كان من نتيجة هذا الفهم العام الشامل للاسلام عند الاخوان المسلمين أن شملت فكرتهم كل نواحي الاصلاح في الامة ، وتمثلت فيها كل عناصر غيرها من الفكر الاصلاحية ، وأصبح كل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته ، والتقت عندها آمال محبي الاصلاح الذين عرفوا وفهموا مراميها ، وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك ، ان الاخوان المسلمين :
(1) دعوة سلفية : لأنهم يدعون الى العودة بالاسلام الى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله .
(2) وطريقة سنية : لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسنة المطهرة في كل شئ ، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا الى ذلك سبيلا .
(3) وحقيقة صوفية : لانهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس ، ونقاء القلب ، والمواظبة على العمل ، والاعراض عن الخلق ، والحب في الله ، والارتباط على الخير .
(4) وهيئة سياسية : لانهم يطالبون باصلاح الحكم في الداخل وتعديل النظر في صلة الامة الاسلامية بغيرها من الامم في الخارج ، وتربية الشعب على العزة والكرامة والحرص على قوميته الى أبعد حد .
(5) وجماعة رياضية : لأنهم يعنون بجسومهم ، ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" ان لبدنك عليك حق " وان تكاليف الاسلام كلها لايمكن أن تؤدى كاملة صحيحة الا بالجسم القوي ، فالصلاة والصوم والحج والزكاة لابد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق ، ولانهم تبعا لذلك يعنون بتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيرا من الاندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها .
(6) ورابطة علمية ثقافية : لان الاسلام يجعل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ، ولان أندية الاخوان هي في الواقع مدارس للتعليم والتثقيف ومعاهد لتربية الجسم والعقل والروح .
(7) وشركة اقتصادية : لان الاسلام يعني بتدبير المال وكسبه من وجهه وهو الذي يقول نبيه صلى الله عليه وسلم :" نعم المال الصالح للرجل الصالح " ويقول : " من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له " ، " ان الله يحب المؤمن المحترف " .
(8) وفكرة اجتماعية : لانهم يعنون بأدواء المجتمع الاسلامي ويحاولون الوصول الى طرق علاجها وشفاء الامة منها .
وهكذا نرى أن شمول معنى الاسلام قد أكسب فكرتنا شمولا لكل مناحي الاصلاح ، ووجه نشاط الاخوان الى كل هذه النواحي ، وهم في الوقت الذي يتجه فيه غيرهم الى ناحية واحدة دون غيرها يتجهون اليها جميعا ويعلمون ان الاسلام يطالبهم بها جميعا .
من رسالة المؤتمر الخامس للامام الشهيد حسن البنا .
ومن هنا كان كثير من مظاهر أعمال الاخوان يبدوا أمام الناس متناقضا وما هو بمتناقض .
فقد يرى الناس الاخ المسلم في المحراب خاشعا متبتلا يبكي ويتذلل ، وبعد قليل يكون هو بعينه واعظا مدرسا يقرع الآذان بزواجر الوعظ ، وبعد قليل تراه نفسه رياضيا أنيقا يرمي بالكرة أو يدرب على العدو أو يمارس السباحة ، وبعد فترة يكون هو بعينه في متجره أو معمله يزاول صناعته في أمانة واخلاص . هذه مظاهر قد يراها الناس متنافرة لا يلتئم بعضها ببعض ، ولو علموا أنها جميعا يجمعها الاسلام ويأمر بها الاسلام ويحض عليها الاسلام لتحققوا فيها مظاهر الالتئام ومعاني الانسجام ، ومع هذا الشمول فقد اجتنب الاخوان كل ما يؤخذ على هذه النواحي من المآخذ ومواطن النقد والتقصير.
كما أجتنبوا التعصب للالقاب اذ جمعهم الاسلام الجامع حول لقب واحد هو ( الاخوان المسلمون)
-----------------------------------------------------------------
من [SIZE="3"]خطاب الامام البنا في المؤتمر الدوري الخامس سنة 1357 هجريا [/SIZE]