حكي أن رجلا كان أسيراً في بني بكر بن وائل وعزموه علي غزو قومه، فسألهم في رسول يرسله إلي قومه، فقالوا: لا ترسله إلا بحضرتنا لئلا تنذرهم وتحذرهم، فجاؤوا بعبد أسود، فقال له: أتعقل ما أقوله لك، قال: نعم إني لعاقل، فأشار بيده إلي الليل، فقال: ماهذا؟ قال: الليل قال: ما أراك إلا عاقلا، ثم ملأ كفيه من الرمل وقال: كم هذا؟ قال: لا أدري وإنه لكثير، فقال: أيما أكثر النجوم أم النيران؟ قال: كل كثير، فقال: أبلغ قومي التحية، وقل لهم يكرموا فلانا يعني أسيرا كان في أيديهم من بكر بن وائل، فإن قومه لي مكرمون، وقل لهم إن العرفج قد دنا وشكت النساء، وأمرهم أن يعروا ناقتي الحمراء فقد أطالوا ركوبها، وأن يركبوا جملي الأصهب بامارة ما أكلت معكم حيسا، وأسألوا عن خبري أخي الحرث، فلما أدي العبد الرسالة إليهم قالوا: لقد جن الأعور، والله ما نعرف له ناقة حمراء ولا جملا أصهب، ثم دعوا بأخيه الحرث فقصوا عليه القصة، فقال: قد أنذركم، أما قوله: قد دنا العرفج، يريد أن الرجال قد استلأموا ولبسوا السلاح وأما قوله: شكت النساء أي أخذت الشكاء للسفر.
وأما قوله: أعروا ناقتي الحمراء أي ارتحلوا عن الدهناء، واركبوا الجمل الأصهب، أي الجبل، وأما قوله: أكلت حيسا، أي أن اخلاطا من الناس قد عزموا علي غزوكم لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط، فامتثلوا أمره وعرفوا لحن الكلام وعملوا به فنجوا.
خرج المهدي يتصيد فغار به فرسه حتي وقع في خباء إعرابي فقال : ياإعرابي هل من قري فأخرج له قرص شعير فأكله ثم أخرج له فضلة من لبن فسقاه ثم أتاه بنبيذ في ركوة فسقاه فلما شرب قال أتدري من أنا قال لا قال أنا من خدم أمير المؤمنين الخاصة قال بارك الله لك في موضعك ثم سقاه مرة أخري فشرب فقال ياأعرابي أتدري من أنا قال زعمت أنك من خدم أمير المؤمنين الخاصة قال لا أنا من قواد أمير المؤمنين قال رحبت بلادك وطاب مرادك ثم سقاه الثالثة فلما فرغ قال ياأعرابي أتدري من أنا؟
قال زعمت أنك من قواد أمير المؤمنين قال لا ولكني أمير المؤمنين قال فأخذ الإعرابي الركوة فوكأها وقال إليك عني فوالله لو شربت الرابعه لادعيت أنك رسول الله فضحك المهدي حتي غشي عليه ثم أحاطت به الخيل ونزلت إليه الملوك والأشراف فطار قلب الإعرابي فقال له: لا بأس عليك ولاخوف ثم أمر له بكسوة ومال جزيل.
- ووجد أعرابي يأكل ويتغوط ويفلي ثوبه فقيل له في ذلك فقال: أخرج عتيقا وأدخل جديدا وأقتل عدوا.
وسمع إعرابي قارئا يقرأ القرآن حتي أتي قوله تعالي (الأعراب أشد كفرا ونفاقا) التوبة:99 فقال لقد هجانا ثم بعد ذلك سمعه يقرأ(ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر) التوبة 99: فقال لابأس هجا ومدح.
- وسرق إعرابي غاشية من علي سرج ثم دخل المسجد يصلي فقرأ الإمام(هل أتاك حديث الغاشيه)) فقال: يافقيه لاتدخل في الفضول فلما قرأ(وجوه يومئذ خاشعه)) قال: خذوا غاشيتكم ولايخشع وجهي لابارك الله لكم فيها ثم رماها من يده وخرج.
- وسرق إعرابي صرة فيها دراهم ثم دخل المسجد يصلي وكان اسمه موسي فقرأ الإمام وماتلك بيمينك ياموسي فقال الإعرابي والله إنك لساحر ثم رمي الصرة وخرج.
- وصلي إعرابي مع قوم فقرأ الإمام: ((قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا)) فقال الأعرابي أهلكك الله وحدك إيش كان ذنب الذين معك فقطع القوم الصلاة من شدة الضحك.
- وقيل : دخلت إعرابيه علي قوم يصلون فقرأ الإمام ((فاْنكحوا ماطاب لكم من النساء)) وجعل يرددها فجلت الإعرابيه تعدو وهي هاربة حتي جاءت لأختها فقالت ياأختاه : مازال الإمام يأمرهم أن ينكحونا حتي خشيت أن يقعوا علي.
- وصلي إعرابي خلف إمام فقرأ الإمام ((ألم نهلك الأولين)) المرسلات16 وكان في الصف الأول فتأخر إلي الصف الآخر فقرأ((ثم نتبعهم الآخرين)) فتأخر فقرأ(كذلك نفعل بالمجرمين)) وكان إسم البدوي مجرما فترك الصلاة وخرج هاربا وهو يقول والله مالمطلوب غيري فوجده بعض الأعراب فقال له : مالك يامجرم فقال إن الإمام أهلك الأولين والآخرين وأراد أن يهلكني في الجملة والله لارأيته بعد اليوم...