مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 06-06-2006, 04:40 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

ويوضح الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن المعنى الصحيح لحديث (أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي …) – وهو في السنن – حيث استدلوا به على سؤال الله بخلقه. فقال الشيخ رحمه الله في بيان معناه:
(وأما ما ورد في السنن (بحق السائلين عليك) وبحق ممشى الذاهب إلى المسجد ونحو ذلك، فالله سبحانه وتعالى جعل على نفسه حقاً تفضلاً منه وإحساناً إلى عباده، فهو توسل إليه بوعده، وإحسانه، وما جعله لعباده المؤمنين على نفسه حقاً تفضلاً منه، وإحساناً إلى عباده، فليس هذا من الباب أعني باب مسألة الله بخلقه، وقد منعه فقهاء الحنفية، كما حدثني به محمد بن محمود الجزائري الحنفي( ) رحمه الله بداره بالأسكندرية، وذكر أنهم قالوا: لا حق لمخلوق على الخالق.
ويشهد لهذا ما يروي أن داود قال: اللهم إني أسألك بحق آبائي عليك، فأوحى الله إليه: (أي حق لآبائك عليّ) أو نحو هذا. والحق المشار إليه بالنفي هذا غير ما تقدم إثباته. فإن المثبت بمعنى الوعد الصادق وما جعله الله للماشي إلى الصلاة، وللسائلين من الإجابة، والإنابة فضلاً منه وإحساناً، والمنفي هنا هو الحق الثابت بالمعارضة، والمقابلة على الإيمان والأعمال الصالحة، فالأول يرجع ويعود إلى التوسل بصفاته الفعلية والذاتية، والثاني يرجع إلى التوسل بذوات المخلوقين، فتأمله فإنه نفيس جداً) ( ) .
وأما استدلالهم بحديث (يا عباد الله أعينوني)، وحديث (يا عباد الله احبسوا) فأجاب عنه الشيخ محمد بن ناصر الحازمي فقال: (والحديثان لا يصحان. أما الأول: فرواه الطبراني في الكبير بإسناد منقطع، والثاني: ففي إسناده معروف بن حسان، قال ابن عدي: منكر الحديث..) ( ) .
وكتب الشيخ أحمد بن عيسى جواباً على استدلالهم بحديث الأعمى، فكان مما كتبه:
(قد قرر جمع من العلماء ما قرره شيخ الإسلام في معنى حديث الأعمى، وبينوا أنه ليس فيه إلا طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه دلالة فيه على التوسل بالذات، كالعلامة السويدي وابنه، والشيخ نعمان بن محمود أفندي الآلوسي..) ( ).
وقد أفاض الشيخ السهسواني في الرد على ما استدلوا به من أحاديث، وتعقبها بالرد والنقد، فكان مما قاله رحمه الله – جواباً على استدلالهم بحديث فاطمة بنت أسيد على جواز التوسل بالأنبياء -:
(وفيه – أي حديث فاطمة بنت أسيد – روح بن صلاح، وثقه ابن حبان والحاكم، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح، وقال الذهبي في (الميزان) روح بن صلاح المصري يقال له ابن سبابة ضعفه ابن عدي، يكنى أبا الحارث، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحاكم ثقة مأمون. أ.هـ.
فقد علم بذلك أن في سنده روح بن صلاح المصري وهو ضعيف ضعفه ابن عدي، وهو داخل في القسم المعتدل من أقسام من تكلم في الرجال كما في (فتح المغيث) للسخاوي ولا اعتداد بذكر ابن حبان له في الثقات، فإن قاعدته معروفة من الاحتجاج بمن لا يعرف كما في (الميزان).
وكذلك لا اعتداد بتوثيق الحاكم وتصحيحه فإنه داخل في القسم المتسمح كما قال السخاوي) ( ).
ويقول الشيخ عبد الرحمن الدوسري في حاشية الجواب السابق:
(هذا الحديث – أي حديث فاطمة بنت أسيد – لا يصح دراية، إذ صيغة متنه وركاكة ألفاظه وما فيه من المبالغة مما يدل على عدم ثبوته. زيادة على غرابته، وما في سنده من الضعف الذي تكلم عليه المؤلف) ( ).
وأما استدلالهم بحديث عثمان بن حنيف، فقال السهسواني عن هذا الحديث:
(في سنده أبو جعفر، فإن كان هو عيسى بن أبي عيسى ما هان أبو جعفر الرازي التميمي – كما ظنه الحافظ ابن حجر في (التقريب) – فالأكثرون على ضعفه .. قال عنه الحافظ في (التقريب): صدوق سيء الحفظ، وقال أبو زرعة: يهم كثيراً، وقال الفلاس: سيء الحفظ، وقال النسائي: ليس بالقوي.
وإن كان أبا جعفر المدني كما في سنن ابن ماجة فهو مجهول..) ( ).
وأما استدلالهم بحديث (أسألك بحق السائلين إليك)، فقد تكلم السهسواني على سنده فقال:
(ففي سنده عطية العوفي فإن جارحيه أكثر من معدليه، ووجه ضعفه كونه شيعياً مدلساً، وكذا عدم الضبط وكثرة الخطأ .. كما أن في سنده فضيل بن مرزوق، وهو ممن اختلف فيه.. وكذا في سنده الفضل بن موفق أبو الجهم ضعفه أبو حاتم، والأشبه أن هذا الحديث موقوف كما قال أبو حاتم) ( ). هذه بعض الردود على استدلال الخصوم في إثبات التوسل البدعي، ولم نقصد بتلك الردود الإحاطة والتفصيل، وإنما قصدنا مجرد التنبيه والتمثيل، فلقد ألفت – ولله الحمد – كتب عرضت لهذه الأدلة بالرد والنقد التفصيلي( )، فأغنى ذلك عن ذكره. وننتقل إلى الرد على ما جاء في العصر الثاني من هذه الشبهة ونشرع في الرد عليها – أولاً – فيما ادعوه بأن التوسل إلى الله بالموتى بمعنى الاستغاثة بهم، فقد أورد صاحب كتاب (التوضيح) هذه الدعوى ثم أبطلها من عدة وجوه، فكان مما قاله رحمه الله:
(فإن قيل يجوز أن يكون لفظ الاستغاثة بغير الله بمعنى التوسل، فمعنى قول المستغيث أستغيث برسول الله، وبفلان الولي أي أتوسل برسول الله أو بالولي الصالح، ويصح حينئذٍ أن يقال تجوز الاستغاثة في كل ما يطلب من الله بالأنبياء والصالحين بمعنى أنه يجوز التوسل بهم في ذلك ويصح لفظاً ومعنى. الجواب أن هذا باطل من وجوه:
أحدهما: أن لفظ الاستغاثة في الكتاب والسنة وكلام العرب إنما هو مستعمل بمعنى الطلب من المستغاث به لا بمعنى التوسل، وقد اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن الاستغاثة لا تجوز بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وقول القائل أستغيث به بمعنى توسلت بجاهه، هذا كلام لم ينطق به أحد من الأمم لا حقيقةً ولا مجازاً ولم يقل أحد مثل هذا، ولا معناه لا مسلم ولا كافر.
الثاني: أنه لا يقال أستغيث إليك يا فلان بفلان أن تفعل بي كذا، وإنما يقال أستغيث بفلان أن يفعل بي كذا، فأهل اللغة يجعلون فاعل المطلوب هو المستغاث به، ولا يجعلون المستغاث به واحداً والمطلوب آخر، فالاستغاثة طلب منه لا به.
الثالث: أن من سأل الشيء، أو توسل به، لا يكون مخاطباً له ولا مستغيثاً به، لأن قول السائل، أتوسل إليك يا إلهي بفلان: إنما هو خطاب لله، لا لذلك المتوسل به بخلاف المستغاث به، فإنه مخاطب مسئول منه الغوث فيما سأل من الله فحصلت المشاركة في سؤال ما لا يقدر عليه إلا الله، وكل دعاء شرعي لابد أن يكون الله هو المدعو فيه.
الرابع: أن لفظ التوسل والتوجه ومعناهما يراد به أن يتوسل إلى الله ويتوجه إليه بدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم عند خالقهم في حال دعائهم إياه، فهذا هو الذي جاء في بعض ألفاظ السلف من الصحابة رضوان الله عليهم .. وهذا هو الذي عناه الفقهاء في كتاب الاستسقاء في قولهم ويستحب أن يستسقى بالصالحين..) ( )
ويوضح الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الفرق بين التوسل والاستغاثة فيقول:
(وبينهما فرق عظيم أبعد ما بين المشرق والمغرب.. فالعامة الذين يتوسلون في أدعيتهم بالأنبياء والصالحين كقول أحدهم أتوسل إليك بنبيك أو بملائكتك أو بالصالحين أو بحق فلان وغير ذلك مما يقولونه في أدعيتهم يعلمون أنهم لا يستغيثون بهذه الأمور ولا يسألونها وينادونها فإن المستغيث بالشيء طالب منه سائل له، والمتوسل به لا يدعو ولا يطلب منه، ولا يسأل وإنما يطلب به، وكل أحد يفرق بين المدعو به وبين المدعو والمستغاث، ولا يعرف في لغة أحد من بني آدم أن من قال أتوسل إليك برسولك أو أتوجه إليك برسولك فقد استغاث به حقيقة فإنهم يعلمون أن المستغاث به مسئول مدعو فيفرقون بين المسئول وبين المسئول به، سواء استغاث بالخالق أو بالمخلوق) ( ).
كما يوضح الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الفرق بينهما فيقول:
(واعلم أن التوسل بذات المخلوق أو بجاهه غير سؤاله ودعائه، فالتوسل بذاته أو بجاهه أن يقول: اللهم اغفر لي وارحمني، وأدخلني الجنة بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم، أو بجاه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك فهذا بدعة ليس شرك، وسؤاله ودعاؤه هو أن يقول: يا رسول الله أسألك الشفاعة وأنا في كرب شديد، فرج عني، واستجرت بك من فلان فأجرني ونحو ذلك، فهذا كفر وشرك أكبر ينقل صاحبه من الملة؛ لأنه صرف حق الله لغيره؛ لأن الدعاء عبادة لا يصلح إلا لله، فمن دعاه فقد عبده، ومن عبد غير الله فقد أشرك، والأدلة على هذا أكثر من أن تحصر، وكثير من الناس لا يميز ولا يفرق بين التوسل بالمخلوق أو بجاهه، وبين دعائه وسؤاله فافهم ذلك) ( ).
ويرد الشيخ عبد الرحمن بن حسن على هؤلاء المجوزين للشرك باسم التوسل، فيقول:
(وليس عند هؤلاء الملاحدة ما يصدون به العامة عن أدلة الكتاب والسنة التي فيها النهي عن الشرك في العبادة إلا قولهم قال أحمد بن حجر الهيتمي، قال فلان، وقال فلان يجوز التوسل بالصالحين ونحو ذلك من العبارات الفاسدة. فنقول هذا وأمثاله ليسوا بحجة تنفع عند الله وتخلصكم من عذابه، بل الحجة ما في كتاب الله وسنة رسوله الثابتة عنه، وما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، وما أحسن ما قال الإمام مالك رحمه الله، وكلما جاءنا رجل أجدل من رجل نترك ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله. إذا عرف ذلك فالتوسل يطلق على شيئين فإن كان ابن حجر وأمثاله أرادوا سؤال الله بالرجل الصالح فهذا ليس في الشريعة ما يدل على جوازه، فإن كان أرادوا بالتوسل دعاء الميت والاستشفاع به فهذا هو شرك المشركين بعينه، والأدلة على بطلانه في القرآن كثيرة جداً) ( ).
ويبين الشيخ عبد الرحمن بن حسن ضلال داود بن جرجيس حيث خلط بين التوسل إلى الله بالموتى وبين الاستغاثة بالموتى، فكان مما قاله الشيخ رحمه الله:
(فدخل عليه الضلال والخطأ من وجوه: منها أنه جعل المتوسل به بعد موته في دعاء الله مستغيثاً به، وهذا لا يعرف في لغة أحد من الأمم لا حقيقة ولا مجازاً مع دعواه الإجماع على ذلك، فإن المستغاث هو المسئول المطلوب منه لا المسئول به) ( ).
ويوضح الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن الفرق بين مسألة الله بجاه الخلق، ومسألة الخلق ما لا يقدر عليه إلا الله، فيقول:
(فاعلم أن مسئلة الله بجاه الخلق نوع، ومسئلة الخلق ما لا يقدر عليه إلا الله نوع آخر، فمسئلة الله بجاه عباده منعها أهل العلم، ولم يجزها أحد ممن يعتد به، ويقتدي به كالأئمة الأربعة، وأمثالهم من أهل العلم والحديث، إلا أن ابن عبد السلام أجاز ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وقيده بثبوت صحة الحديث الذي جاء في ذلك وهو حديث الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ادع الله يا محمد.. الحديث. قال ابن عبد السلام إن صح الحديث فيجوز بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، والحديث في سنده من لا يحتج به عند أهل العلم كما لا يخفى على أهل الصناعة.- إلى أن قال الشيخ عبد اللطيف: وبالجملة فهذه المسألة نوع، ولا يخرج بها الإنسان عن مسئلة الله، وإنما الكلام في سؤال العباد وقصدهم من دون الله، فسؤال العباد والاستعانة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك جلي، ولو قال يا ولي الله اشفع لي فإن السؤال محرم، وطلب الشفاعة منهم يشبه قول النصارى يا والدة الإله اشفعي لنا إلى الإله) ( ).
  #2  
قديم 06-06-2006, 04:46 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

ويشير الشيخ السويدي( ) إلى الفرق بينهما فيقول:
(وهذا التوسل الذي ذكر فيه الخلاف فيما إذا كان الداعي يتوجه إلى ربه، متوسلاً إليه بغيره مثل أن يقول أسألك بجاه فلان عندك، أو بحرمته أو بحقه، وأما إذا توجه إلى ذلك الغير وطلب منه فهو شرك كما تحقق) ( ).
ويبين الشيخ سليمان بن سحمان أنواع التوسل جملة، موضحاً الفرق بينهما فيقول:
(والتوسل له أقسام، فقسم مشروع وهو التوسل بالأعمال الصالحة، وبدعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وطلب الاستغفار منه، وبدعاء الصالحين وأهل الفضل والعلم، وكذلك بالأعمال الصالحة، وقسم محرم، وبدعة مذمومة، وهو التوسل بحق العبد وجاهه وحرمته نبياً كان ذلك، أو ولياً، أو صالحاً؛ لأن ذلك لم يرد به نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين.. وأما قصد هؤلاء من التوسل فهو دعاء الأنبياء والأولياء، والصالحين، وكشف الكربات، وإغاثة اللهفات، فمن صرف شيئاً من هذه الأنواع لغير الله فهو كافر مشرك بإجماع المسلمين..) ( ).
وبهذا يعلم أن هناك توسلاً شرعياً، توسلاً بدعياً محرماً، وأن التوسل عند عباد القبور هو بمعنى دعاء الموتى والاستغاثة بهم. وكذلك ندرك خطأ ما ذكره هؤلاء الخصوم بأن لفظ التوسل بمعنى الاستغاثة، وكذلك بمعنى الالتجاء، وغيرها من الألفاظ التي أوردوها بقصد التمويه والتلبيس، وتزيين الشرك بأسماء ينخدع بها عامة الناس، لذا يقول أبو بطين رحمه الله:
(ولما علم الشيطان أن كل من قرأ القرآن، أو سمعه ينفر من الشرك، ومن عبادة غير الله ألقى في قلوب الجهال أن هذا توسل، وتشفع بهم، والتجاء إليهم ونحو ذلك فسلب العبادة والشرك اسمهما من قلوبهم، وكساهما أسماء لا تنفر عنها القلوب) ( ).
ولكن تغيير الأسماء لا يغير الحقائق، الحكم يدور مع الحقيقة وجوداً وعدماً، وليس مع الأسماء والألفاظ، لذا قال الشيخ ابن سحمان رحمه الله:
(فإنه من المعلوم عند كل عاقل أن حقائق الأشياء لا تتغير أسمائها، فلا تزول هذه المفاسد بتغير أسمائها، كتسمية عبادة غير الله توسلاً وتشفعاً، أو تبركاً وتعظيماً للصالحين وتوقيراً، فإن الاعتبار بحقائق الأمور، لا بالأسماء والاصطلاحات والحكم يدور مع الحقيقة، وجوداً وعدماً لا مع الأسماء..) ( ).
وأما دعواهم بعدم الفرق بين التوسل والاستغاثة بالأحياء وبين التوسل والاستغاثة بالأموات؛ لأنه ليس للميت ولا للحي تأثير أو فعل؛ لأن الفاعل – حقيقة – هو الله وحده، وإن وجد في كلام العامة بعض (الألفاظ الموهمة) التي توهم إسناد الفعل إلى الأموات، فلا جناح عليهم؛ لأن هذا الإسناد إسناد مجازي لا حقيقي، هذه هي دعواهم، فأما الرد عليهم فيكون على النحو التالي: يبين الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين بطلان دعواهم بأن الطلب من الأموات من باب التسبب( )، فيقول:
(نحن لا ننكر إضافة الأشياء إلى أسبابها، ولكن الله سبحانه هو خالق الأسباب والمسببات، ولا يلزم من ذلك أن نعتمد على الأسباب، فضلاً عن أن نسألها ونرغب إليها وهي مخلوقة، بل يتعين على العباد أن يعتمدوا على خالق الأسباب ويرغبوا إليه، ويستعينوا به ويعبدوه وحده، إياك نعبد وإياك نستعين).
ثم يقول: (فطرد هذا الأصل الباطل – أي دعاء الأموات كأسباب – أن يجوز ذلك في جميع الأسباب، وقد قال تعالى: (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً) ( ). فيلزمه أن يجوز للناس أن يطلبوا من الريح أن تسير لهم سحاباً ماطراً، وقال تعالى في حق نبيه: (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) ( ) والمراد بالظلمات ظلمات الجهل والكفر والشك إلى نور العلم والإيمان، فيجوز على أصل هذا أن يقال يا رسول الله أخرجنا من الظلمات إلى النور) ( ).
ويكشف الشيخ صالح الشثري بطلان دعوى دحلان – ومن معه – حين جوز التوسل والاستغاثة بالأموات، ما دام أن المتوسل والمستغيث بهم يعتقد أن التأثير والإيجاد لله وحده، وأنه ليس للحي ولا للميت فعل أو تأثير، يقول الشثري رحمه الله:
(وعلى معتقد هذا الملحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطأ وظلم في قتال المشركين؛ لأنهم لا يعتقدون تأثيراً، ولا إيجاداً لغير الله، مع أن هذا الملحد قد نقض أصله في نفس تعريفه بقوله: فالمستغيث يطلب ممن استغاث به أن يحصل له الغوث من غيره، فهل التحصيل إلا فعل قائم بالواسطة الذي طلب منه، وقد سلك في معتقده هذا مع تناقضه مذهب القدرية المجبرة، القائلين بأن العبد مجبور لا فعل له حقيقة، بل إسناد الفعل إليه مجاز، فكأنه لم يسمع قول الله سبحانه وتعالى: (وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم) ( ) فأثبت سبحانه فعل الظلم لهم فعاقبهم عليه، وقال تعالى (ومكروا ومكر الله) ( ) الآية، أيظن من له أدنى رائحة من عقل أن الله قصد نسبة مكر المشركين إليهم مجاز، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً) ( ).
ويرد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن على دعوى ابن جرجيس حين ادعى أن من اعتقد أن الأسباب العادية فاعلة من غير استنادها إلى الله فهو كافر إجماعاً فيقول:
(إذا كان إسناد الفعل إليها استقلالاً يكفر فاعله إجماعاً، وهي من الأسباب العادية التي أودع الله فيها قوة فاعلة، فكيف لا يكفر من أسند مالا يقدر عليه إلا الله من إغاثة اللهفات، وتفريج الكربات إلى غير الله من الصالحين، ونحوهم، وزعم أنها وسائل أو أن الله وكل إليهم التدبير كرامة لهم، هذا أولى بالكفر وأحق به ممن قبله.
ويقال للعراقي أنت لا ترضى تكفير أهل القبور لاحتمال العذر والشبهة وأنه شرك أصغر يثاب من أخطأ فيه، فكيف جزمت بكفر من أسند القطع للسكين من غير استناد إلى الله وما الفرق بين من عذرته وجزمت بإثباته، وبين من كفرته وجزمت بعقابه ليست إحدى المسألتين بأظهر من الأخرى، وما يقال من الجواب فيما أثبته من الكفر يقال فيما نفيته..
ويقال جمهور العقلاء على الفرق بين الأسباب العادية وغيرها، فالشبع والري والدفء أسباب عادية فاعلة، وإنما يكفر من أنكر خلق الله لهذه الأسباب، وقال بفعلها دون مدبر عليم حكيم، وهذا البحث يتعلق بتوحيد الربوبية، وأما جعل الأموات أسباباً يستغاث بها وتدعى وترجى، وتعظم على أنها وسائط فهذا دين عباد الأصنام، يكفر فاعله بمجرد اعتقاده وفعله، وإن لم يعتقد الاستقلال كما نص عليه القرآن في غير موضع) ( ).
ويورد الشيخ السهسواني ما في دعوى دحلان من البطلان، حين ادعى أن المتوسلين والمستغيثين بالأموات لا يعتقدون التأثير إلا لله وحده، فيقول السهسواني رحمه الله:
.. أقول: فيه كلام من وجوه:
الأول: أنه يعتقد كثير من العوام، وبعض الخواص في أهل القبور، وفي المعروفين بالصلاح من الأحياء أنهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلا الله..
الثاني: أن مجرد عدم اعتقاد التأثير والخلق والإيجاد والإعدام.. لا يبريء من الشرك فإن المشركين الذين بعث الله الرسل إليهم أيضاً كانوا مقرين بأن الله هو الخالق الرازق بل لابد فيه من إخلاص توحيده وإفراده..
الثالث: أن مجرد كون الأحياء والأموات شركاء في أنهم لا يخلقون شيئاً وليس لهم تأثير في شيء، لا يقتضي أن يكون الأحياء والأموات متساوين في جميع الأحكام، حتى يلزم من جواز التوسل بالأحياء جواز التوسل بالأموات، وكيف وليس معنى التوسل بالأحياء إلا التوسل بدعائهم، وهو ثابت بالأحاديث الصحيحة، وأما التوسل بدعاء الأموات فلم يثبت بحديث صحيح ولا حسن..) ( ).
ويسوق الشيخ عبد الكريم بن فخر الدين حجة في الرد على دعوى دحلان – ومن سار على نهجه – حين زعم أن ذكر الصالحين في الاستغاثة والتوسل إنما هو سبب عادي لا تأثير له، فقال الشيخ عبد الكريم مجيباً:
(فإن كان كما زعم، فينبغي أن لا يكون التأثير والخلق والإيجاد لله القدير بدون ذكر الأخيار عادة، فإنه سبب عادي على قوله، فيلزم منه أنه لا يشبع بطن أحد بمجرد أكله إلا إذا ذكر هؤلاء الأخيار، فإن الأكل سبب عادي للشبع، وذكر الأخيار سبب عادي ثاني، وأن لا يسرج سراج بالفتيلة والزيت إلا بذكر الأخيار وقس على ذلك كل شيء من غير انحصار) ( ).
  #3  
قديم 06-06-2006, 04:53 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

وأما دعوى بعضهم أنه يجوز الاستغاثة بالأموات والأحياء؛ لأن لهم قدرة كسبية وتسببية، فيجيب الآلوسي عن هذه الدعوى فيقول:
(وما أورد على الجواب من أن للمستغاث بهم قدرة كسبية وتسببية، فتنسب الإغاثة إليهم بهذا المعنى سواء أكانوا أحياءً أم أمواتاً وسواء كانت الاستغاثة بما يقدر عليه المستغاث به أم لا، مدفوع بأن كون العبد له قدرة كسبية لا يخرج بها عن مشيئة رب البرية لا يستغاث به فيما لا يقدر عليه إلا الله ولا يستغاث به، ولا يتوكل عليه ـ ولا يلتجأ في ذلك إليه، فلا يقال لأحد حي، أو ميت قريب، أو بعيد ارزقني، أو أمتني، أو أحيّ ميتي، أو اشف مريضي إلى غير ذلك مما هو من الأفعال الخاصة بالواحد الفرد الصمد، بل يقال لمن له قدرة كسبية قد جرت العادة بحصولها ممن أهله الله لها، أعني في حمل متاعي أو غير ذلك، والقرآن ناطق بحظر دعاء كل أحد، لا من الأحياء، ولا من الأموات سواء كانوا أنبياء أو صالحين، أو غيرهم، وسواء كان الدعاء بلفظ الاستغاثة، أو بغيرها، فإن الأمور غير المقدورة للعباد لا تطلب إلا من خالق القدر ومنشيء البشر، كيف والدعاء عبادة وهي مختصة به سبحانه) ( ).
ويرد الشيخ ابن سحمان على ما زعمه الخصوم حين ظنوا أن السكين لا يقطع بنفسه، وإنما القاطع هو الله تعالى، والسكين سبب عادي خلق الله تعالى القطع عنده فيقول رحمه الله:
(فالجواب أن يقال: هذا من أقوال أهل البدع والأهواء، وليس هو من كلام أهل السنة والجماعة، قال شيخ الإسلام، وهؤلاء هم الاقترانية الذين يقولون أن الله يخلق عند السبب، لا بالسبب ومن نحا نحوهم من المتصوفة القائلين بإسقاط الأسباب الظاهرة، وذلك لأن عندهم ليس في الوجود شيء يكون سبباً لشيء أصلاً، ولا شيء جعل لشيء ولا يكون شيء لشيء، فالشبع عندهم لا يكون بالأكل.. ولا الطاعات عندهم سبب الثواب، ولا المعاصي سبب للعقاب) ( ).
ويبطل القصيمي دعواهم بالمجاز العقلي في هذه الشبهة، فيقول:
(إذا كان إدخال المجاز جائزاً لديكم في الأدعية وفي النداء، وفي كل الأقوال المعبرة عن الاعتقاديات، وعن الديانات فهل ترون أن هذا جائز بلا قيد ولا شرط في هذه المسائل بحيث إدخال المجاز في كل قول وفي كل دعاء ما دام مقبولاً في قانون البلاغة وعلوم المجازات ؟ أم أنتم لا تدعون هذه الدعوى ولا تذهبون هذا المذهب، فلا تطلقون جواز المجاز في جميع أقوال العبادات .. إنه لا فرار لكم من اختيار أحد المذهبين وأيا اخترتم فقد خصمتم، ولا ريب فإنكم إذا اخترتم الرأي الأول، وزعمتم أن المجاز جائز مطلقاً بلا قيد ولا شرط في كل كلام ومقال، قيل لكم هذا باطل بالإجماع والضرورة فإنه لو كان صحيحاً حقاً لما استطعنا أن نخطيء ولا أن نعارض من قال مثلاً عيسى هو ابن الله، أو قال علي بن أبي طالب هو خالق محمد عليه السلام.. وذلك أن هنالك مجاز الحذف، فيرد بقوله عيسى هو ابن الله أي ابن أمة الله.. وبقوله علي خالق محمد أنه مختار خالق محمد. وبهذا التأويل تصبح هذه الأقاويل من أقاويل المؤمنين الصحيحة المقبولة: التي لا اعتراض عليها ولا فند فيها، وهذا يقضي بألا يؤخذ قائل بمقال، ولا متكلم بكلام…
وأما إن قلتم بالرأي الثاني، أي قلتم أنه ليس كل ما صح مجازاً صح ديناً بل من المجازات ما هو ضلالات، ومنه ما الذهاب إليه إثم كبير، وذنب لا يجوز للمسلم اقتحامه، قيل لكم إذن لعل هذا المجاز الذي زعمتموه وأجريتموه.. هو إثم وباطل) ( ).
ويقول أيضاً في الرد على الدعوى السابقة:
(هنالك فرق بين دعوة الميتين وبين قول الناس أنبت الربيع البقل والماء العشب، ذلك أن الأول طلب والثاني خبر، وبين الأمرين فرق حقيقي عظيم معروف، وليس كل ما جاز إخباراً، جاز طلباً، والدليل على هذا الفرق الواضح أنه صح أن يقال أنبت الربيع البقل والماء العشب ولم يصح أن يقال: يا ربيع أنبت البقل، ويا ماء أنبت العشب) ( ).
وأما دعواهم بأن هؤلاء المستغيثين بالأموات لا يعتقدون التأثير إلا لله وحده، وليس قصدهم من تلك الاستغاثات إلا التبرك، ولو وقع منهم بعض (الألفاظ الموهمة) التي توهم إسنادهم التأثير لغير الله.
فإن واقع أولئك المستغيثين بغير الله، يبطل تلك الدعوى ويسقطها، لذا قال الشيخ حسين النعمي( ) معقباً على تلك الدعوى:
(إن من يتكلم بهذا لا يدري ما فشى في العامة.. وما صار هجيراهم عند الأموات، ومصارع الرفات من دعائهم، والاستغاثة بهم، والعكوف حول أجداثهم، ورفع الأصوات بالخوار. وإظهار الفاقة، والاضطرار، واللجأ في ظلمات البحر، والسفر نحوها بالأزواج والأطفال) ( ).
ويرد ابن سحمان تلك الدعوى الخاطئة، فكان مما قاله:
(والألفاظ التي يقولها العوام، وينطقون بها دالة دلالة مطابقة على اعتقاد التأثير من غير الله فما معنى الشبهة ؟) ( ).
وأما الرد على دعواهم بأنه لا فرق بين الحي والميت؛ لأن الميت له حياة في قبره، وله إدراك وشعور، فإذا كان لا فرق بينهما، فيجوز التوسل، والاستغاثة بالأموات، والأحياء دون تفريق، فإن الرد على تلك الدعوى يكون على النحو التالي:
يوضح الشيخ أبو بطين بطلان دعواهم، وتناقضهم فيها، مع بيان الحق في تلك المسألة، فيقول:
(فمن سوى بين الحي والميت بقوله يطلب من الميت ما يطلب من الحي، فقد سوى بين ما فرق الله والناس بينهما، حتى المجانين يعرفون الفرق بين الحي والميت) ( ).
(ويقال لهذا المساوي بين الأحياء والأموات من المعلوم أن أهل الدنيا يستقضون حوائج بعضهم من بعض، برهم وفاجرهم، مسلمهم وكافرهم وقد استعار النبي صلى الله عليه وسلم أدرعاً من صفوان بن أمية وهو مشرك، وما زال المسلمون يستقضون حوائجهم من المسلم، والذمي والبر، والفاجر، فيلزم المساوي بين الأحياء والأموات أن يساوي بين أموات المذكورين كما كانوا في الدنيا كذلك، فإن قال طلب الحاجات مختص بموتى الصالحين فلا يجوز طلبها من موتى الكفار والفساق قيل له نقضت أصلك حيث فرقت بين أحياء هؤلاء، وأمواتهم، فإن قال موتى الصالحين أحياء في قبورهم كما زعم، فهو كاذب في ذلك، ولم يرد في ذلك حديث إلا ما أخبر الله عن حياة الشهداء مع أن حياتهم لا تدرك بالحس، ولا بالعقل فالله سبحانه أعلم بحقيقتها، وأما سوى الشهداء غير الأنبياء، فلم يأت خبر عن الرسول أنهم أحياء في قبورهم، وإنما هو افتراء وكذب.. فإن قال: أن صالحي الأموات ينعمون في البرزخ، قيل له وضدهم يعذبون فيدركون العذاب كما يدرك الصالح النعيم. وهذا إدراك وإحساس لا يعلم حقيقته إلا الله) ( ).
ويؤكد الشيخ صالح الشثري بداهة الفرق بين الطلب من الحي وبين الطلب من الميت فقال:
(من المعلوم بالفطرة السليمة، وإن كان جاهلاً يفرق بين الطلب من الحي الحاضر مما في يده أو دعائه له، وبين الطلب من الميت والغائب، ولا يسوي بين الحي والميت إلا من اختالته الشياطين عن الفطرة التي فطره الله عليها، أو إنسان أعماه الهوى والتقليد..) ( ).
وقد أورد السهسواني كثيراً من الحجج في إبطال التسوية بين الحي والميت فكان مما قاله:
(إن قدرة الحي على بعض الأشياء دون الميت ثابت بالكتاب والسنة … - منها – قوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ( ). – ومن الأحاديث – قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان، انقطع عنه عمله …))( )
كما أن إثبات الكسب ولو باطنياً للميت مخالف للنص الصريح هو قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله) فلا يعبأ به، على أن قدرة الحي على الكسب يعلم حدها بالمشاهدة، مثلاً نعلم أن الحي يقدر على حمل الحجر، وعلى أن يحول بينه، وبين عدوه الكافر، أو يدفع عنه سبعاً صائلاً، أو لصاً، أو يدعو له، أو نحو ذلك، وأما قدرة الميت على الكسب فعلى تقدير تسليمها لا تعلم حدها بالمشاهدة، فما طريق العلم بها ؟ وهل هي مساوية لقدرة الحي أو زائدة عليها أو ناقصة عنها؛ فلابد من بيانه حتى يطلب منه على حسبه، ودونه لا معنى لهذه الدعوة العمياء) ( ).
ويصف أحد العلماء قياس الأموات على الحياء بهذا الوصف:
(قياس الأموات من الأنبياء والصالحين في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله على الأحياء القادرين على الأسباب العادية المقدور عليها من أفسد القياس، وأبطل إبطال، وأمحل المحال؛ لأن الله سبحانه وتعالى فرق بين الأحياء والأموات ولم يسو بينهما بقوله (وما يستوي الأحياء والأموات ( ))( ).
ويتحدث علامة العراق الآلوسي عن مسألة سماع الأموات فيقول:
(لا يشك أحد من أهل العلم أن في مسألة السماع قولين، أحدهما: أن الأموات يسمعون، ومع ذلك لا يستمد منهم ولا يستغاث بهم في قضاء الحاجات، ولا يلجأ إليهم لعدم ورود ذلك في الشريعة.
والآخر: أنهم لا يسمعون، وإلى كل قول من هذين القولين ذهب جم غفير من أهل العلم، وكل منهما أورد أدلة على مدعاه لا يمكن إنكارها، وليس هذا الاختلاف في متأخري الأمة، بل عن السلف كانوا مختلفين في ذلك فإنكار السماع رأساً، وإثباته مطلقاً لا شك في أنه مكابرة محضة، فالراجح قصر السماع على ما ورد وهذا الوجه يجمع بين الروايات المختلفة) ( ).
ولكن - كما يذكر الآلوسي - من يقول بسماع الأموات لا يقول بأنهم يسمعون كل كلام، ومن أي محل كان قريب أو بعيد … فإن هذا باطل بإجماع المسلمين) ( ).

وأخيراً نكتفي بما أوردناه من نقول موجزة لأئمة الدعوة وأنصارها في إزالة اللبس في هذه الشبهة، ثم ردها، ومن أراد المزيد والتفصيل فعليه بما كتب السلف قديماً، وأتباعهم من أهل هذه الدعوة وغيرهم.
  #4  
قديم 06-06-2006, 05:06 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

حديث توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم واستشفاعه به

س 4‏:‏ ما قولكم في رسالة الشيخ سليمان بن سحمان إلى الشيخ علي بن عبد الله بن عيسى وفيها قوله في إبطال دعوى من ادعى على أنه يجوز التوسل بحق الأنبياء والأولياء والسؤال بهم‏:‏ فإن شيخ الإسلام ذكر أنه لا يعرف قائلا بذلك، ولا يجوز القسم بنبينا صلى الله عليه وسلم إلا ما يذكر عن العز بن عبد السلام على تقدير صحة الحديث‏.‏
ج4‏:‏ ما نقله الشيخ سليمان بن سحمان عن شيخ الإسلام ابن تيمية من أنه قال‏:‏ ‏(‏لا أعرف قائلا بذلك، ولا يجوز القسم بنبينا صلى الله عليه وسلم إلا ما يذكر عن العز بن عبد السلام على تقدير صحة الحديث‏)‏‏.‏ نقل صحيح يعرف ذلك بالرجوع إلى ‏(‏ص 337‏)‏ و ‏(‏ص347‏)‏ من ج1 من ‏(‏مجموع الفتاوى‏)‏‏.‏
والمراد بالحديث هنا‏:‏ حديث توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم واستشفاعه به أن يرد الله تعالى بصره، فقد رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن عثمان بن حنيف عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وبين ابن تيمية رحمه الله أنه على تقدير صحته فليس فيه دليل على التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم، بل فيه التوسل إلى الله بدعائه صلى الله عليه وسلم ربه أن يرد إلى هذا الأعمى بصره‏.‏
وفيما يلي ما ذكره ابن تيمية من روايات الحديث وكلامه عليها لزيادة الإيضاح‏:‏ ‏(‏وقد روى الترمذي حديثا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علم رجلا يدعو فيقول‏:‏ اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله، إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي، اللهم شفعه في وروى النسائي نحو هذا الدعاء‏.‏
وفي الترمذي وابن ماجه عن عثمان بن حنيف‏:‏ أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ادع الله أن يعافيني، فقال‏:‏ ‏"‏إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك‏"‏ فقال‏:‏ فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء ‏"‏اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا رسول الله يا محمد، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه في قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن صحيح‏.‏ ورواه النسائي عن عثمان بن حنيف ولفظه‏:‏ أن رجلا أعمى قال‏:‏ يا رسول الله، ادع الله أن يكشف لي عن بصري قال‏:‏ ‏"‏فانطلق فتوضأ، ثم صل ركعتين، ثم قل‏:‏ اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي أن يكشف عن بصري اللهم فشفعه في قال‏:‏ فرجع وقد كشف الله عن بصره
وقال الإمام أحمد في مسنده‏:‏ حدثنا روح، حدثنا شعبة عن عمير بن يزيد الخطمي المديني قال‏:‏ سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا نبي الله، ادع الله أن يعافيني، فقال‏:‏ ‏"‏إن شئت أخرت ذلك فهو خير لآخرتك، وإن شئت دعوت لك‏"‏ قال‏:‏ لا، بل ادع الله لي، فأمره أن يتوضأ وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء ‏"‏اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى، اللهم فشفعني فيه وشفعه في، قال‏:‏ ففعل الرجل فبرأ‏.‏ فهذا الحديث فيه التوسل به إلى الله في الدعاء‏.‏
فمن الناس من يقول‏:‏ هذا يقتضي جواز التوسل به مطلقا حيا أو ميتا‏.‏ وهذا يحتج به من يتوسل بذاته بعد موته وفي مغيبه ويظن هؤلاء أن توسل الأعمى والصحابة في حياته كان بمعنى الإقسام به على الله، أو بمعنى أنهم سألوا الله بذاته أن يقضي حوائجهم ويظنون أن التوسل به لا يحتاج إلى أن يدعو هو لهم ولا أن يطيعوه فسواء عند هؤلاء دعا الرسول لهم أو لم يدع؛ الجميع عندهم توسل به، وسواء أطاعوه أو لم يطيعوه ويظنون أن الله تعالى يقضي حاجة هذا الذي توسل به بزعمهم ولم يدع له الرسول، كما يقضي حاجة هذا الذي توسل بدعائه ودعا له الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ كلاهما متوسل به عندهم ويظنون أن كل من سأل الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد توسل به كما توسل به ذلك الأعمى، وأن ما أمر به الأعمى مشروع لهم، وقول هؤلاء باطل شرعا وقدرا، فلا هم موافقون لشرع الله، ولا ما يقولونه مطابق لخلق الله‏.‏
ومن الناس من يقولون‏:‏ هذه قضية عين يثبت الحكم في نظائرها التي تشبهها في مناط الحكم، لا يثبت الحكم بها فيما هو مخالف لها لا مماثل لها، والفرق ثابت شرعا وقدرا بين من دعا له النبي صلى الله عليه وسلم وبين من لم يدع له، ولا يجوز أن يجعل أحدهما كالآخر‏.‏
وهذا الأعمى شفع له النبي صلى الله عليه وسلم فلهذا قال في دعائه‏:‏ ‏"‏اللهم فشفعه في‏"‏ فعلم أنه شفيع فيه، ولفظه‏:‏ ‏"‏إن شئت صبرت، وإن شئت دعوت لك‏"‏ فقال‏:‏ ادع لي، فهو طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ويدعو هو أيضا لنفسه ويقول في دعائه‏:‏ ‏"‏اللهم شفعه في‏"‏، فدل ذلك على أن معنى قوله‏:‏ ‏"‏أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم أي‏:‏ بدعائه وشفاعته، كما قال عمر‏:‏‏"‏ اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبيك فتسقينا‏)‏‏.‏
فالحديثان معناهما واحد‏:‏ فهو صلى الله عليه وسلم علم رجلا أن يتوسل به في حياته كما ذكر عمر أنهم كانوا يتوسلون به إذا أجدبوا ثم إنهم بعد موته إنما كانوا يتوسلون بغيره بدلا عنه‏.‏
فلو كان التوسل به حيا وميتا سواء، والمتوسل به الذي دعا له الرسول كمن لم يدع له الرسول، لم يعدلوا عن التوسل به وهو أفضل الخلق وأكرمهم على ربه وأقربهم إليهم وسيلة - إلى أن يتوسلوا بغيره ممن ليس مثله‏.‏
وكذلك لو كان الأعمى توسل به ولم يدع له الرسول بمنزلة ذلك الأعمى لكان عميان الصحابة أو بعضهم يفعلون مثل ما فعل الأعمى، فعدولهم عن هذا إلى هذا - مع أنهم السابقون الأولون المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، فإنهم أعلم منا بالله ورسوله وبحقوق الله ورسوله وما يشرع من الدعاء وينفع وما لم يشرع ولا ينفع وما يكون أنفع من غيره، وهم في وقت الضرورة ومخمصة وجدب يطلبون تفريج الكربات وتيسير العسير وإنزال الغيث بكل طريق ممكن - دليل على أن المشروع ما سلكوه دون ما تركوه‏.‏

ولهذا ذكر الفقهاء في كتبهم في الاستسقاء ما فعلوه دون ما تركوه، وذلك أن التوسل به حيا هو الطلب لدعائه وشفاعته، وهو من جنس مسألته أن يدعو لهم وهذا مشروع، فما زال المسلمون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته أن يدعو لهم، وأما بعد موته فلم يكن الصحابة يطلبون منه الدعاء لا عند قبره ولا عند غير قبره، كما يفعل كثير من الناس عند قبور الصالحين، يسأل أحدهم الميت حاجته‏.‏ أو يقسم على الله به ونحو ذلك‏.‏
  #5  
قديم 06-06-2006, 05:09 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

تخريج حديث : الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون

الحديث رواه أبو يعلى ( 6 / 147 ) وغيره وهو حديث حسن وله شواهد لمعناه صحيحة .

قال ابن حجر :
وقد جمع البيهقي كتابا لطيفا في " حياة الأنبياء في قبورهم " أورد فيه حديث أنس " الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون " أخرجه من طريق يحيى بن أبي كثير وهو من رجال الصحيح عن المستلم بن سعيد وقد وثقه أحمد وابن حبان عن الحجاج الأسود وهو ابن أبي زياد البصري وقد وثقه أحمد وابن معين عن ثابت عنه ، وأخرجه أيضا أبو يعلى في مسنده من هذا الوجه ، وأخرجه البزار لكن وقع عنده عن حجاج الصواف وهو وهم والصواب الحجاج الأسود كما وقع التصريح به في رواية البيهقي ، وصححه البيهقي ، وأخرجه أيضا من طريق الحسن بن قتيبة عن المستلم ، وكذلك أخرجه البزار وابن عدي .

والحسن بن قتيبة ضعيف ، وأخرجه البيهقي أيضا من رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أحد فقهاء الكوفة عن ثابت بلفظ آخر قال " أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور " ومحمد سيئ الحفظ ، وذكر الغزالي ثم الرافعي حديثا مرفوعا " أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث ولا أصلي له " إلا إن أخذ من رواية بن أبي ليلى هذه وليس الأخذ بجيد لأن رواية بن أبي ليلى قابلة للتأويل ، قال البيهقي : إن صح فالمراد أنهم لا يتركون يصلون إلا هذا المقدار ثم يكونون مصلين بين يدي الله .

قال البيهقي : وشاهد الحديث الأول : ما ثبت في صحيح مسلم من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رفعه " مررت بموسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره " وأخرجه أيضا من وجه آخر عن أنس .

فإن قيل : هذا خاص بموسى ، قلنا : قد وجدنا له شاهدا من حديث أبي هريرة أخرجه مسلم أيضا من طريق عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة رفعه " لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي .. الحديث ، وفيه : وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي فإذا رجل ضرب جعد كأنه وفيه وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود وإذا إبراهيم قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم فحانت الصلاة فأممتهم " .

قال البيهقي : وفي حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة " أنه لقيهم ببيت المقدس فحضرت الصلاة فأمهم نبينا صلى الله عليه وسلم ، ثم اجتمعوا في بيت المقدس " وفي حديث أبي ذر ومالك بن صعصعة في قصة الإسراء " أنه لقيهم بالسماوات " ، وطرق ذلك صحيحة فيحمل على أنه رأى موسى قائما يصلي في قبره ثم عرج به هو ومن ذكر من الأنبياء إلى السماوات فلقيهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم اجتمعوا في بيت المقدس فحضرت الصلاة فأمهم نبينا صلى الله عليه وسلم ، قال : وصلاتهم في أوقات مختلفة وفي أماكن مختلفة لا يرده العقل ، وقد ثبت به النقل فدل ذلك على حياتهم ... ( 6 / 487 ، 488 )

والحديث كان شيخنا الألباني رحمه الله يرى ضعفه برهة من الدهر – كما قال – ثم تبين له قوة إسناده فوضعه في سلسلته الصحيحة ( 621 ) ، وقال في معناه :

ثم اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما هي حياة برزخية ، ليست من حياة الدنيا في شيء ، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ، ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا .
هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد : الإيمان بما جاء في هذا الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء ، كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية ! قال : يأكل ويشرب ويجامع نساءه ! – في الهامش : راجع " مراقي الفلاح " - ، وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى .

ويشهد للحديث رؤيته صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء لموسى قائما في قبره يصلي ، وسيأتي إن شاء الله برقم ( 2627 ) .
انتهى
فائدة :
جاء في حديث سؤال الملكين قول المؤمن لهما في قبره : دعوني حتى أصلي ، فيقولان : إنك ستفعل . وهو صريح – كما قال شيخنا الألباني – في أن المؤمن أيضا يصلي في قبره … الخ " أحكام الجنائز " ( ص 272 ) .
والله أعلم

مداخلة:
فهل من يقول ويعتقد ان الحياة البرزخية علمها عند الله كيف تكون ولا تقاس بالحياة الدنيوية هو من يحكم العقل في أمور الغيبيات أمن يقيس الحياة البرزخية بالحياة الدنيوية ويشبه ويقارن ويحدث ويأول حتى أصبح عندهم ان الرسول صلى الله عليه وسلم موجود بيننا مثل الملائكة فقط لا نراه؟؟
فسبحانك ربي..هذا بهتان عظيم..
  #6  
قديم 06-06-2006, 05:11 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

وأما الحديث الثالث: "حياتي خير لكم..." فضعيف منكرٌ.

أخرجه البزار (1925- البحر ) قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: نا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّادٍ، عن سفيان، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعودٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله ملائكة سياحين، يبلغوني عن أمتي السلام". قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حياتي خيرٌ لكم..." الحديث.
قال البزار: "وهذا الحديث آخره لا نعلمه يروى عن عبد الله، إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد". فاعلم- أيها المسترشد- أن جماعة من ثقات أصحاب سفيان الثوري رووا هذا الحديث عنه، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود بأوله حسبُ، ولم يذكر واحدٌ منهم آخره. فأخرجه النسائي (3-43)، وأحمد (1-452) عن معاذ بن معاذ العنبري، والنسائي، وأبو يعلى (5213)، وابن أبي شيبة (2-517)، وابن حبان (914) عن وكيع بن الجراح، والنسائي (3-43)، والطبراني في "الكبير" (ج10- رقم 10529) عن عبد الرزاق، وهذا في "المصنف" (2-215)، والدارمي (2-225) قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، وأحمد (1-387) قال: حدثنا عبد الله بن نمير، والنسائي في "اليوم والليلة" (66) عن ابن المبارك، وهو في "كتاب الزهد" (1028)، وأحمد (1-441) قال: حدثنا وكيع وعبد الرحمن بن مهدي، والهيثم بن كليب في "المسند" (825) عن زيد بن الحباب، والبزار (1923)، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي" (21) عن يحيى القطان، والهيثم بن كليب (826)، والطبراني (10530) عن فضيل بن عياض، والبيهقي في "الشعب" (1582)، وفي "الدعوات الكبير" (159)، والبغوي في "شرح السنة" (3-197) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، وأبو نعيم في "الحلية" (4-201) عن محمد بن كثيرٍ، والحاكمُ (2-421)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2-205) عن أبي إسحاق الفزاري، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (159)، والبغوي في "شرح السنة" (3-197) عن عبيد الله بن موسى كلهم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعودٍ مرفوعًا بالفقرة الأولى من الحديث، دون قوله: "حياتي خير لكم..." إلخ، فقد رأيت أراك الله الخير أن يحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجرح، وابن المبارك، وعبد الرزاق بن همام، ومعاذ بن معاذ العنبري، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد الله بن نمير، وزيد بن حباب، وعبيد الله بن موسى، وأبا نعيم الفضل، وفضيل بن عياض، ومحمد بن كثير، وأبا إسحاق الفزاري، وعدتهم أربعة عشر نفرًا، قد رووه عن الثوري فلم يذكروا قوله: "حياتي خير لكم"، وخالفهم عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّاد، فرواه عن الثوري بهذا الإسناد فذكره وقد علمنا من قول البزار أنه تفرد به عن الثوري، ولا يشك حديثيٌّ- وهو المبتدئ- أن رواية عبدالمجيد منكرة، فلو لم يكن فيه مغمزٌ ربما احتمل منه، لكن تكلم فيه غير واحدٍ من العلماء منهم الحميدي، وقال أبو حاتم: "ليس بالقوي يكتب حديثه". وقال الدارقطني: "لا يحتج به، يعتبر به"، وضعَّفه أبو زرعة، وابنُ سعدٍ، وابن أبي عمر، وغلا فيه ابن حيان فتركه.
ووثقه آخرون، ولم يرو له مسلمٌ إلا حديثًا واحدًا في "كتاب الحج" (1299-179) مقرونًا ب "هشام بن سليمان المخزومي"، ولو سلمنا أن مسلمًا روى له محتجًا به فلا بأس بصنيعه، لأنه روى هذا الحديث عن عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، وكان عبد المجيد من أثبت الناس في ابن جريجٍ كما قال ابن معين، والدارقطني، وابنُ عدي وغيرهم، وحديثه هذا ليس عن ابن جريجٍ، مع مخالفته لنجوم أصحاب الثوري، فحريٌّ أن لا يقبل منه ما زاده عليهم، لا سيما وقد رواه الأعمش، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود مرفوعًا بالحديث الأول وحده. أخرجه الحاكمُ (2-421) عن عثمان بن أبي شيبة والطبراني في "الكبير" (ج10- رقم 10528) قال: حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2-205) عن أبي سيار محمد بن عبد الله البغدادي، قالوا: ثنا أبو صالح محبوب بن موسى الفراء، ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن الأعمش بهذا. ومحبوب بن موسى، وثقه أبو داود، والعجليُّ. وقال ابنُ حبان: "متقنٌ فاضلٌ". وكذلك رواه حسين الخلقاني، عن عبد الله بن السائب بهذا الإسناد بالحديث الأول أخرجه البزار (1924)، والخطيب في "تاريخه" (9-104) من طريق سعيد بن الحسن بن علي قالا: ثنا يوسف بن موسى القطان، ثنا جرير بن عبد المجيد، عن حسين الخلقاني بسنده سواء، والخلقاني ما عرفتُهُ، فليحرر، وبعد هذا التحرير تعلم خطأ من صحح إسناد هذا الحديث كالسيوطي في "الخصائص" (2-491) أو من جوَّده كالولي العراقي في "طرح التثريب" (3-297)، وأخف من قولهما- وإن كان موهمًا- قول الهيثمي في "المجمع" (6-24): "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح"، وقول شيخه العراقي في "تخريج الإحياء" (4-128): "رجاله رجال الصحيح، إلاَّ أن عبد المجيد بن أبي رواد وإن أخرج له مسلمٌ ووثقه ابنُ معين والنسائيُّ فقد ضعَّفه بعضهم". انتهى. وله شواهدُ لا يفرح بها ذكرها شيخنا الألباني رحمه الله في "الضعيفة" (975).
ومما يدلُّ على نكارة هذا الحديث ما أخرجه البخاري في "أحاديث الأنبياء" (6-386- 387، 478)، وفي "التفسير" (8-286، 437- 438)، وفي "الرقاق" (11-377)، ومسلم (2860-58)، والنسائي (4-117)، والترمذي (2423)، وأحمد (1-223، 229، 2235، 253)، والدارمي (2-233- 234)، والطيالسيُّ (2638)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (11-157)، و(13-247) و(14-117)، وابن حبان (7347)، وغيرهم من طريق المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ فذكر حديثًا وفيه: "ألا وإنه سيجاءُ برجالٍ من أمتي، فيؤخذُ بهم ذات الشمال، فأقولُ: يا ربِّ أصحابي، فقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك". فهذا الحديث دليلٌ على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم أعمال أمته بعده.
ويدلُّ على ذلك أيضًا قول عيسى عليه السلام:
وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد {المائدة: 117}.
والحمد لله رب العالمين

انتهى كلامهم
  #7  
قديم 06-06-2006, 05:15 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

مداخلة أخيرة إن شاء الله:

وأما قولكم:

إقتباس:
والمقارنة ليست بالأكل والشرب فإن هذا يشترك فيه الإنس والبهائم والجن فضلاً عن الاشتراك البشري

فلا أقول إلا ومن أصدق من الله حديثا..قال الله تعالى:


مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ

وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ

وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ

أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ

قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَعلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً

وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرًا رَّسُولاً.. قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا


ولن اعيد آيات الدليل على ان الشرك الذي حاربه الرسول صلى الله عليه وسلم ليس هو فقط من اتخذ مع الله إلاها آخر وإلا فلن نعمل إلا على تكرار الأمور..فسأتجاوز ذلك ولمن أراد ان يرجع للوراء ليعلم فليرجع..في حين سأترككم مع هذه الآية لمن أراد ان يتدبر قولها:

قال الله تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم للرد على الكفار:

قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا

هذا وهو عليه الصلاة والسلام كان يمشي بين اظهرهم فكيف به الآن وهو ميت في الدنيا :

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ

وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ

حي عند ربه الحياة البرزخية التي علمها عند الله وحده ولا نضرب لها الأمثال ونقيسها على غيرها بل نسلم تسليما ولا نحكم العقل فيها..

والله اعلم..

وجزاكم الله خيرا..

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م