مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 05-10-2006, 02:35 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (2)

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (2)



من كتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد – لابن القيم الجوزية


زمن فرضية الصيام

وكان فرضه في السنة الثانية من الهجرة فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صام تسع رمضانات وفرض أولا على وجه التخيير بينه وبين أن يطعم عن كل يوم مسكينا ثم نقل من ذلك التخيير إلى تحتم الصوم وجعل الإطعام للشيخ الكبير والمرأة إذا لم يطيقا الصيام فإنهما يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكينا ورخص للمريض والمسافر أن يفطرا ويقضيا وللحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما كذلك فإن خافتا على ولديهما زادتا مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم فإن فطرهما لم يكن لخوف مرض وإنما كان مع الصحة فجبر بإطعام - 30 - المسكين كفطر الصحيح في أول الإسلام .

وكان للصوم رتب ثلاث إحداها : إيجابه بوصف التخيير . والثانية تحتمه لكن كان الصائم إذا نام قبل أن يطعم حرم عليه الطعام والشراب إلى الليلة القابلة فنسخ ذلك بالرتبة الثالثة وهي التي استقر عليها الشرع إلى يوم القيامة .
__________________

  #2  
قديم 08-10-2006, 12:51 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (3)

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (3)



من كتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد – لابن القيم الجوزية


الوصال ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم : (يطعمني ربي ويسقيني)


وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره به من الشهور حتى إنه كان ليواصل فيه أحيانا ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة وكان ينهى أصحابه عن الوصال فيقولون له إنك تواصل فيقول: (لست كهيئتكم إني أبيت - وفي رواية إني أظل - عند ربي يطعمني ويسقيني).

وقد اختلف الناس في هذا الطعام والشراب المذكورين على قولين:

أحدهما: أنه طعام وشراب حسي للفم قالوا: وهذه حقيقة اللفظ ولا موجب للعدول عنها .

الثاني: أن المراد به ما يغذيه الله به من معارفه وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته وقرة عينه بقربه وتنعمه بحبه والشوق إليه وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب ونعيم الأرواح وقرة العين وبهجة النفوس والروح والقلب بما هو أعظم غذاء وأجوده وأنفعه وقد يقوى هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمان كما قيل:

لها أحاديث من ذكراك تشغلها ***** عن الشراب وتلهيها عن الزاد

لها بوجهك نور تستضيء به ***** ومن حديثك في أعقابها حادي

إذا شكت من كلال السير أوعدها ***** روح القدوم فتحيا عند ميعاد

ومن له أدنى تجربة وشوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الحيواني ولا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قد قرت عينه بمحبوبه وتنعم بقربه والرضى عنه وألطاف محبوبه وهداياه وتحفه تصل إليه كل وقت ومحبوبه حفي به معتن بأمره مكرم له غاية الإكرام مع المحبة التامة له أفليس في هذا أعظم غذاء لهذا المحب ؟ فكيف بالحبيب الذي لا شيء أجل منه ولا أعظم ولا أجمل ولا أكمل ولا أعظم إحسانا إذا امتلأ قلب المحب بحبه وملك حبه جميع أجزاء قلبه وجوارحه وتمكن حبه منه أعظم تمكن وهذا حاله مع حبيبه أفليس هذا المحب عند حبيبه يطعمه ويسقيه ليلا ونهارا؟ ولهذا قال: (إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني) .

ولو كان ذلك طعاما وشرابا للفم لما كان صائما فضلا عن كونه مواصلا وأيضا فلو كان ذلك في الليل لم يكن مواصلا ولقال لأصحابه إذ قالوا له إنك تواصل "لست أواصل" . ولم يقل "لست كهيئتكم" بل أقرهم على نسبة الوصال إليه وقطع الإلحاق بينه وبينهم في ذلك بما بينه من الفارق كما في "صحيح مسلم" من حديث عبد الله بن عمر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واصل في رمضان فواصل الناس فنهاهم فقيل له أنت تواصل . فقال إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى).

وسياق البخاري لهذا الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فقالوا: إنك تواصل . قال: (إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى) وفي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال . فقال رجل من المسلمين إنك يا رسول الله تواصل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني).

وأيضا : فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن الوصال فأبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال: (لو تأخر الهلال لزدتكم). كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا عن الوصال .

وفي لفظ آخر: (لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم إني لست مثلكم) أو قال: (إنكم لستم مثلي فإني أظل يطعمني ربي ويسقيني) فأخبر أنه يطعم ويسقى مع كونه مواصلا وقد فعل فعلهم منكلا بهم معجزا لهم فلو كان يأكل ويشرب لما كان ذلك تنكيلا ولا تعجيزا بل ولا وصالا وهذا بحمد الله واضح .

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة للأمة وأذن فيه إلى السحر وفي "صحيح البخاري" عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)

الاختلاف في حكم الوصال وترجيح المصنف بجوازه من السحر إلى السحر

فإن قيل فما حكم هذه المسألة وهل الوصال جائز أو محرم أو مكروه؟ قيل اختلف الناس في هذه المسألة على ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه جائز إن قدر عليه وهو مروي عن عبد الله بن الزبير وغيره من السلف وكان ابن الزبير يواصل الأيام ومن حجة أرباب هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل بالصحابة مع نهيه لهم عن الوصال كما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة أنه نهى عن الوصال وقال: (إني لست كهيئتكم) فلما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ثم يوما فهذا وصاله بهم بعد نهيه عن الوصال ولو كان النهي للتحريم لما أبوا أن ينتهوا ولما أقرهم عليه بعد ذلك .

قالوا: فلما فعلوه بعد نهيه وهو يعلم ويقرهم علم أنه أراد الرحمة بهم والتخفيف عنهم وقد قالت عائشة: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم) متفق عليه .

وقالت طائفة أخرى: لا يجوز الوصال منهم مالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري رحمهم الله قال ابن عبد البر: وقد حكاه عنهم إنهم لم يجيزوه لأحد قلت: الشافعي رحمه الله نص على كراهته واختلف أصحابه هل هي كراهة تحريم أو تنزيه؟ على وجهين واحتج المحرمون بنهي النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: والنهي يقتضي التحريم .

قالوا: وقول عائشة: "رحمة لهم" لا يمنع أن يكون للتحريم بل يؤكده فإن من رحمته بهم أن حرمه عليهم بل سائر مناهيه للأمة رحمة وحمية وصيانة .

قالوا: وأما مواصلته بهم بعد نهيه فلم يكن تقريرا لهم كيف وقد نهاهم ولكن تقريعا وتنكيلا فاحتمل منهم الوصال بعد نهيه لأجل مصلحة النهي في تأكيد زجرهم وبيان الحكمة في نهيهم عنه بظهور المفسدة التي نهاهم لأجلها فإذا ظهرت لهم مفسدة الوصال وظهرت حكمة النهي عنه كان ذلك أدعى إلى قبولهم وتركهم له فإنهم إذا ظهر لهم ما في الوصال وأحسوا منه الملل في العبادة والتقصير فيما هو أهم وأرجح من وظائف الدين من القوة في أمر الله والخشوع في فرائضه والإتيان بحقوقها الظاهرة والباطنة والجوع الشديد ينافي ذلك ويحول بين العبد وبينه تبين لهم حكمة النهي عن الوصال والمفسدة التي فيه لهم دونه صلى الله عليه وسلم

قالوا: وليس إقراره لهم على الوصال لهذه المصلحة الراجحة بأعظم من إقرار الأعرابي على البول في المسجد لمصلحة التأليف ولئلا ينفر عن الإسلام ولا بأعظم من إقراره المسيء في صلاته على الصلاة التي أخبرهم صلى الله عليه وسلم أنها ليست بصلاة وأن فاعلها غير مصل بل هي صلاة باطلة في دينه فأقره عليها لمصلحة تعليمه وقبوله بعد الفراغ فإنه أبلغ في التعليم والتعلم

قالوا: وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه).

قالوا: وقد ذكر في الحديث ما يدل على أن الوصال من خصائصه . فقال: (إني لست كهيئتكم)ولو كان مباحا لهم لم يكن من خصائصه .

قالوا: وفي "الصحيحين" من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) وفي "الصحيحين" نحوه من حديث عبد الله بن أبي أوفى . قالوا: فجعله مفطرا حكما بدخول وقت الفطر وإن لم يفطر وذلك يحيل الوصال شرعا .

قالوا: وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال أمتي على الفطرة أو لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر) .

وفي "السنن" عن أبي هريرة عنه (لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر إن اليهود والنصارى يؤخرون) .

وفي "السنن" عنه قال قال الله عز وجل: (أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا)

وهذا يقتضي كراهة تأخير الفطر فكيف تركه وإذا كان مكروها لم يكن عبادة فإن أقل درجات العبادة أن تكون مستحبة .

والقول الثالث وهو أعدل الأقوال أن الوصال يجوز من سحر إلى سحر وهذا هو المحفوظ عن أحمد وإسحاق لحديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر) رواه البخاري .

وهو أعدل الوصال وأسهله على الصائم وهو في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه تأخر فالصائم له في اليوم والليلة أكلة فإذا أكلها في السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره والله أعلم .
__________________

  #3  
قديم 18-10-2006, 04:00 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (4)

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (4)



من كتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد – لابن القيم الجوزية


فصل : ثبوت رمضان

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو بشهادة شاهد واحد كما صام بشهادة ابن عمر وصام مرة بشهادة أعرابي واعتمد على خبرهما ولم يكلفهما لفظ الشهادة .

فإن كان ذلك إخبارا فقد اكتفى في رمضان بخبر الواحد وإن كان شهادة فلم يكلف الشاهد لفظ الشهادة . فإن لم تكن رؤية ولا شهادة أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما .


حكم صوم يوم الغيم


وكان إذا حال ليلة الثلاثين دون منظره غيم أو سحاب أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صامه . ولم يكن يصوم يوم الإغمام ولا أمر به بل أمر بأن تكمل عدة شعبان ثلاثين إذا غم وكان يفعل كذلك فهذا فعله وهذا أمره ولا يناقض هذا قوله : (فإن غم عليكم فاقدروا له) فإن القدر هو الحساب المقدر والمراد به الإكمال كما قال : (فأكملوا العدة) والمراد بالإكمال إكمال عدة الشهر الذي غم كما قال في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري : (فأكملوا عدة شعبان) .

وقال : (لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة) . والذي أمر بإكمال عدته هو الشهر الذي يغم وهو عند صيامه وعند الفطر منه وأصرح من هذا قوله : (الشهر تسعة وعشرون فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة) .

وهذا راجع إلى أول الشهر بلفظه وإلى آخره بمعناه فلا يجوز إلغاء ما دل عليه لفظه واعتبار ما دل عليه من جهة المعنى . وقال: (الشهر ثلاثون والشهر تسعة وعشرون فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين) . وقال : (لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حالت دونه غمامة فأكملوا ثلاثين) وقال : (لا تروها الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة) .

وقالت عائشة رضي الله عنها : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤيته فإن غم عليه عد شعبان ثلاثين يوما ثم صام) صححه الدارقطني وابن حبان .

وقال : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين) . وقال : (لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه فإن أغمي عليكم فاقدروا له) . وقال : (لا تقدموا رمضان وفي لفظ لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين إلا رجلا كان يصوم صياما فليصمه) .

والدليل على أن يوم الإغمام داخل في هذا النهي حديث ابن عباس يرفعه : (لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حالت دونه غمامة فأكملوا ثلاثين) ذكره ابن حبان في "صحيحه" . فهذا صريح في أن صوم يوم الإغمام من غير رؤية ولا إكمال ثلاثين صوما قبل رمضان .

وقال : (لا تقدموا الشهر إلا أن تروا الهلال أو تكملوا العدة ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة) .

وقال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالا) قال الترمذي: حديث حسن صحيح .

وفي النسائي : من حديث يونس عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس يرفعه: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا ولا تصوموا قبله يوما فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة عدة شعبان)

وقال سماك عن عكرمة: عن ابن عباس: تمارى الناس في رؤية هلال رمضان فقال بعضهم اليوم . وقال بعضهم غدا . فجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنه رآه فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ قال نعم . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا فنادى في الناس صوموا" . ثم قال "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا ولا تصوموا قبله يوما .

وكل هذه الأحاديث صحيحة فبعضها في "الصحيحين" وبعضها في "صحيح ابن حبان" والحاكم وغيرهما وإن كان قد أعل بعضها بما لا يقدح في صحة الاستدلال بمجموعها وتفسير بعضها ببعض واعتبار بعضها ببعض وكلها يصدق بعضها بعضا والمراد منها متفق عليه .


سرد المصنف لروايات من صام يوم الغيم

فإن قيل فإذا كان هذا هديه صلى الله عليه وسلم فكيف خالفه عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو هريرة ومعاوية وعمرو بن العاص والحكم بن أيوب الغفاري وعائشة وأسماء ابنتا أبي بكر، وخالفه سالم بن عبد الله ومجاهد وطاووس وأبو عثمان النهدي ومطرف بن الشخير وميمون بن مهران وبكر بن عبد الله المزني وكيف خالفه إمام أهل الحديث والسنة أحمد بن حنبل ونحن نوجدكم أقوال هؤلاء مسندة؟ فأما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال الوليد بن مسلم: أخبرنا ثوبان عن أبيه عن مكحول أن "عمر بن الخطاب كان يصوم إذا كانت السماء في تلك الليلة مغيمة ويقول ليس هذا بالتقدم ولكنه التحري"

وأما الرواية عن علي رضي الله عنه فقال الشافعي: أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة بنت حسين أن علي بن أبي طالب قال: "لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان" .

وأما الرواية عن ابن عمر ففي كتاب عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن عمر قال: "كان إذا كان سحاب أصبح صائما وإن لم يكن سحاب أصبح مفطرا" وفي "الصحيحين" عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا وإن غم عليكم فاقدروا له) .

زاد الإمام أحمد رحمه الله بإسناد صحيح عن نافع قال: (كان عبد الله إذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوما يبعث من ينظر فإن رأى فذاك وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما) .

وأما الرواية عن أنس رضي الله عنه فقال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يحيى بن أبي إسحاق قال: "رأيت الهلال إما الظهر وإما قريبا منه فأفطر ناس من الناس فأتينا أنس بن مالك فأخبرناه برؤية الهلال وبإفطار من أفطر فقال هذا اليوم يكمل لي أحد وثلاثون يوما وذلك لأن الحكم بن أيوب أرسل إلي قبل صيام الناس إني صائم غدا فكرهت الخلاف عليه فصمت وأنا متم يومي هذا إلى الليل".

وأما الرواية عن معاوية فقال أحمد حدثنا المغيرة حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال حدثني مكحول ويونس بن ميسرة بن حلبس أن معاوية بن أبي سفيان كان يقول: "لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان" .

وأما الرواية عن عمرو بن العاص . فقال أحمد حدثنا زيد بن الحباب أخبرنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن: "عمرو بن العاص أنه كان يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان" .

وأما الرواية عن أبي هريرة فقال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن أبي مريم مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقول: "لأن أتعجل في صوم رمضان بيوم أحب إلي من أن أتأخر لأني إذا تعجلت لم يفتني وإذا تأخرت فاتني" .

وأما الرواية عن عائشة رضي الله عنها فقال سعيد بن منصور: حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن خمير عن الرسول الذي أتى عائشة في اليوم الذي يشك فيه من رمضان قال قالت عائشة: "لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان" وأما الرواية عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما فقال سعيد أيضا: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر قالت: "ما غم هلال رمضان إلا كانت أسماء متقدمة بيوم وتأمر بتقدمه" .

وقال أحمد: حدثنا روح بن عباد عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء أنها كانت تصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان .

وكل ما ذكرناه عن أحمد فمن مسائل الفضل بن زياد عنه . وقال في رواية الأثرم: إذا كان في السماء سحابة أو علة أصبح صائما وإن لم يكن في السماء علة أصبح مفطرا وكذلك نقل عنه ابناه صالح وعبد الله والمروزي والفضل بن زياد وغيرهم .

يتبــــــــــــــــــــــــــع

__________________

  #4  
قديم 18-10-2006, 04:06 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

تابــــــــــــــــ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (4) ـــــــــع



الجواب على من صام يوم الغيم

فالجواب من وجوه :

أحدهما: أن يقال ليس فيما ذكرتم عن الصحابة أثر صالح صريح في وجوب صومه حتى يكون فعلهم مخالفا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما غاية المنقول عنهم صومه احتياطا وقد صرح أنس بأنه إنما صامه كراهة للخلاف على الأمراء ولهذا قال الإمام أحمد في رواية الناس تبع للإمام في صومه وإفطاره والنصوص التي حكيناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعله وقوله إنما تدل على أنه لا يجب صوم يوم الإغمام ولا تدل على تحريمه فمن أفطره أخذ بالجواز ومن صامه أخذ بالاحتياط .

الثاني: أن الصحابة كان بعضهم يصومه كما حكيتم وكان بعضهم لا يصومه وأصح وأصرح من روى عنه صومه عبد الله بن عمر قال ابن عبد البر: وإلى قوله ذهب طاووس اليماني وأحمد بن حنبل وروي مثل ذلك عن عائشة وأسماء ابنتي أبي بكر ولا أعلم أحدا ذهب مذهب ابن عمر غيرهم قال وممن روي عنه كراهة صوم يوم الشك عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وحذيفة وابن عباس وأبو هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهم . قلت: المنقول عن علي وعمر وعمار وحذيفة وابن مسعود المنع من صيام آخر يوم من شعبان تطوعا وهو الذي قال فيه عمار: "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم" .


ترجيح المصنف لجواز صوم يوم الغيم احتياطا والنهي عنه تطوعا


فأما صوم يوم الغيم احتياطا على أنه إن كان من رمضان فهو فرضه وإلا فهو تطوع . فالمنقول عن الصحابة يقتضي جوازه وهو الذي كان يفعله ابن عمر وعائشة . هذا مع رواية عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غم هلال شعبان عد ثلاثين يوما ثم صام . وقد رد حديثها هذا بأنه لو كان صحيحا لما خالفته وجعل صيامها علة في الحديث وليس الأمر كذلك فإنها لم توجب صيامه وإنما صامته احتياطا وفهمت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن الصيام لا يجب حتى تكمل العدة ولم تفهم هي ولا ابن عمر أنه لا يجوز .

وهذا أعدل الأقوال في المسألة وبه تجتمع الأحاديث والآثار ويدل عليه ما رواه معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهلال رمضان إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين يوما ورواه ابن أبي رواد عن نافع عنه: (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) .

وقال مالك وعبيد الله عن نافع عنه: (فاقدروا له) فدل على أن ابن عمر لم يفهم من الحديث وجوب إكمال الثلاثين بل جوازه فإنه إذا صام يوم الثلاثين فقد أخذ بأحد الجائزين احتياطا ويدل على ذلك أنه رضي الله عنه لو فهم من قوله صلى الله عليه وسلم: (اقدروا له تسعا وعشرين ثم صوموا) كما يقوله الموجبون لصومه لكان يأمر بذلك أهله وغيرهم ولم يكن يقتصر على صومه في خاصة نفسه ولا يأمر به ولبين أن ذلك هو الواجب على الناس .

وكان ابن عباس رضي الله عنه لا يصومه ويحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) .

وذكر مالك في "موطئه" هذا بعد أن ذكر حديث ابن عمر كأنه جعله مفسرا لحديث ابن عمر وقوله: (فاقدروا له) .

"وكان ابن عباس يقول عجبت ممن يتقدم الشهر بيوم أو يومين وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا رمضان بيوم ولا يومين" كأنه ينكر على ابن عمر .


بعض المسائل التي ترخص بها ابن عباس وتشدد بها ابن عمر

وكذلك كان هذان الصاحبان الإمامان أحدهما يميل إلى التشديد والآخر إلى الترخيص وذلك في غير مسألة . وعبد الله بن عمر: كان يأخذ من التشديدات بأشياء لا يوافقه عليها الصحابة فكان يغسل داخل عينيه في الوضوء حتى عمي من ذلك وكان إذا مسح رأسه أفرد أذنيه بماء جديد وكان يمنع من دخول الحمام وكان إذا دخله اغتسل منه وابن عباس: كان يدخل الحمام وكان ابن عمر يتيمم بضربتين ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ولا يقتصر على ضربة واحدة ولا على الكفين "وكان ابن عباس يخالفه ويقول التيمم ضربة للوجه والكفين" وكان ابن عمر يتوضأ من قبلة امرأته ويفتي بذلك وكان إذا قبل أولاده تمضمض ثم صلى "وكان ابن عباس يقول ما أبالي قبلتها أو شممت ريحانا" .

وكان يأمر من ذكر أن عليه صلاة وهو في أخرى أن يتمها ثم يصلي الصلاة التي ذكرها ثم يعيد الصلاة التي كان فيها وروى أبو يعلى الموصلي في ذلك حديثا مرفوعا في "مسنده" والصواب أنه موقوف على ابن عمر . قال البيهقي: وقد روي عن ابن عمر مرفوعا ولا يصح قال وقد روي عن ابن عباس مرفوعا ولا يصح . والمقصود أن عبد الله بن عمر كان يسلك طريق التشديد والاحتياط .

وقد روى معمر عن أيوب عن نافع عنه أنه كان إذا أدرك مع الإمام ركعة أضاف إليها أخرى فإذا فرغ من صلاته سجد سجدتي السهو . قال الزهري: ولا أعلم أحدا فعله غيره .

قلت: وكأن هذا السجود لما حصل له من الجلوس عقيب الركعة وإنما محله عقيب الشفع .


الدليل على أن الصحابة لم يصوموا الغيم على سبيل الوجوب

ويدل على أن الصحابة لم يصوموا هذا اليوم على سبيل الوجوب أنهم قالوا: لأن نصوم يوما من شعبان أحب إلينا من أن نفطر يوما من رمضان ولو كان هذا اليوم من رمضان حتما عندهم لقالوا: هذا اليوم من رمضان فلا يجوز لنا فطره . والله أعلم .

ويدل على أنهم إنما صاموه استحبابا وتحريا ما روي عنهم من فطره بيانا للجواز فهذا ابن عمر قد قال حنبل في "مسائله" : حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد العزيز بن حكيم الحضرمي قال سمعت : "ابن عمر يقول لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه" .

قال حنبل وحدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبيدة بن حميد قال أخبرنا عبد العزيز بن حكيم قال: سألوا ابن عمر . قالوا: نسبق قبل رمضان حتى لا يفوتنا منه شيء ؟ فقال أف أف صوموا مع الجماعة "فقد صح عن" ابن عمر أنه قال لا يتقدمن الشهر منكم أحد" وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صوموا لرؤية الهلال وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما) .

وكذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إذا رأيتم الهلال فصوموا لرؤيته وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة" .

وقال: "ابن مسعود رضي الله عنه فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما" .

فهذه الآثار إن قدر أنها معارضة لتلك الآثار التي رويت عنهم في الصوم فهذه أولى لموافقتها النصوص المرفوعة لفظا ومعنى وإن قدر أنها لا تعارض بينها فهاهنا طريقتان من الجمع إحداهما: حملها على غير صورة الإغمام أو على الإغمام في آخر الشهر كما فعله الموجبون للصوم .

والثانية: حمل آثار الصوم عنهم على التحري والاحتياط استحبابا لا وجوبا وهذه الآثار صريحة في نفي الوجوب وهذه الطريقة أقرب إلى موافقة النصوص وقواعد الشرع وفيها السلامة من التفريق بين يومين متساويين في الشك فيجعل أحدهما يوم شك والثاني يوم يقين مع حصول الشك فيه قطعا وتكليف العبد اعتقاد كونه من رمضان قطعا مع شكه هل هو منه أم لا ؟ تكليف بما لا يطاق وتفريق بين المتماثلين والله أعلم .
__________________

 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م