مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 05-07-2007, 06:45 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

ملخص إجمالي لأنماط تناقل السلطة في الدولة الإسلامية :

يحُثُ الإنسان الخطى نحو هدفه عندما يكون ذلك الهدف واضحا بيناً، وتكون دوافع الوصول إليه ملحة وحاسمة. ففي حالات الطوارئ، يتم حمل المريض أو (الجريح المصاب) في سيارة إسعاف وتُشَغَل أجهزة التنبيه الصوتية والضوئية، لإبعاد من يعيق سير تلك السيارة، وفق أعراف تم احترامها من الجميع .. لكن في حالات القناعات المهزوزة وعدم وضوح الهدف، فإن الخطى تتثاقل، ويتردد أصحابها في إكمال مشوارهم، وإن أكملوه الى نهايته، فقد يتم تبديل ما تم تكليفهم به وهم على خط النهاية .. فإذا كانت قناعة الفرد غير مكتملة في شيء فإنه لن يستطيع إقناع غيره بما لا يقتنع به (هو) .. وقد يكون غيره أقدر على إقناعه (هو) بما أراد أن يغير في الجهة التي أراد أن يستصرخها لمؤازرته ..

هذا الكلام ينسحب على مسألة الديمقراطية في بلادنا العربية، فيتم رص الخطابات الأيديولوجية على صفحات الكتب والنشرات اليومية والأسبوعية، والإذاعية والتلفزيونية، وتمتلئ قاعات الندوات والمحاضرات بترديد ذلك المصطلح. والحقيقة المرة التي لا بد الاعتراف بها، أن معظم من يكتب أو يتكلم، لا يؤمن إيمانا كافيا بموضوع الديمقراطية، فيكون كلامه (خداجا) لا تكتب له الحياة إلا في المختبرات، أو صفحات الجرائد والكتب. وأسباب ذلك في نظري آتية من زاويتين: الأولى: أن مطلب الديمقراطية ولفظها وأسلوبها آتية من الغرب، الذي لا يعجبنا موقفه من قضايانا، ولا تلتقي عاداته وتقاليده مع عاداتنا وتقاليدنا، وأن النشأة التي وصل الغرب بها لصيغ تداوله للسلطة مختلفة عن بيئتنا ومحيطنا. والزاوية الثانية: أن الكثير من أبناء أمتنا ينظرون الى الماضي نظرة انتقائية، فيأخذون ملامح القوة من الماضي ويتوقون للرجوع إليها، يدفعهم في ذلك حاضرهم البائس وما يتصل من مسببات بؤسه من عوامل، مصدرها الغرب نفسه .. فتصبح المعاندة ممزوجة بكراهية من يضع الوصفة، مع الحنين لماض لا نريد أن نراه كما كان، بل نريد أن نراه كما نتمنى أن يكون الحال عليه عندما كان، لأسباب معروفة تتعلق في الصراع من أجل توكيد الذات العقائدية، والمراهنة على تلك الذات ..

من هنا كان لزاما علينا في سياق الحديث عن الديمقراطية أن نمر سريعا، على أشكال وأنماط تداول السلطة عند أجدادنا الذين لا تفارق أطيافهم خيالنا في هذه الأيام، لا لنسف الصورة، ولا لتلميعها وتبرير ما كانت عليه، بل للتعرف عليها كما هي، ولتكون مفردات الحديث تطابق مع ما نبحث عنه متلمسين طريقنا للخلاص ..

أولا : عشية ظهور الإسلام

كانت الوحدة السياسية والاجتماعية في البداوة العربية، هي العشيرة والقبيلة، وهي حالة غير ثابتة ومتنقلة من مكان لمكان، يتفرع منها الفخذ والبطن والعائلة، ولكل وحدة من تلك المكونات رئيس ومن هؤلاء الرؤساء يتم تكوين مجلس القبيلة أو العشيرة، وعلى رأس المجلس يكون هناك شيخ مشايخ، له النصيب الأوفر من الغنائم في الحروب، وله الكلمة العليا على من دونه ..

بالمقابل كان في المجتمعات الحضرية، كاليمن والعراق، أنظمة أكثر تطورا، يتم مراعاة مواطن القوة في القبيلة و يتم فيه تنظيم الرقيق والتجارة والعبادة وفق تعايش (تراتبي) تفرضه قوة سلطة الحاكم ..

كما كان هناك الملأ (المكي) الذي كان يتكون من أشراف عشائر مكة، يقتسم فيه إدارات شبه الدولة، فهؤلاء موكلون بالسقاية وهؤلاء موكلون بالرفادة وأولئك موكلون بالرايات (الحرب) وأولئك يكون منهم (سدنة) الكعبة الخ ..

وعرفت المنطقة ملكيات مطلقة، الروم والفرس، لدولتيهما تقاليدهما ونظاميهما المختلفين عما كان يسود عند العرب ..*1

ثانيا: دولة الرسول صلى الله عليه وسلم

رفض الرسول صلوات الله عليه، فكرة أن يكون (ملكا) كما رفض فكرة الحكم المستبد، ووضع (صحيفة) في المدينة المنورة أعلنت قيام الأمة، التي دستورها القرآن الكريم وسنة رسوله .. وأهدافها : العدل والجهاد وحفظ كيان الأمة وتوسيعه، وهنا كانت الأسس الأولى*2 وقد أقبل الناس على الدخول بالدين الجديد والالتفاف حول الرسول لقوة العقيدة الإسلامية أولا، ولاستشعارهم بخطورة الأوضاع حولهم ثانيا *3.. ولكن بعد وفاة الرسول صلوات الله عليه، لن تتكرر حالته وهو النبي المعصوم المدعوم بملك من الله عز وجل ..

ثالثا: سقيفة بني ساعدة وأثرها فيما بعدها من تاريخ

ملخص ما حدث في سقيفة بني ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري

بعد مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكليفه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في إمامة المسلمين في الصلاة، حدثت نفس بعض المسلمين في الاستيضاح من الرسول، حول من سيخلفه، ولكن إرادة الله و خوف من حدثتهم أنفسهم، لم تكن لتضع مسألة تسمية الرسول لمن سيخلفه موضع التنفيذ ..

اجتمع الأنصار في السقيفة، ومعهم رجل ( مزمل) إثر اعتلال في صحته، يدعى (سعد بن عُبادة)، كان يخطب فيهم بصوت خافت، وابنه أو أحد أبناء عمومته، يعيد ما يقول في صوت واضح، وكان في خطابه يُمجد الأنصار والكيفية التي أظهروا بها دين الله وناصروا رسوله وأصحابه المهاجرين المستضعفين المطرودين من مكة والمستجيرين بأهل المدينة .. وزاد في حديثه ليمهد لأهلية الأنصار في خلافة رسول الله وتولي أمر المسلمين، فوافقه الأنصار على ما يقول، وأيدوه في تولي شؤون المسلمين .. فبلغ خبر ذلك الاجتماع الى أبي بكر وعمر ابن الخطاب و أبي عبيدة عامر ابن الجراح، فذهبوا الى السقيفة، وحاول البعض أن يثنيهم عن ذهابهم لعدم الفائدة، ولكنهم أصروا .. فوقف أبو بكر وقال: هذا عمر وهذا أبو عبيدة، فأيهما شئتم فبايعوا، فقالا : لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك، فإنك أفضل المهاجرين وثاني إثنين إذ هما في الغار وخليفة رسول الله على الصلاة، والصلاة أفضل دين المسلمين، فمن ذا ينبغي له أن يتقدمك أو يتولى الأمر عليك! أبسط يدك نبايعك .. فلما ذهبا ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد (وكان من الأنصار) فبايعه، فناداه (الحُباب بن المنذر): يا بشير بن سعد: عقتك عقاق، ما أحوجك الى ما صنعت، أنفست على ابن عمك الإمارة! فقال: لا والله، ولكني كرهت أن أنازع قوما حقا جعله الله لهم*4

أكثر ما يلفت الانتباه في مداولات السقيفة

1ـ لقد فاضل المهاجرين أنفسهم على الأنصار بأنهم من قريش، وهي حي كريم من أحياء العرب المتوسطة .. وهي قضية اعتمدها الكثيرون في أحقية أهل قريش والعرب، في الخلافة وحاجج بها من حاجج .. وبالذات الخوارج الذين تخلوا عنها في وقت متأخر ..

2ـ لقد تأخر آل هاشم في مبايعة أبي بكر ستة أشهر*5، وهي قضية لازمت بعض السياسيين الإسلاميين كثيرا، حتى بعد عصر أبي جعفر المنصور ..

3ـ إنه إذا استثنينا عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كونه معصوما، فإننا نؤكد أن الخلاف الذي كان يحدث، ليس خلافا عقائديا، بل خلاف سياسي، يجب الانتباه من التوغل فيه، كي لا نعمق الفوارق بين الصحابة، والذين يشكلون في عهدهم الراشدي، أفضل مرجعية للمسلمين، وعليه فالانتباه من بناء الأفكار والمواقف على ما حصل، من التساهل في تمجيد حكومات إسلامية (غير عربية) من البويهيين الى العثمانيين وقبولها بخيرها وشرها، وكأنها نظام مقدس غير قابل للخطأ والصواب ..

رابعا: دولة الخلفاء الراشدين

1ـ كانت أول تجربة صعبة مر بها المسلمون، هي التي حدثت في مبايعة أبي بكر الصديق، رضوان الله عليه، ولكن تلك التجربة التي غطت عليها حروب الردة واكتمال ما بدأه الرسول صلى الله عليه وسلم من بعث الجيوش لفتح الشام ببعثه لأسامة بن زيد الذي كان الرسول صلوات الله عليه قد عقد له لواء تلك المهمة قبل وفاته. كما حارب بقسوة كل المرتدين الذين كانت بوادر ردتهم قد ظهرت قبل وفاة الرسول كمسيلمة الكذاب و (عبهلة) والحركات التي تحللت من التزاماتها الاقتصادية مع بقاءها على الإسلام*6، وكان بأعماله تلك يرسخ قواعد الدولة الإسلامية، ويبعث من خلال ذلك برسائل داخلية للمسلمين لرفع هممهم ورسائل لأعداء الإسلام كالروم والفرس، بأن الدولة الإسلامية قادمة ومتابعة لما بدأ فيه الرسول صلوات الله عليه.

وفيما يخص تناقل السلطة، فإن فترة الحكم الراشدي، والتي تعتبر أساسا مرجعيا، للقياس عليه عند المفكرين السياسيين الإسلاميين والعرب، لم تكن فكرة تناقل السلطة فيها ذات نمط واحد، بل كان هناك عدة أشكال .. فالأول وقد مررنا عليه، في طريقة خلافة أبي بكر، حيث تم الاستدلال على أحقيته بالخلافة من خلال الفهم الآتي من تكليف الرسول له في إمامته بالصلاة، وما له من مكانة إيمانية عند الصحابة، إضافة الى تأييد عمر بن الخطاب وأبي عبيدة عامر بن الجراح. والطريقة الثانية هي ما أوصى به أبو بكر في تولية عمر بن الخطاب لأمر المسلمين، أما الطريقة الثالثة فهي التي ابتكرها عمر بن الخطاب في اختيار مجلس شورى يختار الخليفة من بينه ..

خلاصة أنماط الاختيار في العهد الراشدي:

1ـ رفض الحكم الملكي الوراثي ..
2ـ اختيار الخليفة من قبل من يزكيه ممن لهم أهلية من الصحابة، ثم مبايعة الصحابة لمن يقع عليه الاختيار ..
3ـ تفضيل المهاجرين والقريشيين على الأنصار في موضوع الاختيار ..وهي بادرة أسس عليها فيما بعد، ما أسماه (ابن خلدون) بالعصبية الضرورية في وقتها في حفظ الحكم.
4ـ ترجيح مصلحة الدين ووحدة المسلمين على ما دونها، ودرء الفتن ..

يتبع







المراجع
ـــ
*1ـ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام/ جواد علي/دار العلم للملايين 1976/ج9
*2ـ مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة/ محمد حميد الله/ القاهرة/1941/ ص 2 وما بعدها ..
*3ـ الأمة والدولة في سياسة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين/ نزار عبد اللطيف الحديثي /مطابع دار الحرية/بغداد 1987/ صفحة 96 وما قبلها للاستنتاج.
*4ـ تاريخ الطبري/المجلد الثاني ص 243/دار الكتب العلمية/ بيروت/ط2/1988
ويمكن الرجوع الى مروج الذهب للمسعودي/ المجلد الثاني/ص 304/دار الفكر1989
كما يمكن الى ابن الأثير/ الكامل في التاريخ/الجزء الثاني /تحت عنوان حديث السقيفة/ص10/ مؤسسة التاريخ العربي/طبعة جديدة ومنقحة 1989. كما يمكن العودة الى موقع الوراق في كتاب الذهبي/تاريخ الإسلام ص 364على هذا الرابط
http://www.alwaraq.net/index2.htm?i=141&page=1
*5ـ المراجع السابقة .. بالإضافة الى هذا الرابط
http://sirah.al-islam.com/Display.asp?f=rwd4276
*6ـ نزار الحديثي/ المصدر السابق ص 188
__________________
ابن حوران
  #2  
قديم 14-08-2007, 07:28 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

تناقل السلطة في العهدين الأموي والعباسي

مع توسع الهجرة، وانتقال قوى القبائل للأمصار، وتنافر المفاهيم القبلية مع فكرة السلطة المركزية، وشعور القبائل بدورها في الفتوح والتحولات الاجتماعية التي رافقتها، انتقل الثقل من النخبة في المدينة المنورة الى القوى القبلية في الأمصار*1. وكانت الأزمة التي انفجرت في الفتن تمثل صراعا بين الاتجاهات القبلية والإسلامية، انتهى بخطين: الأول نقل السلطة الى الأمويين في الشام، والثاني بدايات ظهور الأحزاب وخاصة الخوارج والشيعة. انتهت الفتنة وبقيت وحدة الأمة، واستمرت الخلافة في قريش، ثم استؤنفت حركة الجهاد والتوسع. ولكن كما في الفترة الراشدية، لم تحسم مسألة وحدة النمط في تناقل السلطة، ولم يتم اختيار أسلوب لتناقل السلطة يصلح أن يُحتذى به ..

أصبحت الخلافة محور الصراع السياسي والفكري، كان صراعا بين المدينة المركز الأول للإسلام ـ باسم الشورى وبين الشام، وصراع بين القبائل الكوفية ـ على أسس قبلية وبين الشام، وصراع بين الأحزاب الإسلامية وبين الأمويين، لينتهي كل ذلك بثورة عباسية وتنتقل السلطة من أسرة قرشية الى أسرة قرشية أخرى، ومن عاصمة الى أخرى.

استفاد الأمويون من فكرة مواصلة الفتوحات التي كملت ما تم في عهد الراشدين، لفرض سلطانهم، لكنهم ومع التوسع الحاصل، ومع سعة خصوم عصبيتهم كعنصر عربي، لم يحشد كل العرب خلفه، ومع ظهور خلافات فقهية كالتي حاول ابن الزبير طرحها من خلال انتخاب الخليفة من قِبل أبناء الصحابة، وتبنى تلك النظرة الخوارج، والذين نادوا بجواز انتخاب أي عربي ليصبح خليفة، ثم تحولوا الى جواز انتخاب أي مسلم (فاضل) من دون شرط أن يكون عربيا*2. مع بقاء هذا الخليفة قابلا للعزل والتنحية إذا انحرف .

سلك الأمويون سلوكا، جعل من التشاور في العاصمة هو الأساس لاختيار الخليفة، وكان الرأي المساعد في اختياره، يتمثل برأي رؤساء القبائل المتحالفة والمحيطة بالأمويين، والتي تحولت فيما بعد الى قوة مستفيدة تجاريا ومصلحيا من الجهد والواقع السياسي للدولة مع حالة توسعها. وتكونت طبقة أرستقراطية محاطة بالوكلاء والموالي، أعلى مراكزهم تركزت بالمروانيين (نسبة الى مروان ابن الحكم) ..

حاول الأمويون التأكيد على فكرة الجبر وإن السلطة تأتي بقدر من الله وأن الخليفة هو خليفة الله (ابتداء من عبد الملك)، وأن على الناس الطاعة. فتكون إزاء تلك النقطة اتجاهان: الأول يرى أن عدم الطاعة والثورة على الحكم، هو خروج على طاعة الحاكم ومخالف للنصوص الشرعية، والثاني: يرى أن الثورة أمر مشروع، وهي تتمشى مع لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومن أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر الخ.

لم يستطع الأمويون تأسيس نظاما يتم فيه تناقل السلطة بما يرضي جموع المسلمين، بل اتجه حكامهم في نهايات عهدهم الى التشبه بأباطرة الروم والفرس من حيث الفخامة ومركزية السلطة الخ.

أما في العهد العباسي، فقد قامت الثورة العباسية باسم العودة الى الكتاب والسنة، وإحياء العدل والمساواة وإعطاء الفيء لأهله، ولعلها وجدت استجابة من بعض قوى المعارضة، ولكنها لم تفلح في إقامة مؤسسات تحقق المفاهيم الإسلامية.

ويلاحظ أن العباسيين أسندوا سلطانهم الى مبدأ القرابة من الرسول صلوات الله عليه، ونادوا بفكرة العائلة المطهرة بالرجس، ورفض مبدأ الانتخاب. وهذا النمط من الادعاء بالحق قد شابههم فيه أو سبقهم إليه المنادون بضرورة حصر الخلافة بأبناء علي بن أبي طالب، ومن يطلع على المراسلات التي كانت بين (أبي جعفر المنصور) وأحد أحفاد علي بن أبي طالب، حيث افتقده المنصور في مبايعته له، فكان جوابه للمنصور أن العباسيين قد اغتصبوا الخلافة من أبناء علي بن أبي طالب وهم أولى بها، وكانت المفاخرة تدور على أن حفيد ابن أبي طالب قال(أنا ابن الفاطمتين وأنت ابن أم ولد) ويقصد فاطمة الزهراء وفاطمة زوجة أبي طالب نفسه.. في حين رمى المنصور بأنه ابن جارية .. فرد عليه المنصور: بأن الرسول كان أربعة أعمام اثنان منهما كفار وكان أحدهما جدكم (ويقصد أبا طالب) واثنان مؤمنان وأحدهما جدنا (ويقصد حمزة والعباس) .. أما أنك تعيرني بأني ابن جارية، فجدنا كان ابن جارية وهو نبي الله إسماعيل (ويقصد هاجر)*3

أنهى العباسيون فكرة أن الأمة هي الجيش، وأحدثوا جيشا نظاميا من العرب والفرس مع شيء من التوازن، اختل حين فتحت بغداد من قبل جيش (خراساني) غريب أثناء الفتنة بين الأمين والمأمون.. وبقيت بعض القبائل العربية في الديوان ولكنها أسقطت نهائيا أيام المعتصم، ورافق هذه الضربة للعرب في الحياة العامة اتخاذ المماليك الأتراك أساس الجيش وبذلك بدت الخلافة دون قاعدة وفرضت سلطتها على الأمة بقوة غريبة ما لبثت أن هددت أسسها..

بالغ العباسيون في رفع منزلة الخليفة، واستحدثوا منصب (قاضي القضاة) ليستندوا إليه في نحت شرعيتهم، وتدخلوا في العقائد منذ فرضوا (الاعتزال) وأوجدوا فجوة بينهم وبين العلماء المسلمين وجمهور الفقهاء.. ومن جهة برزت فئات من التجار الذين كانوا ينشدون الربح والاستقرار فاصطفوا الى جانب الحكم فأصبحوا يملكون الضيع والمصالح. هذا لم يمنع من قيام ثورات عدة على الحكم العباسي (الزنج والزط وبابك الخرمي وغيرها)..

تناقل السلطة عند العباسيين

كانت الوراثة أساسا للحكم العباسي في عهده الأول، ولكن كان يشوبها تسمية أكثر من ولي للعهد في آن واحد كما حدث مع (الأمين والمأمون) وعاملا خطيرا في التآمر على (المتوكل) وقتله.

وفي حالة وفاة الخليفة دون عهد تحكمت القوى القائمة من جند وكُتَاب في اختيار خليفة وفي تدهور المؤسسة.. فلما توفي (الواثق) 232هـ/847م دون عهد، عقد مجلس من الوزير وقاضي القضاة واثنين من الكتاب واثنين من قادة الأتراك لاختيار خليفة، وكان الرأي المؤثر للعسكريين ، واختير (المتوكل).



وبعد مقتل المتوكل تحكم القادة الأتراك في تنصيب الخلفاء وعزلهم والتنكيل بهم. وحين انتعشت الخلافة في الثلث الأخير من القرن الثالث الهجري وتوفي (المكتفي) 295/908م دون عهد واضح، تشاور الوزير ورؤساء الكتاب واختاروا (المقتدر).

ولما عاد الجند للتدخل في أمور الخلافة نتيجة الأزمة المالية والإدارية، زمن المقتدر، اصطدموا بالخليفة وقتلوه، ونصبوا أخاه(القاهر)، ثم خلعوه واختاروا(الراضي)، الذي عجز عن تسيير الأمور. فاستحدث منصب (أمير الأمراء) لقائد الجيش وسلمت السلطة إليه في سنة 324هـ/936م *4

في سنة 334هـ/946م جاء الغزو البويهي وصارت أمور الخلافة بيد أمير الأمراء البويهي، والذي أعطى للخليفة حقا شرعيا لكن هذا الحق بيده هو! وأصبح الأمراء في الولايات يشترون حق ولايتهم (حكمهم المنفصل) من الخليفة ليكتسبوا شرعيته ..

وهكذا نرى أن العباسيين لم يفلحوا في تطوير مؤسسة دولة تضمن ثبات الحكم وممارسة العدل فيه بصورة جيدة ..

المراجع
ـــ
*1ـ عبد العزيز الدوري/ النظم الإسلامية: الخلافة، الضرائب، الدواوين والوزارة/ بغداد / مطبعة نجيب/1950/ص 25ـ26
*2ـ عبد العزيز الدوري/الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي/مركز دراسات الوحدة العربية/بيروت /ط2/1986/ص 194
*3ـ العقد الفريد/ ابن عبد ربه الأندلسي/دار الفكر/بيروت/ومكتبة الرياض الحديثة/الجزء الخامس/ص 309
*4ـ عبد العزيز الدوري / المصدر السابق صفحة 197
__________________
ابن حوران
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م