وهكذا يعمل آل سعود على هدم الشّريعة، وتشويهها، بالتستر خلفها، وتطبيق بعض حدودها تطبيقاً مشوهاً، وفي نفس الوقت يشّرعون ويطبقون القوانين الوضعية في شتى المجالات، وتحت أسماء مزيفة (أنظمة)، (مراسيم)، وغير ذلك من الأوصاف التي تتماشى مع سياسة التضليل التي ينتهجونها متجنبين التصريح والإعلان بذلك حفاظاً على ماتبقى من شرعيتهم الإسلامية المزعومة، وليتناسب ذلك مع وجود الحرمين الشريفين في دولتهم.
* تأمّل على سبيل المثال القوانين والتشريعات السعودية المتعلّقة بعَلَم الدّولة وعلم المليك وأعلام الدّولة الصّديقة والشّقيقة الصّادرة بالمرسوم الملكي رقم م3/ بتاريخ 1393/2/20 هـ والمشابهة بل والمطابقة في كثير من موادها لقوانين الجزاء المتعلقة بأمن الدولة الداخلي في الدول العربية الطاغوتية الأخرى التي تصرح وتعلن بتطبيق القانون. راجع المادة الخامسة عشر والمادة السادسة عشر والمادة السابعة عشر وانظر في باب العقوبات:
المادة العشرون: «كل من أسقط، أو أعدم، أو أهان، بأية طريقة كانت، العلم الوطني، أو العلم الملكي، أو أي شعار آخر للمملكة العربية السعودية، أو لأحدى الدول الأجنبية الصديقة، كراهة أو احتقاراً لسلطة الحكومة، أو لتلك الدول، وكان ذلك علناً أو في محل عام أو في محل مفتوح للجمهور، يعاقب بالحبس لمدة لاتتجاوز سنة، وبغرامة مالية لا تزيد عن ثلاثة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين ».
تأمل هذا الكفر والزندقة!! ولتعلم جيداً أن هذه المادة وأمثالها مشابهة علي سبيل المثال للمادة (33) من قوانين أمن الدولة الداخلي في القوانين الوضعية الجزائية الكويتية، هناك تسمى قوانين جزاء وضعية، وهنا في دولة التلبيس تسمى (أنظمة) و(مراسيم). هناك عند مشايخ آل سعود هي كفر بواح، وهنا توحيد وأوامر ولي الأمر، (ويمكن قصد كده...) و(مراده كده ....) (ومتأول) وغير ذلك من الترقيعات، وعلى كل حال فإن رائحة الكفر البواح تفوح من نص هذه المادة. من ذلك مساواتهم لراية تحمل كلمة التوحيد مع رايات الصليب والكفر والتنديد، إذ جعلوا العقوبة واحدة بين من أهان (لاإله إلا الله) وبين من تبرأ من رايات الكفر. ومعلوم أن الأول هو إعلان حرب على النظام الإسلامي العام وهو ردة وكفر ومروق من الإسلام حكمة القتل، لا السجن سنة فأقل أو ثلاثة آلاف ريال. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد هو: ما لدولة التّوحيد والذّود والدّفاع عن رايات الكفر، ومن هذه الدّول (الصّديقة) في هذا اللفظ المطلق ياترى؟؟
ونصها: «كل من ارتكب في مكان عام فعلاً من شأنه إهانة العَلَم الوطني، أوعَلَم دولة غير معادية، سواء بإتلافه أو بإنزاله أو بأي عمل آخر يعبرعن الكراهية والإزدراء، يعاقب بالحبس مدة لاتتجاوز ثلاث سنوات، وبغرامة مالية لاتتجاوز 225 دينار أو بإحدى العقوبتين ) فما بال هذا يكون كفراً وذاك لا؟! {أكُفَّارُكُمْ خيرٌ مِنْ أولاَئِكُمْ أمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ في الزُبُر}؟!
مادة (35): «لايجوز نشر القدح والذم في حق الملوك ورؤساء الجمهوريات للدول المتعاهدة مع الدّولة العربية السّعودية».
مادة (36): «لايجوز نشر القدح في حق رؤساء وأعضاء البعثاث السياسية والمفوضين السياسيين والقنصليين المعتمدين ببلاد جلالة الملك».
مادة (37): «لايجوز أن يُعزى إلى هيئة مهما كانت ما يحط من قدرها ويزري بشرفها وكرامتها».
مادة (38): «لايجوز التعرض للشخصيات على اختلاف طبقاتها بالقدح والذّم نثراً أو نظماً أو تصويراً».
وفي باب العقوبات نصّوا:
المادة (56): كل من خالف المادة (36) يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة.
المادة (57): كل من خالف المادة (37) ونشر بالذات، أو بالوساطة، قدحاً في حق رؤساء أو أعضاء البعثات السياسية أو المفوضين السياسيين أو القنصليين المقيمين ببلاد حكومة جلالة الملك يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر.
وترد هاهنا تساؤلات كثيرة:
ـــ ماهو حكم من نصر وأيد الملوك والرؤساء الكفار ودافع عنهم سواء كانوا صليبيين أو أوروبين أو أمريكان أو من كفرة الحكّام العرب، بل وشَّرع القوانين لمعاقبة كل من قدح فيهم أو طعن في كفرهم وتبرّأ منهم ومن إلحادهم ودعا الناس إلى ذلك؟؟؟
ــ ماهو حكم من حرم ما أحل الله من الطعن في الكفار والقدح والذم بهم وبكفرهم ولم يجوز نشر مثل ذلك، مع العلم أن الله يجوز بل ويوجب الطعن بالكفّار وجهادهم باللسان والسنان، فما حكم من يعاند ويضاد تشريعه بتشريع يقول: لايجوز ذلك ...؟؟
بالطبع لم يغفل طغاة السعودية كعادتهم أن يضعوا موادًا تضليلية في قانونهم هذا، فشرعوا المادة (32): (لايجوز للصّحف نشر مقالات تدعو إلى التخريف والإلحاد). وعقوبة ذلك كما في المادة (52): (كل من يخالف المادة (32) يعاقب مرتكب المخالفة بالحبس من اسبوع إلى شهر، أو بغرامة نقدية مقدارها خمسمائة إلى ألف قرش سعودي).
هكذا يكون الإسلام الخالص والتوحيد الحق: من ينشر ويدعو للالحاد يسجن من أسبوع إلى شهر أو يغرم خمسمائة قرش سعودي، وربما يعاقب فقط بهذه الغرامة الهزيلة وحدها، أما من قام بواجبه الشرعي في نقد الظلمة والطواغيت والطعن في الملوك والرؤساء النصارى الصليبيين، والكفار والمرتدين، وتبرأ منهم ودعا الناس إلى ذلك فإن عقوبته قد تصل إلى السجن سنة كاملة كما في المادة (56) المتقدمة، الذي يطعن ويقدح بالكفار أعظم جرماً عند دولة التوحيد المزعومة.
ــ هل هناك فرق بين هذه القوانين التي يدجل آل سعود فيها على المسلمين، وبين قوانين الدول الأخرى «الشقيقة»، و«الصديقة» التي تعلن تحكيم القوانين الوضعية وتصرح بذلك تصريحاً: لماذا تكون هذه القوانين بالنسبة لتلك الدول كفر وإلحاد، بينما هنا، هي ليست كذلك؟؟ {أكُفَّارُكُمْ خيرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أمْ لَكُمُ بَرَاءَةٌ في الزُّبُرِ}؟!
ــ مثالاً آخر من قانون ثالث من قوانين السعودية وهو (نظام) مراقبة البنوك السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م5/) لسنة 1386 هـ. قالوا في تعريف الأعمال المصرفية المشروعة المباحة في بنوك دولة آل سعود (دولة التوحيد!!):
مادة أولى: فرع (ب) يقصد باصطلاح (الأعمال المصرفية) «أعمال النقود كودائع جارية أو ثابتة وفتح الحسابات الجارية وفتح الاعتمادات وإصدار خطابات الضمان ودفع وتحصيل الشيكات أو الأوامر أو أذون الصرف وغيرها من الأوراق ذات القيمة وخصم السندات والكمبيالات وغيرها من الأوراق التجارية وأعمال الصرف الأجنبي وغير ذلك من أعمال البنوك» أهـ. ومحل الشاهد منه هو الإطلاق الأخير. فما الفرق بعد هذا كله بين تشريعات البنوك في أمريكا وأوروبا والبلاد العربية الطاغوتية الأخرى وبينها في هذه الدولة الخبيثة؟ إن الباب مفتوح على مصراعيه في هذه المادة، وبوضوح تام، لإباحة، بل وحماية جميع معاملات البنوك بلا قيد أو استثناء، وفي هذا بالطبع إباحة للربا تماماً كما هو الحال في بقية الدول الطاغوتية العربية والغربية. ومعلوم أن الربا في دولة التوحيد المزعوم مباح يحرسه ويحميه القانون وسيأتي مزيد من التفاصيل حول ذلك في فصل خاص.
أنظمة المحاكم التجارية والغرفة التجارية ونحوها: راجع الملحق للأطلاع على الصراع الذي دار بين سماحة رئيس القضاة الأسبق الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ و«دولته» حول هذا الموضوع وملابساته .
ـ قانون العمل والعمال: راجع الملحق كذلك للإطلاع حول ما دار حوله من صراع.
|