مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 09-11-2006, 04:04 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي


والحقيقة أننا لا نجد أي مبرر شرعي للحديث عن فكرة إعطاء الأكراد دولة ...

وكل كردي وعربي يدرك أن الحروب في الشمال العراقي كانت استنزافية للشباب العربي والكردي، ناهبة للثروات، مذهبة للأمن، مزيلة لاستقرار الدولة كدولة حتى جاء صدام حسين وبطريقته الاستئصالية المعروفة حرك الجيش العراقي فعالج هذا الثغر النازف، فتوقف النزف إلى يومنا هذا .... وهذا العلاج مع مافيه من ضحايا، إلا أن الأكراد جميعًا يدركون إلى أي مدى بلغ الحال سوءًا في الشمال آنذاك ... كما يعرفون المحاولات العديدة التي بذلتها الحكومة العراقية من اجتماعات وحوارات ووساطات وغير ذلك مع الأكراد أيام صدام حسين وكل ذلك لم يفلح ولم يجد شيئًا وقد تكون طبيعة صدام حسين نفسه هي عاملا في فقد الثقة بين الطرفين .!

ولو سُئِل المنصف سؤال محدد: أيما خير أن يستمر العراق بأكراده وعربه بتقديم ضحايا يومية وشهرية لا تنقطع مع ذهاب الأمن والاستقرار، ونزف الثروات على الطريقة القديمة للحكومات العراقية القديمة أم أن يتدخل الجيش بكل قوته ليستأصل الورم من جذوره، ويوقف الخسائر المتواصلة على جميع المستويات، وإن كان فيها ما فيها من خسائر؟ ...

لا شك أن خيار كل عاقل في مثل هذا الظرف لو كان حاكمًا حاسمًا هو العلاج الحاسم . لكن المشكلة في الأسلوب الرهيب الذي استخدمه صدام في هذا العلاج والذي كان فيه الاستئصال أعظم من الورم!

وأما أن أمريكا هي التي أعانت صدام على الأكراد، فهذا أمر بالإضافة إلى أن العقل ينفيه بحكم فارق القوة ما بين الجيش العراقي والأكراد ... فإنه قول لا دليل عليه إلا مجرد التوهمات الجزاف التي قيل مثلها كثيرًا من قبل الأكراد والإيرانيين وغيرهم عند تبرير العجز، وتبرير الهزيمة، ولسلب النصر روحه ... حتى مع إيران قيل الكثير من ذلك، لكن الذي ثبت أن السلاح الإيراني كان أمريكيا، والمساعدات الإسرائيلية العسكرية لإيران مقطوع بها ...

وفي العقد الأخير من حكم صدام أصدر قرارًا قبل سنة تقريبًا من زوال حكمه بتخصيص مبلغًا لإصلاح البنية التحتية وإنشاء مشاريع إنمائية في الشمال لمحافظة كركوك .. بمبلغ قدره خمسة وخمسون مليار دينار ؟

ويبقى السؤال الأخير للأكراد العلمانيين المتزعمين تلك الانتفاضات: ماذا قدمتم أنتم في مقابل كل هذا ؟! وماذا ستجنون بعد كل هذا ؟! وهل ستقيمون دولة بعد صدام كما كنتم تحلمون بها ؟!!

وهل ستصبحون قادرين على حمايتها من تركيا؟ وعلى أي دين ستقيمونها؟ وبأي حكم ستحكمونها؟!!

أم أن العمالة تقضي بتفضيل الحكم الذاتي مع أمريكا على الحكم الذاتي مع صاحب البلد الذي تنتمون إليه ..؟!

لقد أشار صدام ـ وصدق ـ في رسالته الأخيرة الموجهة إلى جلال الطلباني ومسعود البرزاني بوجود علاقات واتصالات ما بينهم وبين الصهاينة .

وهاهي الصحف تنشر يوم 29 / 4 / 2003 سعي إسرائيل لتهويد مناطق كردستان العراق ... كما استطاعت تركيا أن تمسك شحنة متوجهة إليها .

ولكن من لا دين له فإن دينه مصلحته، وغايته تبرر وسيلته، لأنه اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم ...!

ويتساءل البعض: ماذا تريدون من حاكم بلد أن يفعل وهو يرى جماعة من بلده خانته في أخطر ظرفين: الحرب الإيرانية وحرب الخليج الثانية ؟ ابحثوا لنا عن حاكم في العالم حصل له ماحصل فماذا تريدون منه أن يفعل ؟!!! وكلنا نذكر بعض الجنسيات المسلمة في حرب الخليج الثانية لما وقفت مع العراق في ظلمه على دولة الكويت كيف كان الموقف منها في أحد البلدان، لقد تم اغتصاب بنات تلك الجنسيات المسلمات في حفلات جماعية وابتهاجية بالتحرير، وقدمن هدايا لجنود بعض الدول المشاركة في الحرب، ومنهن من حملن سفاحًا، ومنهن من قتلن نتيجة الاغتصاب الجماعي وفعل بهن من الأفاعيل مالا نستطيع ذكره، وملفات الأمم المتحدة مليئة بمثل هذه الأشياء ومكتوب فيهن الأسماء المغتصبة وصفات المغتصبين وجنسياتهم، ومع كل هذا ماتت قضاياهم ونجا المجرم لأنها باختصار سياسات عالمية يعاقب فيها أناس دون آخرين .

ويبقى بحث الأمر الأخير وهو ما طنطنت حوله الأجهزة الإعلامية العربية والعالمية على وجه الخصوص، وهو طرد الأكراد من منازلهم وتهجير آلاف الأسر العربية وتسكينهم في مساكن أولئك الأكراد بأمر من صدام حسين ..!

هكذا تناول الناس هذه القضية من الإعلام ـ كالمسلمة التي لا يشك فيها ـ وحسبت على أجندة النظام السابق المثقلة بالمظالم أساسًا !

لكن ديننا الإنصاف والعدل ... وقوام التاريخ الصحيح شهادة الحق وكل عراقي وخصوصًا من يعيش في الشمال يعرف جيدًا بطلان هذه الدعوى وهو يرى بعينه المساكن الخاصة التي بنيت لكل أسرة عراقية عربية انتقلت إلى الشمال بحيث ملكتها الحكومة ذلك البيت أو تلك الشقة .. فهي مبان جديدة بنتها الحكومة العراقية ولم تكن يومًا من الأيام للأكراد .. حتى يأتي اليوم الذي يأخذونها من أصحابها الحقيقيين بدعوى أنها كانت لهم ... نعم ربما أخذ بعض المسؤولين الكبار بعض بيوت الأكراد، فهذا علم والله لا نعلمه ولم يبلغنا، ولا نستبعد حدوثه لبعض البيوت الخاصة بهم أو بمن يخصونه .. والله أعلم .

إن من عرف أهداف هذه الحملة التهجيرية علم بعد النظرة ... لو أنها استمرت وتناسلت عليها الأجيال بعد ذلك ... فمن أهداف هذه الحملة ترسيخ وحدة العراق فعليًا بحيث لو جرى التصويت على بقاء مناطق الحكم الذاتي مستقلًا تابعًا للعراق أو منفصلًا عنه، كان للعرب دورهم وصوتهم في إثبات عراقية هذه المناطق، والعراقي العربي لا يرضى أبدًا باقتطاعه من العراق ... وعليه فستبقى هذه المناطق الكردية مناطق عراقية، وهذا هدف شريف وعظيم ربما لن يحتاج له صدام في عهده إنما سيبقى أثره أكبر ما بعد صدام وعلى مستوى الأجيال القادمة أكثر ... وبالتالي يكون صدام قد توصل إلى حل جذري لمشكلة مزمنة عجزت عنها الحكومات والأجيال ... وخصوصًا إذا ما تكاثرت هذه الهجرات إلى الشمال. ومن أهدافها المتحققة فعلًا:- هي تعليم الأكراد اللغة العربية ... فلو كانت عوائل معدودة مهاجرة إلى منطقة الأكراد لربما تحولت لغة هؤلاء إلى اللغة الكردية، أما أن تكون العوائل بالآلاف وفي وسط الأحياء الكردية فهذا ما يستعسر معه الذوبان اللغوي والخلقي ... وبحكم الحاجة والتعامل فستفشو اللغة العربية بين هؤلاء، وهذا بحد ذاته مكسب عظيم يظهر تأثيره أكثر على أبناء الجيل الصاعد، ويجعل هذه المناطق مهيئة لتعميم اللغة العربية، وهذا هو المعمول به في المناطق الكردية ومن تابع الفضائيات الكردية عرف كيف كان اثر هذه الحملة فأغلب برامجها عربية .

ولا يخفى ما لهذه الهجرة الكثيفة من تأثير مستقبلي في التركيبة الاجتماعية المستقبلية، حيث المخالطة والمصاهرة والأرحام بين العرب والأكراد ... ولا نريد أن نتجاوز إلى أهداف أخرى متكلفة وإن كانت متحققة شئنا أم أبينا، كانتشار الأخلاق العربية، والعادات العربية . ونحو ذلك ....

وهذا الذي فعله صدام يعتبر إنجازًا تاريخيًا نوعيًا، ومن الإنصاف أن يحسب له ومن الظلم أن يحسب عليه، بينما لا تكاد ترى دولة واحدة استطاعت أن تحل هذه المشكلة أو تسعى في حلها سعيًا صحيحًا جذريًا فهذه إندونيسيا خسرت تيمور الشرقية وهاهي المغرب تكاد تخسر الصحراء الغربية، وهاهي تركيا لم تستطع أن تحل المشكلة الكردية المستعصية وهاهو السودان يعجز أيضًا عن حلها في الجنوب ....

ومع هذا نقول من منظور الإسلام، وهو المنظور الحق الوحيد: كان بإمكان صدام أن يتخذ أسلوبًا أفضل من هذا بالإضافة إليه ـ وهو الرجل القوي صاحب الإرادة المعروفة ـ وذلك بأن يعتمد الأخوة الإسلامية أساسًا لهذه الوحدة ـ بالإضافة للأساليب التي اتخذها ـ فأسلوب الأخوة الإسلامية هو الأسلوب الأوحد في ربط الأقليات وبناء المجتمعات، ويكفي دلالة على ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في مجتمع المدينة بفئاته المختلفة وقد رأينا ماحصل من حكومة أربكان التركية لما تولت القيادة السياسية في ذلك البلد كيف أنها أكرمت الأكراد وحسّستهم بإنسانيتهم ووطنيتهم فتوقفت العمليات الكردية ضد الجيش التركي غير أن الجيش التركي رفضها لأنها ستجعل أربكان بإسلاميته أول زعيم تركي معاصر يحل مشكلة استعصت على غيره .

وقد كان بإمكان صدام ليحقق ذلك أن يحققه من خلال منهج شرعي لا يضعه هو بل يضعه أهل العلم والدعوة والتربية الصادقين الصالحين، ذلك أن الرابط المطلوب هنا ... ليس رابطًا ظاهريًا أو اجتماعيًا أو لغويًا فحسب، إنما هو في أساسه رباط القلوب وهذه لا يقدر عليها إلا الله وحده ... وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز:

[وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم] آل عمران 103 .

كان بإمكانه أن يسخر الوسائل المناسبة لتحقيق تلك الأخوة كالمساجد وأجهزة الإعلام الخاصة وشباب الصحوة ثم يتكفل هو بمتابعة تلك الوسائل، والمستوى الذي بلغته تلك الأخوة الإيمانية على الأرض العراقية ولكن هيهات لصدام ذلك وهو له تفكيره الخاص وضوابطه الخاصة ونظرته الخاصة والتي تفتقد إلى ضوابط إسلامية كثيرة مفقودة في شخصه وإن كان هو يظن أنه قد بلغ الكمال فيها من خلال المطبلين حوله والمزمرين والذين كانوا دائمًا سبب هلاك كل حاكم وقائد.

إن البعض يرى أن هذا الأمر أشبه بالحلم والخيال، وأنا أقول نعم لمن نظر بمنظار واقع أغلب الحكومات القائمة، لكن من علم أن أُلْفة القلوب لا تأتي بملايين براميل البترول ولا دنانير الذهب، إنما هي من الله وحده، وأن الأمر فيها كما قال الله تعالى: ' ولكن الله ألف بينهم ' و ' وأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن '، وأنه إذا صدقت النوايا تنزلت إعانة الله وتحققت الألفة القلبية ... عندها نعلم أن الأمر ـ بإذن الله تعالى ـ يسير وخصوصًا إذا كانت وراءه قناعة وإرادة من صدام نفسه و الذي كان بمقدوره أن يحقق لنفسه ولدينه ولآخرته إنجازًا ...

إن الخطأ الواضح الذي اعتمده صدام في تحقيق هذه الألفة القلبية هو اعتماده على الخلايا الحزبية، والدوائر الأمنية بالدرجة الأساس ... ! وهذا للأسف راجع لطبيعته وقناعاته الشخصية بل وناتج عن بيئته التي خرج منها والمحيط الذي عاش فيه ... ولكن أنىّ للخوف أن يحقق أمنًا ! وأنى للقوة المجردة عن المحبة أن تربط قلبًا أو تستجلب حبًا ..؟!

إن خطبة جمعة واحدة يعمم فيها موضوع الأخوة منزلة على الواقع العراقي معززة بالأدلة الشرعية ... لكفيلة بتحقيق مالم تحققه هذه الدوائر الأمنية والخلايا الحزبية طوال سنة بأكملها ... هذا لو حققت هذه الخلايا وهذه الدوائر قطرة من محبة ...!

فكيف لو كان ثمة منهج شرعي متكامل بحيث يخضع لهذا المنهج تلك الدوائر الأمنية والخلايا الحزبية كي يبنيها الإسلام بناءً شرعيًا إيمانيًا حقيقيًا ... وليس تمثيليًا أو مرحليًا لتحقيق غاية ... فلربما لو تحققت الغاية تخلى هؤلاء عن إيمانهم !

إن الإسلام لا ينسف التنظيمات الإدارية والاجتماعية .. بل هو يؤيدها ويقويها ما سارت على منهجه، ناسفًا ما فيها من جاهليات مقيمًا إياها على عقيدة الإسلام الصافية، بانيًا أصحابها بناءً إيمانيًا خلقيًا على وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ... رابطًا إياها برباط الإيمان ... واضعًا أمامهم هدف مرضاة الله تعالى .

وعلى هذا الأساس سوف تكون هذه التنظيمات قوة شرعية موجهة في تحقيق الأخوة الإيمانية ومتابعة بلوغ أهدافها المرحلية ووصولًا إلى هدفها النهائي ...







العبرة الثانية ـ تزكية النفوس أولاً:



الملف الصحفي :عام :



العبرة الثانية ـ تزكية النفوس أولاً
__________________
السيد عبد الرازق
  #2  
قديم 09-11-2006, 04:08 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

أما تزكية النفوس فلقد حاول صدام كما مر معنا تزكية نفسه حسب مفهومه وكان لذلك صور متعددة، فكان يقطع أي اجتماع مع أي ضيف، ومع القادة السياسيين والعسكريين ليقوم بأداء الصلاة إذا حضر وقتها، وقد تكرر هذا الأمر مرارًا في الاجتماعات المنقولة تلفزيونيًا كما حصل مع أفراد مخصوصين في اجتماعات لم تنقل تلفزيونيًا كما تحدثوا بها هم أنفسهم معنا، وكان يحرص جدًا على قراءة القرآن ويقول كما مر معنا ما نقله عنه الأمريكي راذر: [أشعر أن القرآن يسري في عروقي] وقد كان يحدث مبعوث الرئيس الهندي عن الإسلام حينما زاره قبل الحرب بأشهر، وقد استمعنا لذلك بأنفسنا من خلال التلفاز العراقي .. ولقد جاءت الأحداث الأخيرة لتثبت ذلك بأقوى صور الإثبات حين عثرت القوات الأمريكية على بيت في منطقة الأعظمية، وانفردت الجزيرة ببث صورة البيت بغرفِهِ ... وأركانِهِ ... فوجدوا أن هذا البيت هو المقر الرئيسي لصدام طوال فترة العشرين يومًا تقريبًا، وهي أيام الحرب والقصف على بغداد، حيث ظهر في البيت سرير متواضع عليه لحاف ينام عليه صدام، وفيه مكتب عليه فنجان فيه أثر القهوة، ونصف كوب ماء، وفيه مشجب معلق عليه لباسه العسكري برتبته العسكرية، وثوب نوم، وعلى الأرض سجادة للصلاة باتجاه القبلة وبجوارها كرسي مصحف، وعليه المصحف مفتوح على سورة الحجر، ونرجوا أن لا يقول البعض منّا إنه كان يتوقع الكاميرا التلفازية أن تأتيه يومًا من الأيام فجهز تلك الغرفة للتصوير والدعاية فقد شبعنا من كثرة المداخل من أجل الطعون في الآخرين حيث أصبحت عادة ساذجة ملت منها الشعوب المسلمة ...

ولقد قال عن حالته النفسية يوم أن أراد القسم على المصحف حين أعيد انتخابه كرئيس للجمهورية ..

قال: لما وضعت يدي على المصحف للقسم، أخذتني حالة من الرهبة الداخلية لم أشعر بمثلها في حياتي ولن أستطيع وصفها ..

وكثيرا ًما كان يوصي قادته علانية بكثرة قراءة القرآن الكريم، وما كانت كتابته شيئًا من المصحف بدمه إلا من هذا الباب بفهمه هو ... ذلك أنه شخص يريد أن يسبق دائمًا إلى مالم يسبق إليه، وبمفهومه هو وطريقة تعبيره عن محبته العميقة بأسلوبه القوي حيث بذل أغلى ما يملك لأغلى ما يعرف فكان الدم للقرآن، ولربما لو كان رئيسًا آخر لفكر أن يكتب القرآن بالعطور أو نحو ذلك ... مما يناسب نرجسيتهم ونعومتهم .

ونحن هنا لا نتحدث عن جواز ذلك شرعًا، فهذا أمر قضي وانتهى ولا يحتاج اليوم إلى فتوى، والمسألة راجعة إلى طهارة الدم، ومن العلماء من قال بطهارته، وقد أفتاه العلماء بذلك فعلًا ...

لكن محاولة تزكية الرئيس نفسه شيء وحصول التزكية شيء آخر . وإن كان صادقًا في طلبها كما يظهر لنا، ثم إن تزكية الرئيس نفسه لوحده شيء وسوء نفوس الآخرين من المحيطين به شيء آخر!

ولذلك فإنك حين تسمع لصدام شيئا وحين تسمع للصحاف مثلًا شيئا آخر ... فالصحاف تعود على إطلاق العبارات والمواعيد دون تعليقها على مشيئة الله، وتعود نسبة النصر للحزب وأبطال الحزب والأسباب الأرضية مما كان ينفِّر كل مسلم من عباراته !

ومن ثم فإنه لما لم تتزك النفوس القيادية بالإيمان كما ينبغي، لم يعد هؤلاء حقيقين بالنصر، ولا مؤهلين لنزول السكينة عليهم، والله تعالى يعلل نزول السكينة على أهل البيعة للبيعة وما في قلوبهم فيقول في كتابه العزيز [ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا ..]

وكان لعدم تعميم التزكية أثر بليغ في حصول الهزيمة، فالنفوس التي لم تتزك زكاة إيمانية صحيحة سهل اصطيادها بشرك الدولار أو السلامة من الموت أو المناصب أو نحو ذلك مما فيه إيثار الحياة الدنيا على من لم يتزك كما قال الله تعالى [ قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى . بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ]

وهذه سر وقوع الخيانات الكثيرة في قيادات الحرس الجمهوري بل قيادات حزبية، وقيادات سياسية، كما ذكر ذلك الدكتور ظافر العاني ....

فماذا تعني زكاة نفس القائد ـ على فرص حصولها ـ إذا كانت البلاد بمجملها غير مزكاة ... ولهذا كانت من مهمة النبي صلى الله عليه وسلم الأساسية تزكية نفوس الأمة . قال تعالى: [ هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ] .. الجمعة 2

ولو كانت النفوس مزكاة، فما أهون الدنيا على من تزكى . قال تعالى: [ أتمدوننِ بمال فما آتانِ الله خير مما أتاكم . بل أنتم بهديتكم تفرحون ] النمل 35

وفائدة أخرى عظيمة لتزكية النفوس، تلك هي أن التزكية إنما تكون قبل المواجهة العسكرية وهي جزئ أساس من الإعداد، حيث إن المقاتل المثقل لا يملك أن يتزكى في ميدان القتال وحده ـ عادة ـ فلا بد من الانتصار على النفس أولا ً في ميادين الدنيا، لا بد من ممارسة التزكية عند المعاملة بالمال، وشؤون الحياة، لا بد من القيام والصيام وصلاة الجماعة والأوراد والأذكار ... لا بد من التزكية من خلال العبادة، ومن خلال المجاهدة المتواصلة ...

أما التزكية النظرية أو المظهرية فإنها لا تغني شيئًا إذا وقعت الواقعة، فحين خُيرّ المقاتل بين أن يقرب نفسه وأهله وولده وماله وأمته وسعادته أو يستسلم، وفوق ذلك يحصل على مبلغ، وبين أن يقرب دينه وأمانته،ويسلم ويسلِّم أمانته لعدوه … فإن لم يتزك فلن يتردد في قبول السلامة وطول العمر وإيثار الدنيا ... عندها يعلم الناس إلى أي مدى كانت التزكية ضرورة، ويعرف ما معنى قوله تعالى [ قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا ]

لقد حاول صدام تزكية نفوس أصحابه المحيطين به [ على ضعف في معنى التزكية لديه ]، لكنه نجح فيما يظهرونه أمامه ولأجله ـ في أغلبهم ـ أما الناس فلم يستطع تزكية نفوس أغلبهم، لأن المصداقية كانت مفقودة بينه وبين أغلبهم ... وأما من حوله، فكان صدام يظن أنه بتكوين معهد إسلامي خاص بهم، وفرض حضور الجماعة والجمعة عليهم كاف في تزكية النفوس ... وما علم أن دون ذلك أعمالا وأعمالا، ومجاهدة وصدقا، وتوفيقا من الله تعالى وحده ...

ولقد أخذ الطالبان من قبل صدام بشراء القيادات العسكرية التي قبضت الدولارات بالشمال وسلمت الثغور باليمين، وما هي إلا لحظات حتى سقطت كابول وتبعتها المدن الأخرى تتساقط تساقط الفراش في النار !

وتبقى هذه الحقيقة مخيفة لنا كثغرٍ واسع سليك لأعداء الدين المحاربين، ونبقى مهددين في كل معركة قادمة بدخول العدو من ثغور قلوبنا بإغفال التزكية الإيمانية الحقة ...

بل إن الأصل هو أن الإنسان كلما كبرت مسؤوليته القيادية، ازدادت فرضية تزكيته لنفسه، وازدادت قوته الإيمانية وازدادت محافظته على أمانته، والواقـع اليوم يختلف عـن هذا على النقيض ...

ومن ثم كانت من أعظم العبر التاريخية التي ينبغي أن يصل إليها المسئولون المسلمون، هي أن لا يستعجلوا تولية أحد قبل أوانه، وأن لا يتخلوا عن التزكية الإيمانية لأي فرد تحت أي ظرف من الظروف، ومع أي شخص من الشخصيات الموهوبة ... وأن القاعدة في ذلك هي: [ إن خير من استأجرت القوي الأمين ] أما أن نركز على صفة القوة دون الأمانة، فالنتيجة ظاهرة .







العبرة الثالثة ـ تصفية الصفوف:



الملف الصحفي :عام :



العبرة الثالثة ـ تصفية الصفوف:

الناظر في القيادات العراقية يجد أنها مركبة تركيبًا عجيبًا، والناظر في الجيش العراقي يراه كذلك ... والناظر في الشعب العراقي يجده هو مصدر تلك التركيبة ..

نعم؛ إن القيادة مختزلة كلها في شخص صدام إلا أن أولئك القادة الذين معه كان لكل واحد منهم دوره الذي يؤديه في مجتمعه، وله صورته أمام العالم .

فطارق عزيز رجل نصراني يتولى منصب نائب رئيس الوزراء وظل فترة يمثل الدولة في صورتها الخارجية بتوليه وزارة الخارجية ... ونحن لا نبحث هنا الحكم الفقهي لهذه المسألة بل ولا نتحدث في صدق ولائه للعراق ولصدام بقدر ما نتحدث عن كونه ثغرة في حصن الأمة، وثلمة في السيف العراقي ... وخصوصًا في وضع اندفاع الرئيس نحو الإسلام . فطارق عزيز إما أن يكون رجلا نصرانيا علمانيا أو يكون نصرانيا صرفا .. وعلى كلا الاحتمالين لا يسعده أبدًا توجه صدام هذا .... فهل يا ترى سيغلب حبه لصدام ووطنيته كرهه للإسلام وحبه لبعثيته ..؟!

وأما الصحاف فهو رافضي معروف، ولا ندري هل مثّل الصحاف دور ابن العلقمي في هذه النكسة الكبرى بناءً على تاريخ القوم القديم ... ؟! وهل كان هو الصلة المأمونة ما بين القيادات الأمريكية والقيادات العسكرية العراقية من خلال صلاته المفتوحة على آخرها مع الإعلاميين ؟!

وهل كان طرد ألـ [ سي إن إن ] من العراق من قِبَل الصحاف دليلا أخيرا يقدمه لصدام على وفائه وغِيرته ..؟!

وهل كانت مصطلحاته التي كان يطلقها رسائل مفهومة لدى القياة الأمريكية مثل مصطلح الأفعى، ومصطلح التقطيع، والحبس في الدبابات ونحو ذلك مما لم يأبه لها أحد في وقتها؟

وهل بقاء الإعلام العراقي يبث إلى أن وصلت الدبابات جسور دجلة دليل على ذلك، فلقد أثبت الأمريكان أنهم قادرون على إغلاقها من القمر الصناعي وقد فعلوا حين أرادوا. فلم لم يغلقوها من أول يوم من الهجوم ...؟! أم أن للصحاف مهمات ورسائل ..؟!

وهل كانت تصريحات الصحاف الأخيرة التي قالها للمراسلين في اليوم الأخير لظهوره بعدما غابت الكامرات عن التصوير، آخر دليل يقدمه على علقميته ... فلقد كانت تصريحاته مريبة جدًا كما ذكر لنا ذلك بعض المراسلين بأنفسهم ... !

..!
__________________
السيد عبد الرازق
  #3  
قديم 09-11-2006, 04:10 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

وهل يثبت كل هذا ظهوره العلني المتكرر في شوارع بغداد وعلى الهواء وفي مكان معروف ومشاهد دون قصفه من قبل الأمريكان والتي كانت طائراتها تكاد تغطي سماء بغداد بينما كانوا يتقصدون القيادة العراقية حتى في المطاعم التي يتوقعون اجتماعهم فيها؟

أم أن الذي أكد ذلك أن صور القيادة العراقية التي نشرتها وكالة المخابرات الأمريكية والمطلوب القبض عليهم ليس من بينهم صورة الصحاف ... تشكل دليلًا إضافيًا على ذلك ..؟!

وهل كان عدم وضع وزير الخارجية معهم تغطية لصفقة الصحاف ...

وهل كان التعثر المستهجن من قبل كل العالم بدعوى عدم القدرة على تصوير آلاف القتلى الأمريكان في أرض المعركة أمرا مقصودا من الصحاف حين أعلن العجز عن ذلك وأنه يحاول استدراك ذلك ... علمًا بأن هذا الأسلوب كان أمضى سلاح في المجتمع الأمريكي من أجل الضغط على الرئيس الأمريكي حتى يتوقف عن الحرب وماقضية سحْل وسحب الجنود الأمريكان في شوارع مقديشو عنا ببعيد حيث هاجت الجماهير الأمريكية ضد رئيسها وسحبت الجنود من أجل جنديين أو ثلاثة فقط ..؟!

إنها مجرد تساؤلات مشروعة نطرحها، ولا نملك القطع بها ولا نفيها .

أما بالنسبة لتصفية صفوف الجيش العراقي: فإن المؤرخ لا يسعه أبدًا أن يقفز على حقيقة عظمة الجيش العراقي ... فإن جيشًا مثل هذا الجيش يستحق التحية والتقدير ... جيش أرانا في عصرنا انتصارًا بينًا ونصرة تكررت مرات ومرات ...

أما الانتصار الحقيقي فهو ما تحقق من الانتصار البين على إيران صاحبة أقوى خامس جيش على مستوى العالم، وأما النصرة فسيأتي الحديث عنها ...

ويكفي أنه الجيش الذي وقف هذه الأيام وقفة دامت عشرين يومًا في ملحمة طمس الإعلام لها كل بريق نصر ... حتى غدت وصمة عار عند الآخرين ...!

فهذه أعظم دولة في العالم ... جاءت بأعظم جيش في العالم .. يملأ الجو والبر والبحر ويملك من الأسلحة ما أعده منذ الحروب الباردة لدول عظمى ولم يحارب به ... جيش أعدته أمريكا لروسيا والصين ولأوروبا الشرقية وللعالم الإسلامي ... فاختزل العالم كله في مواجهة العراق، بعدما طور تلك الأسلحة مرارًا ... وكان المتوقع لدى الجميع أن تكون ساعات وإلا أيام لا تزيد عن سبعة !

لقد نسى العالم كل ذلك، نسوا صمود أم قصر اثني عشر يومًا وقد تغنوا بها كثيرًا، ونسوا صمود الفاو، والزبير، والبصرة، والنجف بداية والناصرية .. ثم اختزلوا كل ذلك الصمود في ليلة سقوط بغداد، وكأن ما فات كان ساعة من نهار، كحال الدنيا تمامًا، وصد ق من قال: من ضحك أخيرًا ضحك كثيرًا .. فضحك الإعلام العربي مرددًا قهقهة أمريكا في أجواء من الخذلان العجيب، وسكر في عظمتها رهيب ..

ولكن الناس قد نسوا كل هذا وجاؤوا يذكرون لحظة سقوط بغداد ...؟!

ولم تكن قضية سقوط بغداد سقوطًا عسكريًا بل كان سقوطها سقوطًا خيانيًا .. حين سلم أفراد معدودون بلدهم ليَسلَموا هم وعوائلهم، ولتذهب دماء من قتل هدرًا، ولتذهب أمريكا بالنفط ولتذهب البلاد كلها من أولها إلى آخرها، وليذهب التاريخ كله هدية بأيدي اليهود النصارى ثمنًا لسلامة أفراد وسلامة عوائلهم ..!

مع أن بغداد قد أعدت لتبقى صامدة سنين طويلة، وقد قال الفريق سعد الدين الشاذلي: أتحداهم أن يدخلوا بغداد بعد أربعين سنة ! وقد كان صدام يكرر مرارًا وتكرارًا بأن بغداد هي مقبرتهم، وعلى أسوارها سوف ينتحر هولاكو العصر الجديد، وقد كانت ثقته عالية جدًا، وحتى اللحظات الأخيرة كان وزير دفاعه الوفي سلطان هاشم يكرر ذلك بل ويحدد لهم وقت وصولهم بغداد ... وهناك سوف تكون المعركة .

وما علم الجميع أن ابن العلقمي قد باع واشترى ... وقضي أمر بغداد بليل، ونفد صدام بجلده في آخر لحظة ليعلن إعادة الكرة عليهم، ويخرج بعدها مباشرة إلى شوارع الأعظمية أمام الملأ كما بثته قناة أبو ظبي التلفزيونية، وكما أذيع خطابه الإذاعي والذي سمى فيه ولأول مرة الدخول الأمريكي: احتلالًا ...!

ونحن نقول: والله ثم والله ثم والله ثم والله إن أعظم سبب في سقوط بغداد هو الموقف المخزي من جميع الدول العربية، وإنا نسألكم بالله من أين طارت تلك الطائرات التي أحرقت أرض العراق المسلم فقطعت الأجسام وحرقت الأخضر ودمرت بلد كامل وغطت سماء عاصمتها حتى قال الكثير إن ماسقط على بغداد يفوق ماسقط على بعض العواصم الغربية في الحرب العالمية الثانية ؟ والسبب واضح وهو أن الطيار الأمريكي هنا يحس عند حرق هذا البلد بنشوة غريبة وباستمتاع شديد تحركه صليبيته الوقحة وعنصريته القذرة .. هذا السؤال جَبُنَت عن الإجابة عليه جميع القنوات العربية والشخصيات السياسية والعسكرية والإعلامية العربية في سكوت عن إظهار هذه الحقيقة الرهيبة .. ثم من أين انطلقت الدبابات وحملت الأجهزة والمعدات ومن أي القنوات البحرية دخلوا ومن أي الموانئ العربية أطلقوا صواريخهم المدمرة ؟ ثم من كان يقود تلك الجيوش للدلالة على المواقع العسكرية العراقية ونقاط الضعف فيها أليسوا هم استخبارات بلدين عربيين ؟ وقد أثبتت التقارير أن مع كل فرقة أمريكية دليل عربي يدلّها في أرض المعركة، ثم من أين كانت تأتيهم التموينات الغذائية ونحوها والتي هي زادهم وغذاؤهم ؟ وقد بلغ العطف والشفقة بتاجر تركي فعرض على القيادة الأمريكية في تركيا أن يوفر عاهرات من أجل التخفيف عن الكبت الجنسي لدى الجنود الأمريكان، وكذلك وجد هؤلاء الجنود شيئًا من هذه المتعة في بلد عربي آخر تهمّه نتيجة المعركة وقد امتلأ الانترنت بصور بنات ذلك البلد وهن عرايا مع هؤلاء الجنود في صور مخزية، فحسبنا الله ونعم الوكيل .

ومع كل الإعداد والعتاد فإن الذي ينقص الجيش العراقي هو ما لو توفر لحصل النصر بإذن الله تعالى، وكأن الله تعالى يريد أن يضرب به للناس المثل قبل أن تأتي الملاحم الموعودة، والحروب اللاحقة، إن كنا سوف نرى ملاحم، ونرى حروبًا بعد هذه الحروب ..!

فمن العبرة العظيمة أن هذه الدول العربية لن تملك جيشًا مثل الجيش العراقي من حيث شراسته وقدمه، فهو أول جيش عربي وهو مؤسس أغلب الجيوش العربية، وهو أكبر جيش خبرة في الحروب، ومجرب في مختلف أنواعها ومواقعها الجغرافية ... دخل حروبًا في الجبال وحروبًا في البحار، وحروبًا في الأهوار، وحروبًا في النخيل، وفي داخل بلده وفي خارجها، حروبًا مع العجم وأخرى مع الروم، حروبًا كان فيها مدافعًا وأخرى مهاجمًا وحروبًا كان مناصرًا ... بقيادة رجل رضع الشراسة والقوة منذ صغره، كما هو معروف عنه، وما اكتسب الشجاعة تعليمًا أو دُرْبه أو تصنّعها لمّا أصبح رئيسًا ! وبعد هذا عركته الحروب كلها .. وما أخذ إلا بالخيانة والذنوب !

لكن الذي كان ينقص الجيش العراقي أمورًا نوعية عديدة، نذكر منها:-

أولًا: الوحدة العقدية ... فالواجب بناء الجيش بناءً عقديًا موحدًا وفق الكتاب والسنة، وذلك من خلال الدعاة المتخصصين، المتفرغين لهذا الأمر .

ثانيًا: الهدف الواضح ... وهو القتال لإعلاء كلمة الله تعالى وحده .

ولو أن ألفًا من المجاهدين في سبيل الله، المجربين، البائعين أنفسهم لله تعالى، وقفوا للقوات الأمريكية على الجسر، لما استطاعت مجاوزته أيامًا وربما أبدًا ...

ثالثًا: رفع سياط الظلم والقهر عنهم وإزاحة الطبقية المقيتة التي مزقت نفوس كبار الجيش قبل صغاره .

رابعًا: إعطاء جهاز الدعوة الإيمانية، أو ما يسمى بالتوجيه المعنوي أو الديني الأولوية، لا أن يكون ثانويًا كما هو الواقع ... بحيث يكون أمره ونهيه ملزمًا مادام ملتزمًا بالكتاب والسنة، وهذا موافق لشرط البيعة المعروف شرعًا: ' إلا أن نأمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة '

خامسًا: أن يصبح الجيش هو أكثر الأجهزة التزامًا بالكتاب والسنة قولًا وعملًا، وذلك لشدة حاجتهم إلى عون الله تعالى ـ وما من أحد إلا وهو فقير إلى الله ـ ولشدة حاجة الأمة لهم، فإنه بذهابهم تذهب الأمة كلها كما هو واقع الآن ...

وكل التزام شرعي يعمله الجيش ويقرر عليه إنما هو قذيفة رعب في قلوب أعداء الله تعالى فاللحية مثلًا فرعية مخيفة لأعداء الله حتى لو كان المجاهدون بالعشرات، فكيف إذا كانوا بالملايين، وصلاة الجماعة كذلك، وقراءة القرآن، وتعليم أحكام الجهاد، وما يلحق به وما هذه الأمثلة إلا قليل في علم كبير كان يجب على ; أن يكوِّن له الرئيس جهازًا شرعيًا علميًا ضخمًا يبني الإستراتيجية ثم التطبيق والوسائل، وفيه المتابعة ... كما أن للأجهزة العسكرية الأخرى أهميتها ... أما أن تجعل أجهزة أسباب الأرض أولًا وأسباب السماوات آخر الحلول فهذا هو الخسران وهذه هي النتيجة ..

أما بالنسبة لصفوف الجيش العراقي فإنه مختلط بطريقة عظيمة ما بين السنة والشيعة، ولقد كانت هذه الخلطة أعظم ثغرة بغير نزاع في حصن العراق ... فمع أن صدامًا كان يدرك ذلك جيدًا، وكان يذكر ابن العلقمي مرارًا كرمز للخيانة وتسليم الخلافة العباسية .... إلا أن في شعبه من كان يفاخر بأن جده ابن العلقمي، كالمعارض الخارجي الرافضي فائق الشيخ علي، ومثله أمثال داخل العراق وأشد !

ربما كان صدام يتصور أنه من خلال أحاديثه التي يؤكد فيها على أن الجميع عراقيون، ولتجمعنا مظلة العراق، أو أن ترميمه بعض المقامات الشيعية، ونحو ذلك، يتصور أنه يستطيع كسب هؤلاء، وما علم أن هدف هؤلاء ليس الترميم بل هو البلد بأكمله، وما علم أنه يكفي لينسف بنفسه كل كلامه وكل عمله لديهم حين يقف يصلي في كربلاء واضعًا يده اليمنى على اليسرى !

لقد كان صدام يتصور أن جهاز الأمن هم أقرب الناس له، وأوفى الناس بحقه، وما علم أن عموم السنة كانوا ينفرون من هذه الوظيفة والحمد لله، وأن جُلّ من فيها من غير القيادات الكبرى كانوا الحاقدين من الرافضة الذين كانوا يذيقون دعاة السنة على الأخص أمر العذاب، ثم ينسب ذلك لصدام [وما صدام عنه ببريء فهو المنشئ له وهو المتولي أمره]، وكانوا يشيعون الرشوة في البلاد، وينسب ذلك لصدام، وكانوا يفعلون كل عمل مشين، وينسب ذلك لصدام ... أناس يكتبون التقارير وأناس يعذبون، وكان ذلك ينتشر في الآفاق منسوبًا لصدام وهم أكثر ناشريه في الخارج من خلال أجهزتهم [وليس هذا لصدام وحده ونحن نعلم في سجون كثير من الحكام من ينتهك أعراض الإسلاميين والإسلاميات بفعل الفواحش بل منهم من يلعن الله بالليل والنهار ويقول لمن يعذبه: أرسل لي ربك حتى أضعه في القيود الحديدية].

لقد كان الواجب عليه أن يفعل بهم فعل الرشيد بالبرامكة، ولو تركهم لقضوا عليه قبل أمريكا، ولو عاد اليوم لكانوا هم أشد الناس له عداءً .

لقد كان صدام يتصور أنه من خلال النظام الأمني الصارم يستطيع أن يضبط كل انفلات وخيانة ولو كانت في ساعة الصفر من خلال القبضة الفولاذية لابن عمه علي حسن المجيد على الجنوب ... لكن المبيّت كان أدهى ... وكان الذي في الفخ أكبر من العصفور كما يقال !

__________________
السيد عبد الرازق
  #4  
قديم 09-11-2006, 04:13 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

لقد كان صدام يتصور ذلك وغير ذلك، لكن ما في النفوس الرافضية الحاقدة كان أكبر، والعقائد كانت أكبر، والتاريخ كان أكبر ... فغلب التاريخ صدامًا وأعاد التاريخ نفسه وما عاد صدام، ليجدد ابن العلقمي دوره من خلال ذريته في العراق، ليمارسوا ذات الدور الذي مارسه جدهم، قبل المعركة، وفي أثنائها، ثم يمارسوا دور التتار بعد المعركة وهذا مالم يعد خافيًا على أحد ...

فما طاب لعلاقمة العصر في العراق أخبار المقاومة التي قام بها عامة الشيعة حتى أصدروا الفتوى من الداخل والخارج بما يسمى: ' وجوب الحياد الإيجابي ' ... أي لا تقاتلوا مع الأمريكان ولا مع صدام، ومقتضاها أن اسمحوا للأمريكان باحتلال بلادكم فتساقطت مناطقهم بعد الفتوى سريعًا: النجف وكربلاء والناصرية والعمارة والبصرة، ثم جيء لبغداد من بوابة مدينة الثورة والتي يقطنها أكثر من مليوني شيعي، وهي المسماة بمدينة صدام وحولوها الآن إلى مدينة الصدر، فكان أن ظهر أهلها في استقبال مذهل للأمريكان ...

وقد بلغنا بطرق متواترة لا تقبل الشك بأن من المجاهدين المتخندقين لمقاومة الزحف الأمريكي على بغداد، واجهوا خدعة كبرى، حيث كان الحاقدون من الرافضة يترصدون لهؤلاء المجاهدين المتخندقين من الجيش العراقي أو المجاهدين العرب فيقتلونهم من الخلف قبل أن يصلهما أمريكان، فوقعوا بين نارين .

ومن المعلوم أن الشعب العراقي كله كان مسلحًا في عمومه ... ولا يعرف هذا المجاهد المطعون من الغادر به ... فاهتبل الحاقدون من الرافضة فرصة الثقة بهم وغفلة العين عنهم، فانقضوا على المجاهدين العرب باسم الحكومة ونسب الغدر بهم إلى الدولة ....!

ولا يختلف إثنان في العراق أن الغدر ليس من طبيعة أهل السنة ... فضلًا عن أن يغدروا بضيفهم ... فكيف يغدروا بأخيهم الغيور الذي جاء يدافع عنهم ....؟!

ولذلك فإنا نعذر كل مجاهد تحدث بأن العراقيين أو الحزبيين غدروا به ..

نعم إنهم عراقيون، لكنهم كانوا هم الحاقدين من الرافضة الذين بيّتوا الأمر بليل على قتل هؤلاء المجاهدين العرب .. وربما يكونون حزبيين في النهاية لكنهم في النهاية كانوا رافضة مخصوصين !

وها هي الأخبار تأتي عن تتبع الحاقدين من الرافضة للمجاهدين العرب أينما كانوا في العراق ... بل إن منهم من أخذ يبحث عن المجاهدين في المستشفيات ويقتلونهم على سرير المستشفى في لحظة ذهول الناس عنه بغيره، وما أعظم الذهول في هذه الظروف، ونحن نعرف بعض من قتل بأسمائهم في المستشفى .!

كيف لا وهم يعتبرونهم ألد أعدائهم ولو كانوا عراقيين من بني وطنهم ..!

أليسوا هم الذين يحاربون الشباب العراقي الملتزم أشد الحرب بحجة أنهم وهابيون كما يسمونهم ... فالخضّار الحاقد الرافضي يرمي الداعية العراقي بالطماطم ـ إذا مر بسوق الخضار في العشار مثلًا ـ ويصيح بهذا الشاب: هوبي .. هوبي .. أي وهابي، وذاك السجّان يوقع على الشاب السني أقسى العذاب لأنه سني، وهو حين يفعل ذلك إنما يتقرب إلى آل البيت بتعذيبه كما يزعم، وموظف الاستخبارات يهييء الأمر ويقوم بالدور، فيكتب عنه أفظع التهم، ويلفق له ويفتري عليه وهكذا كل حاقد من الرافضة من موقعه يؤدي دوره نحو هؤلاء الشباب ... الذين يسمونهم [ وهابية ] ...

فكيف إذا جاء القوم [ وهابي ] ـ كما يقولون ـ من خارج العراق يريد نصرة إخوانه أهل السنة وأهل العراق ...؟

هذا وأهل السنة غير قادرين على حمايته ...!

فليس بمستغرب أبدًا أن يقع هذا الغدر بهؤلاء العرب من الحاقدين من الرافضة ... بل هو المنطق المحتم الذي يحكيه لنا التاريخ من قبل مرارًا في حواث لا تعد ولا تحصى، وجاء الواقع ليثبته ...

ولقد أوكلت أمريكا أمر المجاهدين العرب إليهم ... كان الله في عونهم .

وبغير هذا التغير العقدي التاريخي والجغرافي لن يصل أحد من المحللين إلى فهم المعادلة العراقية والوصول إلى السر الخفي في هذه المعادلة، وسيبقى البحث عن النتيجة الصحيحة لمن لم يعتمد هذه القضية العقدية طلسمًا لن يفككه حتى لو تفككت أعضاؤه ...!

ولقد فهمت أمريكا هذا الأمر جيدًا قبل المجئ إلى العراق، وركزت على هذا الثغر جيدًا، وما زالت حتى بعد نزولها أرض العراق تستحلبه ... ابتداءً بالهجوم الأول عن طريق الكويت، وتركًا للهجوم البري عن طريق السنة الأكراد تمامًا، وقفزًا للهجوم على البصرة والناصرية والنجف والعمارة وكربلاء وتركًا للهجوم على أهل الرمادي الذين هم من أهل السنة المجربين في القتال والإباء ... وقد جرب الأمريكان فعلًا حظهم هناك، فما هي إلا ساعة أو دونها حتى قتلوا جميع الأردنيين وأسروا جميع الأمريكان، وهو مجموع الفريق الذي أسقط إنزالًا .

لقد فهمت أمريكا هذه اللعبة جيدًا حين ركزت على الفاصل العقدي من بعيد .. من خارج العراق .. لعلمها أنه أقوى من الرابط الوطني العراقي الذي حاول اعتماده صدام .. فسخرت عملاءها العلاقمة في بلد خليجي صغير أولًا وإخوانهم في لندن وغيرها ثانيًا، وقام الجميع بدور فظيع في تفكيك الوحدة الوطنية العراقية بعدما ضربت مثلًا رائعًا في الوقوف صفًا واحدًا أمام عدوها دفاعًا عن بلده في أول أيام الحرب ... وما بين عشية وضحاها، تحولت العراق إلى مزق وفرق وأشتات وأشلاء وأعداء .... ووصلت أمريكا إلى عمق بغداد ... حين تحول استقبال الأمريكان من استقبال بالرصاص إلى استقبال بالترحيب والوقوف معهم صفًا واحدًا ضد بلدهم ...!

لقد كان صدام يستطيع أن يعالج هذا الشرخ الهائل في جيشه الكبير بما ذكرنا من تطهير الجيش وتزكيته وتصفيته وإكرامه ... على فترات حكمه الأخير ... ولكنه إذا لم يستطع فعل ذلك، فقد كان يستطيع أن يعالج هذا الشرخ الهائل قبل المواجهة بأشهر ...

نعم، إنه كان يستطيع أن يستفيد من أئمة المساجد وشباب المساجد الذين يتمنون لقاء العدو تحت راية إسلامية صرفة ...

فإن الشباب العراقي المتمسك بدينه كان كثيرًا ـ بحمد الله تعالى ـ وكل واحد من هؤلاء الشباب دخل الخدمة العسكرية العراقية الجديدة، فهو لا يحتاج إلى تدريب كثير، والعراق لا يحتاج إلى هذه الملايين المجندة، فالعبرة ليست بالكثرة، ومائة ألف شاب مجاهد بحق يمكن توفيرها من محافظتين أو ثلاث ... وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ لن يغلب اثنا عشر ألف من قلة ] أخرجه أحمد [ 26689] وأبو داود [ 4286] والحديث صحيح
__________________
السيد عبد الرازق
  #5  
قديم 09-11-2006, 04:15 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي


وإن قناعة الشعب بأمر الجهاد إذا ما تصدى المجاهدون للصليبيين، سوف تتغير رأسا على عقب، وسوف يتسابق الناس إلى الدفاع تدينًا، وسيكون الاستشهاد لديهم أُمْنية .

وقد جرب العالم كله كما رأى صدام بنفسه ماذا صنع المجاهدون العرب في ميادين القتال العراقية، والأفغانية من قبلها، علمًا بأن هؤلاء الذين جاءوا العراق ـ فيما أحسب ـ أغلبيتهم لم يعرفوا القتال قبل ذلك، إنما هو الدين وحب الشهادة فحسب ... ثم إن ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا في الأرض نزل لأجلهم ألف وألف حتى بلغوا خمسة آلاف ملك من السماء .. والله تعالى يقول: [ إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين . بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ]

نعم، كان بإمكان صدام أن يستغني عن الشيعة وعن الغوغاء من سنة وشيعة، ويصفي جيشه من كل منافق بهذه الطريقة .. إذ لم يستطع أن يصفيه قبل سنين، وسوف يرى الصليبيون جنودًا لا قبل لهم بها ولكن يبقى صدام هو ذاك الرجل الذي يظن في نفسه اكتمال التصور ودقة الرأي وهو بعيد عن ذلك، وغيره من أمثاله كثير..

وهناك حقيقة مهمة وهي أن الفرصة التاريخية بل الخطأ التاريخي الذي يجب أن يعترف به الإسلاميون هو أن الذي يتحمل خطأ تفويت هذه الفرصة بالدرجة الأولى هم الإسلاميون أنفسهم، الذين يتطلعون دائمًا إلى لقاء الصليبيين واليهود في ساحتهم، فلما أن جاءوا إلى ساحتنا يريدون احتلال بلادنا، وقفنا منهم هذا الموقف الذي أشبه ما يكون بالموقف السلبي ... وهذه بعض النقولات المهمة عن فقهاء الإسلام في هذه المسألة:

قال السرخسي الحنفي رحمه الله [المبسوط 10/ 98 ]: ' إذا كان قوم من المؤمنين مستأمنين في دار الحرب، فأغار على تلك الدار قوم من أهل الحرب، لم يحل لهؤلاء المسلمين أن يقاتلوهم لأن في القتال تعريض النفس، فلا يحل ذلك إلا على وجه إعلاء كلمة الله عزّ وجل وإعزاز الدين، وذلك لا يوجد ههنا؛ لأن أحكام أهل الشرك غالبة فيهم، فلا يستطيع المسلمون أن يحكموا بأحكام أهل الإسلام، فكان قتالهم في الصورة لإعلاء كلمة الشرك وذلك لا يحل إلا أن يخافوا على أنفسهم من أولئك؛ فحينئذ لا بأس بأن يقاتلوهم للدفع عن أنفسهم، لا لإعلاء كلمة الشرك، والأصل فيه حديث جعفر رضي الله عنه، فإنه قاتل بالحبشة العدو الذي كان قصد النجاشي، وإنما فعل ذلك؛ لأنه لما كان مع المسلمين يومئذ آمنًا عند النجاشي فكان يخاف على نفسه وعلى المسلمين من غيره، فعرفنا أنه لا بأس بذلك عند الخوف'.

وقال محمد بن الحسن رحمه الله [شرح السير 4/ 1515]: 'إذا كانوا يخافون أولئك الآخرين على أنفسهم، فلا بأس بأن يقاتلوهم؛ لأنهم يدفعون الآن شر القتل عن أنفسهم، فإنهم يأمنون الذين هم في أيديهم على أنفسهم، ولا يأمنون الآخرين إن وقعوا في أيديهم، فحل لهم أن يقاتلوا دفعًا عن أنفسهم'.

وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله [كشاف القناع 3 / 63]: 'تحرم إعانة الكفار على عدو منهم إلا خوفًا من شرهم، لقوله تعالى [لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله]'.

إن الحكم الشرعي الذي قرره هؤلاء العلماء الثلاثة وغيرهم كثير هو:

'الجواز الشرعي للقتال تحت راية الحاكم الكافر بالقيد المذكور، أما إذا كان مسلمًا فلا خلاف في الوجوب، ومع هذا فثمة أمور لابد من بيانها على ما نقلناه عن السرخسي ومحمد بن الحسن والبهوتي، لئلا يخطئ أحدٌ في تطبيقها على الواقع العراقي، تلك الأمور هي:

أولًا: قال السرخسي 'إذا كان قوم من المسلمين مستأمنين في دار حرب'.

والواقع أن العراق بلد إسلامي وهي دار إسلام واهلها ليسوا مستأمنين وإنما هم مسلمون في دار إسلام، وعليه فإنه إذا اختلف الوصف إختلف الحكم .... والحكم يدور مع علته كما هو مقررويصبح الدفاع عنها، دفاعًا عن دار الإسلام والدفاع عن دار الإسلام فرض عين على أهلها ... كما سيمر معنا في المعالم القادمة .

ثانيًا: قوله 'إلا أن يخافوا على أنفسهم من أولئك' وهذا ضابط المستأمنين الذين في دار الحرب، أما إذا كانوا مسلمين في دار إسلام فإن الخوف يتعدى النفس إلى الدين أولًا وإلى بلاد المسلمين ثانيًا، وإلى انتهاك الضرورات الخمس، وقرائن ذلك في أفغانستان وغيرها قائمة.

بل لو كان ثمة عدو تخافه على نفسك وعدو تخافه على دينك، فوجب رد العدو الذي تخافه على دينك، وإن اقتضى ذلك الوقف مع العدو الذي تخافه على نفسك، وذلك لقول الله تعالى 'الفتنة أكبر من القتل' وقوله 'قل إن كان آباؤكم .... إلى قوله وهو الشاهد ... أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره'.

من حق القارئ أن يسأل 'مفكرة الإسلام' فيقول: أهذا وقت إثارة هذه الفتنة ما بين السنة والشيعة ...؟ أليس من الحكمة إغفالها ولو لهذه الفترة ...؟

فنقول: إنا نؤكد أننا لم نتحدث أبدًا عن عموم الشيعة العراقين ... إنما نخص دائمًا فئة قليلة بمصطلح الحاقدين وأغلب هذه الفئة هم ممن يتلقى تعليماتهم من الأعاجم، فوطنيتهم معدومة .

نقول: كل واحد له خبرة في شيعة العالم، يعرف جيدًا أن شيعة العراق هم أقرب ما يكونون من حيث العلاقات والتعاملات وإسقاط الحاجز النفسي ما بينهم وبين سنة العراق ... ولكن هذا واقع فيما بين العامة من الفريقين ... أما حين يتدخل الحاقدون، فإن هذا العامي يتحول إلى شيء آخر ... إلى سهم مسموم !

ثم إننا حين نحكي التاريخ لا ينبغي أن نحكيه على أنه تاريخ فترة بل تاريخ أمة فهذا حق الأجيال القادمة، ولو أننا فرضنا أن صدامًا استوعب هذا الأمر جيدًا ولم يغره زعم الوحدة الوطنية، واتخذ الاحتياطات اللازمة والكافية والكفيلة بالحيلولة دون الوقوع في هذا المهوى القاتل لما حصل للعراق كل هذا الذي حصل ...

نحن لا نشك أن صدامًا كان على علم كاف بسقوط بغداد الأول بابن العلقمي ودوره ... كيف لا وهو المولع بقراءة التاريخ وهو الذي أنشأ كلية خاصة للتاريخ الإسلامي .؟! لكن الواقع الذي رآه كان أكبر من الذي توقعه ... ولك أن تتصور لو أنه تصور هذه الكارثة كما هي الآن ... فلا شك أنه سيكون لصدام ولها شأن آخر ... وسيعلم أن الفتاوى التي أمر بإصدارها من الحوزات بوجوب وحدة الصف لم تكن كافية
__________________
السيد عبد الرازق
  #6  
قديم 09-11-2006, 04:18 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

وأن العهد والإيمان التي اتخذته العشائر الشيعية لم يكن كافيًا !

وأن الاجتماع الشيعي والتعاهد على خرقة العباس وهي أعلى موثق عند القوم لم يكن كافيًا ..!

وأن مبايعة أهل العشائر في التلفزيون العراقي أمام العالمين لم يكن حاجزًا دون الرجوع عن كل ذلك إذا ما صدرت فتوى تنسف كل هذه الأيمان المغلظة والعهود الموثقة .... وقد كان ذلك، وانقلب القوم رأسًا على عقب ....!

وأخيرًا فإن رواية التاريخ كما هو في واقع الأمر واجب علينا من جهة، وحجة علينا وعلى الأمة من جهة أخرى إذا لم تقم بدورها في الحيلولة دون تكرار الكارثة بعد ذلك مرارًا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ' لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ' كما أن هذا هو من واجب النصح لكل مسلم .

بل إن التاريخ يقول يجب أن تكونوا أشد ريبة وخشية منهم إذا رأيتم علماء الرافضة يطالبون السنة بإسقاط الفروق العقدية وتناسي المذاهب، والإنضواء تحت راية الإسلام الموحدة ومظلته العامة ... كما هو حاصل الآن ... ذلك أنهم إنما يريدون أن يجعلوا من السنة العراقيين مطية لبلوغ هدف حكمهم لأهل السنة في العراق ...

ذلك أن الرافضة على علم بأمور ثلاثة ...

أما الأول: فسلامة قلوب أهل السنة العراقيين وقابليتهم للانخداع مرة ومـرات ولهم في ذلك تجـارب ...

والثاني: أنه ليس للسنة في العراق حوزة ولا مرجعية علمية يرجعون إليها ... فضلًا عن أن يكون لهذه المرجعية هدف حكم البلاد ..!

ثالثًا: ليس لأهل السنة في العراق سند سني خارجي، فضلا عن أن يكون لهم دولة شرعية سنية تعتبر قضيتهم قضيتها، أما الرافضة فعلى العكس من كل ذلك بالإضافة أن دولتهم العقدية مجاورة ....؟!

أوليس السكوت هنا جريمة في حق أهل السنة، وأهل السنة ليس في العراق اليوم وإنما في حق أهل السنة على مدى تاريخهم الطويل وعلى مستوى الأمة، بل هو خيانة الأمانة التاريخية للأجيال القادمة، وإعانة على تمرير هذا المخطط الرهيب تحت ستار العفو من جهة واحدة فهم في الوقت الذي يخرجون في المناطق التي فيها الغلبة للسنة بمظاهرات تقول: [لا سنة ولا شيعة ...] ويلقون خطابات التسامح، يقوم إخوانهم في مناطقهم بشعارات واضحة ولافتات كبيرة تقول [حوزتنا تحكمنا] ... ولافتات تقول [ لا ديمقراطية ولا بعثية ... بل جمهورية إسلامية] ...

وإنهم في كل تصرف من تصرفاتهم اليوم، ويقطعون خطوة نحو هدفهم النهائي، ففي الوقت الذي تجد فيه كل شيعي ينوح بأعلى صوته على قتلاه الذين قتلهم صدام حسين، ربما منذ فترة طويلة، وكأنهم أحياء في السجون، وربما لم يقتلهم أساسًا تجد كل شيعي يسود صورة صدام حسين بأبشع ما يستطيع من التشويه، في هذه الوقت تجد الكثير من أهل السنة يرددون هذه المقولات من غير تبين وعلى حسن نية، أما الرافضة فيريدون الوصول منه إلى هدفهم الحقيقي وهو ... أن حكم السنة للعراق هو حكم ظالم بدليل ما فعله صدام حسين السني فينا ... فلا نريد حكما سنيًا بعد اليوم وعليه فإن البديل الصحيح هو أن يحكم العراق الرافضة ... وخصوصًا وأنهم الأكثرية كما يزعمون ....

ولقد جاء إحراقهم لسجلات الدولة كخطوة إستراتيجية رهيبة في هذا السياق ...

فلقد ذهبت بهذا الخطوة حقيقة التركيبة السكانية للعراق، وذهبت أسماء من طردهم صدام من قبل من العراق ممن لهم أصول فارسية وولاءاتهم فارسية ...

وبهذا الإحراق أصبحت التركيبة السكانية الآن مفتوحة، وسوف يشهد العراقيون السنة هجرة رهيبة من المناطق الشيعية الإيرانية العربية إلى المناطق العراقية العربية ... وسيكون للسجلات الجديدة مصداقية أكبر، وللشيعة لأول مرة نسبة أكبر.

هكذا يغير التاريخ على الأرض، ويفرض على التاريخ الحق تاريخًا مصطنعًا، لكنه واقعًا، رضى من رضى، وأبى من أبى ... ومن يستطيع أن يفرز هؤلاء عن هؤلاء

فإذا لم تكن ثمة سجلات ولا تواريخ ... اللهم إلا شهادة العشائر، فكيف إذا كانت عشائر هؤلاء هي المتواطئة لهؤلاء، 'وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال '.

وللحقيقة التاريخية فإنه لا يمكن إنكار ما فعله صدام حسين بهم، ولكن الواقع خير شاهد على أن ما اتخذه صدام حسين في الجملة كان هو الأسلوب الأنسب لضبط البلاد بالطريقة الموافقة لمنهج صدام حسين من جهة والمناسبة لمواقف الحاقدين منهم من جهة أخرى، فما كاد شبح صدام حسين يختفي عن السلطة العراقية حتى صنع الشيعة ما صنعوا في العراق وخصوصًا في مناطق السنة المجاورة إلى مناطقهم ... فماذا ترى لو أن قبضة صدام ارتخت يومًا من الأيام ...؟!

والأيام ستثبت ما سيصنعه هؤلاء الحاقدون في البلاد والعباد بعد غياب صدام ..!

ولعل البعض يحتج بأنهم ماكانوا كذلك قبل صدام حسين وقد كانوا طوال عمرهم موالين للعراق، وحكومتهم ....

والجواب: نعم، إن هذا كان صحيحًا قبل قيام الدولة الخمينية، أما حين ظهرت دولة الخميني فقد تحول ولاء كل شيعي في العالم إلى قم وإيران وبني فارس بعدما كان ولاؤه من قبل إلى بلدانهم وبني قومهم ...

نحن لا ننكر أبدًا ما فعله صدام بهم، ولكن ينبغي أن لا ينكروا ما فعلوا هم بالعراق في السلم والحرب، من المظاهرات، والاغتيالات والتفجيرات، وشبكات تجسس لإيران، ولغير إيران، ومحاولات الانقلاب، وخيانات على أعلى المستويات، وأما في الحرب العراقية الإيرانية فحدث ولا حرج، وليس تسليم منطقة المحمّرة العراقية المحاطة بالألغام والأسلاك والحفر والتلال وغير ذلك لإيران من قبل قائدها الرافضي عنا ببعيد، تلك التي راح ضحية الخيانة فيها ما يقارب الستون ألف جندي عراقي، منهم من غرق في شط العرب وأغلبيتهم الساحقة وقعوا في الأسر في أيدي القوات الإيرانية في مأساة كبرى لم تتطرق لها وسائل إعلامنا لعدم رغبة كثير من الجهات في إحيائها والتذكير بها ...

إن الذي يتحدث عن العراق ويريد أن يفسر ما يجري في العراق تفسيرًا صحيحًا ينبغي أن يتصور العراق كما هو في تركيبته الفريدة من بين دول العالم جميعًا، ولو تصور المحلل من خلال موقعه كرأس للعراق يريد حكم هذه البلد، لربما لن يجد طريقة لحكمه ولا لبقائه في الحكم وبقاء الأمن مستتبًا في البلاد إلا بواحد من ثلاثة طرق، فإما طريقة صدام حسين الاستئصالية للمخالفين وإما ترك الحكم والاستسلام أو انتظار الغدر والخيانة في أية لحظة به...

وإننا إذ نذكر هذا إنما نذكره لنوصل القارئ إلى تصور الأمر كما هو في العراق لا كما هو في المملكة الأردنية ولا المملكة العربية السعودية ولا الشام ولا مصر ... إنه العراق وإنه التاريخ ..!

الرافضة العراقيون الذين كلما هدأوا يومًا قام من يثيرهم من الجيران، الرافضة العراقيون الذين هم قِبْلة الرافضة في العالم كله، ذلك أنهم أصحاب قبلة الحسينيات في العالم، فالمقامات هنا، والمزارات هنا والأئمة هنا .... وما هو أفضل من الكعبة عندهم هنا ..!

فكيف يرضون يومًا أن تكون قبلتهم تحت حكم خصومهم الأصليين ؟!

ومازالوا منذ زمن يحلمون بهذا الحلم، وقد اقترب .... أيتركونه وهم يستطيعون غير ذلك ...؟!

لا لن يتركوه، حتى لو لم يكن حكمًا شيعيًا صرفًا، فليكن حكمًا علمانيًا أو ديموقراطيًا أو أي حكم على أن يكون الحاكم شيعيًا ... إن القضية قضية مدروسة، وهادفة عند الشيعة، فمن رأى إحراق المكتبات السنية التاريخية في العراق عرف أنها كانت مدروسة، ومن رأى إحراق مكتبة المتنبي العظيمة قبل الحرب في بغداد من قبلهم عرف أنها مدروسة ومن علم أن صدامًا كان قد أمر بتخزين دار المخطوطات العراقية في مكان آمن قبل الحرب كان يعي الكثير من الخطر، وأنه يعي ما قاله من قبل من إطلاق إسم ' مغول العصر ' على الأمريكان، لكن المغول هذه المرة كانوا هم الحاقدين من الرافضة العراقيين بإشارة وتشجيع الأمريكان، وبتغذية الخارجين الحاقدين من الشيعة ...

إن الأيام تثبت أن صدامًا كان على حق في كثير من شدته على هؤلاء .. ونحن نطالب من أي معارض لهذه الفكرة أن ينظر فيما صنعه الشيعة في مساجد السنة القائمة في النجف وكربلاء والعمارة والناصرية ومصيرها بعد ذهاب صدام، هل بقي منها مسجد لم يحول إلى حسينية ولم يطرد منه إمامه ؟!

ولأننا نكتب التاريخ منتهين إلى اللحظة التي نكتب فيها، فإننا نسأل الله تعالى أن لا يسجل التاريخ مذابح يكون ضحيتها الشعب العراقي، والسنة على وجه الخصوص، ويطير بخيرها الاستعمار الأمريكي .

ومع هذا فإنا هنا نؤكد ونذكر بأننا في هذا البحث ما كنا نعمم الخطأ على جميع الرافضة العراقيين … حاشا … فالذي يتأمل في البحث يجد أننا ما ذكرناهم مرة إلا وخصصنا بقولنا [ الحاقدين من الرافضة ] وحرف [ من ] للتبعيض .

ومع هذا فإنا نعود لنؤكد بأن الأسلوب الأنسب للتعامل معهم هو الحوار الصادق والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ...

وإن الخطأ الفاضح الواضح الذي وقع فيه صدام حول الرافضة من المستحيل علاجه قبيل الحرب بأيام، ولقد حاول محاولات جادة لكـن الوقت كان ينفـد من بين يديه نتيجة سياساته الخاطئة ..!







__________________
السيد عبد الرازق
  #7  
قديم 09-11-2006, 04:21 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

العبرة الرابعة ـ الحذر من اليهود:



الملف الصحفي :عام :



العبرة الرابعة ـ الحذر من اليهود:

من الحقائق التي لا ينبغي أن يغفل عنها من يريد أن يتصدى لقضية الأمة الكبرى، هو استبانة سبيل المجرمين، ورصد كيدهم، وأخذ الحذر منهم، والاعتبار بما صنعوا بغيره من قبل، وجعل ذلك جزءًا من الإيمان، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ... وهنا نتساءل هل كان صدام عدوًا لليهود حقيقة ؟

والجواب: إن قول البعض أن صدامًا عميل لليهود ليدل على مدى المكر اليهودي الذي جعل هذا القائل الحاذق ضحية من ضحايا اليهود، وهو يرى بعينه ويسمع بأذنيه ما صنع اليهود بصدام ... ثم يبقى يقول: كذبت عيني وأخطأت أذني وصدق اليهود، ولكن سينقطع نفس من يعتقد هذا الأمر من كثرة ما سيحتاج إلى تأويل مواقف هذا الرجل ويحملها على أسوأ المحامل من كثرة مواقفه المعادية لليهود، بل من منهجيته في عداء اليهود حتى يخال لك أنه ليس لهذا الرجل من هم في الدنيا إلا الإعداد لليهود، ومعاداة اليهود، والثبات على ذلك حتى آخر نفس في حياته ولو كلفه ذلك ملكه، وحياته، وقد كان منه ذلك وقد كان من اليهود ما رأينا ...!

وسوف نتناول عينات من عداء صدام لليهود وعليك أن تقارنها بالمواقف الأخرى لأمثاله ....

الموقف الأول ـ الصراع النووي:

الحقيقة أن هذه حلقة واحدة من الصراع، لكنها حلقة مظلمة وطويلة ومريرة ومستمرة إلى لحظة سقوط بغداد .. وبعدها انفتح الطريق أمام اليهود ..

صراع متواصل بين المخابرات الإسرائيلية والمخابرات العراقية ... وملاحقات حول صفقات أرادها العراق، وأراد منها الحصول على السلاح النووي، وعلماء عراقيون كثر أرسلهم صدام كي يتمكنوا من هذا العلم ليأتوا بسره إلى العراق من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول ... وعلماء عرب استقطبهم صدام ومنحهم كل ما يريدون حتى يحققوا حلمه باقتناء السلاح الذري، ومصانع حاول شراءها وخصوصًا من أوروبا الشرقية ومن الجمهوريات الروسية المنحلة، ومحاولات ... ومحاولات .....

وقصص تكفي لعرض مسلسلات بوليسية تلفزيونية تستمر لسنوات ..!

وعلى سبيل المثال نذكر من تلك القصص ما ظهر للناس من طرد وقتل بعض العاملين من إحدى الدول العربية في العراق وترحيلهم إلى بلادهم ... ذلك أن العراق حين فتح الباب أمام هذه الجالية للعمل في العراق في الزراعة والصناعة والتجارة المحلية وغيرها، حتى بلغت أعدادهم أكثر من ثلاثة ملايين ... عندها تمكن الموساد من خلال رجاله المتغلغلين في هؤلاء من دخول العراق حتى استطاعوا أن ينفذوا إلى أضخم معامل التصنيع العسكري العراقية، حتى يتمكنوا جيدًا من تلك المصانع إلى اللحظة الحاسمة التي استطاعوا تفجير عدد منها في وقت واحد، وقد كان منها مصانع صواريخ ضخمة ... وبعد التحقيق تبين أن الموساد هو صاحب اليد الخفية فيها ... فتتبعوا بقايا رجاله وعملائه في العراق فأخذوا جزاءهم .. ورحل من رحل منهم إلى بلدهم ... وبقي أكثر هؤلاء في العراق وهم يشهدون إلى هذا اليوم بأنهم عوملوا معاملة الضيف طوال إقامتهم الطويلة، إلا بعض حالات فردية لا يمكن إنكارها ...

أما صدام نفسه فقد كان يأمر مرارًا بوجوب مساواة هؤلاء بالعراقي في كل شيء ...

لقد كانت ضربة أليمة وموجعة للتصنيع العراقي في ذلك الوقت العصيب !

الموقف الثاني ـ ضرب المفاعل النووي العراقي:

لقد كانت إسرائيل أكثر حذرًا وأبعد نظرًا من هؤلاء العرب الذين أساؤوا الظن كثيرًا حين علمت أن العراق قد أوشك على الانتهاء من استكمال المصنع الذري العراقي، وما بقي بينه وبين صناعة القنبلة الذرية إلا أشهر ...

لقد كانت إسرائيل أكثر وعيًا من هؤلاء الذين ظنوا أن العراق إنما صنع هذه الصناعة العظيمة للهجوم عليهم، في وقت لم يكن صدام قد هاجم فيه الكويت بعد ..!

هذا وهم يعلمون أن هذه الدول أهون من أن يستخدم صدام معها السلاح الذري ...

والدليل ظاهر ... أليست إيران أقوى دول المنطقة ... لقد ذاقت إيران أقسى هزيمة ... وتجرع الخميني عندها السم باعترافه هو ... هذا ولم يستخدم معها صدام سلاحًا ذريًا ... فكيف يطلق ذلك السلاح على الكويت وهي لم تقف من أولها إلى آخرها أمام جيوشه ساعة واحدة ؟!!

إذًا فدعوى أن العراق إنما أراد امتلاك السلاح الذري لتهديد دول الجوار، إنما أراد به الأمريكان والإسرائيليون إعانة دول الجوار عليه إذا ضربوه، وقد كان لهم ذلك ..

وإن الخطأ الذي يبقى معذبًا لصدام ـ بغير شك ـ حتى يموت، هو وقوفه تلك الليلة وبيده قطعة بحدود النصف ذراع، وقد ظهر منتشيًا يتساءل .. أتعرفون هذا ..؟ هذا هو القاذف الذي صنعه أبناء العراق .... والذي به سوف أحرق نصف إسرائيل !

نعم؛ لقد أراد صدام بهذا الخبر المفاجئ أن يضع إسرائيل أمام الأمر الواقع فلا تستطيع عمل أي شيء إذا علمت بأنه تم للعراق استكمال صناعة القنبلة الذرية كي تمضي الأشهر المتبقية فيتم له ما يريد فعليًا ... ومن يدري فلعل ذلك كان نتيجة شك منه أن لدى إسرائيل علم بعدم انتهاء صناعته، فأراد أن يقطع المسألة عندهم ... فأعطاهم هذه المعلومة كي يسقط في أيديهم ... ولعل إسرائيل كانت على علم مسبق بما وصل إليه البرنامج الذري العراقي من خلال خيوط أخطبوطها المهيمن على عموم مصادر السلاح الذري في العالم، أو لعلها تفحصت المفاعل الذري العراقي من خلال الأقمار الصناعية الأمريكية التي ما وجدت الرنين الذري أو الوميض الذري في المفاعل فاستعجلت الهجوم . فكانت تلك الضربة القاضية بالمعونات العربية المعروفة !

لقد كان صدام والإسرائيليون يعرفون جيدًا النص الوارد في بعض الأسفار[سيكون ملك بابلي يحرق نصف إسرائيل] ...!

أما هؤلاء العرب فما كانوا يعرفون أكثر مما يقال لهم، ولا يثقون إلا بعدوهم ..!

وبعدما دمرت إسرائيل المفاعل الذري العراقي قام صدام وقال: سوف نرد على إسرائيل في اللحظة المناسبة ...ومنذ ذلك الحين وهو يسعى لتحقيق وعده ذاك ... وجاء دور المدفع العملاق ... والذي ظنناه في وقته وهمًا مصطنعًا أراد العدو من خلاله أن يقدم مبررًا لضرب العراق، ولكنه كان فعلًا حقيقة ... وقد شرع العراقيون يبنون موقعًا للمدفع تحت الأرض بأربعة عشر طابقًا، وأما وصف طبقة الخرسانة وضخامتها فهذا شيء مذهل، وأما قصة المدفع الأساسية فإن الذي أبدع فكرته كان عالمًا كنديًا ... فذهب إلى أمريكا وعرض عليهم الفكرة .. فرفضوها لسببين:

الأول: استغناؤهم عنها بالصواريخ ...

والثاني: تكلفته الباهظة ...

علمًا بأنه لا يوجد في أمريكا ولا في غيرها مدفع عملاق، وحين علم صدام حسين به أرسل له مباشرة ووقع معه اتفاقًا سريًا، وشرعوا في العمل ... وجيء بقطعة عملاقة، وعندها اكتشفت للمخابرات البريطانية الخبر وأمسكت السفينة ...

وكان مدى هذا المدفع أكثر من ألفي كيلو متر ... أي أبعد من إسرائيل ويغني عن الصواريخ في الوصول إلى الهدف المطلوب ..

ومع هذا استمرت محاولاته المستميتة لتحقيق وعده ...

ولقد بدأ الرئيس العراقي المخلوع بمفردة عربية غريبة، حين فكر بإنشاء جيل من العلماء العراقيين الكبار، فكان يسمى [أبو العلماء]، فلقد جعل جلّ وزرائه من أساتذة الجامعات وحاملي شهادات الدكتوراه، ومنهم علماء كبار في علوم الذرة كالدكتور [عامر رشيد] وزير النفط العراقي وزوجته العالمة الجرثومية المسماة في أمريكا بـ [الجرثومة]، وعالم الذرة الدكتور [همام عبد الخالق] وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وهو مطلوب لأمريكا وإسرائيل قبل الحرب، وقد أشاعوا أنه سلم نفسه ... والله أعلم بالحقيقة .

ثم أنشأ جيلًا كبيرًا من العلماء، وأغدق على إبداعاتهم، وأنفق على دراستهم في الخارج وأتى بهم إلى العراق ووفر لهم ما يريدون، وأنشأ لهم وزارة أسماها: وزارة التصنيع العسكري، وهيئة كبرى اسمها: هيئة الطاقة الذرية ... وأتى لهم بعلماء ذرة من روسيا المتفككة وغيرها ... وما يأتي بعالم إلا ويجعل العراقيين يصحبونه، حتى يأخذوا عنه علمه .

وللحقيقة التاريخية المتيقن منها نقلًا عمن سمع صدام نفسه، أن العلماء العراقيين بلغوا أكثر من سبعين ألف عالم متخصص، وهاهم اليوم في أرض العراق كل واحد منهم ثروة سائبة لا يساوي شيئًا، مع أن الحقيقة أن بئر النفط لا يساوي عالمًا واحدًا منهم، لكنهم أصبحوا بعد صدام ثروة بلا حام، وصغارًا كالأيتام، وأصفارًا بلا أرقام ... كيف وقد كان الأهل والأرحام من كثير من الدول العربية يتشفعون عند صدام كي يسلمهم إلى عدوهم من أجل أن يحققوا معهم ... لكنه أَنِفَ من هذا الخلق ولم يفعل كما فعل الرئيس الليبي معمر القذافي بأصحاب ' لوكربي '، حتى قامت الحرب فعلًا وهو ثابت، ولا أحد من الأهل والأرحام اليوم يجرؤ أن يأوي واحدًا منهم في بلده ... لتدخل إسرائيل فرقًا خاصة للبحث عنهم في جنبات العراق .. هذا إن بقي أحد منهم حتى اللحظة في العراق، ومنهم من لجأ إلى إيران حتى ينجو بنفسه وقد كانت الفرحة الإيرانية كبيرة بهم، فهم من سيرفعون من مستواها النووي، ويا حسرتا على مثل هذه الكنوز العراقية والتي ستجعلها بلا شك إيران أدوات في توسيع نفوذها و إرهابها في منطقة الخليج بالذات .

والواقع أن ما وجدته أمريكا من الوثائق السرية العسكرية في الملفات العراقية يساوي عندها احتلال العراق كله، فبها طوقت أعناق بلدان، وبها كشفت أسرار شركات، وبها عرفت علمًا وعلماء ... وبها قفزت على الجراح بالحراب .

ولم يكن هؤلاء العلماء صورًا ولا أسماء بلا حقائق .. بل شهدت السوح لهؤلاء العلماء بإنتاج عجيب، وليس إنزال أو إسقاط طائرة الاستطلاع الأمريكية أمر سهل، ولا إنشاء مئات المنشآت العسكرية شيئا قليلا ولا صناعة طائرة استطلاع أمرا تافها .. ويبقى الاكتفاء الذاتي من قطع الغيار للمصانع العراقية والآليات إنجازًا لم تستطع الدولة المطلقة السراح الوصول إليه فكيف بالعراق المكبل من أكثر من عقد من الزمن ...

لكن كل ذلك ... وغيره أصبح اليوم تاريخًا سيئًا..!

الموقف الثالث ـ الانتفاضة الفلسطينية:

وجدت الانتفاضة الفلسطينية من نظام صدام المخلوع ما لم تجده من كثير من الدول التي تنادي بحب فلسطين ... هذا إن وجدت منها أكثر من مواد إغاثية أو إعانات لصندوق المنظمة تصرف في كل شيء إلا فيما يقوي الانتفاضة ...

وقد كانت المعونات العراقية مركزة بالدرجة الأولى على ما يسعر الانتفاضة ... وكان منها السرية ومنها العلنية، وأعلم الناس بهذا هم الإسرائيليون والمجاهدون الفلسطينيون واسألوا قادة حركة حماس سؤالًا خاصًا لاأمام تلفاز أو جهاز تسجيل فالخبر عندهم يقين ... نعم إن إسرائيل تعرف ذلك جيدًا ... وإلا كيف تضع وزيرًا خاصًا بالعراق اسمه وزير الدولة للشؤون العراقية ...

وفي آخر زيارة شارون لأمريكا قال بوش لشارون: لعل الانتفاضة أتعبتكم وآذتكم ..؟! فقال شارون: 'إن الانتفاضة مثل الزكام .. أما العراق فهو الصداع النصفي ..!'.

وقد قال بوش وطاقمه مرارًا وتكرارًا: 'بأن السلام بين إسرائيل والعرب لن يتحقق مادام صدام في السلطة، وسنتمكن من تحقيق السلام بعد زوال هذا النظام ؟!'

__________________
السيد عبد الرازق
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م