مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 28-07-2006, 05:22 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

(15)

لو جلس أربعة مقامرين ، كل واحد يملك مائة دينار ، فإن كل حالات اللعب لن تجعل مجموع ما معهم أكثر من أربعمائة دينار ، فقد يكسبها الأول أو الثاني أو أي واحد ، لكنها لن تزيد . تلك الحالة نجدها في أي نوع من الصداقات فإن كان كل الأصدقاء ، يتصفوا بقلة إمكانياتهم الثقافية ، فلن تتطور مهارات وممتلكات أي واحد منهم من المعلومات الثقافية ..

في العتيقة ، لم يكن للنقد قيمة ، بل كان للعرق ( الجهد ) قيمة ، ولا زلت أذكر أن الليرة الذهبية ( العصملية ) كانت تقل بقيمتها عن الدينار المحلي ، لا تستغربوا ، فاقتناء الذهب ، دائما يأتي على هامش فائض المدخرات ، فكانت كل البلاد تعاني من ذلك .. فلا قيمة للذهب ، أو له قيمة ولكن لا أحد يدرجه مع أولوياته ..

كان أكثر من خمس و تسعين بالمائة من أهل العتيقة يعملون بالفلاحة ، وكان همهم كما ذكرنا يقتصر على تلبية الحاجات الأساسية من سكن وقوت ولبس و الحفاظ على أنفسهم من الانقراض . لم يكن الادخار يشغل بالهم ، وكذلك النقد أو ما يدل عليه . فكانوا يتبادلون بالمبادلة بقرة بنصف طن ( قنطارين ) من الحنطة ، عروس بقطعة أرض ، قليل من الحلو الذي يحن إليه الأطفال بدل بيضة دجاج ، وهكذا ..

لم يكن في البلدة الكثير من الحرف و المهن ، كان بها مجموعة من الدكاكين ، ومحل لصناعة (الفروات ) ، ومحل للبيطار لتبديل حذوات الخيل ، أو علاجها ، ومحل لصناعة ( الجلالات ) أي ما يوضع على ظهر البهائم ، ومحل لصناعة (الهريط ) وهو عمل كانت تطبخ به عظام (الجمال ) ليستخرج منها محلول غروي يشبه ( الجلي ) .. يفطر عليه بعض الناس .. ومحل لتصليح (البوابير) كان صاحبه يسمى ب (السمكري ) لتصليح مشاعل الطبخ و الفوانيس و غيرها ، ومحل لخياطة ملابس الرجال ، ولم يكن يحتاج لفنون كثيرة ، فهي ملابس أشبه بالأسطوانات ، مع بعض الإضافات البسيطة ..

أما الدكاكين فكانت في البداية لتجار قدموا من ( الشام ) أو ( القدس ) ، ثم تركوا القرية لعدم ملائمتها لطموحاتهم . ثم أصبحت ملكيتها لأبناء العتيقة ، كان فصالها و شكل ديكورها الداخلي موحدا ، فكان لها مصطبة خارج بابها ، بارتفاع نصف متر ، يجلس عليها الرجال في أوقات فراغهم وما أكثرها ، يتحادثون ويشهدون على عمليات المبايعة القليلة . ويلعبون (المنقلة ) وهي قطعة خشب جوز سميكة محفور بها عدة حفر ، توضع الحصى في كل حفرة وفق نظام يعرفوه ، أو يلعبون ( القطار ) أو ( الياس وديس ) وهي لعبة يرسمونها على سطح بثلاث مربعات داخل بعضها البعض ، ثم يوصلون خطوطا تخترق أواسط الأضلاع ، فيضعون تسع قطع من الحصى لكل لاعب تختلف ألوانها من لاعب لآخر ، ويحركون الحصى بالتناوب حتى يكسب أحدهما .

أما داخل الدكان ، فكنت تصادف مصطبة أخرى عند الباب ، يتمدد عليها البائع لندرة المشترين ، ويفصل المصطبة عن جسم الدكان ( مد ) خشبي يوضع فوقه الميزان ، ومن خارج هذا المد تجد (شوالات ) غير ممتلئة بها من أصناف الحبوب ، وهي عادة تزيد في محتوياتها ، ولا تقل ، لأن ما بداخلها كان نتيجة دفع الزبائن أثمانا لما اشتروه .. وعندما تمتلئ تلك العبوات يأخذها صاحب الدكان الى مخزن أو يبيعها لتجار الحبوب ..

أما البضائع التي كانت تكون باستمرار في الدكاكين ، فكانت السكر والشاي والصابون و بعض أدوات المطابخ كالمنخل و السكين و ملاقط الغسيل وليف الحمَام ، وحجار النيلة وأبر الخياطة ، والملح والفلفل و القهوة والهال و أنواع من الحلويات التي انقرضت ك ( القوم والقنبز والكعكبان و الراحة والفيصلية ) ، وكانت توضع في ( مرتبانات لها أغطية تصف على الرفوف ..وأحيانا تجد بعض الفواكه كالعنب والتين الخ ..

إن أجواء كهذه كانت تجمع الذباب ، فكنت تلاحظ شريطا لاصقا يتدلى من أعلى الدكان لارتفاع أعلى من الرأس بقليل ، وقد التصق به الذباب حتى أصبح لونه أسودا أو لونا (ذبابيا ) ..

هناك نوع غريب من علاقات البيع والشراء كنت لا أفهمه كثيرا ، حيث كان يتجول في البلدة ، أناس غرباء ، يركب أحدهم حصانا أو حمارا ، ويبيعون الزيت و الأقمشة أو يصيحون ( مبيض .. مبيض ) وكان من يصيح يهتم بمعالجة أواني الطبخ النحاسية التي مر عليها وقت دون تبييض . كما كان أحدهم يصيح ( رشادي .. غوازي ) .. وكان يبيع الصيغة ( أي الحلي الذهبية والفضية ) .

الأمر الذي كنت أستغربه ، هو أن من يبيع الصيغة ، كيف كان يأتمن على ماله وحليه في الطريق من قطاع الطرق ، فاكتشفت في وقت متأخر ، أنه كان يودع حصانه عند أحد أهالي العتيقة ويأتي بالباص ، مقابل شيء يتفق عليه .

كما كان هناك قسم من الغجر يأتون في مواسم الحصاد ، ويبيعون أدوات يحتاجها الفلاحون في أعمالهم كالغرابيل و الكرابيل و المقاطف و المذاري والشواعيب ، وغيرها من تلك السلع ..

وقد رأيتهم كيف يصنعون الغرابيل (جمع غربال ) والكرابيل ( جمع كربال ) وغيرها .. فبعد أن يعالجوا الخشب بالماء والحرارة ويجعلون منه دائرة . يكونوا قد قاموا باستغلال أي جلد حيوان يلقوه ، سواء كان ميتا أو مذبوحا ، فيدبغوه ، ويجففوه تحت الشمس مثبتينه بأعواد ترتفع قليلا عن الأرض ، ثم يقددون الجلد ليعملوا منه خيطانا جلدية يدخلوها في ثقوب (الطارة ) الخشبية ويشدونها فتصبح جاهزة .. وكانوا يفهموا بالقياسات ، فتلك للقمح وتلك للشعير وتلك للحمص الخ ..

لم يكن أحد يفكر بتطوير عمله ، فالتقنيات محدودة ، والعادات المهنية قد تكون ممتدة الى آلاف السنين السابقة ، فقد يكون الشكل الذي رأيناه في منتصف القرن العشرين يشابه لحد كبير ما كان سائدا في العصر العباسي ، وقد يكون صدر الدولة العباسي يتفوق على ما شاهدناه في منتصف القرن العشرين في العتيقة .. حيث لم تكن علاقات الإنتاج التي كانت بوادرها قد تكونت في عصر المعتصم وما تلاه ، فقد كان هناك شيخ لكل مهنة يحتكم الممتهنون عنده في حالات الخلاف .. وتطورت حركة القرامطة لتفرز شكلا له طابع سياسي في بعض الأحيان .. أما في العتيقة ، فكان الاجتهاد هو الحكم في الخلافات ، فيبدو أن الناس لم يكونوا مطلعين على تجارب من قبلهم أو من يجاورهم من التجمعات السكانية الأكثر تقدما ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 10-08-2006, 05:35 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 16)

كان أبو ساري بسترته الواسعة و بنطلونه الفضفاض ، وعقاله الذي يثبت حطة بيضاء تتدلى الى منتصفه ، يبدو بهيئة تخفي عيوب قصره وسمنته ، وقد كان يساعده على التخفي من ملاحقة عيون الناس لتفحص عيوب جسمه ، حقيبة جلدية سوداء من تصميم العشرينات من القرن العشرين ..

كانت حقيبته ، تنبئ ناس العتيقة بوصول الشؤم وتكدير النفوس ، إنه (التحصلدار ) ، واسمه أخذ من وظيفة حكومية للجباية ، ربما ورثت اسمها الحكومات التي جاءت بعد الأتراك ، لكنها أبقت على الوظيفة واسمها كما هي .. لقد كان يضع بحقيبته التي تشبه في طياتها طيات (الأوكورديون ) سجلات خاصة بأصحاب الأراضي في القرى التي سيمر عليها أبو ساري . وكان بها ختم خاص وعلبة معدنية بسماكة تزيد عن السنتمتر بقليل ، غطاؤها مثبت بها بمفصلين دقيقين ، وضع بداخلها قطعة من قماش قطني أو اسفنجي غمر بسائل بنفسجي .. وبعض دفاتر وصولات القبض ، الذي لا تزيد مساحة أحدها عن مساحة علبة التبغ ..

لم يكن أبو ساري يحمل سلاحا ، ولا يرافقه حراس ، ومع ذلك كان له هيبة استمدها من ذاكرة عمرها أكثر من ألف عام ، فيكفي أنه يحمل ختم دائرة من دوائر الدولة ، ويكفي أنه يلبس بنطلون حتى يثير حفيظة الناس فتكرهه ، كما كانت تكره الدولة ، ولما كانت الكراهية عندنا لا تأتي إلا بعد اضطهاد من نكره لنا ، ومن يضطهدنا بالتأكيد هو أقوى منا ، وعلينا أن نكرهه أي نهابه أي نخافه أي ننصاع لما يملي علينا ، فكان أبو ساري مكروه مهيوب مطاع ..

لقد تذكرت سبب اختيار أبي ساري للملابس الفضفاضة ، فالشحات يأخذ معه كيس فارغ لأنه يتأمل أن يملأه من ما يعطيه الناس ، وأبو ساري (التحصلدار) يأتي بحقيبة مطوية ، متأملا ملأها من النقود التي تفرضها الدولة على الفلاحين من ملاك الأراضي وكانت تسمى ( مال وأعشار ) .. وملابسه يختارها فضفاضة تحسبا لزيادة في وزنه أو حجمه ، من فعل الديوك التي يأكلها في القرى التي يداهمها .

لم أكن أعلم من أي دائرة ينطلق أبو ساري ، ومن أي مدينة ، هل ينطلق من مركز المحافظة ، أم من العاصمة ، أم أنه لا ينطلق من مكان معين ، بل يبقى طوافا ، لا يهدأ فكان يقيم بالعتيقة حوالي أسبوعين أو ثلاثة . لا أدري كيف كان يحدد المدة ، هل حتى ينجز عمليات الجباية من الفلاحين ، أم حتى ينجز القضاء على كل ديوك القرية ، لينتقل الى قرية أخرى وهكذا ..

كان الحاج ابراهيم هو أول من يحط عنده أبو ساري ، وينام في ضيافته ، كل المدة ، وكان الحاج ابراهيم يعرف أحوال أبناء العتيقة بشكل كامل ، وهو الوحيد الذي كان لا يقدم الديوك لأبي ساري ، بل كان يذبح خروفا أو جديا و يدعو بعض وجهاء العائلات الذين تعاونوا مع ( موفد ) لفرز أراضي العتيقة .. كان حديث الحاج ابراهيم مع المدعوين ، يساعد أبا ساري في تحديد شكل المطالبة والإصرار عليها .. كان يحضر الوليمة الأولى كل من مدير الناحية و رئيس الدرك ..

كان ( البرج ) .. وهو مبنى يبعد مسافة نصف ساعة على الخيل من العتيقة ، كان أشبه بحصن ، تم بناؤه في العهد العثماني بسور يرتفع أكثر من عشرة أمتار ، تحيط بمبنى يتسع لقوات الدرك وخيولهم و منامهم و مؤنهم .. وكان من يأتيه طلب لمراجعة البرج ، تحل عليه العقوبة قبل وصوله للبرج ، فكان يمضي الليل يتقلب ، ما هو السبب ولماذا دعوني ، وماذا عملت ، حتى تذهب به الظنون الى أن استدعي لذنب ارتكبه أجداده المتوفون قبل نصف قرن .

الحاج ابراهيم ، ومعه الحاج حسين والحاج أبو حامد والحاج برجس والحاج عطية والحاج سعد ، كانوا يمثلون أكثر من ثلثي سكان العتيقة ، فهم وجهاء القرية وهم مجموعة تحالفت في وجه البقية من سكان العتيقة ، بزعامة الشيخ كساب ، وكلا الطرفين يتسابقا من أجل إثبات صدقهم لدى الدولة ، وكانت الدولة تفرح لمثل ذلك التنافس الشريف !

كان لأبي حامد أحد عشر ولد من الذكور ومن زوجتين ، ثلاثة من الأولاد وقعت أيديهم على مناشير سياسية (حزبية ) .. فكانوا يتكلموا بحضور والدهم عما يقرءون ، فكان أبو حامد يعجب بما يسمع من أولاده ، ولكنه لا يستطيع ترديد ما سمع منهم ، فكان بحضور الولائم التي يحضرها رجال الدولة ، يبتسم ابتسامة خبير ، بأنه قد مر عليه مثل هذا الكلام ويعرف تحليله ، لكنه لا يتكلم بل يبقى مبتسما ، فيثير شكوك الحاضرين من رجال دولة و مجتمع ، حتى أصبح بنظر الجميع أخطر رجل في العتيقة !

عندما تشكلت حكومة وطنية ، جاء مجد أبناء أبي حامد ، فهم على صلة بوزير الأشغال ووزير التربية .. وكونهم لا بد لهم من المباهاة بوضعهم أمام الناس ، فانهالت عليهم الطلبات من كل الناس لتوظيف ابن أو استصدار رخصة استيراد بغال أو الخ ..

فيأتي أحدهم بالمساء ليسأل أبا حامد عن قضيته ، فيجيب أبو حامد : البارحة كانت الدنيا مشحطة ( تختلط غيوم الندى بصفاء السماء ) .. فقلت لنفسي هل أنام ( بره) أم أنام في الداخل ( جوه ) .. فقررت أن أنام بالعتبة ، وفي الفجر قمت لأصلي الفجر ، ثم ناديت على زوجتي ( عوفة ) ويصرخ وهو يسرد بقصته لمن سأله ، فتأتي زوجته (عوفة ) : ها أبو حامد هل ناديتني ، يزجرها قائلا : روحي أنا أتحدث فقط ، فتذهب زوجته ، ويكمل سرد ما يقرب لجواب سائله ، فطلبت منها (فطورا ) .. فأحضرت لي بعض البيض المقلي واللبن الرائب ، ثم يتوقف .. ليبدي شكواه من طعم اللبن ، إن فيه طعم غريب ..

بهذه الأثناء يدخل بعض الذين اعتادوا على السهر في مضافة (أبي حامد) ، وبعد أن يناولوه رشفة من القهوة ، يظن أن الحديث عن اللبن ، فيتدخل ، ويقول ان طعم اللبن تعتمد على نوعية المرعى الذي ترعاه الأغنام ، ويزداد عدد الحضور ، ويذهب الحديث في اتجاه تذكر بعض الرعاة ، وكيف أن أحدهم من عائلة كريمة ووالده كان شاعرا ، فيتذكر أحدهم بعض أبيات القصيد الذي قاله ، ويدخل قادم جديد فيظن أن (سهرة ) اليوم عن الشعر ، فيدلي بدلوه ..

وصاحبنا ، صاحب الحاجة الذي أتى ليستفسر من أبي حامد عن حاجته في الوزارة ، يتقطع من داخله ، ويتساءل بصمت وقهر ، متى يكف هؤلاء عن الثرثرة ليجيبني أبو حامد على سؤالي !
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 26-08-2006, 03:00 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 17 )

لو أردنا معرفة سر صراع الناس في بقعة ما ، تتساوى فيه أعراقهم وديانتهم وطبائع معيشتهم ، لوجدنا أن السلطة الحاكمة في البلاد لها دور كبير في تأجيج أو إخماد الصراع فيما بينهم .. فعندما تقبل السلطة جاه أحد الوجوه في منطقة ما ، وترفض جاه آخر ، فإن مقبول الجاه يصبح محسودا و النظرة تجاهه نظرة مخلوطة بين احترام كاذب من قبل الناس ، واحتقار دفين لا يظهر ..

كما أسلفنا سابقا ، فإن العتيقة كانت مثار خلاف بين بريطانيا و فرنسا إثر اتفاقية ( سايكس ـ بيكو ) .. وقد انقسم وجوه العشائر بين من يؤيد الإدارة الفرنسية وبين من يؤيد الإدارة البريطانية ، و كان الشيخ كساب هو ومن يتبعه من مريدي الإدارة البريطانية ، وكان الشيخ كساب معروفا بشجاعته و قدراته القيادية في القتال ، ويسجل له أنه قاد العتيقة في حروبها مع البدو والتي استمرت قرابة العشر سنين ، قبل وصول الحكم الإنجليزي للبلاد .. فاكتسب صفة جماهيرية ، جعلت من إدارة أي دولة أن لا تتجاهل مكانته .. شأنه في ذلك شأن سبعة حكام محليين في مناطق مختلفة من البلاد ..

وقد كان للشيخ كساب مصادر دخل تأتيه ، من الذين يحتموا به ، فمقابل أن يمنحهم صفة الانتماء لحلفه ، فإنهم يأتونه بالخراف والسمن إذا ما جاءه أحد الضيوف المهمين ، فكانت عدد الخراف التي تأتيه في مثل تلك المناسبات تفوق عشرات المرات ما يذبح منها .. وكان فوق ذلك يأخذ من الإدارة البريطانية المحتلة (جنيهين ذهبيين ) عن كل فرد من هؤلاء الأفراد ، بحجة أنهم مجندين تحت إمرته ، وبطبيعة الحال لم يكن يعطي من تلك الأموال لأحد شيئا ..

بالمقابل كان هناك الشيخ (راغب) الذي أراد أن يجند بقية أهل العتيقة لحساب الفرنسيين (دون علمهم ) .. فكان يجيد اللغتين الفرنسية والإنجليزية إضافة الى التركية والعربية ، لقد أراد أن يجعل من بقية سكان العتيقة ، والذين لم تكن عشائرهم عشائر بمعنى الكلمة ، بل عائلات في أحسن الأحوال يكون بها عشرون رجلا ، فأراد أن يجعل من أحدهم مختارا ، كما كانت السلطات الفرنسية تساعده ، إذا ما توسط في تسهيل مهمة أحد هؤلاء الناس ، إذا كان موقوفا لديهم أو عنده مشكلة ما .. فكانت تستجيب له في العفو عن الموقوفين ..

لكن الشيخ راغب كان يقرأ أن مستقبل العتيقة وما حولها سيحسم عما قريب لصالح البريطانيين ، فكان يزورهم و يحسن من علاقته معهم .. بل والأكثر من ذلك كان على علاقة صداقة طيبة مع الشيخ كساب و أبناء عمومته ..

إلا أن أمرا طارئا قد حدث في بداية عام 1930 ، عندما مرض الشيخ كساب مرض الموت ، فنقل الى مستشفى في مدينة بعيدة .. وأصبح أخوانه وأبناء عمه يحسبون الحساب أن قيادة العتيقة ستؤول ـ لا محالة ـ الى الشيخ راغب ، كونه الأكثر قدرة على التعامل مع السلطات .. فدعوه الى حفل عشاء في ديوانهم وذبحوه و قطعوه ووضعوه في كيس من الصوف ورموه بأحد آبار العتيقة ، ولم تكتشف جثته إلا بعد أسبوعين ..

عندما اكتشف الأمر ، صادف أن توفي الشيخ كساب في المستشفى ، فأشار وجوه أهل العتيقة على ذويه أن يحملوا جثمانه ، ويدخل كل وجوه أهل العتيقة الى ديوان المغدور الشيخ راغب ، فما أن وضع الجثمان أمام الديوان ، حتى نثرت عليه نساء ذوي المغدور رماد المواقد ، دلالة على رفضهم الصلح .

غادر أبناء أخ الشيخ راغب و ابنه الشاب ، الى منطقة نفوذ الفرنسيين ، وأخذوا يغيرون ليلا على العتيقة ، يكمنون لمن تطوله أيديهم من أبناء عشيرة الشيخ كساب ، علَهم يجدون أحدا يقتلونه . فكانوا يطعنون المواشي لتحدث صوتا في الليل ، ولكن حذر خصمهم قد فوت عليهم الفرص لمدة أربعة سنوات متواصلة ، لا بل تمكن خصومهم من قتل شاب آخر من أبناء أخ الشيخ راغب .

أحدثت تلك القصة بداية انقسام بين سكان العتيقة ، ثم تلتها قصة أخرى ذهب ضحيتها سبعة أشخاص ستة رجال وامرأة واحدة ..ففي أحد احتفالات الأعراس ، انطلقت رصاصة من بندقية أحد المحتفلين فقتلت شقيق العريس ، وفسرت على أنها مقصودة للتخلص من خطيب أحد الفتيات ، فأغار أهل المقتول على عشيرة القاتل فقتلوا منهم الرجال الستة والمرأة .

ورغم مراسم الصلح التي تلت ، فإن الانقسام قد تشكل ، وأثر على سير الحياة في تلك القرية .. وأخذ يظهر في الانتخابات فيما بعد ، فإن ترشح للانتخابات أحد المخترعين من طرف فإنه لن يحصل على أي صوت من الطرف الآخر ..

لا بل تعدت الأمور ذلك ، فكانت المكائد تتم بالوشاية من الذين ينتمون لأحزاب سياسية ، أو يفكروا بذلك ، وقد وجدت الأجهزة الأمنية في ذلك النمط من العلاقات مبتغاها في الوصول للمعلومات الأمنية اللازمة . من خلال التقارير التي تكتب سواء كانت صادقة أو ذات صفة كيدية ، لإبعاد مرشح عن دائرة المنافسة الانتخابية ، أو إحداث خسارة في تجارة ما للطرف الآخر .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 11-09-2006, 08:42 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 18 )

لم يكن للناس عهد بالتفكير بمعارضة الحاكم ، فقد تمت تربيتهم على السكوت مدة ألف عام ، لكن بعد أن زال الحكم العثماني الذي اختلطت فيه مبررات بقاءه مع عدمها .. وأصبح الناس وجها لوجه أمام مستعمرين كفرة ، ويهود يحاولون بلع فلسطين ، وحدوث المقاومة في فلسطين وسوريا و العراق ، وانتشار وسائل الإعلام التي أخذت تسرب أخبارا عما يدور في ليبيا و الجزائر وريف المغرب .

بدأ الحس الوطني بالنهوض شيئا فشيئا ، حتى شارفت الأربعينات من القرن العشرين على الانتهاء ، ولما كانت الحكومات العربية ، ليست بذلك الاحتراف في خنق الأصوات كما هي اليوم . أخذ شباب العتيقة كما هم غيرهم من شباب العرب يفكرون ويتهامسون و يتبادلون نشرات كانت تصنف على أنها ممنوعة ، لكن المهربون كانوا ينقلونها على ظهور الخيل عبر الحدود ، لتصل إلى عينات من مثقفين لا زالوا في المدارس المتوسطة أو الثانوية ..

كان الشباب ينقسمون الى ثلاثة فئات فئة إسلامية ( سياسية ) بحزب اسمه (التطهير ) وحزب ( أممي ) وحزب (قومي ) .. وغالبا ما كانوا في حالات جدال مع بعض ، أحيانا تصل الى حد العراك بالأيدي أو السكاكين .. وكان معلمو المدرسة ينقسمون أيضا وفق هذا التقسيم ، وكان الأكثرية من القوميين والتطهيريين ثم بعض من الأمميين الذين كانوا يحاربوا من كل الأطراف إضافة للدولة والمجتمع ..

كانت العقوبات التي ينالها من ينتمون للحزب ( الأممي ) قاسية جدا ، نادرا ما تقل عن عشرة سنوات ( شاقة ) .. فكانوا يلجئون لحيلة في عقد اجتماعاتهم ، إذ كانوا يحضرون بعض زجاجات البيرة و يضعونها في دلو وينزلونها ببئر ماء لكي تبرد ، حيث لم تكن الكهرباء قد دخلت العتيقة بعد ، وأحيانا يملئون تلك الزجاجات بالماء ، وعندما يرتابون بحركة قد تلحق بهم الأذى يسارعون في استخراج زجاجات البيرة ( أو الماء ) ويتناولونها أمام القادم المريب ، فأسهل عليهم أن يقال عنهم سكارى من أن يتعرضوا للسجن الطويل ..

وقد أثير حديث ذات يوم بين أهالي القرية ، فعندما ذكر أحدهم كلمة (أممي) انبرى أحد جيران ( وكر ) تلك الخلية ، وقد اطلع على بعض طقوسهم .. فابتسم وقال : هل تعلمون كيف يصبح الأممي أمميا ؟ ثم أجاب : يضعون زجاجات في دلو وينزلونها في بئر ثم يستخرجونها ، وعندها يصبحوا أمميين !

لقد كان المعلمون يستغلون حصص التدريس ، ليمرروا أفكار أحزابهم ، من خلال شرحهم للدروس أمام التلاميذ ، حتى لو كان الدرس ( للحساب ) فإن المعلم يصنع مقتربات للدخول في الحديث عما يريد ، فبشرحه للفيزياء يذكر حسن كامل الصباح البدوي اللبناني ،الذي قتلته المخابرات الأمريكية بعد أن اخترع التلفزيون ( الذي سرق شرف الاختراع منه ) .. ليهجم في شرحه على الإمبريالية و الصهيونية .

وإذا أراد أن يتحدث معلم التاريخ عن الأندلس ، فلا ينسى يوسف بن تاشفين وتوحيده للأندلس التي تمزقت في عهد ملوك الطوائف ، لينوه بضرورة عمل ذلك في الوقت الحاضر ، وليتكلم عن ضرورات الوحدة براحته ..

كانت الجزائر عندما تتعرض المقاومة فيها لبعض الخسائر ، يحس الطلبة من خلال معلمهم بأن حدثا جللا قد وقع ، وعندما يسألوه ، كانت الحرقة والاختناق تكاد تقتل هؤلاء الأطفال الصغار ، ولا يعودوا في اليوم التالي إلا ومعهم بعض النقود القليلة ليتبرعوا بها لثورة الجزائر ..

وعندما بدأ المذياع بالانتشار ، اقتنى بعض الموسرين جهازا ضخما من نوع (سيرا) .. كان مربوط به ( بطارية ) تقل عن حجم بطاريات السيارات قليلا ، فكانوا يستمعون الى إذاعة ( الشرق ) التي أصبحت فيما بعد إذاعة لندن ، وكانت تبث من قبرص ، موجهة لتلقين الناس أخبارا معينة .

كان أبو حامد يضع جهاز المذياع الى جانبه ، ويخرج من جيب صدريته ساعة فضية اللون ، ربطت بسلسلة في أحد طيات الصدرية ، فيضغط على (زر) لتفتح الساعة و يطلع على الوقت ، ثم يدير مفتاح المذياع لأنه حان وقت الأخبار ، وبضعة رجال يجلسون من حول الموقد الذي وضع عليه دلال القهوة ، يرقبون ما سيبلغهم أبو حامد من أخبار يسمعها ، رغم أنهم يسمعون كما يسمع هو ، لكن اللغة العربية الفصحى لا تجعلهم يدركون على وجه الدقة ما يقول المذيع .

كان أبو حامد يعالج جمرات من الفحم المشتعل ، بملقط خاص ، في حين يطرق في نظره للأسفل ، ممثلا دور الخبير في معرفة ما يقول المذيعون .. أما الرجال فيرقبون حركات يديه في معالجة الجمر ، وتعبيرات وجهه عندما يعلو صوت المذيع .. وفجأة يطفئ جهاز المذياع ويهز رأسه قليلا .. فيبادر الرجال بسؤاله : خير أبو حامد ؟؟
فيجيب باقتضاب ( على قدر ما فهم ) : بس الله يرحمنا ..
فيعاودوا السؤال : خير أبو حامد .. ماذا قال المذياع ؟
أبو حامد يجيب وكأن هموم الأمة مرهونة برقبته : مولعة بمصر .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 29-09-2006, 12:44 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 19 )

عندما مات ( شاهر قوقة ) ، فرح ذويه بموته كثيرا ، فقد كان يسبب لهم الكثير من الحرج ، فقد كان معتوها ، في أواسط الخمسينات من عمره ، متسخ الثياب ، لا زوج له ولا أولاد ، لا يتحرج أن يتبول في الشارع أمام المارة ، يستطيع أن يلفظ ستة حروف فقط من الحروف الأبجدية ، فيرد على من يستهزئ به بقوله ( هماه ) ( ويقصد بها حمار ) .. كان الصبية يلحقونه ليستفزونه ليشتمهم بشتائمه المثيرة للضحك ..

و كأي ميت ، لا بد من عمل مأتم له و فتح دار عزاء ، خصوصا أن أخاه من وجهاء العتيقة المعروفين ، ولكن الناس تتثاقل في الذهاب الى مآتم الأطفال والنساء المسنات و المهابيل ..

كانت أخبار هؤلاء المهابيل في حوزة مدرس ابتدائي ، يتفنن في جمع أخبارهم ، و معرفة النقاط التي تثيرهم ، وأحيانا يجمعهم كلهم و كانوا أكثر من عشرة بقليل ، منهم من هو من أبناء العتيقة و منهم من يأتي من البادية ، ومنهم من يسكن عند أم له تزوجت بعد وفاة زوجها . كان ( أبو أركان) الأستاذ يعرف أسرار هؤلاء المهابيل ، وكلمات السر لجعلهم يجودون بنمرهم المجنونة .

كان أول من أتى أن يعزي بوفاة ( شاهر قوقة) ، مجنون يحافظ على كياسته ما لم يقال له كلمة السر التي تحوله من إنسان عادي الى مجنون رسمي ، كان اسمه ( عقلة) .. ولم يكن بديوان الشيخ ( سليم ) شقيق المتوفى ، سوى الشيخ ورجل مسن عصبي المزاج اسمه (مهاوش) ، يعتبر من أقدم تجار المنطقة ، وأقلهم ربحا ، لعصبيته .. فإن سأله أحد المشترين عن ( بندورة ) (طماطم ) .. وأجابه أن طلبه موجود ، فإن اعترض المشتري على ما عرض عليه ، وطلب أحسن من تلك البضاعة ، فإن البائع العصبي ، سيدوس مئات المرات برجليه على الطماطم حتى يأتي عليها ، وهو يردد : تريد أحسن من هذا ؟ تريد أحسن من هذا ؟ ، وإن اعترض أحدهم على ( زجاجة سراج ) يريد أن يستبدلها فإن كل رصيد البائع ( مهاوش ) سيتكسر أمام المشتري المعترض ..

كان ( مهاوش ) مجنونا ، ولكنه كان لديه زوجتان وأربعة عشر ولدا من الذكور العصبيين ، فلم يتجرأ أحد أن يصفه أو يصفهم بالجنون ..

لم يطق ( مهاوش) وجود عقلة ، فغمز الشيخ سليم وقال له : ( بغلين على طوالة واحدة لا يمكن ربطهما ) .. ففهم الشيخ سليم تلك الإشارة حتى يتم طرد (عقلة) من المجلس ، كي لا يثير مشاكل مع المعزين .. فوجه الشيخ سليم سؤالا الى (مهاوش) : هل عقلة كبير بالسن ؟ فأجاب (مهاوش) : والله لما كنت خيالا كان ( عقلة ) نشميا .. ففرح عقلة بجواب مهاوش وقال : الله يحفظك يا حاج مهاوش .. فأضاف مهاوش بمكر : كان يحمل على رأسه وعاء من خشب و يلحق الأبقار ليجمع روثها .. فغضب (عقلة ) وقال : يلعن شيبك يا مهاوش وخرج .

كان أولاد العتيقة و حتى رجالها ، يتسلون بالمجانين و المهابيل ، تسلية تعوضهم عن نقص الجوانب في التسلية ، حتى كانوا يبتكرون من بين الأسوياء ، أشخاصا ليضيفونهم الى قائمة المجانين ، فقد حدث أن ذهب رجل من الحارة الجنوبية الى الحارة الشمالية ليعبئ بعض (التبن ) من عند عديل له ، وكان يلبس ملابس رثة ، تلاءم قيامه بالعمل ، وكان من بين الملابس غطاء للرأس (يشمغ) مقطعا بعض الشيء ، وعندما أنهى عمله خرج وقد علق التبن في شقوق غطاء الرأس ، فبدا منظره غريبا و شاذا ، فلما لمحه أحد الأطفال ، ذهب وأخبر أترابه بأن مجنونا جديدا قد أتى للحارة ، فتراكض الأطفال يتضاحكون ويحذفونه بالحصى و هو يركض أمامهم ، مستسلما ، حتى دخل خرابة مهجورة فتسلل أحد الأطفال إلى مخبئه ، ففاوضه الرجل أن يعطيه بعض النقود مقابل أن يمنع الأطفال عنه ، فخرج الطفل يبلغ الأطفال : أن المجنون يريد إعطاؤه نقودا ، فهجم الأطفال ثانية عليه ، فما كان منه إلا أن يركض حتى وصل بيته ، مقطع الأنفاس ..

كان ( عقلة ) المجنون ، يغيب عن العتيقة عدة شهور ، ولم يعرف عنه أين يذهب ، حتى صدف أن الأستاذ ( أبو أركان) ، قد نقل من العتيقة للتدريس في قرية تبعد حوالي 50كم ، فلمح بعد أيام من التحاقه بالعمل رجلا يضع عمامة خضراء ، وبيده مسبحة طويلة ، يخرج من دكان بخطوات ثابتة ، فراقبه عن بعد فتيقن أنه ( عقلة المجنون ) .. فترك مجالا حتى ابتعد عبده عن الدكان ، فدخل الأستاذ الى الدكان و سأل صاحبها عن الرجل الذي خرج ، فأجابه : إنه الشيخ (أبو خضر) .. فابتسم الأستاذ بمكر ، ولقن صاحب الدكان بعض الكلام الذي يستفز الشيخ ، وهي كلمات سر يعرفها الأستاذ جيدا ، لكنه كان ماكرا في تلقينها لصاحب الدكان الذي أخبره بأن الشيخ سيعود حالا فقد ذهب لمكان سكنه ليحضر شيئا ، فطلب الأستاذ من صاحب الدكان أن يتخفى في مكان لا يراه عبده فيه .

عندما عاد ( عقلة ) ، كان صاحب الدكان قد حفظ دوره ، فبادره قائلا : يا شيخ ، عندي ابنة تعاني من بعض الوساوس و أريد منك أن تعالجها ، بصنع حجاب أو أي طريقة ، فإن شفيت سأعطيك (زوجا من أفراخ الحمام ) وكانت هذه من مثيرات عقلة ، فجفل عقلة و تنحنح و قال : ( دسِم كلامك) ، وسأعطيك (حليب العجلة الصَبحة) .. فغضب عقلة وقال بعنف : ( استحي) ، ثم أضاف صاحب الدكان : وإن تأكدت من شفاء البنت تماما سأعطيك كل ما لدي من (ملح الليمون ) .. وكانت تلك أشد ما يثير عقلة ، فأمسك بخناق البائع ، وقال له : إن لم تخرج ( رجل العتيقة ) من عندك سأذبحك .. وهنا خاف الأستاذ على الرجل فهو يعلم قوة (عقلة ) .. فإن ضرب بابا مغلقا بإحكام بحجر عن بعد فإنه سيفتحه لا محالة .. فخرج راكضا و خرج عقلة يطارده في شوارع القرية ، التي لم يعد لها ثانية بعدما كشف سره ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م