الحلقة التاسعة والستون
المواقف كثيرة فدعونا نحكي ما يعجل بالحكاية ويوصلنا لنهايتها على لا
يدخل الملل على القراء الكرام..
وقد يكون بعضكم يرغب أن أفصل أكثر وأن أجعلها كأنها مذكرات يومية
ولكن هيهات..
دون ذلك تنقطع الأعناق فوالله ما أدونه هنا يسقط من رأسي دون أن
ارجع لشيء مكتوب ..
فلا يلومني لائم في تقدم بعض الأمور وتأخر البعض فهذه حيلتي والله
المستعان..
اتسعت مكتبتنا يوما بعد يوم وهذا ما سهل علينا معاناة التنقل
للمكتبة والبحث في المراجع..
كنا نجتمع والإخوة الأفاضل سعود وأحمد في المكتبة فنراجع ويقرأ كل
كتابه أو يراجع حفظه أو يدون بحثه ..
ما أحلى تلك اللحظات الدافئة حينما نستيقظ في الصباح الباكر وخاصة في
الإجازات فنشغل المدافيء في برد عنيزة القارص وينكب احدنا على كتابه
فيغرق فيه فلا يرفع رأسه حتى أذان الظهر!!
ونحن والله لا نشعر بالملل ..
وليس ذلك بالدائم على كل حال !!
فمراحل الفتور والضعف لا بد منها ..
لا أنسى تلك الوجبات الدافئة من طعام الحنيني !!
وهو من الوجبات الشعبية في القصيم والتي كنا نشتريها من المحلات
وهي مغلفة وجاهزة..
فنطبخها على موقد كهربائي متواضع فلنتهم تلك العجينة المخلوطة بالتمر
والزبد والقشط فتعطيك الطاقة وتذهب الجوع وتشعرك بالدفئ ..
فتبقى شبعان نشطا طوال نهارك!!
أما عن أوقات الفراغ وما اقلها فكنا نقظيها سويا في زيارة المزارع
المحيطة بعنيزة وما أكثرها فكنا نتنزه ونسير بين النخيل الباسقة والظلال
الوارفة ..
ذهبنا مرارا لمزرعة الشيخ عبد الله الجلالي والتي هي مفتوحة لكل من
يريد دخولها..
فنسبح في بركتها الكبيرة ..
خرجنا في رحلات بسيطة واستأجرنا سيارة جيب سوزوكي!!
أو كنا نستعير من أحد الإخوة سيارته فنخرج لصحراء عنيزة فنطعس
فيها فلا تسل عن تطعيس أهل الحجاز في نجد!!
لم تكن حياتنا تسير على رتابة واحدة فنحن بشر ..
نعيش في جد وهو غالب شاننا والحمد لله ..
ونخلطه بالهزل والاسترواح أحيانا ..
كنت قرأت عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله انه كان يقول عن نفسه
كنت أقرأ في تفسير الآية مائة تفسير فربما عسر علي من فهما فأخرج
وأسير في المزارع أو قال في الطرقات وادخل المساجد المهجورة أو
القديمة وأتمرغ في ترابها وابكي وأقول: يا معلم آدم علمني ويا مفهم
سليمان فهمني..
ولقد فعلتها مرارا كما كان يفعل الشيخ حيث كانت تضيق علي بعض
المسائل ..
فيفتح الله علي بذلك فتحا عظيما والحمد لله ..
ولقد سألت شيخنا رحمه الله عن معنى قول الشيخ : مائة تفسير ..
فقال : يقصد شيخ الإسلام مائة تفسير بمعنى مائة قول ..
فمن المستبعد أن يقصد الشيخ مائة كتاب في الآية الواحدة فهذا ما
يستحيل تخيله .. وهذا نظير قول العلماء عن حفظ الإمام أحمد انه حفظ
ألف ألف حديث !!!
فالمقصود هو الروايات والأسانيد لا عدد النصوص المروية ..
والله اعلم ..