مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 23-01-2007, 10:37 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

7ـ موقفه من الأقطار العربية وكيفية التعامل معها (خصوصا بعد انعقاد المؤتمر القومي الحادي عشر لحزب البعث العربي الاشتراكي في تشرين الثاني/نوفمبر 1977) ..

مرت الأمة العربية في القرن العشرين، بأشكال من الخطاب ذا الطبيعة الوجدانية، المشحونة بالقهر نتيجة عشرة قرون من فقدانها لقيادة نفسها، حيث بقيت تحت سيطرة أشكال فضفاضة من الحكم غير العربي المستتر تحت القبة الإسلامية.. وقد حرصت القوى الإمبريالية التي قسمت الوطن العربي وفق اتفاقية سايكس ـ بيكو .. وزرعت الكيان الصهيوني في المنطقة، أن تبقى سياستها تراقب ثابتين مهمين لإبقاء حالة الشرذمة للأمة:

الثابت الأول: أن لا يحدث لقاء وتفاهم بين (الثالوث الذي انتبه إليه محمد علي باشا في حركته) والثالوث الهام من العواصم، القاهرة و دمشق وبغداد ..

الثابت الثاني: والذي ظهر بعد اكتشاف النفط بكميات هامة، أن لا يلتقي أي زاويتين من المثلث (بغداد ـ الرياض ـ طهران) ..

بالمقابل ظهرت بؤر وأصوات عروبية من أقصى المغرب العربي الى أقصى المشرق العربي تتغنى بأمجاد العروبة شعرا ونثرا حتى تطورت الى تيارات سياسية، وضعت أعداءها ضمن قائمة سهلة الحفظ (الصهيونية والإمبريالية، وعملائهما من أبناء الأمة العربية) .. لم تكن تلك التيارات في بداياتها أكثر من جهود لإثارة الهمم الطيبة، فكانت الكتابات ذات طابع أدبي هائم، لا تتورع أن ترفع شعارات ضخمة بإمكانيات بسيطة، ولو كانت مدربة بما فيه الكفاية لاستثمرت حالة التفكك العالمي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث انشغلت معظم دول العالم (القوية) بتضميد جراح الحرب ..

وكان الخط الفاصل بين الوطنية وأعدائها واضحا وضوح الشمس، فكانت كلمة تصدر من جمال عبد الناصر (ارفع رأسك يا أخي العربي) تترك مفعولا مهيجا لدى من كان ينتظر سماع خطاباته. ولم يكن التداخل في خندق المعارضة للخط المعادي للأمة كما هو عليه الآن، حيث نجد عشرات الأصناف من اليساريين الذين لا يقبلون ببعض وعشرات الأصناف من القوميين الذين لا يقبلون ببعض، وكذلك مثلها أو أكثر من التيارات الإسلامية السياسية التي يعتقد كل فصيل منها بأنه هو محتكر الحقيقة وحده..

كان حزب البعث من بين تلك الفصائل التي استطاعت أن تصل الى الحكم في قطرين عربيين في عام واحد 1963، في سوريا والعراق، ولكن إجهاض التجربتين، بشكل مبكر، دفع البعثيين لتغيير تكتيكهم في الوصول للسلطة، فكان ثقل الشعور بهزيمة حزيران 1967 سببا في أن تحشد العناصر البعثية جهدها وتنقض على السلطة في العراق.. وظهر تياران هناك تيار لا يؤمن إلا بالتغيير الحاد المسلح وكان يفلسف لهذا الاتجاه بعض أعضاء القيادة القومية مثل عبد الخالق السامرائي، وقد حاول الانقضاض على السلطة من خلال (ناظم كزار) مدير الأمن العام الذي كانت درجته الحزبية تفوق درجة وزير الدفاع (حماد شهاب) ووزير الداخلية (سعدون غيدان) واللذين وظفهما في محاولته من خلال اختطافهما و تسخير جهاز الأمن العام..

وكانت رؤية هذا التيار أن يستلم زمام الحكم ويتوجه الى الأقطار المجاورة، الكويت والأردن ويضع قوته أمام قوة الكيان الصهيوني، مرة واحدة، ويصعد من حربه لإنهاء حالة التقسيم العربي، ولكن خشي هذا التيار معارضة التيار العقلاني الذي كان يمثله رئيس ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة (البكر وصدام حسين) فكان المخطط أن يتم قتلهما في المطار أثناء عودة البكر من بلغاريا(تموز1973)، لكن الأقدار تدخلت وفشلت الخطة ..

لقد سقنا تلك النتفة لنبين أن الحاضنة في العمل السياسي بشكله العنيف، كانت موجودة في كل البيئة العربية، منذ قديم الزمان والى زمننا الحاضر، وهي ليست مقتصرة علينا كعرب، فالتاريخ مليء بالأمثلة ..

في المؤتمر القومي الحادي عشر، ظهرت الأصوات التي كان وراءها الشهيد صدام حسين، والقائلة: بأنه طالما أننا نقيم علاقات مع دول كثيرة في العالم من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، من فرنسا وبريطانيا وروسيا وغيرها، فلماذا لا تكون علاقاتنا على نفس القدر إن لم يكن أحسن مع الدول العربية الشقيقة؟

ويمكننا تلخيص رؤية الشهيد في المجال العلاقات العربية ونشاطه بما يلي:

لقد أدرك الشهيد ورفاقه بأن الوحدة التي ينشدها البعث والجماهير العربية تمر من بوابة (فلسطين)، ولما كانت الفورة الشعبية والجماهيرية قد بدأت بعض الأنظمة العربية تتآمر عليها في الاحتيال بما يسمى (الحلول السلمية) وبالذات بعد زيارة (جوزيف سيسكو) مساعد وزير الخارجية الأمريكي، وما تلاه من صيغ عرفت ب (مشروع روجرز) الذي قاد في النهاية الى قبول الأنظمة المحيطة بفلسطين به .. وما تلاها من حرب (تحريك) في تشرين/أكتوبر 1973واستبعاد العراق من التنسيق فيها. رغم دخوله الحرب والاشتراك فيها دون إذن من أحد ليدافع عن دمشق، وقد كان للجيش العراقي وقيادته رؤية واضحة وخطة تم إعدادها وإطلاع القيادة السورية عليها لاحتلال (الحولة) وما حولها لإحداث جيب داخل الأرض المحتلة من فلسطين (1948) .. وقد أوقف السوريون تنفيذ تلك الخطة قبل ساعة الصفر بعدة ساعات*1

من هنا أدركت القيادة العراقية أن هناك تراجع من لدن الدول التي كانت تسمى تقدمية (مصر وسوريا والجزائر) وحدث قبول هائل لفكرة تسوية مهينة مع الكيان الصهيوني، ابتدأت بمؤتمر الرباط الذي حصر قضية فلسطين بالفلسطينيين تمهيدا لخطوات أشد وطأة كمعاهدة كامب ديفيد وغيرها من اتفاقيات .. ومع ذلك التزمت القيادة في العراق وعلى رأسها الشهيد بما يلي*1 :

1ـ دعم الدول المحيطة بفلسطين بالمال وعدم تركها تتهاوى تحت الشروط الغربية، وحتى لما كان العراق في حرب مع ايران لم يتوانى عن دعم تلك الدول والمقاومة الفلسطينية ..

2ـ التوقف عن مقاطعة المؤتمرات العربية، والعمل على التنسيق الاقتصادي البيني مع الدول العربية وبالذات الدول المجاورة لفلسطين لتعزيز صمودها.

3ـ دعم الدول العربية الفقيرة من أجل وحدة الصف العربي، (موريتانيا، جيبوتي، اليمن، الأردن) ..

4ـ الوقوف مع حركات التحرر العربي، والقضايا العربية بشكل مبدأي، القضية الفلسطينية، والأريتيرية وعرب الأحواز .. والوقوف في وجه الأطماع الإيرانية في الخليج العربي..

5ـ الالتزام بفكرة الوحدة العربية، فلم التدخل لدعم أي حركة انفصالية عربية، فوقف مع وحدة لبنان ووقف مع عودة الصحراء المغربية للمغرب، مما أثار حفيظة الأخوة في الجزائر وغيرهم ..

6ـ لم يحاول دعم أي تمرد في أي قطر عربي مهما كان لونه، ابتداء من أحداث أيلول/سبتمبر 1970 وحتى قضية الصحراء المغربية ..

7ـ أصدر الشهيد الإعلان القومي في 8/2/1980 الذي كان يتنبأ فيه لما ستؤول إليه الأحوال في الوطن العربي وقد تضمن الإعلان ما يلي:

أ ـ رفض تواجد الجيوش والقوات الأجنبية العسكرية في أي بقعة من بقاع الوطن العربي، وتحريم تقديم المساعدات لمثل تلك الأفكار.. ومقاطعة وحصار الدولة العربية التي تشذ عن ذلك (مفهوم هنا أثر اتفاقية كامب ديفيد).

ب ـ تحريم اللجوء الى استخدام القوات المسلحة من قبل أي دولة عربية ضد أخرى، وفض أي نزاع بين دولتين عربيتين بالطرق السلمية والحوار ( نعلم كم سيعترض الآن بعض القراء الذين يتربصون بإيجاد أي ثغرة (قضية الكويت) .. لكننا سنأتي على ذكر ذلك في حينه..

ج ـ يطبق المبدأ أعلاه مع الدول الجارة غير العربية، ( وهنا لا يحسب الكيان الصهيوني الدخيل والهجين مع دول الجوار) .. لكن يستثنى من ذلك حالات الدفاع عن النفس ضد التهديدات الخارجية التي تمس أمن الأقطار العربية.

د ـ تضامن الأقطار العربية جميعا ضد أي عدوان أو انتهاك يقوم به أي طرف أجنبي للسيادة الإقليمية

هـ ـ تأكيد التزام الأقطار العربية بالقوانين والأعراف الدولية فيما يتعلق باستخدام المياه والأجواء والأقاليم من قبل أية دولة ليست في حالة حرب مع أي دولة عربية ..

و ـ ابتعاد الأقطار العربية عن دائرة الصراعات أو الحروب الدولية والتزامها الحياد التام وعدم الانحياز إزاء أي طرف .. وامتناع الدول العربية عن إرسال قوات لها للاشتراك في الحروب الدولية ..

ز ـ التزام الأقطار العربية بإقامة علاقات اقتصادية متطورة وبناءة فيما بينها بما يوفر ويعزز الأرضية المشتركة للبناء الاقتصادي العربي المتطور ويدفع باتجاه تطوير فكرة الوحدة العربية ..

ح ـ إن العراق إذ يضع مبادئ هذا الإعلان يؤكد استعداده للالتزام به تجاه كل قطر عربي يلتزم به .. وهو مستعد لمناقشته مع الأشقاء العرب وسماع ملاحظاتهم .. وهو لا يعتبر بديلا عن ميثاق الجامعة العربية وعن معاهدة الدفاع المشترك والاتفاقيات الأخرى .. *2

المراجع :

1 ـ التقرير السياسي : للمؤتمر القومي الحادي عشر/دار الحرية
2ـ الفريق أول الركن عبد الجبار شنشل في حديث تلفزيوني ..
3ـ من نص الإعلان القومي الذي أعلنه رئيس الجمهورية في8/2/1980
__________________
ابن حوران
  #2  
قديم 27-01-2007, 06:19 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

8ـ موقفه من العلاقات الدولية ..

العلاقات الدولية.. يعني هذا المصطلح والذي هو جزء من علم السياسة، بمجمل المبادئ وأحكام وضوابط العلاقات والاتصالات بين الدول أعضاء المجتمع الدولي في مختلف الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية. وتنظم أصول التعاون وحدود الخلاف والصراع في شتى الميادين. وإن كان هذا النوع من العلم حديثا نسبيا، إلا أن هناك الكثير من المؤرخين والفلاسفة القدماء قد تحدث عنه وذكره، من المؤرخ الإغريقي (توكليدس) الى ابن خلدون الى ميكافيلي وفلاسفة صينيون وهنود قدماء أمثال (مينسيوس الصيني) في القرن الرابع قبل الميلاد والفيلسوف الهندي (كوتيليا) الذي كان رئيسا للوزراء في عهد الإمبراطور (شندرا غوبتا) 326ـ298ق م .

لقد انتبه الشهيد الى هذا الجانب، وشجع تكوين المهارات في هذا العلم الحديث حتى غدا العراق يضم خيرة الخبراء في العلاقات والقانون الدولي وكلنا يذكر الدكتور (رياض القيسي) (الوكيل الأقدم لوزير الخارجية) الذي يعتبر واحدا من أفضل أربعة خبراء بالقانون الدولي بالعصر الحديث والذي تحدث ثلاث ساعات أمام مجلس الأمن دون أن يغادر المكان أي من المستمعين أو يقاطعه أحد.

الواقع السياسي في الربع الأخير من القرن العشرين

تشابه العقدان السابع والثامن من القرن العشرين في منطقتنا العربية، ففي حين كانت بداية العقد السابع قد أوجدت عددا من الأقطار العربية التي نالت استقلالها، إضافة لصعود مجموعة من القيادات الوطنية في عدد آخر، انتهى العقد بهزيمة حزيران/يونيو 1967 وفتنة أيلول/سبتمبر بالأردن بين الجيش الأردني وفصائل المقاومة. كذلك كان العقد الثامن الذي تجلى بحرب استنزاف ضد الكيان الصهيوني كانت في مجملها انتصارات لم تأخذ حقها من الشعور بالاعتراف بها، وقادت الى انتصار حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 واستخدام النفط كسلاح فيه، إلا أن هذا النصر قد صودر والتف عليه ليتحول في نهاية العقد الى عزل مصر وبداية الانهيار في صلابة الموقف العربي تجاه الاعتراف بالكيان الصهيوني وكان هذا في نهاية العقد الثامن.

لم تكتف الدوائر المعادية في إخراج مصر، بل عرضت عليها مشروعا من خلال مستشار الأمن القومي الأمريكي، لفك عزلتها بعدما تم نقل مقر الجامعة من القاهرة الى تونس، وكان العرض يتضمن فكرة التخلص من سلاح مصر السوفييتي بثمن تدفعه (الولايات المتحدة والسعودية)*1 مناصفة عندما يذهب الى مقاتلين أفغان ومسلمين لطرد الاتحاد السوفييتي الشيوعي من أفغانستان. فكان شكل الحملة وعنوانها (إيماني) حتى أصبح الرئيس السادات يسمى ب (الرئيس المؤمن) .. أما خفاياها فكان يقصد بها تجميع الشباب المسلم المحتقن نتيجة الانكسارات المتلاحقة للأمة وزجه في تلك الحرب للتخلص من السوفييت الذين تشفوا بخروج أمريكا مهزومة من فيتنام أولا، ولتخليص الأنظمة صديقة الولايات المتحدة العربية من عناصر تشكل خطرا عليها ثانيا (حسب خطة كيسنجر ـ اللعب بالورقة الدينية والطائفية) .. وجعلهم تحت المراقبة فيما لو كتبت لهم النجاة من الحرب..

كان خروج الاتحاد السوفييتي من المنطقة بعد طرد الخبراء السوفييت من قبل السادات، قد دفعهم في تنشيط أدوارهم ومصالحهم كبديل لخسارة مصالحهم في المنطقة الى إفريقيا .. فنشطوا في موزنبيق وأنغولا و إثيوبيا (هيلا مريام) .. وتركوا المنطقة ليصبح التوازن في الإرادة السياسية لقوى كانت متنحية قبل تلك المرحلة، وأصبحت السعودية هي اللاعب الأنشط والأكثر أوراقا والأكثر تأثيرا في المجموعة العربية .. وقد ازداد دور السعودية، في التغيير الذي حصل في إيران والذي لم تتمكن الدوائر الإمبريالية من تسييره بالشكل الذي تمنته، بعد إبعاد أبو الحسن بني صدر وصادق قطب زادة وغيرهم ممن كان يعول عليهم في تورث الشاه المبغوض ..

رؤية الرئيس صدام حسين في العلاقات الدولية

1 ـ إن منطقتنا العربية من المناطق الحساسة وتكاد تكون أكثر منطقة في العالم أهمية، لا من حيث الثروات الموجودة فيها فحسب، بل لموقعها الجيوسياسي. وعليه من الأفضل أن يهتم بمنطقتنا عدة مراكز قوى عالمية وليس مركزان فحسب. حيث إذا كان هناك مصالح لأوروبا و اليابان والهند والصين وغيرهم، عدا القطبين (الأمريكان والسوفييت) .. فإن الرؤية السياسية تستوجب التفنن في مخاطبة تلك المراكز وترتيب الاتفاقيات بما يلاءم مصالح تلك المراكز، والابتعاد عن مخاطبتها عن طريق ثالث يمر بالقطبين ..

2ـ ليس المطلوب أن تكون قرارات الدولة العراقية صائبة بالحسابات الموضوعية والعلمية فحسب، وإنما المطلوب إضافة لذلك أن تحافظ وتطور جسور العلاقة النفسية بين العراق والشعب العربي، وأن تعمق و تبقي جسور من الثقة بينها وبين أوساط عالمية من المهم معرفة رأيها في القرارات التي يتخذها العراق، ويجب أن تكون تلك القرارات مقنعة من حيث توقيت اتخاذ القرار وطريقة إخراجه.

3ـ إن العالم في هذا الوقت يتغير بسرعة غير مألوفة، وحتى نتغير معه محافظين على مصالحنا وأمننا، يجب أن تكون حركتنا متناغمة مع سرعة التغير فيه، وإن لم نستطع استغلال الظرف السياسي في عينة من الوقت للتأثير في مساحة معينة من العالم، فقد يتطلب التأثير عليها وقتا قد يطول حتى تعود الدورة مرة أخرى. وحتى يتحقق لنا ذلك، يجب علينا الانطلاقة من كوننا أمة واحدة بمساحتها وإمكانياتها وسكانها، وهنا ترتبط العلاقة بين تأثيرنا الدولي طرديا مع تقوية نسيج اللحمة العربية لنتمكن جميعا من الحديث ككتلة واحدة.. وعلينا أن نتنبه أن أعداءنا لن يتركوا فرصة واحدة لإحباط هذه الحالة لدى العرب.*2

4ـ لقد أقر الرئيس صدام حسين لكل دول العالم بالعمل لمصلحة بلادها ومواطنيها، وسيتم التعامل مع تلك الدول وفق احترامها لمصالحنا كعرب و خصوصيتنا، دون استغفال، و بالقدر الذي تتقارب رؤية دول العالم مع قضايانا المصيرية بقدر ما تتقوى العلاقة معها.*3

5ـ سياسة العراق مع دول عدم الانحياز .. فلا للأحلاف العسكرية .. ولا للقواعد العسكرية في المنطقة .. ولا للنشاط العسكري في المياه العربية.

6ـ لقد ربط الرئيس صدام حسين استقلال الرأي والسيادة العامة على الوطن باستقلال التسلح وتنوعه والتفنن في تنويع مصادره، وتطويره وطنيا، حتى لا ترهن إرادة الوطن بتوارد كميات السلاح المعتمد كليا على دولة بعينها، فكانت فكرة التصنيع العسكري بطريقته التي حيَرت العالم، هي العمود الفقري للشخصية الوطنية لعراق صدام حسين.

فرية تتكرر:

يرمي أحباب الولايات المتحدة الأمريكية، العراق، بأن أمريكا هي من دعمت العراق في حربه ضد إيران وهي من أمدته بالسلاح .. في حين يستطيع أي مبتدئ في البحث أن يعرف أن حجم استيراد العراق من الأسلحة من الدول الغربية مجتمعة لا يصل الى 4% من مجموع استيراده طيلة 35 عاما، ويكاد نصيب الولايات المتحدة، أن يكون قريبا من الصفر .. والقضية التي سربتها المخابرات الأمريكية بالتعاون الاستخباراتي المحدود الذي رافق الحرب العراقية الإيرانية. في حين أوكل للكيان الصهيوني بإمداد إيران بالمعلومات والسلاح والذخيرة والتعاون، والذي ترافق بضرب مفاعل تموز النووي العراقي. والغاية من وراء هذا التسريب والفوضى الإعلامية هي اعتبار أن العلاقة مع أمريكا شيء معيب، لو يستحي من يثيرها لتوقف عن ذكرها، خصوصا إن كانت علاقته بأمريكا واضحة للعيان!

المراجع:
*1 ـ مجلة وجهات نظر المصرية/ عدد آب/أغسطس 2003
*2ـ حديث الشهيد الى سفراء الجمهورية العراقية في دول أوروبا الغربية واليابان بتاريخ 12/6/1975
*3ـ صدام حسين/المختارات/الجزء الخامس/ الموضوعات السياسية.
__________________
ابن حوران
  #3  
قديم 03-02-2007, 06:31 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

9ـ الحرب العراقية الإيرانية ودحض المزاعم في أن العراق هو من أشعلها.


تمهيد:

يسود اعتقاد لدى قادة الفرس على مر التاريخ أنهم أمة أكثر عراقة ورقيا وحضارة من العرب، وأن الإسلام قد قوي بالفرس أكثر ما قوي بالعرب، وأن العرب هم أقوام همجية لا حضارة لهم ولا يطيعون سلطانا ولا يؤمن جانبهم (كما نقل ذلك الجاحظ في كتابه البيان والتبيين إذ كان يتعرض لصورة العرب بأعين الفرس).. وتكاد تلك الصورة أن تجد لها مكانا في نفوس بعض الطيبين العرب.

والحقائق التاريخية تنفي ذلك نفيا كاملا، فإذا عرفنا أن عدد سكان الكرة الأرضية عند مولد السيد المسيح عليه السلام كان 200 مليون نسمة*1 فقد كان سكان الأردن وحدها في ذلك التاريخ 12 مليون نسمة. وأن عدد سكان العراق في عهد هرون الرشيد كان 35 مليون نسمة. في حين أن عدد سكان إيران عام 1850 كان 10 ملايين نسمة*2 . كما أن إيران ذات المساحة التي تساوي أربعة أضعاف مساحة العراق، بها خمس قوميات هي الفارسية والعربية والأذرية والبلوشستانية والكردية ..

ويعود تاريخ إيران في أقصى قدمه الى القرن السادس عشر قبل الميلاد عندما زحفت قبائل آرية من ضفاف نهر (الفولغا) لتحتل المنطقة الشرقية وتؤسس دولة (بيريث) أي فارس، جهة خراسان وما حولها والدولة الميدية في الغرب بمحاذاة تخوم العراق ، وكانتا بلغة آرية وقد أطلق المؤرخون عليهما (اريان )، وقد أعيد هذا الاسم عام 1925 أيام (رضا بهلوي) ..

وقد سطع نجم إيران في عهد (كورش) الذي قضى على الدولة البابلية، واحتل العراق وزحف نحو فلسطين، بأحلام توسعية لم ولن تنتهي لغاية اليوم .. وتكاد فترة الحكم الساساني أن تكون مصدر المجد الوحيد لمفكري إيران، وساستهم وأدبائهم الذين ما فتئوا يتغنون بتلك الأمجاد، حيث ألغوا التقويم الهجري الإسلامي أيام الشاه (محمد رضا بهلوي) وجعلوا يوم (صفر) تاريخهم تبدأ باليوم الذي أعاد به (كورش) اليهود الذين سباهم البابليون الى فلسطين!

كما أن عقدة العرب والإسلام لا زالت تسيطر عليهم، فبالرغم أن عمر بن الخطاب وخالد ابن الوليد رضوان الله عليهما من أكثر صحابة الرسول صلوات الله عليه وتسليمه، وأحدهما من المبشرين بالجنة، فإيران تخلو من هذين الاسمين، بل وقد وضع مقام لقاتل الفاروق (أبي لؤلؤة المجوسي) في وسط طهران ليتبرك به الفرس!

كما لم يذكر التاريخ للفرس أنهم اشتركوا في حرب لصالح المسلمين، في حين تجدهم حاضرين في كل فتنة وفي كل فرصة للهجوم على العرب والمسلمين:

1ـ كانوا حضورا في فتنة عثمان بقوة، وهم من قتلوه، وألصقوا جريمة قتله بغيرهم ..
2ـ كانوا حاضرين وجاهزين بفتنة (الأمين والمأمون) فقتلوا الأمين..
3ـ كانوا في الفترة التي تستعد قوات العثمانيين لدخول فيينا في طريقها لنشر الإسلام في كل أوروبا، جاهزين للانقضاض على العراق لتقفل قوات المسلمين راجعة لمعالجة عدوانهم ..
4ـ لم يمر قرن من الزمان إلا ولهم عدوان كبير على العرب( راجع جيران العرب/إيران على هذا الموقع كموضوع منفصل) ..
5ـ كانوا باستمرار وقوفا مع أعداء الأمة، مع الصليبيين وهولاكو، ووزعوا الحلوى في هزيمة العرب أمام الكيان الصهيوني، ووقفوا مع الأمريكان واستغلوا حالة عدوانهم على العراق ليمضوا تقتيلا وذبحا لعلماء وقادة العراق.

الخميني وعدوانه على العراق :

كان العراق في عهد الشاه مبتليا بدعم الشاه المقترن بالدعم الصهيوني والإمبريالي لزمرة ضالة في شمال العراق، حصلت على أفضل وضع سياسي لها على مر التاريخ، كما لم تحصل على جزء من ذلك الحق المشروع في أي دولة من الدول التي يتواجد بها الأكراد (بما فيها إيران نفسها) وقد ازداد التدخل الإيراني في دعم العصاة في الشمال بعد تأميم النفط .. وعندما كان لا بد من طي هذا الملف، الذي رأت إيران أن خططها لم تعد تقض مضجع العراق، فقد وقعت اتفاقية الجزائر التي تسمح لإيران باستخدام شط العرب للملاحة، مقابل كف إيران عن التدخل بالشأن العراقي، والمعروف أنه بعد تلك الاتفاقية، انهارت قدرة المتمردين في شمال العراق على الصمود، وهذا يدلل على أن الحرب في الشمال كانت مع إيران ، كما نصت الاتفاقية على إعادة مناطق عراقية تحت الاحتلال الإيراني (سيف سعد وزين القوس وغيرهما) .. تلكأ الإيرانيون في الإيفاء بالجزء الذي يتعلق بهم ..

الخميني وسر وصوله للحكم :

كان الخميني مبعدا من قبل نظام الشاه الى العراق (حيث بقي 14سنة)، على إثر انتفاضة في بداية الستينات على الشاه، أُتهم الخميني بالمشاركة في الإعداد لها.. وعندما أمم العراق نفطه في 1/6/1972، وزادت المهام الموكلة لنظام الشاه في إحباط خطط العراق في النجاح بذلك، وكان العراق قد أعد لذلك بالتوقيع على مشروع الحكم الذاتي في الشمال.. وهنا ضاعف الشاه جهوده من أجل تخريب مشروع الحكم الذاتي، لكي لا يفتح عيون أكراد إيران من جهة، ولكي يجعل العراق في وضع غير قادر على صيانة قرار التأميم. طلبت القيادة العراقية من (الخميني) أن يصدر بيانا للمجاملة يستنكر فيه التدخل من قبل الشاه في العراق .. فكان جواب الخميني بأنه لا يتدخل في السياسة وإنما هو رجل دين ورفض.. عندما وقعت اتفاقية الجزائر، أصبح الخميني يصدر البيان تلو البيان مهاجما الشاه في إيران، واحتراما لنص الاتفاقية (دوليا) طلبت القيادة من الخميني الكف عن نشاطه السياسي ويبقى ملتزما في أداءه الديني ..لكنه رفض فطلب منه مغادرة العراق، فطلب نقله الى الكويت التي رفضت استقباله فنقل الى ضاحية قرب باريس في فرنسا ..

وعندما عاد الى إيران عاد الى المطار وخرج الى الشوارع حيث لم تتدخل قوات الجيش الذي كان يُعد من الجيوش القلائل في العالم المعد إعدادا جيدا في تعاون دقيق منذ مجيء الشاه (أثناء الحرب العالمية الثانية) ولما أعيد الى الحكم بعد إفشال ثورة (مصدق)، مع الولايات المتحدة الأمريكية، وجهاز (سافاك) مدرب على قمع الإيرانيين !

اجتهاد في تفسير وصول الخميني للحكم :

هناك في السياسة ما يسمى ب (إدارة الأزمات) ..وهي أشبه باجتهاد بعض السلطات المعنية بإيصال التيار الكهربائي للمواطنين، أن تجعل الكهرباء تقطع عن الحي 4 ساعات ثم تقطع عن حي آخر في نفس المدينة أربعة ساعات أخرى.. كإدارة للأزمة، في حين يفترض أن تبحث عن حل جذري لتلك المسألة. كما يحدث هذا في توزيع المياه والوقود وغيره ..

وأحيانا تلجأ بعض النظم الحاكمة في إدارة أزمة البلاد، عندما تتفاقم ويصبح هناك حديث وململة بين الناس. فيتم تسريب إشاعة بأن هناك تغيير وزاري وحكومة جديدة في الأفق، وتماطل في ظهور تلك الحكومة عدة شهور فيلتهي الناس بمراهنات التوقع (المجانية) من سيكون رئيس وزراء ومن سيكون وزير كذا ..حتى تأتي الوزارة الجديدة وتشبع المواطنين وعودا وتطلب منهم الصبر قليلا ليحصدوا في معيتها الخير .. حتى ينكشف أمرها وتعاود الكرة بأن هناك تغيير وزاري ..

في السياسة الدولية، هناك خطوط حمراء إن تعداها نظام ما في بلد ما فإن الضغوط الدولية واللغط بشأنه سيزيد .. لكن إن كان هناك نظام حليف للغرب واستنزف قدرته على البقاء أو حل مشاكل الناس، فإن الغرب لن يبقى متمسكا بهذا النظام .. فيهيئ الفرص للتخلص منه وسيكون هذا أشبه بإدارة الأزمة..

كان نظام الشاه الذي كان يسمى (شرطي الخليج) قد أوكلت به بعض المهام:
1ـ منع تكوين حكومات عربية قوية في دول الخليج العربي، وجعل تلك الدول بشكل فسيفسائي لا حول لها ولا قوة .. وهي رؤية صهيونية إيرانية مشتركة. فتلتقي مصالح (الإمبريالية والصهيونية والفرس ) بها .. ثم أضيف لهذا الثالوث فيما بعد من استمرأ ذلك المخطط ليحيا حياة عبثية شبيهة بحياة الدول، لكنها ليست هي..

2ـ مشاغلة العراق وتأخير تقدمه، ومحاولة تقسيمه أسوة بالحالة الخليجية، حتى لا يكون هناك جسم قوي موحد يشكل هواجس خطرة على الثالوث المذكور.

شعر شاه إيران أن البلاد أصبحت من القوة بمكان وأنه لا بد أن يعيد أمجاد (ساسان) .. فألغى التقويم الهجري واحتفل احتفالا أسطوريا بذكرى (كورش) .. ثم أخذ يفكر في تنمية البلاد فأطلق ما سمي ب (الثورة البيضاء!) .. وكون إيران التي يعيش فيها حوالي 70 مليون نسمة، لا تستطيع إطعامهم فقد نصحوه الأمريكان أن يدعو لتأسيس (سوق آسيوية مشتركة) .. فذهب الى باكستان فرفضوا فكرته وطاف في بلاد آسيا فأعد له رماة البيض الفاسد وغيرهم، ليبلغوه رسالة أمريكا بانتهاء مهمته .. خصوصا أن الهدفين الذين أوكلا بهما لم يعد مؤثرا بهما.. فدول الخليج على علاقة طيبة مع الغرب.. والعراق، هو من خرج رابحا من الصراع الطويل الذي كانت ساحته في الشمال ..

هنا كان دور الخميني (التزاما بنظرية كيسنجر لاستغلال الدين )

يتبع


المراجع:

*1ـ مقدمة في دراسة المجتمع العربي/دار الطليعة بيروت ط2/1980/ د الياس فرح ..
*2ـ إيران وتركيا/ جامعة الموصل/ 1992/د ابراهيم خليل احمد ود خليل علي مراد

*3ـ التآمر على العراق / زهير صادق الخالدي/ ط1/1988/ص439
__________________
ابن حوران
  #4  
قديم 07-02-2007, 07:19 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

استطاع صدام حسين أن يقرأ كتاب الخميني بقدرة فائقة:

أكثر ما حرص عليه صدام حسين منذ تسلم المسؤولية الأولى في الحزب والدولة، وقبل ذلك أيضا، أن يتجنب الحرب مع نظام خميني، ليس ضعفا أو خوفا بل حقنا للدماء ورغبة في التعايش السلمي مع الجيران ..

وكان الرئيس عندما يتحدث مع رفاقه، يتنبأ، بل يقرأ كتاب خميني المفتوح أمامه، حتى قبل أن ينطق خميني بكلمة .. ومع ذلك أرسل الرئيس إشارات تحمل التهنئة و المباركة بالثورة الإيرانية، ودعا في رسائله ومن خلال مبعوثيه الى تحسين العلاقات و تطويرها بين البلدين الجارين المسلمين ..

وكانت النتيجة أن سخر خميني من تلك الإشارات واعتبرها دلالة خوف وضعف من طرف العراق، فبادر لإزالة ما يظهر الحبر السري عن الكلمات التي قرأها صدام حسين قبل كتابتها.. فأخذ يهدد ويتوعد ويطالب بعودة مُلكية البصرة والبحرين وغيرها من مناطق الخليج العربي .. واعتبر أن البدء في التهام العراق الذي يعتبر الصخرة الصلبة في طريقه لالتهام ما يحيط به من بلاد العرب الخطوة الأولى والأساسية لتصدير ثورته والسيطرة على المنطقة، وفق أحلام غيره ممن سبقوه من الفُرس .. فتصاعدت كما أسلفنا الخطابات النارية والاعتداءات الفعلية .. وتم اتخاذ قرار بقتل صدام حسين من قبل عملاء خميني في العراق .. وكان القائد يقرأ لرفاقه منذ اليوم الأول لاتخاذ القرار الصعب كل ما يدور في رأس خميني, وظل يذكر رفاقه بمراهنات الخميني ونظامه حتى انتهت الحرب، فما كانت مراهنات خميني التي قرأها القائد؟ :
1ـ الرهان على دور عملائهم في الداخل ..
2ـ الرهان على الطائفية، وعلى الوحدة الوطنية، والجبهة الداخلية في العراق وعلى تماسك الجيش العراقي..
3ـ الرهان على ضعف وانهيار معنويات العراقيين والقوات المسلحة بإطالة أمد الحرب..
4ـ الرهان على انهيار الوضع الاقتصادي في العراق!
5ـ الرهان على أن نفوس إيران هي ثلاثة أضعاف نفوس العراق، مما يمكنهم من الغلبة!
6ـ الرهان على دور خطب خميني ونداءاته الموجهة للعراقيين، وعلى دور وسائل الإعلام بصورة عامة في إحداث خلخلة في المجتمع العراقي، تساعدهم على تحقيق الانتصار، واحتلال العراق والهيمنة عليه..

ماذا كانت النتيجة؟ .. نعلم أن كل نقطة من النقاط السابقة تحتاج لحديث مطول، إذا ما أردنا استعراضها والوقوف على تفاصيلها .. لكن أي مراقب متوسط الدراية يعرف جيدا أن كل محاولات خميني ونظامه قد باءت بالفشل.

من كان مسئولا عن إطالة أمد الحرب؟

وبعد أن تصاعدت وتيرة التصريحات، والتي تحولت الى عدوان فعلي، حيث كان هناك 249 خرقا جويا، و 244 اعتداء مسلح ،سجل العراق في الأمم المتحدة 293 شكوى ومذكرة احتجاج * 1 لاعتداءات الفرس في (بدرة، ومندلي، وزرباطية، والنفط خانة) واعتداءات أخرى وتفجيرات في جامعة المستنصرية أدت الى استشهاد العديد من الطالبات والطلبة ..

وكون العراق الذي يفهم من اسمه أنه (الأرض المنخفضة) تقع الكثير من مدنه وقصباته على مرمى المدفعية الإيرانية، وحيث كانت الجيوش الإيرانية قد تموضعت في وضعية قتال على الحدود، كان لا بد من نقل المعركة الى أرض المعتدين، حماية لمدنه وشعبه، فتوغل ما يقارب الثمانين كيلومترا في الأراضي الإيرانية .. ليفهم العدو بعبثية تحرشه بالعراق. وتأكيدا على هذا المفهوم فقد قبل العراق بقرار مجلس الأمن (598) الصادر في 28/9/1980، أي بعد اندلاع المعارك الفعلية بستة أيام .. في حين رفضه خميني واعتبر أن مراهناته سائرة في طريقها الصحيح ( وهي إطالة أمد الحرب وعدم قدرة العراق على الصمود).

وقد استطاع العراق بقبوله ذلك القرار أن يزيل الغشاوة عن عيون الكثير من الأشقاء والأصدقاء الذين رموه بتهمة الابتداء بالحرب جزافا. ولكن خميني الذي كان يضلل العرب والمسلمين بأن ثورته الإسلامية هي لنصرة المظلومين والمستضعفين من المسلمين، قد حاول أن يتذاكى فاشترط سحب القوات العراقية من الأراضي الإيرانية. فكان القرار التاريخي من الرئيس صدام حسين بسحب قواته من الأراضي الإيرانية في صيف عام 1982، تأكيدا لرغبته في السلم والتعايش الكريم مع الجيران الفرس، لكن خميني استغل ذلك بنذالة غير مسبوقة عندما حاول تحسين موقفه العسكري (كمكر وخديعة عسكرية) في التقدم في بعض الجيوب العراقية، كما تسلل بعض عملائه لمنطقة (الدجيل) لاغتيال الرئيس في العملية التي حوكم من أجلها القادة الشرعيون في العراق، وسخر من زيفها كل شريف في العالم.

القائد يزهو بانتصار العراق ..

لم تكن حرب الثمانية سنوات اعتيادية، فهي من حيث طولها تعتبر ثاني أطول حرب في التاريخ .. وهي من حيث نتائجها التي تركت غصة ولوعة في نفوس الفرس، نشاهد اليوم مدى انحطاطهم في ترجمة غلهم وحقدهم في التنكيل من كل عراقي شريف تصل أيديهم إليه بخسة ودناءة، حيث مهدوا و عاونوا وساندوا عدوا خارجيا ليستقووا به هم ومن امتلأ صدره حقدا وغيظا ولم يرق له أن يرى أنموذجا عربيا وطنيا يسجل في سفره انتصارا تاريخيا، خلت صفحات التاريخ العربي الحديث من مثيله ..

وقد كان الرئيس الذي لم يقطع زياراته لجبهات القتال ولم يقطع زياراته للمواطنين في مدنهم وقراهم و قصباتهم و جبالهم .. يزهو في تحول العراق لدولة قوية بعلمائها وأطبائها و مهندسيها ونسائها و ضباطها وجنودها، ومخترعيها وجامعاتها .. ونظافة شوارعها، رغم طول عمر الحرب، وحسن هندام وانضباطية الجنود .. وقارن بسؤاله للصحافيين: هل رأيتم بحياتكم عن دولة خاضت حربا بمدة طويلة كهذه، شوارعها بتلك النظافة، وجامعاتها تزداد اتساعا وعمرانها يزداد شموخا ..

لقد سقطت رهانات خميني .. وازداد العراق قدرة وقوة، وطور صناعاته بكل ثقة بما فيها العسكرية .. وقد أقلق هذا الوضع الغرب كثيرا، فأصبح هذا النموذج خطرا لا يمكن السكوت عليه ..

المراجع:

*1ـ التآمر على العراق / زهير صادق الخالدي/ ط1/1988
__________________
ابن حوران
  #5  
قديم 16-02-2007, 10:18 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

10ـ اجتياح الكويت وما رافقها ..


لو اكتشف العلماء أنه قبل مئات السنين كان هناك محطات تلفزيونية وإذاعية، وأحضروا بعض الأشرطة وعرضوها على المشاهدين في هذه الأيام .. وكان من بين تلك الأشرطة ما يسجل نشاط يوسف بن تاشفين عندما ذهب الى الأندلس وأجبر بالسيف بعد الإقناع أمراء الطوائف السبع وثلاثين على التوحد في دولة قوية. أو عرض العلماء ما تناقلته إذاعات و محطات تلفزة (الأتابكة)*1 التي اجتاحها صلاح الدين الأيوبي، قبل توجهه لتحرير القدس من الصليبيين..

لو حدث هذا، فإننا سنسمع أصواتً ترمي ابن تاشفين أو صلاح الدين بأسوأ الأوصاف، فستصفهما بالقتلة والسفاحين و ربما تعطيهما أكثر من ذلك. ولكن بعد المسافة بيننا وبين هذين البطلين، جعل تلك الأصوات تموت والى الأبد وتبقى أصوات الخلود في نبل عملهما ..

في حياتنا اليومية نذكر كأناس اعتياديين أو مثقفين أو حتى رجال حكم، ما يحدث للأمة من ويلات، وعندما نريد أن نعيد أسباب تلك الويلات لأصولها، فإننا سرعان من نتذكر (وعد بلفور) و اتفاقية (سايكس ـ بيكو) كأصلين هامين بنيت عليهما عوامل تداعي قوة الأمة.

لكن عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على قطريتنا، وما يرتبط بها من مصالح فئوية وأسرية، فإننا سرعان ما نستخدم هذين الأصلين كأساس للاحتكام عليهما في تقييم ما يجري.

كلنا يعلم أن كثيرا من الدول العربية، كان تأسيسها عبارة عن صفقات بين الدول التي كانت مستعمرة لأراضيها وبين أسر كان لها نفوذ اجتماعي قبل خروج المستعمرين من البلاد، وقد قوي شأن تلك الأسر التي اعتمدت اقتصاد الريع الآتي من مشاركة الدول الاستعمارية في استخراج ثروات البلاد، فاستخدمت جزءا من أموال البلاد لإلهاء مواطنيها ببعض منه، في حين استمرأت وضع حكمها الذي جلب لها مجدا مريحا دون عناء ودون مشقة، واستطاعت تطويع الكثير من أبناء بلادها في القبول بهذا الوضع الذي كان يبدو لهؤلاء الأبناء بأنهم في حال أفضل من غيرهم من أبناء أمتهم، وعبأت بخطابها اليومي أبناء تلك الدول بأن هناك من يحسدهم على (وضعهم!) .. بل وخوفتهم من أشقائهم بأنهم طامعون بثرواتهم ..

هذه الحاضنة أو الأرضية تصلح لتأسيس تفسير الموقف الشعبي العربي تجاه دخول القوات العراقية للكويت، فلذلك كنا نرى التفاف جماهيري واسع حول الموقف العراقي من أقصى المغرب العربي الى كل أرض العرب ( عدا الخليج العربي) .. بالمقابل فإن الموقف الرسمي احتكم لمصلحة كل دولة ومكان وقوفها، وغُلفت كل المواقف بالاحتكام الى القانون الدولي، الذي لم تُخف حكومات العراق ـ كلها ـ في القرن العشرين عدم رضاها عنه فيما يخص الكويت .. سواء من العهد الملكي ومرورا بالعهد القاسمي وانتهاء بالعهد البعثي ..

كانت حكومات الخليج تنظر للعراق نظرة مختلطة، فهي ترى فيه دولة سند قوية تصنع حالة توازن فيما بين العرب وبين الفُرس في تلك المنطقة، فترتاح لتلك النقطة، وترى فيه مصدرا لهواجس الخوف من نمطية النظام الذي يؤمم وينهي الأمية ويخطو خطوات واسعة للالتحاق بركب الدول المتقدمة، وهنا سيصبح مصدرا لمقارنة أبناء تلك الدول، والذين لم يكونوا بعيدين عن الروح الوطنية والتشارك بالهم العربي، ففي الجزيرة والخليج آلاف المفكرين والأدباء والإعلاميين الذين يتبنوا خطابا مشابها لما هو عليه في مختلف المناطق العربية، بل بالعكس كان منهم وبالذات من الكويت نفسها من كان يكتب بألم لما تخبئ الدوائر الإمبريالية للعراق، بعد حكاية (المدفع العملاق)*2، وقد ارتاحت منهم دولهم بعض الشيء بعد دخول الجيش العراقي للكويت..

كما أن استقلالية الرأي عند حكومات تلك المنطقة، لم تكن ـ ولن تكن ـ مطلقة، بل ستكون قريبة من البوصلة الغربية، التي تدخل مصالح الكيان الصهيوني في اعتباراتها، وهنا علينا أن نعترف أن دول المنطقة لم يكن يعنيها مصلحة الكيان الصهيوني، ولكن تلك المصلحة تعني أصدقاء الكيان الصهيوني وحلفاؤه، الذين هم حلفاء لحكومات تلك الدول.

ما هي قصة دخول القوات العراقية للكويت وهل الحرب كانت مع الكويت أم مع أمريكا؟

عندما أحست الإمبريالية الأمريكية، باقتراب أفول نجم الاتحاد السوفييتي، كما أحس بذلك العالم كله ومن بينه العراق (طبعا)، الذي نصح قائده صدام حسين العرب بدعم الاتحاد السوفييتي ونقل قسم من الأموال العربية المودعة في الغرب لتدعيم موقفه، حرصا على التوازن العالمي، ولأن الاتحاد السوفييتي بأقل الأوصاف هو أقل خطورة من الغرب.. وهي حقيقة تاريخية يعرفها العرب منذ العهد القيصري عندما دعم قيصر روسيا (محمد علي باشا) في قدراته لتصنيع الأسلحة و وتكوين جيشه الضخم (540ألف جندي) الذي كاد أن يقيم به إمبراطورية قوية تخلف الرجل المريض (الدولة العثمانية).. لولا أن الغرب الذي كان يتربص باقتسام تلك الدولة، أحبط مخططات محمد علي، وفكك جيشه وقلص عدده الى 12 ألف جندي..

في هذه الظروف أي باقتراب أفول نجم الاتحاد السوفييتي، صعدت الولايات المتحدة ولا زالت، من ترتيب وضعيتها كقطب وحيد في العالم، وابتدعت طريقة وضعت بعد دراسات مطولة، في تسويق مستقبلها. فكانت تعتمد سماسرة من جنسيات مختلفة كالمارق و المجدف (سلمان رشدي) في كتابه السخيف الذي يهاجم فيه رسول الله صلوات الله عليه، وياباني (متمسح ـ أصبح مسيحيا) اسمه (فوكوياما) و صيني خارج عن طوع قيادته، أو بولندي منشق أو عربي (ذائح) لخدمة مخططاتها .. وكانت تلك أرخص وأسلم طريقة للتبشير بالنظام العالمي الجديد ..

فيما يخص الكويت، كانت الولايات المتحدة بعد تأميم نفط العراق، واستخدام العرب (جزئيا) للنفط كسلاح، قد وضعت مسودات خططها في احتلال الساحل الشرقي للجزيرة العربية (منذ عهد كارتر) ووضعت خططا لاحتلال العراق، وأخذت تتحين الفرص. وقد نتبع تلك المساهمة بملف آخر عن تلك الخطط، وعن سبب تسمية تلك الحرب كما أطلق عليها الرئيس صدام حسين اسم (أم المعارك).

فكانت تراقب الوضع في الحرب العراقية الإيرانية، وتبتهج في إطالة الحرب لإنهاك الدولتين المتحاربتين، بل تسعى لإطالة أمد الحرب، ولكن بعد خروج العراق منتصرا (في حساب قيم السوق العسكري والاستراتيجي)، كيفت خططها للتخلص من نظام الحكم في العراق. وعلمت أن العراق قد خرج بمديونية بلغت حوالي (70) مليار دولار، فأوكلت لمحبيها أن يلعبوا بسعر برميل النفط ليهبط من 35 دولار عام 1985 الى 7 دولارات عام 1990. وهذا الأمر سيجعل كل مردود العراق لا يغطي فوائد الدين، فيضطر لتسديد الدائنين من جذور البلاد الاقتصادية وأهمها مؤسسات النفط نفسها، فيعود بذلك النفط لمغتصبيه السابقين الذين أغاظهم تأميمه .. وهنا ستصب تلك الخطوة في إحكام القبضة على اقتصاديات العالم وتخدم مشروع (النظام العالمي الجديد) (الأمريكي)..

سنسوق في المرة القادمة محضرين (كاملين) لاجتماع الرئيس صدام حسين مع الرئيس حسني مبارك الذي كان يتوسط في إنهاء الأزمة مع الكويتيين الذين توكلوا بتخفيض سعر النفط مع دولة خليجية أخرى، ولكن الكويتيين كانوا قد استغلوا انشغال العراق بالحرب مع إيران وتوسعوا في استخراج نفط (الرميلة)، كما سنقدم محضر اجتماع الرئيس صدام حسين مع الآنسة (غلاسبي) سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، لنترك لمن يهتم في استنباط حقائق ما جرى ويربطه بما يجري.

المراجع:
1ـ الأتابكة: دويلات بالعشرات كانت تستقل بإدارة شئونها عن الدولة العباسية في عصر ضعفها الذي نجم عنه الغزو الصليبي و المغولي.
2ـ جريدة القبس الكويتية في عدد 2/5/1990 تنشر على ثلاث صفحات، سيناريوهات العدوان على العراق.
__________________
ابن حوران
  #6  
قديم 08-03-2007, 04:35 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

وثيقة (كما هي )

لن أتدخل (هنا) في نص الوثائق التي سأوردها (كما هي) للأمانة في العمل الذي أحاول بقدر الإمكان أن أقدمه ليس بروح محايدة، بل بطريقة تبين ما اختفى من حقائق وقُدم سواه ليصل من يقدمه لنتيجة يريد منها تضليل الرأي العام. و ليس مستحيلا التحقق من معرفة مدى صدق تلك الوثائق من زيفها، في هذه الأيام..


محضر لقاء الرئيسين صدام حسين وحسني مبارك

التاريخ 24/7/1990 // الوقت: الساعة12.30 بعد الظهر من يوم الثلاثاء// المكان: قاعة الاستقبال الرئيسية في قصر صقر القادسية.

الحضور من الجانب المصري: د عصمت عبد المجيد.. وزير الخارجية، صفوت الشريف .. وزير الإعلام، ممدوح البلتاجي رئيس مصلحة الاستعلامات، د اسامة الباز مدير مكتب الرئيس للشؤون السياسية، د مصطفى الفقي سكرتير الرئيس للمعلومات، د عزمي مرافق الرئيس.

الحضور من الجانب العراقي: عزت ابراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، طه ياسين رمضان النائب الأول لرئيس الوزراء، طارق عزيز نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، د سعدون حمادي نائب رئيس الوزراء، لطيف نصيف جاسم وزير الثقافة والإعلام ، أحمد حسين رئيس ديوان الرئاسة، حامد يوسف حمادي سكرتير رئيس الجمهورية.

نزل الرئيسان من اجتماع مغلق في الطابق الأول.. وكان الحاضرون في استقبالهما في القاعة الرئيسية في انتظار إعداد مائدة الغداء. وبعد تبادل التحيات .. قال الرئيس صدام حسين للحاضرين وكان يقف الى جانبه الرئيس حسني مبارك: لقد اتفقنا أنا وأبو علاء (يقصد الرئيس مبارك) أن لا يتم طمأنة الكويتيين وأن ننتظر ما سيسفر عنه اجتماع جدة، لأن طمأنتهم ستغريهم بالتشدد وعدم الاستجابة لمطالب العراق المشروعة. إذ لعل الخوف يدفعهم الى الحل (أومأ الرئيس مبارك برأسه موافقا) .

ثم قال الرئيس صدام حسين: لقد أحدث النفط فسادا في الواقع العربي وفي المجتمع العربي، وتحولت هذه النعمة التي أنعم الله بها على العرب الى نقمة عليهم بسبب أنانية شيوخ النفط وضعفهم وخضوعهم لمصالح الغرب، بدلا من استخدام هذه النعمة كوسيلة ضغط للحصول على حقوق الأمة أو لتنمية اقتصاديات إخوانهم العرب على الأقل. وأضاف: والآن انظروا ماذا يفعلون بالعراق الذي قدم مئات الألوف من الشهداء والجرحى والأسرى لكي تبقى (عقالاتهم) على رؤوسهم.

هنا قاطعه الرئيس مبارك باللهجة المصرية قائلا: (دُوُل الكويتيين ـ يا سيادة الرئيس ـ بيسموهم يهود الخليج .. ( ضحك من أعضاء الوفد المصري وعصمت عبد المجيد وصفوت الشريف يومئان برأسيهما موافقين قائلين (آه..).

ثم قال الرئيس صدام حسين: لماذا لا يتحقق شعار (نفط العرب للعرب؟) ولماذا يكون نفط العرب للأمريكان وللإنجليز و للفرنسيين؟
وتوقف الرئيس صدام حسين ليعقب على ملاحظة الرئيس مبارك قائلا:
هناك مسميات أطلقت على بعض البلدان العربية:
مصر ... تسمى بلد الخيرات
تونس .. تسمى تونس الخضراء
اليمن ... يسمى اليمن السعيد
العراق ... يسمى أرض السواد
فبماذا تسمى تلك البلدان؟ ولماذا لم تطلق عليها أوصاف حضارية؟ ولماذا أطلقت هذه الأوصاف على مصر وتونس واليمن والعراق؟ هل بسبب كسل أبناءها أم بسبب جدهم في العمل؟
هل أن الثروات في دول الخليج من صنع أبناءها؟
إن المرحوم السادات لم يكن ليذهب الى كامب ديفيد لولا سوء الحال الذي أوصلوه إليه أهل النفط ويأسه منهم.

لقد تحدثت مرة في هذا الموضوع بألم مرير في اجتماع القيادة بعد سفر السادات، وانهمرت الدموع من عيني، وأنا أتحدث عن الوضع المزري الذي أوصلوا العرب إليه نتيجة الأنانية وعدم الشعور بالمسئولية.

إخواني.. إن أي بلد عربي لا يستطيع لوحده أن يحمي نفسه.
إن الأخُوَة ليست بالكلام وإنما بالفعل، حتى على المستوى العائلي، إذا غاص أبناء العم بالغنى الفاحش وبالمَبًاذِل، ألا يثير ذلك حفيظة قريبهم الجائع؟ أليس في الإسلام مبدأ وضع للفقير حقا في مال الغني؟
وأضاف: إننا لن نتخلى عن المبادئ القومية، كما أن هناك استحقاق حضاري وتسلسل ووزن تاريخي كما هو في الحاضر لبلدان عربية مثل مصر والعراق واليمن، ولا يجوز إعطاء وزن واستحقاق أكثر منها للإمارات أو الكويت.
من الذي أخل بالموازنة الحضارية؟
كان حاكم الكويت قائمقاما يأخذ راتبه من متصرف لواء البصرة(محافظ البصرة) . هذا في الماضي، فلماذا يعمل على تخفيض أسعار النفط؟ هل هو محتاج لبيع المزيد منه لتحقيق إيرادات أعلى؟ إنه يخسر النفط ويخسر من الإيرادات بكل الحسابات التجارية حتى بحسابات الدكاكين. فلماذا يتعمد إيذائنا؟

وأضاف الرئيس صدام حسين: ذهب مرة السيد سعدون شاكر(وزير الداخلية آنذاك) الى أمير الكويت ليطلب منه معونة مالية، وتحدث إليه عن التزامات العراق وتزايد نفقات الحرب مع إيران .. فأجابه الأمير: (هل تريد أن تُخرِب الكويت وتعمر العراق؟).
إن العروبة ليست كتابا وإنما تصرف.
لقد اشتروا العقارات في العراق بثمن بخس، بل اشتروا كل شيء له قيمة.. حتى (السِبح) اختفت من أسواق النجف ومن أسواق مدن أخرى.
لقد أفرغوا الأسواق، وأصبح الفقير يجد صعوبة في العيش.
هل يريدون الحماية؟ إن الحماية تقدمها الأُخُوة وليس الأجانب الطامعون.
لماذا يمكن أن تتضامن الدول الأوروبية ولا يمكن أن يتضامن العرب؟
لماذا لم يحكم العراق ومصر تجار بعيدون عن المبادئ؟ ولدى العراق ومصر كل العوامل المساعدة لكي يصبحان تجارا أشطر من دول الخليج إضافة الى عمقهما الحضاري..
واختتم الرئيس صدام حسين حديثه: (الفلوس عند القادة هي لعز الناس وسعادتهم وليس لبهذلتهم ).
__________________
ابن حوران
  #7  
قديم 08-03-2007, 04:45 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

وثيقة (كما هي )

لن أتدخل (هنا) في نص الوثائق التي سأوردها (كما هي) للأمانة في العمل الذي أحاول بقدر الإمكان أن أقدمه ليس بروح محايدة، بل بطريقة تبين ما اختفى من حقائق وقُدم سواه ليصل من يقدمه لنتيجة يريد منها تضليل الرأي العام. و ليس مستحيلا التحقق من معرفة مدى صدق تلك الوثائق من زيفها، في هذه الأيام..


محضر لقاء الرئيسين صدام حسين وحسني مبارك

التاريخ 24/7/1990 // الوقت: الساعة12.30 بعد الظهر من يوم الثلاثاء// المكان: قاعة الاستقبال الرئيسية في قصر صقر القادسية.

الحضور من الجانب المصري: د عصمت عبد المجيد.. وزير الخارجية، صفوت الشريف .. وزير الإعلام، ممدوح البلتاجي رئيس مصلحة الاستعلامات، د اسامة الباز مدير مكتب الرئيس للشؤون السياسية، د مصطفى الفقي سكرتير الرئيس للمعلومات، د عزمي مرافق الرئيس.

الحضور من الجانب العراقي: عزت ابراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، طه ياسين رمضان النائب الأول لرئيس الوزراء، طارق عزيز نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، د سعدون حمادي نائب رئيس الوزراء، لطيف نصيف جاسم وزير الثقافة والإعلام ، أحمد حسين رئيس ديوان الرئاسة، حامد يوسف حمادي سكرتير رئيس الجمهورية.

نزل الرئيسان من اجتماع مغلق في الطابق الأول.. وكان الحاضرون في استقبالهما في القاعة الرئيسية في انتظار إعداد مائدة الغداء. وبعد تبادل التحيات .. قال الرئيس صدام حسين للحاضرين وكان يقف الى جانبه الرئيس حسني مبارك: لقد اتفقنا أنا وأبو علاء (يقصد الرئيس مبارك) أن لا يتم طمأنة الكويتيين وأن ننتظر ما سيسفر عنه اجتماع جدة، لأن طمأنتهم ستغريهم بالتشدد وعدم الاستجابة لمطالب العراق المشروعة. إذ لعل الخوف يدفعهم الى الحل (أومأ الرئيس مبارك برأسه موافقا) .

ثم قال الرئيس صدام حسين: لقد أحدث النفط فسادا في الواقع العربي وفي المجتمع العربي، وتحولت هذه النعمة التي أنعم الله بها على العرب الى نقمة عليهم بسبب أنانية شيوخ النفط وضعفهم وخضوعهم لمصالح الغرب، بدلا من استخدام هذه النعمة كوسيلة ضغط للحصول على حقوق الأمة أو لتنمية اقتصاديات إخوانهم العرب على الأقل. وأضاف: والآن انظروا ماذا يفعلون بالعراق الذي قدم مئات الألوف من الشهداء والجرحى والأسرى لكي تبقى (عقالاتهم) على رؤوسهم.

هنا قاطعه الرئيس مبارك باللهجة المصرية قائلا: (دُوُل الكويتيين ـ يا سيادة الرئيس ـ بيسموهم يهود الخليج .. ( ضحك من أعضاء الوفد المصري وعصمت عبد المجيد وصفوت الشريف يومئان برأسيهما موافقين قائلين (آه..).

ثم قال الرئيس صدام حسين: لماذا لا يتحقق شعار (نفط العرب للعرب؟) ولماذا يكون نفط العرب للأمريكان وللإنجليز و للفرنسيين؟
وتوقف الرئيس صدام حسين ليعقب على ملاحظة الرئيس مبارك قائلا:
هناك مسميات أطلقت على بعض البلدان العربية:
مصر ... تسمى بلد الخيرات
تونس .. تسمى تونس الخضراء
اليمن ... يسمى اليمن السعيد
العراق ... يسمى أرض السواد
فبماذا تسمى تلك البلدان؟ ولماذا لم تطلق عليها أوصاف حضارية؟ ولماذا أطلقت هذه الأوصاف على مصر وتونس واليمن والعراق؟ هل بسبب كسل أبناءها أم بسبب جدهم في العمل؟
هل أن الثروات في دول الخليج من صنع أبناءها؟
إن المرحوم السادات لم يكن ليذهب الى كامب ديفيد لولا سوء الحال الذي أوصلوه إليه أهل النفط ويأسه منهم.

لقد تحدثت مرة في هذا الموضوع بألم مرير في اجتماع القيادة بعد سفر السادات، وانهمرت الدموع من عيني، وأنا أتحدث عن الوضع المزري الذي أوصلوا العرب إليه نتيجة الأنانية وعدم الشعور بالمسئولية.

إخواني.. إن أي بلد عربي لا يستطيع لوحده أن يحمي نفسه.
إن الأخُوَة ليست بالكلام وإنما بالفعل، حتى على المستوى العائلي، إذا غاص أبناء العم بالغنى الفاحش وبالمَبًاذِل، ألا يثير ذلك حفيظة قريبهم الجائع؟ أليس في الإسلام مبدأ وضع للفقير حقا في مال الغني؟
وأضاف: إننا لن نتخلى عن المبادئ القومية، كما أن هناك استحقاق حضاري وتسلسل ووزن تاريخي كما هو في الحاضر لبلدان عربية مثل مصر والعراق واليمن، ولا يجوز إعطاء وزن واستحقاق أكثر منها للإمارات أو الكويت.
من الذي أخل بالموازنة الحضارية؟
كان حاكم الكويت قائمقاما يأخذ راتبه من متصرف لواء البصرة(محافظ البصرة) . هذا في الماضي، فلماذا يعمل على تخفيض أسعار النفط؟ هل هو محتاج لبيع المزيد منه لتحقيق إيرادات أعلى؟ إنه يخسر النفط ويخسر من الإيرادات بكل الحسابات التجارية حتى بحسابات الدكاكين. فلماذا يتعمد إيذائنا؟

وأضاف الرئيس صدام حسين: ذهب مرة السيد سعدون شاكر(وزير الداخلية آنذاك) الى أمير الكويت ليطلب منه معونة مالية، وتحدث إليه عن التزامات العراق وتزايد نفقات الحرب مع إيران .. فأجابه الأمير: (هل تريد أن تُخرِب الكويت وتعمر العراق؟).
إن العروبة ليست كتابا وإنما تصرف.
لقد اشتروا العقارات في العراق بثمن بخس، بل اشتروا كل شيء له قيمة.. حتى (السِبح) اختفت من أسواق النجف ومن أسواق مدن أخرى.
لقد أفرغوا الأسواق، وأصبح الفقير يجد صعوبة في العيش.
هل يريدون الحماية؟ إن الحماية تقدمها الأُخُوة وليس الأجانب الطامعون.
لماذا يمكن أن تتضامن الدول الأوروبية ولا يمكن أن يتضامن العرب؟
لماذا لم يحكم العراق ومصر تجار بعيدون عن المبادئ؟ ولدى العراق ومصر كل العوامل المساعدة لكي يصبحان تجارا أشطر من دول الخليج إضافة الى عمقهما الحضاري..
واختتم الرئيس صدام حسين حديثه: (الفلوس عند القادة هي لعز الناس وسعادتهم وليس لبهذلتهم ).
__________________
ابن حوران
  #8  
قديم 08-03-2007, 04:47 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

محضر استقبال الرئيس صدام حسين للآنسة (أبريل كلاسبي) سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق.

التاريخ: 25/7/1990الموافق 3محرم1411هـ// الساعة الواحدة من بعد ظهر يوم الأربعاء.

حضر اللقاء: طارق عزيز وزير الخارجية، حامد يوسف حمادي سكرتير رئيس الجمهورية، محسن خليل السكرتير الصحفي والإعلامي، المقدم عبد حمود مرافق الرئيس صدام حسين.

بعد تبادل عبارات الترحيب الودية قال الرئيس صدام حسين:
أنا طلبتك اليوم، لأتحدث معك حديثا سياسيا واسعا هو عبارة عن رسالة للرئيس الأمريكي بوش.
وأضاف: تعرفون أن علاقاتنا كانت مقطوعة مع الولايات المتحدة الى عام 1984، وتعرفون الظروف والأسباب التي أدت الى قطع العلاقة، وقد بينا لكم أن قرار إعادة العلاقة مع الولايات المتحدة كان قد أتخذ في الواقع عام 1980، وربما خلال الشهرين اللذين سبقا قيام الحرب بيننا وبين إيران.

ولكن عندما قامت الحرب، مع ملابساتها المعروفة، ولأننا حريصون على أن نتصرف بالقضايا الكبيرة بما لا يجعل المقابل يفسر الأمور إلا في إطارها الصحيح، أجلنا إعادة العلاقة على أمل أن تنتهي الحرب.

ولأن الحرب استمرت طويلا.. وتأكيدا لمبادئنا التي تقول أننا جهة غير منحازة، كان لا بد أن نعيد العلاقات مع الولايات المتحدة .. فجاء التوقيت لإعادتها في عام 1984.

ومن الطبيعي أن نقول، أن الولايات المتحدة ليست مثل انجلترا مثلا، من حيث قدم علاقاتها مع دول الشرق الأوسط العربية ومنها العراق، وإذا أضفنا هذا، أنه لأن العلاقات بين البلدين كانت مقطوعة طيلة المدة بين أعوام 1967ـ1984 لا بد أن نقول أنه سيصعب على الولايات المتحدة أن تفهم الكثير من الأمور في العراق كما ينبغي. وكان مؤملا، بالعلاقة الجديدة التي استؤنفت، أن نعاون بعضنا لكي يفهم كل منا الآخر، لأننا نحن أيضا كنا وما زلنا، نجهل الكثير من الخلفيات والأمور التي يستند إليها القرار الأمريكي.

تعاملنا مع بعضنا أثناء الحرب، وأجرينا الحوار على المستويات التي أتاحتها الفرص، لأن تجري العلاقة والحوار فيما بيننا، وكان أهم مستوى في إجراء الحوار هو مستوى وزير الخارجية. وكنا نأمل أن تزداد مساحة الفهم المشترك، وأن تتسع فرص وإمكانات التعاون بما يعود بالمصلحة على الشعبين العراقي والأمريكي، بل وعلى الأمة العربية كما كنا نأمل، وكلما وجدت الأطراف المعنية أن هذا ممكنا.

غير أن العلاقة، وهي حديثة عهد، تعرضت الى بعض المنغصات وهي في خط سيرها على الطريق.
أهم ضربة تعرضت لها العلاقات كانت في عام 1986(بعد سنتين من إعادة العلاقات)، فيما سمي بقضية(إيران ـ غيت) وصادف في ذلك العام، احتلال الفاو من قبل إيران.
ومن الطبيعي أن نقول أن كل علاقة، تستطيع مع قدمها وتشابك المصالح أن تغطي ارتكاب الأخطاء التي تحصل فيها، ولكن عندما تكون المصالح في هذه العلاقة صغيرة الحجم، ولم تتسع بعد، وعندما تكون العلاقة ليست بما يكفي، لتوجه أطرافها، لكي تتفهم بعضها البعض، لا بد أن يترك كل خطأ في طريقها، نوعا من الأثر، هو بحجم الخطأ وربما في بعض الأحيان أكبر من حجمه، ولكن في كل الأحوال لا يكون الأثر أقل من حجم الخطأ.

مع ذلك، قبلنا الاعتذار الذي قدمه الرئيس الأمريكي (حول إيران ـ غيت) عن طريق مبعوثه إلينا. واعتبرنا ذلك يكفي عن الماضي إلا إذا ارتبطت به خطوات لاحقة، تذكر بأن الخطأ الماضي ليس مجرد خطأ عابرا.

استمرت علاقاتنا هكذا، وبدأت الهواجس تزداد بعد أن حررنا الفاو، فاختلط الإعلام بالسياسة، وبدأت هواجسنا تظهر على السطح من جديد، وبدأت علامة الاستفهام ترتسم متسائلة ماذا تريد الولايات المتحدة عندما تكون غير مرتاحة لنتائج القتال التي حررنا بها أرضنا؟

كان واضحا لدينا بما لا يقبل الشك، أن هنالك أوساطا في الولايات المتحدة، ولا نقول الرئيس الأمريكي، لأنه ليس لدينا ما هو ملموس على هذا، ولكن هناك أوساطا في الولايات المتحدة يرتبط بعضها بأوساط جمع المعلومات والمخابرات أو الاستخبارات، وبعض الأوساط في الخارجية، ولا أستطيع أن أقول وزير الخارجية.. أقول بدا لنا أن هذه الأوساط غير مرتاحة لتحرير أراضينا. وبعض الأوساط مما ذكرنا تجمع معلومات تحت عنوان (من الذي سيخلف صدام حسين) ؟ ثم بدأت تجري الاتصالات مع دول الخليج، على أساس تخويف هذه الدول من العراق، وتعلن الرغبة أو توحي بها، لكي لا تقدم دول الخليج، أية معاونة اقتصادية للعراق، وقد لمسنا بما لا يقبل الشك تأثير هذه النشاطات.
وأضاف الرئيس صدام حسين .. خرج العراق من الحرب وهو مدين للآخرين بحدود (40) مليار دولار، عدا المساعدات التي قُدِمت للعراق، والتي ما زالت مسجلة عليه كديون من قِبل بعض الدول العربية، مع أنهم يعرفون وأنتم تعرفون بأنه لولا العراق، لما بقيت هذه المبالغ وغيرها عند أصحابها ولأصبح مستقبل المنطقة على غير ما هو عليه.

أنتم وغيركم نظمتم مشروع (مارشال) لكل حلفائكم بعد الحرب وكنتم خلال الحرب تقدمون مساعدات سخية لهم، هذه كلها كانت تقدم من دافعي الضرائب الأمريكان.
ثم بدأنا نواجَه بسياسة خفض أسعار النفط، ثم بدأت أمريكا التي تتحدث عن الديمقراطية تضيق ذرعا بالرأي المقابل، بدأت الحملة الإعلامية، تُشَن على صدام حسين من مركز الإعلام الأمريكي الرسمي، وفي ظن الولايات المتحدة أن حال العراق مثل الحال في بولونيا أو رومانيا أو تشيكوسلوفاكيا.

انزعجنا من الحملة، ولكن لم ننزعج كثيرا، على أمل أن نترك فرصة كافية، عددا من الأشهر، ليعاين صاحب القرار الأمريكي بنفسه وليلمس، هل ترك الإعلام أثرا ما في حياة العراقيين ما كان يُراد أن يتركه من أثر أم أن الأمر مختلف؟
كان أملنا، أنه بعد هذه الفرصة الطويلة، سيصبح بمقدور المسئولين الأمريكيين أن يتخذوا قرارات أكثر صوابا في العلاقة مع العراق.
من المسلم به أن العلاقة، حتى وهي ترتقي الى أي مستوى من مستويات الصداقة، لا تفترض التطابق.. بل وأن الأمريكان يرون أنه حتى داخل القيادة الواحدة لا يفترض أن يكون هنالك تطابق في الآراء.
ولكن عندما تُخفض أسعار البترول بشكل مخطط ومتعمد وبدون سبب تجاري أو اقتصادي، فهذه حرب أخرى على العراق، لأن الحرب تقتل البشر بعد أن تسيح دمهم، والحرب الاقتصادية تقتل إنسانية البشر بعد أن تسلبها فرصتها في الحياة الكريمة.

ونحن كما تعلمون، أعطينا أنهارا من الدم في حرب استمرت ثماني سنوات، ولم نتنازل عن إنسانيتنا، أي حق العراق في أن يعيش بكرامة، وعليه، لا نقبل على الإطلاق (وإذا كنا لا نقبل هذا بدرجة معينة قبل الحرب، فالآن لا نقبله بدرجة مضاعفة) أن يخل أحد بكرامة العراقيين أو بحقهم في العيش حياة سعيدة ومرفهة ومزدهرة.

الكويت والأمارات، كانا وجه هذه السياسة التي تريد أن توصل الى ما يذل العراق وتسلبه فرصة الحياة السعيدة، وأنتم تعرفون أن علاقتنا كانت جيدة مع الأمارات والكويت. نضيف الى هذا، أن دولة الكويت، ونحن مشغولون بالحرب كانت تتوسع على حساب أراضينا.

قد تقولون أن هذا في حكم الدعاية، لكننا نقول، بإمكانكم أن تعودوا الى وثيقة واحدة، والتي تسمى (خط الدوريات) وهو الخط الذي اعتمدته الجامعة العربية، لتجعل أية قوة عسكرية في عام 1961 بعيدة عن هذا الخط، أي على الحافة القريبة منه.
عاينوا وقفوا في الحافة الأخرى التي هي باتجاه الكويت، وانظروا .. أكانت توجد عليها مخافر شرطة أو مزارع أو منشآت نفطية والى عمق بعيد من هذا الخط، أي خط الدوريات؟

إن كل هذه المرافق والمنشآت، استحدثت بتخطيط مقصود لفرض الأمر الواقع على العراق. ومن الطبيعي، أن نقول، أنه خلال هذه المدة كانت حكومة الكويت مستقرة، بينما الحكومة في العراق تتغير.. وحتى بعد عام 1968 والى عشر سنوات بعدها كنا نحن مشغولين بأمور كثيرة.. مرة في الشمال، وأخرى في حرب 1973، وغيرها من الانشغالات، ثم جاءت بعد ذلك الحرب مع إيران التي مضى عليها الآن عشر سنوات.

ويضيف الرئيس صدام حسين: في تقديرنا يجب أن تفهم الولايات المتحدة بأن المرفهين المتمكنين اقتصاديا، يستطيعون أن يتفاهموا معها على ما هو مشروع من المصالح المشتركة، فيما لا يستطيع ذلك من يجوع أو تسلب فرصته في حياة سعيدة.
نحن لا نقبل التهديد من أحد، لذلك لا نستخدم التهديد.. لكن نقول بوضوح، نأمل أن لا تتوهم الولايات المتحدة كثيرا، وأن يكون سعيها لكسب الأصدقاء، وليس إضافة أرقام جديدة الى الأعداء.
أنا اطلعت على التصريحات الأمريكية التي تتحدث عن الأصدقاء في المنطقة.. وأقول، من حق كل جهة أن تختار أصدقاءها في المنطقة.. ومن حق كل جهة في العالم أن تختار أصدقاءها.. نحن لا نعترض على هذا.. ولكن أنتم تعرفون، أنكم لستم الذين حميتم أصدقاءكم في خلال الحرب مع إيران.. وأنا أجزم لو أن الإيرانيين اندلعوا في المنطقة، لما استطاعت الجيوش الأمريكية أن تصدهم وتوقفهم إلا باستخدام القنابل النووية.
هذه ليست نظرة استصغار لكم، وإنما مرتبطة بطبيعة الجغرافيا وبطبيعة المجتمع الأمريكي، التي تجعله لا يستطيع أن يتحمل في معركة واحدة عشرة آلاف قتيل.
وأنتم تعرفون أن إيران وافقت على وقف إطلاق النار، ليس بسبب ضرب أمريكا منصة صغيرة من منصات تحميل النفط بعد تحرير الفاو.. فهل هذه هي مكافأة العراق على دوره في استقرار المنطقة وحمايتها من طوفان لم نكن نعرف على أي شاطئ كان سيضعها؟
ماذا يعني قول أمريكا الآن أننا ملتزمون بحماية أصدقائنا بصورة فردية وجماعية؟ إنه يعني بوضوح، انحيازا واضحا ليس الى جانب الجهة الفلانية من دون الجهة الفلانية الأخرى، وإنما انحياز واضح ضد العراق في هذه المرحلة.

هذا الموقف فيه تشجيع واضح للكويت والأمارات، ومع التصريحات الأخرى والمناورات، لكي لا تحترم دولتا الأمارات والكويت حقوق العراق.

يتبع
__________________
ابن حوران
  #9  
قديم 08-03-2007, 04:55 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أقول لكم بوضوح.. إن حقوق العراق التي وردت في المذكرة سنأخذها واحدة، واحدة.. قد لا يحصل هذا الآن.. أو بعد شهر أو بعد سنة.. ولكننا سنحصلها كلها، لأننا لسنا من النوع الذي يسكت على حقه.. وليس هناك استحقاق تاريخي أو شرعية أو حاجة لتستحوذ الأمارات والكويت على حقوقنا.. فإن كانوا (محتاجين) فنحن أيضا محتاجون.
إذن على الولايات المتحدة أن تكون منسجمة مع هذا الموضوع، ويجب أن تظهر بوضوح أنها تريد الصداقة مع الجميع حيثما رغب الجميع بصداقتها، وتعادي من يعاديها.. ويجب أن لا تعادي من يختلف معها في وجهة النظر في الصراع العربي الإسرائيلي أو شؤون الحياة الأخرى.
نحن نفهم تماما قول أمريكا بأنها حريصة على تدفق النفط، ونفهم قول أمريكا بأنها تريد علاقات صداقة مع دول المنطقة، وأن تتسع مساحة المصالح المشتركة في المجالات المختلفة، ولكن لا يمكن أن نفهم محاولات تشجيع البعض لكي يلحق الضرر بالعراق.
تريد الولايات المتحدة ضمان تدفق النفط.. هذا مفهوم ومعروف.
تريد أمريكا السلام في المنطقة.. وهذا هو الذي نسمعه.. هذا مفهوم.
لكن عليها أن لا تعمل بالطرق التي تقول أنها لا تحبها وهي طرق الضغط واستعراض القوة. إذا استعملتم طرق الضغط والإكراه.. نحن سنعمل بطريقة الضغط واستخدام القوة. نحن نعرف أنكم قادرون على إلحاق أذى بنا .. ونحن لا نستخدم التهديد ضدكم.. لكن نحن أيضا قادرون على إلحاق أذى بكم.. وكل واحد يلحق أذى بكم.. وكل واحد يلحق أذى بقدر حجمه.
نحن لا نستطيع أن نأتي إليكم في الولايات المتحدة.. ربما يصلون إليكم أفراد عرب. أنتم تستطيعون أن تأتوا إلى العراق بطائرات وصواريخ.. نعرف هذا.. لكن لا توصلوننا الى أن نستخف بكل هذا!!!
متى نستخف بهذا؟
عندما نشعر أنكم تريدون أن تذلوننا وأن تنتزعوا فرصة العراقيين في العيش بكرامة وسعادة. عند ذلك يكون الموت هو الأفضل.
وعند ذلك لا نأبه إذا وجهتم علينا مقابل الصاروخ الواحد، مائة صاروخ، لأنه من غير هذه، لا كرامة للإنسان ولا حياة ذات قيمة.
ليس من المعقول أن نطلب من شعبنا أن ينزف كل أنهار الدماء طيلة 8 سنوات، ثم نقول له الآن عليك أن تقبل العدوانية الكويتية أو الأماراتية أو من الولايات المتحدة أو من إسرائيل.
نحن لا نضع هذه الدول بمستوى واحد.. أولا نحن متألمون أن يحصل بيننا وبين الكويت والأمارات هذا، والحل لما حصل يتم ضمن الإطار العربي.. وبالعلاقة الثنائية المباشرة.
لا نضع أمريكا كعدو.. ولكن نضعها حيث نرغب أن نكون أصدقاء.. وحاولنا أن نكون، ولكن يبدو من تصريحات أمريكا المتكررة خاصة خلال السنة الماضية بأنها لا تضعنا كمشروع صداقة.. وهي حرة في تصرفها هذا.
نحن عندما نسعى لأن نصادق، نريد مع الصداقة، الكرامة، الحرية، الحق في اختيار فرصنا كما نجتهد، وخاصة الفرص التي لا تلحق أذى بطرف الصداقة.
نريد أن نتعامل بحجمنا ونعامل الآخرين بحجومهم.
نرى مصالح الآخرين، في الوقت الذي نتعامل مع مصالحنا، وعلى الآخرين أن يروا مصالحنا في الوقت الذي يتعاملون مع مصالحهم.
ماذا يعني استدعاء وزير الحرب الصهيوني في هذا الوقت الى أمريكا؟
ثم ماذا تعني هذه التصريحات الملتهبة التي تخرج من (إسرائيل) في الأيام الثلاثة أو الأربعة الأخيرة، والحديث عن احتمالات اقتراب الحرب أكثر من السابق.
نحن لا نريد الحرب.. لأننا نعرف معناها.. ولكن لا تدفعونا الى أن نعتبرها هي الطريق الوحيد أمامنا لنعيش بكرامة و يعيش بقيتنا بسعادة.
نحن نعرف أن لدى الولايات المتحدة قنابل نووية.. ولكننا مصممون على إما أن نعيش بكرامة أو نذهب كلنا! ولا أعتقد أن هناك شريفا في الكرة الأرضية لا يفهم هذا المعنى.
نحن لا نطلب منكم أن تحلوا مشاكلنا.. أنا قلت أن مشاكلنا العربية نحلها فيما بيننا.. ولكن لا تشجعوا بعض الناس أن يتصرفوا بأكبر من حجمهم وعلى الباطل
الذي يصادق العراق لا أظنه يخسر.. ما زال الرئيس الأمريكي في تقييمي أنه لم يرتكب خطأ تجاه العرب، وإن كان قراره بتعليق الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية قرار خاطئ. ولكنه قرار يبدو أنه ينطوي على مجاملة ما لتيار الضغط الصهيوني، وربما ينطوي على تكتيك ما ليمتص التعبئة الصهيونية ويعيد الكرَة. نحن نأمل أن يكون استنتاجنا الأخير صحيحا .. لكن سنظل نقول أنه قرار خاطئ.
تجاملون المغتصب بعشرات العناوين والمفردات في الاقتصاد وفي السياسة وفي الإعلام وفي الأسلحة.. متى يحين الوقت لتجاملوا بعد كل ثلاثة عناوين للمغتصب بعنوان واحد للعرب؟! ومتى تجد الإنسانية فرصتها الحقيقية في القرار الأمريكي العادل، بحيث يوازن في الحقوق الإنسانية ل (200) مليون إنسان مع (3) مليون يهودي؟
إذن نحن راغبين في الصداقة من غير أن نركض وراءها.. نقوم بواجبنا.. نرفض الإيذاء من أية جهة جاءت.. وإذا حصل إصرار على إيذائنا سنقاومه.. وهذا حق إنساني، سواء جاء الإيذاء من أمريكا أو الأمارات أو الكويت أو إسرائيل..
طبعا لا أضع هذه الدول على مستوى واحد. إسرائيل تغتصب أرض العرب. أمريكا تساندها.
لكن الأمارات والكويت لا تساعدانها، وهم عرب في كل الأحوال، أما عندما يصرون على إضعاف العراق، فهم يساعدون الأعداء... عند ذلك من حق العراق أن يدافع عن نفسه.

يتبع
__________________
ابن حوران

آخر تعديل بواسطة ابن حوران ، 08-03-2007 الساعة 05:02 AM.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م