ..
أصر على مرافقتنا للخارج ..
فخرج معنا حتى وصلنا للمصعد ..
وكان الجميع بلا استثناء يسلم على فوزي من ممرضات وأطباء وعمال
كلهم يعرفه ويضحك ويبش في وجهه ..
ماهي أخبارك يا فوزي اليوم..
أهلا يا فوزي..
وكأنه ليس بمريض..
قال لنا ونحن نغادره ..
لعلكم تزوروني مرة أخرى !!
قلت له : بكل سرور والله ..
فابتسم ابتسامة جميلة أسرت قلبي ولا أنساها ما حييت ..
بقيت أنا وصاحبي نتحدث في الطريق عن ذلك الشاب فقال لي:
لم أفرح بزيارة احد كما فرحت اليوم..
__________________









الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 27-05-2006, 03:45 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

رجعت للبيت فحكيت للوالدة عما رأيت ..
وحكيت لكل من اعرف ما رأيت ..
لأساتذتي وأصحابي قلت لهم :
أذهبوا وزورا هذا الرجل ..
فوالله ليس من رأى كمن سمع..
لم أنقطع عن زيارة فوزي ..
كنت كلما شعرت بضعف في همتي وحاجتي للأنيس ذهبت لزيارته بأي
وسيلة ممكنة..
بالسيارة بالتاكسي مع زميل كيفما يتيسر لي..
في إحدى زياراتي له وقد أصبحت كالتلميذ له..
قال لي : تصدق يا مالك لي أمنية ؟؟
قلت وما هي ؟
قال : أحب رجلا حبا عظيما ..
وليتني أستطيع رؤيته رؤيا العين ..
قلت : ومن هو..
قال : الشيخ ابن عثيمين ..!!
قلت له : يا فوزي هداك الله وكيف تريد أن نجر لك ابن عثيمين في
المستشفى؟؟؟
دع أمنياتك معقولة يارجل!!
وجم ثم ضحك وقال : على كل هذه أمنيتي..
ثم اخذ يحدثني بشغف عن الشيخ وعن سعة علمه ودروسه وانه يستمع
لأشرطته يوميا
وكأنه حاضر معه في الدرس وقال : هل رأيت الشيخ ؟؟
قلت نعم رأيته في دروس الحرم..
فقال لي : صفه لي يا مالك ..
وصفت له الشيخ كما رأيته ..
فقال : هنيئا لك هذه النعمة ..
مرت الأيام والليالي وحدث لمالك ما حدث وطارت به الدنيا جنوبا وشمالا
واستقر في القصيم وصار من سكان عنيزة وانقطعت عني أخبار فوزي
مدة من الزمن وشغل مالك بنفسه وحياته الجديدة ..
وفي تلك السنة أو التي تليها ..
يقدر الله تعالى أن يحصل للشيخ عبد الله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء
حادث في مدينة الطائف حيث ارتطمت به سيارة وهو خارج من صلاة
العصر..
فسقط الشيخ وكاد أن يهلك ..
وكانت في تلك اللحظات سيارة إسعاف مرت بغير ميعاد فحملت الشيخ وهم
لا يعرفونه إلى مستشفى الملك فيصل في الطائف..
فلما رأى الأطباء الشيخ وجدوا أن وسط جسمه وخاصة منطقة الحوض قد
تكسرت وان حالته حرجة ..
تسامع أبناء الشيخ بالحادث وتسامع المسئولون بالأمر..
فنقل على الفور إلى مستشفى القوات المسلحة في الهدى ..
فأجريت له العمليات تلو العمليات وعانى من ذلك اشد المعاناة ..
ومكث شهورا هناك حتى عافاه الله وهو الآن بحمد الله في نشاط وعافية
سمع شيخنا بالحادث ..
وكان ذلك قبل وصولنا للطائف..
وكان الشيخ ابن منيع زميل شيخنا في هيئة كبار العلماء وكانت علاقتهما
وثيقة ولعلي في حلقات قادمة احكي مواقف جرت بينهما يصلح المقام
لذكرها..
وصلنا للطائف بعد أسابيع ..
وكان الحادث قد حصل في أول إجازة الصيف ..
لم اسمع بخبر الحادث سوى من الشيخ حينما قال لي:
غدا سنذهب لرؤية الشيخ ابن منيع في المستشفى..
قلت له : أي مستشفى ياشيخنا !!
فأخرج ورقة من جيبه فقال:هذا اسمه وعنوانه ورقم غرفة الشيخ ..
في اليوم التالي انطلقنا للمستشفى ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 27-05-2006, 03:47 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

وكان شيخنا مرهقا بعد يوم عناء واجتماعات ..
نام قليلا وأنا صامت ..
والصمت يفتح باب التفكير والهواجس !!
وأنا في صمتي ذاك تذكرت فوزي عسيري!!
لا أدري والله كيف خطر على بالي ..
بعد سنوات تذكرته ..
تذكرت الزيارة الأولى ..وعشرات الزيارات التي تمت بيني وبينه..
نظرت لوجه الشيخ فكان نائما فلم ارد إزعاجه..
تنحنحت وما أخف نومه فاستيقظ..
قال : هل وصلنا ؟؟
قلت : تقريبا ..
وما زلنا في منتصف الطريق ولكنني فرحت باستيقاظه !!
فتوسط في جلسته ومسح وجهه وتمطى قليلا ..
ثم أخذ يتحدث معي..
انتظرته حتى ينهي حديثه ثم بادرته بقصة فوزي..
لم يعر الموضوع كثيرا في البداية نظرا لأن هموم المسلمين كثيرة والشيخ
يسمع يوميا الآف القصص الشبيهة فكان يدعو له بالعافية ..
غيرت أسلوبي وطرحت الموضوع بصيغة جديدة ..
فأنصت الشيخ وأخذ يتعجب من كلامي عن ذلك الشاب..
وعلو همته وجده رغم حاله الغريبة ..
فزاد اهتمام شيخنا به ..
حتى قال لي : لم لا نحضره عنيزة ليدرس عندنا !!
أسوة بسامي العقيل!!
وهو احد طلبة الشيخ المجدين وسيأتي ذكره لاحقا عن شاء الله..
قلت له يا شيخنا : الرجل وضعه مختلف تماما ..
قلت له : حتى أن الرجل له أمنية في الحياة كم مرة سمعتها يتمناها..
قال : وهي؟؟
قلت : أن يراك!!
فقال الشيخ: وأين هو ؟
قلت له : هو مقيم في المستشفى دائما ..
فسكت الشيخ ثم قال : ومتى أجد الوقت لزيارته أنت تعرف أشغالي..
قلت : هو الآن في نفس المستشفى الذي نقصده..
فقال: خلاص رتب لي بعد زيارة الشيخ عبد الله ..
طرت فرحا بهذا الخبر وانتشيت وقلت في نفسي ..
يا فوزي لعل مناك سيتحقق وأنت غافل لا تدري..
وصلنا للمستشفى وتوجهنا لغرفة الشيخ عبد الله ..
فوجدناه على حال جيدة وهو ممدد على سريره
وعنده جمع من الزوار ومنهم التاجر المعروف
عبد العزيز الجميح ..
قبل شيخنا رأس الشيخ ابن منيع فأمسك الشيخ ابن منيع رأس شيخنا
فقبله ..
وتركتهما في حالهما وانطلقت ابحث عن فوزي.. لا الوي على شيء
سألت عنه فقيل لي موجود!!
ففرحت فقلبت المستشفى رأسا على عقب..
ووجهت له نداء بالسماعات حتى بلغوه ..
فوجدته وبالكاد عرفني فقد تغيرت ملامحي وسمنت قليلا ..
فقال لي اينك..؟؟
فقلت له : دعك من خبري الان ..
ألزم غرفتك سآتي لك بشيء بعد قليل..
وخرجت من عنده وتوجهت لغرفة الشيخ ابن منيع ..
فوجدت شيخنا واقفا يريد المغادرة ..
والناس تصافحه ..
نظر شيخنا في وجهي واخرج ساعته من جيبه ونظر فيها كأنه ينتظر
موعدا..
فتجاهلت ذلك وقلت له : الرجل في انتظاركم..
قال : هل وجدته ؟؟
قلت : نعم..
ما شاء الله عليك جزاك الله خير..
دخلت على فوزي
فوجدته على سريره
فدخل الشيخ وسلم عليه ..
فلما وقعت عين فوزي على الشيخ كادت عينه تخرج من رأسه ..
لا تسألوني إخوتي عن مشاعره ..
لا أستطيع وصفها والله ..
قلت له:
هذه أمنيتك يا فوزي تحققت ..
ابن عثيمين بلحمه ودمه بين يديك!!
اقترب شيخنا منه وجلس على سريره ..
ودنا من رأسه ومسح عليه ودعى له ..
وقال له وهو مبتسم : كيف حالك يافوزي؟؟
لقد حدثني عنك مالك ..
بقي فوزي صامتا لا يدري ما يقول..
ينظر للشيخ وينظر في وجهي..
كأنه يقول : هل هذا هو!!
والشيخ صامت ويبتسم من مشاعر فوزي المتضاربة..
هززت رأسي لفوزي حتى يتكلم ..
فقال : هذه اسعد لحظة في حياتي والله أن تزورني ياشيخنا
في هذه المكان ..
كنت أراك في التلفزيون والجرائد وأتمنى أن ألقاك..
وكنت أدع الله أن يحقق لي ذلك ..
ولكنني توقعت أن يحصل لي ذلك بأن أزورك أنا ولقد رجوت الناس أن
أزور درسك في الحرم أو في دروسك في المحاضرات فلم يتحصل لي
ذلك..
قال له شيخنا : ها انذا أمامك وجزى الله الابن مالك على أن دعاني
لزيارتك..
دار بينهما حديث وبقيت استمتع بهذه اللحظات دون أن أتكلم بحرف
واحد..
وأقول في نفسي : دع فوزي يستمتع فربما لن يتمكن من تكرار ذلك أبدا..
مكث الشيخ عنده لعشر دقائق ثم طلب منه الأذن فخرجنا ..
وودعت فوزي
ومنذ ذلك التاريخ انقطعت أخباره عني للأسف
فاللهم إن كان حيا فوفقه وارض عنه واجمعنا به على خير..
وإن كان ميتا فاغفر له وادخله فردوسك الأعلى واجمعه بشيخنا في جنات النعيم..
يتبع إ ن شاء الله
__________________









الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 02-06-2006, 03:11 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

تغدينا ثم قدم الشاي ..
وجلسنا حول الشيخ لننظر ما هو فاعل ..
جاء عبد الله وكان الشيخ ينتظره ..
وقال : هاه ياعبد الله فيك حيل..
وكان عبد الله رجلا سمينا ..ويسير بتثاقل..
قال : على أي شيء ؟؟
قال : السباحة !!
قال : بالتحدي ياشيخ ..
فقام الشيخ من فوره ..وتوجه لخارج الإيوان ..
خرجنا معهم فلحقت بالشيخ ..وهمست في أذنه ..
وقلت له : هل ستسبح بثوبك ..
فقال لي : هل عندك ملابس سباحة ..؟؟؟
قلت : نعم سأحضرها من السيارة ..
دخل الشيخ لغرفة التغيير وخلع ثيابه ولبس ذلك اللباس ولم يخلع فلينته ..
خرج الشيخ بغير ما دخل .. دخل بثوبه وغترته ..
وخرج حاسر الرأس لحيته بيضاء ناصعة ووجهه أبيض تلمع فيه وجهه
ابتسامة أضاءت المكان..
لما رأى الطلبة الشيخ وخصوصا عبد الله ..
اجتمعوا حول المسبح ..
فقال شيخنا : طب ياعبد الله ..
فقال : أنت أولا !!
حتى إذا غرقت أنقذناك !!
فضحكنا ..
فقفز شيخنا في الماء وسبح وكان عمره حينها حوالي الأربعة وستون سنة..
ثم لحقه عبد الله ..
ونزلت أنا وغيرنا ..
سبح الشيخ مع تلاميذه ودار في المسبح ..
وتوسط الماء ووقف فيه بحيث يثبت في وسط الماء ولا يتحرك
وقال : هكذا كنا نفعل مع شيخنا ..
حاولت أنا ولكنني لم اقدر ..
أما عبد الله المطرفي فاكتشفنا انه لا يسبح !!
استمتعنا في تلك الرحلة مع شيخنا وتواضعه وسماحته رحمه الله ..
لقد كانت تلك الرحلة مؤثرة في نفوس الطلبة مع شيخهم ..
فقد عمقت الصلة وقوت الرابطة وزادت المحبة ..
فجزاه الله عنا خير الجزاء..
استأذن الشيخ وخرجت معه برفقة محمد وكان العصر قريبا ..
فقال الشيخ في طريقنا : أريد أن أقيل ولو عشر دقائق قبل العصر ..
فعرضت عليه أن يأتي غرفتي المتواضعة في السكن!!
فقال : لا بأس..
__________________









الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 02-06-2006, 03:13 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

توجهنا للسكن وكان شبه فارغ..
وصعدنا لغرفتي ..
والحمد لله أنها كانت مرتبة ونظيفة!!
وضعت له الفراش فنام حتى أذن العصر ..
حينما سمع النداء استيقظ ..
وتوضئ في مواضئ السكن ..
ثم دخل الغرفة وتسنن أربع ركعات ..
ثم جلس ينتظر موعد الإقامة ..
قلب نظره في غرفتي فرآها ضيقة جدا !!
وقال : ما شاء الله عليك هذا وأنت الحالك!!
حيث تكومت الكتب في الرفوف وغصت فوضعتها في أطراف الغرفة
بطريقة مبعثرة ولا يمكن الاستفادة منها إلا بصعوبة ..
هذا غير كتب الأخ محبوب..
فقال شيخنا : تبي نغير لك غرفة أوسع ؟؟
قلت له : الغرف كلها متقاربة ..
قال : صحيح حنا يوم بنينا السكن ما كنا نتوقع هذا الإقبال من الطلبة ..
ولكن سنجد حل لك إن شاء الله ..
يتبع إن شاء الله
الحلقة السابعة والستون
لم يستنكف شيخنا رغم مشاغله أن ينظر في أمري سريعا..
ولكنه رجل متزن وهادي ويأخذ الأمور بتؤدة حتى ولو رآها الآخرون
هينة..
وهكذا العلماء في أمورهم وشئونهم كلها ..
رأى الشيخ أنه ليس من الإنصاف مع طلبته أن اسكن وحيدا يخصني من
دونهم وهذا غير وارد على الإطلاق في قاموس الشيخ رحمه الله..
والخيار الآخر هو الخروج من السكن وهذه كان الشيخ يستريب منها ..
وذلك أن الشيخ لاحظ أن كثيرا من طلبته حينما يخرجون من السكن يقل
مستواهم في الحرص على التحصيل و بعضهم يتغيب عن بعض الدروس
وبعضهم يلتحق بحلقات أخرى لعلماء آخرين فيكون في ذلك تشتيتا
لمصادر التلقي..
هذا لا شك لا ينطبق على الجميع ..
فهناك مجموعة كبيرة من خارج السكن هم أحلاس
الحلقة ونجومها فلا يعم ذلك الجميع
ولكنني أتكلم على الطلبة المستجدين أو الذين لم يمر على وجودهم فترة
طويلة كحالي ..
كل هذه الأسباب قد جعلت شيخنا يتردد بالسماح لي بالخروج من السكن ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 02-06-2006, 03:15 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

كان شيخنا يعرف ابن العمة أحمد ويرى منه الجد والاجتهاد..
وكذلك الأخ سعود الحربي ذو الأخلاق العالية والسماحة..
فكنت أذكره أنهما سيكونان رفيقاي خارج السكن ..
وأنني برفقتهما وحرصهما على العلم سنكون خير فريق وسنتعاون فيما
بيننا على التحصيل..
اتصل علي الشيخ يوما وقال : اذهب وقابل فلان في شارع السلسلة بجوار
منزلي القديم..
وصلت فوجدت الرجل المذكور فسلم علي ..
وبادر ..
وأدخلني عمارة متهالكة وقديمة تصدر من جنباتها روائح العزاب !!
صعدت معه للطابق الثاني في درج مكسر ووقف أمام باب شقة متهالك
ثم فتحة بعد معاناة وما إن رأيت المكان حتى أصابتني قشعريرة من
اتساخه والروائح الهائلة والغبار ...
كل ذلك وأنا لا ادري عن الحاصل !!
قلت للأخ : طيب !!
قال : أظن هذي بتكون شقتك !!
تلبد وجهي وقلت له : ومن يقوله ؟؟
قال : الشيخ هو اللي كلفني بالبحث لك عن سكن!!
بقيت انظر في وجهه وأنا صامت ..
وبقي ينظر إلي محتارا لا يدري ما يقول!!
تذكرت غرفتي في السكن في نفسي فحمدت الله على العافية ..
شكرت الرجل وقلت له جزاك الله خير وما قصرت ..
ناولني المفتاح!!
وقال : هذا مفتاحك استودعك الله !!
وغادر!!
تجولت في شقتي الجديدة !!
غرفة صغيرة عن يمين الداخل ثم حمام أجلكم الله .. تنبعث منه روائح .. ظن شرا ولا تسأل عن الخبر!!
ثم بجوارها غرفة أخرى واسعة قليلا قد نبتت في جنباتها خيوط العناكب
فحولتها إلى غرفة أشباح ..
في زاويتها نافذة متهالكة حاولت فتحها فغمرني منها غبار لم أرى قط
مثله في حياتي ..
انتثر على ثيابي وشماغي ورأيت أثر ذلك حينما خرجت في وجوه الناس
وهي تضحك من منظري!!
هذا كل شيء ..
ولا يوجد مطبخ !!
جدرانها صفراء ..
أما الجيران فهم مجموعة من العمالة العربية والآسيوية ..
تفوح في جنبات العمارة روائح البهارات والطبخ منذ أن تمر بجوارها..
قابلت شيخنا ظهرا ..
وبادرني قائلا : هه!!
كيف رأيت السكن الجديد!!
قلت له : والله يا شيخ ودي تشوفه أنت أيش رأيك ؟
__________________









الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 02-06-2006, 03:17 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

وصلنا بجوار العمارة وكانت على طريق منزل الشيخ ..
ثم استأذن من الناس ودخل معي ..
كان الشيخ وهو يصعد الدرج يقول : ما شاء الله .. ما شاء الله!!
فكنت أقول في نفسي : اصبر وسترى العجب!!
فتحت الباب ..وكنت أراقب تقاسيم وجه الشيخ !!
فرأيته معجبا مما يرى !!
تجول فيها ونظر هنا وهناك .. وتجول في غرفها ..
قال : أبد استعن بالله وانزل فيها !!
قلت له : هل أعجبتك يا شيخنا ؟؟
قال : ممتازة !!
شكرت شيخنا وقلت له : جزاك الله عني خير الجزاء ..
ونزلنا وشيعته حتى بيته ..
عدت للسكن وأنا حائر ..
أفكر كيف سأنتقل لهذه المرحلة الجديدة ..
دخلت غرفة سكني ..
تذكرت مراحل وصولي لعنيزة ..
آه كيف سيكون حالي في السكن الجديد..؟؟
لا شك أن الإنسان يرغب أن يكون الجو المحيط به مثاليا ..
أنا اعتدت على حياة كما هم أبناء بلدي ..
صحيح أنني عانيت حتى وصلت على ما وصلت إليه ..
ولكن العيش في مثل ذلك المكان شيء صعب للغاية لم أجربه من قبل..
هل تريدون أكمل مالذي حصل ؟؟
كانت نفقتي ليست بالكبيرة ..
وقلت للشيخ رحمه الله ..
المكان يحتاج لتنظيف وشراء أثاث ووو..
فقال لي : صاحب العمارة سوف يفعل لها صيانة!!
كان خبرا سعيدا ..
وقلت متى سينتهي !!
قال :خلال أيام ..
مررت على السكن بعد أيام لكي أرى الصيانة الجديدة ..
فلما وصلت باب الشقة شممت رائحة الطلاء من الخارج..
فاستأنست وأملت شيئا كبيرا ..
فتحت الباب فوجدتها قد طليت ولكن أي طلاء!!
ترقيع !!
هنا وهناك وغالبها بالمعجون وليس بالطلاء..
هذا كل ما فعل!!
اتصلت على صاحب العمارة وقلت له : هل انتهيتم؟؟
قال : خلاص انتهينا ويمكنك النزول الآن!!
استحييت أن ابلغ الشيخ بالحاصل ..
واعتبرت الموضوع انتهى..
سأفتقد جو العمارة والمكتبة والبحوث والطلبة الأفاضل لأنزل في مكان
مختلف الله اعلم كيف سيكون الحال فيه ..
أرجو أن لا أكون أثقلت على إخوتي بمثل هذه التفاصيل ولكنني أريد أن
اشعر إخوتي القراء بالجو الذي يعيشه طلبة العلم ..
أنا اعلم أن هناك من طلبة الشيخ ممن اعرفهم أو لا أعرفهم ..
وقد يكون بعضهم يقرأ كلامي هذا ..
قد وجدوا من العنت والظنك والمعاناة شيئا تعجز عن تصديقه ..
أعرف من ينام طاويا كل ليلة ..
اعرف من نام أسابيع في الجامع ولا يجد مأوى يأوي إليه ..
رأيت احدهم لا يجد مقصا يقص به أظافره ..
منعهم الحياء والعفاف عن سؤال الناس ..
يحضرون الدرس ويخرجون لا يعلم عنهم احد إلا الله سبحانه ..
ولكنهم يحملون في نفوسهم همة ورغبة في العلم تفوق الجبال ..
أولئك حصلوا خيرا عظيما وأعرف عددا منهم الآن في بلدانهم
هم شامة قد أحيا الله على يديهم قلوب الآلاف ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #8  
قديم 03-06-2006, 04:06 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

اتصلت على سعود واحمد ودعوتهما لرؤية السكن الجديد..
اتفقنا جميعا على أن المكان يحتاج لإعداد وتجهيز !!
جمعنا ما لدينا من مال يسير ..
وأخذنا في تنظيفها وترقيعها كيفما تيسر .. اخترت أنا الغرفة الأولى على الباب مباشرة ..
وسيكون الأخ سعود واحمد سويا في الغرفة الكبيرة ..
وهذا ما تم بيننا ..
نقلت مكتبتي..
ونقل سعود واحمد ما لديهم من كتب وكانت قليلة فيما اذكر..
اظننا وضعناها في مكان واحد لا أذكر والله..
كانت مشكلة الطعام ..!!
ولا أظن واحدا منا يطبخ !!
وأين سنطبخ؟؟
قال شيخنا : تأكلون في السكن مع الطلاب!!
وهذا ما حصل ..
كان التأقلم مع الحياة الجديدة صعبا للغاية ..
تعودنا على أذان الجامع ..
وعلى الجو العلمي المحيط بنا
كانت النقلة هائلة على النفس والله ..
وأظن الأخوان شعرا بما شعرت به..
أما أنا فقد صرت يوميا انزل لباب العمارة ..
وانتظر قدوم الشيخ فأرافقه للمسجد ..
وهذه ميزة جديدة حصلت عليها ..!!
ولم أكن اشغله عن حزبه حيث يقرأ القرءان في الطريق..
ولكنني كنت أرافقه على كل حال ..
يتبع إن شاء الله
الحلقة الثامنة والستون
كان لي في تلك البناية ذكريات لا تنسى ..
خاصة برفقة الأخوين الكريمين أحمد وسعود..
مرت علينا فيها ساعات ألذ من الشهد..
ومرت علينا فيها مواقف عصيبة كما هي الحياة.. دوما
لكن ذكرياتها العطرة أكثر وعبيرها في النفس أبقى
إن التأقلم مع الحياة الجديدة وفي جو جديد يحتاج لصبر ومثابرة..
حاولنا جميعا أن نتناسى ما مضى ونبدأ حياتنا الجديدة وبهمة ونشاط
أذكر أن أول شيء عانينا منه هو الاستيقاظ لصلاة الفجر!!
هذا هو الواقع!!
حينما كان يؤذن الريس وهو لقب مؤذن الجامع الكبير..
كانت سماعات المسجد ترن في آذاننا فيقوم الطلاب جميعا..
حيث أوصلت لمنائر السكن سماعات أمر شيخنا بوضعها ..
فلا يبقى لأحد حجة على فوات الصبح..
بل كان الشيخ رحمه الله إن رأى وهو في طريقة للمسجد .. نافذة مضاءة وظن أن أحدا غرفته ولم ينزل للصلاة
يصعد إليه فيضرب عليه الباب ليوقظه للصلاة ..
وكم مرة فوجئت بقرع الباب فأجد الشيخ أمامي!!
فلا تهاون عند الشيخ في ذلك..
أما هنا فالوضع مختلف!!
يؤذن مؤذننا بارك الله فيه بصوت لا تكاد تسمعه..
وكان رجلا مسنا ..
ونحن غالبا نسهر للمذاكرة كعادة الطلبة..
ومن المعيب أمام الله ثم عباده أن يظهر طلبة العلم أمام الناس
بأنهم أكسل الناس عن صلاة الفجر ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #9  
قديم 03-06-2006, 04:10 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

اسمحوا لي أن اروي لكم إحدى معاناتي مع المنبهات..
اشتريت لسكني الجديد منبها فكسرته مرارا وأنا نائم لا أشعر!!
كانت تصيبني كآبة حينما استيقظ بعد خروج الناس من المسجد..
وتزيد كآبتي حينما أرى شيخنا في الظهر فيقول لم أرك فجر اليوم!!
فأرخي رأسي حياء وأخبره أنني نمت عن الصلاة!!
فيعرض الشيخ عني معاتبا لتكرر ذلك مني!!
كان الأخ سعود في أول الأمر أخفنا نوما ولكنه رجل حيي يطرق الباب
بأدب ثم ينصرف.
فلا يغني ذلك عني شيئا..
وليته خلع الباب وأيقظني فلا ألومه..
حينما تكررت الحال ..
ذهبت لمحل الساعات فقلت للعامل..
أعطني منبها قويا يصدر صوتا مزعجا !!
كان رجلا لبيبا فيما يظهر..
قال : أكيد عندك مشكلة في النوم !!
عندي لك ساعة ممتازة تصدر صوت مزعج وإغلاق المنبه يحتاج لشخص
مستيقظ!!
يعني ماذا ؟؟
قال : جرب وسترى!!
نقدته 120 ريالا!!
وأخذت ذلك المنبه السحري..
حينما رن فجرا قبل الأذان أصدر صوتا مهولا يذكرك بجرس المدارس ..
قفزت من فراشي وبحثت عن مكان الإغلاق في المنبه فلم أجده !!
بقي المنبه يصم أذني وظننت أن الجدار سيسقط من صوته حتى هممت أن
أرطمها به لتلحق صاحباتها!!
ولكنني استيقظت وهذا هو القصد!!
ذهبت للعامل ضحى وقلت له : كيف أغلق هذه الساعة يا رجل؟؟
ضحك وقال: هنا وأشار لموضع الإغلاق حيث صنعت الشركة موضعا
تحتاج لمعاناة ومشقة بضغط عدة أزرار وعلى كل فقد انتشرت ويعرفها
من يعاني مثل معاناتي حينها!!
يقولون إذا كثر المساس قل الإحساس ..
بعد مدة اعتدت على صوت جرس تلك الساعة بحيث أنني لم أعد استيقظ
على صوتها المروع !!
فمن أين لي بساعة أخرى!!
جلست مع سعود وأحمد وقلت لهما أنا عجزت في أمري رجاء ابحثوا لي
عن حل ..؟؟
فاشتكيا أنهما صارا يعانيان مثل معاناتي وبأنهما بسبب السهر والبرد
تفوت عليهما الصلاة مرارا ..
قررنا في تلك الليلة أن نربط الساعة بحبل فوق مروحة الغرفة!!
ونجرب ذلك فمن يستيقظ أولا يوقظ الآخرين !!
في اليوم التالي سمعت جلبة في الغرفة المجاورة
فدخلت على جيراني
فرأيت سعود وأحمد يقفزان كالمجانين كل يريد الوصول لتلك الساعة
الرهيبة ليغلق صوتها الذي يصم الآذآن!!
لا أنسى أبدا منظرهما المضحك وهما يصرخان ويولولان ..
حتى انزلاها ..
وقالا لي :خذ ساعتك هذه لا نريد أن نراها مرة أخرى ..!!
سامحوني إخوتي فقصة الساعة والاستيقاظ تلك وجدتها ملقاة بالذاكرة أحببت
ذكرها ليقرأها أبنائي ومن قد يهتم ..!!
أذكر مرة أنني في الطائف قبل أن انتقل للقصيم أنني طلبت من إحدى
أخواتي أن تربط يدي بالطاولة حتى لا أغلق المنبه الذي بجواري ..
ظنتني جننت ولكنها أذعنت لطلبي..
فنجحت تلك الفكرة لأيام قبل أن اكسر الطاولة!!
وهذه حيلتي تلك الأيام والله المستعان على زمن الطاعة والتعبد!!
__________________









الرد مع إقتباس
  #10  
قديم 05-06-2006, 08:52 AM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

وضعنا لنا سعود وأحمد وأنا
برنامجا صارما في الدراسة ..
كل بحسب رغبته وتوجهه وطريقته في التعلم ..
أخونا احمد كان يجلس وقتا طويلا بمسجد الجعيفيري المجاور..
يراجع محفوظاته وهو محب للعزلة من طبعه..
وحصل محفوظات جيده ..
وسعود انشغل بدراسته وكتبه وجامعته حيث كان طالبا بجامعة الإمام..
وأنا أكملت برامجي التي اعتدت عليها وبحوثي
كان اللقاء بيننا تقريبا على الطعام وجلسات بسيطة غير منظمة..
لكن نبتت بيننا لحمة ومودة كبيرة نمت مع الأيام..
ولا تخلوا أبدا من الخلاف والنزاع والهجر أحيانا !!
وقد كنا جميعا في مقتبل العمر والحياة تجارب ولكن يعلم الله أنني أكن
للأخوين سعود واحمد من المحبة والمودة مالا يمحوه الدهر ..
وأحن لتلك الساعات والأيام كما تحن الأم على ولدها ..
فسقى الله تلك الليالي والأيام..
ومصدر الخلاف إن وجد فهو تافه ولا يذكر بوزن الآن..
كانت تدور بيننا نقاشات علمية ومحاورات قد تتطور حتى تصل حد
الخصومة..!!
وهكذا هو جو طلبة العلم المستجدين حوار ونقاشات ..
فيعود أحدنا لمراجعه وينقب عما يؤيد رأيه وفي اليوم التالي يلقي كل بما
عنده فلا نصل لنتيجة ..
فيبقى الواحد مخاصما لصاحبه لماذا لم يتبع رأيي!!
كنا أغرارا وقليلو الخبرة وهكذا الحياة لا تتعلم منها سوى بعد فوات
الأوان!!
أذكر مرة أنه زار الأخ سعود أحد طلبة العلم في شقتنا
ولم أكن اعرف الرجل من قبل
وفي تلك الأيام انتشر في الأسواق كتاب للشيخ الألباني أثار ضجة هائلة
بين طلبة العلم ..
حول حكم تارك الصلاة..
و كنت قد دونت بحثا أتعصب فيه لرأي شيخنا المشهور في المسألة وهو
الحق الذي لا شك فيه عندي
وتتبعت فيه أدلة الشيخ الألباني رحمه الله..
ودونت تعليقات عليها وملاحظات ..
فكنت مستوعبا للمسألة ومدركا لكثيرا من تفصيلاتها ..
وكأني لمحت من الطالب ذلك انه يميل لرأي الألباني..
وكان سعود محتفيا به فهو ضيفه ويعرف حدتي فلا يريد أن يفتح بابا
للنقاش والذي يعرف حق المعرفة خاتمته..
ولكنني اندفعت عليه وأخذت أسرد عليه من النصوص والشواهد والحجج
ما جعله بتلجلج ويخرج من المجلس مغضبا ..
فأخذ سعود في نفسه علي وقال لي: يا أخي ليس هذا وقته!!
ومع ذلك فلم تكن تلك المواقف البسيطة والتافهة لتؤثر في حياتنا فلدينا
من الذكريات والجلسات المفيدة والمواقف الحميدة ما لا يكاد يحصر
لم يكن الأخ سعود وأحمد معتادان على الخلطة بالشيخ ..
ولقد كنت خير سبيل لهما في ذلك ..
كان شيخنا رحمه الله يدخل شقتنا في الشهر مرارا..
وكان يدعونا دوما لبيته إن جاءه ضيف ..
وكم عادنا إن مرض أحدنا وبعث لنا من طعامه وهداياه وصلاته التي لم
تنقطع فقد عدنا جيرانه من وجهين ..
جيرانه في بيته القديم والذي عاش فيه اغلب عمره ..
وجيرانه في بيته الحديث والواقع في نهاية الشارع ..
في إحدى زيارت الشيخ للشقة قلت له :ارغب يا شيخ في شراء وسائد
لكي نتكيء عليها من برد الجدران وإن جاءنا ضيف تجملنا معه!!
فقال : ليس هذا بضرورة !!
ويكفيك أن تضع قماشا أو شيئا خلف ظهرك وبذلك تتكيء عليه!!
رحمه الله ما أبسطه وأزهده بزخارف الحياة..
ولكنه في النهاية سمح لي بشرائها !!
ولم تمر شهور بعد ذلك حتى بدلنا المكان فصار يأتينا الزوار ويقولون
لنا..
كأنكم لستم بعزاب !!
يتبع إن شاء الله
__________________









الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م