والحقيقة أن ابن زياد هو الذي خالف الوجهة الشرعية والسياسية حين أقدم على قتل الحسين، فقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: .. فإن جاء آخر ينازع فاضربوا عنق الآخر. مسلم (12/233). فإن هذا الحديث لا يتناول الحسين، لأنه عرض عليهم الصلح فلم يقبلوا، ثم كان مجيئه بناء على طلب أهل البلد وليس ابتداعاً منه، يقول النووي معلقاً على الحديث: قوله فاضربوا عنق الآخر معناه: فادفعوا الثاني، فإنه خارج على الإمام فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فاقتلوه. شرح مسلم (12/234). وبذلك يكون الظالم هو ابن زياد وجيشه الذين أقدموا على قتل الحسين رضي الله عنه بعد أن رفضوا ما عرض الحسين من الصلح .
ثم إن نصح الصحابة للحسين يجب أن لا يفهم على أنهم يرونه خارجاً على الإمام، وأن دمه حينئذ يكون هدراً، بل إن الصحابة رضوان الله عليهم أدركوا خطورة أهل الكوفة على الحسين وعرفوا أن أهل الكوفة كذابين، وقد حملت تعابير نصائحهم هذه المفاهيم .
يقول ابن خلدون في المقدمة (ص 271): فتبين بذلك غلط الحسين، إلا أنه في أمر دنيوي لا يضره الغلط فيه، وأما الحكم الشرعي فلم يغلط فيه، لأنه منوط بظنه، وكان ظنه القدرة على ذلك، وأما الصحابة رضوان الله عليهم الذين كانوا بالحجاز ومصر والعراق والشام والذين لم يتابعوا الحسين رضوان الله عليه، فلم ينكروا عليه ولا أثمّوه، لأنه مجتهد وهو أسوة للمجتهدين به .
ويقول شيخ الإسلام في منهاج السنة (4/556): وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي يأمر فيها بقتل المفارق للجماعة لم تتناوله، فإنه رضي الله عنه لم يفارق الجماعة، ولم يقتل إلا وهو طالب للرجوع إلى بلده أو إلى الثغر أو إلى يزيد، وداخلاً في الجماعة معرضاً عن تفريق الأمة، ولو كان طالب ذلك أقل الناس لوجب إجابته إلى ذلك، فكيف لا تجب إجابة الحسين. ويقول في موضع آخر (6/340): ولم يقاتل وهو طالب الولاية، بل قتل بعد أن عرض الانصراف بإحدى ثلاث .. بل قتل وهو يدفع الأسر عن نفسه، فقتل مظلوماً .
أما عن موقف يزيد بن معاوية رحمه الله من قتل الحسين رضي الله عنه ..
كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث ويستشيره في شأن أبناء الحسين ونسائه، فلما بلغ الخبر إلى يزيد بن معاوية بكى وقال: كنت أرضى من طاعتهم أي أهل العراق بدون قتل الحسين .. لعن الله ابن مرجانة لقد وجده بعيد الرحم منه، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين. الطبري (5/393) بسند كل رجاله ثقات ماعدا مولى معاوية وهو مبهم. والبلاذري في أنساب الأشراف (3/219، 220) بسند حسن.
وفي رواية أنه قال: .. أما والله لو كنت صاحبه، ثم لم أقدر على دفع القتل عنه لا ببعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه. الجوزقاني في الأباطيل والمناكير (1/265) بسند كل رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً بين الشعبي والمدائني.
فجاء رد يزيد على ابن زياد يأمره بإرسال الأسارى إليه؛ فبارد ذكوان أبو خالد فأعطاهم عشرة آلاف درهم فتجهزوا بها. الطبقات لابن سعد (5/393) بإسناد جمعي.
ومن هنا يعلم أن ابن زياد لم يحمل آل الحسين بشكل مؤلم أو أنه حملهم مغللين كما ورد في بعض الروايات .
وكان رد يزيد رحمه الله على ابن زياد كان مخالفاً لما يطمع إليه ابن زياد، حيث كان يطمع بأن يقره يزيد على الكوفة، فلم يقره على عمله بل سبه ونال منه بسبب تصرفه مع الحسين، وهنا يكون الداعي أكبر لأن يحمل ابن زياد آل الحسين على صورة لائقة لعلها تخفف من حدة وغضب يزيد عليه.
ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله في منهاج السنة (4/559): وأما ما ذكر من سبي نسائه والذراري والدوران بهم في البلاد وحملهم على الجمال بغير أقتاب، فهذا كذب وباطل، ما سبى المسلمون ولله الحمد هاشمية قط، ولا استحلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم سبي بين هاشم قط، ولكن كان أهل الجهل والهوى يكذبون كثيراً.
ولما دخل أبناء الحسين على يزيد قالت: فاطمة بنت الحسين: يا يزيد أبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا؟ قال: بل حرائر كرام، أدخلي على بنات عمك تجديهن قد فعلن ما فعلت، قالت فاطمة: فدخلت إليهن فما وجدت فيهن سفيانية إلا ملتزمة تبكي. الطبري (5/464) من طريق عوانة.
وعندما دخل علي بن الحسين على يزيد قال: يا حبيب إن أباك قطع رحمي وظلمني فصنع الله به ما رأيت يقصد أنه قد حدث له ما قدره الله له -، فقال علي بن الحسين {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير}[الحديد/22]، ثم طلب يزيد من ابنه خالد أن يجبه، فلم يدر خالد ما يقول فقال يزيد قل له:{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}[الشورى/30]. الطبري (5/464) من طريق عوانة وأنساب الأشراف (3/220) بإسناد حسن.
وأرسل يزيد إلى كل امرأة من الهاشميات يسأل عن كل ما أخذ لهن كل امرأة تدعي شيئاً بالغاً ما بلغ إلا أضعفه لهن في العطية. وكان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا دعى علي بن الحسين. وبعث يزيد إلى المدينة فقدم عليه ذوي السن من موالي بني هاشم ومن موالي نبي علي. -ولعل يزيد أراد باستقدامه لهؤلاء الموالي إظهار مكانة الحسين وذويه ويكون لهم موكب عزيز عند دخول المدينة-. وبعد أن وصل الموالي أمر يزيد بنساء الحسين وبناته أن يتجهزن وأعطاهن كل ما طلبن حتى أنه لم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر بها. وقبل أن يغادروا قال يزيد لعي بن الحسين إن أحببت أن تقيم عندنا فنصل رحمك ونعرف لك حقك فعلت. ابن سعد في الطبقات (5/397) بإسناد جمعي.
قال شيخ الإسلام في المنهاج (4/559): وأكرم أبناء الحسين وخيرهم بين المقام عنده والذهاب إلى المدينة فاختاروا الرجوع إلى المدينة.
وعند مغادرتهم دمشق كرر يزيد الاعتذار من علي بن الحسين وقال: لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه ما سألني خصلة أبداً إلا أعطيتها إياه ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي ولكن الله قضى ما رأيت، كاتبني بكل حاجة تكون لك. الطري (5/462) .
وأمر يزيد بأن يرافق ذرية الحسين وفد من موالي بني سفيان، وأمر المصاحبين لهم أن ينزلوا بهم حيث شاءوا ومتى شاءوا، وبعث معهم محرز بن حريث الكلبي وكان من أفاضل أهل الشام. ابن سعد في الطبقات (5/397) بإسناد جمعي.
وخرج آل الحسين من دمشق محفوفين بأسباب الاحترام والتقدير حتى وصلوا إلى المدينة. قال ابن كثير في ذلك: وأكرم آل الحسين ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، وردهم إلى المدينة في محامل وأهبة عظيمة .. البداية والنهاية (8/235).
وإن الاتهام الموجه الآن إلى يزيد بن معاوية هو أنه المتسبب الفعلي في قتل الحسين رضي الله عنه .
نقول: يزيد بن معاوية رحمه الله كما هو معروف أصبح خليفة للمسلمين، وانقاد له الناس وظل معترفاً به من غالب الصحابة والتابعين وأهل الأمصار حتى وفاته، ولقد امتنع عن بيعته اثنان من الصحابة فقط وهما: الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم .
وكان الشيعة في العراق يطالبون الحسين بالقدوم عليهم، وخرج الحسين إلى العراق بعد أن كتب إليه مسلم بن عقيل بكثرة المبايعين وأن الأمور تسير لصالحه.
ولو أننا لاحظنا موقف يزيد بن معاوية من الحسين بن علي طوال هذه الفترة التي كان خلالها الحسين معلناً الرفض التام للبيعة ليزيد، وهي الفترة التي استمرت (شهر شعبان ورمضان وشوال وذي القعدة) لوجدنا أن يزيد لم يحاول إرسال جيش للقبض على المعارضين (الحسين وابن الزبير) بل ظل الأمر طبيعياً وكأن يزيد لا يهمه أن يبايعا أو يرفضا. وكما يبدو، فإن يزيد حاول أن يترسم خطى والده في السياسة ويكون حليماً حتى آخر لحظة، وأن يعمل بوصية والده، وذلك بالرفق بالحسين ومعرفة حقه وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد وجه يزيد اهتمامه نحو العراق، و بالأخص الكوفة التي بدأت مؤشرات الأحداث فيها تزداد سوءاً، وتنذر بانفتاح جبهة داخلية في الدولة .
ولهذا تدارك الأمر وعين عبيد الله بن زياد أميراً على الكوفة، واستطاع ابن زياد بما وهب من حنكة ودهاء وحزم أن يسيطر على الكوفة وأن يقتل دعاة التشيع بها.
وفي المقابل فإن يزيد بن معاوية لم يكن غافلاً عن تحركات الحسين رضي الله عنه، و لهذا لما عزم الحسين على التوجه إلى الكوفة كتب يزيد إلى ابن زياد رسالة يخبره بقدوم الحسين إلى الكوفة قائلاً له: بلغني أن حسيناً سار إلى الكوفة وقد ابتلى به زمانك بين الأزمان وبلدك بين البلدان وابتليت به بين العمال .. وضع المناظر والمسالح واحترس على الظن وخذ على التهمة، غير ألا تقتل إلا من قاتلك، واكتب إلى في كل ما يحدث من الخبر، والسلام عليك ورحمة الله. مجمع الزائد (9/193) ورجاه ثقات إلا أن الضحاك لم يدرك القصة. والطبري (5/380 ).
وعند النظر إلى المقطع الأول من كلام يزيد فإننا نحس بأن يزيد يوجه ابن زياد إلى مكانة الحسين وعلو قدره، وإلا فما معنى (قد ابتلي به زمانك من بي الأزمان ..) . ولم كان يزيد حريصاً على قتل الحسين لما أطراه لعامله بهذا الشكل المخيف وحذره منه، كما أنه لا يعني أن هذا التضخيم من شأن الحسين هو حمل ابن زياد على الاستعداد له بكل ما يستطيع، وذلك لأن الحسين خرج في عدد قليل ويزيد يعرف هذا. وليس في عبارات يزيد ما يدل على أنه طلب من ابن زياد الاجتهاد في القضاء على الحسين، بل إن الشق الثاني من رسالة يزيد تلزم ابن زياد بعدم قتل أحد إلا في حالة مقاتلة المعتدي، كما أن فيها طلباً أكيداً من ابن زياد بوجوب الرجوع إلى يزيد في كل حدث يحدث، ويكون المقرر الأخير فيه هو يزيد نفسه.
وبعد أن اقترب الحسين من الكوفة واجهه ابن زياد بالتدابير التي سبق ذكرها، حتى أرسل إلى الحسين عمر بن سعد قائداً على سرية ألجأت الحسين إلى كربلاء، كان وصول الحسين إلى كربلاء هو يوم الخميس الموافق الثالث من المحرم . الطبري (5/409 ).
واستمرت المفاوضات بين ابن زياد وبين الحسين بعد وصوله إلى كربلاء حتى قتل رضي الله عنه في العاشر من المحرم. أي أن المفاوضات استمرت أسبوعاً واحداً تقريباً، ومن المعلوم أن المسافة التي تفصل بين دمشق والكوفة تحتاج إلى وقت قد يصل إلى أسبوعين، أي أن ابن زياد اتخذ قراره والذي يقضي بقتل الحسين دون الرجوع إلى يزيد، أو أخذ مشورته في هذا العمل الذي أقدم عليه، وبذلك يكون قرار ابن زياد قراراً فردياً خاصاً به لم يشاور يزيد فيه، وهذا الذي يجعل يزيد يؤكد لعلي بن الحسين بأنه لم يكن يعلم بقتل الحسين ولم يبلغه خبره إلا بعد ما قتل.
ولعل فيما ذكرنا من أدلة تبين عدم معرفة يزيد بما أقدم عليه ابن زياد من قتل الحسين رضي الله عنه، إضافة إلى أقوال الصحابة التي ذكرناها سابقاً والتي تحمّل المسؤولية في قتل الحسين على أهل العراق، ولم نجد أحداً من الصحابة وجه اتهاماً مباشراً إلى يزيد، ولعل في ذلك كله دليلاً واضحاً على أن يزيد لا يتحمل من مسؤولية قتل الحسين شيئاً فيما يظهر لنا، أما الذي في الصدور فالله وليه وهو أعلم به، ولسنا مخوّلين للحكم على الناس بما في صدورهم، بل حكمنا على الناس بما يثبت لنا من ظاهرهم والله يتولى السرائر وهو عليم بكل شيء.
ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الوصية الكبرى (ص 45): ولم يأمر بقتل الحسين ولا أظهر الفرح بقتله. ويقول في موضع آخر من منهاج السنة (4/472): إن يزيد لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، والحسين رضي الله عنه كان يظن أن أهل العراق ينصرونه ويفون له بما كتبوا له .. فلما أدركته السرية الظالمة، طلب أن يذهب إلى يزيد أو يذهب إلى الثغر أو يرجع إلى بلده، فلم يمكنوه من شيء من ذلك حتى سيتأسر لهم، فامتنع فقاتلوه حتى قتل شهيداً مظلوماً رضي الله عنه.
وقال الطيب النجار: وتقع تبعية قتله أي الحسين علي عبيد الله بن زياد وشمر بن ذي الجوشن وعمر بن سعد، ولا يتحمل يزيد بن معاوية شيئاً من هذه التبعة، وهو بريء من تهمة التحريض على قتل الحسين. الدولة الأموية (ص 103).
ولكن يزيد بن معاوية انتقد على عدم اتخاذ موقف واضح من ابن زياد أو من الذين شرعوا في قتل الحسين رضي الله عنه.
فهذا شيخ الإسلام يقول : ولكنه مع ذلك أي مع إظهار الحزم على الحسين ما انتصر للحسين، ولا أمر بقتل قاتله، ولا أخذ بثأره. منهاج السنة (4/558).
وقال ابن كثير: .. ولكنه لم يعزله على ذلك ولا عاقبه ولا أرسل يعيب عليه ذلك، والله أعلم. البداية والنهاية (9/204).
وكل الذي أبداه شيخ الإسلام و غيره من هذه الاعتراضات لها قدر كبير من الوجاهة والأهمية، ولكن معرفة ظروف العصر الذي حدثت فيه الحادثة، تجعلنا أكثر تعمقاً في مناقشة هذا الرأي.
فالكوفة كما هو معروف هي مركز التشيع في تلك الفترة، وهي بلدة غير مستقرة، معروفة بثوراتها وفتنها، وطوائفها وأحزابها، وعندما كان أمير الكوفة النعمان بن بشير رضي الله عنه كادت الأمور أن تنفلت من يده، فلما أسل يزيد ابن زياد أميراً على الكوفة استطاع ابن زياد في مدة قصيرة أن يعيد الأمور إلى نصابها، وأن يكبح جماح الثورة، وسيطر سيطرة كاملة على الكوفة، وحتى بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، فإن الوضع الأمني في الكوفة ازداد خطورة، ولا أظن أن يزيد يسجد قائداً بحزم ابن زياد وبقوته، ثم إن الشيعة لن ترضى سواء عُزل ابن زياد أم بقي، ولن تغير ما في قلوب الشيعة من حقد على الدولة نفسها.
ولو أقدم يزيد على إقالة ابن زياد فإنه سيدفع تكاليف هذه الخطوة كثيراً، وربما سوف يتحول الوضع إلى ثورة كبرى يقودها الشيعة أنفسهم والمتأسفون لقتل الحسين كما حدث بعد ذلك بقترة وجيزة والمعروفة بحركة التوابين.
أما بالنسبة إلى تتبع قتلة الحسين رضي الله عنه، فإن هذا ليس من السهولة، فنفس الصعوبات التي اعترضت علياً رضي الله عنه في عدم تتبعه لقتلة عثمان رضي الله عنه، ومن بعده معاوية رضي الله عنه، والذي كان من المصرين على تنفيذ القصاص على قتلة عثمان، سوف تعترض يزيد بن معاوية لو أنه أراد تتبع قتلة الحسين.
ولعل تصرف سليمان بن صُرَدْ رضي الله عنه الذي قاد التوابين ضد ابن زياد يوضح هذه المسألة بوضوح، فقد أدرك سليمان بن صرد أن قتلة الحسين رضي الله عنه في الكوفة، ومع ذلك اتجه لمقاتلة ابن زياد بدلاً من مقاتلة قتلة الحسين في الكوفة قائلاً لأصحابه: (إني نظرت فيما تذكرون فرأيت أن قتلة الحسين هم أشراف أهل الكوفة، وفرسان العرب، وهم المطاَلبون بدمه، ومتى علموا ما تريدون وعلموا أنهم المطاَلبون كانوا أشد عليكم، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم ولم يشفوا أنفسهم، ولم ينكوا في عدوهم وكانوا لهم حذراً .. الطبري (5/558).
وبهذا يتضح السبب أكثر في عدم تتبع قتلة الحسين، وبالأخص من قبل الدولة الأموية؛ إذ ليس الأمر بالهين وهم يتبعون قبائل كبيرة لها وزنها الاجتماعي والسياسي، فلربما أدى تصرف مثل هذا، إلى زعزعة أمن الدولة وبالأخص في منطقة العراق كلها، ثم إن يزيد لم يتفرغ بعد لمحاسبة ولاته، بل كانت الثورات متتابعة، فمعارضة ابن الزبير أخذت تكبر وتنمو، وأهل الحجاز قلوبهم ليست مع يزيد إلى غير ذلك من مشاكل الدولة الخارجية، والتي تجعل يزيد عاجزاً عن اتخاذ موقف قوي مع ولاته أو الذين أخطأوا في حق الحسين رضي الله عنه.
هذا بالنسبة لموضوع خروج الحسين ومقتله رضي الله عنه، وموقف يزيد من ذلك ..