مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 14-06-2006, 05:39 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 3 )

لو جلس أحد المثقفين من العصر الحاضر بين جماعة من البدو ، وتكلم معهم بلغته التي يتكلم بها باقي المثقفين ، لرأى عيون البدو تدور شمالا ويمينا مستنكرة ما تسمع ، و متباهية في استنكارها أيضا ، فالعربي بنظر هؤلاء هو من يلتزم بموسيقى اللغة و انسيابيتها ، وفحول الشعر القدماء كانوا يكتسبوا صفة الفحولة ، من التزامهم بتلك الصفتين الموسيقى و الانسيابية في اللغة ..

وعليه عاشت اللغة العربية بقرونها الطويلة ، طالما كان يرمي أبناؤها الحريصون على نقائها ، كل ما يدخل على لغتهم من غريب .. فالجديد بنظرهم (يشم و يرمى في المزابل ) والقديم كلما زاد في قدمه وتعتق كلما زاد أصالة ..

إذا كانت صفة العفوية و الاعتماد على السماع عند البدو ، هي ما جعلتهم يحتفظون بنقاء اللغة العربية . فإن تلك الصفة هي ما أسرت علماء اللغة و النحو الذين وضعوا سياجا حول بدوية اللغة ، بحيث و ضعوا قوالب قوية أشبه بشبك الحماية على السجون أو المتاحف .. فلم يكن من السهل خروج محتويات المتحف ، أو إدخال ممنوعات لمن يسجن داخل السجن ..

إن تلك الأنفة والاعتزاز باللغة ، هي ما دفعت علماء الكلام من المعتزلة النظر باستهجان للمنطق الغربي الذي دخل مع الترجمات ، و أصبح له شيوخ ومنظرين ومبشرين ، والمناظرة المشهورة التي دارت بين كل من ( أبو البشر متي بن يونس ) وكان مشهورا بقدرته على الحديث لساعات ، مبشرا بفلسفة ومنطق أرسطو .. وكان يغمز بجانب فضل الفلسفة والمنطق الغربي على الحضارة العربية الإسلامية .. وبين ( أبو سعيد السيرافي ) .. أحد علماء الكلام المشهورين ، وذلك في مجلس الوزير ( الفضل بن جعفر بن الفرات ) وزير الخليفة العباسي (المقتدر ) .

قد نعود الى تلك المناظرة بشيء من التفصيل ، ولكنها كانت تنم عن رفض ومعاندة أنصار التمسك بالعربية و علومها ، وتبيان تقدمها على المنطق الغربي ، فعندما يسأل ( أبو سعيد السيرافي ) مناظره ( أبو البشر) : هل يجوز أن نقول زيد خير أخوته ؟ .. فيجيب (أبو البشر) : نعم يجوز .. ثم يعود أبو سعيد فيسأله : هل يجوز أن نقول : زيد خير الأخوة ؟ فيجيب (أبو البشر) على الفور : نعم يجوز !

فيبتسم أبو سعيد زاهيا بانتصاره وقائلا : أجبت في الأولى و أخطأت الإجابة ولم تكن مدركا أنك أخطأت .. و أجبت في الثانية و أصبت و لم تكن مدركا بأنك أصبت ..

فيستهجن ( أبو البشر ) كلامه ، ويتساءل : أليس الإجابتان مثل بعض ؟

فيرد أبو سعيد : عندما نسأل هل يجوز أن نقول أن زيدا خير أخوته ، فإن كان أخوة زيد (أحمد و محمد ومحمود) .. فإن زيدا لم يكن بين أخوته .. ولكن عندما نقول زيد خير الأخوة فيكون ( أحمد و محمد ومحمود وزيد ) مشمولين بالمفاضلة .. وهي الأصوب ..

وهنا يشرح ( أبو سعيد السيرافي ) : استصغار فكرة حصر المنطق بالغرب ، فيقول للصينيين منطق و للأفارقة منطق ، وللفرس منطق ، وللعرب منطقهم ، وكل ذلك يتبع اللغة !

في كل عصر يظهر من يكرس اعتزاز أبناء الأمة بخصائص أمتهم ، فبعد المعتزلة ..أفرد أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ، كتابا أسماه (الرد على المنطقيين ) .. بين فيه ثغرات هائلة في طريقتهم بالتفكير .. و إن كان يعتمد الجانب الديني في المحاكمة ، لكن الكتاب مليء بما يعزز فكرة صعوبة تقبل النمط (العقلي ) المولد خارج رحم الأمة .*

كما أن في العصر الحديث ، يظهر صراع بين الحركات الفكرية و الثقافية ، يطال حتى الشأن السياسي ، يكون منبع هذا الصراع ، هو الاتفاق على خط ابتداء حركة التأسيس لشكل الدولة ، وخلفية ذلك التأسيس المعرفية و ( الفقهية) .. وهذا ما يفسر اختلاف من يعتمدون الدين كأساس للإنطلاقة مع القوميين ، مع اليساريين .. *


وان كان من يؤمن في هذا الطرح و يفلسف له في العصر الحديث ، كالمفكر (الجابري ) والمفكر ( عبد السلام بن عبد العالي ) وكلاهما مغربيان ، فإن هناك من يستهجن مثل هذا الطرح ، محتكما لمعالجة المفكر المجري ( جورج لوكاش) عندما يناقش فلسفة الغرب الحديث ، و يرفض ربطها بالفلسفة اليونانية القديمة ، بل جعلها تنبع من خصوصية البنية الأساسية للوعي الاجتماعي السائد في الرأسمالية الأوروبية * .. وهو كلام يحمل وجاهته .. إذا ما حيدنا أثر اللغة تحييدا كاملا ..

ـــــــــ
المراجع :
الرد على المنطقيين / احمد بن تيمية / دار المعرفة / بيروت
هجرة النص الفلسفي / مقالة ل ( عبد السلام بن عبد العالي )
هل هناك عقل عربي ؟/ د هشام غصيب ص 92
تكوين العقل العربي/ د محمد عابد الجابري / مركز دراسات الوحدة العربية
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 02-07-2006, 07:54 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مساحة الفقه الإسلامي في العقل العربي :

( 1 )

لم يستطع علماء الغرب أن يربطوا نمو تطور الفقه عند المسلمين ( والعرب منهم بالذات ) في علوم الغرب القديمة .. وإن حاولوا الاجتهاد في ذلك مرارا ، فيقول المستشرق (هملتن جيب ) : ( لقد استغرق العمل الفقهي خلال القرون الثلاثة الأولى (للهجرة ) الطاقات الفكرية لدى الأمة الإسلامية الى حد كبير لا نظير له ، إذ لم يكن المسهمون في هذا الميدان هم علماء الكلام والمحدثون والإداريون فحسب ، بل أن علماء اللغة و المؤرخين و الأدباء أسهموا في نصيب في هذه المجموعة من المؤلفات التشريعية و مناقشة القضايا التشريعية ، وقلما تغلغل الشرع في حياة أمة وفي فكرها هذا التغلغل العميق مثلما فعل في الأدوار الأولى من المدنية الإسلامية )* 1

لقد انتشرت الجهود الفقهية و نمت ، وكثرت المؤلفات فيها ، ويكاد لا يخلو بيت من مؤلفات فقهية ، حتى في العصر الحديث . ويكاد لا يخلو خطاب سياسي من الإشارة ، ولو بطرف خفي الى الفقه الإسلامي ، حتى ولو كان موقف الخطاب ، محسوبا على الخط الرافض لزج الدين في السياسة ، فكان الفقه ولا يزال يؤثر تأثيرا عظيما في كينونة المؤيدين للحكم الإسلامي و المعارضين له .

ولم يقتصر تأثير الفقه الإسلامي على العرب وحدهم ، بل على شعوب الأقطار التي دخلت في الإسلام .. والملاحظ أن تاريخ البلاد الداخلة في الإسلام ، والذي سبق دخولها فيه ، لم يؤثر أي تأثير ملحوظ في النشاط الفقهي لتلك الشعوب ، فقد كانت القاعدة القائلة : ( الإسلام يجب ما قبله ) .. هي خط البداية الجديد لتلك الشعوب في اشتراكها بالنشاط الفقهي ..


و قد يلاحظ المتتبع لتطور النشاط الفقهي ، بأن الفقه في عهد الرسول الكريم صلوات الله عليه وحتى نهاية العهد الأموي ، كانت صبغته عملية ، وليست نظرية .. فكان الناس يتساءلون عن حكم بعض القضايا ، بعد وقوعها ، ليحتكموا عند الشرع فيها و ينظروا ما يقول ..

لكن بعد انتهاء العصر الأموي ، أصبح الفقه يأخذ منحى أشبه ما يكون بالنشاط الرياضي الذهني ، فكان يفترض افتراضات و يضع حلولا لتلك الافتراضات و يحدث أن تبرز معارضات للحلول الموضوعة لتلك الفرضيات ، التي لم تحدث أصلا ..وهذا يدلل على نشاط أقرب ما يكون ل ( الفلسفي) منه الى غير ذلك .. وقد ترك هذا النمط من النشاط الذهني أثره على البحوث الإسلامية وعلى نشاط العقل العربي ، من زاوية إكتناه مواطن الصحة من الخطأ فيه .. وهو ما يطلق عليه في العصر الحديث بالنشاط (الإيبستمولوجي ) .

ولم يوظف الفقه ، علم الكلام واللغة و الشريعة فحسب ، بل ذهب أبعد من ذلك ، الى علم الحساب الذي كانت المعرفة فيه ستتمم القدرة على تنفيذ مطابقات قسمة الإرث وغيرها من استخراج الزكاة الخ ..

وإن كان علم الجبر العربي مدين لجهة في تطوره ، فالجهة ستكون ودون شك علم الفقه .. ولا عجب فقد كان الخوارزمي أبو الجبر والذي عاش قسما من حياته في عصر المأمون أحد العاملين بالفقه ، قبل أن يصل الى روائعه في اللوغاريتمات و الجبر !* 2

المراجع :
ــــ
1ـ هملتون جيب : دراسات في حضارة الإسلام ص 263 .. ترجمة احسان عباس / دار العلم للملايين 1964
2 ـ كتاب الجبر والمقابلة / تحقيق علي مصطفى /دار الكتاب /القاهرة 1968
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 24-07-2006, 05:26 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مساحة الفقه الإسلامي في العقل العربي :

( 2 )


لقد حاول الجهد البشري منذ العصور القديمة ، أن يضع قوانين خاصة بسير الحياة و تفسيرها ، فكانت شرائع حمورابي ، كما كانت الألواح الإثني عشر عند اليونان ، كما كان للرومان وأهل الهند و الصين قوانينهم القديمة ..

عندما انتشر الفقه عند العرب ، كنشاط مقابل للفلسفة عند اليونانيين ، وكانوا كما أسلفنا يطلقون عليه ( العلم ) وعلى من يمارسه من الفقهاء ( العلماء ) ، ظهر في القرن الهجري الثاني ، مدارس فقهية ، كان همها التشريع للمجتمع ، في حين ظهر نوع متقدم من تلك العلوم وهو أصول الفقه ، كانت مهمته التشريع للعقل ..

( إن القواعد التي وضعها الشافعي لا تقل أهمية بالنسبة لتكوين العقل العربي الإسلامي عن ( قواعد المنهج ) التي وضعها ديكارت بالنسبة لتكوين الفكر الفرنسي خاصة والعقلانية الأوروبية الحديثة عامة ) * 1

لقد ظهر تياران عند بداية تشكل الفكر العربي الإسلامي ، تيار يتمسك بالموروث الإسلامي و يدعو الى اعتماده ( أصلا) وحيدا للحكم على الأشياء ، وتيار يتمسك بالرأي ويعتبره الأصل الذي يجب اعتماده ، سواء في الحكم على ما جد من الشؤون أو في فهم الموروث الإسلامي نفسه .

وعندما لم يكن هناك من يتجرأ على التكذيب بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، والتي تأتي قوتها في الفقه بعد كتاب الله عز وجل .. ولما كان جمع الحديث و تمحيصه و تصنيفه ، لم ينته بعد . كان لا بد أن تظهر نزعات في وضع قوانين خاصة لضبط شكل الفتاوى و ما ينتج عن الفقهاء من جهد .

لقد ظهر جدل عميق بين أهل النحو وأهل الكلام وتداخل مع النشاط الفقهي ، ففي حين تصدى أئمة المعتزلة ، وبعد تصفية الزنادقة ، الى النشاط الذي تسرب من خارج الدائرة العربية ، وبالذات أولئك الذي أتى من ( المانوية ) .. وقد تعدى نشاطهم هذا الجهات الخارجية ، ليتعقب ذلك النشاط داخل الدائرة الإسلامية العربية .. وهذا ما دفع ( أبو الحسن الأشعري ) للتأسيس لعلم الكلام ( والذي يقابل علم المنطق الغربي ) .. كما ظهر في علم النحو الذي كان يوظف في (التأويل ) ولم يكن بعيدا عن النشاط الديني بأي حال .. فكان الخليل بن أحمد وتلميذه ( سيبويه ) ..


كان الشافعي(150ـ 204 هـ) صاحب كتاب (الرسالة) معاصرا للخليل ابن احمد ، وتلميذه سيبويه ، وكان الخليل مؤسس علم ( العروض) و سيبويه مؤسس قواعد علم النحو وصاحب المؤلف الشهير ( الكتاب ) ولما كان الخليل قد وضع قوانين لضبط الشعر ، وسيبويه يضع قوانين لضبط النحو .. وطبعا إن الشافعي الطالب للعلم و الأستاذ المفكر الذي نظم الشعر و تفقه في اللغة و أصولها ، وتجول على كبار الشيوخ في كل منحى ، كان لا بد له أن يفكر بوضع قوانين للفقه ، وان كان يؤسس لنظام ( البيان ) نفسه .. فكان يتساءل : كيف البيان ؟ ويجيب :

( البيان اسم جامع لمعاني مجتمعة الأصول ، متشعبة الفروع . فأقل ما في تلك المعاني المجتمعة المتشعبة : أنها بيان لمن خوطب بها ممن نزل القرآن بلسانه ، متقاربة الاستواء عنده ، وإن كان بعضها أشد تأكيد بيان من بعض ، ومختلفة عند من يجهل لسان العرب ) * 2

وهنا يحصر الشافعي مسألة البيان في خمسة وجوه :

الأول : ما أبانه الله لخلقه نصا بحيث لا يحتاج الى تأويل أو توضيح لأنه واضح بذاته ..ثانيا : ما أبانه الله لخلقه نصا ولكنه احتاج لنوع من التوضيح . ثالثا: ما أحكم الله فرضه في كتابه وبين كيف هو على لسان نبيه . رابعا : ما سكت عنه القرآن ولكن الرسول صلوات الله عليه أبانه فصار في قوة الوجوه السابقة . وأخيرا ما فرض الله على خلقه الاجتهاد في طلبه . يقول الشافعي ( ليس لأحد أبدا أن يقول في شيء حل أو حرم إلا من جهة العلم . وجهة العلم : الخبر في الكتاب والسنة ، أو الإجماع أو القياس ) * 3

لقد كان الشافعي المشرع الأكبر للعقل العربي ، وقد كان الرأي قبله ، خصوصا عند أبي حنيفة ، حرا طليقا ، فقيده الشافعي واشترط عليه المعرفة بأخبار السلف و أصول اللغة .. وطبعا هذا الجانب الآخر من فكرة البيان ( الفقه واللغة)

يروى أن رجلا سأل أبا حنيفة عن شيء فأجابه فيه ، فقال الرجل معترضا : أنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا .. فقال أبو حنيفة : دعنا من هذا .. وروي عنه أن أحدهم ذكر أمامه أن ( البيِعان بالخيار ما لم يفترقا) أي أن البائع و الشاري يمكنهما التراجع عن صفقتهما طالما بقيا في نفس المكان . فقال أبو حنيفة محتجا : ( أرأيت ان كانا في سفينة ؟ أرأيت إن كانا في سجن ؟ أرأيت إن كانا في سفر ) .. وهي دلالة على عدم رضاءه عن تلك القاعدة بشكل مطلق ..بل لكل حادثة بيع ظرفها ..وهناك حادثة الذي حلف أن يطأ امرأته في رمضان وفي النهار .. كيف أفتاه أبو حنيفة بوجوب سفره الذي يحلل له الإفطار ثم عدم منع وطأ زوجته * 4

يتبع
ــــ
المراجع :
1 ـ دراسات في تاريخ الفكر العربي /د خليل السامرائي جامعة الموصل ص 159 / 1986
2 ـ تكوين العقل العربي / د محمد عابد الجابري / مركز دراسات الوحدة العربية /بيروت ط5 1991/ ص 103
3ـ الجابري / المصدر السابق 105
4ـ الجابري / المصدر السابق ص 106
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 26-07-2006, 04:21 AM
rainbow rainbow غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
الإقامة: مصر
المشاركات: 1,277
إفتراضي

دراسة أكثر من رائعة ... تستحق الإعجاب والمتابعة الشديدين ....

أخشى أن أفسد أو أقطع تسلسل الموضوع بمشاركتى هذه ......
__________________

لو كانت الأيــامُ فى قبضتــى ** أّذريتُها للريح مثل الرمــــال
وقلتُ يا ريحُ بها فاذهبـى** وبدديها فى سحيـق الجبــال
بل فى فجاج الموت فى عالمٍ ** لا يرقصُ النـور به والظــلال
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 09-08-2006, 10:02 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

نقاط ملفتة للانتباه في قاعدة الثقافة العربية الإسلامية

عند بداية عصر التدوين (143هـ) ومن بعده بعقود ، أغفل العلماء بنشاطهم مسألة هامة وهي مسألة النقاش بموضوع الخلافة ، وما تلاها من تحول الى نظام ملكي .. وإن كان الشافعي (المتوفى في 204هـ) ، قد أشار الى تلك المسألة بقاعدته التي تعتمد على ( الكتاب والسنة والإجماع والقياس ) ، فإن تناول تلك المسألة في رأيه طالما لم يكن فيه نصا بالكتاب و لم يصرح به الرسول صلوات الله عليه ، فإن الإجماع و القياس هما الفيصل في مسألة تناقل السلطة عند الشافعي ..

ولعل أول كتاب تناول مسألة الخلافة و ما تبعها من تفرق على هامشها ، كان للمؤرخ السني الكبير المعروف أبي محمد عبد الله ابن مسلم بن قتيبة الدينوري (213ـ 276هـ) ، بكتابه الموسوم ( الإمامة والسياسة ) ، وقد يكون ـ بالرغم من الهنات والمآخذ عليه ـ أقدم مرجع سني يشرح وجهة نظر أهل السنة في مسألة الخلافة ..

ومن يقرأ خاتمة الكتاب يدرك ما رمينا إليه فهو ينهيه بالقول ( قد تم بعون الله تعالى ما به ابتدأنا ، وكمل وصف ما قصصنا من أيام خلفائنا وخير أئمتنا ، وفتن زمانهم وحروب أيامهم ، وانتهينا الى أيام الرشيد ووقفنا عند انقضاء دولته ، إذ لم يكن في اقتصاص أخبار من بعده ، ونقل حديث ما دار على أيديهم وما كان في زمانهم كبير منفعة ولا عظيم فائدة . وذلك لما انقضى أمرهم وصار ملكهم الى صبية أغمار غلب عليهم زنادقة العراق ، فصرفوهم الى كل جنون و أدخلوهم الى الكفر ، فلم يكن لهم بالعلماء والسنن حاجة ، واشتغلوا بلهوهم واستغنوا برأيهم ) *1

واضح من النص أن المؤلف قد كتبه قبل عهد المتوكل ، الذي أعاد الى السنة دورها المحوري ، وأن المؤلف توقف عند عهد الرشيد المتوفى سنة 193هـ ، وأنه ناقم على المعتزلة الذي أحاطوا بالخلفاء بين الرشيد والمتوكل ..

لقد أسس صاحب كتاب ( الإمامة والسياسة ) ، لاعتماد ما دار في سقيفة (بني ساعدة ) .. واعتمد إيماءة الرسول صلوات الله عليه ، بأن يؤم أبو بكر بالمصلين ، وهي الإمامة الصغرى (الصلاة) ، بأنه صاحب الحق في إمامة المسلمين و خلافة الرسول ، وهذا ما فسره عمر ابن الخطاب ..ثم أن إشارة واختيار أبي بكر لعمر ، لها قوة الحق في تولي عمر ابن الخطاب الإمامة ، كون أن أبا بكر خليفة الرسول ( وثاني الاثنين في الغار) .. وأهلية تولي عثمان وعلي بأنهما كانا من اختيار أهل العدل الذين اختارهم عمر رضوان الله عليهم جميعا ..

ولكن أهل الشيعة قد سبقوا أهل السنة في معارضتهم ونقاشاتهم لموضوع الخلافة ، مستعينين بنصوص اعتقدوا أنها قوية بما تدعم وجهات نظرهم ، وقد ابتدئوا بتكييفها منذ عهد جعفر الصادق ، مشككين في أحقية أبي بكر و عمر وعثمان بالخلافة دون علي .. وقد اعتبروا الطعن في الماضي قنطرة للطعن في الحاضر ..

وإن كانت الطائفة الزيدية ، قد اعترفت بخلافة كل من أبي بكر وعمر ، رغم إيمانهم بأحقية علي عليهما ، فإن كل الطوائف الأخرى ( الخوارج والمرجئة وغيرهم ) قد اعترفوا بخلافة الخلفاء الراشدين الأربعة ..

لكن أهل السنة عادوا و صعدوا بخطابهم بشكل أقوى بعد مرور قرن على خطاب ابن قتيبة .. ومرد ذلك يعود الى أن الشيعة كانوا قد صعدوا بخطابهم خصوصا بعد أن أسسوا دولتهم ( الفاطمية ) .. وعليه فان الحرج الذي كان يجعلهم يتكلموا منتقدين أسلوب الحكم بطريقة غير مباشرة تجنبا لسخط من في الحكم ، فقد أصبح لهم حكم ، وأصبح لهم قاعدة ينطلقون منها في مهاجمتهم من يعتقدون أنهم خصوم ..

فقد وظف أبو الحسن الأشعري ( 260ـ 324هـ) كل إمكانياته مستفيدا من كل من سبقه ، في الرد على من غمزوا بأحقية وأهلية الخلفاء الراشدين ، فاستفاد من أسلوب الشافعي الذي جعل الاجتهاد في الشريعة تقنينا للرأي ، فكان الأشعري قد جعل من الكلام في السياسة تشريعا للماضي .. ووضع كتابه المعروف باسم (الإبانة ) ليكمل ما جاء في كتاب الشافعي (الرسالة ) ..

المراجع
ـــ
1ـ تاريخ الخلفاء ( الإمامة والسياسة ) ابن قتيبة / القاهرة 1963 ص 207
2ـ تكوين العقل العربي / د محمد عابد الجابري / مركز دراسات الوحدة العربية /بيروت ط5 1991 ص 108
3ـ‘ السلطة لدى القبائل العربية / فؤاد اسحق الخوري /دار الساقي/ بيروت ط1/ 1991
4ـ في سبيل علاقة سليمة بين العروبة والإسلام/ حسن خ غريب / دار الطليعة / بيروت /ط1 /1999ص 43
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 25-08-2006, 05:15 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

التشريع للمشرِع :

(1)

لقد كان التشريع الجزء الأخير من جهد (أبي الحسن الأشعري ـ إمام المتكلمين ) الذي قال عنه ابن خلدون إنه " توسط بين الطرق ونفى التشبيه وأثبت الصفات المعنوية و قصر التنزيه على ما قصره عليه السلف و شهدت له الأدلة المخصصة لعمومه . فأثبت الصفات الأربع المعنوية (= الحياة والعلم والقدرة والإرادة ) والسمع والبصر والكلام القائم بالنفس ، بطريق النقل والعقل . ورد على المبتدعة في ذلك كله ، وتكلم معهم فيما مهدوء لهذه البدع من القول بالصلاح والأصلح والتحسين والتقبيح وكمل العقائد في البعث وأحوال الجنة والنار والثواب والعقاب ، وألحق بذلك الكلام في الإمامة لما ظهر حينئذ من بدعة الإمامية من قولهم أنها من عقائد الإيمان وأنه يجب على النبي تعيينها "*1

لقد اختار الأشعري عنوان كتابه (الإبانة ) عن قصد واضح ، ليبين ما قصده الشافعي في كتاب (الرسالة) .. وليرد فيه على المعتزلة في مسائل العقيدة ، وليرد على الشيعة في مسألة الإمامة .. لقد بدأ الرجلان (الشافعي والأشعري) كتابيهما بآيات قرآنية تدلل على ما أرادا تبيانه ، ثم عادوا الى الحديث مبتعدين عن أهل الرأي ، ليختطا طريقا يخاطب العقل بأسلوب السلف ..

لقد استهل (الأشعري) الفصل الذي عقده بعنوان (إبانة قول أهل الحق والسنة) بتقرير الأصول التي سيرتكز عليها ، وبما أن الشافعي كان معاصرا لابن حنبل ، ومتفقا معه على المسائل العقائدية فإننا نرى الأشعري الذي جاء بعدهما يقرر خطه في هذا النص " وديانتنا التي ندين بها : التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل ، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وما روى السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ، ونحن بذلك معتصمون ، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته و أجزل مثوبته قائلون ، ولما خالف قوله مخالفون " *2

وإذا عرفنا أن ابن حنبل قال في الشافعي ( لولا الشافعي ما عرفنا فقه الحديث)*3 .. وهذا يجده من يبحث في هذا الشأن ، في رسالة ابن حنبل في (الرد على الزنادقة والجهمية ) *4

لكن نرى في الوقت الذي كان الأشعري ، يعارض ويفند ما يذهب إليه الشيعة والمعتزلة (في آن واحد) وهذا يلمسه من يتفحص موقف ابن حنبل في الثورة المسلحة التي قادها ضد الأمويين (الحارث بن سريج) الذي ادعى أنه المهدي المنتظر .. وكيف أن الأشعري وافق ذلك الموقف . إلا أن الأشعري قد استلهم طرق المعتزلة ذات الإطار العقلاني ، وهذا اتضح بشكل أكبر عند تلاميذه الذين خلفوه .


إن اختفاء نصوص أوائل المعتزلة ، كواصل ابن عطاء مؤسس الفرقة ، والمتوفى في سنة 131هـ و نصوص منظر الفرقة (أبي الهذيل العلاف ) المتوفى سنة 235هـ . جعل من الصعب على المطلع أن يجد على الدوافع العقلية التي أوجدت تلك الفرقة ( الحالة الإيبستيمولوجية) .. لكن سيجد الباحث أو القارئ ما يريد في النصوص الكاملة للقاضي (عبد الجبار) المتوفى 415هـ ، لكن الفاصل الزمني الذي يزيد عن مائتي عام بينه وبين الأوائل من المعتزلة سيعقد المسألة بعض الشيء ..

وإن أراد المطلع أن يتعرف على وجه التقريب على فكر المعتزلة ، فبالإمكان الإطلاع على رسالة ( أصول العدل والتوحيد ) للقاسم بن ابراهيم بن اسماعيل الرسي ( 169ـ 246هـ) .. والمفارقة أن مؤلف هذا الكتاب هو أحد أئمة الطائفة الزيدية (الشيعية) .. وهي تتشابه مع المعتزلة في كل شيء إلا في مسألة الإمامة ..

يقول الإمام (الرسي) : إن العبادة تنقسم على ثلاثة وجوه : أولهما معرفة الله ، والثاني معرفة ما يرضيه وما يغضبه ، والثالث اتباع ما يرضيه واجتناب ما يغضبه .. فهذه ثلاث عبادات من ثلاث حجج احتج بها المعبود على العباد ، وهي [ لاحظ الترتيب] العقل و الكتاب والرسول .. فجاءت حجة العقل بمعرفة المعبود وجاءت حجة الكتاب بمعرفة التعبد وجاءت حجة الرسول بمعرفة كيفية العبادة ، والعقل أصل الحجتين الأخيرتين لأنهما عرفا به ولم يعرف بهما فافهم ذلك ..فأصل المعقول ما أجمع عليه العقلاء ..

يتبع

المراجع
ـــــ
1 ـ مقدمة ابن خلدون ج 3 ص 1046
2 ـ الأشعري /الإبانة ص 20
3ـ مقدمة للأستاذ شاكر لطبعة حققها عن رسالة الشافعي
4ـ عقائد السلف /علي سامي النشار /الإسكندرية 1971
( الهوامش أعلاه ذكرها الدكتور محمد عابد الجابري في كتابه تكوين العقل العربي / ط5/ بيروت/ مركز دراسات الوحدة العربية / ص 132)
5ـ كتاب الملل والنحل / الإمام الشهرستاني / ص 85ـ94/ ط2 / القاهرة / 1954مكتبة الأنجلو المصرية / أشرف على إصدارها د محمود قاسم ، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 11-09-2006, 04:47 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

استقالة العقل العربي :

( في الموروث القديم )

( 1 )


لو سلمنا بأن العقل أداة لتمييز ما يعرض عليها ، وانطلقنا من هذا التسليم لتتبع تكوين تلك الأداة و ما ظهر عليها من تطور لكان لزاما علينا اقتفاء أثر ذلك التطور منذ الأزمنة الغابرة ، قبل الإسلام ، وواضعناها في مقابلة العقل العربي الراهن الرسمي منه ( لغة المفكرين والأدباء ) والشعبي الذي يستدل بما يقوم به العقل الرسمي ..

فلو كانت أداة العقل كالسيارة مثلا ، فإن لها وقودا و قطع غيار ، وخبراء صيانة وتدريب الخ .. وهذه في حالتنا ستكون مدارس الفلسفة والفكر و ما تنشره وتقرره ليصبح بمثابة مساطر يقاس عليها ..

لقد انتقلت الصفوة المفكرة منذ أيام محمد علي باشا ، عندما قام بإرسال طلاب العلم الى أوروبا ليدرسوا مختلف مناحي العلوم ، فدرسوها وفق نظريات أوروبية ، ناقشت مخطوطات أجدادنا و شرحتها ولبستها بنكهة (إبستمولوجية ) أوروبية ، فعاد أبناء أمتنا يناقشوا قضاياها وفق مهنية فكرية غربية ، وحنين عروبي إسلامي مرتبك ، لا يبتعد كثيرا عن الاستعانة في النهاية عما تخطه أقلام الغربيين ..

إن ما ينشر اليوم من أبحاث عن الحركات الإسلامية ، في الغرب يفوق ما ينشر في بلادنا حوالي 27 مرة .. وتترجم تلك الأبحاث لمختلف اللغات و تعود إلينا لنترجمها كمنتوجات عربية إسلامية .. في حين يغلب الطابع الحماسي على مؤلفات مفكرينا ، دون الغوص في أعماق الأصل في الفكرة ، نتيجة تبني (التنحيل) والتفريق بصيغ الكتابة لهؤلاء المؤلفين وتأثر كتاباتهم بأمانيهم كأطراف ، لا كباحثين ..

إن من يقوم برتق شق في ثوب ، عليه أن يبدأ ما قبل الشق ، لكي يسد هذا الشق بقوة .. وهكذا ما يجب أن يكون في السعي لترميم شخصيتنا المرتبكة ..


لقد حدث أن ضربت تحويلات عن مسار طريق التتبع لنشأة العقل العربي ، أو محطات تزويده بالوقود وقطع الغيار ، قبل تلك الحالة التي نعيشها بقرون طويلة ، فإذا كان عصر الانحطاط الذي ألم بالأمة ولا يزال منذ مئات السنين ، هو ما دفعنا للإتكال على الغرب لكي نعرف أنفسنا من خلال عيونه .

فإن شيئا مماثلا وهاما قد حدث قبل ذلك بكثير ، ومهد لحدوث هذا الانحطاط . لقد تكدست كتب المعارف الفلسفية في مكتبة الإسكندرية منذ أيام اليونانيين (البطالسة ) .. ثم انتقلت الى أنطاكيا ، في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز ، وأصبح لها فروعا في فلسطين ، ثم انتقلت الى حران في عهد الخليفة المتوكل من سنة 232هـ الى سنة 247 هـ لتنتقل الى بغداد بعد ذلك ، وكان هذا الانتقال من أهم الأحداث الفكرية ، إذ كان الانتقال يعني انتقال ( المجلس العلمي) الذي كان يشبه دوره الى حد كبير دور ( الكرسي الفلسفي ) .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م