إحياء ذكرى أكبر مذبحة شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية
سراييفو: عبد الباقي خليفة
بدأت البوسنة ومنظمات دولية؛ في مقدمتها الامم المتحدة أمس رسميا إحياء الذكرى الحادية عشرة لمذبحة سريبرينتسا التي اقترفها الصرب منتصف يوليو (تموز) 1995 وتعد أكبر مجزرة عرفتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تم إبادة نحو 8 آلاف شخص خلال بضعة أيام. ووصلت وفود تمثل أكثر من 55 دولة، إضافة لممثلين عن منظمات دولية واقليمية لحضور المناسبة والمشاركة مع أكثر من 50 الف نسمة من سكان البوسنة في إعادة دفن 505 من ضحايا الابادة في «مقبرة الشهداء» ببلوتتشاري القريبة من سريبرينتسا أمس، ويبلغ عدد الضحايا الذين اعيد دفنهم حتى الآن 2442 ضحية عثر عليهم في مقابر جماعية مختلفة وفي أوقات مختلفة، حيث توجد حاليا هياكل عظمية لأكثر من 4500 ضحية داخل مستودعات تحليل الحمض النووي لمعرفة هوياتهم.
وشاركت في إحياء الذكرى امس كارلا ديل بونتي، المدعية العامة لمحكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة التي صنفت المجزرة بأنها عملية تطهير عرقي. وكانت ديل بونتي قد رفضت، العام الماضي، المشاركة في الذكرى العاشرة «تعبيرا عن احتجاجها» على استمرار إفلات الزعيمين السابقين لصرب البوسنة العسكري والسياسي راتكو ملاديتش ورادوفان كرادجيتش من الاعتقال. وقد وجهت اليهما محكمة الجزاء الدولية عام 1995 تهمة ارتكاب مجازر ابادة، وما زال الرجلان فارين.
وكان الرئيس البوسني سليمان تيهيتش قد قاد مسيرة شارك فيها الآلاف من أبناء الشعب البوسني والمتعاطفين معه، وانطلقت من فيسوكو يوم الجمعة قبل ان تصل أمس إلى بلوتتشاري تحت شعار «مسيرة الموت.. طريق الحرية». وتبلغ المسافة التي يتم قطعها 100 كيلومتر، وهي تحاكي العذابات التي تعرض لها أهالي سريبرينتسا ممن نجوا من المذبحة سنة 1995 بعد وصولهم إلى المناطق المحررة في البوسنة آنذاك. وقال تيهيتش إن «المسيرة التاريخية تأكيد على أن ما جرى في سريبرينتسا سنة 1995 لم ينس ولن يتكرر»، و«اننا اليوم نتذكر ما حل بأهالي سريبرينتسا الذين واجهوا الابادة بشجاعة وتمكن بعضهم من النجاة». وأشار إلى أنه لا توجد جريمة إبادة موثقة كما هو الحال في سريبرينتسا، ليس بشهادات الناجين فحسب بل الضحايا قبل موتهم والقتلة بعد اعتقالهم.
من جهته، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، دياغو انريك أريا، إن «مجازر سريبرينتسا تعد أكبر عار في تاريخ الأمم المتحدة». وأشار في تصريحات مزلزلة للصحافيين وموثقة حيث نقلتها صحيفة «دنيفني أفاز» البوسنية امس الى إنه «يجب محاكمة جميع أعضاء الامم المتحدة، وخاصة بريطانيا وفرنسا وروسيا والأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي». وتابع قائلاً: «القوات البريطانية والفرنسية كانت تراقب الأوضاع، وكانت على علم بما كان يجري لكنها أخفت الحقيقة».
http://www.asharqalawsat.com/details...article=372801
***
بمشاركة 50 وفداً دولياً سريبرينتسا تتذكر مذابحها على أيدي الصرب
سراييفو: عبدالباقي خليفة
أحيت البوسنة الذكرى العاشرة لمذبحة سريبرينتسا التي تواطأت فيها عدة جهات دولية على رأسها الأمم المتحدة ومن بينها حلف شمال الأطلسي، والقوات الهولندية والجنرال الفرنسي موريون قائد قوات ال"يو إن بورفور" التي كانت موجودة في البوسنة.
وقد حضر عملية إحياء الذكرى في بلوتتشاري القريبة من سريبرينتسا وفود 50 دولة في العالم كانت قد أكدت مشاركتها في الذكرى العاشرة التي توافق يوم الإثنين 11 يوليو الجاري ومن بينهم قادة ورؤساء دول البلقان وشرق أوروبا ووزراء خارجية تركيا وبريطانيا وهولندا وفرنسا والسويد وممثلون عن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، بينما قررت دول أخرى مشاركتها عبر سفرائها في البوسنة أو الدول المجاروة والقريبة. بالإضافة إلى المسؤولين البوسنيين وعلى رأسهم الرئيس سليمان تيهيتش ورئيس العلماء في البوسنة الدكتور مصطفى تسيريتش وعدد كبير من المسؤولين في الحكومة والأقاليم البوسنية المختلفة.
مقبرة جماعية
في غضون ذلك أعلنت اللجنة البوسنية للبحث عن المفقودين عن عثورها على مقبرة جماعية تضم ما يزيد عن 100 ضحية. وقال مراد هورتيتش يوم الجمعة 8 يوليو الجاري أن هذه إحدى المقابر الجماعية التي تم العثور عليها وتعود لضحايا سريبرينتسا سنة 1995. وذكر أن الجثث في حال جيدة وهناك جثث كاملة، مشيراً إلى وجود معلومات سابقة لدى اللجنة تفيد بوجود المقبرة وبعدد الضحايا فيها والذين يتجاوز عددهم المائة ضحية. وأكد أن الوفود الدولية التي ستحضر الذكرى العاشرة لمذبحة سريبرينتسا ستزور هذه المقبرة بالإضافة لحضور جنازة 610 من الضحايا الذين عثر عليهم داخل مقابر أخرى، وسيعاد دفنهم وكان قد تم إعادة دفن 1327 ضحية من ضحايا سريبرينتسا ممن تم العثور عليهم في مقابر جماعية حتى الآن.
سريبرينتسا جديدة
وكانت السلطات المحلية في بلوتتشاري قد اعتقلت صربياً يدعى سريتن نيشكوفيتش (35 سنة) قام بوضع 35 كيلوجراماً من المتفجرات في المكان الذي سيشهد إحياء الذكرى العاشرة لمذابح سريبرينتسا التي ارتكبها الصرب في منتصف يوليو سنة 1995 وراح ضحيتها أكثر من 10 آلاف نسمة معظمهم من كبار السن والنساء والأطفال، وقد عثرت الشرطة المحلية على بصمات واضع المتفجرات مما دفعها لإطلاق سراح متهم كان قد تم اعتقاله في وقت سابق، وكان قد قضى عقوبة بالسجن في بلجراد سنة 2002م بعد عثور الشرطة على 30 كيلوجراماً من المتفجرات بحوزته، ويعرف الراديكاليون الصرب بتعصبهم الشديد وإشادتهم بالمذابح التي ارتكبوها بحق المسلمين ومن بينها مذبحة سريبرينتسا ولا تزال تكتب على الجدران عبارة "سريبرينتسا السكين والحبل سيتم تكرارها وملاديتش أيضاً" وقد أعيدت كتابة هذه العبارة على ملصقات وضعت في بلجراد تروي بالصور كارثة سريبرينتسا في محاولة لتغيير الموقف الصربي والتأثير في الرأي العام من خلال الصور المؤثرة عن المجازر التي ارتكبها الصرب في البوسنة ولا سيما في سريبرينتسا والمآسي التي تعرض لها المسلمون على مدى 4 سنوات متواصلة في قلب أوروبا.
وفي وقت سابق اعترف الاتحاد الأوروبي بحصول إبادة في سريبرينتسا دون أن يحدد المسؤولين بشكل إجمالي ومن بينهم الأطراف التي كان بإمكانها منع حدوث المجزرة. وكان البرلمان الأوروبي قد طالب بدوره في سالسبورج الأسبوع الماضي بتغيير اتفاقية دايتون للسلام التي وقعت قبل 10 سنوات تقريبا (21 نوفمبر 1995) أي بعد 3 أشهر من ارتكاب مذبحة سريبرينتسا التي راح ضحيتها أكثر من 10 آلاف من مسلمي سريبرينتسا البوشناق. وأشار دانيال كون بانديت العضو الألماني من حزب الخضر في البرلمان الأوروبي إن "اتفاقية دايتون أوقفت الحرب ولكنها لم تبن دولة طبيعية في البوسنة، مما من شأنه تهديد الاستقرار في منطقة البلقان وشرق أوروبا وانه إذا لم تكن لدينا الشجاعة لإعادة النظر في اتفاقية دايتون لا يمكننا تخطي آلام الماضي".
إلى ذلك قال أولي رين مسؤول شؤون توسيع الاتحاد الأوروبي إن "الاتحاد الأوروبي يمكن أن يكون مثالاً للسلام في البلقان بعد 10 سنوات من مذبحة سريبرينتسا". وأضاف "الاتحاد الأوروبي أكبر مشروع سلام وتغيير ويمكنه أن يكون مثالاً لمناطق كثيرة ولا سيما البلقان وشرق أوروبا". وأوضح أن "السلام والتغيير في البلقان لا يمكن تحقيقه طالما المتهمون بارتكاب جرائم حرب لم يمْثُلوا أمام محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة" ووجه أصابع الاتهام إلى زعيمي الحرب في البوسنة رادوفان كراجيتش وراتكو ملاديتش "المسؤولين عن مذبحة سريبرينتسا بالدرجة الأولى.
طريق الحرية
وقبل يوم 11 يوليو انطلقت من مدينة زفورنيك في شرق البوسنة مسيرة على الأقدام تحت عنوان "طرد الموت طريق الحرية". وقد قطع المشاركون في المسيرة مايزيد عن 83 كيلومتراً ومن بينهم عدد كبير من الصحافيين بلغ المائة جاؤوا من مختلف أنحاء العالم، وتأتي المسيرة التي شارك فيها الكبار والصغار والنساء والرجال من مختلف الأعمار محاكاة للمسيرة الشاقة التي قطعها الناجون من أهالي سريبرينتسا عبر الغابات للوصول إلى توزلا، فراراً من المذابح وعمليات القتل الجماعي التي مارستها القوات الصربية ضد سكان سريبرينتسا في فيما بين 11 و19 يوليو سنة 1995م. وقال رامو داوودوفيتش أحد الذين شاركوا في المسيرة ل المجتمع : نريد ألا ننسى، لا تنسى الأجيال اللاحقة ما جرى في سريبرينتسا قبل 10 سنوات. وتابع "لن يقر لنا قرار إلا بهدوء روع أرواح الضحايا وذلك بالاقتصاص من المجرمين". أما فايز شابيتش فرأى أنه "يؤدي واجباً تجاه الضحايا". هذا واجبنا تجاه الضحايا الذين تم قتلهم لأنهم مسلمون ولأنهم مختلفون عقائدياً وعرقيا ًعن المجرمين.. واعتبر ذلك تحفيزاً لنا على الحياة على ما ماتوا من أجله أو بسببه". ورأى إلياس بيغيتش أن "المشاركة في المسيرة تعني أن "الدماء التي سالت في سريبرينتسا لا يمكن نسيانها، ولا يمكن تعويضها، ولكن يمكن الحيلولة دون تكرارها مرة أخرى"، في حين أشار يونس جويشيتش إلى "الرغبة في عيش الشعور الذي انتاب الناجين من المجزرة وهم يقطعون الأميال بعيداً عن سريبرينتسا بين الخوف والجوع والإعياء والتفكير في الأهل".
http://www.almujtamaa-mag.com/Detail...sItemID=167160
***