* الأنوار الرحمانية لهداية الفرقة التيجانية * (هنا، على مراحل)
الأنــوار الــرحــمــانــيــة لهداية الــفــرقــة الــتــيــجــانــيــة
تأليف الشيخ: عبد الرحمن بن يوسف الإفريقي
تعليق وتصحيح الشيخ: إسماعيل الأنصاري
============================
بسم الله الرحمن الرحيم
"هذا بلاغ للناس، وليُنذروا به، وليعلموا أنما هو إله واحد، وليذ ّكر أولوا الألباب" –سورة إبراهيم.
"قل: إن كنتم تحبون الله، فاتبعوني: يحببكم الله، ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور رحيم" –سورة آل عمران.
"فلا، وربك، لا يؤمنون، حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ً مما قضيت، ويسلموا تسليما ً" –سورة النساء.
"قل: يا أيها الناس، إني رسول الله إليكم جميعا ً، الذي له ملك السماوات والأرض، لا إله إلا هو، يحيي ويميت، فآمنوا بالله ورسوله، النبي الأمي، الذي يؤمن بالله وكلماته، واتبعوه، لعلكم تهتدون" –سورة الأعراف.
"من يطع الرسول، فقد أطاع الله، ومن تولى، فما أرسلناك عليهم حفيظا ً" –سورة النساء.
وعن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا ً لما جئت به."
============================
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله –عز وجل: "وقل: جاء الحق، وزهق الباطل: إن الباطل كان زهوقا ً".
============================
ســبــب تــألــيــف هــذا الــكــتــاب
اعلم، أيها المسلم، أنه لا ينبغي للعاجز التعرض لمركب صعب إلا إذا تعذر عليه وجود مسلك إلا ذاك. فليستعن بالله: إنه هو المعين.
وذلك، إن طائفة من الإخوان وقعت بيني وبينهم مذاكرة علمية، حتى ذكرنا البدعة. فقلت: جميع ما لم يكن دينا ً في الصدر الأول، لا يكون اليوم دينا ً. فطلبوا مني الدليل على ذلك، وخاصة على إنكار أهل السنة على التيجانية. ولما رأيت الطلب قد توجه إلي، تطفلت تحت دوح علماء السنة بذكر أقوالهم في تفسير بعض الآيات والأحاديث في ذم البدعة وأهلها.
وأقول، كما قال المحدث العلامة الشيخ محمد بن عبد العزيز الفارسي الجاركي في التحفة المكية، حيث قال:
أجبته محتسبا ً للأجر مع أنني لست لذاك الخطر
تطفلا ً بالعلماء الفـُضَلا مقتفيا ً آثارهم والسبلا
فقلت فاعلم أيها الخل الودود حماك ربي من بواثق الحسود
من يرد الله به خيرا ً يُرى مستمسكا ً بهدى سيد الورى
ألهمه الله لكل طاعة حياته، ألزمه القناعة
يرزقه تفقها ً في الدين عضده بالصدق واليقين
وإلا، فلست أتعرض ولا أرتقي إلى هذا المحل المنيف، لأني لم أكن لذاك، ولا أقل منه، بأهل.
وأرجو الله –تعالى- أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، نافعة لجميع الإخوان المؤمنين والمسلمين: إنه الهادي إلى الصراط المستقيم.
عبد الرحمن بن يوسف الإفريقي
10-6-1356هـ
============================
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده ونصلي على رسوله الكريم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز: "ومن يُطع الله، ورسوله، ويخش الله، ويتقه، فأولئك هم الفائزون"(1). وأشهد أن سيدنا محمدا ً عبده، ورسوله، المنزل عليه من الله –عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا: أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول، ولا تبطلوا أعمالكم"(2) -أي: بمخالفتكم سنة نبيه، التي سنها لكم، وبارتكابكم المنكرات والبدع-، وعلى آله، وصحبه، أجمعين، إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أخي المحترم: قد وصلت إلي وثيقتكم، وقرأتها وفهمت ما ذكرتموه. وها أنا أكتب لكم جوابها –إن شاء الله تعالى وبه نستعين.
قــواعــد الإســلام
اعلموا أن الله –تعالى- قرر القواعد لكل مسلم، وقال: "وما آتاكم الرسول، فخذوه، وما نهاكم عنه، فانتهوا، واتقوا الله: إن الله شديد العقاب"(3). وقال: "ومن يعص الله، ورسوله، ويتعد حدوده: يدخله نارا ً، خالدا ً فيها، وله عذاب مهين"(4). وقال: "ومن يعص الله، ورسوله، فإن له نار جهنم، خالدين فيها أبدا ً"(5). وقال: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره: أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم"(6). وقال: "فلا، وربك، لا يؤمنون، حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ً مما قضيت، ويسلموا تسليما ً"(7). ولذا، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا ً لما جئت به"، (رواه: البغوي، في: شرح السنة، و: النووي، في: الأربعين، بسند صحيح).
الــمــســلــم الــحــقــيــقــي
علم بتلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية: أن المسلم لا يكون مسلما ً، ولا مؤمنا ً، إلا إذا اعتصم بالكتاب والسنة، في العقائد والفرائض والسنن، والأقوال والأعمال والأفعال والأذكار، على وجه التسليم والرضا والإخلاص، ظاهرا ً وباطنا ً، خاصة عند المعارضة والمقابلة: يُقدم قول النبي –صلى الله عليه وسلم- على أقوال جميع أهل الأرض، كائنا ً من كان، وأذكاره –صلى الله عليه وسلم- على جميع الأذكار الواردة عن المشايخ أهل الطرق، وغيرهم، ويعرض تلك الأوراد على الكتاب والسنة، فإن وافقتهما، عمل بها، وإلا: فلا. ويقف على الأذكار الواردة عن النبي –صلى الله عليه وسلم، فحينئذ: يكون المسلم مسلما ً حقيقيا ً، طائعا ً لله، ورسوله. قال –تعالى: "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم، ولا تتبعوا من دونه أولياء"(8). وقال –تعالى: "ومن يعتصم بالله: فقد هُدي إلى صراط مستقيم."(9)
تــعــريــف الــســنــة والــبــدعــة
من ضروريات الدين: أن يعلم المسلم صفة السنة، والبدعة، والفرق بينهما. فليعلم الأخ الكريم أن السنة، لغة: الطريق، وشرعا ً: هي ما بيّن وفسّر بها النبي –صلى الله عليه وسلم- كتاب الله –تعالى- قولا ًوفعلا ً وتقريرا ً، وما سوى ذلك بدعة.
والسنة هي الطريق المتبع، وهي دين الإسلام، التي لا يزيغ عنها إلا جاهل، هالك، مبتدع.
والبدعة، أصل مادتها: الاختراع على غير مثال سابق، ومنه قوله –تعالى: "بديع السموات والأرض" أي مخترعهما من غير مثال سابق، وهذا لا يليق في الدين إلا من الله –تعالى، لأنه فعال لما يريد، وهو الذي شرع لنا الدين، قال –تعالى: "شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحا ً"(10).
وأما البدعة –شرعا ً- فهي: الحَدث في الدين بعد الإكمال، أي: بعد النبي –صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، وقد جعلها أهل البدع دينا ً قويما ً، لا يجوز خلافها، كما في زعم التيجانيين وغيرهم.
تــقــســيــم الــبــدعــة
والبدعة تنقسم إلى دينية، ودنيوية. فكل بدعة في الدين: ضلالة، كما نص عليه الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه. فلا يجوز لمسلم أن يغير ويؤول ما قاله الرسول –صلى الله عليه وسلم، أو يعمله عملا ً، أو يقول قولا ً، أو يأخذ في طريق غير طريق النبي –صلى الله عليه وسلم. فذلك كله بدعة ضلالة، وصاحبها في النار بلا شك، بدليل ما أخبر به النبي –صلى الله عليه وسلم، حيث يقول: "من عمل عملا ً ليس عليه أمرنا فهو رد" (رواه: مسلم، عن عائشة). وقال أيضا ً: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" أي صاحبها.
وأما البدعة في المصالح الدنيوية، فلا حرج في ذلك، ما دامت نافعة غير ضارة في الدين، ولا فيها ارتكاب محرم، أو هدم أصل من أصول الدين، لقول النبي –صلى الله عليه وسلم، في حديث رافع بن خَديج، الذي رواه مسلم، قال في آخره: "إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم، فخذوه، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي، فإنما أنا بشر."
----------------------------
1) النور، 52.
2) القتال، 33.
3) الحشر، 7.
4) النساء، 14.
5) الجن، 23.
6) النور، 63.
7) النساء، 65.
8) الأعراف، 3.
9) آل عمران، 101.
10) الشورى، 13.
============================
يتبع: ورد الــتــيــجــانــيــة، ومــا شــاكــلــه، بــدعــة..
والمزيد.
|