مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 18-10-2006, 05:52 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي هاشم محمدعلي المشهداني


عذاب القبر


ملخص الخطبة

1- القبر أول منازل الآخرة. 2- مشروعية زيارة القبور. 3- ماذا يكون في القبر. 4- عذاب القبر في الكتاب والسنة. 5- أسباب عذاب القبر. 6- أسباب النجاة من عذاب القبر. 7- موقف المسلم من عذاب القبر.


الخطبة الأولى

قال تعالى: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون [المؤمنون:99-100].

هذه قولة الكافر عند الاحتضار ثم ما يقوله في قبره في لهفة أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، يقول قتادة رحمه الله: إن الكافر لن يطلب أن يعود إلى مال أو أهل أو ولد إنما يتمنى أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر عندما يرى العذاب، والبرزخ الحاجز بين الدنيا والآخرة، وهي القبور حيث يُنعم المؤمنون ويُعذب الكافرون والعاصون.

فما القبر؟ وما صفته؟ وهل للقبر عذاب؟ وما أسبابه؟ وكيف النجاة منه؟

القبر: أول منازل الآخرة، يكرم فيه المؤمن تهيئة لما ينتظره في الجنة ويعذب فيه الكافر والعاصي تهيئة لما ينتظره في جهنم.

وينبغي أن تعلم:
أن الموت كأس وكل الناس شاربه قال تعالى: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن :26-27]. كل نفس ذائقة الموت [آل عمران:185]. كل شيء هالك إلا وجهه [القصص:88]. فلا منجى ولا مهرب.

إن زيارة القبور مستحبة لقوله : ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة))([1]).

لما فيها من التذكر والاعتبار وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته فسئل عن ذلك وقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي إذا وقفت على قبر؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: ((إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعد أشد))([2]).

يقول ابن القيم رحمه الله: كان النبي إذا زار القبور يزورها للدعاء لأهلها والترحم عليهم والاستغفار لهم ومر يوما بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر))([3]).

كان الربيع بن خثيم قد حفر في داره قبر فكان إذا وجد في قلبه قسوة دخل فيه فاضطجع ثم يصرخ (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) ثم يرد على نفسه: يا ربيع قد رجعت فاعمل، ووقفة على القبور تريك الأعمار المتفاوتة، ومآلك إلى هذه الحفرة الضيقة، فناء هذه الأبدان التي أوليتها اهتمامك، تركك وحيدا فلا زوجة ولا ولد.

وأما صفة القبر: فاعلم أن للقبر:

أ- كلام: للحديث: ((إن الميت يقعد وهو يسمع خطو مشيعيه فلا يكلمه شيء إلا قبره ويقول: ويحك ابن آدم أليس قد حذرتني وحذرت ضيقي ونتني ودودي فماذا أعددت لي؟))([4]).

ب- ضمة: للحديث: ((للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ)) وفي رواية: ((هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه))([5]).

ج- فتنة: اتفق أهل السنة والجماعة على أن كل إنسان يسئل بعد موته قبر أم لم يقبر فلو أكلته السباع أو صار رمادا لسئل عن أعماله وجزي بالخير خيرا وبالشر شرا: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع خفق نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله قال: فيقول: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، وأما الكافر والمنافق فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقولان: لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين))([6]).

وأما هل للقبر عذاب؟: فإن عذاب القبر ثابت في الكتاب والسنة.

من الكتاب

1- قال تعالى: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون [السجدة:21]. قال ابن عباس: جزء منه في الدنيا والنصيب الأكبر منه في القبر والعذاب الأكبر هو عذاب جهنم، قال مجاهد: يعني به عذاب القبر.

2- قوله تعالى: وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر:45-46].

قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبر([7]). حيث أثبت سبحانه لآل فرعون عذابا في الليل والنهار ويوم تقوم الساعة ينتقلون إلى العذاب الأكبر في جهنم.

قوله تعالى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [الأنعام:93]. فالأمر لا يتأخر إلى انقضاء الدنيا فهم يعذبون قبل قيام الساعة الكبرى وهو عذاب القبر.

ب- ومن الحديث:

حديث: ((القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار))([8]).

((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يريكم عذاب القبر فقالت أم بشر: وهل للقبر عذاب؟ فقال: : إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم))([9]).

ومن دعائه وبعد التشهد الأخير: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال))([10]).

ما هي أسباب عذاب القبر:

1- التهاون في الطهارة وسوء الخلق: للحديث: ((إن النبي مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة))([11]).

النميمة نقل الكلام للإفساد بين الناس والتنزه هو الاستبراء والتطهر للحديث: ((تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه))([12]).

2- التهاون في الوضوء وتركه نصرة أخيه المظلوم للحديث: ((أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة فما زال يسأل الله عز وجل حتى صارت جلده فلما ضرب اشتعل عليه قبره نارا فلما أفاق قال: علام جلدتموني؟، فقيل له: إنك صليت صلاة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره))([13]).

وأمة الإسلام واقعة في هذا الإثم فكم من مستصرخ أو مستنجد تستباح أرضهم وأعراضهم وأمة الإسلام لاهية سادرة في عبثها ولهوها.

3- أو جريمة كالسرقة: كان رجل يقال له كركرة على متاع رسوله فمات فقال النبي : ((هو في النار وإن الشملة تشتعل عليه نارا في قبره)) فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها))([14]). والغلول: السرقة من الغنيمة. والشملة: هي الكساء من الصوف يتغطى به.

يقول ابن القيم رحمه الله: فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات([15]).

وأما أسباب النجاة من عذاب القبر:

1- أعظم أسباب النجاة من عذاب القبر هي الشهادة في سبيل الله فنسأل الله أن يبلغنا إياها بمنه وكرمه أمين.

سئل رسول الله : ((ما بال الشهداء لا يفتنون في قبورهم؟ فقال: كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة))([16]).ويقول: ((إن للشهيد عند الله سبع خصال: أن يغفر له من أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه))([17]).

2- المداومة على قراءة سورة تبارك للحديث: ((إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له))([18]).

3- الأعمال الصالحة الخالصة: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولوا مدبرين فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتي عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان: ما قبلي مدخل))([19]).

4- أن يموت يوم الجمعة أو ليلتها: للحديث: ((من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء))([20]).

5- المرابط في سبيل الله: للحديث: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان))([21]).

6- أن يحاسب العبد نفسه ويجدد توبته قبل النوم، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن أنفع الأسباب المنجية من عذاب القبر أن يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحا، ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته تلك مات على توبة وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخر أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته([22]).

ولا سيما إذا أعقب ذلك استعمال السنن عند النوم.

7- الدعاء للميت والاستغفار والصدقة عنه ووفاء ديونه وقضاء ما قصر فيه من حج فإنه له نفع للأحاديث: ((كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل))([23]).

أن رجلا أتى النبي فقال: ((يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها (فاجأها الموت) ولم توص واظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم))([24]).

وأما موقف المسلم:

الإيمان المطلق والتصديق الذي لا شك فيه فالله ربنا ونحن عبيده، ورسول الله نبينا ونحن أتباعه وصدق الله العظيم: ومن أصدق من الله حديثا [النساء:87]. وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4].

إن عذب القبر ونعيمه غيب كما أن الجنة والنار والملائكة غيب ومن سمات المؤمنين قال تعالى: الذين يؤمنون بالغيب [البقرة:3].

إن للنفس أربع دور كل دار أعظم من التي قبلها.

الأولى (في بطن الأم) حيث يتخلق فيه وتنفخ فيه الروح.

الثانية (دار الدنيا) وفيها يكتسب العبد الحسنات والسيئات.

الثالثة (دار البرزخ) وهي أوسع ونسبتها إليه كنسبة هذه الدار إلى الأولى.

الرابعة (دار القرار) وهي الجنة أو النار فلا دار بعدها

فتبارك الله أحسن الخالقين
[المؤمنون:14].


--------------------------------------------------------------------------------

([1])أحمد ومسلم . ([2])الترمذي وحسنة وابن ماجة . ([3])رواه الترمذي . ([4])ابن أبي الدنيا ورجاله ثقات . ([5])رواه النسائي . ([6])رواه الشيخان . ([7])ابن كثير مجلد3 ص246. ([8]) الترمذي . ([9])رواه مسلم . ([10])رواه مسلم . ([11])البخاري . ([12]) الدار قطني . ([13])الطبراني . ([14])البخاري ومالك . ([15])الروح ص112-113. ([16])النسائي . ([17])أحمد والطبراني . ([18])أبو داود والترمذي . ([19])الطبراني في الأوسط وابن حيان في صحيحه . ([20])رواه أحمد والترمذي . ([21])رواه مسلم . ([22])الروح / ابن القيم ص 115. ([23])أبو داود وقال الحاكم صحيح الإسناد . ([24])رواه الشيخان .
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #2  
قديم 03-05-2007, 03:40 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى التوحيد، الساعي بالنصح للقريب والبعيد، المحذر للعصاة من نار تلظى بدوام الوقيد، المبشر للمؤمنين بدار لا ينفذ نعيمها ولا يبيد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، صلاة لا تزال على كرر الجد يدين في تجديد، وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد فإن الله جل جلاله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه، ويخافوه خوف الإجلال والتعظيم.
وذكر جل وعلا شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن نبذ أمره وعصاه ليتقوه بصالح الأعمال.
ودعا عباده إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه وياباه.
وبعد فقد عزمت إن شاء الله تعالى أن أجمع من كلام الله جل جلاله وتقدست أسماؤه، ومن كلام رسوله ومن كلام أهل العلم، ما يحثني وإخواني المسلمين على التأهب والاستعداد لما أمامنا، من الكروب والشدائد والأهوال والأمور العظائم والمزعجات المقلقات الصعاب.
وسميت هذا الكتاب "اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات".
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفعنا به وإخواننا المسلمين إنه القادر على ذلك وصلى الله على محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.


(فصل)
تكلم أحد العلماء في صفة يوم القيامة ودواهيه وأساميه فقال: فاستعد يا مسكين لهذا اليوم العظيم شأنه المديد زمانه القاهر سلطانه القريب أوانه يوم ترى السماء فيه قد انفطرت، والكواكب قد انتثرت، والبحار قد سجرت، والنجوم قد انكدرت، والشمس قد كورت، والجبال قد سيرت، والعشار قد عطلت، والوحوش قد حشرت، والنفوس قد زوجت، والجحيم قد سعرت، والجنة قد أزلفت، والجبال قد نسفت، والأرض قد مدت.
يوم ترى الأرض فيه قد زلزلت زلزالها، يوم فيه تخرج الأرض أثقالها، وتحدث أخبارها يومئذ يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم، يوم تحمل الأرض والجبال فدكتا دكةً واحدة.
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ.
يومٌ فيه تسير الجبال وترى الأرض بارزة، يوم ترج فيه الأرض رجًا، وتبس فيه الجبال بسًا، فكانت هباءًا منبثًا، يوم يكون فيه الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المفنوش.
يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حملٍ حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار.
يوم تنسف الجبال فيه نسفًا فتترك قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا، يوم ترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، يوم تنشق فيه السماء فتكون وردةً كالدهان، فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جان يوم فيه يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام، يوم تعلم فيه كل نفسٍ ما أحضرت، يوم تنطق فيه الجوارح.
يوم شيب ذكره سيد المرسلين إذا قال له الصديق أراك قد شبت يا رسول الله : "شيبتني هود وأخواتها" وهي الواقعة والمرسلات وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت.

قال ابن القيم رحمه الله في ذكر بعض أهوال يوم القيامة:
وَتَحَدِّثُ الأرضُ التِيْ كُنَّا بهَا ** وتَظلُ تَشْهَدُ وهْيَ عَدْلٌ بالذي
وتُمَدُّ أيضًا مِثْلُ مَدِّ أدِيْمِنَا ** وَتَقْيءُ يومَ العَرضِ مِن أكبادِهَا
كلُ يَراهُ بعَيْنِهِ وعِيَانِهِ ** وكذا الجِبالُ تُفَتُ فَتًا مُحْكَمًا
وتَكُونُ كالعِهْنِ الذي ألوانُهُ ** وتُبَسُ بَسًا مِثْلَ ذاكَ فَتَنْثَنِي
وكَذَا البِحَارُ فإنَّها مَسْجُورةٌ ** وكَذَا لِكِ القَمَرَان يَأْذَنُ ربُنَا
هَذِيْ مُكَوَّرةٌ وَهَذا خَاسِفٌ ** وكَوَاكِب الأَفْلاكِ تُنْثَرُ كُلُّهَا
وكَذَا السَّمَاءُ تُشَقُ شَقًا ظاهِرًا ** أخْبَارَهَا في الحَشْرِ لِلرَّحمنِ
مِن فَوقِها قد أحَدَثَ الثَّقلانِ ** مِن غيرِ أوْدِيةٍ ولا كُثْبَانِ
كالأصْطِوَانِ نَفَائِسَ الأثْمَانِ ** ما لامِرْئٍ بالأخذِ منه يَدَانِ
فَتَعُودُ مِثْلَ الرَّمْلِ ذِي الكُثْبَانِ ** وصِبَاغُه مِن سَائِر الألْوَانِ
مِثْلَ الهَبَاءِ لِنَاظِرِ الإِنْسانِ ** قد فُجرتْ تَفْجِيرَ ذِي السُلطَانِ
لَهُمَا فَيَجْتَمِعَانِ يَلْتَقِيَانِ ** وكِلاَهُمَا في النَارِ مطْرُوحَانِ
كَلالِئٍ نُثِرَتْ عَلى مَيْدَانِ ** وتَمُورُ أيضًا أَيَّمَا مَوَرَانِ


وتصير بعد الانشقاق كمثل هذا المهل أو تكُ وردةً كالدهان

وقال القحطاني رحمه الله:
يَوْمُ القِيَامَةِ لَوْ عَلِمْتَ بِهَوْلِهِ ** يَوْمٌ تَشَقَّقَتِ السَّمَاءُ لِهَولِهِ
يَوْمٌ عَبُوْسٌ قَمْطَريْرٌ شَرُهُ ** يَوْمَ يَجِيءُ المُتَقُونَ لِرَبهم
ويَجِيءُ فِيه المُجْرِمُونَ إِلى لَظَى ** لَفَرَرْتَ مِن أهْلٍ ومِن أوْطَانِ
وتشيبُ مِنه مَفَارِقُ الوِلَدَانِ ** في الخَلْقِ مُنْتَشِرٌ عَظِيْم الشَّأنِ
وَفْدًا عَلَى نُجُبٍ مِن العِقْيَانِ ** يَتَلَمَّظُونَ تَلَمُظَ العَطْشَانِ
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #3  
قديم 03-05-2007, 03:42 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي


"موعظة"
فيا أيها المهملون الغافلون تيقظوا فإليكم يوجه الخطاب ويا أيها النائمون انتبهوا قبل أن تناخ للرحيل الركاب قبل هجوم هادم اللذات ومفرق الجماعات ومذل الرقاب، ومشتت الأحباب، فيا له من زائر لا يعوقه عائق ولا يضرب دونه حجاب، ويا له من نازل لا يستأذن على الملوك ولا يلج من الأبواب، ولا يرحم صغيرًا ولا يوقر كبيرًا ولا يخاف عظيمًا ولا يهاب ألا وإن بعده ما هو أعظم منه من السؤال والجواب، ووراءه هول البعث والحشر وأحواله الصعاب من طول المقام والازدحام في الأجسام والميزان والصراط والحساب والجنة أو النار.
اللهم انظمنا في سلك الفائزين برضوانك، واجعلنا من المتقين الذين أعددت لهم فسيح جناتك، وأدخلنا برحمتك في دار أمانك، وعافنا يا مولانا في الدنيا والآخرة من جميع البلايا، وأجزل لنا من مواهب فضلك وهباتك ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #4  
قديم 03-05-2007, 03:50 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

اعلم وفقنا الله وإياك أن الموت أعاننا الله وإياك وجميع المسلمين على شدائده وسكراته وغمومه هو الخطب الأفظع، والأمر الأشنع، والكأس التي طعمها أكره وأبشع.
وإنه الحادث الهائل العظيم، الهادم للذات، والأقطع للراحات، والأجلب للكريهات، وإن أمرًا يقطع أوصالك، ويفرق أعضاءك، ويفتت أعضادك، ويهدد أركانك، لهو الأمر العظيم، والخطب الجسيم، وإن يومه لهو اليوم العقيم.
وما ظنك رحمك الله بنازل ينزل بك، فيذهب رونقك وبهاءك، ويغير منظرك وحسنك ويمحو صورة جمالك، ويمنعك من اجتماعك واتصالك.
ويردك بعد النعمة والنظرة والسطوة والقدرة والنخوة والعزة إلى حالة يبادر أحب الناس لك وأرحمهم بك وأعطفهم عليك فيقذفك في حفرة من الأرض قريبة أنحاؤها مظلمة أرجاؤها محكم عليك طينها وأحجارها متحكم فيك هوامها وديدانها.
ثم بعد ذلك يتمكن منك الإعدام، وتختلط بالرغام، وتصير ترابا توطؤ بالأقدام، وربما ضرب منك إناء فخار أو أحكم منك بناء جدار أو طلي منك محبس ماء أمو موقد نار.
أو نحو ذلك.
لَعَلَّ إِنَاءً مِنْهُ يُصْنَعُ مِرَّةً ** ويُنقَل مِن أرَضٍ لأخْرى وما دَرى
فَيَكْلُ مِنْ أَرَادَ ويُشرَبُ ** فواهَا لَهُ بَعْدَ البلا يَتَغَرَّبُ


ثم اعلم وفقنا الله وإياك للاستعداد لما أمامنا من الأهوال والشدائد والكروب والأمور المزعجات.
أنه جدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه، والدود أنيسه ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده.
أن لا يكون له فكر إلا في الموت، ولا ذكر إلا له، ولا استعداد إلا لأجله، ولا تدبير إلا فيه، ولا تطلع إلا إليه، ولا تأهب إلا له، ولا تعريج إلا عليه، ولا اهتمام إلا به، ولا انتظار ولا تربص إلا له.
وحقيق بالعاقل أن يعد نفسه من الموتى ويراها من أصحاب القبور، فإن كل ما هو آت قريب قال الله جل وعلا: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ وقال تبارك وتعالى: أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ وقال صلى الله عليه و سلم : "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" الحديث.
واعلم أنه لو لم يكن في الموت إلا الإعدام وانحلال الأجسام ونسيانك أخرى الليالي والأيام، لكان والله لأهل اللذات مكدرًا، ولأصحاب النعيم منغصًا ومغيرًا، ولأرباب العقول الراجحة عن الرغبة في هذه الدار زاجرًا ومنفرًا، وللمنهمك في الدنيا وزخارفها منذرًا ومزعجا ومخدرًا.
قال مطرف بن الشخير: إن هذا الموت نغص على أهل النعيم نعيمهم، فاطلبوا نعيما لا موت فيه، فكيف ووراءه يوم يعد فيه الجواب وتدهش فيه الألباب، وتفنى في شرحه الأقلام والكتاب.

وَلَمْ يَمْرُرْ بِهِ يَوْمٌ فَظِيْعٌ ** ويَوْمُ الحَشْرِ أفْظَعُ منهُ هَوْلاً
فكَمْ مِنْ ظَالمٍ يَبْقَى ذَلْيلاً ** وشخْصٍ كانَ في الدُّنْيَا فَقْيرًا
وعَفْوُ اللهِ أوْسَعُ كُلِّ شيءٍ ** أَشَدَّ عَلَيهِ مِنْ يَوْمِ الحِمَامِ
إذا وَقَفَ الخلائق بالمَقَامِ ** ومَظْلُومٍ تَشَمَّرَ لِلْخِصَامِ
تَبَوَّأَ مَنْزِلَ النُّجْبِ الكِرَامِ ** تَعَالَى اللهُ خَلاقُ الأَنَامِ


ومن كلام بعضهم يا ابن آدم لو رأيت ما حل بك وما أحاط بأرجائك لبقيت مصروعًا لما بك، مذهولاً عن أهلك وأصحابك.
يا ابن آدم أما علمت أن بين يديك يومًا يصم سماعه الآذان، ويشيب لروعه الولدان، ويترك فيه ما عز وما هان، ويهجر له الأهلون والأوطان.
يا ابن آدم أما ترى مسير الأيام بجسمك، وذهابها بعمرك، وإخراجها لك من سعة قصرك إلى مضيق قبرك، وبعد ذلك ما لذكر بعضه تتصدع القلوب، وتنضج له الجوانح وتذوب، ويفر المرء على وجهه فلا يرجع ولا يؤوب، ويود الرجعة وأنى له المطلوب.


قال الله جل وعلا وتقدس: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وقال تبارك وتعالى: أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)‏ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، وقال تبارك وتعالى: هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وقال عز من قائل: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ، وقال:أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ وقال: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)‏ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي، وقال تبارك وتعالى: فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى، وقال تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا، وقال تعالى: وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ، وقال جل وعلا:وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ، وقال تبارك وتعالى:وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ.


لأَمْرِ ما تَصَدَّعَتِ القُلُوبُ ** وَبَاتَتْ في الجَوانِحِ نَارُ ذِكْرَى
وَمَا خَفَّ اللَّبِيْبُ لِغَيْر شيءٍ ** ذَرَاهُ لائِمَاهُ فَلا تَلُوْمَا
رَأَىَ الأيَّامَ قَدْ مَرَّتْ عَلَيهِ ** وَمَا نَفَسٌ يَمُرُّ عَلَيه إِلا
وَبَيْنَ يَدَيْهَ لَوْ يَدْرِي مَقَامٌ ** وَهَذَا الموتُ يِدُنِيْهِ إِليٍهِ
مَقَامٌ تُسْتَلذُ بِهِ المنَايَا ** وماذا الوَصْفُ بَالِغُهُ ولَكِنْ
وَبَاحَ بِسِرِّهَا دَمْعٌ سَكِيْبُ ** لَهَا مِن خَارِجٍ أَثَرٌ عَجِيْبُ
ولا أَعْيَا بِمَنْطِقِهِ الأرِيْبُ ** فَرُبَّتَ لأئِمٍ فِيْهِ يَحُوْبُ
مُرُوْرَ الرِيْحِ يَدْفَعُهَا الهَبُوْبُ ** ومِنْ جُتْمانِهِ فِيْهِ نَصِيْبُ
بِهِ الِولْدَانُ مِنْ رَوْعِ تَشِيْبُ ** كَمَا يُدْني إِلَى الهَرَمِ المشَيْبُ
وتُدْعَى فِيْهِ لَوْ كَانَتْ تُجِيْبُ ** هِيَ الأمَثالُ يَفْهَمُهَا اللَّبِيْبُ


اللهم ألهمنا ذكرك ووفقنا للقيام بحقك وبارك لنا في الحلال من رزقك ولا فتضحنا بين خلقك يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج يا قاضي الحاجات ومجيب الدعوات هب لنا ما سألناه وحقق رجاءنا فيما تمنيناه يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ما في ضمائر الصامتين أذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #5  
قديم 03-05-2007, 03:55 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

موعظة
الحمد لله المستحق لغاية التحميد، المتوحد في كبريائه وعظمته الولي الحميد، الغني المغني المبدئ المعيد، المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه ولا يبيد، المانع فلا معطي لما منع ولا راد لما يريد.
خلق الخلائق وأوضح لهم أحسن طريق، وهداهم إلى الأمر الرشيد، وصورهم فأحسن صورهم، وبشر من أطاعه بالجنة والنعيم والتخليد، وحذر من عصاه من العذاب الشديد.
وحثهم على ذكره وحمده وشكره ووعدهم بالمزيد، فقال جل وعلا وهو أصدق القائلين وأوفى الواعدين: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ.
وحكم على خلقة بالفناء فما لأحد عنه محيص ولا محيد، فكم أبكي الموت خليلاً بفراق خليله، وكم أيتم طفلاً فشغله ببكائه وعويله.
أوحش المنازل من أقمارها، ونفر الطيور من أوكارها، وعوضهم من لذة العيش بالتنغيص والتنكيد.
فالملك والمملوك والغني والصعلوك والقوي والضعيف، تساوت قبورهم في القفر والبيد.
فسبحانه من إله أذل بالموت كل جبارٍ عنيد، وكسر به من الأكاسرة كل جبارٍ صنديد، وأخرجوا من سعة القصور إلى ضيق القبور، وقطع حبل أمدهم المديد.
أخذ به الأباء والجدود والأطفال من المهود، وأسكنهم بعد اللين والسعة والرفاهية مضيق اللحود، وعفر وجوههم في التراب بعد لين الوسائد والفرش الناعمة والتمهيد وبقوا في تحت الأرض إلى يوم الوعيد.
فيا بؤس للدنيا شد ما عن ثديها فطمتهم ومن سمها أطعمتهم وبيدها الباطشة لطمتهم، وفي ظلمات الأرض وغيابات الثرى طرحتهم، فقلبت قائم تلك الأعيان، وطمست تلك الوجوه الحسان.
وأعمت تلك الأبصار، وأصمت تلك الآذان، وأسالت الحدق على الخدود والوجنات، وغسلت بالصديد جميل القسمات، وملأت بالتراب اللهازم واللهوات.
وكسرت تلك الضواحك والربعيات، وعبثت الديدان بجسوم أولئك الفتيان والفتيات، لطالما أغربوا ضاحكين، وتقلبوا فاكهين، وباتوا على سررهم مطمئنين آمنين.
فكم بها من لسانٍ فصيح، طالما ما أنشد وخطب، وأرهب وأرغب، ومدح وأطنب، وكم من فصيح لسان وعظيم بيان أخرسه الحدثان، وتحكمت في جسده الهوام والديدان.

وَلَو كَشَفَ الأجْدَاثَ مُعْتَبِرًا لَهُمْ ** لَشَاهَدَ أحْدَاقًا تَسِيْل وَأوْجُهًا
غَدَتْ تَحْتَ أَطْبَاق الثّرَى مُكْفَهِرَّةً ** فَلَمْ يُعْرَفِ المَوْلَى مِنَ العَبْدِ فِيْهِم
وَأَنَّى لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ بَعْدَمَا ** رَأَى مَا يَسُوءُ الطّرْفَ مِنْهُمْ وَطَالَمَا
رَأَى أَعْظُمًا لا تَسْتَطِيْعُ تَمَاسُكًا ** مُجَرَّدَةً مِنْ لَحْمِهَا فَهِيَ عِبْرَةٌ
تَخَوَّنَها مَرُّ اللَّيَالِي فَأَصْبَحَتْ ** أُزِيْلَتْ عَنِ الأَعْنَاقِ فَهِيَ نَوَاكِسٌ
عَلاهَا ظَلامٌ لِلْبِلَى وَلَطَالَمَا ** كَأنَ لَمْ يَكُنْ يَوْمًا عَلا مَفْرقًا لَهَا
تَبَاعَدَ عَنْهُمْ وَحْشَةً كُلُّ وَامِقٍ ** وَقَاطَعَهُمْ مَنْ كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ
يُبَكِّيْهِمْ الاًعْدَاءُ مِنْ سُوءِ حَالِهِمْ ** فَقُلْ لِلّذِي قَدْ غَرَّهُ طُوْلُ عُمْرِهِ
أَفِقْ وَانْظُرِ الدُّنْيَا بِعَيْنِ بَصِيْرَةٍ ** فَأَيْنَ المُلُوكُ الصَّيْدُ قِدْمًا وَمَنْ حَوَى
حَوَاهُ ضَرِيْح مِنْ فَضَاءِ بسِيْطِهَا ** فَكَمْ مَلِكٍ أَضْحَى بِهَاذَا مَذَلَّةٍ
يَقُودُ عَلَى الخَيْلِ العِتَاقِ فَوَارِسًا ** فَأصْبَحَ مِنْ بَعْدِ التَّنَعُّمِ في ثَرَى
بَعِيْدًا عَلَى قُرْبِ المَزَارِ إِيابُهُ ** غَرِيْبًا عَنِ الأَحْبَابِ والأَهْلِ ثَاوِيًا
تُلِحُّ عَلَيْهِ السّافِيَاتُ بِمَنْزِلٍ ** رَهِيْنًا بِهِ لا يَمْلِكُ الدّهْرَ رَجْعَةً
تَوَسَّدَ فِيْهِ التُّرْبَ مِنْ بَعْدِ مَا اغْتَدَى ** كَذَلِكَ حُكْمُ الله في الخَلْقِ لَنْ تَرَى
لِيَنْظُرَ آثارَ البلا كَيْفَ يَصْنَعُ ** مُعَفَّرَةً في التُّرْبِ شُوْهًا تُفَزعُ
عَبُوْسًا وَقَدْ كَانَتْ مِنَ الِبَشْرِ تَلْمَعُ ** وَلا خَامِلاً مِنَ نَابِهٍ يَتَرَفَّعُ
تَبَيّنَ مِنْهُمْ مَا لَهُ العَيْنُ تَدْمَعُ ** رَأى مَا يَسُرُّ النّاظِرِيْنَ وَيُمْتِعُ
تَهَافَتَ مِنْ أَوْصَالِهَا وَتَقَطَّعُ ** لِذِيْ فِكْرَةٍ فِيْمَا لَهُ يَتَوقَّعُ
أَنَابِيْبَ مِنْ أَجْوَافِهَا الرِّيْحُ تُسْمَعُ ** عَلى التُّرْبِ مِنْ بَعدْ الوَسَائِدِ تُرْفَعُ
غَدَا نُورُهَا في حِنْدِسِ الظُّلْمِ يَلْمَعُ ** نَفَائِسُ تِيْجَانٍ وُدُرٍ مُرَصَّعُ
وَعَافَهُمُ الأَهْلُونَ والنَّاسُ أَجْمَعُ ** بِوَصْلِهِمُ وِجْدًا بِهِمْ لَيْسَ يطْمَعُ
وَيَرْحَمَهُمْ مَنْ كَانَ ضِدًا وَيَجْزَعُ ** وَمَا قَدْ حَوَاهُ مِنْ زَخَارِفَ تَخْدَعُ
تَجِدْ كُلَّ مَا فِيْهَا وَدَائِعَ تَرْجِعُ ** مِنَ الأَرْضِ مَا كَانَتْ بِهِ الشَّمْسُ تَطْلَعُ
يُقَصِّرُ عَنْ جُثْمَانِهِ حِيْنَ يُذْرَعُ ** وَقَدْ كَانَ حَيًَّا لِلْمَهَابَةِ يُتْبَعُ
يَسُدُّ بِهَا رَحْبَ الفَيَافِي وَيُتْرِعُ ** تُوَرِي عِظَامًا مِنْهُ بَهْمَاءُ بَلْقَعُ
فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى القِيَامَة مَرْجِعُ ** بأقْصَى فَلاةٍ خَرْقُهُ لَيْسَ يُرْقَعُ
جَدِيْبٍ وَقَدْ كَانَتْ بِهِ الأرْضُ تُمْرِعُ ** وَلا يَسْتَطِيْعَنَّ الكَلامَ فَيسْمَعُ
زمَانًا عَلَى فُرُشٍ مِنَ الخَزِّ يُرْفَعُ ** مِنَ النَّاسِ حَيًّا شَمْلهُ لَيْسَ يُصْدَعُ

اللهم انهج بنا مناهج المفلحين وألبسنا خلع الإيمان واليقين، وخصنا منك بالتوفيق المبين، ووفقنا لقول الحق وإتباعه وخلصنا من الباطل وابتداعه، وكن لنا مؤيدًا ولا تجعل لفاجر علينا يدًا واجعل لنا عيشًا رغدًا ولا تشمت بنا عدوًا ولا حاسدًا، وارزقنا علمًا نافعًا وعملاً متقبلاً، وفهمًا ذكيًا وطبعًا صفيًا وشفعًا من كل داء، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم آمين
اللهم آمين
اللهم آمين



يتبع إن شاء الله
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #6  
قديم 07-06-2007, 06:56 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

وقال رحمه الله:
اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن كثرة ذكر الموت تردع عن المعاصي وتلين القلب القاسي، وتذهب الفرح بالدنيا وزينتها وزخارفها ولذاتها.
وتحثك على الجد والاجتهاد في الطاعات وإصلاح أحوالك وشؤنك والتنسخ من حقوق الله وحقوق خلقه، وتنفيذ الوصايا وأداء الأمانات والديون.
قال بعضهم فضح الدنيا والله هذا الموت فلم يترك فيها لذي عقلٍ فرحًا.
وقال آخر ما رأيت عاقلاً قط إلا وجدته حذرًا من الموت حزينًا من أجله.
وقال آخر من ذكر الموت هانت عليه مصائب الدنيا.
وقال آخر: من لم يخفه في هذه الدار ربما تمناه في الآخرة فلا يؤتاه.
وقال آخر يوصي أخًا له: يا أخي احذر الموت في هذه الدار من قبل أن تصير إلى دارٍ تتمنى بها الموت فلا يوجد.
وقال آخر: وأما ذكر الموت والتفكر فيه، فإنه وإن كان أمرًا مقدرًا مفروغًا منه، فإنه يكسبك بتوفيق الله التجافي عن دار الغرور، والاستعداد والإنابة إلى دار الخلود، والتفكر والنظر فيما تقدم عليه وفيما يصير أمرك إليه.
ويهون عليك مصائب الدنيا ويصغر عندك نوائبها، فإن كان سبب موتك سهلاً وأمره قريبا فهو ذاك، وإن كانت الأخرى كنت مأجورًا مع النية الصالحة فيما تقاسيه، مثابًا على ما تتحمله من المشاق.
واعلم أن ذكر الموت وغيره من الأذكار إنما يكون بالقلب وإقبالك على ما تذكره. قال الله جل جلاله وتقدست أسماؤه: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ فأي فائدةٍ لك رحمك الله في تحريك لسانك إذا لم يخطر بقلبك.
وإنما مثل الذكر الذي يعقب التنبيه، ويكون معه النفع والإيقاظ من الغفلة والنوم أن تحضر المذكور قلبك وتجمع له ذهنك وتجعله نصب عينيك ومثالاً خاطرًا بين يديك، وأن تنظر إلى كل ما تحبه من الدنيا من ولد أو أهل أو مال أو غير ذلك، فتعلم علما لا يشوبه شك أنك مفارقه إما في الحياة أو في الممات، وهذه سنة الله الجارية في خلقه وحكمه المطرد.
وتشعر هذا قلبك وتفرغ له نفسك فتمنعها بذلك عن الميل إلى ذلك المحبوب والتعلق به والهلكة بسببه.

فَعُقْبَى كُلِّ شيءٍ نَحْنُ فيهِ *** وَمَا حُزْنَاهُ مِن حِلٍّ وَحُرْمٍ
وفِيْمَنْ لَمِ نُؤَهِّلْهُمْ بِفَلسٍ *** وتَنْسَانا الأَحِبَّةُ بَعْدَ عَشْرٍ
كَأنّالَمْ نُعَاشِرْهُمْ بِوُدٍّ *** مِن الجَمْعِ الكثيِف إِلَى شَتَاتِ
يُوَزَّعُ في البَنِيْنِ وفي البَنَاتِ *** وقِيْمَةِ حَبّةٍٍ قَبْلَ المَمَاتِ
وَقَدْ صِرْنا عِظامًا بَالَياتِ *** ولَمْ يَكُ فيهِمُ خِلٌّ مُؤاتِ


واعلم رحمك الله أن مما يعينك على الفكرة في الموت ويفرغك له ويكثر اشتغال فكرك به تذكر من مضى من إخوانك وخلانك وأصحابك وأقرانك وزملائك وأساتذتك ومشايختك الذين مضوا قبلك وتقدموا أمامك.
كانوا يحرصون حرصك ويسعون سعيك، ويأملون أملك، ويعملون في هذه الدنيا عملك وقصت المنون أعناقهم وقصمت ظهورهم وأصلابهم، وفجعت فيهم أهليهم وأحباءهم وأقرباءهم وجيرانهم فأصبحوا آية للمتوسمين وعبرة للمعتبرين.
ويتذكر أيضا ما كانوا عليه من الاعتناء بالملابس ونضافتها ونضرة بشرتهم، وما كانوا يسحبونه من أردية الشباب وأنهم كانوا في نعيم يتقلبون، وعلى الأسرة يتكئون، وبما شاؤا من محابهم يتنعمون.
وفي أمانيهم يقومون ويقعدون، لا يفكرون بالزوال، ولا يهمون بانتقال، ولا يخطر الموت لهم على بال، قد خدعتهم الدنيا بزخارفها، وخلبتهم وخدعتهم برونقها، وحدثتهم بأحاديثها الكاذبة، ووعدتهم بمواعيدها المخلفة الغرارة.
فلم تزل تقرب لهم بعيدًا، وترفع لهم مشيدها، وتلبسهم غضها وجديدها، حتى إذا تمكنت منهم علائقها، وتحكمت فيهم رواشقها، وتكشفت لهم حقائقها، ورمقتهم المنية روامقها.
فوثبت عليهم وثبة الحنق وأغصتهم غصة الشرق، وقتلتهم قتلة المختنق، فكم عليهم من عيونٍ باكية، ودموعٍ جارية، وخدودٍ دامية، وقلوبٍ من الفرح والسرور لفقدهم خالية. وأنشدوا في هذا المعنى:

ورَيَّانَ مِن مَاء الشَّبَابِ إذا مَشَى *** عَلَّقَ مِن دُنْيَاهُ إذْ عَرَضَتْ لَهْ
فأصْبَحَ منها في حَصِيْدٍ وقائِم *** خَلا بالأمانِي واسْتَطَابَ حَدِيْثَها
وأدْنَتْ لَهُ الأشَيَاءَ وَهْيَ بَعَيْدةُ *** أُتِيْحَتْ لَهُ مِن جَانِب الموتِ رَمْيَةٌ
وصَارَ هَشِيْمًا بَعدَمَا كانَ يانِعًا *** كأَنْ لَمْ يَنَلْ يَوْمًا مَن الدَّهْرِ لَذَّةً
تَبَارَكَ مَن يُجْرِيْ عَلى الخَلْقِ حُكْمَهُ *** يَمِيْدُ عَلَى حُكْم الصِّبَا ويَمِيْدُ
خَلُوبًا لأَلْبابِ الرجال تَصِيْدُ *** ولِلْمَرْءِ منها قائمٌ وحَصِيْدُ
فَيَنْقُصُ مِن أطْماعِهِ ويَزِيْدُ *** وتَفْعَلُ تُدْنِي الشيءَ وهْوَ بَعْيدُ
فَرَاحَ بها المَغْرُوْرُ وهْوَ حَصِيْدُ *** وعَادَ حَدِيْثًا يَقْضِيْ وَيَبِيْدُ
ولا طَلَعَتْ فيه عَلَيْه سُعُوْدُ *** فَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْهُ عنه مَحِيْدُ


اللهم وفقنا لصالح الأعمال، ونجنا من جميع الأهوال، وأمنا من الفزع الأكبر يوم الرجف والزلزال، واغفر لنا ولوالدينا، ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.

__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
  #7  
قديم 07-06-2007, 07:02 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

واعلموا رحمكم الله أن الناس في ذكر الموت على أقسام فمنهم المنهمك في لذاته المثابر على شهواته، المضيع فيها ما لا يرجع من أوقاته، لا يخطر الموت له على بال، ولا يحدث نفسه بزوال، واتخذ إلهه هواه، فأصمه وأعماه وأهلكه وأرداه.
فإن ذكر له الموت نفر وشرد، وإن وعظ أنف وبعد، وقام في أمره الأول وقعد، قد حاد عن سواء نهجه، ونكب عن الطريق الصحيح، وأقبل على بطنه وفرجه، تبت يداه وخاب مسعاه.
وكأنه لم يسمع قول الله جل جلاله: كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وقوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ
وهذا وأمثاله إن ذكر له الموت تصامم عن ذكره كأن لم يسمع ولم يمكنه من فكره رجاء أن يبلغ ما أمل أو يدرك بعض ما تخيل فعمره ينقص، وحرصه يزيد، وجسمه يخلق ويضعف، وأمله جديد، وحتفه قريب.
يحرص حرص مقيم ويسير إلى الآخرة سير مجد كأن الدنيا عنده حق اليقين والآخرة ظن من الظنون.

أَتَحْرِصُ يَا ابْنَ آدَمَ حِرْصَ باقٍ *** وتَعْمَلُ طُوْلَ دَهْرِكَ في ظُنُونٍ
وأنْتَ تَسِيْرُ وَيْحَكَ كُلَّ حِيْنِ *** وأنْتَ مِن المنُونِ على يَقِيْ
نِ

وقسم آخر وقليل ما هم من أزيل عن عينيه قذاها، وكشف عن بصيرته عماها، وعرضت عليه الحقيقة فرآها، وأبصر نفسه وهواها، فزجرها ونهاها وأبغضها وقلاها.
فلبى المنادي، وأجاب الداعي، وشمر لتلافي ما فات، والنظر فيما هو آت، وتأهب لهجوم هادت اللذات، ومفرق الجماعات، واستعد لحلول الشتات والانتقال إلى محلة الأموات.
ومع هذا فهو يكره أن يشهد وقائعه أو يرى طلائعه وليس يكره الموت لذاته ولا لأنه هادم للذاته، ولكنه يخاف أن يقطعه عن الاستعداد ليوم المعاد، والاكتساب ليوم الحساب.
ويكره أن تطوى صحيفة عمله قبل بلوغ أمله، وأن يبادر بأجله قبل إصلاح خلله، وتدارك ذلـله، فهو يريد البقاء في هذه الدار لقضاء هذه الأوطار والإقامة بهذه المحلة بسبب هذه العلة.

أهْون بِدَارِكم الدُنْيَا وأهْلِيْهَا *** اللهُ يَعْلَمُ أني لَسْتُ أَعْشقُهَا
لَكِنْ تَمَرَّغْتُ في أدْنَاسِهَا حُقُبًا *** أيامَ أسْحَبُ ذَيْلي في مَلاعِبِهَا
وكم تَحَمَّلْتُ فيها غَيْرَ مُكْتَرِثٍ *** فَقُلْتُ أبْقَى لَعَلِّي أهْدِمُ مَا
ومِنْ وَرَاءه عِقَابٌ لَسْتُ أقْطَعُهَا *** يا وَيْلَتِيْ وَبِحَارُ العَفو زَاخِرةٌ
واضرِبْ بِهَا صَفَحاتٍ مِنَ مُحِبْيِهَا *** وَلا أرِيْدُ بَقَاءً سَاعَةً فِيْهَا
وبِتُّ أنْشُرُهَا حِيْنًا وأطْوِيْهَا *** جَهْلاً وأهْدِمُ مِن دِيْني وأبْنِيْهَا
مِن شَامِخَاتِ ذُنوب لَسْتُ أحْصِيُهَا *** بَنَيْتُ مِنْهَا وأدْنَاسِيْ أُنَقِيْهَا
حَتَّى أُخَفِّفَ أَحْمَالِيً وألْقِيْهَا *** إنْ لَمْ تُصِبْنِيْ بِرشٍ في تَثَنِّيْهَ
ا

هذل لله دره يرجى له المغفرة من الله والسرور والحبور لتوبيخه نفسه واستعظامه لذنوبه ورجائه المغفرة.
وقال ابن السمالك إن الموتى لم يبكوا من الموت ولكنهم يبكون من حسرة الفوات فاتتهم والله دارٌ لم يتزودوا منها، ودخلوا دارًا لم يتزودوا لها.
فأية ساعةٍ مرت على من مضى وأية ساعةٍ بقيت علينا والله إن المتفكر في هذا لجدير أن يترك الأوطان، ويهجر الخلان، ويدع ما عز وما هان.
وقال إبراهيم النخعي كانوا يشهدون الجنازة فيرى فيهم ذلك أيامًا كأن فيهم الفكرة في الموت، وفي حال الميت.
وقال مطرف بن عبد الله ابن الشخير عن أبيه أنه كان يلقى الرجل من خاصة إخوانه قد بعد عهده به فلا يزيده على السلام حتى يظن الرجل في صدره عليه موجدة، أي غضب كل ذلك لانشغال فكره بالجنازة وتفكره فيها وفي مصيرها حتى إذا فرغوا منها لقيه وسأله عن حاله ولاطفه وكان منه على أحسن ما عهد وقال الأعمش كنا نشهد الجنازة ولا ندري من المعزى فيها لكثرة الباكين وإنما بكاؤهم على أنفسهم لا على الميت.

ماذا تُؤمِّلُ والأيَّامُ ذَاهِبَةٌ *** وصَيْحَةٍ لِهُجْومِ المَوْتِ مُنْكَرةٌ
وغُصَّةٍ بِكُؤوْسِ أَنْتَ شاربُهَا *** يا غَافِلاً وهْوَ مَطْلُوبٌ ومُتَّبَعٌ
خُذْهَا إليْكَ طِعَانًا فِيْكَ نَافِذةً *** إنَّ المنِيَّةَ لَوْ تُلْقَى عَلَى جَبَلٍ
ومِنْ وَرَائِكَ للأيَّامِ قُطِّاعُ *** صُمَّتْ لِوَقْعَتِهَا الشَنْعَاءِ أَسْمَاعُ
لَهَا بقَلْبِكَ آلامُ وَأَوْجَاعُ *** أَتَاكَ سَيْلٌ مَن الفُرْسَانِ دَفَّاعُ
تَعْدِى الجَلَيْسَ وأمْرُ لَيْسَ يُسْطَاعُ *** لأَصْبَحَ الصَّخْرُ منْهُ وَهْوَ ميَّاعُ


اللهم يا من لا تضره المعصية ولا تنفعه الطاعة أيقظنا من نوم الغفلة ونبهنا لاغتنام أوقات المهلة ووفقنا لمصالحنا واعصمنا من قبائحنا وذنوبنا ولا تؤاخدنا بما انطوت عليه ضمائرنا وأكنته سرائرنا من أنواع القبائح والمعائب التي تعلمها منا واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م