مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 04-09-2006, 11:07 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

الفصل الثاني
موقف الفرس من الإسلام

_ كسرى يجدد فتوة الإمبراطورية .
_ كسرى يمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
_ حوار يزدجرد مع النعمان بن مقرن .
_ دحض فريه .
-37-

كسرى يجدد فتوة الامبراطورية :
شاء الله سبحانه وتعالى أن توافق ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بداية حكم كسرى أنوشروان لبلاد فارس ، ولقد كان كسرى أنو شروان من أعظم ملوك ساسان ، وأكثرهم شهرة ، وأشدهم قوة وبطشا ، وأوسعهم حيلة ودهاء .

دام حكم كسرى ثمانية وأربعين عاما ، وبدأ عهده بتطهير مملكته من طاعون المزدكية واباحيتهم فقتل مزدك ومعظم أنصاره ، وجمع جمهور مملكته على ( المجوسية ) دين آبائه وأجداده .

وبعد قضائه على مزدك وأتباعه باشر الاصلاحات الداخلية ، فقضى على الفوضى ، ورد الأموال المغصوبة الى أهلها ، وأعاد بناء ما هدمه المزدكيون من مساكن وقرى ، وأقام الحصون والجسور ، وأصلح نظام الضرائب التي كانت تثقل كاهل المزارعين وأرباب الصناعات .

وأولى الجيش أكثر عناية ، فأحسن اختيار أفراده وقادته ، وأصلح نظام التدريب ، وجدد العتاد ، وبدأ انتهائه من اعداد الجيش بدأ غزو البلدان المجاورة ، فجدد سيطرته على الحيرة ، وجند اللخميين في حروبه وفتوحاته .
وخاض أنو شروان معركة ضارية مع الامبراطورية البيزنطية ، وحقق انتصارات عليها ، واستولى على أنطاكية عام 540 ، ثم بسط نفوذه على اليمن فاحتلها عام 570 وطرد الأحباش منها .

واستمرت بلاد فارس في قوتها وجبروتها بعد هلاك كسرى أنو شروان الذي جدد فتوة المملكة ، ووحد الصفوف ، ورفع رايات فارس في معظم بلدان العالم .

-38-

ثم جاء ( كسرى بن هرمز بن كسرى ) الذي كان يسمى (ابرويز) ومعناها المظفر ، فحافظ على الأمصار التي احتلها جده ، وحقق انتصارات جديدة ، وتمكن من احتلال : الرها ، ودمشق ، وبيت المقدس ، والاسكندرية .
وبينما كان كسرى بن هرمز يتيه غرورا وكبرياء ، وهو يرى ملوك الدنيا وعظماءها يركعون أمامه ذلا واستسلاما .

وبينما كان كسرى ينظر الى جيشه الذي كان يشرق ويغرب فاتحا دون أي مقاومة تستحق الذكر .. في هذا الوقت أشرقت الأرض بنور الاسلام ، ومن الله على البشرية حين أوحى لعبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى ، وفتحت المدينة المنورة ذراعيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من المؤمنين .

ومن المدينة المنورة _ عاصمة الدولة الاسلامية الجديدة _ انطلق صلى الله عليه وسلم مبلغا دعوة الاسلام ، مجاهدا في سبيل الله ، وكان العالم اجمع يتابع أخبار الرسالة والرسول ، وكان من بين الذين يستطلعون أخبار الوحي والاسلام كسرى _ بن هرمز وغيره من قادة الفرس والرومان .

وقام صلى الله عليه وسلم بإرسال رسالة الى كل زعيم دولة يبلغه دعوة الاسلام ، ومن الذين وصلهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرى بن هرمز .

كسرى يمزق كتاب رسول الله (ص) :
روى البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه مع رجل الى كسرى وأمره أن يدفعه الى عظيم البحرين ، فدفعه عظيم البحرين الى كسرى ،


-39-

فلما قرأه كسرى مزقه وقال : فحسبت أن ابن المسيب قال فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق .

وفي رواية لابن جرير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل كتابا مع عبد الله بن حذافة الى كسرى بن هرمز ملك فارس يدعوه الى الاسلام ، فلما قرأه شقه وقال :
يكتب إلي بهذا وهو عبدي ، ثم كتب كسرى الى باذام وهو نائبه على اليمن أن ابعث الى هذا الرجل بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به"1" .

وفعلا أرسل باذام رجلين ليأتياه برسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستبشر مشركو العرب برسول كسرى ، وأدركوا أن محمد سينتهي لأنه لا طاقة له بكسرى وجنده .
وهذا منطق الذين التصقوا بالتراب ، وضاقت عقولهم عن ادراك أبعاد الرسالة ، فجحدوا قدرة الله ، وكل الذي يفهمه كسرى وأعوان كسرى : أن هؤلاء المسلمين ناس أذلة جياع يتطاولون على أسيادهم الفرس ..، وهذه الدعوة كلها لا تستحق _ بزعم كسرى _ أكثر من جنديين يأتيان بمحد صلى الله عليه وسلم ، وكسرى بن هرمز نفسه عندما غضب من النعمان بن المنذر أرسل إليه يطلبه فلم يستطع أي حي من أحياء العرب أن يحميه من كسرى ، واضطر أن يمتثل للأمر فوضع في يده القيد وزج به في سجن من سجونه المظلمة حتى هلك ، وولي على الحيرة بدلا منه إياس بن قبيصة الطائي .

(1) البداية والنهاية لابن كثير ، ج 4 ، ص 269 .


-40-

وأين محمد صلى الله عليه وسلم المستضعف المطارد من قبل سفهاء مكة ، أين هو من النعمان المنذر ملك العرب وسيدها ؟! .

بهذه العنجهية والغطرسة كان كسرى بن هرمز ينظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى الرسالة التي شرفه الله بحملها .

وشاء الله ان يسلط (شيرويه ) على أبيه كسرى فيذله ويقتله ، ويخبر صلى الله عليه وسلم (باذام ) بما حدث لسيده ، ويعود ( باذام ) فيجد صدق خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ثم يستجيب الله لدعوة نبيه عندما دعا الى تمزيق مملكة كسرى .

حوار يزدجر مع النعمان بن مقرن :
لقد دانت الجزيرة العربية بالاسلام ، وامتطى جند الله صهوات خيولهم يطرقون أبواب المدائن ودمشق والقدس بأيد مضرجة بالدماء ، ونفوس متعطشة الى وعد الله لهم في جنان الخلد وملك لا يفنى .
وعندما صمم المسلمون على فتح بلاد فارس انتدبوا سعد بن أبي وقاص لهذه المهمة ، كانت هناك مفاوضات ورسل بين الجيشين ونسوق فيما يلي بعض ما حدث :

أرسل سعد بن أبي وقاص طائفة من أصحابه الى كسرى ، يدعونه الى الاسلام قبل أن تنشب الحرب بينهما ، فاستأذنوا عليه فأذن لهم ، وخرج أهل البلد ينظرون الى أشكال الرسل وأرديتهم على عواتقهم ، وسياطهم بأيديهم ، والنعال بأرجلهم .. كما نظر أهل البلد الى خيول رسل سعد الضعيفة ، وجعلوا يتعجبون منها ومنهم غاية العجب ويتساءلون :


-41-

كيف يتحدى هؤلاء كسرى مع كثرة عدد جيشه وشدة بأسه ؟!
ولما استأذن الرسل على الملك (يزدجرد ) أذن لهم وأجلسهم بين يديه ، وكان متكبرا قليل الأدب ، ثم جعل يسألهم عن ملابسهم هذه ما اسمها أي عن النعال والسياط والثياب و ..
وكلما قالوا له شيئا من ذلك تفاءل فرد الله فأله على رأسه ثم قال لهم : ما الذي أقدمكم هذه البلاد ؟ أظننتم أنا لما تشاغلنا بأنفسنا اجترأتم علينا ؟!

فقال النعمان بن مقرن :
إن الله رحمنا فأرسل إلينا رسولا يدلنا على الخير و يأمرنا به ، ويعرفنا الشر وينهانا عنه ، ووعدنا على اجابته خيري الدنيا والآخرة . فلم يدع الى ذلك قيبلة إلا صاروا فرقتين فرقة تقاربه وفرقة تباعده ، و لا يدخل معه في دينه إلا الخواص ، فمكث كذلك ما شاء أن يمكث ، ثم أمر أن ينهد الى من خالفه من العرب ويبدأ بهم ، ففعل فدخلوا معه جميعا على وجهين مكره عليه فاغتبط ، وطائع إياه فازداد . فعرفنا جميعا فضل ما جاء به على الذي كنا عليه من العداوة والضيق ، وأمرنا أن نبدأ بمن يلينا من الأمم فندعوهم الانصاف ، فنحن ندعوكم الى ديننا وهو دين الاسلام حسن الحسن وقبح القبيح كله ، فإن أبيتم فأمر من الشر هو أهون من آخر شر منه الجزية ، فإن أبيتم فالمناجزة .

وإن أجبتم الى ديننا خلفنا فيكم كتاب الله وأقمناكم عليه على أن تحكموا بأحكامه ونرجع عنكم ، وشأنكم وبلادكم ، وإن أتيتمونا بالجزية قبلنا ومنعناكم وإلا قاتلناكم .

قال فتكلم يزدجرد فقال :
إني لا أعلم في الأرض أمة كانت أشقى ولا أقل عددا و لا أسوأ ذات بين منكم

-42-

قد كنا نوكل بكم قرى الضواحي ليكفوناكم ، ولا تغزركم فارس ، ولا تطمعون أن تقوموا لهم . فإن كان عددكم كثر فلا يغرنكم منا ، وان كان الجهد دعاكم فرضنا لكم قوتا الى خصبكم وأكرمنا وجوهكم وكسوناكم وملكنا عليكم ملكا يرفق بكم . فأسكت القوم فقام المغيرة بن شعبة فقال :

أيها الملك ان هؤلاء رؤوس العرب ووجوههم ، وهم أشراف يستحيون من الأشراف ، وانما يكرم الأشراف الأشراف ، ويعظم حقوق الأشراف الأشراف ، وليس كل ما أرسلوا له جمعوه لك ، و لا كل ما تكلمت به أجابوا عليه ، و لا يحسن بمثلهم ذلك ، فجاوبني فأكون أنا الذي أبلغك ويشهدون على ذلك .

انك قد وصفتنا صفة لم تكن بها عالما ، فأنت ما ذكرت من سوء الحال فما كان أسوأ حالا منا ، وأما جوعنا فلم يكن يشبه الجوع ، كنا نأكل الخنافس والجعلان والعقارب والحيات ، ونرى ذلك طعامنا ، وأما المغازل فإنما هي ظهر الأرض ، ولا نلبس إلا ما غزلنا من أوبار الإبل وأشعار الغنم .

ديننا أن يقتل بعضنا بعضا ، وأن يبغي بعضنا على بعض ، وان كان أحدنا ليدفن ابنته وهي حية كراهية أن تأكل من طعامه ، وكانت حالنا قبل اليوم على ما ذكرت لك ، فبعث الله إلينا رجلا معروفا نعرف نسبه ونعرف وجهه ومولده ، فأرضه خير أرضنا ، وحسبه خير أحسابنا ، وبيته خير بيوتنا ، وقبيلته خير قبائلنا ، وهو نفسه كان خيرنا في الحال التي كان فيها أصدقنا وأحلمنا ، فدعا الى أمر فلم يجبه أحد .
أول ترب كان له الخليفة من بعده ، فقال وقلنا ، وصدق وكذبنا وزاد ونقصنا

-43-

فلم يقل شيئا إلا كان ، فقذف الله في قلوبنا التصديق له وأتباعه ، فصار فيما بيننا وبين رب العالمين .

فما قال لنا فهو قول الله ، وما أمرنا فهو أمر الله ، فقال لنا أن ربكم يقول :
أنا الله وحدي لا شريك لي كنت اذا لم يكن شيء ، وكل شيء هالك إلا وجهي ، انا خلقت كل شيء وإلي يصير كل شيء ، وإن رحمتي أدركتم فبعث إليكم هذا الرجل لأدلكم على السبيل التي أنجيكم بها بعد الموت من عذابي ، ولأحلكم داري دار السلام .
فنشهد عليه أنه جاء بالحق من عند الحق ، وقال من تابعكم على هذا فله مل لكم وعليه ما عليكم ، ومن أبى فأعرضوا عليه الجزية ثم امنعوه مما تمنعون منه أنفسكم ، ومن أبى فقاتلوه فأنا الحكم بينكم ، فمن قتل منكم أدخلته جنتي ، ومن بقى منكم اعقبته النصر على من ناوأه .

فاختر إن شئت الجزية وأنت صاغر ، وإن شئت فالسيف ، أو تسلم فتنجي نفسك .

فقال يزدجرد :
أتستقبلني بمثل هذا ؟.
فقال _ المغيرة _ :
ما استقبلت إلا من كلمني ، ولو كلمني غيرك لم أستقبلك به .

فقال :
لولا أن الرسل لا تقتل لقتلك ، لا شيء لكم عندي . وقال ائتونى بوقر من تراب فاحملوه على أشرف هؤلاء ثم سوقوه حتى يخرج من أبيات المدائن .

  #2  
قديم 04-09-2006, 11:10 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-44-

ارجعوا الى صاحبكم فأعلموه أني مرسل إليه رستم حتى يدفنه وجنده في خندق القادسية وينكل به وبكم من بعد ، ثم أورده بلادكم حتى أشغلكم في أنفسكم بأشد مما نالكم من سابور . ثم قال :

من أشرفكم ؟ فقال عاصم بن عمرو وافتات ليأخذ التراب أنا أشرفهم ، أنا سيد هؤلاء فحملنيه ، فقال : أكذلك ؟.

قالوا : نعم . فحمله على عنقه فخرج به من الديوان والدار حتى أتى راحلته فحمله عليها ثم انجذب في السير ليأتوا به سعدا وسبقهم عاصم فمر قديس فطواه وقال بشروا الأمير بالظفر ، ظفرنا ان شاء الله تعالى ، ثم مضى حتى جعل التراب في الحجر ثم رجع فدخل على سعد فأخبره الخبر . فقال :

ابشروا فقد والله أعطانا الله أقاليد ملكهم ، وتفاءلوا بذلك أخذ بلادهم . ثم لم يزل أمر الصحابة يزداد في كل يوم علوا وشرفا ورفعة ، وينحط أمر الفرس ذلا وسفلا ووهنا"2" .

ومن خلال حوار النعمان بن مقرن والمغيرة بن شعبة من جهة ويزدجرد من جهة ثانية تتكشف لنا العقلية التي يفكر بها الفرس :
انهم قساة بغاة يستخفون بغيرهم من الأمم . فالعرب ليسوا أكثر من شعب خلق لخدمة الفرس ، ويتحدث يزدجرد باسم قومه فيقول :
( قد كنا نوكل بكم قرى الضواحي ، ولا تغزوكم فارس ) .


(2) البداية والنهاية لابن كثير ، ج 7 ، ص 41 .

-45-

من العار على أهل فارس أن يفكروا أو يجهزوا أنفسهم لغزو العرب ، فأهل الضواحي ند للعرب ، ولا يستحقون أكثر من هذا الإعداد .

ويقول أيضا :
(و لا تطمعون أن تقوموا لهم ) .

إن مجرد وقوف العربي أمام الفارسي تعظيما وتبجيلا .. هذا الوقوف بحد ذاته تكريم للعربي _ هكذا يرى يزدجرد _ .

أما الرسالة والرسول والوحى فهي أمور لا تستحق من يزدجرد مجرد التفكير ، وكل ما يراه أن العرب جياع عراة ومن الممكن أن يجود عليهم بقليل من الطعام واللباس ، بل إن يزدجرد مستعد أن يكرمهم أكثر وينتدب ملكا فارسيا يرعى شؤون العرب . غريبة هذه العقلية التي يفكر بها يزدجرد !!. إن العرب عنده لا يستحقون أن يختار لهم ملكا ليستعمرهم ويتحكم برقابهم وأموالهم وأرضهم .

وعندما رفض رسل سعد بن أبي وقاص عروض يزدجرد أوكل لقائده رستم مهمة دفن المسلمين في خندق القادسية .
وهذه هي العقلية التي يفكر بها الفرس !!
دحض فريه
يقف اعداء الاسلام من المستشرقين والمستغربين أمام الانتصار الذي حققه المسلمون على الفرس وقفة استغراب ودهشة ، ويجهدون أنفسهم في البحث عن تعليل يفقد هذا الانتصار روعته ، وبعد طول تفكير قالوا :


-46-

كانت بلاد فارس قد دب فيها الهرم وتفشت فيها أمراض الشيخوخة عند ظهور الاسلام ، ومن سنن التاريخ أن تتغلب الدولة الفتية القوية الناشئة على الدولة الهرمة الضعيفة المنهارة.

وهذا القول مرفوض جملة وتفصيلا للأسباب التالية :
كان كسرى أنو شروان قبل عقود قليلة قد جدد فتوة الدولة الفارسية ، وبعث فيها روح القوة والشباب ، وقضى على المزدكية ، وأجرى الاصلاحات مالية وادارية وعسكرية .. ثم جاء كسرى بن هرمز فتبوأت دولة فارس في عهده قمة المجد ، ودانت لها معظم بلدان العالم .

وفي الثالثة عشر من الهجرة اجتمع رستم والفيرزان واتفقا على تنصيب يزدجرد _ وهو من أولاد كسرى _ وهو ابن إحدى وعشرين سنة ، واستوثقت المماليك له ، واجتمعوا عليه ، وفرحوا به ، واستفحل أمره فيهم ، وقويت شوكتهم به "3" .

أما قائد جيش الفرس رستم فلقد كانت تضرب الأمثال بقوته ودهائه ، وهو من أندر قواد الفرس ، وكان يتولى قيادة جيش هو في عدده وعدته أضعاف الجيش الاسلامي .

وكانت حروب المسلمين مع الفرس شاقة جدا . لقد دامت أكثر من سبع سنين ، كان المسلمون خلالها يفتحون الأمصار ويعقدون معهم المعاهدات ثم ينقضونها ، فأهل الحيرة العرب نقضوا عهدهم ثلاث مرات ، ونقض عرب الأنبار عهودهم مرات ووقفوا الى جانب الفرس .


(3) البداية والنهاية ، ج 7 ، ص 30 .

-47-

فالمسلمون اذن كانوا يقاتلون الفرس والعرب معا "4" .. واستشهد من المسلمين في معاركهم مع الفرس أكثر من عشرين ألف قتيل ، وشهد خالد بن الوليد بخبرة وشجاعة الجندي الفارسي فقال :

( لقد قاتلت يوم مؤتة فانقطع في يدي تسعة أسياف وما لقيت قوما كقوم لقيتهم من أهل فارس ، وما لقيت من أهل فارس قوما كأهل أليس "5" ) .

لقد كان المسلمون يخشون قتال أهل فارس ، ويختارون قتال العرب أو الرومان عن الفرس الذين امتازوا بقوة السيطرة ، وشدة القتال :
( لما مات الصديق ودفن ليلة الثلاثاء أصبح عمر فندب الناس وحثهم على قتال أهل العراق ، وحرضهم ورغبهم في الثواب على ذلك ، فلم يقم أحد ، لأن الناس كانوا يكرهون الفرس لقوة سطوتهم ، وشدة قتالهم . ثم ندبهم في اليوم الثاني والثالث فلم يقم أحد ، وتكلم المثنى بن حارثة فأحسن ، وأخبرهم بما فتح الله تعالى على يد خالد من معظم أرض العراق ، وما لهم من الأموال والأملاك والأمتعة والزاد ، فلم يقم أحد في اليوم الثالث فلما كان اليوم الرابع كان أول من انتدب من المسلمين أبو عبيدة بن مسعود الثقفي ثم تتابع الناس في الاجابة "6" ) .
أفبعد حرب دامت سبع سنين ، واستشهد فيها عشرون ألفا من المسلمين وبعد شهادة


(4) انظركتاب حركة الفتح الاسلامي في القرن الأول للدكتور شكرى فيصل
(5) تاريخ الطبري ، ج 1-4 ، ص 2048 .
(6) البداية والنهاية لابن كثير ، ج 7 ، ص 26 .


-48-

خالد بن الوليد رضي الله عنه بقوة الفرس وشجاعتهم ، ورواية ابن كثير التي تدل على كراهية المسلمين لقتال الفرس ، أفبعد هذا كله هل يبقى مجال ليقول قائل : ان فارس كانت في حالة احتضار !! .

ليس هناك من هرم ولا شيخوخة بل ان المسلمين قاتلوا وهم يتمنون إحدى الحسنين : النصر أو الشهادة . ولقد صبروا وصابروا رغم طول الطريق وغدر عرب العراق واستبسال الفرس ، وسألوا الله النصر صادقين متجردين ، فاستجاب الله سبحانه وتعالى لهم ، ونصرهم على أعدائهم الذين هزموا في القادسية ثم في نهاوند والمدائن ، ودخل قائد جيش المسلمين سعد بن أبي وقاص قصر كسرى وهو يتلو قوله تعالى :

( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ، ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك واورثناها قوما آخرين ) .

وأرسل سعد كل ما في قصر كسرى من نفائس الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب .. وأخذ عمر رضي الله عنه يقلب هذه النفائس في المسجد النبوي وهو يردد :
إن قوما أدوا هذا لأمناء !! .

فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :

لقد عففت فعففت رعيتك ، ولو رتعت لرتعت ثم قسم عمر ذلك في المسلمين ، فأصاب عليا قطعة من البساط فباعها بعشرين ألفا .



-49-

وذكر البيهقي والشافعي رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب ألقى بسواري كسرى الى سراقة بن مالك بن جعشم وقال له :

قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن مالك أعرابي من بني مدلج"1" .. ثم قسم عمر الغنائم على المسلمين بعد أن خطبهم وبين لهم أن ملك كسرى ضاع بظلمه وجوره ، وأن العدل أساس الملك وسر بقائه وديمومته .

وبهذه الأخلاق فتح المسلمون بلاد فارس ، وورثوا ايوان كسرى ، وصارت الشمس لا تغيب عن الولايات الاسلامية .
  #3  
قديم 04-09-2006, 11:13 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-51-

الفصل الثالث

مؤامرات الفرس بعد الفتح الإسلامي

_ اغتيال الفاروق .
_ ماذا وراء تشيع المجوس لآل البيت .
_ البرامكة .
_ دويلاتهم منذ القرن الثالث .
_ القرامطة .
_ البويهيون .
_ العبيديون .
عادوا من جديد
_ الصفويون .
_ البهائية .
_ النصيرية .
_ الدروز .


-53_

المبحث الأول
اغتيال الفاروق
لقد اندحر الباطل ممثلا بالجيش الفارسي الجرار أمام الجيش الاسلامي الذي يرفع ألوية الحق خفاقة لا تقهر ، وتهاوت حصون الجبابرة أمام الذين رفعهم الاسلام فصاروا سادة الدنيا بعد أن كانوا للأوثان عبيدا لا يطمعون أن يكونوا خدما لخيول كسرى .

وأدبر رستم والهرمزان يسعيان إفسادا وكيدا أما رستم فقد لاقى حتفه ، وأما الهرمزان فكان وأمثاله يتمنون أن تبتلعهم الأرض لينجو من أيدي المسلمين .

وليس من سبيل أمام معظم الفرس المغلوبين إلا أن يتظاهروا الدخول في الاسلام ، لكنه استسلام وليس ايمان بالسلام ، استسلام من يعتقد أنها عاصفة لا بد أن تمر ، ولا بد أن يحني لها رأسه ثم يعود ليرفعه من جديد ، وقلة قليلة منهم هم الذين حسن اسلامهم واستقاموا على منهج الله .

وبدأت محاولات المجوس في الانتقام من المسلمين ، وكيف لا يكون الأمر كذلك وهم الذين أشربوا حب الغدر والتآمر ، ومردوا على الكيد والفوضى .. وكانوا يعلمون علم اليقين أن الفاروق عمر بن الخطاب وراء فتح بلادهم وزوال ملكهم ، فكان اغتياله باكورة حربهم لهذا الدين وحملته .

-54-

بدأت مؤامرة اغتيال الفاروق بتسلسل أبي لؤلؤة المجوسي والهرمزان الى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم واتخذها موطنا لهم ، وكان عمر بن الخطاب لا يحب أن يكثر الفرس والروم في المدينة .
وفي عام 23 وبينما كان آخر حصون فارس تتهاوى أمام الفتح الاسلامي أقدم أبو لؤلؤة المجوسي على طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بخنجر مسموم كان قد صنعه لهذا الغرض .

روى ابن جرير ان عبد الرحمن بن أبي بكر قد رأى _ غداة طعن عمر _ أبا لؤلؤة والهرمزان "1" وجفينة"2" يتناجون ولما رأوا عبد الرحمن سقط منهم خنجر له رأسان ، وهذه الشهادة هي التي جعلت عبيد الله بن عمر يتسرع فيشتمل على سيفه فيقتل به الهرمزان ، ويهم بقتل جفينة لولا تدخل عمرو بن العاص .
وقال عمر لابنه عبد الله : اخرج فانظر من قتلني ؟! .
فقال : يا أمير المؤمنين قتلك لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة .
فقال : الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة .

(1) الهرمزان قائد فارسي مشهور ، كان ميمنة رستم في القادسية ثم هرب بعد هلاك رستم ، ثم ملك خورستان ، وقاتل المسلمين ولما رأى عجزه طلب الصلح فأجيب إليه ، ولكنه غدر وقتل مجزأة بن ثور ، والبراء بن مالك ، فقاتله المسلمون وأسروه وساقوه الى عمر بن الخطاب ، فأسلم فأسكنه أمير المؤمنين المدينة . (عن الكامل لابن الأثير)
(2) جفينة نصراني من أهل الحيرة ظئرا لسعد بن مالك أقدمه الى المدينة للصلح الذي بينه وبينهم ، وليعلم أبناء المدينة الكتابة . ( عن الطبري )



-55-

واذن فاغتيال عمر بن الخطاب مؤامرة اشترك في تدبيرها المجوس والنصارى ، وانفرد بتنفيذها أبو لؤلؤة المجوسي . واختاروا عمر بالذات لأنه غرة في جبين الدهر ، فبه أعز الله الاسلام وأذل المشركين والمجوس .

واستمر الرافضة المجوس في حرب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد وفاته ، ومن منهجهم في التشيع شتم عمر وما ذلك إلا لأنه طهر الأرض من ظلمهم ، وأطفأ بيوت نارهم "3".

(3) انظر تاريخ الطبري ، ج4 ، ص 190 .

-56-

المبحث الثاني
ماذا وراء تشيع المجوس لآل البيت ؟!
في عام 35 وقع الخلاف المشهور بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، فكان هذا الخلاف فرصة العمر التي لا تعوض عند المجوس فأعلنوا أنهم شيعة علي ، والوقوف مع علي رضي الله عنه حق لكن المجوس أردوا من وراء هذا الموقف تفريق كلمة المسلمين ، واضعاف شوكتهم .

والدعوة لآل البيت ورقة رابحة تجد رواجا لدى جميع الناس وخاصة عند العامة ، ومن ذا الذي لا يحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ووقف عبد الله بن سبأ اليهودي وأنصاره في الصف الذي يقول بأحقية علي في الخلافة ومنذ ذلك الحين التحمت المؤامرات اليهودية مع كيد المجوسية ضد الاسلام والمسلمين ، وأراد المجوس من وراء الدعوة لآل البيت تحقيق الأهداف التالية :

1_ رأينا في الفصل السابق _ايران قبل الاسلام _ أنه لابد من عائلة مقدسة تتولى شؤون الدين ، ومن هذه العائلة المقدسة الحكام وسدنة بيوت النار ، ومن أهم هذه العائلات : ميديا ، المغان ..

وفي تشيعهم لآل البيت احياء لعقائد زردشت ومانو ومزدك ، وكل الذي فعلوه أنهم استبدلوا المغان بآل البيت ، وقالوا للناس بأن آل بيت رسول الله هم ظل الله في الأرض ، وأن أئمتهم معصومون ، وتتجلى فيهم الحكمة الإلهية .
-57-

2_ عندما افتتح المسلمون بلاد فارس تزوج الحسين بن علي رضي الله عنهما (شهربانو ) ابنة يزدجرد ملك ايران بعدما جاءت مع الأسرى ، وكان هذا الزواج من الأسباب التي ساعدت على وقوف الايرانيين مع الحسين بالذات لأنهم رأوا أن الدم الذي يجري في عروق علي بن الحسين وفي أولاده دم ايراني من قبل أمه (شهربانو) ابنة يزدجرد ملك ايران من سلالة الساسانيين المقدسين عندهم"4" .

واذن ففي تشيعهم لآل البيت احياء لعقيدة المجوس ، ووقوفهم مع الحسين بن علي بن أبي طالب نابع من عصبيتهم الفارسية لأولاد شهربانو الساسانية .

وبعد الحدث الأليم الذي أودى بحياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، راح اليهود والمجوس يدفعون أنصار علي للقتال بني أمية ، ووجدت الدعوات الباطنية فراغا فأخذت تنشط حتى استفحل أمرها ، وكان من أهمها :

- السبئية : نسبة لعبد الله بن سبأ اليهودي الذي نادى بألوهية علي بن أبي طالب . وقد قال لعلي رضي الله عنه : أنت ، أنت ، يعني أنت الإله فنفاه الى المدائن ، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون أنه وصى موسى عليهما السلام مثلما قال في علي رضي الله عنه ، وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه ومنه تشعبت أصناف الغلاة .

(4) انظر سبب انتشار التشيع في ايران من كتاب الشيعة والسنة لإحسان الهي ظهير ص49 .
-58-

وزعم أن عليا حي لم يمت ، ففيه الجزء الالهي ، ولا يجوز أن يستولي عليه وهو الذي يجيء بالسحاب ، والرعد صوته ، والبرق تبسمه ، وأنه سينزل بعد ذلك الى الأرض فيملؤها عدلا كما ملئت جورا . وقالت السبئية بتناسخ الجزء الالهي في الأئمة بعد علي رضي الله عنه .

- الكيسانية : أصحاب كيسان مولى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يقول أتباعه بأن الدين طاعة رجل ، وأولوا الأركان الشرعية ، وقالوا بالتناسخ والحلول ، والرجعة بعد الموت ، ويعتقدون أن كيسان قد أحاط بالعلوم كلها ، واقتباسه من السيدين _ علي وابنه محمد بن الحنفية _ الأسرار بجملتها من علم التأويل والباطن ، وعلم الآفاق والأنفس "5".
ثم كثرت الدعوات الباطنية فظهرت المختارية فيما بعد ، والهاشمية ، والبيانية ، والرازمية ، وجوهر هذه الحركات ومضمونها واحد وان اختلفت الأسماء .

وتراجعت هذه الحركات أمام تخطيط بني أمية الذين ضربوا بيد من حديد ، وظن الناس أنه لن تقوم قائمة للفرس بعد خلافة معاوية رضي الله عنه ، وللناس عذرهم فيما يظنون لأن معظمهم يجهل تاريخ أديان الفرس ، وقدرته على التحول من العلنية الى السرية .

أما نصر بن سيار _ والى بني أمية على خراسان _ فكان يبصر المؤامرات التي يدبرها الفرس في جنح الظلام ، وقد كتب الى مروان آخر حكام بني أمية قائلا :
أرى خلل الرماد وميض جمر وأخشى أن يكون لها ضرام


(5) الملل والنحل للشهرستاني : 174 _ 147 / 1 دار المعرفة .
  #4  
قديم 04-09-2006, 11:15 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-59-

فإن النار بالعيدان تذكى وأن الحرب مبدؤها الكلام
فقلت من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام "6"

ولم يكن بنو أمية نياما ، ولكن التنظيم أقوى من الفوضى ، وما كانت الفرقة والتناحر والترف قادرة على دحر التخطيط والعمل الجاد المستمر .. وهذه كانت حالة بني أمية مع خصومهم .
مؤامرة أبي مسلم الخراساني
في عام 129 ظهر أبو مسلم الخراساني قرب ( مرو ) واحتلها عام 130 ثم سقطت خراسان كلها بأيدي العباسيين .. وبعد سقوط خراسان وجه أبو مسلم جيوشه الى العراق فاحتلها وأظهرت أبا العباس السفاح من مخبئه ، وبويع له بالخلافة عام 132 .
ومنذ هذا التاريخ بدأ حكم الفرس فعلا ، وكان خلفاء بني العباس أشبه بالضيوف في بيت أبي مسلم الخراساني أو في بيت جعفر البرمكي باستثناء وقفات طيبة جريئة من بعض خلفاء بني العباس وتكاد لا تذكر من ندرتها "7" .


(6) البداية والنهاية ، ج 10 ، ص 32 .
(7) أبو مسلم الخراساني يقال له عبد الرحمن بن شيرون _ ابن اسفنديار أبو مسلم المروزي ، وقيل كان اسمه ابراهيم بن عثمان بن يسار بن سندوس بن حوذون ، من ولد بزر جمهر . ولما بعثه ابراهيم بن محمد الامام الى خراسان قال له : غير اسمك وكنيتك فتسمى عبد الرحمن بن مسلم . عن البداية والنهاية . فهو فارسي الأصل ، وكان أتباعه من الفلاحين الفرس ، ودعايته كانت قائمة على أساس من المعتقدات المجوسية . خافه المنصور بعد أن شق عليه عصا الطاعة وقتله عام 137 .


-60-

وأشفى معظم الفرس غليلهم من العرب المسلمين فأشبعوهم قتلا وتنكيلا وبطشا منذ بداية قيام الدولة العباسية وحتى عام 137 ، وعندما هم المنصور أن يكون خليفة فعلا ، سخر منه أبو مسلم ، وشق عليه عصا الطاعة ، وحاول أن يستقل بخراسان لولا أن المنصور استدرجه بحنكته ودهائه ، وفرق عنه معظم أتباعه وأنصاره ثم قتله عام 137 .

ولم يكن مقتل أبي مسلم الخراساني أمرا سهلا ففي عام 138 خرج (سنباذ ) يطالب بدم أبي مسلم ، وسنباذ هذا مجوسي استطاع أن يجمع تحت لوائه جيشا من الفرس تغلب بهم على قوس وأصبهان ، فبعث إليه أبو جعفر المنصور جيشا هزمه بين همذان والري .

وفي عام 141 ظهرت جماعة من الخراسانيين من جماعة أبي مسلم في قرية رواندا قرب أصفهان وعرفوا ( بالرواندية ) وكانوا يقولون بتناسخ الأرواح ، ونادوا بألوهية المنصور ، وأردوا من وراء ذلك قتله ثأرا لزعيمهم أبي مسلم ، لكن المنصور قاومهم بنفسه وانتصر عليهم غير أنهم تمكنوا من قتل عثمان بن نهيك قاتل أبي مسلم .

وفي عام 161 ظهر رجل فارسي أطلق عليه اسم ( المقنع ) وادعى أن الله سبحانه وتعالى قد حل بآدم عليه السلام ثم في نوح ثم في أبي مسلم الخراساني ، ثم حل فيه بعد أبي مسلم ، واجتمع عليه خلق كثير تغلب بهم على بلاد ما وراء النهر واحتمى بقلعة ( كش ) ، فأرسل إليه المهدي جيشا بقيادة سعيد الجرشى فحاصره وهزمه وقتل كثيرا من أصحابه ، فلما أحس بالهلكة شرب سما ، وسقاه نساءه وأهله ، فمات وماتوا جميعا ، ودخل المسلمون قلعته ، واحتزوا رأسه ، وأرسلوه الى المهدي عام 163هجرية .


-61-

والمهدي كان شديدا في حرب الملاحدة ، وأنشأ هيئة مهمتها التنقيب والبحث عن الزنادقة ، وجعل لها رئيسا أطلق عليه اسم ( صاحب الزنادقة ) .

قال المسعودي في المهدي :
( انه أمعن في قتل الملحدين والمداهنين عن الدين لظهورهم في أيامه ، واعلانهم عن معتقداتهم في خلافته لما انتشر من كتب ماني ، وابن ديصان ومرقيون ، مما نقله عبد الله بن المقفع وغيره وترجمه من الفارسية والفهلوية الى العربية ، وما صنف في ذلك ابن أبي العوجاء وحماد عجرد ، ويحيى بن زياد ، ومطيع بن إياس من تأييد المذاهب المانوية والديصانية والمرقونية . فكثر بذلك الزنادقة ، وظهرت آراؤهم في الناس .

وكان المهدي أول من أمر الجدليين من أهل البحث من المتكلمين بتصنيف الكتب في الرد على الملحدين ممن ذكرنا من الجاحدين وغيرهم ، وأقاموا البراهين على المعاندين ، وأزالوا شبه الملحدين فأوضحوا الحق للشاكين"8" ) .

ولقد أوصى المهدي ابنه (الهادي) بتتبع الزنادقة والبطش بهم ، ورغم قيام هيئة مختصة مهمتها تتبع الزنادقة استطاعوا ان يحتفظوا بأنشطتهم بصورة سرية ، وعن هذا الطريق تمكنوا من احتلال أغلب المناصب في دولة بني العباس ، وبلغ أحدهم ( الأفشين ) قائد جيوش المعتصم .

(8) ضحى الاسلام ، ج1 ، ص 140 ، عن المسعودي ، ج2 ، ص 401 .
-62-

المبحث الثالث
البرامكة
تنسب هذه الأسرة الى جدها برمك وهو من مجوس بلخ وكان يخدم النوبهار وهو معبد كان للمجوس بمدينة بلخ توقد فيه النيران فكان برمك وبنوه سدنة له ، وكان برمك عظيم المقدار عندهم ولم يعلم هل أسلم أم لا ؟ .

ولما جاءت الدعوة العباسية خراسان كان خالد بن برمك من أكبر دعاتها وقد استوزره أبو العباس السفاح ثم استمر في منصبه أيام المنصور ، وبعد وفاة خالد ولى المنصور ابنه يحيى اذربيجان ثم أصبح كاتبا ووزيرا لهارون الرشيد"9" .

وملك البرامكة أمر الرشيد فاحتازوا الأموال دونه ، حتى كان الرشيد يحتاج الى اليسير من المال فلا يقدر عليه ، وأصبحت بيوتهم موئل الأدباء والعلماء وذوي الحاجات ، فملكوا القصور والضياع والمزارع حتى طغى صيتهم على صيت الخليفة .

وفي عام 187 أمر الرشيد بالقضاء عليهم ، فقتل جعفر وسجن يحيى وبقية أولاده حتى ماتوا في السجن ، واختلف المؤرخون في سبب نكبتهم ، فذكر ابن كثير أنهم أظهروا الزندقة والله أعلم .

(9) محاضرات تاريخ الأمم الاسلامية للخضري الدولة العباسية ، ص 111 .

-63-

خلاصة البحث

لقد سيطر الفرس على خلفاء بني العباس ، وتغلغل نشاطهم في مجالات كثيرة أبرزها ما يلي :
1_ ظهرت حركات فارسية كثيرة في عهد بني العباس ، وجوهر هذه الحركات وأصولها لا يختلف عن أديان الفرس التي كانت منتشرة قبل الاسلام : فالرواندية تؤمن بتناسخ الأرواح ، والمقنع نادى بالحلول ، وحركة الزنادقة لا تختلف كثيرا عن معتقدات ماني بل ان الاسم نفسه هو الاسم القديم .. ومن قبل نادت السبئية والكيسانية بتناسخ الجزء الالهي في الأئمة ، وبالحلول ، والرجعة بعد الموت وعلم الباطن .
2_ عاد الفرس في عهد بني العباس الى تصوراتهم وعاداتهم القديمة ، فلبسوا القلنسوة ، وصاروا يحتفلون بأعياد المجوس (كالنوروز)"10" وهو يوم رأس السنة الفارسية ، وعيد اليوم السعيد ، وعيد السقى ، وعيد النساء ، وعيد الثوم ، وعيد نوروز الأنهار والمياه الجارية .
3_ صار الفرس وزراء للخلفاء العباسيين ، وقادة لجيوشهم ، وتوصلوا لأعلى المناصب في دولة بني العباس واشتهر منهم : أبو مسلم الخراساني والبرامكة ، وفي عهد المأمون أصبح المجوسي ( الفضل بن سهل ) وزيرا وقائدا لجيشه فكان يلقب بذي الرياستين ( الحرب والسياسة ) ، وتمكن الفرس من تزويج بناتهم للخلفاء ، فنشأ أولاد الخلفاء في كنف أخوالهم ، وتربوا على معتقداتهم ووثنياتهم المجوسية :

(10) في عيد النوروز كان الملوك الساسانيين يسعدون رعاياهم في جميع الولايات في هذا اليوم ، وتقدم الضرائب ، وتضرب النقود الجديدة .

-64-

فأم المأمون ( مراجل ) فارسية ، وعندما انتهى الحكم إليه اتخذ من ( مرو ) عاصمة للخلافة بدلا من بغداد ، ونادى بأفكار وفلسفات غريبة عن الاسلام كقوله بخلق القرآن ، وجاءت هذه الدعوة من رواسب تربيته الفارسية المجوسية .
4_ استغل الفرس نفوذهم في دولة بني العباس فعمدوا الى نشر تراثهم الفكري والأدبي ، وانبرى شعراؤهم يذودون عن مجد وتاريخ فارس وكسرى ، ويسخرون من تاريخ العرب وحياتهم . قال أحدهم :
فلست بتارك إيوان كسرى
لتوضيح أو لحومل فالدخول
وضب في الفلا ساع وذئب
بها يعوي وليث وسط غيل

وتحدث الشاعر الفارسي المشهور الخريمي عن أصله فقال مفاخرا :
اني امرؤ من سراة الصغد ألبسني
عرق الأعاجم جلدا طيب الخبر
وقال أيضا :
وناديت من مرو وبلخ فارسا
لهم حسب في الأكرمين حسيب
فيا حسرتا لادار قومي قربية
فيكثر منهم ناصري ويطيب
وان أبي كسرى بن هرمز
وخاقان لى لو تعلمين نسيب

-65-

ملكنا رقاب الناس في الشرك كلهم
لنا تابع طوع القياد جنيب
نسومكموا خسفا ونقضي عليكمو
بما شاء منا مخطئ ومصيب

ولعل افتخار الخريمي وأمثاله بكسرى بن هرمز وخاقان ، وتعلقهم بمرو وبلخ وزردشت ومزدك هو الذي دفع الأصمعي الى هجائهم ، والتنديد بشركهم ، فقال :
اذا ذكر الشرك في مجلسي
أضاءت وجوه بني برمك
وان تليت عندهم آية
أتوا بالأحاديث عن مزدك"11"

5_ عمد المجوس من الفرس وهم الأكثرية الى تشويه التاريخ الاسلامي ، ودس الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعملوا على تجريح أعلام الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين ، وراحوا يجسمون الفتن التي وقعت بين الصحابة أو التابعين ، وأرادوا من وراء ذلك أن يقدموا التاريخ الاسلامي للبشرية على أنه فتن وحروب وسفك دماء .

وما من رواية أو حديث مكذوب في كتب الحديث والتاريخ والسير إلا وتجد مجوسيا وراءه .
(11) الأبيات الشعرية اعتمدنا في الاستشهاد بها على كتاب ضحى الاسلام لأحمد أمين ، ج1 ، ص 64 .

-66-

ولم يقفوا عند هذا الحد بل راحوا ينشرون الزندقة والالحاد حتى يتخلى الناس عن الاسلام ويتسنى لهم اعادة المانوية والزردشتية والمزدكية من جديد .

وفي كل تحركاتهم وأنشطتهم كانوا يعمدون الى الأسلوب السري ، فالروادندية وحركة المقنع وغيرهما كانوا يفاجئون الناس ويباغتونهم مباغتة .
  #5  
قديم 04-09-2006, 11:20 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-67-

المبحث الرابع

دويلاتهم منذ القرن الثالث
مضى المجوس يحيكون المؤامرات على الاسلام والمسلمين ، وكانوا يهدفون من وراء هذا : ابعاد المسلمين عن دينهم الذي ملكوا به الدنيا وجعل منهم خير أمة أخرجت للناس ، والعمل على هدم الخلافة الاسلامية ، واثارة النعرات العرقية .

وفي مطلع القرن الثالث من الهجرة أنهكوا الخلاقة الاسلامية ، فسقطت هيبة الخلفاء في أعين ولاتهم على الأمصار لكثرة الفتن والمؤامرات فاستغل المجوس ضعف الخلافة وشجعوا طاهر بن الحسين"1" على الاستقلال بخراسان ، ووقفوا الى جانبه يذودون عن الدولة الطاهرية التي قامت في نيسابور واستمرت حتى عام 259 .

وهذا أول انقسام عرفته الخلافة الاسلامية منذ بداية العصر العباسي ، وكان بداية لمزيد من الدويلات والانقسامات ، ومما يجدر بالذكر أن هذه الطعنة التي منى بها المسلمون جاءت من خراسان !! وللمرة الثانية .

(1) طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعى ، وطد الملك للمأمون بعد أن زحف على بغداد وقتل الأمين عام 198 ، وولاه المأمون خراسان ، فلما استقر فيها قطع الخطبة للمأمون ، فقتله أحد غلمانه عام 207 ، واستمر أحفاده من بعده في حكم خراسان حتى عام 256 .


-68-

وبعد قيام الدولة الطاهرية قامت الدويلات التالية :

1_ القرامطة :
في الأحساء والبحرين واليمن وعمان وفي بلاد الشام حينا من الزمن .

2_ البويهيون :
في العراق وفارس وسائر المشرق .

3_ العبيديون :
في مصر والشام .

-69-

المبحث الخامس
القرامطة
بداية ظهور القرامطة كان في عام 278 ، ولعل أصل الكلمة آرمية ، وتظاهر القرامطة في بداية دعوتهم بانتسابهم الى اسماعيل بن جعفر الصادق ، وتتسم دعوتهم بالمرحلية :

ففي المرحلة الأولى ينادون بالتشيع لآل البيت ، وفي المرحلة الثانية يقولون بالرجعة وأن عليا يعلم الغيب ، وفي المرحلة الثالثة يشرحون للمدعو مثالب على و أولاده ، وبطلان ما عليه أهل ملة محمد صلى الله عليه وسلم "2" ، ويوصون دعاتهم :
( وان وجدت فيلسوفيا فهم عمدتنا ، لأننا نتفق وهم على ابطال النواميس والأنبياء ، وعلى قدم العالم ) .

فظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر ، ومن مصطلحاتهم أن الجناية هي مبادرة المستجيب بإفشاء سر قدم إليه قبل أن ينال رتبة الاستحقاق لذلك .

والزنا : إلقاء نطفة العلم الباطن الى نفس من لم يسبق معه عقد العهد .

(2) انظر رسالة القرامطة لابن الجوزي تحقيق محمد الصبا غ .


-70-

والغسل : هو تجديد العهد
وفعل القرامطة بالمسلمين العرب كما فعل من قبلهم سابور ذو الأكتاف :

حرق القرامطة بني عبد القيس في منازلهم ، ودخلوا الكوفة عام 293 وأوقعوا فيها مذبحة رهيبة ، وفي عام 294 اعترضوا قافلة الحجاج في طريق مكة فقتلوا الرجال وسبوا النساء ،
وفي عام 311 دخل أبو طاهر القرمطي البصرة ووضع السيف في أهلها ، وفي عام 317 وصل أبو طاهر مكة يوم التروية فقتل الحجاج في المسجد الحرام ، واقتلع الحجر الأسود ، الذي بقي بحوزتهم حتى عام 335 .

وفي عهد الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنابي"3" ملك القرامطة البحرين والأحساء واليمن وعمان وبلاد الشام وجنوب العراق ، وحاولوا احتلال مصر لكن محاولاتهم باءت بالفشل ، وأقاموا دعاة لهم في كل قرية من ممتلكاتهم ، وكان هؤلاء الدعاة يعملون بما يوحى إليهم من أوامر وأنظمة ، ثم انهم أمروا الدعاة أن يجمعوا النساء في ليلة معروفة ويختلطن بالرجال ويتراكبن ولا يتنافرن ، وكانوا يقولون :



(3) الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي القرمطي ، من أمراء القرامطة ، وجده الحسن بن بهرام الجنابي كبير القرامطة ومعلن مذهبهم ، ومن أهل جنابة بفارس فهو فارسي الأصل .
وزعماء القرامطة كلهم من الفرس كالفرج بن عثمان والحسين بن زكروية وعلى بن الفضل ، وسليمان ويوسف ابنا الحسن ، ويطلق على القرامطة اسم (الباطنيون) أو (الحشاشون) أو (الفدائيون) .

-71-

ان ذلك من مصلحة الود والألفة بينهم ، فالصناديقي وهومن كبار دعاتهم _ ذهب الى اليمن فأقام فيها دارا سماها (دار الصفوة ) ، يأمر فيها النساء بمخالطة الرجال ، ويتعهد الأول الذين ينجبهم هذا الجماع ويسميهم ( أولا الصفوة )"4" .

ودعا القرامطة الى مؤاخاة الناس على اختلاف دياناتهم وأجناسهم وطبقاتهم .. وخلاصة القول ان دعوة القرامطة صورة لدعوة مزدك التي تعرضنا لها عند حديثنا عن أديان الفرس قبل الاسلام .

واستمرت دولة القرامطة في الأحساء حتى عام 466 حيث قضى عليها عبد الله بن على من بني عبد القيس بمساعدة ملك شاه السلجوقي ، إلا أن القضاء عليها كان عسكريا ، أما من الوجهة العقائدية فلقد اختلطت بالاسماعيلية والنصيرية وسائر الفرق الباطنية ، ولا تزال هذه الأفكار تجد رواجا في كل من بلاد الشام وايران و الهند والقطيف ونجران .

ومن يتصدى لتقويم الحركات الثورية اليوم التي يشهدها العالم الاسلامي يجد أنها صور طبق الأصل عن حركتي القرامطة ومزدك ، كما يجد قاسما مشتركا بين هذه الحركات والماسونية العالمية والشيوعية العالمية


(4) انظر كتاب ( المهدي والمهدوية ) ل عبد الرزاق الحصان ، ومن مصادر المؤلف في اختلاط الرجال مع النساء : اتعاظ الحنفاء ، ديوان بن مقرب العيوني شاعر الأحساء .
واليوم الذي يجتمعون فيه هو الليلة العاشرة من محرم أي في العيد الفارسي المشهور ( النوروز ).

-72-

اللتان تناديان بالاباحية والمؤاخاة والمساواة دون النظر الى الدين والجنس"5" .

(5) في عام 1973م ألف أحد الباطنيين كتابا أسماه ( الحركات السرية في الاسلام ) ، وخص القرامطة بفصل عنوانه ( القرامطة تجربة رائدة في الاشتراكية ) ، وقال عنهم كلاما أكثر مما يقوله الجنابي نفسه ، وهذه جرأة لا يحمد عليها مؤلف الكتاب الدكتور محمد اسماعيل .وقبل أشهر صرح وزير معروف في حكومة عدن الشيوعية قال فيه :
ان القرامطة اشتراكيون ، وهم رواد لنا عملوا على توزيع الثروة ، والقضاء على التميز الطبقي . ولقد أنصفوا الفقراء والعمال والفلاحين ، ثم زعم الوزير ان تاريخ القرامطة مشوه ، وختم تصريحه واعدا بأن حكومته ستنهج نهج القرامطة وفاء لهم وايمانا بأفكارهم.
كتب هذا البحث عام 1397 .


-73-

المبحث السادس
البويهيون
البويهيون : أسرة فارسية من سلالة سابور ذي الأكتاف ، أسس دولتهم أبو شجاع بويه ، وحكم البلاد بعد هلاكه أبناؤه علي (معز الدولة) ، وحسن (عماد الدولة ) ، وأحمد (ركن الدولة ) .

استولى البويهيون على العراق عام 334 حيث خلعوا الخليفة العباسي المستكفى بالله وجاؤوا بالفضل بن المقتدر فنصبوه خليفة وأعطوه لقب (المطيع لله ) ، وصار الخليفة ألعوبة بأيدي الملوك الديلاميين الذين دام حكمهم أكثر من مائة عام ، كانوا خلالها أصحاب الكلمة المطلقة ففرضوا التشيع ليستتروا به وباسمه ينشرون معتقداتهم المجوسية ، وأوقدوا نار الفتنة بين السنة والشيعة وأرادوا من وراء ذلك أن تقع الحروب والفتن بين الناس فلا يجدوا وقتا لحربهم وتخليص الناس من شرورهم .

وفي عهدهم تجرأ سفهاء الناس على شتم الصحابة رضوان الله عليهم .

وفي سنة 352 أمر البويهيون باغلاق الأسواق في اليوم العاشر من المحرم ، وعطلوا البيع ، ونصبوا القباب في الأسواق ، وعلقت عليها المسوح وخرج النساء منتشرات الشعور يلطمن في الأسواق ، وأقيمت النائحة على الحسين ، وتكرر ذلك في زمن الديالمة"6" ، وهذه الحادثة
(6) انظر كتاب المهدي والمهدوية لمؤلفه عبد الرزاق حصان ، ص 75 .

-74-

ظهرت لأول مرة في تاريخ بغداد ، وهي من الأمور التي لم تعرفها العرب لا في الجاهلية ولا في الاسلام ، غير أنها أصبحت عرفا ومناسبة دينية مهمة عند الجعفرية الامامية الاثني عشرية .

وآخر ملوك البويهيين أطلق على نفسه اسم ( الملك الرحيم ) منازعة لله في اسمه كما أطلق الحاكم العبيدي على نفسه ( الحاكم بأمره ) :
(( تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون )) .
البقرة : 118
  #6  
قديم 04-09-2006, 11:23 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-75-

المبحث السابع
العبيديون
بدأ حكم العبيديين في المغرب عام 296 ثم فتحوا مصر عام 358 ، ثم فتحوا بلاد الشام فأصبحوا أكبر قوة في العالم الاسلامي .

وينتسب العبيديون الى عبد الله بن ميمون القداح _ بن ديصان البوني من الأهواز _ وهو مجوسي ومن أشهر الدعاة السريين الباطنيين الذين عرفهم التاريخ ، ومن دعوته هذه صيغت دعوة القرامطة .

وعندما هلك عبد الله قام بدعوته السرية ابنه أحمد ، وبعد هلاك أحمد تولى قيادة الدعوة ولده الحسين ، فأخوه سعيد بن أحمد ، واستقر سعيد (بسلمية ) من أعمال حمص ، واستمر في نشر الدعوة وبث الدعاة حتى استفحل أمره وأمر دعوته ، وحاول الخليفة المكتفي أن يقبض عليه وأن يخمد دعوته ، ففر الى المغرب ، وبشر له هنالك دعاته ، وقاتلوا من أجله حتى ظفر بملك الأغالبة وتلقب بعبيد الله المهدى ، وادعى أنه من آل البيت وانتحل امامتهم "7" .

(7) انظر كتاب ( الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية ) للأستاذ محمد عبد الله عنان . وقد بذل المؤلف جهدا طيبا في حشد الأدلة التي تثبت أن الدولة العبيدية مجوسية وليس بينها وبين آل البيت أي نسب ، ومن المؤرخين الذين شهدوا بذلك : الباقلاني ، ابن شداد ، وابن حزم ، وابن خلكان ، والمقريزي ، وابن حجر ، وكلهم ثقات ، وعاشوا في فترة زمنية قريبة من عهد الدولة العبيدية ، ثم ناقش المؤلف آراء بعض المستشرقين الذين زعموا بأن العبيديين من آل البيت فأجاد في الرد عليهم وبين بطلان قولهم بالدليل العلمي القاطع
-76-

ومن أبرز حكام الدولة العبيدية : الحاكم بأمر الله الذي ادعى الألوهية ، وبث دعاته في كل مكان من مملكته يبشرون بعتقدات المجوس كالتناسخ والحلول ، ويزعمون أن روح القدس انتقلت من آدم الى علي بن أبي طالب ، ثم انتقلت روح علي الى الحاكم بأمر لله .

وكان من أبرز دعاة الحاكم بأمر الله محمد بن اسماعيل الدرزي المعروف بأنو شتكين ، وحمزة بن علي بن أحمد الزوزني وهو فارس من مقاطعة ( زوزن ) ، وجاء الى القاهرة لهذه المهمة أي لبث الدعوة الى ألوهية الحاكم ، وبعد أن تم القضاء على الدولة العبيدية نشأت فرقة في بلاد الشام تحت اسم ( الدروز ) واستمرت في اعتناق عقيدة العبيديين .
ويبدو أن القرامطة كانوا موالين للعبيديين في بداية عهدهم ، ولبثوا على ولائهم لهم طوال حياة قائدهم الحسن بن بهرام ، وأثبت المعز لدين الله هذا الولاء في رسالته"8" التي وجهها الى الحسن بن أحمد القرمطي .. غير أن الخصومة والمنافسة ما لبثت أن نشبت بين الطرفين والاختلاف من طبيعة البشر مهما كانت نحلهم .

وظلت هذه الفئة العبيدية الباغية تروع المسلمين حتى جاء صلاح الدين الأيوبي عام 568 فقضى عليهم وأراح المسلمين من شرورهم .

= ونضيف الى أقوال الأستاذ عنان قول السيوطي في تاريخ الخلفاء : انها عبيدية خبيثة وليست فاطمية .
وقال الذهبي : فكانوا أربعة عشر متخلفا لا مستخلفا . تاريخ الخلفاء .
(8)نقل الأستاذ محمد عبد الله عنان رسالة المعز لدين الله في كتابه (الحاكم بأمر الله وأسرار الدولة الفاطمية ) عن النسخة المخطوطة من كتاب اتعاظ الحنفاء للمقريزي المحفوظة باستنبول ص : 375 .

-77-

هل من المصادفات ؟!
هل من المصادفات أن يرجع البويهيون والقرامطة والعبيديون الى أصول فارسية ؟! .

هل من المصادفات أن تتشابه عقائدهم ، وأن تكون هي نفسها عقائد مزدك وماني وردشت ؟! .

وهل من المصادفات أن يظهروا في أزمنة متقاربة : العبيديون 296 ، والبويهيون 334 ، والقرامطة 278 ، وهل من الصدف أيضا أن يتقاسموا العالم الاسلامي : البويهيون في العراق ، والقرامطة في شبه الجزيرة ، والعبيديون في مصر والشام ؟!

وهل من المصادفات أن يلج هؤلاء جميعا من باب التشيع ؟! .

وهل من المصادفات أن يكون المسلمون السنة العدو اللدود لهؤلاء الضالين ، وأن يتعاونوا مع كل عدو للاسلام والمسلمين ؟!.

-78-

المبحث الثامن

عادوا من جديد
أنهك العبيديون والبويهيون والقرامطة دولة بني العباس ، واقتسموا الولايات الاسلامية ، ونشروا الكفر والزندقة في كل مكان وطأته أقدامهم .. وبعد أن زاغت أبصار الناس وبلغت قلوبهم الحناجر جاء صلاح الدين الأيوبي فطهر بلاد الشام ومصر من المجوسية ، وأعاد للمسلمين سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .

وظن المسلمون أن لن تقوم للباطنية قائمة بعد صلاح الدين _568_ ،لكنهم _ قاتلهم الله _ اتجهوا من جديد نحو العمل السري ، وبدأت تنظيماتهم تنمو داخل السراديب المظلمة .. وبينما كانت الجيوش الاسلامية تدق أبواب العواصم الأوروبية في عهد العثمانيين الذين وحد الله بهم العالم الاسلامي .

في هذا الوقت كان الباطنيون يهيئون أنفسهم ليخرجوا من جحورهم بمعتقداتهم القديمة التي لم يغيروا فيها إلا الأسماء :
الصفويون ، البهائيون ، القاديانيون ، الدروز ، النصيريون ، الحشاشون ، الاسماعيليون .

لقد عاد الباطنيون ليؤدوا دورهم المعهود .. عادوا لموالاة أعداء الله والتعاون معهم ضد المسلمين . لقد تعاونوا مع بريطانيا ، والبرتغال ، وفرنسا ، وروسيا القيصرية .

-79-

عادوا ليمزقوا الوحدة الاسلامية من جديد .
ولسائل أن يسأل :
لماذا مزجت الدرزية والنصيرية والبهائية والاسماعيلية مع تاريخ ايران ؟!.

الجواب : فعلا ليس في ايران دروز أو نصيرون ، أما البهائيون والصفويون فمتواجدون في ايران ، ولكن الذين أسسوا المذهبين الدرزي والنصيري فهم فرس مجوس .

فمحمد بن نصير مجوسي فارسي من موالي بني نمير ، وحمزة بن علي الزوزني فارسي مجوسي من مقاطعة زوزن في ايران .. ولا نريد أن نقف طويلا لنرد على أقوال الدروز أو النصيرييين الذين يزعمون أنهم من نسل قحطان أو عدنان ، والذي يعنينا ان معتقدات الدروز والنصيرية هي نفسها معتقدات المجوس : ماني ، وزردشت ، وبعضها من معتقدات مزدك ، ولا يستطيعون انكار ذلك .

وفي القسم السياسي من هذا الكتاب سنتحدث عن التعاون الوثيق الذي تتقوى أواصره يوما بعد آخر بين ايران والنصيريين بصورة خاصة .

لهذا وذاك تحدثنا عن الدروز والنصيريين في هذا الفصل ، وهذه نبذة سريعة عن أهم الحركات الباطنية الجديدة التي تعود الى أصول شيعية :

-80-

المبحث التاسع

الصفويون
الصفويون سلالة من سلالات ملوك فارس بعد الفتح الاسلامي . أسس دولتهم في أذربيجان اسماعيل الصفوي عام 1500 ، ثم بسط نفوذه على شروان والعراق وفارس ، واتخذ من ( تبريز ) عاصمة لدولته .

أعلن اسماعيل الصفوي أنه سليل الامام السابع"1" ، كما أعلن بأن الشيعة دين الدولة ، وحارب اسماعيل أهل السنة الذين كانوا الأكثرية الكاثرة في البلاد التي سيطر عليها ، ففي تبريز وحدها كانت نسبتهم لا تقل عن 65% .

وبلغت الدولة الفارسية أوجها في عصر الشاه عباس الصفوي (1588 _ 1629) م الذي استعان بالانكليز وأقام لهم مراكزا وأوكارا في ايران ، فكان من كبار مستشاريه :

_ السير أنطوني والسير روبرت شيرلي"2" _ ، واستطاع الشاه عباس أن يحقق انتصارات على الدولة العثمانية عندما استغل حربها مع النمسا من جهة ، ودعم الانكليز له من جهة ثانية ، واستفاد من الضعف والفتن في الدولة العثمانية من جهة ثالثة .

(1) الامام السابع عند الامامية الجعفرية هو موسى الكاظم .
(2) تاريخ الشعوب الاسلامية لبروكلمان ص 502 .


-81-

ويشهد على شاه عباس الأول شاهد من أهله فيقول :

(( واثر ظهور البرتغاليين في المنطقة بدأت علاقات تجارية مع انكلترا وفرنسا وهولندا ، ومهدت هذه العلاقات الى اتصالات على مستوى دبلوماسي وثقافي وديني عند اعتلاء شاه عباس الأول عرش فارس عام 1587م ، وسجلت تغيرات أساسية في البلاد وفي علاقتها مع الغرب ، وكان من نتائج التحول السياسي الذي أحدثه شاه عباس أن غص بلاطه بالمبشرين والقسس ، فضلا عن التجار والدبلوماسيين والصناع والجنود المرتزقة . فبنى الغربيون الكنائس في ايران ))"3" .

وعمل الصفويون على تحويل الحجاج الايرانيين من مكة الى مشهد . وقد حج الشاه عباس الصفوي سيرا على الأقدام من أصفهان الى مشهد زيادة في تقديسه لضريح الامام ( علي الرضا)"4" ، وليكون في عمله هذا قدوة للايرانيين ، ومنذ ذلك العهد أصبحت مشهد مدينة مقدسة عند الشيعة الايرانيين"5" .
وعاشت الدولة الصفوية منذ عام 1500م حتى عام 1722م حيث قضى عليها العثمانيون والأفغان ، وخلفهم الأفشاريون الذين اشتهر منهم الملك نادر شاه ، وبعد انتهاء عهد الأفشار حكمت ايران الأسرة القاجارية التي استمر حكمها حتى عام 1344 حيث انتهى الحكم الى أسرة بهلوى ، ومما يجدر ذكره أن الأفشار والقجار شيعة .

(3) ايران في الحضارة : سليم واكيم ص 100 .
(4) علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب . ( متى ولد ؟ ومتى توفي ؟ ) .
(5) ايران تأليف حسن محمد جوهر ومحمد مرسي أبو الليل ص 76 .

-82-

واذن :
فالصفويون في شخص شاه عباس الكبير أقاموا دولة فارسية باطنية ، وحاربوا المسلمين السنة في ايران ، وتعاونوا مع أعداء الاسلام كالانكليز والبرتغال ، وشجعوا لأول مرة بناء الكنائس ، وأطلقوا العنان للمبشرين والقسس ليفسدوا في بلاد المسلمين وليرفعوا رايات الشرك والالحاد .

وعندما حج شاه عباس الكبير الى مشهد ليصرف الناس عن مكة أعاد للأذهان سيرة الحاكم بأمرالله العبيدي ، والملك الرحيم الحاكم البويهي .

وفي عهد شاه عباس بدأ صدر الدين الشيرازي في الدعوة الى عقيدة الباب أو الدين البهائي فكانت دعوة شاه عباس الكبير وأفكاره مرتعا لمثل هذه الأفكار المتطرفة المنحرفة .

ومؤرخو الشيعة اليوم عندما يتحدثون عن الصفويين وعن شاه عباس الكبير لا يأتون بأدلة على أنه لم يحول الناس من الحج الى مشهد بدلا من مكة ، وإنما يقولون : ان ظلم الدولة العثمانية كان سببا في إقدامه على هذا العمل ، وفي حجه الى قبر ( علي الرضا ) في مشهد دليل على تعظيمه وحبه للعرب .
فالقضية _ كما يزعمون _ سياسية وليست عقائدية"6" .


(6) انظر كتاب ( الشيعة في التاريخ ) لمؤلفه محمد حسين الزين ، فصل دفع التهجم على شيعة ايران ، ص 252 ، دار الآثار ببيروت .
  #7  
قديم 04-09-2006, 11:26 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-83-

المبحث العاشر

البهائية
مؤسس هذه الفرقة ميرزا علي محمد الشيرازي ، كان اثني عشريا ثم أخذ مجموعة آراء من مذاهب مختلفة وصنع منها مذهبه الجديد .

أخذ من السبئيين اليهود فكرة الحلول ، وأخذ من الزردشتية فكرة الباب للامام المستور ، فزردشت قال بأنه الباب لمزدا ، ثم زعم _ ميرزا _ أن الله قد حل فيه ، وأنه به سيظهر الله لخلقه ، وكان ميرزا على اسماعيليا قبل أن ينادي بالبهائية .

بدأ ميرزا دعوته عام 1820م واجتمع عليه أهل فارس ، واصطدمت دعوته فيما بعد بطموح الشاه فأعدمه عام 1850م إلا أن الدعوة استمرت بعد هلاك مؤسسها الذي كان قد اختار لها أنجب طلابه _بهاء الله _ الذي نادى بالمساواة المطلقة بين سائر البشر ، لا فرق في ذلك بين يهودي ومسلم ونصراني ، ولا بين رجل وامرأة ، ونسخ صلاة الجماعة ، ونادى بنبذ ما أسماه القيود الاسلامية واخيرا ألغى كل ما في الاسلام من حلال وحرام .

ووضع أنصاره كثيرا من الأناشيد في مدحه وتعظيمه .. وقام بهاء الله بتأليف كتاب في الفارسية أسماه ( الكتاب الأقدس ) ، ويعتقد أنه أقدس من التوراة والانجيل والقرآن .. وبعد هلاك بهاء الله انتقلت زعامة المذهب الى ابنه عباس عام 1892م وتسمى عبد البهاء أو ( غصن أعظم ) .

ووجدت البهائية كل مساعدة وعون من الانكليز الذين كانوا يسيطرون على معظم


-84-

البلدان الاسلامية ، وكيف لا يمدون يد الدعم لها وهي التي أبطلت الجهاد وهذا يعني الاستسلام والخنوع للاستعمار .

وللبهائية اليوم نشاط واسع في ايران _ البلد الذي نشأت وترعرعت فيه _ وفي البلاد العربية ، وأوروبا ، وأمريكا ، والهند ، وفي فلسطين المحتلة .

وتأثر بهاء الله بالماسونية واتصل بزعمائها ، ومما يجدر ذكره أن البهائيين يؤمنون بالتقيه كسائر فرق الشيعة ، ويخفون جوهر دينهم على غير أتباعه .
هذا ويجمع علماء المسلمين على تكفير هذا المذهب وأنه لا يمت الى الاسلام بصلة"7" .

وعلى غرار البهائية نشأت فرقة في الهند سمت نفسها (القاديانية ) ومؤسسها غلام أحمد ، والقاديانية نسبة الى بلدته ( قاديان ) .

وزعم غلام أحمد بأنه المهدي المنتظر ونادى بتعطيل الجهاد ، وظهرت هذه الفرقة في زمن استبسل المسلمون في قتال الانكليز المحتلين ، وكان الانكليز وراء نشأة واعداد غلام أحمد كما كانوا وراء البهائية من قبل ، وللقاديانية نشاط واسع في فلسطين المحتلة .


(7) في حديثنا عن البهائية اعتمدنا على المصادر التالية :
ا-المهدي والمهدوية لأحمد أمين .
ب- المذاهب الاسلامية لمحمد أبو زهرة .



-85-

المبحث الحادي عشر

النصيرية
أتباع محمد بن نصير ، كان شيعيا اماميا ، وهو من موالي بني نمير !! وهو الذي اخترع فكرة الامام الجائب ، وأنه الباب إليه ، وكان (ميمون القداح الديصاني اليهودي الفارسي ) قد سبق محمد بن نصير في الدعوة الى باب الامام الجائب .
ويقول النصيريون بتناسخ الأرواح ، وقدم العالم ، وانكار البعث والنشور ، والجنة والنار ، ومن حقيقة الخطاب في الدين عندهم أن عليا هو الرب ، وأن محمدا هو الحجاب ، وأن سلمان هو الباب ، وابليس الأبالسة _كما يقولون عليهم لعنة الله _ عمر بن الخطاب ، ويليه في رتبة الابلسية أبو بكر فعثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين .
وكان النصيريون سببا في احتلال النصارى لبلاد الشام في الحروب الصليبية وفي سقوط بيت المقدس ، كما كانوا عونا للتتار ضد المسلمين ، واعتمدت فرنسا عليهم عندما احتلت بلاد الشام في مطلع هذا القرن .. وفي ظل الاستعمار الفرنسي قامت لهم دولة ، وصنعت منهم (ربا) وهذا الرب الذي صنعته فرنسا هو (سليمان المرشد )"8" .

انهم يسيطرون اليوم على جزء مهم من بلاد الشام _ سورية _ ويخططون للقضاء على الاسلام والمسلمين ان خلا لهم الجو ويتعاونون مع اسرائيل وايران والولايات المتحدة الأمريكية ، وقد أجمع علماء المسلمين في القديم والحديث على كفر هذه الطائفة .
(8) انظر المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي تحقيق محب الدين الخطيب ص 97 .



-86-

المبحث الثاني عشر

الدروز
أسس هذا المذهب ( حمزة بن علي بن أحمد الزوزني ) وهو فارسي مجوسي من مقاطعة ( زوزن ) قال بالتناسخ والحلول ، وزعم أن روح القدس انتقلت من آدم الى علي بن أبي طالب ، ثم انتقلت روح علي الى الحاكم بأمره العبيدى .

ومن أشهر تلامذه حمزة بن محمد بن اسماعيل الدرزي المعروف ( بأنوشتكين ) واليه ينسب المذهب .

فر حمزة وتلميذه محمد الدرزي من مصر بعد أن افتضح أمرهما ، ولم يستطع الحاكم بأمره العبيدي أن يحول بينهما وبين نقمة المسلمين عليهما .. ومن مصر اتجها الى بلاد الشام ، وهناك أخذا ينشران مذهبهما الالحادي السري ومع مرور الزمن تمكن الدروز من اقامة دولة لهم في لبنان ، ولاقت دولتهم كل ترحيب من الانكليز .

ويتواجد الدروز في لبنان وسورية وفلسطين المحتلة ، وتطوع عدد من ابنائهم في جيش الدفاع الاسرائيلي ، ويعملون من أجل اقامة دولة لهم في جزء من سورية ولبنان ، ويدعمهم العدو الصهيوني من أجل تحقيق هذا الهدف .

ففي سورية مثلا نجد ان كثيرا من أبنائهم الذين يعملون في الجيش السوري يتعاملون مع العدو الصهيوني كجواسيس .

-87-

ولقد ألقت المخابرات السورية القبض على عدة شبكات للتجسس وخاصة في قراهم المجاورة لفلسطين المحتلة أي في الجولان .

وفي حرب 1967م ذاق المسلمون في الجولان والأردن الويلات من الدروز العاملين في جيش الدفاع الاسرائيلي ، فكانوا لا يرحمون الشيوخ الذين أنهكتهم السنون ، ولا يعرف العطف ولا الشفقة سبيلا الى قلوبهم القاسية .

وفي حرب 1973م كانوا (طابورا) من طوابير كثيرة كانت تزرع الخيانة والتآمر في صفوف الجنود في الجبهة الشرقية ، وحوكم عدد منهم في ساحات القتال ، وكان من أبرز قادتهم العسكريين الذين أعدموا نتيجة اتصالاتهم مع العدو الصهيوني العقيد (توفيق حلاوة ) ، والجدير بالذكر أن الذين أعدموا هم الجنود من أبناء السنة وليست القيادة النصيرية الخائنة .

ان الذين يجاورون الدروز ويعرفون تاريخهم وواقعهم يعلمون جيدا بأنهم على أهبة الاستعداد من أجل اقامة دولتهم في الجولان وحوران والشوف وجبل حوران والصحراء الممتدة ما بين تدمر والأردن والعراق ، ولهذا فالدروز على اتصال دائم مع اخوانهم الدروز الذين يعيشون في فلسطين المحتلة ، كما أنهم على اتصال دائم مع العدو الصهيوني ، وقد كشفت الصحافة بعض هذه الاتصالات .
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م